الخميس، 28 مايو 2020

درسُ القرآنِ و تفسيرُ الوجه الرابع من سورة الأنعام .



درسُ القرآنِ و تفسيرُ الوجه الرابع من سورة الأنعام .

::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

أسماء إبراهيم :

شرح لنا سيدي و حبيبي يوسف بن المسيح ﷺ أثناء جلسة التلاوة المباركة من أحكام التلاوة : المدود الخاصة ، ثم قام بقراءة الوجه الرابع من أوجه سورة الأنعام و أجاب عن أسئلتنا بهذا الوجه ثم صحح لنا تلاوتنا ، و كانت إجابات مجمل الأسئلة كالآتي :

بدأ سيدنا يوسف بن المسيح ﷺ الجلسة بأحكام التلاوة , فقال : المدود الخاصة و هي تُمد بمقدار حركتين : مد البدل مثل : آزر ، آدم , و مد الفرق مثل آلله ، آلذكرين , مد عوض عن التنوين مثل آبدا ،أحدا ، لبدا , مد لين مثل بيت ، خوف . __

و ثم تابع سيدنا يوسف ﷺ الجلسة بشرح الوجه لنا فقال :
{وَقَالُوۤا۟ إِنۡ هِیَ إِلَّا حَیَاتُنَا ٱلدُّنۡیَا وَمَا نَحۡنُ بِمَبۡعُوثِینَ} :

هذه الآية بداية مشهد تصويري ليوم القيامة , فقلنا سابقاً بأن أعمال الكفار تتمثل يوم القيامة و تشهد عليهم , و ثم يبدأ الله يعطينا و يعرض علينا مشاهد تصويرية لأحداث المالكية في يوم الدينونة حتى نشاهدها عبر العصور و سنظل نشاهدها حتى في الجنة لأن المؤمنين سيظلون يتمتعون بذكر الله و بالقرآن و يترقوا في عِليين إلى ما لا نهاية . هنا لازَّمَ فعلهم في الدنيا عندما كانوا يلعبوا و يلهوا و يكذبوا الأنبياء و يدسوا على أنفسهم و يضحكوا على أنفسهم بإعتقادهم أنهم على حق لكنهم لو وقفوا وقفة حساب مع أنفسهم سيعرفون بأنهم على خطأ , فلازَّمَ فعلهم هذا كله من لهو و لعب و تفريط (و قالوا أن هي إلا حياتنا الدنيا و ما نحن بمبعوثين) أي يقولون بأنهم في الدنيا فقط , ملوك في الدنيا و لا يوجد ما يُسمى بعث و لا حساب , و صفة مالك يوم الدين ستفيض من الله عز و جل يوم الدينونة بقوة و عظمة فيفصل بين عباده و يحكم , فكان لازم فعلهم بأن (و قالوا إن هي ...) يعني بأنهم بعملهم هذا كأنهم قالوا و هذا المعنى الأعم و الأشمل و منهم من يقول أيضاً .

{وَلَوۡ تَرَىٰۤ إِذۡ وُقِفُوا۟ عَلَىٰ رَبِّهِمۡۚ قَالَ أَلَیۡسَ هَـٰذَا بِٱلۡحَقِّۚ قَالُوا۟ بَلَىٰ وَرَبِّنَاۚ قَالَ فَذُوقُوا۟ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} :

و هنا يحول الله عز و جل المشهد يوم القيامة , (وُقِفُوا) فعل مبني على المجهول و الملائكة هي التي أوقَفَتهم بإمساكهم بالسلاسل و الأغلال و يعرضونهم على الله عز و جل في ذلة , (و لو ترى) هنا يكلم الله النبي محمد ﷺ و كل نبي و يقول : يا ليتك ترى هذا المشهد و أنا سأُريك إياها , و هو كلام تسلية و تعزية للأنبياء من الله عز و جل , (قال أليس هذا بالحق) فيقول الله (مالك يوم الدين) أليس هذا بالحق ؟! , (قالوا بلى و ربنا) قالوا أي الكفار الذين تمسكهم الملائكة و الموقُوفين أمام الله فقالوا بلى [أي الحق] و ربنا [الآن عرفتم ربكم ؟!!] فقال الله عز و جل (فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون) يذوقون العذاب نتيجة أعمالهم التي شبهها الله عز و جل فيما بعد بشيء من عالم الغيب سنفهمه الآن كما شبه سابقاً الأعمال بأشكال مختلفة . قلنا سابقاً أن معاني القرآن هي تمثلات و كائنات حية , أصوات الحروف و معاني القرآن و المجازات هي عبارة عن كائنات حية متمثلة نشاهدها في مشهد روحي عبر العصور من خلال تأملك في القرآن الكريم و تدبرك .

{قَدۡ خَسِرَ ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِلِقَاۤءِ ٱللَّهِۖ حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءَتۡهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةࣰ قَالُوا۟ یَـٰحَسۡرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطۡنَا فِیهَا وَهُمۡ یَحۡمِلُونَ أَوۡزَارَهُمۡ عَلَىٰ ظُهُورِهِمۡۚ أَلَا سَاۤءَ مَا یَزِرُونَ} :

و بعد ذلك قال لهم الله ذوقوا العذاب فيقول : (قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله) أي الذي يُكذب النبي و الذي يُكذب البعث و الذي يُكذب عالم الغيب في الدنيا فقد خسر , في الوجه السابق قد خسروا أنفسهم و بالتالي كان من ضمن أسباب انهيارهم و العذاب و الخُسران بأنهم خسروا أنفسهم بالشبهات و الشرك الخفي و الكبر و الرياء و الذنوب و المعاصي و ما إلى ذلك , (الذين كذبوا بلقاء الله) و لقاء الله هو البعث و كذلك لقاء الله هو بعث النبي في الدنيا و ذلك بأنك تلتقي بصفات الله عز و جل و اليقين بالله من خلال هذا النبي , إذاً لقاء الله هو يوم الدينونة و هو البعث في الدنيا أيضاً من خلال بعث المرسلين و هذا نوع من أنواع اللقاء بالله عز و جل , (حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة) يعني جاءهم يوم الدينونة بشكل مفاجئ كما الموت يأتي بغتة , (قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها) قالوا بلسانهم و ممكن قالوا باحساسهم بفعلهم , يشعرون و يحسون بالحسرة , فالله عز و جل ينطق على لسانهم و يُمثل لنا المشهد حتى نفهم , و عندما تفاجئهم بفيض المالكية و بقيام الساعة الصغرى أي الموت و دخولهم البرزخ أو الكبرى أي يوم الدينونة الكبرى و هو يوم العرض , فيقول الكفار نحن فرطنا في العمل لهذا اليوم أي يوم العرض و هو يوم الإمتحان الذي فيه يُكرم المرء أو يُهان و الكفار أُهينوا يوم الدينونة و يوم القيامة الصغرى و الكبرى لأنهم فرطوا في النبي الذي بعثه الله و فرطوا بتعليماته و لم يقبلوا بأن يسألوا الشاهد و لم يرضوا بأن يكسروا أنفسهم و أن يتواضعوا و يتذللوا لله عز و جل فهكذا هم فرطوا , و ممكن أن يكونوا معاشرين لهذا النبي أو ممكن أن يكونوا أتوا بعده في زمنه , و معنى كلمة فرط في أصوات الكلمات : ف تأفف , ر رؤية مضاعفة , ط قطع غليظ أي الرؤية التي أعطها الله عز و جل لهم حتى يروا فيها قاموا بقطعها قطعاً غليظاً و تأففوا منها , (و هم يحملون أوزارهم على ظهورهم ) هنا مَثَّل الله عز و جل ذنوبهم بكلمة و هي (وزر) و جمعها أوزار , و ثم يقول الله لهم (ألا ساء ما يزرون) أي ساء ما أنتم مؤتزرين به الذي يمسك منطقة الخاصرة لديكم و هو شيء من عالم الغيب يُمثل العمل الدنيء و الخُسران الذي عملوه في الدنيا و لَحِقَ بهم في الآخرة فأسماه الله (وزر) و سبب التسمية : وزر لأنه يمسك بخاصرتهم كأنهم مؤتزرين به و نحن نعلم بأن الإزار يُغطي العورة أي الجزء السفلي من الإنسان فالله عز و جل مَثَّل الذنب بالوزر و أحيانا في اللهجة المصرية العامية نقول عن القماشة التي ننظف بها نسميها (وزرة) لأنها تحمل الأثام يعني تحمل و تنظف الأوساخ يعني قطعة متسخة فمَثَّل الله عمل هؤلاء الكافرين المفرطين المكذبين للأنبياء بالوزرة , و كذلك لأن هذا العمل (و هو الذنب العظيم الذي اقترفوه في الدنيا) مثمثل على أنه كائن مؤتزر بهم كأنه هو بنطالهم و يعني هذا بأن عورتهم عليها نجاسة و أنهم يغطون عورتهم بنجاسة و الذنوب , و معنى وزر من أصوات الكلمات : و دوي دائري منتظم , ز صوت الذنب في الرؤيا , ر رؤية أي ترى دوي ذنوبهم و هذا هو الكائن الذي يأتزروا به يوم القيامة يعني حِمل و ثقل يُثقِل عليهم أو يُثقلهم , فهنا قال الله عز و جل (و هم يحملون أوزارهم على ظهورهم) يعني هذا تمثيل و تشبيه مجاز أن هذا الذنب يُثقل ظهرهم و في نفس الوقت هو إزار أي شيء نجس يغطون به عورتهم و هذا هو حالهم يوم القيامة .

{وَمَا ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَاۤ إِلَّا لَعِبࣱ وَلَهۡوࣱۖ وَلَلدَّارُ ٱلۡـَٔاخِرَةُ خَیۡرࣱ لِّلَّذِینَ یَتَّقُونَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} :

(لعب و لهو) أي عند الكفار , و ثم يفصل الله و يقول (و للدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون) و هنا أيضاً تهديد مبطن للكفار , (أفلا تعقلون) أأنتم مجانين !! ألا تفهمون !! هلا تدبرتم و عقلتم ؟؟! .

{قَدۡ نَعۡلَمُ إِنَّهُۥ لَیَحۡزُنُكَ ٱلَّذِی یَقُولُونَۖ فَإِنَّهُمۡ لَا یُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّـٰلِمِینَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ یَجۡحَدُونَ} :

و هنا يُسلي الله عز و جل النبي و يشرح له بعض خصائص نفسية النبي حتى يُعالجه و يُريحه من الأزمات النفسية التي يمر بها نتيجة تكذيب قومه له فيقول الله عز و جل (قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون) نحن نعلم أن قولهم لك و تكذيبهم لك يؤثر فيك و يُضايقك و يُحزنك , (فإنهم لا يكذبونك و لكن الظالمين بآيات الله يجحدون) الله عز و جل يقول للنبي : بأنهم لا يُكذبونك أنت بل يُكذبونني أنا فلا تحزن , و يقول الله للنبي : يعني أنت زعلان فهم لا يكذبونك أنت بل يكذبونني أنا فحقك عليَّ فلا تأخذ على خاطرك , أرأيتم الله عز و جل كيف هو حلو و طيب و رقيق و حكيم و كيف يطبطب على المؤمنين و على عباده و على النبيين و يحن عليهم , و هنا قال الله عز و جل (قد نعلم) أيعني هذا بأن الله عز و جل لم يعلم ؟! لا فليس بأن الله يمكن يعلم أو لا يعلم , فهنا اختار الله هذه اللهجة مع النبي و تكلم بصيغة الحنان معه كأنه يتكلم مع صاحبه , كأن النبي صاحب الله و صديقه فيُسري عنه و يُخفف عنه همه .

{وَلَقَدۡ كُذِّبَتۡ رُسُلࣱ مِّن قَبۡلِكَ فَصَبَرُوا۟ عَلَىٰ مَا كُذِّبُوا۟ وَأُوذُوا۟ حَتَّىٰۤ أَتَىٰهُمۡ نَصۡرُنَاۚ وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَـٰتِ ٱللَّهِۚ وَلَقَدۡ جَاۤءَكَ مِن نَّبَإِی۟ ٱلۡمُرۡسَلِینَ} :

و ثم يقول الله عز و جل و يزيد في التسرية عن النبي و تسلية له (و لقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا و أوذوا حتى أتاهم نصرنا) يعني لست أنت (أي يا أيها النبي) فقط الذي كَذبه قومه , فالأنبياء من قبلك أقوامهم كذبوهم فماذا حصل ؟؟ فصبروا أي الأنبياء و أتباعهم صبروا على حالة التكذيب التي حصلت و على الإيذاء و الشتيمة و السخرية حتى نصرهم الله فالنبي من المؤكد و يجب أن يرى نصر في حياته و كذلك من بعد مماته فإنه يرى النصر في أتباعه أياً كان و ليس بنصر واحد بل انتصارات يجب أن يراها , وثم يؤكد الله مرة أخرى بكل يقين حتى يبث اليقين في النبي فيقول (و لا مبدل لكلمات الله) فهذه سُنة الله بأنه ناصر ناصر الأنبياء و هازم هازم الكاذبين و المكذبين و الكافرين و المكفرين للنبيين , (و لقد جاءك من نبإي المرسلين) فقد قلنا لك قصص كثيرة فذكرنا عليك قصة موسى و سورة القصص و قصة يوسف و إبراهيم و نوح , قصص كثيرة في القرآن مبثوثة في غير موضع و كلها من أجل التعزية و التسلية و التسرية و أخذ العبرة .

{وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَیۡكَ إِعۡرَاضُهُمۡ فَإِنِ ٱسۡتَطَعۡتَ أَن تَبۡتَغِیَ نَفَقࣰا فِی ٱلۡأَرۡضِ أَوۡ سُلَّمࣰا فِی ٱلسَّمَاۤءِ فَتَأۡتِیَهُم بِـَٔایَةࣲۚ وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمۡ عَلَى ٱلۡهُدَىٰۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡجَـٰهِلِینَ} :

قام الله عز و جل بتسلية و تعزية النبي ثم يتكلم الله عز و جل مع النبي بلهجة أخرى فيقول (و إن كَبَر عليك إعراضهم) يعني لو كنت متضايق وكبران عليك إعراضهم و تكذيبهم , (فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء فتأتيهم بآية) يعني أنت(النبي) طالما هم يكذبونك و كبيرة عليك فلتأتي أنت لهم بآية من تحت الأرض أو من السماء و كل هذه تعبيرات مجازية , فيقول الله للنبي : و لو أنت حزين من إعراضهم فهل ستكون إله ؟! و تأتي بآية من عندك ؟!! لا تستطيع و لا تقدر لأنني أنا الإله و أنا من جعلتهم هكذا لأنني أعطيتهم التخيير التام , فكثير منهم جذبتهم الجذبات الأرضية و الأهواء النفسانية , (و لو شاء الله لجمعهم على الهدى) يعني لو شاء الله لجعلهم جميعهم على الهدى بأن يجعلهم مسيَّرين لكن الله لم يجعلهم مسيَّرين بل جعلهم مخيَّرين و باختيارهم يكونون فيما يليه مسيَّرين , (و لو شاء الله) يعني إذا اراد الله كان جعلهم من البداية مسيَّرين نحو الهداية لكن الجذبات الأرضية و الأهواء النفسانية تقوم بتحريف الفطرة السليمة عن الطريق المستقيم لأن هذه إرادة ربنا بأن يجعل هذا الإبتلاء حتى يحصل إختبار ثاني للإنسان في الدنيا فينجو من تزكى و يهلك من تدسى , و ثم ختم الله عز و جل و قال للنبي (فلا تكونن من الجاهلين) و هنا عتاب للنبي و لكل نبي يُبالغ في الإفراط بالحزن أو في اعتراضه على كفر الكافرين و يحذره بأن لا يزيد في حزنه و يكون بهذا جاهل و يقول الله له بأنه (أي النبي) أكبر من هذا و أعظم لأنه مرسل و بالعامية : خليك فريش , و انبسط بالله و بوحيه و بالعبرة التي ستراها في هؤلاء المكذبين و انتصارات ربنا عليهم في حياتك و من بعد مماتك . فانتبه و انظر كيف يُكلم الله الأنبياء و نفسياتهم و كيف يتعامل معهم , فقد شرحنا في الوجه السابق كيف يتعامل الله مع نفسيات الكفار و يشرح لنا خطة الهجوم عليهم أي هجوم روحي , و في آخر هذا الوجه يشرح نفسية النبي الحزين من تكذيب الكافرين و يوضح لنا كيف يتعامل مع النبي إذ يُكلمه في البداية بصيغة الطبطبة و الحنان و في آخر الآية يُكلمه بصيغة العقل و الناصح الآمين و الأب الحنون لكن في الآيتين قبل الآخيرة يُكلمه بصيغة الصديق الوفي . و يقول سيدي يوسف بن المسيح ﷺ لنا : هنا سؤال جميل و اختبار لكم مثل اختبار أكنة و وقر في الوجه السابق و هو : أن الله عز و جل قال لنوح عندما حزن على ابنه عندما غرق في الطوفان (إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين) و هنا يقول الله للنبي و لكل نبي (فلا تكونن من الجاهلين) فكيف نجمع بين الآيتين ؟؟ في آية نوح : ربنا يهدد نوح و يقول له : إنني أعظك أن تكون من الجاهلين , فإياك أن تسأل لأنك لو سألت و عرفت الحقيقة فممكن ان تأتيك صدمة نفسية و عصبية من الحال الذين هم فيه أي قومه فأنت لا تعلم ما يحدث لهم الآن يا نوح و ما يُفعل بهم , فاسكت و لا تفهم أفضل لك (كما يقول الناس بالعامية : خليك مش فاهم أحسنلك) , و الآية (فلا تكونن من الجاهلين) هي عتاب للنبي بأن لا يكون جاهل صغير بل عليه أن يكبر , بأن الأنبياء عليهم أن يكبروا و يفهموا بأنها سُنة الله عز و جل لأنه أعطاهم التخيير التام و كثير منهم سيفشلوا في الامتحان .

و قال لنا أثناء تصحيح التلاوة : بأننا نصحح التلاوة حتى يفهم الناس لأن منهم لا يعرفون كيف يقرأون القرآن فعندما نقع في الأخطاء و نقوم بتصحيحها عملياّ فهذا مفيد للناس .

و تابع قمر الأنبياء سيدنا يوسف الثاني ﷺ الجلسة إذ طلب من رفيدة و مروان و أرسلان إعراب مقاطع قرآنية من هذا الوجه و قاموا بإعرابها :

إذ أعربت رفيدة المقطع القرآني {كَبُرَ عَلَیۡكَ إِعۡرَاضُهُمۡ} : كبر : فعل مبني على الفتح , إعراض : فاعل مرفوع و علامة رفعه الضمة و هو مضاف , هم : ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه , على : حرف جر , ك : ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر إسم مجرور بحرف الجر على , و شبه الجملة (عليك) في محل نصب مفعول به مقدم .

و أعرب مروان {فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡجَـٰهِلِینَ} : ف : حرف عطف , لا : أداة نفي , تكون : فعل ناسخ ناقص مبني على الفتح , و النون هي نون التأكيد , و اسم تكون ضمير مستتر تقديره أنت , من : حرف جر , الجاهلين : اسم مجرور بحرف الجر من و علامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم , و شبه الجملة (من الجاهلين) : في محل نصب خبر تكون .

و أعرب أرسلان {وَهُمۡ یَحۡمِلُونَ أَوۡزَارَهُمۡ عَلَىٰ ظُهُورِهِمۡۚ} : و : حرف عطف , هم : ضمير منفصل مبني في محل رفع مبتدأ , يحملون : فعل مضارع مرفوع و علامة رفعه ثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة , و الفاعل ضمير مستتر تقديره هم , أوزارهم : أوازر : مفعول به منصوب و علامة نصبه الفتحة و هو مضاف , هم : ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه , و الجملة الفعلية (يحملون أوزارهم) في محل رفع خبر مبتدأ هم , على : حرف جر , ظهور : اسم مجرور بحرف الجر على و هو مضاف , هم : ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه .

و ثم أنهى سيدي يوسف ﷺ الجلسة بأحاديث من (كتاب رياض الصالحين) للشيخ النووي - رحمه الله - باب (ما يتوهم أنه رياء و ليس هو رياء) , فقال :

هنا سنأخذ الحديث الجميل الذي يعمل على اتزان مع الحديث الذي أخذناه في الجلسة السابقة , فدائما كل شيء له طرفان حتى يحدث إتزان لأن مبدأ التناظر في الكون وضعه و أرساه الله عز و جل حتى يحدث إتزان , فحذرنا الله عز و جل من الرياء و قال بأن أول من تُسعر بهم النار ثلاثة : من يظن ان يقاتل في سبيل الله , و منفق في سبيل الله و طالب علم في سبيله , المقاتل يأتي به الله و يبدأ به العذاب إذ يقول لله بأنه قاتل في سبيله فيقول الله عز و جل كذبت بل قاتلت ليُقال شجاع ألا فقد قيل و ثم يُلقى في النار , و الثاني الذي يتعلم العلوم الشرعية لكن الأصل كلمة علم هي العرفان الإلهي (و تحدثنا عنه في الوجه الثاني) و إذ يقول المتعلم لله بأنه تعلم العلم لله و ليُعلم به الناس , فقال الله له كذبت بل تعلمت ليُقال عالم و قد قيل و ثم يُلقى به في النار , و الثالث يقول لله بأنه أنفق في سبيله فيقول الله له كذبت فأنت أنفقت ليقال عنك جواد و ثم يُلقى به في النار . فالذي أضاعهم هو الرياء و هو نوع من الشرك الخفي , و هنا سنأخذ حديث عظيم يوزن الكفة فليس كل عمل أخاف القيام به حتى لا أقول عنه رياء بل أقوم به سريعاً مثل : أن أُحسن صلاتي و أخشع فيها و لا أخاف من قول الناس بأنه يُحسن صلاته , لأنني لو خفت من قول الناس بأنه يُحسن صلاته فهذا رياء , إذاً فأُحسن صلاتي و أجري على الله كما أن أُحسن عملي و أجري على الله و لا أخاف من الرياء طالما نيتي حسنة .

عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال : " قيل لرسول الله ﷺ : أرأيت الرجل الذي يعمل العمل من الخير و يحمده الناس عليه , قال : تلك عاجل بُشرى المؤمن ." رواه مسلم . أي من مبشرات أن الله قَبِلَ العمل . إذاً فليس كل عمل صالح أُحسنه أو يشكرني الناس عليه بأن هذا من الرياء , بل حسب النية , فليس بمجرد أنني خائف من الرياء لا أعمل خيراً بل أعمل الخير و أكسر الشيطان .

و الحمد لله رب العالمين 💙🌿 .

__

و أسألكم رضاكم ..🌿

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق