درس القرآن و تفسير الوجه الثالث من التوبة
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
أسماء إبراهيم :
شرح لنا سيدي و حبيبي يوسف بن المسيح ﷺ أثناء جلسة التلاوة المباركة من أحكام التلاوة ؛ أحكام النون الساكنة و التنوين , ثم قام بقراءة الوجه الثالثة من أوجه سورة التوبة و أجاب على أسئلتنا بهذا الوجه ثم صحح لنا تلاوتنا و ثم صحح لنا استخراج الأحكام من الوجه , و انهى الجلسة بروايات من صور حياة الصحابة و النبي ﷺ .
بدأ سيدنا يوسف بن المسيح ﷺ الجلسة بأحكام التلاوة ، إذ طلب من أحمد الصغير أن يقولها بدايةً ثم الأحباب الكبار :
الإدغام و حروفه مجموعة في كلمة (يرملون) أي أنه إذا أتى بعد النون الساكنة أو التنوين حرف من حروفها , و هو نوعان : إدغام بغنة و حروفه مجموعة في كلمة (ينمو) . و إدغام بغيير غنة و حروفه (ل ، ر) .
و الإخفاء الحقيقي حروفه في أوائل الكلمات من الجملة الآتية (صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما دُمْ طيباً زد في تقى ضع ظالماً) .
__
○ و ثم طلب سيدي يوسف بن المسيحﷺ من أحمد قراءة سورة المسد ، و صحح له قراءته .
__
و ثم تابع نبي الله يوسف الثاني ﷺ الجلسة بشرح الوجه لنا فقال :
هنا ربنا سبحانه و تعالى يستمر بتحريض و تنشيط للمؤمنين بأن يؤسسوا عقيدة الولاء و البراء و أن يكون عندهم قوة نفسية لمجابهة الكافرين و المنافقين في المعارك المادية و المعنوية .
{قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ}
{وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} :
و القتال هنا هو قتال سيف في مناطه إذا تحقق شروطه و مناطه ، و كذلك قتال كلمة ، قتال السيف و الكلمة كلٌ في مناطه و هو قائم إلى قيام الساعة ، فهذا القتال بالسيف أو بالكلمة : فسيكون أولاً عذاب للكافرين و للمنافقين و سيكون خزي و إذلال و إهانة لهم ، و سيكون ثانياً نصر للمؤمنين و شفاء للمؤمنين مما أصابهم من ألم و حزن جراء استماعهم لكلمات الكافرين و لهمز المنافقين ، و كذلك (و يُذهب غيظ قلوبهم) لأن الشفاء سيُذهب الغيظ ، الغيظ هو العذاب النفسي و الغضب الداخلي الناتج عن محاربة الكافرين للمؤمنين و عن همز المنافقين للمؤمنين و كيدهم لهم فينتج غيظ ، و الغيظ هو الغضب الشديد ، و لو لاحظنا هنا أصوات الكلمات لكلمة غيظ : غين غبش ، ياء تموج أي تموج الغبش و الضباب حول النعمة ، و حرف الظاء غالباً يكون معبرا عن النعمة و هو عكس حرف الضاد أي تشتت فظ أليم ، لكن الظاء ظل يعني يأتي صوته في مناط النعمة عكس حرف الضاد ، فهنا غبش متموج و ضباب حول نعمة السلام النفسي و نعمة السكون و الهدوء و الإطمئنان ، و هذا هو الغيظ أي الغضب الشديد المكتوم ، و الشفاء يكون بالقتال سواء بالسيف في مناطه أو بالكلمة فلازم تقاتل ، و من فوائد القتال (و يتوب الله على من يشاء) لو منافق و ثم رجع و آمن و قاتل في سبيل الله فربنا يتوب عليه ، (و الله عليم حكيم) ربنا أعلم ما في الصدور و أعلم بالنفسيات و أعلم بمناطات الحروب السيفية و الكلامية لأنه حكيم .
___
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} :
دائماً ربنا سيُعطي كل واحد في الدنيا نصيبه من الجهاد سواء أكان بالسيف أو بالكلمة فلازم تجاهد في سبيل الله ، المؤمن عايش في الدنيا في أمة الإسلام و ينتمي إليها التي هي أمة الجهاد : الجهاد بالسيف أو الجهاد بالكلمة كلٌ في مناطه ، فربنا يقول هو انتم فاكرين هسيبكم كده من غير ما ابتليكم بالجهاد و أشوف مين اللي هيحققه و مين اللي مش هيحققه؟؟؟ (أم حسبتم أن تتركوا و لما يعلم الله الذين جاهدوا منكم) ليه؟؟ أروا الله من أنفسكم خيراً لأن الله يرى أعمالكم و يرى اختياراتكم التي ينبني عليها تسييراتكم و يعلم الصالح من الطالح لأن الإنسان مخير .
(و لم يتخذوا من دون الله و لا رسوله و لا المؤمنين وليجة) يعني لا يهربوا من أي خُرم إبرة بعيد عن الله و الرسول و المؤمنين ، فهذه هي الوليجة أي المبررات ، مبررات الكفر و النفاق ، هذه هي الوليجة من الولائج الشيطانية ، إذاً الذي لن يتخذ مبررات الكفر أي لم يبرر كفره ، و لن يتخذ مبررات النفاق بل يكون مجاهد صامد صابر فهذا ما يُريده الله من المؤمنين ، (و الله خبير بما تعملون) فأي شيء تفعلونه سواء كان في سر أو في العلن فربنا خبير به و يعلم منطلقاته و منتهياته .
____
{مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ اللَّه شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ} :
(ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله) هنا علة الأربعة أشهر الحُرم التي تبدأ من يوم العاشر من ذي الحجة من يوم الحج الأكبر الذي عمل فيه أبو بكر هذا الأذان أي الإعلان و اعطاء المهلة لهم قبل حجة الوداع بأمر النبي ﷺ و قال لهم أمامكم مهلة أربعة شهور و بعد ذلك لا نرى أي وثني منكم مرة أخرى حول الكعبة ، (شاهدين على أنفسهم بالكفر) يعني يظهروا الطقوس الوثنية ، و نحن قلنا من ضمن هذه الطقوس : التصفيق و الصفير و الطواف حول الكعبة عراة أو شبه عراة و العياذ بالله ، (أؤلئك حبطت أعمالهم و في النار هم خالدون) المشرك حبطت كل أعماله و حتى لو عمل أعمال خير مثل ما في الآية قبل الأخيرة في هذا الوجه (أجعلتم سقاية الحاج و عمارة المسجد الحرام) بأنهم يقدمومن الطعام و الساقية للحجاج الذين يأتون للكعبة سواء كانوا موحدين أو وثنيين ، فلن تنفعهم هذه الأعمال ، فكل الأعمال الخير لن تنفعهم و ستحبط لأنهم مشركين و لأن الله لا يقبل من المشركين .
○ أصوات كلمة حبطت :
حبطت يعني كل الذي أحببته و تُحبه سينقطع كل القطع سواء كان قطعاً غليظاً أو قطعاً رقيقاً خفياً ، الطاء قطع غليظ ، و التاء قطع خفيف ، حبطت هي عائدة على أعمالهم و هي أُنِثَت يعني .
حبط أي شيء محبب لك سينقطع قطع غليظ و هذا هو حبط الأعمال أو إنتهاء الأعمال إلى لا شيء و أيضاً من الإحباط أي الإكتئاب .
____
{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ} :
فهؤلاء فقط من سيكونوا عند الكعبة ، يعني المسلمين فقط ، (فعسى أؤلئك أن يكونوا من المهتدين) فيلزم لهم تزكية بإستمرار و ليس فقط بالكلام ا الإسلام ليس فقط بالكلام و الشعائر ، لا فيلزم التزكية المستمرة ، فربنا يقول (فعسى أؤلئك أن يكونوا من المهتدين) (عسى) يعني لما نشوفكم في طريقكم بالدنيا هتصمدوا و تصبروا و لا تتراخوا او تنافقوا و تكفروا و العياذ بالله ، فهذا دليل من ربنا يقول بأن الموضوع و الطريق يحتاج مجاهدة و تزكية ، (فعسى أؤلئك أن يكونوا من المهتدين) من؟؟ الذين يعمرون مساجد الله و يؤمنوا بالله و اليوم الآخر و يقيموا الصلاة و يؤتوا الزكاة و لا يخشون في الله لومة لائم ، و بعد هذا كله (فعسى أن يكون أؤلئك من المهتدين) يعني لازمهم الإستقامة و الثبات على الطريق المستقيم .
____
{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} :
يعني أنتم جايين ليه تمنعونا يا مسلمين فإحنا نسقي الحجاج و نطعمهم و نعمر المسجد و ننظفه؟ ، فربنا هنا يرد على هذا المبرر و يرد على هذه الوليجة التي هي من ضمن ولائج المنافقين و الكفار ، فالمؤمنون و المجاهدون و الذين ناصروا الرسول ﷺ هم فقط الذين سيكونون عند الكعبة ، (و الله لا يهدي القوم الظالمين) و الظلم هو الشرك : و الله لا يهدي القوم المشركين .
___
{الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} :
إذاً هنا المهاجرين أعلى درجة من الأنصار أيضاً ، لأنهم حققوا الهجرة و الجهاد بالأموال و الأنفس ، (أعظم درجة عند الله و أؤلئك هم الفائزون) و سنعرف ماذا سيحصل لهم في بداية الوجه التالي بأمر الله تعالى في الجلسة القادمة .
__
و تابع قمر الأنبياء يوسف الثاني ﷺ الجلسة إذ طلب من مروان و رفيدة و أرسلان بإستخراج أمثلة على أحكام طلبها منهم من هذا الوجه :
طلب من مروان مثال على إظهار حقيقي ، فقال :
{عَلِيمٌ حَكِيمٌ} .
و طلب من أرسلان مثال على إخفاء حقيقي ، فقال :
{وَيَنصُرْكُمْ} .
و طلب من رفيدة مثال على إدغام بغنة ، فقالت :
{قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ} .
__
و ثم أنهى سيدنا و مزكينا يوسف بن المسيح ﷺ الجلسة ببعض الروايات من صور حياة الصحابة و النبي ﷺ ، فقال ﷺ :
و الآن مع رواية عظيمة من روايات صور حياة الصحابة تدلل على كرامة من الكرامات التي تتكرر في كل عصر و في كل حين و قد حدثت معنا و هي كرامة بأنك تأكل و تشرب في الرؤيا و تستيقظ ريان أو شبعان و في لسانك مذاق الطعام ، هذه من الكرامات :
أخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- قال : "أتيتُ عثمان -رضي الله عنه- لأسلم عليه و هو محصور((يعني محاصر من المجرمين الذين اتبعوا عبد الله بن سبأ و سمعوا الإشاعات عن عثمان و خرجوا على عثمان -رضي الله عنه- ، فهؤلاء مجرمين خرجوا على الخليفة الثالث -رضي الله عنه و أرضاه-)) فدخلتُ عليه فقال : مرحباً بأخي ، رأيتُ رسول الله ﷺ الليلة في هذه الخوخة((أي نافذة في الجدار)) و قال((أي عثمان)) : و خوخة في البيت ، فقال : يا عثمان حصروك؟ ، قلتُ : نعم ، قال : عطشوك؟ ، قلتُ : نعم . فأدلى دلواً فيه ماء فشربته حتى رويت ، حتى إنني لأجد برده بين ثديي و بين كتفيَّ((أي من برودة الماء)) و قال لي : إن شئت نُصرتَ عليهم و إن شئت أفطرت عندنا((لأنه كان صائماً -رضي الله عنه-)) ، فاخترتُ أن أُفطر عنده ، فقُتِل ذلك اليوم" .
"و قد تقدمت قصة أم شُرَيك((صحابية)) أنها نامت و رأت في النوم من يسقيها فاستيقظت و هي ريانة" .
___
هذا و صلِّ اللَّهم و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم تسلمياً كثيراً .
___
و الحمد لله رب العالمين . و صلِّ يا ربي و سلم على أنبياءك الكرام محمد و أحمد و يوسف بن المسيح صلوات تلو صلوات طيبات مباركات ، و على أنبياء عهد محمد الآتين في مستقبل قرون السنين أجمعين . آمين .🌿💙
===========================
آسيا :