السبت، 6 يونيو 2020

درسُ القرآن و تفسير الوجه السادس من الأنعام .



درسُ القرآن و تفسير الوجه السادس من الأنعام .


::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


أسماء إبراهيم :


شرح لنا سيدي و حبيبي يوسف بن المسيح ﷺ أثناء جلسة التلاوة المباركة من أحكام التلاوة : أنواع الوقف ، ثم قام بقراءة الوجه السادس من أوجه سورة الأنعام و أجاب عن أسئلتنا بهذا الوجه ثم صحح لنا تلاوتنا ، و كانت إجابات مجمل الأسئلة كالآتي :

بدأ سيدنا يوسف بن المسيح ﷺ الجلسة بأحكام التلاوة , فقال :

الوقف : ج (وقف جائز) , قلي (الوقف أفضل لكن الوصل جائز) , صلي (الوصل أفضل لكن الوقف جائز) , لا (ممنوع الوقف) , مـ (وقف لازم) , علامة التعانق (وقف تعانق؛ علامة عند الموضع الأول و العلامة الثانية عند الموضع الثاني يعني لو وقفتَ عند العلامة الأولى فلا تقف عند العلامة الثانية و لو وقفتَ عند الثانية لا تقف عند الأولى) , و السكت و حرفه السين و هو وقف لطيف دون أخذ النفس مثل : من راق , بل ران , إذاً فالوقف العادي نأخذ فيه نفس لكن السكت نقف فيه دون أخذ نفس . و ثم سأل سيدي يوسف ﷺ لماذا يوجد في أحكام التلاوة علامات للوقف و علامات للسكت أي تنظم الوقف , فتوجد مواضع لا ينفع الوقف فيها و غيرها يجب الوقف فيها ؟ ذلك من أجل المعنى و هذا الأمر اجتهاد من قراء القرآن و كذلك تِبعاً للقراءات التي تم تناقلها شفهياً من القراء الأوائل , و مع كثرة القراءة عُرِفت هذه المواضع التي يجب الوقف عندها أو ممنوع الوقف فيها لأنه لو وجدت علامة وقف لازم و لم تقف عليه فإن المعنى سيتغير و لو وجدت علامة وقف (لا) أي ممنوع الوقف و وقفت عندها فإن المعنى أيضاً سيتغير و كذلك في باقي علامات الوقف إذ لها فائدة في المعنى فالمعنى يتحقق على أكمل وجه .
و ثم تابع قمر الأنبياء ﷺ الجلسة بشرح الوجه لنا فقال :
هذا الوجه مميز لأنه الوجه السادس من أوجه سورة الأنعام و نحن نعلم بأن رقم ستة هو رمز الاكتمال , فهنا ربنا أكمل المسيرة الفائتة و القصة السابقة و هي الصراع بين الكافرين بالأنبياء و بين النبيين , فقد رأينا هذا الصراع و الوصف النفسي للطرفين و وصف الله سبحانه و تعالى الحلول و مواساة الأنبياء و تسليتهم , و في هذا الوجه ختم الله عز و جل القصة بالنتيجة و التي هي تفسير سورة الكوثر (إنا أعطيناك الكوثر • فصل لربك و انحر • إن شانئك هو الأبتر) أي هو المقطوع عن كل نعيم و عن كل خير في الدنيا و الآخرة .

{فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ۚ وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ} :

نحن نعلم أن أعظم الظلم هو الشرك فعندما يُكذب أحدهم النبي فهذا يعني أنه متكبر على الله و على سؤال الله عز و جل , و المتكبر هو مشرك شرك خفي و هو نوع من أنواع الظلم لأن الظلم العظيم هو الشرك و كما العدل العظيم هو التوحيد , فهذا الوجه هو الاكتمال لوصف تلك القصة , و ابتدأ الله هذا الوجه بتفسير سورة الكوثر و انهى الوجه بتفسير سورة عبس , (فقطع دابر القوم الذين ظلموا) فأي شخص مُشرك مُكذب للنبي فإن الله عز و جل يجعله مقطوع عن الوحي و النعمة و عن السلام النفسي و مقطوع عن أي خير و موصول بكل عذاب و لعنة و العياذ بالله , (و الحمد لله رب العالمين) و اكتمل هنا سر الدين لأن الحمد هو سر الدين , و سر الدين لأنه فاتحة الكتاب , و يصف الله سبحانه و تعالى الحمد في الرؤى بأنه سر الدين .

{قُلۡ أَرَءَیۡتُمۡ إِنۡ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمۡعَكُمۡ وَأَبۡصَـٰرَكُمۡ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُم مَّنۡ إِلَـٰهٌ غَیۡرُ ٱللَّهِ یَأۡتِیكُم بِهِۗ ٱنظُرۡ كَیۡفَ نُصَرِّفُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ ثُمَّ هُمۡ یَصۡدِفُونَ} :

هنا يقول الله عز و جل لهم : أن الإله العظيم و هو الرحمن الرحيم مالك يوم الدين الذي هو الرب لو أنه أخذ منكم نعمة السمع المادية و البصر المادية و كذلك نعمة السمع الروحية (أي تلقي الوحي) و نعمة البصر الروحية (و هي الاستفهام و الاستبصار و البصيرة) , (و ختم على قلوبكم) يعني مهما جاءتكم آيات فلن تفهموا , (من إله غير الله يأتيكم به) أي من سيعالجكم غير الله سبحانه و تعالى , هنا ربنا يُفهمهم نعمة وجود الله عز و جل فوجود الله بحد ذاته نعمة و أعظم النعم فهو الشافي و الطبيب الأعظم و هو المهندس الأعظم , وثم يلفت الله عز و جل انتباه و نظر النبي و من آمن بالنبي (انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون) أي نُريهم آيات كثيرة في الكتاب أي في الكون و في أنفسهم , و كلمة يصدفون قمنا بتفسيرها في المدونة سابقاً من خلال أصوات الكلمات و تحليلها تحليل جزئي صدف : صد و تأفف أي يصدون عن النبيين و يتأففون من سيرة النبيين و يصف الله عز و جل حالهم من خلال هذه الكلمة .

{قُلۡ أَرَءَیۡتَكُمۡ إِنۡ أَتَىٰكُمۡ عَذَابُ ٱللَّهِ بَغۡتَةً أَوۡ جَهۡرَةً هَلۡ یُهۡلَكُ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} :

هنا يهددهم الله عز و جل ، الفرق بين بغتة و جهرة : بغتة يعني منفردين أي كل شخص لوحده في السر , جهرة يعني على الجموع أي أن العذاب يحل على المجموع و كل الناس ترى العذاب و العذاب ينزل على الجميع , (هل يهلك إلا القوم الظالمون) يعني لا يهلك إلا المشرك فيجب أن تكون موحد و من أسباب و طرق و طرائق الاستعلاء على الكافرين و إيقاع الهزيمة بهم نفسياّ و معنوياً قبل هزيمتهم مادياً أن تقوم بالاستعلاء عليهم بالتوحيد و تعايرهم بالشرك , فقل له يا مشرك فيخاف لأن الله أخبرك بأن تقوم بذلك و قل له أنا الموحد فيخاف أيضاً و تعطيه الدليل .

{وَمَا نُرۡسِلُ ٱلۡمُرۡسَلِینَ إِلَّا مُبَشِّرِینَ وَمُنذِرِینَۖ فَمَنۡ ءَامَنَ وَأَصۡلَحَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ} :

فائدة النبي أو أي مرسل أنه بشرى و إنذار , مبشر بالنعيم لمن اتبعه و منذر بالعذاب لمن كفر به و استهزأ , (فمن آمن و أصلح فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون) أي آمن بالنبي و أصلح النفس و قام بتزكيتها , فقال الله آمن و أصلح و ليس آمن ثم أصلح لأن الإصلاح مع الإيمان , و الإيمان مع الإصلاح , فهما يأتيان مع بعضهما البعض و ليس بينهما فاصل , لأنه يُصلح و يؤمن , و يؤمن و يُصلح فممكن أن يُصلح أحدهم نفسه و يُزكيها و يُطهرها و تجده قد آمن و انفتحت الوقرا أي ابتعد الوقر عن وجدانه و مستقبلات الوصال لديه و دخل الوحي الذي يتلاقاه من الله عز و جل لأنه أصلح أولاً و ثم آمن أو يؤمن و يخشى الله و يتواضع و يخاف و إيمانه يجعله يُصلح نفسه فممكن أحد الأمرين دون ترتيب لأن الواو هنا (آمن و أصلح) ليست للترتيب , (فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون) لا يخاف عليهم لا في الدنيا و لا في الآخرة و لن يحزنوا لأن معهم الجنة في الدنيا و الآخرة , فلا يوجد الحزن لأنه أعظم صفات إبليس و الشياطين و أتباعهم لذلك فهم يحاولون إحزان البشر دائماً , فتجد أي شخص متضايق و ليس راضياً فهو بذلك أخذ فيضا من فيوض إبليس و العياذ بالله و يحاول إبليس إفساده , فلا يجب على أحد أن يجلس و يبكي على نفسه بل عليه بالرضا , إذن فالحزن الدائم الذي ليس له داعي هو من فيوض إبليس فلا يجب على أحد أن يترك نفسه لهذه الصفة .

{وَٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا یَمَسُّهُمُ ٱلۡعَذَابُ بِمَا كَانُوا۟ یَفۡسُقُونَ} :

الذي يُكذب بآيات الأنبياء يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون أي الجزاء من جنس العمل , فهو فسق و ابتعد عن النبي و عصى الله عز و جل فإن الله عز و جل سيعذبه لأنه الجزاء من جنس العمل , و هنا لماذا قال الله تعالى يمسهم و ليس يلمسهم ؟ الفرق بينهما : اللمس أي أن أضع يدي من بعيد (أي لمس خارجي للشيء) و المس أي الاحتواء بأن تأخذ الشيء في حضنك أي أن العذاب سيأخذهم في حضنه , و المس أعظم من اللمس , و هنا تصوير ابداعي بأن العذاب يحضنهم و يدخل إلى داخلهم و في كل جزء فيهم .

{قُل لَّاۤ أَقُولُ لَكُمۡ عِندِی خَزَاۤىِٕنُ ٱللَّهِ وَلَاۤ أَعۡلَمُ ٱلۡغَیۡبَ وَلَاۤ أَقُولُ لَكُمۡ إِنِّی مَلَكٌۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا یُوحَىٰۤ إِلَیَّۚ قُلۡ هَلۡ یَسۡتَوِی ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِیرُۚ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ} :

هنا يقول الله عز و جل للنبي بأن يقول لهم بأنه (أي النبي) ليس بإله و ليس عنده خزائن الله (أي خزائن الدنيا و الآخرة و العوالم و الأكوان) و أنه لا يعلم الغيب فلا نبي و لا ولي يعلم الغيب المطلق فلا يعلم إلا ما يُعلمه الله فقط و ذلك على حسب الاحتياج , و يخبرهم أيضاً بأنه ليس بمَلَك أي أنه ليس بمنزه عن المعصية بل في داخله إرادات المعصية لكنه يقاومها بشكل أفضل من غيره , فيخبرهم النبي بأنه ليس بإله فلا يطلبوا منه أمور فوق طاقة النبي و على الكفار أن يضعوا حداً لأنفسهم و يتوقفوا عن ذلك , (إن أتبع إلا ما يوحى إلي) يعني النبي ينفذ ما يطلبه الله سبحانه و تعالى منه , (قل هل يستوي الأعمى و البصير أفلا تتفكرون) و ثم يقول الله للنبي بأن يخبرهم هذه الحكمة و هذا المثل لأن الله عز و جل يُحب دائما أن يضرب الأمثال في كل وحيه و في كل كلماته للأنبياء , هنا شبه الله عز و جل الكافر المشرك بالأعمى و يشبه المؤمن الطائع المستقيم بالبصير و لم يقل الله المبصر بل البصير و هي صيغة مبالغة (فعيل) , و الفرق بين عَمِّي و أعمى : عمي أي فاقد البصر ، و أعمى على وزن أفعل أي أكثر عماءً و أكثر عدم تبصراً , (أفلا تتفكرون) هنا دائما يقول الله لنا أفلا تتفكرون أي يطلب منا و يحفزنا على أن نتفكر ، فهي تحفيز و استفزاز لبوادر و طاقات التفكر و التدبر فيحاول الله عز و جل دائما أن يستخرج منا همّة التفكر و التدبر و الذي لا يستجيب فهذه هي إرادته أي إرادة هذا الشخص لأنه لم يستجب لدعوة التدبر و التفكر .

{وَأَنذِرۡ بِهِ ٱلَّذِینَ یَخَافُونَ أَن یُحۡشَرُوۤا۟ إِلَىٰ رَبِّهمۡ لَیۡسَ لَهُم مِّن دُونِهِۦ وَلِیࣱّ وَلَا شَفِیعࣱ لَّعَلَّهُمۡ یَتَّقُونَ} :

هنا يأمر الله كل نبي , (أنذر به) الهاء في (به) لها عدة معاني : أنذر به أي بالكلام الذي قاله الله عز و جل في الآيات السابقة للنبي , أنذر به يمكن يكون عذاب فقط , أنذر به أي القرآن كاملاً و الوحي , و تتحدث الآية عن الذين يخافون بأن يحشروا يوم القيامة و هم ليسوا مطمئنين بأن لهم ولي و لا شفيع فهؤلاء هم من سيستجيبوا الذين عندهم الخوف و الرجاء لأنهما جناحي الأعمال فيجب على الإنسان أن يكون ما بين الخوف و الرجاء , (ليس لهم من دونه ولي و لا شفيع) أي أنهم يرجوا أن يكون لهم الله شفيع و ولي أي مناصر و واسطة لهم فنحن قلنا سابقاً في المدونة بأنه يمكن أن يكون الله عز و جل واسطة بين عبدين يعني عبد أذنب و عصى في حق إنسان و الله عز و جل يشفق على الذي أذنب و عصى فيتوسط عند الذي اتخذ منه الحق , فالله عز و جل يكون شفيع أي يشفع عند البشر لبشر آخرين و كذلك يقبل الشفاعة أي شفاعة الأنبياء و شفاعة الأولياء و الملائكة بعد إذنه و رضاه , فالله عز و جل عادل و عظيم و رحيم و شفيع و ولي (إذن شفيع و ولي من أسماء الله) , (لعلهم يتقون) يعني دائما أَخوفهم و اجعلهم يرجون و يخافون لعلهم يتقون أي يتقوا عذاب الله في الدنيا قبل الآخرة أي أن يكون عندهم الخوف (من مجرد الحشر و العذاب) و الرجاء (لولاية الله أي نصرته و لشفاعته أي واسطته) .

{وَلَا تَطۡرُدِ ٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِیِّ یُرِیدُونَ وَجۡهَهُۥۖ مَا عَلَیۡكَ مِنۡ حِسَابِهِم مِّن شَیۡءࣲ وَمَا مِنۡ حِسَابِكَ عَلَیۡهِم مِّن شَیۡءࣲ فَتَطۡرُدَهُمۡ فَتَكُونَ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ} :

هنا تفسير لسورة عبس يعني لا تمل من المؤمنين الذين يسألونك كثيراً أو يحبون الجلوس معك فلا تمل و لا تضجر منهم و على قدر ما تستطيع إسمع و أجب , (ما عليك من حسابهم من شيء و ما من حسابك عليهم من شيء) هذا الجزء من الآية مهم جداً و يعني (و لا تزر وازرة وزر أخرى) فالنبي لن يكون مسؤول عن أعمالهم و لا هم مسؤولين عن اعمالك فكل شخص يكون مُعَلق من عرقوبه بالمعنى المصري العامي , (فتطردهم فتكون من الظالمين) فإذا طردهم النبي فإنه يكون من الظالمين و هنا تحذير للنبي و لكل نبي . (يريدون وجهه) أي يريدون أن يستقبلوا القِبلة المادية و الروحية أي يكونوا مستقيمين , ألم أرى (أي يوسف بن المسيح) المسيح الموعود ﷺ مستقبلاً القِبلة و هو نائم و هو يأخذ أنفاسه الأخيرة في ١٩٠٨/٥/٢٦ . و هذه الآية عظيمة إذ تتكلم عن الدعاء بأن الذين يريدون أن يستقبلوا القِبلة و يستقيموا و يكونوا ملاصقين للنبي و تعليماته فعيلهم بالدعاء , و الدعاء أمر عظيم جداً و في هذه الجلسة سنأخذ أحاديث من كتاب رياض الصالحين للشيخ النووي -رحمه الله- يتكلم عن الدعاء و فضله و نماذج من الدعاء .

و تابع سيدنا يوسف الثاني ﷺ الجلسة إذ طلب من رفيدة و مروان و أرسلان إعراب مقاطع قرآنية من هذا الوجه و قاموا بإعرابها :

إذ أعربت رفيدة المقطع القرآني {فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلۡقَوۡمِ} : فقطع : ف : حرف عطف , قطع : فعل مبني للمجهول مبني , دابر : نائب فاعل مرفوع و علامة رفعه الضمة و هو مضاف , القوم : مضاف إليه مجرور و علامة جره الكسرة .

و أعرب مروان {وَأَنذِرۡ بِهِ} : و : حرف عطف , أنذر : فعل أمر مبني على السكون و هو مجزوم , و الفاعل ضمير مستتر تقديره أنت , به : ب حرف جر , الهاء : ضمير متصل مبني في محل جر اسم مجرور .

و أعرب أرسلان {وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ} : و حرف عطف , لا : أداة نفي ، هم : ضمير منفصل مبني (فهو مبني فلا نقول علامة رفعه كذا قنو مبني يعني جامد يعني آخره ليس بمتحرك فلا يجوز أن نحرك العلامات الأخيرة من) في محل رفع مبتدأ , يحزنون : فعل مضارع مرفوع و علامة رفعه ثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة و الفاعل ضمير مستتر تقديره هم , و الجملة الفعلية (يحزنون) في محل رفع خبر لمبتدأ هم .

و ثم أنهى سيدي يوسف ﷺ الجلسة من (كتاب رياض الصالحين) للشيخ النووي - رحمه الله - باب (الدعاء) , فقال :

قال تعالى (و قال ربكم ادعوني استجب لكم) و قال تعالى (ادعوا ربكم تضرعاً و خفية إنه لا يحب المعتدين) و قال تعالى (و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أُجيب دعوة الداع إذا دعان) و قال تعالى (أمن يُجيب المضطر إذا دعاه و يكشف السوء) .

و عن النعمان بن البشير -رضي الله عنهما- عن النبي ﷺ قال : "الدعاء هو العبادة" و في رواية أخرى " الدعاء مخ العبادة" أي أن الدعاء أصل العبادة لأن الصلاة هي دعاء فكلمة صلاة هي اتصال أي دعاء و كما أن سر الدين هو الحمد .

و عن عائشة -رضي الله عنها- قالت : "كان رسول الله ﷺ يستحب الجوامع من الدعاء و يدع ما سوى ذلك" .

و عن أنس -رضي الله عنه- قال : "كان أكثر دعاء النبي ﷺ اللَّهم آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار ".

و عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ قال : "اللهَّم إني أسألك الهُدى و التُقى و العفاف و الغنى" رواه مسلم.

و عن طارق ابن أشيم -رضي الله عنه- قال : "كان الرجل إذا أسلم علمه النبي ﷺ الصلاة و ثم أمره ان يدعو بهؤلاء الكلمات : اللَّهم اغفر لي و ارحمني و اهدني و عافني و ارزقني" رواه مسلم.

و عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال : قال رسول الله ﷺ : "اللَّهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك" الرسول نفسه يدعو ربنا بأن يُصرف قلبه دائماً على الطاعة و ذلك لأن النبي ليس بمَلَك و ليس بمجبور على الطاعة .

و عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال : "تعوذوا بالله من جهد البلاء و درك الشقاء و سوء القضاء و شماتة الأعداء" .

و عنه قال : كان رسول الله ﷺ يقول : "اللَّهم اصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري و اصلح لي دنياي التي فيها معاشي و اصلح لي آخرتي التي فيها معادي و اجعل الحياة زيادة لي في كل خير و اجعل الموت راحة لي من كل شر" رواه مسلم.

و عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال : قال لي رسول الله ﷺ : "قل اللَّهم اهدني و سددني" و في رواية أخرى " اللَّهم إني أسألك الهُدى و السداد" رواه مسلم.

و عن أنس -رضي الله عنه- قال : كان رسول الله ﷺ يقول : "اللَّهم إني أعوذ بك من العجز و الكسل و الجُبن و الهرم و البخل و أعوذ بك من عذاب القبر و أعوذ بك من فتنة المحيى و الممات".

و عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أنه قال لرسول الله ﷺ : "علمني دعاء أدعو به في صلاتي , قال : قل اللَّهم إني ظلمتُ نفسي ظلماً كثيراً و لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك و ارحمني إنك أنت الغفور الرحيم".

و عن أبو موسى -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ أنه كان يدعو بهذا الدعاء : "اللَّهم اغفر لي خطيئتي و جهلي و اسرافي في أمري و ما أنت أعلم به مني , اللَّهم اغفر لي جِدي و هزلي و خطأي و عمدي و كل ذلك عندي , اللَّهم اغفر لي ما قدمت و ما أخرت و ما أسررت و ما أعلنت و ما أنت أعلم به مني أنت المقدم و أنت المؤخر و أنت على كل شيء قدير" متفق عليه.

و عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي ﷺ كان يقول في دعاءه : "اللَّهم إني أعوذ بك من شر ما عملتُ و من شر ما لم أعمل".

و عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال : "كان من دعاء رسول الله ﷺ اللَّهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك و تحول عافيتك و فجاءة نقمتك و جميع سخطك".

و عن زيد بن أرقب -رضي الله عنه- قال : كان رسول الله ﷺ يقول : "اللَّهم إني أعوذ بك من العجز و الكسل و البخل و الهرم و عذاب القبر , اللَّهم أتي نفسي تقواها و زكيها أنت خير من زكاها أنت وليها و مولاها , اللَّهم إني أعوذ بك علم لا ينفع و من قلب لا يخشع و من نفس لا تشبع و من دعوة لا يستجاب لها".

و عن ابن العباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله ﷺ كان يقول : "اللَّهم لك أسلمت و بك آمنت و عليك توكلت و إليك أنبت و بك خاصمت و إليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت و ما أخرت و ما أسررت و ما أعلنت أنت المقدم و أنت المؤخر لا إله إلا أنت ". و بك خاصمت و إليك حاكمت : هذا الأمر عظيم جداً بأنك تخاصم بالله و تفاوض أمرك لله في الذي خاصمك فأنت لا ترد عليه ففوض أمرك لله فسيأخذ الله حقك و سيشفي صدرك .

و عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي ﷺ كان يدعو بهؤلاء الكلمات : "اللَّهم إني أعوذ بك من فتنة النار و عذاب النار و من شر الغنى و الفقر". من شر الغنى و الفقر لأن كل شيء له شر و له خير فنحن نأخذ الخير و نبتعد عن الشر .

و عن زياد بن علاقة عن عمه قطبة بن مالك -رضي الله عنه- قال : كان النبي ﷺ يقول : "اللَّهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق و الأعمال و الأهواء ".

و عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ كان يقول : "اللَّهم إني أعوذ بك من البرص و الجنون و الجذام و سيء الأسقام ".

و عن أبي هريرة كان رسول الله ﷺ يقول : "اللَّهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع و أعوذ بك من الخيانة فإنها بئس البطانة".

و عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن مكاتباً(و هو العبد كَاتَبَ سيده يعني قال له سأعطيك مبلغ من المال كل شهر مثلاً حتى يكتمل هذا المبلغ و ثم تعتقني حراً و هذا نوع من أنواع إعتاق العبيد قديماً و كان إسمها المكاتبة) جاءه فقال : "إني عجزتُ عن كتابتي فأعني , قال : ألا أعلمك كلمات عَلَّمَنيهنَّ رسول الله ﷺ لو كان عليك مثل جبل ديناً أداه الله عنه , قل اللَّهم اكفني بحلالك عن حرامك و اغنني بفضلك عمن سواك".

و عن عمران بن حصين -رضي الله عنهما- أن النبي ﷺ علم أباه حصيناً كلمتين يدعو بهما : اللَّهم ألهمني رشدي و أعذني من شر نفسي".

و عن أبي الفضل العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- قال : "يا رسول الله علمني شيئاً أسأله الله تعالى , قال : سلوا الله العافية . فمكثتُ أياماً و ثم جئت و قلت : يا رسول الله علمني شيئاً أسأله الله تعالى , قال لي : يا عباس يا عم رسول الله سل العافية في الدنيا و الآخرة".

و عن شهر ابن حوشب قال : قلت لأم سلمة -رضي الله عنها- : "يا أم المؤمنين ما كان أكثر دعاء رسول الله ﷺ إذا كان عندك , قالت : كان أكثر دعاءه يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك".

و عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله ﷺ : "كان من دعاء داوود ﷺ اللَّهم إني أسألك حُبك و حُب من يُحبك و العمل الذي يبلغني حُبك , اللَّهم اجعل حُبك أحب إليَّ من نفسي و أهلي و من الماء البارد".

و عن أنس -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله ﷺ : "ألظوا بيا ذا الجلال و الإكرام". ألظوا أي شدوا و أكثروا من هذا الدعاء .

و عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال : "دعى رسول الله ﷺ بدعاء كثير لم نحفظ منه شيئاً , قلنا يا رسول الله دعوت بدعاء كثير لم نحفظ منه شيئاً , فقال ألا أدلكم على ما يجمع ذلك كله تقول : اللَّهم إني أسألك من خير ما سألك نبيك محمد ﷺ و أعوذ بك من شر ما استعاذ به نبيك محمد ﷺ و أنت المستعان و عليك البلاغ و لا حول و لا قوة إلا بالله".

و عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال : "كان من دعاء رسول الله ﷺ اللَّهم إني أسألك موجبات رحمتك و عزائم مغفرتك و السلامة من كل إثم و الغنيمة من كل بر و النجاة من النار".

اليوم أخذنا باب الدعاء و أمثلة على ذلك و في المرة القادمة سنأخذ باب الدعاء أيضاً لكنه باب خاص و هو باب عظيم جداً و هو باب (فضل الدعاء بظهر الغيب) و هو من أعظم الدعاء و قد يكون أعظم الدعاء .

و الحمد لله رب العالمين .. و صلَّ الله و سلم على أحبابه محمد و أحمد و يوسف بن المسيح و على أنبياء عهد محمد أجمعين . و اللَّهم الثبات و الرضا و حُبك يا حبيب المحبين . 💙🌿

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق