يوشع بن نون :
صلاة الجمعة ٢٠٢٠/١٠/٣٠
================
صلاة الجمعة لخليفة المسيح الموعود السادس سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام بتاريخ ٢٠٢٠/١٠/٣٠
يقول سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام : السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته . أذان .
قام بلال اليوسفيين برفع الأذان :
الله اكبر الله اكبر
الله اكبر الله اكبر
اشهد ان لا اله الا الله
اشهد ان لا اله الا الله
اشهد ان محمدا رسول الله
اشهد ان محمدا رسول الله
حى على الصلاة
حى على الصلاة
حى على الفلاح
حى على الفلاح
الله اكبر الله اكبر
لا اله الا الله
ثم قام سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام خطيبا فقال : الحمد لله - الحمد لله وحده - الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده و بعد : يقول الإمام المهدي الحبيب في كتاب حمامة البشرى : " هذا ما ذكرنا من نصوص القرآن على وفاة المسيح وعلى نفي صعوده مع الجسم العنصري، ونفيِ رجوعه إلى الدنيا.
يقول المسيح الموعود في الحاشية: قال بعض الناس الذي لا علم عنده إن آية: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ )، وآية: ( بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ ) دليل على أن المسيح رُفع حيًّا بجسمه العنصري. هذا قوله واستدلاله، ولكن لو كان هذا الرجل مطلعا على شأن نزول هذه الآية لرجع من قوله، بل ما التفتَ إلى معنى يخالف طريق المعقول والمنقول، وما تكلَّمَ بالفضول، وكان من المتندمين.
فاسمع أيها العزيز! إن اليهود كانوا يقرأون في التوراة أن الكاذب في دعوى النبوة يُقتَل، وإن الذي صُلِبَ فهو ملعون لا يُرفَع إلى الله. وكانت عقيدتهم مستحكمة على ذلك، ثم شُبّه لهم ابتلاءً من عند الله كأنهم صلبوا المسيح ابن مريم وقتلوه، فحسبوه ملعونا غير مرفوع، ورتبوا الشكل هكذا: المسيح ابن مريم مصلوب، وكل مصلوب ملعون وليس بمرفوع، فثبت عندهم من الشكل الأول الذي هو بيّنُ الإنتاج أن عيسى - نعوذ بالله - ملعون وليس بمرفوع. فأراد الله أن يزيل هذا الوهم ويبرّئ عيسى من هذا البهتان فقال ما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبّه لهم... بل رفعه الله. وحاصل كلام تعالى أن شأن عيسى منـزه عن الصلبِ والنتيجةِ التي هي الملعونيةُ وعدمُ الرفع، بل هو مات حتف أنفه، ورُفع إلى الله كما يُرفَع المقرّبون وما كان من الملعونين. وهذا هو السبب الذي ذكر الله تعالى لأجله قصة عدم صلب عيسى، وبرّأه مما قالوا، وإلا فأيّ ضرورة كانت داعية إلى ذكر هذه القصة، وما كان موت القتل نقصًا لأنبيائه وكسرًا لشأنهم وعزتهم، وكأين من النبيين قُتلوا في سبيل الله كيحيى عليه السلام وأبيه، فتفكرْ واطلبْ صراط المهتدين ولا تجلس مع الغاوين.
يقول الإمام المهدي الحبيب : هذا ما ذكرنا من نصوص القرآن على وفاة المسيح وعلى نفي صعوده مع الجسم العنصري، ونفيِ رجوعه إلى الدنيا.
وأما الأحاديث النبوية فلن تجد فيها أثرًا من رفع المسيح بجسمه العنصري، وتجد في كل مقامٍ ذِكْرَ وفاته كما ذكرنا قليلا منها ولا حاجة إلى الإعادة. وما نجد في حديثٍ معنى التوفي رَفْعُ رجلٍ إلى السماء مع جسمه، بل جاء في البخاري عن ابن عباس في تفسير آية (يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ): مميتك، وما خالفه في هذا التفسير أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فإذا تحقق أن معنى التوفّي الوفاةُ لا غيره فلا يُقال إن إماتة المسيح التي رُوِيَت عن ابن عباس وعدٌ غير واقع إلى هذا الوقت بل يقع في آخر الزمان، لأن المواعيد التي ذُكرتْ في هذه الآية بالترتيب قد وقعت وتمت كلها على ترتيبها الذي يوجد في تلك الآية، ووعدُ التوفّي مقدَّم عليها في الترتيب. وأنت تعلم أن وعد ( رَافِعُكَ إِلَيَّ )قد وقع، وهكذا وعدُ ( مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) وقَع وتم ببعث نبينا صلى الله عليه وسلم ، وقد شهد القرآن على أن المسيح وأمّه مبرَّءان مما قالت اليهود، فقال: ( مَا الْمَسِيحُ ابْن مَرْيَمَ إلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ) ، وقال: ( وَجِيهًا في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ) ، وكذا تم وعد ( وَجَاعِلُ الَّذِين اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا )، وقد وقع كما وعد، وما نرى اليهود إلا مغلوبين ومقهورين.
وأنت تعلم أن في ترتيب هذه الآية كانت هذه المواعيد كلها بعد وعد التوفي، وكان وعد التوفي مقدَّما على كلها، وقد اتفق القوم على أنها وقعت بترتيب يوجد في الآية، فلو فرضنا أن لفظ التوفي مؤخر من لفظ الرفع، للزمنا أن نقر بأن عيسى عليه السلام قد توفى بعد الرفع وقبل وقوع المواعيد الباقية، وهذا مما لا يعتقد به أحد من المخالفين. ولو قلنا إن لفظ التوفي مؤخر من جملة: ( وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) ومقدَّم من وعد وقع في ترتيب الآية بعدها، للزمنا أن نقر بأن وفاة عيسى عليه السلام كان بعد نبينا صلى الله عليه وسلم من غير مكث قبل غلبة أتباعه على أعدائهم، وهذا باطل أيضا بزعم القوم، فإنهم قد اعتقدوا أن المسيح لا يموت إلا بعد هلاك الملل كلها. فلو رجعنا من هذه الأقوال كلها وقلنا إن المسيح لا يموت إلا بعد تكميل وعد الغلبة الممتدة إلى يوم القيامة كما صرحت آية: ( وَجَاعِلُ الَّذِين اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )، للزمنا أن نقر بأن المسيح لا يموت إلا بعد يوم القيامة، فإن الوعد قد امتد إلى يوم القيامة، ولا يمكن نزول المسيح إلا بعد وقوعه على الوجه الأتم والأكمل، فما نجد له موضعَ قدم في كتاب الله إلا بعد يوم الحشر على طريق فرض المحال. وليت شعري.. إن أعداءنا يقولون بأفواههم إن لفظ ( مُتَوَفِّيكَ ) في آية: ( يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ ) مؤخر في الحقيقة، وليس هذا الموضع موضعه، ولكنهم لا يُنبئوننا بأن و نرفع هذا اللفظ من هذا المقام فأين نضعه، أنسقطه من كتاب الله كالمحرّفين؟
والذين يقولون إن لفظ التوفي مؤخر من لفظ الرفع ومقدم على مواعيد أخرى، فيضحك العاقل من قولهم، ويتعجب من حمقهم. ألا يعلمون أن هذا القول خلاف ما يعتقدون في وقت وفاة المسيح بزعمهم؟ وإنّا ذكرنا آنفًا أنهم يعتقدون أن وعد التوفي لا يظهر ولا يقع إلا بعد هلاك أهل الملل كلها، فلزمهم أن يعتقدوا أن لفظ التوفي مؤخر من هذا الوعد الآخر لا من الرفع فقط، فإن التأخر الوضعي يتبع التأخر الطبعي، كما لا يخفى على المتفكرين.
ثم ما كان لنا أن نؤخر من عند أنفسنا ما قدّم الله تعالى في كتابه المحكم من غير سند من الله ورسوله، وما هذا إلا التحريف الذي لعن الله لأجله اليهود؛ فاتقوه ولا تقلِبوا آيات الله بعد ترتيبها إن كنتم خائفين.
وقد علمتم أن آية: ( فَلَمَّا تَوَفَّيْتَني ) شاهدة أخرى على وفاة عيسى عليه السلام ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل لنفسه جملة ( فلما توفيتني ) من غير تغيير وتبديل ومن غير تفسير يُخالف أصل التفسير، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمَ الناس بمعاني القرآن ورموزه وأسراره. فلو كان معنى التوفي في هذه الآية رَفْعَ الجسم حيًّا إلى السماء، لما جعل نفسه مصداقَ هذه الآية، ولكنه نسب هذه الآية إلى نفسه كما هي نُسبت إلى المسيح، فهذا أول دليل على أن لفظ ( تَوَفَّيْتَني ) في هذه الآية بمعنى: أَمَتَّني. فهذا هو السبب الذي استدل البخاري في صحيحه على وفاة المسيح بهذه الآية، وأكّد هذا المعنى بقول ابن عباس: متوفيك: مميتك. فأي دليل أوضح من هذا على موت عيسى عليه السلام لقوم طالبين؟ وقد بيّن الله في هذه الآية وقت وفاة المسيح فكأنه قال أيها الناس، إذا رأيتم أن النصارى اتخذوا عيسى إلها، وأفسدوا مذهبهم، فاعلموا أن عيسى قد مات. فانظر كيف اتضح وانكشف معنى التوفي بتفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بتفسير ابن عباس، وانظر كيف ثبت وقوع موته من قبل فساد مذهب النصارى واتخاذهم عيسى إلهًا. وأنت تعلم أنّا إذا فرضنا أن عيسى حيّ إلى هذا الوقت فلزمنا أن نقر بأن مذهب النصارى صحيح خالص إلى هذا الزمان، ما اختلط به شيء من الشرك، فتفكرْ وسَلِ المتفكرين.
ثم جلس سيدنا يوسف بن المسيح قليلا ثم تابع الخطبة فقال : الحمد لله - الحمد لله وحده - الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده و بعد : يقول الإمام المهدي الحبيب : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمَ الناس بمعاني القرآن ورموزه وأسراره.
((( هذا دليل من المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام وثبت من قوله أن القرآن فيه أسرار وفيه بواطن والقرآن سبعة أبطن أي أبطنه كثيرة لأن السبعة دلالة الكثرة ))) .
قال بعض المستعجلين إن لفظ "التوفي" قد جاء في القرآن بمعنى الإنامة أيضًا، كما قال الله تعالى: ( اللهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتي لَم تَمُتْ في مَنَامِهَ )، وكما قال الله تعالى: ( وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ).
فاعلم أن الله تعالى ما أراد في هذه الآيات من لفظ التوفي إلا الإماتة وقبض الروح، فلأجل ذلك أقام القرائن، وقال: ( وَالَّتي لَمْ تَمُتْ في مَنَامِهَا )، يعني والتي لم تمت بموت حقيقي يتوفاه الله في منامها بموت مجازي. فانظر كيف أشار في هذه الآية إلى أن قبض الروح في النوم موت مجازي. فذكَر لفظ التوفي ههنا بإقامة قرينة المنام تنبيهًا على أن لفظ التوفي ههنا قد نُقل من المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي،((( هنا المسيح الموعود يثبت أن القرآن فيه مجاز ))) وإشارةً إلى أن معنى لفظ التوفي حقيقةً هو الموت لا غيره. وكذلك أقام قرينةَ قولِه: ( ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ ) وقرينةَ الليل في آية أخرى.. أعني آية: ( هُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِالَّيْلِ.. الخ ) ، تنبيهًا على أن لفظ التوفي ههنا ليس بمعنى الإنامة بل المقصود الإماتة، والبعث بعد الإماتة ليكون دليلا على بعث يوم الدين، فلأجل ذلك ذكر بعث يوم القيامة بعد هذه الآية وقال: ( ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعكُمْ ) ، ليجعل هذا الموت المجازي والبعث المجازي دليلا على الموت الحقيقي والبعث الحقيقي. فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين. ألا تنظر كيف ذكر لفظ البعث بعد ذكر التوفي وقال: ( ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ )؟ ومعلوم أن للنائمين يُستعمل لفظ الإيقاظ لا لفظ البعث، فلو كان مرادًا من لفظ التوفي ههنا الإنامة لقال: هو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يوقظكم فيه، ولكنه تعالى ما قال: ثم يوقظكم فيه، بل قال: ( ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ ) . فأي دليل أوضح من هذا؟ فإن البعث يتعلّق بالموتى لا بالنائمين.
ومثل هذه الاستعارة كثير في القرآن كما قال : ( اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا )، فلا يُقال إن لفظ ( يُحْيِي ) ههنا بمعنى يُنبت من حيث اللغة، بل هو استعارة، والمقصود منه تشبيه الإنبات بالإحياء، ليُستَدَلَّ به على بعث الموتى. وكما قال : ( فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ )، فلا يُقال إن لفظ: ( أَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى) بمعنى أضلهم من حيث اللغة، بل هي استعارة، والمقصود منها تشبيه الضالين المعرضين بالصُّمِّ والعُمْي. فلا تطمَعْ ولا تُتعِبْ نفسك في أن تجعل معنى التوفي الإنامةَ من حيث اللغة، فإنه إن كان ذلك هو الحق فلزمك أن تقرّ بأن لفظ ( يُحْيي ) في آية: ( يُحْيِي الأَرْضَ ) بمعني يُنبت، ثم تثبتها من كتب اللغة، وكذلك إن أصررت على هذا فلزمك أن تقر بأن لفظ ( فَأَصَمَّهُمْ ) ولفظ ( وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ) بمعنى أضلهم وأبعدهم عن الحق وأزاغ قلوبهم، ثم تُرِيَنا من كتب لغة العرب هذا المعنى، وأين لك هذا؟ فلا تتّبع الفكرَ المشوب بالوهم، ولا بد أن تقبل ما ثبت وتلحق بقوم صادقين.
واعلم أنك لن تجد أثرا من هذه المعاني التي تتخيل في بادي النظر في الآيات المتقدمة في كتاب من كتب لسان العرب على وجه الحقيقة، والقرآن مملوء من هذه النظائر إن كنت من الناظرين. وقد تقرر عند القوم أن المعنى الحقيقي هو الذي كثر استعماله في موضع من غير أن يُقام القرينة عليه، فعليك أن تنظر القرآن تدبّرًا ليتبين لك أن استعمال لفظ التوفي مطلقا من غير إقامة قرينة.. ما جاء في القرآن إلا في معنى الإماتة، ولن تجد في حديث أو في شعر شاعر.. إذا نُسب التوفي إلى الله تعالى وكان الإنسان مفعولا به.. معنى آخر من غير الإماتة، فأخرِجْ لنا وخُذْ منا ما وعدنا من الإنعام إن كنت من الصادقين.
والذين قالوا إن لفظ ( مُتَوَفِّيكَ )في آية: ( يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ ) بمعنى إني مُنيمك، ما كان خطؤهم خطأ واحدا، بل جمعوا أنواع العثرات في قولهم وتركوا تفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو خير البشر وكان تكلُّمُه بالروح الرحماني، وكان قوله خيرا من أقوال كلها، وقد أحاطت كلماته طرق الذوق والوجدان والعلم والعرفان والنور الذي أُعطي له من الرحمن، وتركوا ما قال ابن عباس في معنى: ( مُتَوَفِّيكَ ) ، وما نظروا إلى القرآن وطريق استعماله في هذا اللفظ، وورودِه فيه بمعنى الإماتة بالتواتر والتتابع، فضلوا وأضلوا وما كانوا من المهتدين.
ثم إذا فرضنا أن التوفي بمعنى الإنامة، فما نرى أن ينفعهم هذا المعنى مثقال ذرّة، فإن النوم مراد مِن قبض الروح وتعطُّلِ حواس الجسم مع بقاء تعلُّقٍ بين الروح والجسد، فمن أين يثبت من هذا أن الله قبض جسم المسيح؟ ألا تنظر إلى سُنّة الله القديمة.. فإنه يقبض الأرواح في حالة النوم ويترك الأجسام على الأرض. فمن أين علمت أن لفظ ( مُتَوَفِّيكَ) مُشْعِرٌ برفع الجسد؟ والخَلق ينامون كلهم ولكن لا يقبض الله جسم أحد منهم. فاترُك التحكّمَ والمكابرة، وانظر إيمانا وديانة لينفخ الله في روعك ويجعلك من العارفين.
وعلى تقدير فرض هذا المعنى يلزم فساد آخر، وهو أن لفظ التوفي في هذه الآية وعدٌ مُحدَثٌ من الله تعالى كمواعيد أخرى التي ذكرها الله فيها، ولو كان هذا المعنى هو الحق فيلزم منه أن يكون نوم المسيح عند الرفع أول أمر ورد عليه في عمره، ويلزمهم أن يعتقدوا أن عيسى عليه السلام كان لا ينام قبل الرفع قط، فإن الأمر الذي قد وقع عليه في حياته غير مرة.. كيف يمكن أن يذكره الله في مواعيد جديدة محدثة؟ فإن وعد الشيء يدل على عدم وجود الشيء قبل الوعد، وإلا فيلزم تحصيل حاصل، وهو فعل لغو لا يليق بشأن الله تعالى، ووجب أن يُنـزَّه عنه وعدُ رب العالمين.
ثم لو كان هذا المعنى هو الصحيح.. فما تقول في آية: ( فَلَمَّا تَوَفَّيْتَني كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ )؟ أتظن أن النصارى اتخذوا المسيح إلها بعد نومه لا بعد وفاته؟ وتظن أن المسيح ما نام قط في عمره إلا في وقت ضلالة النصارى.. ولم تذق عينه طعم النوم قط إلا عند الرفع وكان قبل الرفع مستيقظا دائما؟ فانظر منصِفًا.. أيستقيم هذا المعنى في هذا الموضع ويحصل منه ثلج القلب وسكينة الروح واطمئنان الباطن؟ وأنت تعلم أنه مستبعَد جدا وفاسد بالبداهة، وما كان أن يُصلِحه تأويل المؤولين. فهذه غفلة شديدة من العلماء المكفّرين حيث حكموا على المعنى الفاسد بالصلاح، فاسمعوا إن كنتم سامعين.
وأقم الصلاة.
ثم قام بلال اليوسفيين بإقامة الصلاة وصلى نبي الله الجمعة ركعتين وقرء في الركعة الأولى سورة الفاتحة وآيات من سورة الرعد .
بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ * ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ * إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ * ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ * صِرَ ٰطَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ .
(۞ أَفَمَن یَعۡلَمُ أَنَّمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ كَمَنۡ هُوَ أَعۡمَىٰۤۚ إِنَّمَا یَتَذَكَّرُ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ ٱلَّذِینَ یُوفُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَلَا یَنقُضُونَ ٱلۡمِیثَـٰقَ وَٱلَّذِینَ یَصِلُونَ مَاۤ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦۤ أَن یُوصَلَ وَیَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ وَیَخَافُونَ سُوۤءَ ٱلۡحِسَابِ وَٱلَّذِینَ صَبَرُوا۟ ٱبۡتِغَاۤءَ وَجۡهِ رَبِّهِمۡ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُوا۟ مِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ سِرࣰّا وَعَلَانِیَةࣰ وَیَدۡرَءُونَ بِٱلۡحَسَنَةِ ٱلسَّیِّئَةَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمۡ عُقۡبَى ٱلدَّارِ جَنَّـٰتُ عَدۡنࣲ یَدۡخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَاۤىِٕهِمۡ وَأَزۡوَ ٰجِهِمۡ وَذُرِّیَّـٰتِهِمۡۖ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ یَدۡخُلُونَ عَلَیۡهِم مِّن كُلِّ بَابࣲ سَلَـٰمٌ عَلَیۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ وَٱلَّذِینَ یَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِیثَـٰقِهِۦ وَیَقۡطَعُونَ مَاۤ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦۤ أَن یُوصَلَ وَیُفۡسِدُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمُ ٱللَّعۡنَةُ وَلَهُمۡ سُوۤءُ ٱلدَّارِ ٱللَّهُ یَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن یَشَاۤءُ وَیَقۡدِرُۚ وَفَرِحُوا۟ بِٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَمَا ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَا فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ إِلَّا مَتَـٰعࣱ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لَوۡلَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡهِ ءَایَةࣱ مِّن رَّبِّهِۦۚ قُلۡ إِنَّ ٱللَّهَ یُضِلُّ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِیۤ إِلَیۡهِ مَنۡ أَنَابَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَتَطۡمَىِٕنُّ قُلُوبُهُم بِذِكۡرِ ٱللَّهِۗ أَلَا بِذِكۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَىِٕنُّ ٱلۡقُلُوبُ)
وقرء في الركعة الثانية سورة الفاتحة وسورة الإخلاص .
بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ * ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ * إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ * ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ * صِرَ ٰطَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ .
(بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ لَمۡ یَلِدۡ وَلَمۡ یُولَدۡ وَلَمۡ یَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ)
ثم جمعَ صلاة العصر .
===============
والحمد لله رب العالمين .