جلسة التلاوة و تفسير الوجه الحادي و العشرين من المائدة .
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
أسماء إبراهيم :
شرح لنا سيدي و حبيبي يوسف بن المسيح ﷺ أثناء جلسة التلاوة المباركة من أحكام التلاوة : الإدغام و الإخفاء الحقيقي ، ثم قام بقراءة الوجه الحادي و العشرين من أوجه سورة المائدة و أجاب عن أسئلتنا بهذا الوجه ثم صحح لنا تلاوتنا ، و كانت إجابات مجمل الأسئلة كالآتي :
بدأ سيدنا يوسف بن المسيح ﷺ الجلسة بأحكام التلاوة , فقال :
الإدغام : أي إذا أتت حروفه بعد النون الساكنة أو التنوين و حروفه مجموعة في كلمة (يرملون) , و يُقسم الإدغام إلى : إدغام بغنة و حروفه مجموعة في كلمة (ينمو) , و إدغام بغير غنة و حروفه : ل ، ر .
الإخفاء الحقيقي : أي أنه إذا أتى بعد النون الساكنة أو التنوين الحروف من أوائل الكلمات (صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما دم طيبا زد في تقى ضع ظالماً)
و ثم تابع سيدنا يوسف ﷺ الجلسة بشرح الوجه لنا فقال :
{یَوۡمَ یَجۡمَعُ ٱللهُ ٱلرُّسُلَ فَیَقُولُ مَاذَاۤ أُجِبۡتُمۡۖ قَالُوا۟ لَا عِلۡمَ لَنَاۤۖ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّـٰمُ ٱلۡغُیُوبِ} :
أي يوم القيامة يجمع الله الرسل حتى يسألهم أيها الرسل المبعوثون بدعوى النبوة ماذا أُجبتم أي ماذا قال الناس لكم , و كل نبي في حياته يعلم ماذا قال له الناس لكن الرسل هنا أجابوا لا علم لنا ، لماذا ؟؟ لأن الله يقصد بماذا أُجبتم أي في حياتكم من بعد مماتكم , و ماذا فعل الناس مع دعوتكم هل استجابوا و آمنوا أم لم يستجيبوا ؟ . و يوجد معنى آخر للآية بأن الله يقول لهم بأن الناس أو المكلفين الذين قلتم لهم عن دعوتي كيف كان إيمانهم , هل بدلوا إيمانهم وقت الموت أم ظلوا ثابتين عليه ؟؟ و النبي لا يعرف لأنها من الأمور الغيبية بين العبد و ربه لذلك إجابة الرسل هي لا علم لنا , و هنا الله يعلم أنهم سيقولون لا علم لنا لكن الله يسألهم من باب إظهار عظمة الله عز و جل و ليُظهر بأن هؤلاء الرسل هم عبيد لله عز و جل ليس لهم من الأمر شيء و ليُظهر ضعف الأنبياء و الرسل و أنهم تحت سيطرة الله و لأنه في هذه الآيات و حتى نهاية سورة المائدة سيتكلم عن عيسى العبد , عيسى الرسول , عيسى النبي , عيسى الشخص البسيط كبقية البشر ليس الذي غالت فيه النصارى الذين جعلوه إلهاً , فالله عز و جل يسأل هذا السؤال ليقول للناس بأن كل الرسل لا علم لهم إلا ما علمتهم .
__
{إِذۡ قَالَ ٱللهُ یَـٰعِیسَى ٱبۡنَ مَرۡیَمَ ٱذۡكُرۡ نِعۡمَتِی عَلَیۡكَ وَعَلَىٰ وَ ٰلِدَتِكَ إِذۡ أَیَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِ تُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِی ٱلۡمَهۡدِ وَكَهۡلࣰاۖ وَإِذۡ عَلَّمۡتُكَ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَٱلتَّوۡرَاةَ وَٱلۡإِنجِیلَۖ وَإِذۡ تَخۡلُقُ مِنَ ٱلطِّینِ كَهَیۡـَٔةِ ٱلطَّیۡرِ بِإِذۡنِی فَتَنفُخُ فِیهَا فَتَكُونُ طَیۡرَۢا بِإِذۡنِیۖ وَتُبۡرِئُ ٱلۡأَكۡمَهَ وَٱلۡأَبۡرَصَ بِإِذۡنِیۖ وَإِذۡ تُخۡرِجُ ٱلۡمَوۡتَىٰ بِإِذۡنِیۖ وَإِذۡ كَفَفۡتُ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ عَنكَ إِذۡ جِئۡتَهُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ فَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡهُمۡ إِنۡ هَـٰذَاۤ إِلَّا سِحۡرࣱ مُّبِینࣱ} :
(اذكر نعمتي) النعمة هنا هي نعمة الوحي و الوصال بالله عز و جل فهي نعمة النِعم و هي مُعبر عنها هنا بجملة روح القُدس أي روح الله عز و جل . (تكلم الناس في المهد و كهلا) المهد : أي عندما كان عمره ثلاثا و ثلاثين عاما في فلسطين , مهدك أي منطقتك , و كهلاً : أي في بلاد المهجر و ذلك عندما هاجر إلى الشرق و استقر في كشمير بالهند و لما كان عمره مئةً و عشرين سنة توفي فيها . (و إذ علمتك الكتاب و الحكمة و التوراة و الإنجيل) الكتاب أي الشريعة , و الحكمة هي الحكمة المعروفة , و تفاصيل التوراة أي أسفار الأنبياء , الإنجيل أي الكلام الذي قلته أنت لأصحابك و سيرة حياتك التي دونت بعد وفاتك . و في بقية هذه الآية كلام عن المادية أي يتحقق مادياً و كلام عن الروحانية أي يتحقق روحياً فقط و كلام يتحقق مادياً و روحياً : (و إذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني) المعنى الروحي فيها أن من يسمع كلامك ستدب فيه الحياة و يكون طيراً يُحلق في سماوات الروح , تُحيي النفوس الميتة و تجعلها حية بإذن الله عز و جل , و المعنى المادي قيل بأنه كان يأتي بالطين و يقوم بتشكيله على هيئة الطير فتطير و ثم تقع و هذا أمر معروف سُمي بعلم الترب أو المسمارزم الموجودة في الهند و الحضارات القديمة و هو أمر وقتي و أعتقد بأن ليس له أي قيمة و القيمة الحقيقية في الإحياء الروحي (إذ تخلق من الطين) ليس من النار لأن الإنسان من الطين فهو طيب , يتقولب في القالب الذي يوضع فيه لذلك سُمي طيناً , أما النار فلا تتقولب في أي قالب لأنها طائشة هوجاء ليس لها جسم . (و تبرئ الأكمه و الأبرص بإذني) الأكمه هو الذي به عمى لا يبصر الحقيقة لا يتكلم بالحق فيجعله يتكلم حكمة على المعنى الروحي و كذلك ربما على المعنى المادي أيضاً يدعو له فينطق بعد الإبصار , و الأبرص و هو الذي في جلده عيب خَلقي أو عدم تمازج الألوان فيدعو له و يمسح عليه فيشفيه بأمر الله عز و جل . (و إذ تخرج الموتى بإذني) أي تخرجهم من الموت إلى الحياة و هذا على المعنى الروحي . (و إذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات) أي قمتُ بحمايتك من قومك الذين كذبوك إذ جئتهم بالبينات أي بالكلام المبين و الحكمة و الموعظة الحسنة و تزكية النفوس , (فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين) يقولون بأن هذا خداع و أنه كاذب و يرى نفسه أعلى منا ببضع كلمات يعرفها و يفهمها و يقولون من هذا الشاب الصغير الذي يرى نفسه أعلى منا نحن كهنة اليهود الكبار و كان على رأسهم قيافا الذي كان يستهز يء بعيسى النبي , و كم من على شاكلة قيافا المجرم في عصرنا هذا الذين ليس لديهم أي حكمة و لا تزكية و لا روح و لا وصال .
{وَإِذۡ أَوۡحَیۡتُ إِلَى ٱلۡحَوَارِیِّـۧنَ أَنۡ ءَامِنُوا۟ بِی وَبِرَسُولِی قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا وَٱشۡهَدۡ بِأَنَّنَا مُسۡلِمُونَ} :
الحواريون : أي أصحاب عيسى , فأي أصحاب نبي يسمون بالحواريين , و سبب تسمية الحواريين هكذا : نحن نسمع عن حور العِين ؛ حور أي ح : راحة ، اور : نور أي راحة و نور , العِين أي العيون الواسعة و كذلك فيهم حياة و حياء أي عين تنظر للحياة و للحياء , فكلمة حواري أي حوى و احتوى الري أي الإرتواء الروحي , حواري : احتوى على الري و الإرتواء من المروى , إذن حور أي حوت النور , و الحواري أي حوى الري من المروى و هو النبي .
(و إذ أوحيت إلى الحواريين أن أمنوا بي و برسولي) أي أن الله أوحى لهؤلاء المؤمنين نتيجة استخارة استخاروها و كانت نفوسهم طيبة فعلموا بأن هذا الرسول صادق , (قالوا أمنا و اشهد بأننا مسلمون) أي أنهم علموا الحق و سمعوه و أطاعوه .
{إذۡ قَالَ ٱلۡحَوَارِیُّونَ یَـٰعِیسَى ٱبۡنَ مَرۡیَمَ هَلۡ یَسۡتَطِیعُ رَبُّكَ أَن یُنَزِّلَ عَلَیۡنَا مَاۤئِدَةࣰ مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِۖ قَالَ ٱتَّقُوا۟ ٱللهَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ} :
و ثم طلب أصحاب عيسى منه لزيادة الإيمان طلباً إذ كانوا يمشون معه على جبل و طلبوا منه طعاماً ليأكلوه و ذلك من مائدة ينزلها الله لهم , و طبعا الناس يعتقدون بأنها آية عظيمة لعيسى بل هي ليست عظيمة و حدثت آية أعظم منها مع سيدنا محمد ﷺ في غزوة من الغزوات و غالباً في خيبر فكان يوجد في أحد البيوت شاه واحدة وكمية قليلة من الأرز , و كان مع النبي ﷺ جيش كبير فكيف سيطعمهم ؟ فأتى النبي ﷺ برداء و وضعها على الشاه و الأرز و ثم أحضر أطباقا صغيرة و يضع فيها اللحم و الأرز فيدخل في كل مرة عشرة رجال من الجيش ليأخذوا من الطعام حتى أكل الجيش كله , و ثم أزال الرداء فكانت الشاه كما هي و الأرز كذلك , و هذه الآية أعظم من آية السمك لعيسى لأن مائدة عيسى كانت من السمك إذ وضع رداء على السمك و بدأ يعطي الحواريين السمك على الخبز فأطعم خمسة آلاف على الجبل و بقي من مائدته , و آية سيدنا محمد ﷺ من اللحم و الأرز و كانت في وقت القتال و المجاهدة , و كذلك يوجد فرق آخر بينهما يدل على عظمة آية سيدنا محمد ﷺ و هو بأن مائدة محمد لم يطلبها صحابته لكن مائدة عيسى أصحابه طلبوها . و لكن صحابة سيدنا محمد ﷺ أكلوا منها في وقت حرب و رغم ذلك لم يطلبوها , و اعلموا أن أعظم نبي هو سيدنا محمد ﷺ و الذي بعده سيدنا غلام أحمد ﷺ و بعده سلسلة أنبياء عهد محمد ﷺ لغاية يوم القيامة و ثم تأتي سلسلة موسى - عليه السلام - و ثم بقية الأنبياء .
{قَالُوا۟ نُرِیدُ أَن نَّأۡكُلَ مِنۡهَا وَتَطۡمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعۡلَمَ أَن قَدۡ صَدَقۡتَنَا وَنَكُونَ عَلَیۡهَا مِنَ ٱلشَّـٰهِدِینَ} :
فآية المائدة مادية فعلياً بللإضافة إلى المعنى الروحي لهذه الآية . أي مائدة الروح و التزكية و الحكمة و الوصال بالله .
و ثم تابع سيدي يوسف ﷺ الجلسة بأحاديث من (كتاب رياض الصالحين) للشيخ النووي - رحمه الله - باب (المحافظة على السُنة و آدابها) :
قال تعالى (و ما أتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا) هنا تأكيد من الله أن كل أتباع نبي و أتباع دعوى يجب أن يأخذوا بسُنة نبيهم أي يفعلوا كما يفعل لأنه أدرى بدقائق عصره و بالأَولى في هذا العصر و هو الأدرى بعلم الأَوليان في هذا العصر .
قال تعالى (و ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) و هو أي نبي و ليس فقط سيدنا محمد ﷺ .
و قال تعالى (قل لو كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله و يغفر لكم ذنوبكم) .
و من الاحاديث :
عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال : "دعوني ما تركتكم (أي لا تسألوا عن أمر لم أتكلم فيه) , إذ أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم و اختلافهم على أنبيائهم , فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه و إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ."
عن أبي هريرة عن الرسول ﷺ قال : "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى , قيل : و من يأبى يا رسول الله , قال : من أطاعني دخل الجنة و من عصاني فقد أبى ."
ثم أنهى قمر الأنبياء سيدنا يوسف الثاني ﷺ الجلسة إذ طلب من مروان و أرسلان و رفيدة إعراب مقاطع قرآنية من هذا الوجه و قاموا بإعرابها على أحسن وجه :
إذ أعرب مروان المقطع القرآني {إِنَّكَ أَنتَ عَلَّـٰمُ ٱلۡغُیُوبِ} :
إن : حرف ناسخ , الكاف : ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب إسم إن , أنت : مبتدأ مرفوع , علام : خبر مرفوع و علامة رفعه الضمة و هو مضاف , الغيوب : مضاف إليه للخبر علام و علامة جره الكسرة , و الجملة الإسمية (أنت علام الغيوب) في محل رفع خبر إن .
و أعرب أرسلان {وَتَطۡمَئِنَّ قُلُوبُنَا} :
و : حرف عطف , تطمئن : فعل مضارع منصوب و علامة نصبه الفتحة (و هو فعل مضارع منصوب , لأن واو حرف عطف و تطمئن معطوفة على نأكل و نأكل منصوبة بأن (أن نأكل) ) , قلوب : فاعل مرفوع و علامة رفعه الضمة و هو مضاف , نا : ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه .
و أعربت رفيدة {قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا} :
قال : فعل ماضي مبني على الفتح المنقلبة إلى ضمة لدخول واو الجماعة , واو الجماعة لا محل لها من الإعراب , و الفاعل : ضمير مستتر تقديره هم , آمن : فعل ماضي مبني على الفتح , نا : ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل .
و الحمد لله رب العالمين .
أسألكم رضاكم يا نبي الله 🌿💙
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق