وجدانُ شعب .
:
أتعلمون ؟ إنّ من ضمن أسباب فشل
المتأسلمين تجار الدين في حكم بلادي هو توجيهاتهم الروحية الفاسدة التي لم تصمد
أمام وجدان شعب . نعلم انّ الوجدان هو أحد روافد تنشيط حركة الروح . و لمّا أنّه
لم يستمع الكثير من شعبي التوجيهات الروحية الصالحة . فإنّ ما بقي فيهم من وجدان
متوارث عبر العصور كان من ضمن اسباب مقاومة صعبة مجهدة و لكن ناجحة في النهاية ضد
تعليمات الشيطان الفاسدة .
تخيلوا معي حال أمتي لو أنها كانت استمعت
و وعت روح القدس المتصلة بالوجود . تلك الروح القدس التي تهلل بها أحمد . لو كان
ذلك , لوفّرت الأمة على جسدها و عقلها و نفسها و وجدانها و روحها جهدا جهيدا في
تصديها لنفس إبليس و شياطينه من الأحبار الجدد.
أولئك أصحاب الوجدان الممسوخ السقيم , هم
بمسخهم هذا يعينون المسيخ الدجال في الإبقاء على سيطرته على الأرض .
فعندما أقول أنّ وجدانهم أي شعبي أقوى من
التوجيهات الروحية الفاسدة لمشايخ العصر , فإنّ ذلك يبرز لنا صفحة التسبيح و يجدد
لنا مرآة الأمل في عودة أمتي للصلاح و الحياة و الخلاص بين أحضان معيد مجدها و
مجدد أمرها .
تلك الذاكرة المليئة بالأيام المحفورة في
مسارات ذكريات الأجداد جدّا تلو جد عبر الزمن . مجد أمّتي لن يعود بالتوجيهات
الروحية الفاسدة الخادعة باديء الأمر . لكن بتوجيهاتٍ روحية صالحة يكشف صحتها
وجدان أمّة ضارب في أعماق التاريخ , فهو أحد كواشف التوجيهات الروحية الصالحة .
و ما الوجدان إلا رحمة و رقة و ذوق و
إحساس مرهف و إنسانية , فإذا انسجمت مع أقوال روحية ما , فإنّ تلك الأقوال الروحية
غالبا ما تكون صالحة و من روح القدس المتهلل على أحمد , أو على الأقل جزء منه .
و من خصال الوجدان أنّك إذا تعرضت لنفس
ظروف مشهد قديم في ذاكرتك فإنك تشمّ نفس الرائحة التي كنت تشمها وقت ذلك الحدث في
الماضي , تستنشق بالفعل رائحة الذكريات و لقد جربتها كثيرا هذه الخصلة . فهي إحدى
خصال الوجدان , كما أنّ للروح و الجسد و النفس و العقل خصال أيضا .
و مع ذلك ستظلّ الأمة في خطر داهم لأنّ
جذوة الوجدان رقيقة سطحية تحب ثقوب النسيان , لكن إن استمسكت الأمة بالروح و
توجيهات أحمد فإنها تضمن عدم تكرار محاولة الشياطين حكمهم مرةً أخرى . فالوجدان
مؤقّت و لكنه أيضا غير مضمون في حربنا المقدّسة . تلك الحرب المقدسة التي تحتاج
إلى نبي الله و جبل الأنبياء . وجدان شعب أطفأ نار شياطين الشر بجهد جهيد كما تطفي
الأتربة و العاصفة الترابية نار الجحيم . لكنّ التوجيهات الروحية الصالحة بروح
القدس المتهلل على أحمد فإنها تطفيء نار الجحيم كما يفعل الماء فور هطوله مباشرةً
على النار , فإنّ النار تصرخ هاربة متسربة إلى أبواب الخوف صانعةً ذلك الصوت الذي
يحدثه أثر الماء على النار , صوت التسرب و الخوف الذي يُنْسِي آلام النار و شرّها
و شياطينها و يمسحها و يمسح أثرها في مسخ وجداننا عبر القرون . و هي نتيجة مضمونة
و سهلة و أكيدة و ممتعة و قوية , فلا تجعلوا أنفسكم تحت تجربة مهتزّة مرتجفة مرةً
أخرى كي لا تتوهوا . لا تتوهوا و لا تضيع ذاكرتكم بل كونوا راسخين بالروح القدس
المتهلل على أحمد . تعالوا إليّ و أنا
أحدثكم عن تلك الروح و أطفيء نيرانكم بماء السماء فتخرج من أنفسكم الأوجاع و يتسرب
الخوف و الضياع بعيدا عنكم تسرب البخار من النار بأثر الماء محدثا ذلك الصوت
المهيب المطفيءُ للشرور .
و قبل هذا الوجدان , لقد اعتبر الله كرامة
لأتباع أحمد في مصر و ببركة أرواحهم رفع الله سلطان أولئك الشياطين عن رقبة هذا
الشعب . و لكن و لن تدوم الكرامة ما دام روح القدس المتهلل على أحمد لم يقبله
المصريون .
إنّي لكم ناصحٌ أمين , و الله يُري من
يشاء من خلف الحُجُب . و لقد رأيتُ هلاك الفرعون بمشاهد تفصيلية مثبتة مكتوبة
مؤرخة في مدونتي . و رأيتُ هلاك شياطين الدين من بعده و سمعتُ صرخاتٍ لهم لم أسمع
مثلها من قبل , سمعتها تصدر منهم و هم متألمين مُعَذَّبين .
أنبئكم بأكثر من ذلك عبر السطور و بين
السطور . فاسمعوا لروح القدس المتهلل على أحمد .
إنّ وجدان هذا الشعب كان بمثابة الرياح
المتربة التي قاومت النار بجهدٍ و تعب بينما أرواحنا المليئة بروح القدس و بموهبة
النعمة تقذف النيران بمياه الوحي فتهلكها إلى الأبد . و الله من وراء القصد و هو
يهدي السبيل .
إنّ أثر الوجدان من محبة و رقة و ذوق و
أدب و فن و إحساس مرهف هو أثر جيد يقودك إلى كلمات الروح الصالحة . لكنها وحدها لا
تكفي لتبني شجرة الحياة في قلوب الشعوب . إنّ تلك الشجرة في تربتها تنتظر أن
تُسْقَى بماءٍ واحد . ماء الوحي و الحياة و كلمات الروح .
و اعلم أنّ الروح عميقة و أنّ مشاعر
الوجدان سطحية , فإذا انسجم الوجدان مع كلمات الروح فاعلم أنها كلمات روح صحيحة ,
لأنّ تلك الكلمات الصحيحة هي بمثابة قعر البئر المليء بالماء . أما الوجدان فهو
الهواء و الحبل و الدلو الذي يكون في أعلى البئر فينزل ليمتليء من القعر ليصعد إلى
السطح محملاً بالمياه . مياه الحياة .
الحق و الحق أقول :
إنّ نجمات السماء و أبراج
الأفق و ملائكة الأكوان المتعاقبة و ما في هذه الحياة من عوالم متوازية و متتالية
بأوراقها و حروفها و أصواتها و ألوانها و رسلها مع ربها يشهدون على كلماتي . د
محمد ربيع , مصر .