درس القرآن و تفسير الوجه العاشر من الأنبياء .
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::
أسماء إبراهيم :
شرح لنا سيدي و حبيبي يوسف بن المسيح ﷺ أثناء جلسة التلاوة المباركة من أحكام التلاوة ؛ صفات الحروف , ثم قام بقراءة الوجه الأخير من أوجه سورة الأنبياء ، و أجاب على أسئلتنا بهذا الوجه ، و أنهى نبي الله الحبيب الجلسة بأن صحح لنا تلاوتنا .
بدأ نبي الله جلسة التلاوة المباركة بقوله :
الحمد لله ، الحمد لله وحده ، الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده و بعد ، لدينا اليوم الوجه العاشر من أوجه سورة الأنبياء ، و نبدأ بأحكام التلاوة و مروان :
- صفات الحروف :
القلقلة : حروفها مجموعة في (قطب جد) .
الهمس : حروفه مجموعة في (حثه شخص فسكت) .
التفخيم : حروفه مجموعة في (خص ضغط قظ) .
اللام : تفخم و ترقق : إذا كان ما قبلها مفتوح و مضموم تفخم , و إذا كان ما قبلها مكسور ترقق , و كذلك الراء تفخم و ترقرق و ممنوع التكرار .
التفشي : حرفه الشين .
الصفير : حروفه (الصاد , الزين , السين) .
النون و الميم المشدتين تمد بمقدار حركتين .
أنواع الهمزة : همزة وصل , همزة قطع , همزة المد .
الغنة : صوت يخرج من الأنف .
__
و ثم تابع نبي الله يوسف الثاني ﷺ الجلسة بشرح الوجه لنا فقال :
في هذا الوجه العظيم يُكمل سبحانه و تعالى وصف حال أهل الجنة ، عندما قال في نهاية الوجه السابق (إن الذين سبقت لهم منَّا الحسنى أؤلئك عنها مبعدون) اللي هم جربوا الجنة في الدنيا سوف يُبعدون عن جهنم ، تمام؟ ، و ربنا وصف عذاب جهنم ، قال تعالى : (لهم فيها زفير و هم فيها لا يسمعون) أهل جهنم يعني ، تمام؟ .
{لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ} :
طيب حال أهل الجنة إيه؟ (لا يسمعون حسيسها) أهل الجنة مايسمعوش أحاسيس جهنم ، مايسمعوش أحاسيس الكفار و العصاة نتيجة تعذيبهم في جهنم ، إذاً هناك أحاسيس جهنمية ، احاسيس مؤلمة ، أحاسيس عذاب من جهنم نفسها و من المُعَذّبِين في جهنم ، أحاسيس في المشاعر ، في الصوت ، صريخ ، آلام ، بكاء ، صرير الأسنان ، قل ما شئت و تخيل ما شئت من تلك الأحاسيس المؤلمة ، يقول تعالى : (لا يسمعون حسيسها) يعني هم معزولين عن تلك الأحاسيس المؤلمة ، هم معزولون عن ذلك الحزن العظيم ، هم معزولون عن ذلك الألم المقيم ، ده في حد ذاته إيه؟ نعمة للإنسان يكون بينه و بين العذاب و الألم حجاب عظيم و غليظ ، (لا يسمعون حسيسها) حسيس ، مش إحساسها ، حسيسها ، يعني إحساس جهنم و إحساس العصاة و الكفار فيها ، سيمفونية عذاب و ألم تكون في جهنم ، أهل الجنة مبعدون عنها ، (و هم في ما اشتهت أنفسهم خالدون) أهل الجنة ، كل اللي يشتهوه من الطيبات يجدوه في ذلك الخلود العظيم في الجنة .
___
{لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} :
أيضاً من صفات أهل الجنة : (لا يحزنهم الفزع الأكبر) يعني يوم العرض ، يوم الفزع الأكبر ، يوم القيامة ، لا يَحْزُنُهُمُ بل يجدون الإطمئنان ، ليه بقى؟ (و تتلقاهم الملائكة) الملايكة بيستقبلوهم و بيطمنوهم و بيقولوا لهم : (هذا يومكم الذي كنتم توعدون) ده اليوم بتاعكم ، يوم نصركم ، اليوم اللي هتاخذوا فيه حقكم بالتمام و الكمال .
___
{يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} :
(يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب) ربنا بيأكد على الحقيقة دي ، إنه سبحانه و تعالى كل كون يخلقه و يبدعه يطويه مرة أخرى ، ثم يعود فيخلق كوناً ، ثم يطويه بعد زمن ، ثم يعود فيخلق ثم يطوي و هكذا ، و كل زمن و كل كون هو عبارة عن كتب ، يعني إيه؟ رسائل ، رسائل ، و بداية الكون و نهاية الكون هو عبارة عن جلدتي السجل ، كأن سجل كده ، ملف كبير له أول و له آخر ، جواه/داخله رسايل ، يعني مجموعة من البعثات ، ربنا هنا بيصور الكون تصوير معنوي روحي ، بالإضافة لتصويره إيه؟ المادي ، هكذا الكون ، الكون بدأ من إنفجار عظيم ، السماوات و الأرض كانتا رتقاً فإيه؟ ففتقناهما ، الإنفجار العظيم ده ، الكون إتكون و هو يتسع كل يوم ، (و السماء رفعناها بأيدن و إنَّا لموسعون) يعني السماوات تتسع ، يعني الكواكب إيه؟ المسافات ما بينها إيه؟ تتباعد و تتسع يوم فيوم ، ثم يأتي فترة يثبت هذا الإتساع ثم يعود فيتكور الكون على نفسه ، يعود مرة أخرى إيه؟ رتق ، فبالتالي تتحقق الآية إيه؟ (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب) ربنا وصف الكون وصف مادي و وصف معنوي ، الوصف المادي إنه هيرجع تاني الكون رتق ، هيتجاذب على نفسه الكون مرة أخرى و ينتهي بأمر الله عز و جل و بصورة لا يعلمها إلا الله ، كذلك هنا بالوصف ده ، وصف مبطن و غير مباشر لحقيقة البعث و حقيقة الكون و حقيقة الأكوان ، إن هي عبارة عن بداية و نهاية ، هي دفتي... السجل ، و ما بين الدفتين إيه؟ كتب أي رسائل أي بعثات متتاليات ، يقول تعالى للدلالة على إستمرارية هذه السُنة : (كما بدأنا أول خلق نعيده) إبتدينا الخلق ده و بعد كده طويناه ، صح؟ كطي السجل للكتب ، ربنا بيقول كده في الآية ، قال إيه؟ (نعيده) فيُعاد مرة أخرى و هكذا إلى ما لا نهاية ، لأن صفات الله سبحانه و تعالى أزلية أبدية لا تتعطل ، (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا) وعداً علينا يعني أمر مؤكد ، و أمر ثابت مؤكد متحقق ، متحقق لا يعوقه عائق ، و لا يصده صاد ، و لا يوقفه مُوقِف ، و لا يُزيله مُزِيل ، (إنَّا كنا فاعلين) تأكيد ، (إنَّا) تأكيد ، (كنا) فعل ماضي للتأكيد إن ده هيحصل هيحصل ، لأنه إيه؟ أمر مبرم ، قدر مبرم ، ربنا لما يعبر عن فعل بالفعل الماضي للدلالة على التأكيد و أنه أمر مبرم ، لما ربنا يعبر عن فعل بالفعل المضارع ، يعبر عن إيه؟ عن الإستمرارية ، إستمرارية هذا الفعل ، (إنا كنا فاعلين) .
___
{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} :
(و لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) ربنا بيأكد على حقيقة ، إن الأرض و النعمة و الخلافة الروحية في الأساس يرثها الصالحون من المؤمنين و الأنبياء و المحدثين و الأولياء ، و دي حقيقة مؤكدة ، ربنا كتبها ، فين؟ في الزبور ، يعني إيه الزبور؟؟؟ الزبور هو كل كتاب و كل رسالة و كل وحي مقيم زماناً و مكاناً يُبِيرُ الذنب ، يُبِيرُ الذنب ، و يُبلي الذنب ، لأن الزاي ، صوت الزاي في الرؤيا هو تعبير عن الذنب ، و بور هو البوار ، بوار الذنب ، إذاً الزبور هو بوار الذنب ، و هو أُسُّ صحف الأنبياء ، لأنها تأتي لتُبِير الذنب و تهلكه و تقتل الأفعى ، صح؟ ، (و لقد كتبنا في الزبور) أي في كل كتب الوحي السماوي الإلهي الواصل للأنبياء و المُحَدّثِين ، (و لقد كتبنا في الزبور) أي في كل كتب الأنبياء ، (من بعد الذكر) أي من بعد إيه؟ اللوح المحفوظ ، من بعد كتابة الأقدار المبرمة ، شمعات فيصلة على الطريق معنونة ، هو ده إيه؟ الذِّكْر ، إذاً هو هنا معنى آخر من معاني الذِّكْر ، تمام؟ ، الذِّكْر لقينا/وجدنا من معانيه إيه؟ القرآن الكريم ، و من معاني الذِّكْر : النصر و الفخر و العلو ، و من معاني الذِّكْر إيه؟ الأقدار المبرمة في اللوح المحفوظ ، (و لقد كتبنا في الزبور) أي بإستمرار في كتب الأنبياء المرسلة ، (من بعد الذكر) من بعد الاقدار المبرمة التي قضيت و كتبت بقلم الغيب و قلم القدر بأمر الله عز و جل في اللوح المحفوظ ، فسماه الله عز و جل : ذِّكْر ، أي لكي يتذكر القدر ما أمره الله به ، فسماه الله ذِّكْراً ، و علمنا أن من أسماء الله عز و جل ، هو؟؟ الكاتب ، و هو الكاتب الأول ، (و لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) الخلافة الروحية هي في المؤمنين و لهم النصر عاجلاً أم أجلاً .
___
{إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ} :
(إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين) ده بلاغ مِنِّنا و عنوان كبير و مَنشِتّ عريض في صحيفة القدر ، (إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين) العابد يصله هذا البلاغ فيستجيب له و يقبله و يؤمن به و ينتظره و يعمل له و يعمل عليه و يعيش به ، (إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين) .
___
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} :
(و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) هكذا النبي ﷺ و كل نبي ، ما أرسله الله إلا رحمة للعالمين ، رحمة للمخلوقات ، و لكل الكائنات .
___
{قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ} :
(قل إنما يوحى إليَّ أنما إلهكم إله واحد) أساس الدعوة : التوحيد ، قُلْ يا محمد ، و قُلْ يا كل نبي لقومك : (إنما يوحى إليَّ) يوحي الله إليَّ ، (أنما إلهكم إله واحد) الإله هو إله واحد ، مفيش غيره ، واحد ، (فهل أنتم مسلمون) هل أنتم مُسَلِّمُون لتلك الحقيقة و لذلك الوحي المتكرر المنبعث دوماً مع الأنبياء ؟.
___
{فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاء وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ} :
(فإن تولوا) يعني إن أعرضوا يعني و تولوا سابوك/تركوك تقول زي ما إنت عاوز ، بس/لكن هم مش إيه؟ مش مدينك/لا يعطوك أي إستجابة ، (فقل آذنتكم على سواء) يعني أنا أستأذنكم بقى على سواء ، على إيه؟ محجة بيضاء ، أستأذنكم على طريق مستقيم ، يعني أنا أستأذنكم بقى إيه ، و أنا أعذرت إلى الله عز و جل ، (آذنتكم) يعني إيه؟ أعذرت إلى الله عز و جل و أقمت عليكم الحجة ، هذا معنى (آذنتكم) ، (على سواء) يعني أقمت عليكم الحجة على طريق مستقيم و قلت لكم الطريق المستقيم و أعطيتكم الأدلة و البراهين ، و من أعظم البراهين : برهان إسألوا الشاهد ، و من أعظم البراهين ، و من أعظم البراهين : تحقق النبوءات ، و من أعظم البراهين : إستجابة الدعاء ، و من أعظم البراهين : حتمية بدء الخلق من العدم ، و من أعظم البراهين : الثواب و العقاب في الدنيا قبل الآخرة ، (فإن تولوا فقل آذنتكم) أي أقمت عليكم الحجة على سواء ، سواء السبيل أي على أمر عادل سويّ مستقيم تام ، تام الحجة ، كامل الألواح ، مبنية هي تلك سفينة النجاة ، لأن كل نبي يُكمل ألواح السفينة في زمنه ليُقيم سفينة نوح ، سفينة النجاة ، من أراد أن يلتحق بها فليلتحق ، و من تكبر و أبى فعليه العاقبة و عليه العذاب ، (فإن تولوا فقل آذنتكم علر سواء و إن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون) يعني أنا لا أدري ، العذاب اللي هييجي/سيأتي عليكم هيبقى قريب و لا بعيد ، لكن كده كده هتعذبوا ، ده المعنى ، يعني أنا مايهمنيش يجي/يأتي العذاب بدري/مبكر ، يجي/يأتي العذاب مأخر/متأخر ، ده حاجة في أمر الله ، و في أمر الغيب و في علم الغيب ، أنا مهمتي أبلغ ، بلاغ ، أبلغ ، (و إن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون) يعني أنا لا أدري أقريب أم بعيد ما توعدون .
___
{إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ} :
(إن يعلم الجهر من القول) يعني ربي سبحانه و تعالى يعلم الجهر من القول و يعلم ما تكتمون ، يعلم ما تقولون بألسنتكم و يعلم ما تسرون في صدوركم و نفوسكم و قلوبكم .
___
{وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} :
(و إن أدري لعله فتنة لكم و متاع إلى حين) هذا الإمهال يكون فتنة للكافرين و متاع إلى حين معين ، إلى عدٍّ معين ، يقدره الله سبحانه و تعالى و يُتمّه بعلمه سبحانه و تعالى ، ثم يكون العذاب المهلك و العياذ بالله ، (و إن أدري لعله فتنة لكم و متاع إلى حين) .
___
{قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} :
(قال رب احكم بالحق) النبي و كل نبي بيقول إيه؟ يا رب احكم بالحق ، احكم بالحق يا ربي في الدنيا قبل الآخرة و هذا دليل ضمني على صدق النبي لانه لا يخشى الحكم بالحق لانه يعلم انه تكلم بالحق ، و بيقول إيه النبي تاني؟ (و ربنا الرحمن المستعان على ما تصفون) هو ده إلهنا اللي إحنا/نحن بنستعين به على ما تصفون من أكاذيب و شرك و كفر بالله عز و جل ، (قال رب احكم بالحق و ربنا الرحمن المستعان على ما تصفون) ، حد عنده أي سؤال تاني؟ .
● و قرأ أحمد آيات من سورة المدثر ، و صحح نبي الله الحبيب يوسف الثاني ﷺ تلاوته و قال له : أحسنت ، بارك الله فيك .
__
و اختتم نبي الله الجلسة المباركة بقوله المبارك :
هذا و صلِّ اللَّهم و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم ، سبحانك اللهم و بحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك و أتوب إليك .
___
و الحمد لله رب العالمين . و صلِّ يا ربي و سلم على أنبياءك الكرام محمد و أحمد و يوسف بن المسيح صلوات تلو صلوات طيبات مباركات ، و على أنبياء عهد محمد الآتين في مستقبل قرون السنين أجمعين . آمين .🌿💙
"و خُتمت سورة الأنبياء و كانت كشجرة طيبة ، فروعها مضيئة بأنبياء الله و أحبابه الصالحين ، و ذاقت قلوبنا من خير ثمارهم و ارتوينا من شهد أزهارهم و عبقها الفواح ، و كنا لهم وريقات مطيعة لنسيم حُبهم الأبدي و عرفانهم الإلهي ، نعانق تلك الشجرة بأرواحنا ، و نلتقتي بنورها أينما حلَّت بنا رحمات إلهنا الواحد ، نطوف بها و تطوف بنا و لا ننفك أبداً عن أغنية الكون و كلماته التي نراها بأعذب المعاني في الذِّكْر المبين ، تشبثوا بجذع هذه الشجرة و اسمعوا لأحاديث نتوءاتها التي مَرَّ عليها دهور التاريخ بأحوال الأمم و الأقوام مع أنبياءهم الأخيار الأطهار ، تشبثوا لأن الريح لا تُبَعثر و لا تنتشل إلا الفاسد فتطهر تلك الشجرة النيرة .."
🌳🍃💙
===========================
حازم :
يا
نبي الله سوف ارسل لكم سلسلة تفسير وشرح مراتب الوجود الروحاني للمسيح
الموعود مكتوبة في البراهين الاحمدية الجزء الخامس انها شيّقة سوف ارسل لكم
مقتبسات المرتبة الاولى وكل مرتبة على حدة .
المرتبة الأولى للوجود الروحاني .
يقول المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام :
" والمرتبة الأولى لوجود المؤمن الروحاني هي تلك الحالة من الخشوع والخضوع والرقة والحرقة والذوبان التي تتيسر للمؤمن في الصلاة وذكر الله ، أي خلق الإنسان في نفسه حالة الذوبان والرقة والتواضع والعجز والتذلل وانقياد الروح والاضطراب والقلق والحرقة ، وإيراد خشية على نفسه وصرف عنان القلب إلى الله عزوجل كما بينها الله تعالى في قوله : ( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ) . أي يفلح المؤمنون الخاشعون والمتواضعون في الصلاة وفي كل نوع من ذكر الله ، الذين يبقون مشغولين في ذكر ربهم بالرقة والخشوع والحرقة والقلق والكرب وحماس القلب . وهذه الحالة من الخشوع والخضوع المشار إليها آنفا هي المرتبة الأولى لتكوين الوجود الروحاني ".
البراهين الأحمدية الجزء الخامس .
١٢ تعليقًا
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeسوف
انقل لكم بعض المقتبسات لسيدنا الامام المهدي الحبيب يشرح فيها المرتبة
الاولى لوجود الانسان الروحاني كما ان هذا الكمال يتحقق في تحقق ست مراحل
في المؤمن . سوف نتشارك كلام المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام وكل مرتبة
في منشور منفصل وشرح كل منها يكون في التعليقات بأمر الله تعالى.
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeفقد
جعل الله عزوجل النطفة هي المرتبة الأولى لوجود الإنسان المادي بعد خلق
آدم . ومن البديهي أن النطفة هي البذرة التي تتضمن إجمالا جميع القوى
والصفات والأعضاء الداخلية والخارجية والصورة والملامح التي تظهر في
المرتبة الخامسة مفصلا ، ثم تظهر في المرتبة السادسة ، بوجه أتم وأكمل .
ولكن
مع كل ذلك تكون النطفة في خطر أشد مقارنة مع بقية المراتب لأن الرحم لم
يجذبها إليه بعد فهي كالبذرة التي لم تتمكن في الأرض و لم تحظ بجذب من
الرحم إلى الآن . ومن الممكن أن تضيع بعد الدخول في الرحم كالبذرة التي
تضيع أحيانا في أرض صلدة . ومن الممكن أيضا أن تكون النطفة ناقصة في حد
ذاتها ، أي يكون فيها شيء من العيب وتكون غير قابلة للنشوء والنمو ، أو
ينقصها ما يجعلها جديرة ليجذبها الرحم إليه وتكون كالميت الذي لا حراك فيه .
كما يزرع البذر البالي في الأرض ولكنه لا يكون قابلا للنشوء والنمو من
جراء العيب فيه ، وإن كانت الأرض صالحة وخصبة . كذلك من الممكن ألا تتعلق
النطفة بالرحم ويحرمها الرحم من الجذب إليه جراء بعض العيوب الأخرى التي لا
حاجة إلى الخوض في تفصيلها ، كما تداس البذرة تحت الأقدام أحيانا أو
تأكلها الطيور أو تتلف لسبب آخر .
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeولأن
حالة الخشوع والخضوع هي المرتبة الأولى للوجود الروحاني - كالنطفة للوجود
المادي- لذلك ذكرت في المقام الأول في الآية القرآنية على غرار ذكر النطفة ،
وذكرت بإزائها ليعرف الذين يتدبرون القرآن أن حالة الخشوع والخضوع في
الصلاة هي كالنطفة للوجود الروحاني . وفيها تكمن جميع قوى الإنسان الكامل
وصفاته وملامحه الروحانية مثل النطفة تماما ، وكما تكون النطفة مهددة
بالضياع ما لم تتعلق بالرحم كذلك تماما فـإن الحالة الأولى للوجود الروحاني
، أي حالة الخشوع والخضوع ، أيضا لا تخلو من الخطر ما لم تتعلق بالرب
الرحيم .
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeاعلموا
أن فيضان الله إذا كان بدون واسطة أي عمل ، فيكون منشؤه صفة الرحمانية كما
خلق الله عزوجل السماوات والأرض وما بينهما لفائدة الإنسان أو خلق الإنسان
نفسه ، فكل هذه الأشياء جاءت إلى حيز الوجود نتيجة فيض الرحمانية . ولكن
عندما ينـزل فيضان نتيجة عمل أو عبادة أو مجاهدة أو تنسك فيسمى فيضان
الرحيمية . هذه هي سنة الله الجارية لبني آدم . فحين يختار الإنسان الخشوع
والخضوع في الصلاة وذكر الله فإنه يجعل نفسه حينئذ أهلا لتلقي فيضان
الرحيمية . فالفرق الوحيد بين النطفة والمرتبة الأولى للوجود الروحاني- وهي
حالة الخشوع والخضوع- هو أن النطفة تحتاج إلى جذب من الرحم ، أما حالة
الخشوع والخضوع فتحتاج إلى جذب من الرب الرحيم . وكما يمكن أن تضيع النطفة
قبل أن يجذبها الرحم كذلك يمكن للمرتبة الروحانية الأولى ، أي حالة الخشوع
والخضوع ، أن تنعدم قبل أن تُجذب إلى الرحيم وتتعلق به . كما ترون أن أناسا
كثيرين يبكون بشدة في صلواتهم في بداية الأمر ويظهرون حالة الوجد ويصيحون
ويبدون أنواع الجنون في حب الله ، ويظهرون أنواع العشق ، ولكن إذ لم يملكوا
علاقة بالله ذي الفضل الذي يسمى رحيما- ولم يجذبوا إليه بتجليه الخاص ،
فإن تضرعهم وذوبانهم وخشوعهم وخضوعهم كله يكون بلا حقيقة ، وفي كثير من
الأحيان تزل قدمهم فتصير حالتهم الأخيرة أسوأ من الأولى . فهذا تطابق عجيب
وشيق . فكما أن النطفة التي هي المرتبة الأولى للوجود المادي ليست بشيء ما
لم يجذبها الرحم إلى نفسه ، كذلك تماما إن حالة الخشوع والخضوع هي المرتبة
الأولى للوجود الروحاني وليست بشيء ما لم يجذبها رحم الله إلى نفسه . لذلك
ترون ألوفا من الناس الذين كانوا يحظون في فترة من حياتهم بالخشوع والخضوع
في صلواتهم وذكر الله وكانوا يبكون وتغمرهم حالة الوجد ، ثم داهمتهم لعنة
فمالوا دفعة واحدة إلى الأهواء النفسانية وفقدوا من جراء الدنيا الدنية
وشهواتها كل ما كانوا قد وجدوه . فهذا مقام خوف ، لأن حالة الخشوع والخضوع
تضيع في كثير من الأحيان قبل توطيد علاقتها بالرحيمية ، وتفنى وتنعدم قبل
أن يعمل فيها جذب الله الرحيم عمله . ففي هذه المرحلة تشبه حالة الخشوع-
التي هي المرتبة الأولى للوجود الروحاني - النطفة التي تضيع قبل أن يجذبها
الرحم إليه .
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeفالخلاصة
أن المرتبة الأولى للوجود الروحاني ، وهي حالة الخشوع ، والمرتبة الأولى
للوجود المادي ، أي النطفة ، متشابهتان هذه الناحية ؛ بمعنى أن المرتبة
الأولى للوجود المادي أي النطفة ليست بشيء يذكر دون جذب الرحم ، كذلك
المرتبة الأولى للوجود الروحاني ، أي الخشوع ، أيضا ليست بشيء يذكر دون جذب
الرحيم . وكما أن ألوفا من النطف في الدنيا تضيع ، وهي في حالة النطفة ،
ولا تتعلق بالرحم كذلك تماما إن ألوفا من حالات الخشوع في الدنيا لا تتعلق
بالرحيم وتذهب سدى . يفرح آلاف الجهلاء بحالة خشوعهم وخضوعهم وبكائهم
وتضرعهم التي تعتريهم لبضعة أيام ويزعمون أنهم أصبحوا أولياء الله الصلحاء
والأقطاب ودخلوا في زمرة الأبدال ووصلوا إلى الله ، بينما الحال أنهم ليسوا
بشيء ولا يزالون كالنطفة أو البرعم الذي لم يمسسه نسيم الصبا . يا أسفا !
فقد هلك عالـم راء مثل هذه الظنون الباطلة .
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeواعلموا
أن المرتبة الأولى للحالة الروحانية- التي هي الخشوع والخضوع يمكن أن تضيع
لأسباب مختلفة ، كما أن النطفة- التي هي مرتبة أولى للوجود المادي- يمكن
أن تضيع نتيجة حوادث مختلفة ، من جملتها العيب الذاتي فيها . فمثلا قد تشوب
هذا الخشوع شائبة من الشرك أو البدعة أو اللغو . فمثلا يمكن أن تثور
الأهواء النفسانية وتتلاطم العواطف النفسانية الخبيثة أو تأخذ بالقلب
العلاقات السفلية أو تغلبه أمان لاغية لجيفة الدنيا . فبناء على هذه العلل
الخبيثة لا تصلح حالة الخشوع ليوطد الله الرحيم علاقته معها ، كما لا يمكن
أن تتعلق بالرحم النطفة التي فيها عيب أيا كان نوعه . لهذا السبب لا يعود
خشوع الرهبان الهندوس وتواضع القسيسين المسيحيين عليهم بفائدة . ولو تقدموا
في الخشوع والخضوع إلى أن تذوب أجسامهم وتصير هيكلا عظميا دون أن تكون
عليها مسحة من اللحم فلن ينشئ الرب الرحيم بهم علاقة ، لأن في خشوعهم عيبا
ذاتيا . وكذلك لا علاقة بالله الرحيم لأولئك المتصوفين المبتدعين من
المسلمين الذين يتركون اتباع القرآن المجيد ويتورطون في ألوف البدعات ، حتى
أنهم لا يستحون من تعاطي الحشيش والبنج والخمر ، وتكون لهم أنواع الفسق
والفجور الأخرى مستباحة أيضا كحليب الأم . ولأنهم يكونون في حالة لا تنسجم
مع العلاقة بالله الرحيم بل لأن كل هذه الحالات مكروهة عند الله الرحيم ،
لذا فإنهم مع وجدهم وطربهم ورقصهم بأسلوبهم وإنشاد القصائد وما شابه ذلك
يكونون محرومين تماما من العلاقة بالله ويكونون كالنطفة التي احترقت نتيجة
مرض الزهري أو الجذام ولم تعد صالحة لأن تعلق بالرحم . إذا فإن السبب وراء
العلاقة مع الرحم أو الرحيم أو عدمها هو هو ، والفرق الوحيد هو العلل
الجسدية والروحانية . وكما أن النطفة لا تعود صالحة لتعلق بالرحم نتيجة
عللها الذاتية وليجذبها الرحم إليه ، كذلك حالة الخشوع التي هي بمنزلة
النطفة لا تصلح لينشئ الله الرحيم علاقته معها بسبب عللها مثل الكبر والعجب
والرياء أو لضلالة أخرى أو بسبب الشرك . فإن أفضلية المرتبة الأولى للوجود
الروحاني أي الخشوع تكمن كلها- مثل النطفة تماما- في علاقتها الحقيقية
بالله الرحيم . فإن لم تكن لحالة الخشوع علاقة حقيقة بالله الرحيم لا يمكن
نشوء العلاقة الحقيقية ، فمثلها كتلك النطفة الرديئة التي لا يمكن أن تكون
لها علاقة حقيقية بالرحم .
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeولا
يغيبن عن البال أن ما يتيسر للإنسان في بعض الأحيان من الخشوع والوجد
والذوق أو المتعة واللذة في الصلاة أو ذكر الله ليس دليلا على أن لصاحبها
علاقة حقيقية بالله الرحيم .
كما
إذا قذفت النطفة في الرحم وحصلت المتعة أيضا فلا يفهم من ذلك قط أنها
تعلقت بالرحم ، بل للعلاقة علامات وأمارات أخرى . فاللذة والمتعة في ذكر
الله التي يعبر عنها بالخشوع بكلمات أخرى تشبه نطفة تقذف في الرحم . ولا شك
أن ذلك الوقت يكون وقت اللذة المتناهية من حيث المتعة المادية ، ولكن مع
ذلك إن قذف قطرة المني وحده لا يستلزم نشوء العلاقة بين النطفة والرحم أو
أن تكون النطفة قد جذبت إلى الرحم . كذلك المتعة الروحانية وحالة الخشوع لا
تستلزم نشوء علاقة صاحبها بالله الرحيم وجذبه إليه . بل كما أن النطفة
تقذف أحيانا عند الزنا في رحم زانية تحصل للقاذف المتعة نفسها التي تحصل
للمرء مع زوجته ، كذلك تماما تشبه حالة خشوع عبدة الأصنام والمخلوق وخضوعهم
ومتعتهم متعة العاهرين . أي أن خشوع المشركين والذين يذكرون الله لأهداف
دنيوية وخضوعهم يشبه نطفة تقذف في أرحام البغايا وتسبب على أية حال كما أن
النطفة قدرة على التعلق بالرحم ، كذلك في الخشوع أيضا قدرة على التعلق
بالله ، ولكن حالة الخشوع والرقة والحرقة وحدها ليست دليلا على نشوء
العلاقة بالفعل . كما يحدث في حالة النطفة - التي تقابل هذه الحالة
الروحانية- إذا جامع أحد زوجته وقذفت النطفة في رحمها وحصلت لها المتعة
الكاملة أيضا ، فإن الاستمتاع فقط لا يدل على أنها حملت حتما . فعلى غرار
ذلك ، مهما كانت حالة الخشوع والخضوع والحرقة مصحوبة بالمتعة واللذة فإنها
ليست علامة حتمية على العلاقة بالله . أي أن مجرد حصول الخشوع والخضوع
والبكاء والحرقة لأحد في الصلاة لا يستلزم علاقته بالله بالضرورة ، بل يمكن
أن توجد كل هذه الأشياء في أحد دون أن تكون له علاقة بالله . كما أن
التجربة الصريحة شاهدة على أن أناسا كثيرين يجهشون بالبكاء في مجالس
الإرشاد والنصيحة ومحافل الوعظ والتذكير وفي الصلاة وذكر الله وتستولي
عليهم حالة الوجد ويصرخون ويظهرون الخشوع والخضوع وتسيل الدموع على خدودهم
كالماء ويشرع بعضهم بالبكاء دونما سبب ، بحيث إذا سمعوا أمرا بسيطا بكوا له
فورا ، ومع ذلك لا يجتنبون اللغو ، بل يلازمهم لغو الكلام والأحاديث
واللهو واللعب في كثير من الأحيان ملازمة القلادة الجيد . فيفهم من ذلك
أنهم ليسوا حائزين على أدنى علاقة بالله ، وليس في قلوبهم عظمة الله وهيبته
قط . فمن الغريب حقا أن ترافق حالة الخشوع والخضوع والتضرع والحرقة نفوسا
خبيثة من هذا النوع . وإنه لمقام عبرة ويثبت منه أيضا أن الخشوع والخضوع
والبكاء والتضرع وحده بدون اجتناب اللغو ليس بمفخرة ، ولا هي علامة قرب
الله أو العلاقة معه . وقد رأيت بأم عيني كثيرا المتنسكين ، وأناسا آخرين
أيضا ، كلما قرأوا بيتا أليما أو شاهدوا منظرا موجعا أو سمعوا قصة فاجعة ،
انهمرت دموعهم بسرعة هائلة كما يمطر بعض السحب قطرات كبيرة بسرعة لا تدع
للنائمين في أفنية دورهم فرصة أن يدخلوا فرشهم بيوتهم قبل أن تبتل . ولكني
أشهد شهادة عيان بأنني وجدت أكثرهم مخادعين جدا ، بل سبقوا في ذلك أبناء
الدنيا . وقد وجدت بعضهم يملكون طبائع خبيثة وهم خائنون وأشرار بكل ما
للكلمة من معنى ، حتى أني أكره بعد ما شاهدت عادة بكائهم وتضرعهم وخصلة
خشوعهم وخضوعهم أن يبدر مني في مجلس خشوع وخضوع وتضرع من هذا النوع . صحيح
أن هذه الصفة كانت في زمن من الأزمان علامة الصلحاء بوجه خاص ، أما الآن
فقد أصبحت عادة المحتالين المخادعين ، إذ يلبسون ثيابا خضرا ، ولهم ذوائب
مسترسلة ، ويحملون المسبحة في اليد وأعينهم تسكب الدموع باستمرار ، وشفاههم
في حركة دائمة وكأنهم يذكرون الله في کل لحظة ، ذلك هم خائضون في البدعات .
هذا ما يظهرونه على الملأ كعلامات تنسكهم وتصوفهم ، ولكن قلوبهم مجذومة ،
ومن حب الله محرومة ، إلا ما شذ ونذر . أما الصلحاء الذين يصدر منهم كل عمل
نتيجة الحماس والحال وليس عن التصنع والقال ، فهم مستثنون من كلامي هذا .
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeيمكن
أن تصحب الخشوع والخضوع في حالتهما الابتدائية أنواع اللغو من الأعمال ،
كما يكون الطفل معتادا على البكاء بكثرة ، ويخاف أبسط الأمور ويظهر الخشوع
والخضوع ، ولكن مع كل ذلك يخوض الإنسان بطبيعته في أنواع اللغو في صباه .
وفي أول الأمر يكون ميالا إلى اللغو من الأحاديث والأعمال ، وفي معظم
الأحيان يحب الخوض في لغو الأعمال من قفز ولهو ولعب لدرجة الإضرار بجسمه
أيضا في كثير من الأحيان . فيتضح من ذلك أن اللغو يعترض سبيل الإنسان أولا
من حيث طبيعته ، فلا يمكنه أن يبلغ أية مرتبة أخرى قبل اجتياز هذه المرتبة .
فبطبيعة الحال إن أولى مراتب البلوغ هي اجتناب لغو الطفولة . ويثبت من ذلك
أن أول ما يواجهه الإنسان بطبيعته هو اللغو .
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeعلى
كل حال ، من الثابت أن البكاء والخشوع والخضوع ليس بعلامة خاصة بالصلحاء
وحدهم ، بل قوة مودعة في الإنسان وتظهر للعيان في محلها وغير محلها أيضا
أحيانا . فقد يقرأ الإنسان أحيانا قصة خيالية ويعرف جيدا أنها وهمية من نوع
الأقاصيص ذلك عندما يصل إلى نقطة أليمة فلا يملك نفسه بل تجري دموعه عفويا
ولا تكاد تتوقف . وقد وجدت قصص كهذه مؤثرة لدرجة أن الإنسان يسرد بنفسه
قصة موجعة ويبلغ إلى ذكر حادث أليم فتغرورق عيناه بالدموع ويصبح صوته
كالباكي ، وأخيرا تنحدر العبرات من مآقيه ويتدفق بكاؤه وتحصل له لذة البكاء
ومتعته ، وذلك مع أنه يعرف جيدا أن ما أبكاه هو باطل أصلا لا حقيقة من
ورائه ، وقصة خيالية لا أصل لها . فما هو السبب وراء كل ذلك ؟ السبب الوحيد
هو أنه ليست لقوة الخشوع والخضوع والبكاء والتضرع المودعة في الإنسان
علاقة بصحة قصة أو عدمها ، بل كلما تسنت ظروف مواتية لإثارة تلك القوة ،
هاجت فيه تلك الرقة تلقائيا ، فينال المرء نوعا من اللذة والمتعة سواء أكان
مؤمنا أم كافرا . فلهذا السبب يحدث في المجالس غير المشروعة والمحتوية على
أنواع البدعات أن خليعي الرسن يظهرون أنفسهم في حلل المتصوفين ؛ يبدأون
بالرقص نتيجة سماعهم أبيات القصائد المتنوعة ومتأثرين لألحان وأغاني
ويترنحون وييكون ويستمتعون بطريقتهم ويظنون أنهم واصلون إلى الله . ولكن
هذه اللذة تشبه لذة تحصل للزاني من الزانية . ثم هنالك مماثلة أخرى بين
الخشوع والنطفة وهي أن نطفة المرء عندما تدخل في مهبل زوجته أو غيرها فإن
دخولها في المهبل وسيلانها بعد التدفق يشبه البكاء تماما كما أن نتيجة
الخشوع هي البكاء . وكما تتدفق النطفة تلقائيا وتقذف كذلك تماما تكون حالة
البكاء عند كمال الخشوع إذ تتدفق الدموع من الأعين تلقائيا . وكما أن لذة
القذف تكون حلالا تارة عندما يجامع المرء زوجته وتكون حراما تارة أخرى
عندما يجامع الزانية ، كذلك تماما هو حال الخشوع والخضوع والحرقة والبكاء ؛
أي يكون الخشوع والحرقة أحيانا لله الأحد الذي لا شريك له دون أن تشوبه
شائبة من الشرك أو البدعة ، فتلك اللذة الناتجة عن الخشوع والخضوع تكون
حلالا . وفي بعض الأحيان تحصل لذة الخشوع والخضوع والبكاء من عبادة المخلوق
أو الأوثان والأصنام أو من البدعات ، ولكنها تشبه لذة الزنا . فباختصار ،
إن مجرد الخشوع والخضوع والتضرع والبكاء ولذاتها ، لا تستلزم العلاقة بالله
، بل كما تضيع نطف كثيرة ولا تقبلها الأرحام ، كذلك تماما هناك أنواع من
الخشوع والخضوع والتضرع والبكاء والعويل ليس مآلها وعاقبتها إلا ضياع
الأبصار إذ لا يقبلها الله الرحيم .
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeفملخص
الكلام أن حالة الخشوع التي هي المرتبة الأولى للوجود الروحاني تشبه تماما
النطفة التي هي المرتبة الأولى للوجود المادي كما كتبناه آنفا بالتفصيل .
وهذه المشابهة ليست بأمر عادي وبسيط بل بينهما مشابهة تامة وكاملة بمشيئة
خاصة للخالق الأزلي جل شأنه ، حتى ورد في كتاب الله أيضا أن هاتين اللذتين
ستتوفران في العالم الثاني أيضا ، ولكنهما ستتقدمان في المماثلة فتصبحان
شيئا واحدا ؛ بمعنى أنه عندما يحب المرء زوجته في تلك الدار ويجامعها ، لن
يستطيع أن يفرق إذا كان يحب زوجته ويجامعها أم هو غارق في بحر حب الله الذي
لا شاطئ له . وإن هذه الكيفية تستولي في هذه الدار أيضا على الواصلين إلى
حضرة العزة ، ولكنها تفوق إدراك أبناء هذه الدنيا والمحجوبين .
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeإلى
هنا قد انتهينا من بيان أن المرتبة الأولى للوجود الروحاني - أي حالة
الخشوع والخضوع- تشبه مشابهة تامة المرتبة الأولى للوجود المادي ، أي
النطفة .
Aishah Mhammadحبيتا
========================================================
المرتبة الثانية للوجود الروحاني .
يقول المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام : " المرتبة الثانية للوجود الروحاني هي التي ذكرت في الآية الكريمة : ( والذين هم عن اللغو معرضون " أي المؤمنون هم الذين يجتنبون الأحاديث اللاغية والأعمال اللاغية والتصرفات اللاغية والمجالس اللاغية والصحبة اللاغية والعلاقات اللاغية . والمرتبة الثانية للوجود المادي بإزائها هي سماه الله في كلامه العزيز بالعلقة كما يقول : « ثم خلقنا النطفة علقة » عصمنا النطفة من الضياع سدى وجعلناها علقة نتيجة تعلقها بالرحم وتأثيره ، بينما كانت من قبل عرضة للخطر وما كان يدرى هل ستتحول إلى وجود إنساني أو ستضيع سدى . ولكنها عصمت من الضياع بعد التعلق بالرحم ، وحدث فيها تغير جديد لم يكن من قبل ، أعني تحولت إلى دم متختر وغلظ قوامها أيضا وحصلت لها علاقة بالرحم فسميت « علقة ، واستحقت المرأة في هذه المرتبة أن تسمى حبلى . وبسبب هذه العلاقة صار الرحم مشرفا عليها ، وشرعت النطفة تنمو وتترقى في ظله وكنفه . ولكن لم تنل النطفة حظا كبيرا من الطهارة في هذه المرتبة ، غير أنها صارت دما متخثرا وعصمت من الضياع بسبب علاقتها بالرحم . فكما كانت النطفة تضيع سدى في بعض الحالات الأخرى وكانت تسيل إلى الخارج عبثا وتلطخ الثياب ، فقد سلمت الآن من الضياع سدى من جراء هذه العلاقة . ولكنها ليست إلا دما متخثرا لم تتطهر من تلوث النجاسة الخفيفة . ولو لم تحصل لها هذه العلاقة مع الرحم لكان ممكنا أن تفسد بعد دخولها المهبل أيضا وتسيل إلى الخارج ، ولكن أمسكتها قوة الرحم المدبرة بجذبها الخاص ، ثم حولتها إلى دم متختّر ، فسميت « علقة بناء على هذه العلاقة ، كما ذكرنا آنفا . و لم يؤثر فيها الرحم تأثيرا ملحوظا من قبل ، غير أن هذه العلاقة منعتها من الضياع ، وبسبب هذه العلاقة لم تبق فيها رقة كرقة النطفة ، أي لم يعد قوامها رقيقا وخفيفا بل غلظ إلى حد ما " .
البراهين الأحمدية الجزء الخامس .
٤ تعليقات
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeومقابل
العلقة التي هي المرتبة الثانية للوجود المادي هناك مرتبة ثانية للوجود
الروحاني كما ذكرنا قبل قليل وتشير إليها الآية القرآنية : ( والذين هم عن
اللغو معرضون ) أي المؤمنون المفلحون هم الذين يعرضون عن لغو الكلام
والأعمال والتصرفات ولغو المجالس والصحبة والعلاقات ، وعن الثوائر اللاغية .
فيبلغ إيمانهم درجة يسهل فيها عليهم هذا القدر من الإعراض عن الأمور
اللاغية ، لأنهم بسبب التقدم في الإيمان يحظون بالعلاقة مع الرب الرحيم إلى
حد ما كالنطفة يحصل لها علاقة بالرحم إلى حد ما عند تحولها إلى علقة ،
فتصبح في مأمن من الضياع سدى بالقذف لغوا ، أو السيلان أو بطريق آخر ، إلا
ما شاء الله . ففي هذه المرتبة الثانية للوجود الروحاني تشبه العلاقة بالرب
الرحيم بعلاقة العلقة بالرحم في المرتبة الثانية للوجود المادي . وكما
تكون النجاة مستحيلة من العلائق اللاغية والأعمال العبثية قبل ظهور المرتبة
الثانية للوجود الروحاني ، وتضيع المرتبة الأولى للوجود الروحاني ، أي
الخشوع والخضوع ، في كثير من الأحيان فتكون العاقبة سيئة ، كذلك تماما تضيع
سدى النطفة ، التي هي مرتبة أولى للوجود المادي ، مئات من المرات قبل أن
تصبح علقة . ثم عندما تقتضي مشيئة الله أن تعصمها من الضياع لغوا تتحول
النطفة نفسها إلى العلقة بأمر الله وإذنه ، وتسمى عندئذ مرتبة ثانية للوجود
المادي .
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeفباختصار
، المرتبة الثانية للوجود الروحاني ، أي اجتناب اللغو من الأقوال والأفعال
والإعراض عن الأمور اللاغية والعلاقات اللاغية والثوائر النفسانية ، لا
تتيسر للإنسان ما لم تحصل له العلاقة بالرب الرحيم ، لأن قوة العلاقة وحدها
تستطيع أن تقطع العلائق الأخرى وتعصم صاحبها من الضياع . وإن تسنى للإنسان
في صلواته الخشوع والخضوع ، الذي هو المرتبة الأولى للوجود الروحاني ، إلا
أن ذلك الخشوع لا يستطيع أن يمنع صاحبه من لغو الكلام والأفعال أو الثواثر
اللاغية ما لم تحصل له مع الرب الرحيم تلك العلاقة التي تحصل في المرتبة
الثانية للوجود الروحاني . ومثلها كمثل النطفة التي لا تسلم من الضياع سدى
ما لم تتعلق بالرحم ، وإن جامع المرء زوجته أكثر من مرة كل يوم . فقول الله
عزوجل : ( والذين هم عن اللغو معرضون : يعني أن المؤمنين هم الذين يتنحون
عن العلاقات اللاغية . وإن إبعاد المرء نفسه من العلاقات اللاغية مدعاة
للعلاقة بالله . فكأن صرف عنان القلب عن الأعمال اللاغية يعني تعليق القلب
بالله ، لأن الإنسان خلق للتعبد الأبدي ، وحب موجود في قلبه بصورة طبيعية .
لذلك هناك علاقة أزلية بين الله وبين روح الإنسان كما يتيين من الآية : "
الست بربكم قالوا بلى " والعلاقة التي يحظى بها الإنسان بعد انزوائه إلى
كنف الرحيمية- أي بواسطة العبادة - التي مرتبتها الأولى هي الإيمان بالله
ثم اجتناب كل كلام لغو وفعل لغو ومجلس لغو وحركة لاغية وعلاقة لاغية وثائرة
لاغية ، ليست بشيء جديد ، وإنما هو إخراج تلك العلاقة الأزلية نفسها من
مكمن القوة إلى حيز الفعل . وكما ذكرت سابقا أن المرتبة الأولى للوجود
الروحاني - أي الخشوع والخضوع والرقة والتضرع والحرقة في الصلاة وذكر الله -
إنما هي نقطة انطلاق فقط في حد ذاتها ، بمعنى أنه ليس محتوما أن يكون
الخشوع مقرونا بترك اللغو أو مصحوبا به ، وترافقه فوق تلك الأخلاق الفاضلة
والعادات المهذبة أيضا ، بل من الممكن أن لا يكون قلب الذي يظهر الخشوع
والخضوع والرقة والوجد والبكاء في الصلوات – وإن كان إلى درجة أن يؤثر في
الآخرين أيضا - منـزها عن لغو الأحاديث والأعمال والتصرفات ولغو المجالس
والعلاقات والثوائر النفسانية . أي من الممكن ألا يكون قد تخلص من المعاصي
إلى الآن ، لأن تطرق الخشوع والخضوع إلى القلب بين فينة وفينة أو حصول
المتعة واللذة في الصلاة شيء وطهارة النفس شيء آخر . وإن يكن خشوع سالك
وخضوعه وتضرعه ورقته ووجده منـزها عن شوائب البدعة والشرك أيضا ، مع ذلك
فإن الذي لم يبلغ وجوده الروحاني إلى المرتبة الثانية ، فإنه قاصد فقط إلى
القبلة الروحانية ، ولكنه ما زال هائما في الطريق ، وما زالت تعترض طريقه
أنواع البراري والقفار المتنوعة والفلوات الشائكة والجبال الشامخة والبحار
العظيمة الهائجة والمائجة ، والسباع والوحوش الضواري أعداء الإيمان والروح ،
وتتربص به ما لم يبلغ المرتبة الثانية .
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeالتنحي
عن العلاقات اللاغية مدعاة للعلاقة بالله ، لأن الله سبحانه وتعالى وعد في
هذه الآيات بقوله : « أفلح » أن الذي يعمل عملا لابتغاء الله ليدركن الله
بقدر جهده وسعيه ، وسينشئ علاقته معه . فالذي يترك اللغو بغية الصلة بالله
فيحظى بصلة خفيفة بالله تعالى بحسب وعده المذكور في « أفلح ، لأن . عمله هو
أيضا ليس بعمل جبار بل قطع علاقة بسيطة مع اللغو ، ولا يغيبن عن البال أن
لفظ ( أفلح ) كما هو موجود في الآية الأولى : ( قد أفلح المؤمنون * الذين
هم في صلاتهم خاشعون ) كذلك يتعلق هذا اللفظ بالآيات التالية كلها كوعد على
سبيل العطف . فالآية ( والذين هم عن اللغو معرضون ) أيضا : قد أفلح
المؤمنون الذين هم عن اللغو معرضون . والإفلاح- أي لفظ ( أفلح ) يتضمن معنى
تعني خاصا في كل مرتبة من مراتب الإيمان ويبشر بعلاقة خاصة .
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeاعلموا
أن حالة الخشوع والخضوع والتذلل لا تستلزم العلاقة الصادقة بالله بالضرورة
بل الأشرار أيضا كثيرا ما يخشعون برؤيتهم نموذج القهر الإلهي دون أن تكون
لهم أدنى مع علاقة الله أو أن يكونوا قد تخلصوا من لغو الأعمال . فمثلا
الزلزال الذي ضرب الأرض في 1905/4/4 م قد أحدث حينها خشوعا وخضوعا وتضرعا
في مئات الألوف من القلوب ، حتى لم يعد لهم شغل غير ذكر الله والبكاء ، حتى
نسي الملحدون أيضا إلحادهم . ولكن لـما مضى ذلك الوقت وهدأت الأرض تلاشي
الخشوع والخضوع حتى سمعت أن بعضا من الملحدين الذين آمنوا بالله عندئذ
قالوا فيما بعد بوقاحة متناهية وتجاسر متزايد بأننا أخطأنا بارتعابنا من
الزلزال غير أنه لا وجود الله . باختصار ، كما كتبت مرارا ، فإنه من الممكن
أن تصحب الخشوع والخضوع أرجاس كثيرة غير أنه كالبذرة للكمالات المقبلة ،
وإن اعتباره كمالا في حد ذاته إنما هو خداع المرء نفسه ، بل توجد بعدها
مرتبة أخرى يجب على كل مؤمن أن يبحث عنها ، وينبغي ألا يتكاسل ولا يتوانى
قبل الحصول عليها . وهي المرتبة التي بينها كلام الله بكلمات : ( والذين هم
عن اللغو معرضون ) أي ليس المؤمنون هؤلاء فقط الذين يتحلون بالخشوع
والخضوع ويظهرون التضرع والحرقة في صلواتهم ، بل المؤمنون الأعلى منهم
مرتبة هم الذين مع تحليهم بالخشوع والخضوع والتضرع في صلواتهم يجتنبون لغو
الكلام والأعمال والعلاقات كلها . ولا يضيعون خشوعهم وخضوعهم بخلطها بلغو
الأعمال والكلام ، ويجتنبون بطبيعتهم اللغو بجميع أنواعه وتتولد في قلوبهم
كراهية الكلام اللغو والأعمال اللاغية . ويكون ذلك دليلا على أنهم حائزون
على علاقة بالله نوعا ما لأن الإنسان لا يعرض عن جهة إلا إذا تعلق بجهة
أخرى . فلا يفتر قلبه حقا عن الأحاديث اللاغية والأعمال الفاسدة والصحبة
الطالحة واللهو والعبث إلا إذا تعلق بالرب الرحيم وغلبت قلبه عظمته عزوجل
وهيبته . كذلك لا تسلم النطفة من الضياع سدى ما لم تتعلق بالرحم وما لم
يغلبها تأثيره . وعند نشوء هذه العلاقة تسمى النطفة علقة . كذلك المرتبة
الثانية للوجود الروحاني - هي إعراض المؤمن عن اللغو - تُسمى علقة من حيث
الروحانية ، لأن في هذه المرتبة تسيطر على قلب المؤمن هيبة الله وعظمته
وتُخلِّصه من الأحاديث والأعمال العابثة . وإن ترك المرء الأحاديث والأعمال
العابثة إلى الأبد متأثرا بهيبة الحالة التي يقال لها " التعلق بالله "
بتعبير آخر . ولكن هذه العلاقة بالله وعظمته بالله تنشأ التي هي الحالة
التي يقال لها " التعلق بالله " بتعبير آخر . ولكن هذه العلاقة نتيجة ترك
اللغو فقط هي علاقة بسيطة لأن السالك في هذه المرتبة يقطع علاقته باللغو
فقط ، ولكن قلبه يكون لا يزال معلقا بما تحتاج إليه النفس ، وما تعتمد عليه
سعة العيش ، ولا يزال شيء من الرجس موجودا فيه ، لذا شبه الله تعالى هذه
المرتبة للوجود الروحاني بالعلقة . والعلقة هي الدم المتخثر ، فيبقى فيه
شيء من النجاسة لكونه دما . ويبقى هذا العيب موجودا في هذه المرتبة لأن
أمثال هؤلاء الناس لا يتقون الله حق تقاته بعد ولم تترسخ في قلوبهم عظمة
وهيبة حضرة العزة جل شأنه ، لذا يقدرون على ترك لغو الكلام والأفعال فقط
وليس أكثر من ذلك ، فيبقى في نفوسهم الناقصة قدر من الرجس دون قصد ، أي
يعرضون عن اللغو فقط نتيجة إنشائهم علاقة بسيطة مع الله ولكن لا يقدرون على
ترك ما يشق على النفس تركه ، ولا يستطيعون أن يتركوا لوجه الله عزوجل ما
يستلزم ملذات النفس . فتبين من هذا البيان أن الإعراض عن اللغو فحسب ليس
بعمل يستحق إشادة كبيرة ، بل هي حالة أدنى للمؤمن وإن كانت فوق الخشوع
والخضوع بدرجة واحدة .
=====================================================
المرتبة الثالثة للوجود الروحاني.
يقول المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام:
المرتبة الثالثة للوجود الروحاني بإزاء المرتبة الثالثة من الوجود المادي ، وتفصيلها أن المرتبة الثالثة للوجود المادي مذكورة في الآية الكريمة : ( فخلقنا العلقة مضغة ) هذه هي المرتبة التي يتخلص فيها وجود الإنسان المادي من النجاسة وتتدرج إليه شده وصلابة نوعا ما أكثر من ذي قبل ، لأن النطفة والعلقة - أي الدم المتخثر - تحتويان على نجاسة خفيفة ، وهما ألين وأرق من المضغة قوامًا ، ولكن المضغة- وهي قطعة من اللحم- تنشئ في نفسها طهارة ، وتكون أغلظ وأصلب نوعا ما من النطفة والعلقة من حيث القوام . وهذه هي حالة الوجود الروحاني في المرتبة الثالثة . أما المرتبة الثالثة للوجود الروحاني فمذكورة في الآية : ( والذين هم للزكاة فاعلون ) ومعناها أن المؤمن الذي يتخطى المرتبتين الأوليين لا يجتنب لغو الأعمال والأقوال فحسب بل يؤتي الزكاة أيضا دحضا لرجس البخل والشح- الذي يوجد في كل شخص بطبيعته – أي ينفق في سبيل الله قسطا من ماله . وقد سميت الزكاة زكاة لأن فاعلها يتزكى من رجس البخل بأداء هذه الفريضة ، أي الإنفاق لوجه الله من ماله الذي هو عزيز لديه جدا . وعندما يذهب من نفسه رجس البخل- الذي يرغب فيه المرء بطبيعته - يتطهر إلى حد ما ، فيحصل له الانسجام نوعا ما مع الله الذي هو قدوس بذاته .
البراهين الاحمدية الجزء الخامس .
تعليق واحد
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeهذه
المزية لا توجد في المرتبتين الأوليين ، لأن الخشوع والخضوع والإعراض عن
اللغو فقط يمكن أن يتأتى أيضا للإنسان الذي لا يزال رجس البخل كامنا فيه .
ولكنه عندما يتخلى ، لوجه الله ، عن ماله العزيز الذي عليه مدار حياته
وقوام معيشته والذي اقتناه بمشقة وادخره بجهد جهيد وعرق جبين ؛ يخرج من
نفسه رجس البخل ، وإلى جانب ذلك تتولد في إيمانه الشدة والصلابة أيضا .
وأما المرتبتان السابقتان فلا يتسنى فيهما هذا النوع من الطهارة والتزكية
بل تبقى فيهما نجاسة كامنة . والحكمة في ذلك أن الإعراض عن اللغو يسفر فقط
عن ترك الشر الذي لا يهم لحياته وبقائه ولا يشق على النفس تركه . ولكن
إيتاء المال الذي اقتناه بالمشقة ابتغاء مرضاة الله ، إنما هو كسب الخير ،
وبذلك تذهب نجاسة النفس أسوأ من جميع النجاسات ، أي يزول البخل والشخ . لذا
فإن هذه مرتبة ثالثة للإيمان ، وهي أشرف وأفضل من المرتبة الأولى والثانية
، وتوازيها مرحلة المضغة من حيث تكوين الوجود المادي وهي أفضل من
المرتبتين الأوليين- النطفة والعلقة- وتتميز بالطهارة ، لأن النطفة والعلقة
ملوثتان بنجاسة خفيفة . وأما المضغة فهي في حالة الطهارة . وكما تتدرج إلى
المضغة طهارة ورقي في الرحم ، وتتقوى علاقتها معه أيضا بالمقارنة مع
النطفة والعلقة وتزداد شدة وصلابة أيضا ، كذلك تماما تكون حالة الوجود
الروحاني في المرتبة الثالثة التي يقول الله عنها : ( والذين هم للزكاة
فاعلون ) أي المؤمنون هم الذين ينفقون أموالهم العزيزة عليهم في سبيل الله
لتزكية أنفسهم من البخل ، ويختارون هذا الأمر بطيب خاطرهم . فتوجد في هذه
المرتبة الثالثة للوجود الروحاني المزايا الثلاث نفسها التي توجد في
المرتبة الثالثة للوجود المادي ، أي في المضغة ، لأن هذه المرتبة ، أي
إنفاق المال في سبيل من البخل والشح ، وإيتاء المرء المال الذي كسبه
واقتناه بالجهد والمشقة للآخرين لابتغاء وجه الله فقط ، مرتبة أرقى من
المرتبة السابقة ، أي الإعراض عن لغو الكلام ولغو الأعمال . وفي هذه
المرتبة تحصل التزكية والطهارة من رجس البخل بالبداهة والوضوح ، وتتقوى
العلاقة بالرب الرحيم ، لأن التخلي عن المال العزيز عليه ابتغاء وجه الله
وحده أعز وأشق على النفس من ترك لغو الكلام . وبسبب تحمل هذه المشقة
الشديدة تتقوى العلاقة بالله أيضا ، ونتيجة العمل الشاق يزداد الإيمان أيضا
شده وصلابة .
المرتبة الرابعة للوجود الروحاني.
يقول المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام :
ثم تأتي المرتبة الرابعة للوجود الروحاني التي ذكرها الله في الآية الكريمة : ( والذين هم لفروجهم حافظون )، أي المؤمنون فوق المرتبة الثالثة يعصمون أنفسهم من الأهواء النفسانية والشهوات الممنوعة . وهذه المرتبة تفوق المرتبة الثالثة لأن المؤمن الحائز على المرتبة الثالثة يؤتي ماله- الذي هو محبب وعزيز لديه - في سبيل الله فحسب ، أما المؤمن الذي يحتل المرتبة الرابعة فيضحي في سبیل الله بما هو أحب وأعز لديه من المال أيضا ، أي شهواته النفسانية ، لأن الإنسان يحب شهواته حبا جما حتى أنه ينفق ماله العزيز كالماء لإشباعها ، ويهدر آلافا مؤلفة من المال في هذا السبيل ولا يعبأ به مطلقا بغية إشباع شهواته . فيلاحظ أن الأناس ذوي الجبلة الخبيثة والأشحاء الذين لا يعطون فلسا واحدا لفقير ذي مسغبة عاري الجلدة بادي الجردة ، يدفعون ألوفا للمومسات لإخماد ثورة غلمتهم وقضاء شهواتهم ويخربون بيوتهم بأيديهم . فتبين من ذلك أن طوفان الشهوات طوفان جارف وسيل عرم يكتسح نجاسة البخل أيضا . فمن البديهي أن القوة الإيمانية التي يعصم بها الإنسان نفسه من طوفان الشهوات النفسانية أشد وأصلب وأكثر متانة لمواجهة الشيطان من القوة الإيمانية - التي تدفع البخل فينفق الإنسان ماله المحبب في سبيل الله ابتغاء مرضاته- لأنها تدوس ثعبان النفس الأمارة القديم . أما البخل فيمكن أن يتلاشى في مواضع الرياء وإبراز النفس واستيفاء الملذات النفسانية . أما الطوفان الذي يهیج نتيجة غلبة الشهوات النفسانية فهو خطير جدا ويدوم طويلا ولا يزول قط إلا ما رحم ربي . وكما أن العظم أصلب وأشد من جميع أعضاء الإنسان وعمره طويل ، كذلك القوة الإيمانية - التي تدفع هذا الطوفان - أشد وأقوى بكثير وتبقى طويلا لتتمكن من دوس هذا العدو تحت الأقدام بعد مقاومة طويلة ، وذلك بفضل الله وبرحمته فقط ، لأن طوفان الشهوات النفسانية طوفان خطير ومخيف جدا ولا يزول بدون رحمة الله الأحد ، لذلك اضطر يوسف عليه السلام إلى القول : ( وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي ) .. وكما وردت في هذه الآية عبارة : ( إلا ما رحم ربي ) كذلك وردت في ذكر الطوفان الذي حدث في زمن نوح عليه السلام كلمات مماثلة كما قال الله تعالى : ( لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم ) أي أن الخلاص منها مستحيل إلا أن يرحم الله . وهذه إشارة إلى أن طوفان الشهوات النفسانية يشبه من حيث عظمته وهيبته الطوفان الجارف في عصر نوح عليه السلام .
البراهين الاحمدية الجزء الخامس .
تعليق واحد
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeومقابل
هذه المرتبة الروحانية الرابعة للوجود الروحاني هناك مرتبة رابعة للوجود
المادي كما ذكرت في الآية القرآنية : ( فخلقنا المضعة عظاما ) . والمعلوم
أن العظام تصبح أكثر صلابة وقوة من المضغة ، وكذلك العظام أطول بقاء من
المضغة ، ويمكن أن تبقى آثارها إلى آلاف السنين . فالمماثلة بين المرتبة
الرابعة للوجود الروحاني والمرتبة الرابعة للوجود المادي واضحة تمام الوضوح
، لأن القوة الإيمانية والصلابة والعلاقة بالله الرحيم في المرتبة الرابعة
للوجود الروحاني هي أزيد وأكثر ، وذلك مقارنة مع المرتبة الثالثة للوجود
الروحاني . كذلك المرتبة الرابعة للوجود المادي ، وهي مرحلة تكوين العظام ،
أشد وأقوى من الدرجة الثالثة للوجود المادي- أي المضغة- وأقوى علاقة مع
الرحم أيضا .
المرتبة الخامسة للوجود الروحاني.
يقول المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام :
المرتبة الخامسة للوجود الروحاني هي تلك التي ذكرها الله تعالى في الآية الكريمة : « والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون » أي المؤمنون الحائزون على المرتبة الخامسة - الذين فاقوا المرتبة الرابعة - لا يملكون الكمال فقط من حيث إنهم قهروا شهوات النفس الأمارة ، ونالوا نصرا عظيما على أهوائها ، بل يراعون أيضا جهد المستطيع جميع أمانات الله وأمانات خلقه من كل جهة ، ويراعون جميع عهودهم من كل الجوانب ، ويسعون جاهدين للسير في سبل التقوى الدقيقة ، ويسلكون مسالكها بحسب قدرتهم وطاقتهم . والمراد من عهود الله هي العهود التي تؤخذ من المؤمن عند البيعة والإيمان ، کاجتناب الشرك وقتل النفس بغير حق وغيرهما . إن كلمة « راعون » التي وردت في هذه الآية تستعمل في اللغة العربية حين يحاول الإنسان السلوك بأدق السبل بقدر وسعه وطاقته ، ويجتهد للعمل بجميع دقائقه ، ولا يريد أن يترك جانبا من جوانبه . فمعنى هذه الآية أن المؤمنين الذين يحتلون المرتبة الخامسة للوجود الروحاني هم الذين يسلكون أدق سبل التقوى بحسب قدراتهم وطاقتهم الموهوبة ، ولا يريدون أن يتركوا جانبا من جوانب التقوى التي تتعلق بالأمانات أو العهود ، ويجعلون مراعاة جميع الأمانات والعهود نصب أعينهم . ولا يفرحون بأن يحسبوا أنفسهم أمناء وصادقين في عهودهم بصورة سطحية، بل يخشون في قرارة قلوبهم دائما أن تصدر منهم خيانة ولو في الخفاء . لذا يتنبهون جيدا بقدر استطاعتهم إلى جميع تعاملاتهم لئلا يكون فيها نقصان أو فساد باطني . وهذه المراعاة تُسمى بـ " التقوى " بتعبير آخر .
البراهين الاحمدية الجزء الخامس .
٦ تعليقات
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeفلباب
الكلام أن المؤمنين في المرتبة الخامسة من حيث الوجود الروحاني لا يكونون
متحررين ، خليعي الرسن في معاملاتهم ، سواء مع الخالق أو مع المخلوق ، بل
يراعون أماناتهم وعهودهم إلى أبعد الحدود مخافة أن يقعوا تحت طائلة
المسئولية أمام الله . ويتفقدون أماناتهم وعهودهم باستمرار ، ويفحصون
بمنظار التقوى کيفيتها الباطنية حتى لا يكون في أماناتهم وعهودهم أي خلل أو
فساد كامن . ويستخدمون أمانات الله الموكولة إليهم كالقوى والأعضاء كلها ،
والنفس والمال والشرف وغيرها في محلها المناسب بكل حذر ملتزمين بمقتضى
التقوى . ويسعون جهد استطاعتهم وبكمال صدقهم للإيفاء بالعهد الذي عاهدوا
الله عليه عند الإيمان . وكذلك يلتزمون بمقتضيات التقوى قدر استطاعتهم بصدد
أمانات الخلق عندهم ، وكذلك في بقية الأشياء التي في حكم الأمانات . وإن
حدث نزاع فيحكمون بالتقوى ولو تكبدوا الخسارة في هذا الحكم .
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeوهذه
المرتبة تفوق المرتبة الرابعة لأنها توجب على الإنسان السير في سبل التقوى
الدقيقة ومراعاة جميع دقائقها قدر الإمكان في جميع أعماله وأموره ، فيتحتم
على الإنسان أن يخطو كل خطوة مراعيا أدق مقتضيات التقوى . وأما المرتبة
الرابعة ، فإنها أمر سطحي فقط ، أي اجتناب الزنا والفواحش . يدرك أن الزنا
فاحشة شنيعة ، وأن مرتكبه يعمى بشهوات النفس ، فيرتكب هذا العمل الخبيث
الذي يخلط الحرام بالحلال في نسل الإنسان ويكون مدعاة لإضاعة النسل . لذا
عدته الشريعة كبيرة من الكبائر وفرضت على مرتكبه حدا في هذه الدنيا . فمن
الواضح أن اجتناب الزنا فقط لا يكفي لتكميل المؤمن ، لأن الزنا لا يرتكبه
إلا فاسد الطوية والوقح إلى أقصى الحدود ، وإنه ذنب كبير يستنكره أجهل
الجهلاء أيضا ، ولا يقدم عليه إلا الفاسق . فاجتنابه أمر بسيط وليس بأمر
عظيم الشأن . أما حسن الإنسان الروحاني كله فيكمن في سلوكه على أدق سبل
التقوى . وإن سبل التقوى الدقيقة هي نقوش لطيفة وملامح جميلة للحسن
الروحاني . والواضح أن مراعاة أمانات الله والعهود الإيمانية قدر الإمكان
واستعمال جميع القوى والأعضاء الظاهرية من قمة الرأس إلى القدم بما فيها
العيون والآذان ، والأيدي والأرجل وغيرها من الأعضاء الظاهرية وكذلك
استخدام الأعضاء الباطنية مثل القلب والقوى الأخرى والأخلاق في محلها عند
الضرورة الحقة ، ومنعها عن المواضع المحرمة ، والتيقظ تجاه صولاتها الخفية ،
الأفعال ومراعاة حقوق العباد بإزائها ، لأمر منوط به حسن الإنسان الروحاني
وجماله كله . وإن الله تعالى سمى التقوى " لباسا " في القرآن المجيد فقد
ورد فيه : « لباس التقوى » . وبذلك أشار إلى أن الزينة الروحانية والحسن
الروحاني يتولد من التقوى فقط .
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeإن
حالة الخشوع كالبذر للإيمان ، ثم يخرج الإيمان شطأه الغض الطري بترك
الأفعال اللاغية ، ثم تخرج أغصان شجرة الإيمان وتقويه قليلا بإيتاء المال
زكاة ، ثم تنشأ القوة والصلابة في تلك الأغصان نتيجة محاربة الشهوات
النفسانية . ثم بمراعاة العهود والأمانات بكل أنواعها تقوم شجرة الإيمان
على جذعها القوي ، ثم يغشاها فيضان قوة أخرى عند الإثمار ، إذ لا يمكن
للشجرة أن تزهر أو تثمر قبل نزول تلك القوة . والقوة نفسها تسمى خلقا آخر
في المرتبة السادسة للخلق الروحاني . ففي هذه المرتبة السادسة تبدأ أزهار
كمالات الإنسان وثمارها بالظهور ، ولا يقتصر الأمر فقط على اكتمال الأغصان
الروحانية لشجرة الإنسان ، بل تؤتي ألثمارها أيضا .
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeالمراد
من العهود الإيمانية هي العهود التي يقطعها الإنسان عند البيعة والإيمان ،
ومنها أنه لن يسفك الدماء ولن يسرق ولن يشهد شهادة الزور ، ولن يشرك بالله
أحدا ، وسيموت على الإسلام واتباع النبي ﷺ .
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeوالمراد
من التقوى أن يراعي الإنسان جميع أمانات الله والعهود الإيمانية ، ويراعي
أيضا جميع أمانات المخلوق والعهود بقدر استطاعته ، أي يلتزم بأدق جوانبها
بكل ما في وسعه . هذه هي المرتبة الخامسة للوجود الروحاني ، ومقابلها هناك
مرتبة خامسة للوجود المادي وقد ذكرت في الآية الكريمة : « فكسونا العظام
لحما » ، أي ثم ألبسنا العظام لحما وزينا الوجود المادي نوعا ما . وإن ذلك
لتطابق عجيب أنه كما سمى الله التقوى في إحدى الآيات لباسا من الناحية
الروحانية ، كذلك استخدم هنا كلمة وكسونا ، وهي مشتقة من الكسوة ، وتبين أن
اللحم الذي تكسى به العظام أيضا بمنـزلة لباس لها . فتدل الكلمتان على أنه
كما تكون التقوى خلعة ولباسا للحسن الروحاني ، كذلك الكسوة التي تُكسى بها
على العظام تهبها حسنا وجمالا . إلا أنه قد استخدمت هناك كلمة " اللباس " ،
أما هنا فقد استعملت " الكسوة " وكلتا الكلمتين تعطي معنى واحدا . ويعلن
نص القرآن بأعلى صوته أن غايتهما المتوخاة هي إضفاء الحسن والجمال . وكما
أنه لو نزع عن روح الإنسان لباس التقوى لظهرت للعيان بشاعته الروحانية ،
كذلك تماما تتراءى صورة الجسم الإنساني مكروهة جدا إذا نزع اللحم والجلد عن
عظامه التي كساها الحكيم القدير . ولكن لا يتولد الحسن الكامل في هذه
المرتبة الخامسة ، سواء كانت هذه المرتبة للوجود المادي أم للوجود الروحاني
، لأن فيضان الروح لم ينـزل عليه بعد .
كاتب المنشور Hazeem Ahmadeومن
المشهود والملاحظ ، أن الإنسان مهما كان وسيما وجميلا ، عندما يتوفى وتزهق
روحه ، يتطرق الخلل إلى الحسن الذي وهبته قدرة الله الأعضاء والملامح تكون
موجودة ، ولكن بمجرد خروج الروح يتراءى بیت قالب الإنسان خرابا يبابا دون
أن يرى فيه أي أثر للحسن والملاحة والرونق والبهاء . والحالة نفسها تلاحظ
في المرتبة الخامسة للوجود الروحاني إذ من الملاحظ والمشهود أنه ما لم
ينـزل على المؤمن من عند الله فيض تلك الروح التي تنفخ في المرتبة السادسة
للوجود الروحاني ، وتهب الحياة والقوة الخارقة للعادة ، فإنه لا ينشأ لأداء
أمانات الله واستعمالها في محلها المناسب تماما وإيفاء عهد الإيمان بصدق ،
ولأداء حقوق الخلق وإيفاء عهودهم ، رونق التقوى وبهاؤه الذي يمكن أن يجذب
حسنه وجماله قلوب الناس إلى نفسه ، أو أن يصبح كل أسلوب من أساليبه خارقا
للعادة ويتخذ صبغة الإعجاز ، بل تشوب التقوى شائبة التكلف والتصنع قبل دخول
تلك الروح فيه ، لأنه لا توجد فيه تلك الروح التي يمكن أن تُري تحلي الحسن
الروحاني وجماله ورونقه وبهائه . ولكن صحيح تماما أن قدم المؤمن الذي لم
يحظ بهذه الروح بعد لا تثبت على الحسنات كما يجب ، بل كما يمكن لعضو من
أعضاء الميت أن يتحرك هزة الريح ثم يعود إلى سابق عهده بعد انقطاع هبوبها ،
كذلك تماما تكون حالة المرتبة الخامسة من الوجود الروحاني ، لأن نسيم
الرحمة الإلهية تحركه مؤقتا فقط إلى الأعمال الصالحة ، فتصدر منه أعمال
التقوى ، ولكن لا تكون فيه روح الأعمال الصالحة مستقرة بعد ، فلا ينشأ فيه
حسن المعاملة التي تُري تجلياتها بعد دخول تلك الروح . فحاصل الكلام أن
المرتبة الخامسة للوجود الروحاني ، وإن كانت قد حازت على مرتبة ناقصة من
حسن التقوى ، إلا أن كمال ذلك الحسن لا يتجلى إلا في المرتبة السادسة
للوجود الروحاني ، عندما يصبح حب الله تعالى الذاتي كالروح للوجود الروحاني
، وينـزل على قلب الإنسان ويتدارك العيوب كلها . وما لم تنـزل على الإنسان
تلك الروح من عند الله لا يمكن له أن يكتمل بقواه الذاتية فقط كما قال
الحافظ الشيرازي في بيت شعر تعريبه : " لا نستطيع أن نصل تلك المنزلة
العالية إلا أن يقدمنا لطفك بضع خطوات . "
المرتبة السادسة للوجود الروحاني .
يقول المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام:
المرتبة السادسة للوجود الروحاني هي التي ذكرها الله تعالى في الآية : ( والذين هم على صلواتهم يحافظون ) أي المؤمنون الذين تجاوزوا الدرجة الخامسة ووصلوا إلى الدرجة السادسة هم الذين يراقبون ويحافظون على صلواتهم بأنفسهم ولا يحتاجون إلى أن يذكرهم أحد بذلك أو يعظهم ، بل قد نشأت بينهم وبين الله علاقة بصورة خاصة وأصبح ذكره رغبة عارمة في طبيعتهم ومدار راحتهم ومناط حياتهم لدرجة أنهم يحافظون عليه دائما وتمضي كل لحظة من لحظاتهم في ذكره ، ولا يريدون أن يعشوا عنه له طرفة عين . ومن الواضح الجلي أن الإنسان يبذل قصارى جهده ويعكف على المحافظة على الشيء الذي يرى في فقدانه ويله وثبوره ، كما ترون أن المسافر في قفر- لا قطرة ماء فيه ولا حبة طعام ولا أمل للعثور عليهما إلى مئات الأميال - يحافظ كثيرا على ما يملكه من الطعام والشراب ، ويعدهما عزيزين كنفسه ، لأنه يوقن بأن في ضياعهما هلاكه . فالذين يحافظون على صلواتهم مثل ذلك المسافر ، لا يتركونها أبدا ولو واجهوا خسارة مال أو شرف أو سخط أحد بسببها ، وبمجرد الخوف من فوات الصلاة يأخذهم القلق والاضطراب الشديد ، فيضطربون كأنهم يشرفون على الموت ، ولا يتحملون الانفصال عن ذكر الله ولا لحظة واحدة ؛ هم الذين يرون الصلاة وذكر الله غذاء أساسيا لهم عليه مدار حياتهم في الحقيقة . ولا تنشأ هذه الحالة إلا عندما يحبهم الله ، وتنـزل على قلوبهم شعلة مضطرمة لحبه الذاتي التي يجب أن تسمى بالروح للوجود الروحاني ، وتهبهم حياة جديدة وتهب تلك الروح نورا وحياة لوجودهم الروحاني . عندئذ لا يذكرون الله تصنعا وتكلفا بل الله الذي أناط حياة الإنسان المادية بالطعام والشراب ينيط حياتهم الروحانية - التي يحبونها بغذاء ذكره . فيحبون هذا الطعام والشراب الروحاني أكثر من الخبز المادي والماء المادي ، ويخافون ضياعه . ويحدث ذلك نتيجة تأثير تلك الروح التي تنفخ فيهم كالشعلة ، وبسببها تتولد فيهم نشوة عشق الله التامة . فلا يريدون الابتعاد عن ذكر الله طرفة عين . ويتحملون الشدائد من أجله ويواجهون المصائب ولا يريدون أن ينفصلوا عنه لحظة واحدة ، ويذكرونه سبحانه وتعالى، في كل حين شاكرين ويظلون مراقبين ومحافظين على صلواتهم . وهذا أمر طبيعي لهم ، لأن الله تعالى جعل ذكره المليء بالحب - الذي يسمى بتعبير آخر الصلاة - غذاء أساسيا لهم ، وتحلّى عليهم بحبه الذاتي ووهبهم لذة عجيبة وجذابة في ذكره . فأصبح ذكر الله عزيزا لديهم بل أعز منها . وإن محبة الله الذاتية هي الروح الجديدة التي تقع على قلوبهم كالشعلة وتجعل لهم ذكر الله والصلاة كالغذاء ، فيوقنون أن حياتهم لا تقوم على الخبز والماء ، بل على الصلاة وذكر الله يعيشون .
البراهين الاحمدية الجزء الخامس.
٦ تعليقات
Hazeem Ahmadeفزبدة
الكلام أن ذكر الله المليء بالحب الذي يسمى الصلاة يصبح لهم غذاء معه في
الحقيقة لا يستطيعون العيش بدونه ، فيحافظون ويداومون عليه كما يحافظ
المسافر في فلاة قفراء لا ماء فيها ولا حبة طعام على أرغفته القليلة التي
ويحافظ على القدر اليسير من الماء الذي في قربته . لقد جعل الوهاب القدير
مرتبة – هي المرتبة الأخيرة للحب الذاتي وغلبة العشق واستيلائه - لارتقاء
الإنسان الروحاني . والحق أن في هذه المرتبة يصبح ذكر الله تعالى المليء
بالحب والعشق الذي يسمى في المصطلح الشرعي " الصلاة " ، بمنزلة الغذاء
للإنسان ، بل يتمنى المرء أن يفدي ذلك الغذاء مرة بعد أخرى بالروح المادية
أيضا . فكما أن السمك لا يستطيع العيش بدون الماء ، كذلك تماما لا يستطيع
هذا الإنسان أن يعيش بدون هذا الغذاء ، ويعد العيش ، ولو لطرفة عين ، بدون
ذكر الله موتا . فتظل روحه ساجدة على عتبة الله کل حين وآن ، ويجد راحته
التامة في ذات اللہ سبحانه وتعالى وحده . ويعتقد اعتقادا جازما بأنه هالك
لا محالة إن عشا عن ذكر الله طرفة عين . وكما أن الطعام يضفي النضارة على
الجسم ، ويهب القوة للأعين والآذان وغيرها من الأعضاء ، كذلك تماما يقوي
ذكر الله - بدافع العشق والمحبة- قوى المؤمن الروحانية في هذه المرتبة ،
وتنشأ في الأعين قوة الكشف بصورة نقية ولطيفة جدا . وتسمع الآذان كلام الله
، ويجري ذلك الكلام الرباني على اللسان بصورة أحلى وأحلى وأصفى ، وتكثر
الرؤى الصادقة وتتحقق كفلق الصبح .
Hazeem Ahmadeتخالج
كثيرا من الجهلاء شبهة بأننا أيضا نرى في بعض الأحيان منامات صادقة أو
نتلقى إلهاما صادقا ، فما الفرق إذا بيننا وبين أصحاب هذه المرتبة العليا
هؤلاء ؟ وأي خصوصية بقيت لهؤلاء العلية ؟ فجوابه أن هذه القدرة البسيطة على
مشاهدة المنامات أو الإلهام قد أودعت في فطرة عامة الناس ليكون لديهم مثال
لهذه الأمور الدقيقة التي هي وراء الوراء من هذا العالم ، ولئلا يظلوا
محرومين من ثروة القبول بعد مشاهدة المثال ، ولتتم عليهم الحجة . وإلا فلو
ظل الناس يجهلون حقيقة الوحي والرؤيا الصادقة جهلا مطلقا ، فماذا يمكن أن
يفعلوه غير الإنكار ؟ وفي هذه الحالة كانوا معذورين إلى حد ما . وما دام
الفلاسفة المعاصرون لا يزالون ينكرون ظاهرة الوحي والرؤيا الصادقة- مع وجود
هذا المثال- فماذا عسى أن تكون حال العوام إن لم يكن لديهم أي نموذج منهما
؟ أما زعمهم أنهم أيضا يرون رؤى صادقة أو يتلقون إلهامات صادقة أحيانا فلا
ينقص من عظمة الرسل والأنبياء عليهم السلام شيئا ، لأن رؤى هؤلاء الناس
وإلهاماتهم لا تخلو من دخان الشكوك والشبهات ، ومع ذلك تكون بقدر أقل .
فكما أن الفقير الذي يملك فلسا واحدا لا يستطيع أن يعادل ملكا ولا يمكن له
القول بأنه أيضا يملك المال كما يملكه الملك ، كذلك هذه المقارنة أيضا
باطلة وحمق وسفاهة تماما .
Hazeem Ahmadeوبسبب
علاقة الحب المخلصة بينه وبين الله يعطى المؤمن حظا وافرا من الرؤى
المبشرة ، وفي هذه المرتبة يشعر المؤمن أن حب الله يفيده فائدة الطعام
والشراب . وإن هذا الخلق الجديد يحدث حين يكون الجسم الروحاني قد تكون
مسبقا ، ثم تنـزل تلك الروح - التي هي شعلة من حب الله الذاتي - على قلب
ذلك المؤمن ، وتأخذه قوة عليا فجأة من قفص البشرية إلى العلا . وهذه
المرتبة تُسمى خلقا آخر من حيث الروحانية . في هذه المرتبة ينـزل الله شعلة
ملتهبة من حبه الذاتي- التي تسمى بتعبير آخر " الروح " - على قلب المؤمن
ويزيل بها الظلمات والشوائب ونقاط الضعف كلها . والحسن الذي كان على مرتبة
أدنى من قبل يبلغ إلى الكمال فور نفخ هذه الروح ، وبذلك تنشأ نضارة روحانية
، وتزول كدورة الحياة القذرة كليا . ويدرك المؤمن أن روحا جديدة قد دخلته ،
ولم تكن فيه من قبل . وتحصل له سكينة عجيبة واطمئنان غريب بنـزول هذه
الروح ، ويتدفق الحب الذاتي لله تعالى تدفق النافورة ، ويسقي غرسة العبودية
، وتشتعل النار التي كانت من قبل ذات حرارة بسيطة اشتعالا تاما وكاملا في
هذه المرتبة ، وتحرق هشيم نجاسات الوجود الإنساني وتستولي عليه الألوهية
استيلاء كاملا ، وتحيط هذه النار بالأعضاء كلها . عندها تظهر من ذلك المؤمن
آثار الألوهية وأفعالها كما تظهر أمارات النار وأعمالها من الحديد الذي
يحمى في النار حتى يحمر وينصبغ بصبغة النار . ولكن هذا لا يعني أن المؤمن
يصبح إلـها بل من مزايا حب الله الذاتي أنه يصبغ الوجود الظاهري بصبغته ،
وتبقى العبودية وضعفها كامنة في الباطن . وفي هذه المرتبة يصبح الله غذاء
المؤمن الذي تتوقف حياته على تناوله ، ويكون سبحانه وتعالى للمؤمن كالماء
الذي بشربه ينجو من الموت . وتكون ذات الله نسيمه العليل الذي يبعث الراحة
في قلبه . وليس في غير محله القول على سبيل الاستعارة في هذا المقام بأن
الله يحل في المؤمن الحائز على هذه المرتبة ، ويجري في عروقه وفي كل ذرة من
كيانه ، ويتخذ قلبه عرشا له . فلا يبصر ذلك المؤمن عندئذ بروحه بل بروح
الله ويسمع بروح الله ، ويتكلم بروح الله ، ويصول على الأعداء ويمشي بروح
الله ، لأنه يكون في هذه المرتبة في مقام الفناء والمحوية ، فتتجلى على
قلبه روح الله بحبه الذاتي ، وتهبه حياة جديدة ، فتنطبق عليه عندئذ الآية
الكريمة : ( ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ) . روحانيا .
فهذه هي المرتبة السادسة للوجود الروحاني التي سبق ذكرها . وتقابلها
المرتبة السادسة للولادة المادية . وتشير إلى هذه المرتبة المادية أيضا
الآية الكريمة نفسها المذكورة آنفا عن المرتبة الروحانية أي : ( ثم أنشأناه
خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ). ومعناها : لـما أتممنا خلقا خلقنا
الإنسان خلقا آخر . وقد أريد التوضيح بلفظ آخر أنه خلق يفوق الفهم ولا يسع
عقل الإنسان إدراكه ، وهو بعيد جدا عن مداركه ؛ بمعنى أن الروح التي تنفخ
في الجسم بعد تكوين القالب قد نفخناها في الإنسان من حيث الروحانية
والمادية ، وهي مجهولة الكنه لدرجة حارت في ماهيتها عقول الفلاسفة
والمقلدين كلهم من هذا العالم المادي .
Hazeem Ahmadeولـما
لم يجدوا طريقا إلى حقيقتها لجأ كل واحد منهم إلى التخمين والتخريص .
فأنكر بعضهم وجود الروح أصلا ، وحسبها بعضهم الآخرون أزلية غير مخلوقة .
فيقول الله تعالى هنا بأن " الروح " أيضا من خلقه ولكنها تفوق فهم أهل
الدنيا . فكما جهل فلاسفة هذا العالم كنه الروح التي ينفخها الله في
الإنسان الحائز على المرتبة السادسة للوجود المادي ، كذلك ظلوا جاهلين
حقيقة تلك الروح أيضا التي يهبها الله مؤمنا صادقا في المرتبة السادسة
للوجود الروحاني ، فذهبت بهم أفكارهم مذاهب شتى . وكانت النتيجة أن كثيرا
أخذوا يعبدون أناسا أعطوا تلك الروح وحسبوهم أزليين وغير مخلوقين واتخذوهم
آلهة . وكثير منهم أنكروا إمكانية وجود أناس يحتلون هذه المرتبة ، وأن
الإنسان يعطى هذه الروح . ولكن يمكن للعاقل أن يدرك بسهولة أنه ما دام
الإنسان أشرف المخلوقات وقد فضله الله سبحانه وتعالى على طيور الأرض
ودوابها كلها ، وأكرمه بالحكم عليها ، وأعطاه العقل والفهم ، وأضرم فيه
عطشا لمعرفة ذاته ، ووضح سبحانه وتعالى من خلال كل هذه الأفعال أن الإنسان
قد خلق لمحبته وعشقه ، فلماذا ينكر إذا أن الإنسان يستطيع أن يبلغ بعد
بلوغه إلى درجة الحب الذاتي لله تعالى - مرتبة ينـزل فيها حب الله على قلبه
كالروح ، ويزيل كل ضعفه ونقائصه ؟
Hazeem Ahmadeوكما
قال الله تعالى عن المرتبة السادسة للوجود الروحاني : ( والذين هم على
صلواتهم يحافظون ) يجب على الإنسان أن يظهر منه الخشوع والخضوع والحرقة
والتضرع والعبودية دائما ، وبذلك يقضي الغاية المتوخاة من خلقه كما قال
تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون .. غير أن هذه العبادة والوقوف
أمام حضرة العزة بالخشوع والخضوع دائما لا يتأتى دون الحب الذاتي . وليس
المراد من الحب هو حب من جانب واحد ، بل المراد هو كلا الحبين ، أي حب
الخالق وحب المخلوق ، لكي يحرقا جميع أنواع الضعف البشري - كنار الصاعقة
التي تنـزل على الإنسان المصعوق وكتلك التي تخرج من داخله حينذاك - ويستولي
كلا الحبين معا على الوجود الروحاني كله .
Hazeem Ahmadeففي
هذه الحالة الكاملة يستطيع الإنسان أن يؤدي حق جميع الأمانات أمانات الله
والعهود- المذكورة في المرتبة الخامسة للوجود الروحاني- كاملة وفي محلها
المناسب . والفرق الوحيد هو أن الإنسان في المرتبة الخامسة : يراعي أمانات
الله وأمانات خلقه ويراعي العهود من منطلق التقوى وحده ، أما في هذه
المرتبة فبمقتضى حب الله الذاتي الذي نشأ في قلبه وبسببه تدفق فيه حب الخلق
أيضا ، و بمقتضى الروح التي تنـزل عليه من الله تعالى يؤدي المرء بطبيعته
جميع تلك الحقوق على أحسن وجه . وفي هذه الحالة يحظى ، على أحسن وجه ،
بالحسن الباطني الذي يقابل الحسن الظاهري ، لأن الروح التي تتولد بالحب
الذاتي لم تدخل الإنسان في المرتبة الخامسة للوجود الروحاني ، لذا فإن تحلي
الـحسن أيضا لم يبلغ كماله حينذاك ، ولكن بعد نزول الروح يبلغ ذلك الـحسن
كماله . والمعلوم أن الحسين الميت والحسين الحي لا يستويان جمالا ورونقا
وبهاء . كما قلت من قبل ، إن خلق الإنسان يضم في طياته نوعين من الحسن .
أحدهما حسن المعاملة ، أي أن يراعي الإنسان في أداء كافة أمانات الله تعالى
وعهوده بألا يفوته شيء منها قدر الإمكان ، كما يشير إلى ذلك لفظ « راعون »
في كلام الله عزوجل كذلك من واجبه أن يعير المرء أمانات الخلق وعهودهم
الاهتمام نفسه ، أي يتقي في حقوق الله وحقوق العباد حق التقاة . فهذا هو
حسن المعاملة ، أو قولوا إن شئتم إنه الجمال الروحاني الذي يبرز في الوجود
الروحاني في المرتبة الخامسة ولكنه لا يسطع إلى الآن بالكامل ، بل يري
لمعانه ورونقه وبهاءه بالتمام والكمال في مرتبة الوجود الروحاني السادسة
نتيجة كمال الخلق ونفخ الروح . وليكن معلوما أن المراد من الروح في الوجود
الروحاني في المرتبة السادسة هو حب الله الذاتي الذي ينـزل كالشعلة على
الحب الذاتي للإنسان ويزيل الظلام الداخلي كله ويهب الإنسان حياة روحانية .
ومن مستلزماته أيضا التأييد الكامل من روح القدس .
======================================================
=
جميلة محمد ربيع :
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته يا نبي الله..
ممكن تفسر لي هذا الحلم،
رأيت بأني اقوم بتزييت آلة كبيرة بزيت الزيتون كأنها ماكينة خياطة أو آلة نسيج .
اليوم، الساعة 11:11 م
11:11 م
لقد أرسلت
نعم , آلة نسيج كبيرة , نسيج الايمان الذي تنتجه الجماعة الاسلامية الاحمدية اليوسفية , انت ممن يصونوها و يتعاهدوها و يحافظون عليها , و هي ماكينة وصل الخيّاط فيها زيت الزيتون زيت النور الإلهي , عليك السلام و رحمة الله و بركاته يا زكية النفس .
و هي ماكينة وصل الخيّاط فيها زيت الزيتون زيت النور الإلهي
اليوم، الساعة 11:36 م
11:36 م
Jameela
الحمدلله رب العالمين ،دعائك لنا يا رسول الله
لقد أرسلت
اللهم اسعد قلبك كل زمان و في كل مكان
Jameela
آمين و اسعد قلبك كل زمان و في كل مكان
لقد أرسلت
آمين يا رب العالمين يا زكية النفس
=============================================
أمس، الساعة 7:28 ص
خميس 7:28 ص
أمس، الساعة 8:10 م
خميس 8:10 م
اليوم، الساعة 1:07 ص
1:07 ص
=========================================================
و لقد كنت حذرتكم .
:::::::::::::::::::::::::::::
لقد حذرت الاخ نشوان و غيره من الاحمديين منذ تاريخ قديم بخطورة جنوحهم المتطرف لتفسير الظواهر و الغيبيات بتفسيرات فيزيائية كمسئلة الجن و كذلك مسألة الحقل الكوني التي طرحها اخي نشوان في مقالتين , الاولى باسم المناظرة الكبرى و الثانية باسم في بحر وتر الكثرة و الملكوت , و اخبرت الجميع ان هذا التبني الطبعي المتطرف يؤدي حتما الى ضعف الروحانية و الجمود و اللادينية و في نهاية المطاف الى الالحاد , و يؤدي الى صد المسلمين عن الدخول في ظل جناح المسيح الموعود و يؤدي لردة الكثيرين عنه , من كانت له اذن فليسمع و من كانت له عين او نصف عين فليبصر و من كان له بعيض عقل فليفهم . د محمد ربيع , مصر
تعليقان
د.محمدربيع طنطاوي-جميلة محمد ربيع :
السلام
عليكم و رحمة الله و بركاته يا نبي الله .. ممكن تفسر لي هذين الحلمين ..
الليلة التي قبل الماضية رأيت بأننا و الطبيبة آمنة ننتقل لبيت جديد و كنا
ننقل أغراض البيت بخفة و سرعة و بينما أنا أرتب البيت الجديد سمعت الآية
"اليوم يئس الذين كفروا من دينكم" و الليلة الماضية رأيت بأن أخي محمد يشحن
هاتفه بشاحن هاتف هبة .
29 مارس الساعة 5:21 م
ثلاثاء 5:21 م
Jameela
السلام عليك و رحمة الله و بركاته يا نبي الله .. اليوم رأيت أنك أرسلت لي رسالة"تذكراتك الله يا جميلة"
30 مارس الساعة 3:40 م
أربعاء 3:40 م
Jameela
السلام
عليك و رحمة الله و بركاته يا نبي الله ... اليوم رايت بأنك ملئت لي خزان
مازوت "و هو وقود التدفئة"ثم أنا جلست بغرفة أبي التي كانت بحلب و كانت
دافئة جدا و أمام الغرفة يعني في الفسحة التي بين الغرف كان المطر يهطل
بغزارة جدا
Jameela
و أستيقظت و كنت أردد داخلي "أنه فيض و صال الله "
Jameela
مع العلم بيتنا هو ثلاث أدوار و غرفة أبي في الدور الثاني
Jameela
Jameela Mhammad
و في الحلم كنت كأني طفلة صغيرة جدا،و أنت ياسيدي كنت طيب و كريم جدا بالرؤيا .
أمس، الساعة 9:25 م
جمعة 9:25 م
Jameela
Jameela Mhammad
رمضان كريم عليك و على أهل بيتك الطيبين الطاهرين يا سيدنا يا نبي الله ...
اليوم، الساعة 6:38 ص
6:38 ص
لقد أرسلت
مبارك علينا شهرنا المحبوب المطهّر الحافظ بقوة الله تعالى شهر رمضان الكريم فهو هبة الله لنا
لقد أرسلت
عليك السلام يا زكية النفس و رحمة الله و بركاته
لقد أرسلت
و
قد يئس الكفار من ديننا , و قد اعطانا الله سر شفاء العالم لاننا الاطباء
من الله لهذا العالم , فإلهنا أعطانا المواهب الروحية لأننا مفتاح الجرأة و
مكمن السر , جرأة في الحق و مكان دفء الأسرار و موطن وقود الروح في أيام
شتاء اليئس و ذبول الإيمان , فنحن الدفء و نحن الإيمان . و ببركة ذلك يهطل
الغيث بكثرة و يحقق الله نبوئاتنا بتتالي . إنه فيض وصال الله .
د.محمدربيع طنطاوي-رأيت
كشفا في يوم الخميس 28=4=2022 الأخ نشوان يسير على ظاهر قدميه كأنّ به
إعاقة و عيب خلقي فقلت له آمرا امشي على باطن قدميك فامتثل لأمري فمشى على
باطن قدميه لكن لم تكن بشكل كامل و كنت اساعده ليكمل مشيته على باطن قدميه
بشكل صحيح , كنت قد زرته في الكشف و كان ينزل في نزل كأنه بيت للمسافرين
وقت الليل و قال انه يسكن الآن في مكان كل من فيه يصلون جبرا سواء اكانوا
مقتنعين او غير مقتنعين بالصلاة في ذلك المسجد , و ذهبت له و قابلته في ذلك
المسجد و سلمت عليه الا انه كان فيه بعض الاعراض عني او الخوف و الخجل من
مصاحبتي امام من هم حوله , ثم انبرى له رجل نصراني شرير فقام بايذائه بشدة
فقمت و انقذت نشوان منه . و كنت قبلها قد توضأت بشكل غير مباشر من خلال يد
رجل صالح ثم توضأت بشكل مباشر من مصدر الماء . يوسف بن المسيح , مصر . من
التأويل : نشوان كان يفسر و يسير بالظاهر من ظواهر الكون ثم استحثثته ليسير
بقدم الباطن لكنه لم يبلغ تمام تلك القدم الباطنية . اتباعه لي تمام
الاتباع سينجيه من أذى محتوم مقدور و الله على ما أقول شهيد و رقيب .
=========================================
حازم :
رأيت قبل ايام رؤيا رأيت ان نهر النيل في حالة جفاف ثم رأيت الماء يفيض عليه من فوق وتفجرت خواصر النهر بخطوط من الماء كأنه يمتلئ من جديد ، ورأيت يانبي الله اليوم ان بيتك واسع .
اليوم، الساعة 11:38 ص
11:38 ص
لقد أرسلت
الحمد لله رب العالمين بشرك الله بالخير
========================================
اليوم، الساعة 3:45 م
3:45 م
الرسالة الأصلية:
#تفسير_يوسف_بن_المسيح
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::...
سورة مريم 1
سورة الكهف 2
سورة الحجر 3
سورة ابراهيم 4
سورة يونس 5
سورة يوسف 6
سورة الرعد 7
سورة النحل 8
سورة طه 9
سورة الأنفال 10
سورة هود 11
سورة الاسراء 12
سورة التوبة 13
سورة الأعراف 14
سورة الأنعام 15
تفسير سورة الأنبياء 16
مجموعة تفسير يوسف بن المسيح وقد طبعتُها كلها بفضل الله في رمضان طبعتها في بيتي فتباركتُ وتبارك بيتي بها وهي محفوظة في بيتي بفضل الله وهي ماسعيت لأجله وقد سهل الله لي كل طريق وقد راجعت الكتب أيضا اكثر من مرتين بع مراجعة الصفحات والأرقام وهكذا حتى وفقتُ لإتمام هذا العمل المقدس الذي فيه الخير لي ولأهلي ولمن اتانا بحسن الظن .
خادم يوسف
كذلك وفقت لطباعة مجموعة كتب المسيح الموعود العربية كلها ايضا وهي الآن محفوظة عندي
كرامات الصادقين 1
اعجاز المسيح 2
لجة النور 3
نجم الهدى 4
سيرة الابدال 5
دافع الوساوس 6
الاستفتاء 7
نور الحق 8
سر الخلافة 9
مواهب الرحمن 10
منن الرحمن 11
حمامة البشرى 12
التبليغ 13
حجة الله 14
اتمام الحجة 15
حقيقة المهدي 16
تحفة بغداد 17
ترغيب المؤمنين 18
الخطبة الالهامية 19
الهدى والتبصرى لمن يرى 20
مكتوب أحمد 21
خادم يوسف
كذلك طبعت طبعت بعض كتب يوسف بن المسيح ماكو رابا 1
فوق الكعبة 2
الزمن في الرؤيا 3
الكتاب المفتوح على المكتب المتجوّل 4
من الهم الاله 5
جنود الرسول 6
الاكوان المتتالية والأكوان المتوازية 7
دوحة إسماعيل
طبعت بعض الكتب واضررت لاطبع الكتب ذات الخط العريض مثل دوحة اسماعيل لان صار عندي مشكلة في طباعة الكتب ذات الخط الصغير لانني اعمل كما قلي في ترتيب الكتب ...
خادم يوسف
كذلك طبعت بعض كتب المسيح الموعود الغير عربية
التجليات الالهية
الوصية
ازالة الخطأ
الحكومة الانجليزية والجهاد
رسالة الصلح
كشف الغطاء
ضرورة الامام
سفينة نوح
خادم يوسفوفقني الله لطباعة هذه الكتب في هذا الشهر رمضان المبارك وبذلك استشعر رؤيا قبل رمضان لما رايتكم تقول لي انه سيكون هناك شيء مميز في رمضان ....وقد تشرفنا بطيبة ايضا وهذه الكتب والميراث المقدس طيبة
خادم يوسف
في الحقيقة لم اكن اتخيل طباعة هذه الكتب في شهر واحد وخاصة على طابعة صغيرة بسيطة لا تطبع اكثر من عشرين ورقة في الدفعة الواحدة ..
خادم يوسف
ولكن الحق ان الله تعالى هو الموفق , ارجوا من الله ان يجعل البركة في كل من يقرء هذه الكتب وكل من يحترمها ويقف خاشعا عند كلمات الله . وارجوا من الله ان يجزي خيرا كل من ساعدني في انجاز هذه القدر من العمل وان يخلفه خيرا في اهله وماله وداره . والآن نودع رمضان بقلوب وجله ونستقبل العيد والنصر بحماس القلب . فالحمد لله رب العالمين .
وما توفيقي الا بالله , يوشع بن نون . عيد الفطر والنصر ٢٠٢٢.
اليوم، الساعة 7:12 ص
7:12 ص
لقد أرسلت
آمين لصالح دعائك يا حبيب اليوسفيين
لقد أرسلتو كل عام أنت بخير يا حبيبي يا حازم سلامي لاسرتك الحبيبة الكريمة
============================
آسيا :
أجمل التهاني القلبية لمقامك الكريم يا نبي الله بمناسبة عيد الفطر المبارك وكل عام وحضرتك تزداد عطاء ومحبة ورمز للنور في حياتنا ، وأتمنى لك و لأهل بيتك الطيبين المباركين صحة وسلامة وفرح لا تنقطع أبدًا , تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال و الدعوات والأمنيات .
اليوم، الساعة 7:19 ص
7:19 ص
لقد أرسلت
آمين يا آسيا كل عام أنت بخير جزاك الله عنا خيرا
==============================
حسام :
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
عبد الرزاقكل عام وانتم بخير
عيد فطر سعيد
أعاده الله عليكم بالصحة والعافيه
عبد الرزاقنشتاق لكم يا نبي الله الكريم
نرجو منكم الدعاء
اليوم، الساعة 7:20 ص
7:20 ص
لقد أرسلت
آمين حبيبي حسام كل عام انت بخير انت و اسرتك الحبيبة الكريمة سلامي لكم جميعا عليك السلام و رحمة الله و بركاته
د.محمدربيع طنطاوي-الله
أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله , الله أكبر الله أكبر و لله
الحمد . كل عام و أمتنا الإسلامية بخير تقبل الله منا و منكم صالح الأعمال
و تهنئة خاصة للمسلمين الأحمديين اليوسفيين
Jameela Mhammadكل
عام و أنت بخير يا سيدي يارسول ،يارب دوام هذه النعمة سماع صوت نبيك
الكريم كل كلمة ينطقها كأنها أنفجار ضوئي من قلبه الطاهر الشريف ،و من
أرادة قلبه الفولاذية التي وهبها لخدمة دينك و اعلاء كلمة التوحيد،اللهم
انصرنا و ثبتنا و ارضى عنا ياربنا يارب العالمين
Hazeem Ahmadeاليوم بعد مرور شهر صيامنا عيد لأقوام لنا عيدان.
امين وانتم في كل عام بخير ونصر يا نبي الله عيدكم مبارك ...
اليوم، الساعة 4:11 م
4:11 م