من ألهم الإله ؟؟؟؟
:
الله يعجَب و يتعجّب , عرشه يهتزّ للأحداث
الروحية العظيمة , الله يفرح , الله يحزن , الله يجوع و يعطش , الله يمرض , الله
يهرول و يتأذى و يُعرِض , الله يصوم و يفطر , الله ساعات يأتي كطارق ليل , و ساعات
يكون أمام أحبائه حارس كالخفير يتقدمهم , ذكر أنه يمكر و ذكر أنه حَيِيٌّ ستّير . الله
يُغَيّرُ أقداره بسبب إلهامٍ تلقّاه من عبدٍ دعاه , الله يتلقى من أولياءه و
أنبياءه المكالمات و الوصال و الإلهام , و مع ذلك فلا شريك له . الله يسعد بهم . و
ذكر في الكتاب المقدّس أنّ الله يندم على بعض أقداره , و يسارع في تغييرها في
القضاء . ما هو المجاز و ما هو التأويل و الحقيقة . كل ما نعرفه هو أنّه ليس كمثله
شيء , و أنّ الصفات البشرية التي يصف بها ربي نفسه على لسانه أو على لسان أنبياءه
هي على المجاز لتقريب التفاهم بينه و بين المكلفين مهما كانت تلك الصفة . لا يوجد
هنا صفات مدح و ثناء و أخرى صفات نقص و ذم , بل كل ذلك للتقريب و لإحداث التفاعل
الروحي بين رب و عبد . لكنّ الذي أردتُّ الإشارة إليه في هذا المقال هو أنّ الله
ذاته سبحانه يتلقّى الإلهام و الإيحاء من عباده المخلصين , و على اثر ذلك تتغير
بعض الأقدار و تتنزّل أمطار الوحي المقابل في سحب الحنان الإلهي . الله يتلقّى
الإلهام من أولياءه و أنبياءه و المخلصين من عباده أيّاً كانوا . الله يراقبنا و
يفهمنا و يتخذ قراراتٍ بعيدة و قريبة . قرارات مفاجئة و متوقعة . الله يعطينا
المفاجئة و كذلك يعطينا التوقع , الله يُخرج الأمور من أضدادها . الله يتلقى
الإلهام و المكالمة و الإيحاء من عباده , و على قدر إخلاص العبد تكون قوة الإشارة
و الاتصال بروح الإله .
حتى الملائكة تتعجّب
من تغيير مسار القدر نتيجة ذلك الإلهام المتبادل بين ربٍّ و عبد .
و لا أقصد بالإلهام
الذي يتلقاه الله من عباده المخلصين بالدعاء و الأصوات و الصور فقط . بل هذا
إضافةً إلى أنّ كلمات الأنبياء و الأولياء تلهم الله بصنع أقدارٍ جديدة و خطط
جديدة و سماءٍ جديدة و أرضٍ جديدة في كل لحظة و كل ساعة و كل برهة .
الكون متجدد و حيٌّ
حياة الإله . و هذا التدافع الذي خلقه الله و خلق أركانه بين المكلفين له سبحانه
حظٌّ منه بينه و بين عباده المخلصين . فهذا الإلهام هو أحد نتائج ذلك التفاعل و
التدافع بين الإله و بين النفر الخالص .
قد تكون هذه الكلمات
مخيفة لبعضكم لكنها تخرج من أعماق روحي ببيانِ التالياتِ ذكراً . الله ربي و رب آبائي من قبل إبراهيم و إسماعيل و
إسحاق و يعقوب و محمد و أحمد .
فكرة أنّ الأقدار
مكتوبة و لا تتغيّر و إن حدث تغيّر فإنّ الله يعلم أنّه كان سيحدث هذا التغيير هي
فكرة ميثولوجية قميئة تُسيءُ للحياةِ الروحية و التجدد الكوني المستمر حتى تحين
تلك اللحظة الكونية الدقيقة . الواقع أنّ التفاعل لا زال و سيزال مستمرّاً .
من قال أنّ هذا يسيء
إلى الله و ينعته بالجهل و عدم علم الغيوب , بل هذه فكرة قميئة أملاها أغبياء
القرون الوسطى في كل عصر و دين , ففي كل دين هناك القرون الوسطى المظلمة المليئة
بالدمار الروحي و الفكري .
الله يتفاعل مع عباده
بتفاعل الحياة و الوحي و الإلهام و هذا لا يمنع معرفة ربي بالاحتمالات الفاتحة و
الناتجة لكل فعل و اختيار اختاره المكلفون في الكون , إذ إنّ إرادتهم كاملة و واضحة في اختياراتهم و
قراراتهم , و على أساس قراراتهم يكون التّسيير فيما يليه تسييراً مرحليّ أو
تسييراً مَجمعِيّ .
و
لو أنّ مقولة أنّ الله حدد سلفاً النهايات و من يدخل الجنة و من يدخل النار و من
السعيد و من الشقيّ و حدد الخواتيم سلفاً قبل الحياة لكان هذا مضرباً لأعظم عبث و
لكان هذا القول أعظم ذم و أقبح هجاء من فيجٍ أعوج إلى ربي و رب آبائي من قبل .
إعلموا أنّ هذا
التفاعل الحاصل بين الله و عباده المخلصين , و تلقّي الله من عباده و تلقّي العباد
من ربهم هو مدح للإله و ليس نقص فيه . ثمّ اذكروا لي هنا ما هو معيار النقص و ما
هو معيار العيب و التشوه و العجز ؟؟؟؟. إنّ إطلاق ربي لطاقات البشر حتى أنها تصل
لدرجة إلهام الإله ذاته لهي منقبة عُظمى يسجلها قلم اللوح المحفوظ في تاريخ
الأكوان المتعاقبة و المتوازية . بل هي أعظم صفات الإله الحي .
نظفوا رؤوسكم من قيد
الميثولوجيا التلمودية و كل ما هو على غرارها في كل الأديان . كونوا على الفطرة و
على تلك الطبيعة التي خلقكم عليها أبوكم الذي في السماوات , المجد له في الأعالي و
على الأرض السلام و في قلوب أحباءه المسرة و الحياة .
حينها فقط عندما
تفهموا مرادي تَخْلُصُوا في الملكوت , في ملكوت السماوات و تتجدد قفزات أرواحكم في
معراج القبول و الحكمة .
الله صادقٌ في وعده و
وعيده . حتى الوعد منه ما هو مشروط و كذا الوعيد منه ما هو مشروط , النبوءات منها
ما هو مبرم و منها ما هو في طور القدر غير المبرم . هكذا هي الطبيعة الحية و ليست
الجامدة الحزينة المظلمة ظلمة عقول تلك الآلهة التي يعبدها الناس من دون الله من
مشايخ الضلال .
الله يعلم الاحتمالات
كافة لكل اختيار من اختيارات المكلفين , و لهم بكل صدق مشيئة الاختيار و له سبحانه
مشيئة التوفيق القدري و القضائي بين تلك الاحتمالات و الاختيارات لتسير مسيرة
التاريخ و الكون قُدُماً كوناً تلو كون .
الله ربي و رب آبائي
من قبل إبراهيم و إسحق و يعقوب .
الحق و الحق أقول :
إنّ ربي الحبيب لازال يتلقى الإلهام المستمر من أحبائه المكلفين طوراً تلو طور و
عصراً تلو عصر و هم لا يعلمون . لكنني الآن و بعد أن ألهمني ربي بذلك في صلاتي
أجعلهم يعلمون . د محمد ربيع , مصر .