الاثنين، 7 سبتمبر 2020

درس القرآن و تفسير الوجه السادس من الأعراف .




درس القرآن و تفسير الوجه السادس من الأعراف .


::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


أسماء إبراهيم :


 شرح لنا سيدي و حبيبي يوسف بن المسيح ﷺ أثناء جلسة التلاوة المباركة من أحكام التلاوة ؛ أحكام النون الساكنة و التنوين , ثم قام بقراءة الوجه السادس من أوجه سورة الأعراف و أجاب عن أسئلتنا بهذا الوجه ثم صحح لنا تلاوتنا و ثم صحح لنا استخراج الأحكام من الوجه , و انهى الجلسة بأحاديث من كتاب (الترغيب و الترهيب للشيخ المنذري -رحمه الله-) .


بدأ سيدنا يوسف بن المسيح ﷺ الجلسة بأحكام التلاوة :


الإظهار : أي أنه إذا أتى بعد النون الساكنة أو التنوين الحروف من أوائل الكلمات (إن غاب عني حبيبي همّني خبره) , و حروف الإظهار تجعل النون الساكنة أو التنوين تُظهر كما هي .


الإقلاب : إذا أتى بعد النون الساكنة أو التنوين حرف الباء يُقلب التنوين أو النون ميماً . ثم يكون إخفائا شفويا . 


الإدغام و حروفه مجموعة في كلمة (يرملون) أي أنه إذا أتى بعد النون الساكنة أو التنوين حرف من حروفها , و هو نوعان : إدغام بغنة و حروفه مجموعة في كلمة (ينمو) . و إدغام  بغير غنة و حروفه (ل ، ر) .


و الإخفاء الحقيقي حروفه في أوائل الكلمات من الجملة الآتية (صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما دُمْ طيباً زد في تقى ضع ظالماً) .

__


و ثم تابع نبي الله الحبيب يوسف الصادق ﷺ الجلسة بشرح الوجه لنا فقال :


هذا الوجه نُسميه وجه النداء و ذِكرُ أصحاب الأعراف , فيوجد في هذا الوجه ثلاث مجموعات تُنادي أو تقوم بالنداء ، و فيه ذكر أصحاب الأعراف و هذه السورة سُميت على اسمهم ، و سنعرف من هم أصحاب الأعراف .


قال تعالى :

{وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} :


ربنا هنا يصف حال من أحوال يوم الدينونة أو يوم الحساب أو ما بعد يوم الحساب ، يعني في خواتيم يوم الحساب و لم يبقى سوى أصحاب الأعراف و سنعرف من هم ،  (و نادى أصحاب الجنة) و هم الذين يعرفون بأنهم سيدخلون الجنة و دخلوها ، (و نادى أصحاب الجنة أصحاب النار) يعني بتوع الجنة نادوا بتوع النار و قالوا لهم (أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً) يعني نحن وجدنا ما وعدنا الله به في الجنة من النعيم المقيم فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ؟؟ هل وجدتم ما وعدكم الله به في جهنم فيرد أصحاب النار بكل ذلة (قالوا نعم) ، (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة على الظالمين) أذن مؤذن يعني ملاك قال في الأفاق وقتها و في كل أحد يسمعها يوم القيامة : أن لعنة الله على الظالمين ، و اللعنة هي الطرد من رحمة الله عز و جل ، و علمنا بأن الظلم هو الشرك ، فالقرآن خصص كلمة ظلم في غالب المواضع للشرك ، فلعنة الله على المشركين الذين هم الظالمين .

___


{الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ} :


الذين يصدون عن سبيل الله و لا يريدون المؤمنين أن يؤمنوا و يحاولون إبطال شرائع الأنبياء و رسائل الأنبياء و دعوة الأنبياء ، و من صفات الظالمين المشركين (و يبغونها عوجاً) فهم يردونها معوجة أي غير مستقيمة و لا يريدون الصراط المستقيم بل يريدون سُبل الشيطان و العياذ بالله , (و هم بالآخرة كافرون) يعني كأنهم ليسوا مؤمنين بالآخرة ، و مش عاملين حساب ليوم الحساب ، فهم يعملون و يتعاملون مع بعضهم كأنهم مخلدين في الدنيا و هم ليسوا خائفين من يوم الحساب , (و هم بالآخرة كافرون) لها معنيان : سواء أكانوا ملحدين أو لا يؤمنون بيوم البعث على الحقيقة مثل كفار قريش أو أنهم مؤمنين بالقول فقط و أحوالهم تقول بأنهم غير مؤمنين بيوم الآخر , يعني ممكن أن نقول بأن معنى هذه الآية بأن منهم من هو ليس مؤمن بلسان مقاله و يوجد منهم من هو ليس مؤمن بلسان حاله و الإثنان نفس المعنى أو يؤديان إلى نفس النتيحة بأنهم ليسوا مؤمنين بيوم الآخر .

__


{وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} :


(و بينهما حجاب) بين أصحاب الجنة و أصحاب النار إذ وضع الله بينهم حجاب لأنه (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين) ضُربت الحُجب ما بين أهل الجنة و أهل النار ، أهل الجنة في نعيمهم يتنعمون و أهل النار في عذابهم يتعذبون , فالحجاب كان ما بين أصحاب الجنة و أصحاب النار فقط لكن أصحاب الأعراف لم يكن بينهم و بين أصحاب الجنة حجاب ، إذ أصحاب الأعراف ينادوا و يكلموا أصحاب الجنة ، (و على الأعراف رجال يعرفون كلاً بسيماهم) أنا ذكرتُ الأعراف في المدونة سابقاً ، أصحاب الأعراف هم العوام من الناس أي الناس البسطاء الذين يعرفون كلاً بسيماهم أي يعرفون أصحاب الخير من النظرة الأولى و يعرفون أصحاب الشر من النظرة الأولى ،  فهؤلاء على الفطرة ، و الناس البسيطة يكون لها حسنات و كذلك لها سيئات فممكن أن تستوي حسناتهم مع سيئاتهم فيكونوا في مكان محايد أو وسط ما بين الجنة و النار ينتظرون حُكم الله , (و نادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم) أصحاب الأعراف نادوا على أصحاب الجنة : السلام عليكم ، (لم يدخلوها و هم يطمعون) يعني أصحاب الأعراف لم يدخلوا الجنة لكنهم يطمعوا بأن يدخلوها ، يعني هم يسلمون على أهل الجنة بُغية أن ينضموا إليهم ، و أصحاب الأعراف لم يقولوا لأصحاب الجنة بأن يعطوهم من نعيم الجنة الذي عندهم أو بأنهم يريدون الدخول لهذا النعيم أو الجنة و لم يقولوا للملائكة و لم يقولوا لربنا فهي كانت رغبة داخلية ، فمن شدة الأدب عند أصحاب الأعراف بأنهم لم يطلبوا دخول الجنة مباشرة بل فقط قالوا لأصحاب الجنة : سلام عليكم ، أي يدعون لهم و يغبطوهم على النعمة التي هم فيها .

__


{وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاء أَصْحَابِ النَّارِ قَالُواْ رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} :


(و إذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار) أي أصحاب الأعراف لما يرون أصحاب النار (قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين) هنا دعى أصحاب الأعراف : ربنا لا تدخلنا النار ، و استعاذوا من جهنم و من القوم الظالمين .

__


{وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَا أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ} :


يعني بعد ما دعى أصحاب الأعراف ربنا بأن لا يكونوا مع القوم الظالمين في جهنم ، و كذلك قام أصحاب الأعراف بتبكيت بعض أصحاب النار ، فأصحاب الأعراف يعرفون بعض الأشخاص المجرمين في النار كما كانوا يعرفونهم في الدنيا فيقوموا بتبكيتهم يوم القيامة ، (قالوا ما أغنى عنكم جمعكم و ما كنتم تستكبرون) ماذا فعلتم بكبركم في الدنيا على الأنبياء و المؤمنين ؟؟؟ لم تفعلوا شيئاً فقد خسرتم في الدنيا و الآخرة .

__

و بعد ذلك يقول ربنا عن أصحاب الأعراف :


{أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ} :


يعني سواء كان أصحاب النار أو أصحاب الجنة قالوا عن أصحاب الأعراف((الذين استوت حسناتهم بسيئاتهم و هم ناس بسطاء)) و أقسموا بأن ربنا لن يرحمهم من شدة يوم القيامة و عذاب يوم القيامة الذي رأيتموه ، هنا يسأل الله سؤال استنكاري : (أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة) ، (ادخلوا الجنة لا خوف عليكم و لا انتم تحزنون) هنا يُخاطب الله عز و جل أصحاب الأعراف ، فالله يشعر بهم يوم القيامة و يعرف دواخلهم و بواطنهم فيُطمئنهم هنا .

___


{وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} :


من زيادة العذاب على أصحاب النار بأن أصحاب الجنة يقولون لهم : (إن الله حرمهما على الكافرين) و هي النعم .

___

و الكافرين هم :


{الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} :


أي الذين يلعبون و ليسوا مستقيمين و لا يأخذون الدين بجدية بل لعباً ، (و غرتهم الحياة الدنيا) شغلتهم الدنيا عن الدين ، (فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا و ما كانوا بآياتنا يجحدون) فدائماً الكفار مهما حدثت آيات أمامهم في الدنيا على يد الأنبياء أو المؤمنين أو الأولياء فهم يجحدون بها لأنهم خاسرين ، و مجرد قول ربنا (ننساهم) و هم يسمعون قول الله فإن هذا بحد ذاته عذاب للكافرين .

__


و تابع قمر الأنبياء يوسف الثاني ﷺ الجلسة إذ طلب من مروان و رفيدة و أرسلان يإستخراج أمثلة على أحكام طلبها منهم من هذا الوجه :


طلب من مروان مثال على الإخفاء الشفوي ، فقال : {يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ} . الميم الساكنة و بعدها حرف الباء .


و من رفيدة مثال على إدغام متماثلين صغير ، فقالت : {وَجَدتُّم مَّا} . ميم ساكنة و بعدها ميم متحركة .


و من أرسلان مثال على قلقة ، فقال : {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ} . القلقة بحرف الباء .



__


و ثم أنهى الحبيب ابن الحبيب يوسف بن المسيح ﷺ الجلسة بأحاديث من كتاب (الترغيب و الترهيب) للشيخ المنذري - رحمه الله تعالى - يقول : الترغيب في التسبيح و التكبير و التهليل و التحميد على اختلاف أنواعه ، فقال ﷺ :


عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ : "كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله و بحمده ، سبحان الله العظيم" رواه البخاري و مسلم.


و عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله ﷺ : "ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله ؟ ، قلت : يا رسول الله أخبرني بأحب الكلام إلى الله ، فقال : إن أحب الكلام إلى الله : سبحان الله و بحمده" رواه مسلم.

و في رواية مسلم : أن رسول الله ﷺ سُئل أي الكلام أفضل ؟ قال : ما اصطفى الله لملائكته أو لعباده : سبحان الله و بحمده". أي التسبيح .


و عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي ﷺ قال : "من قال سبحان الله و بحمده،  كُتب له مائة ألف حسنة و أربعة و عشرون ألف حسنة ، و من قال لا إله إلا الله كان له بها عهد عند الله يوم القيامة".


و عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله ﷺ : "من قال سبحان الله و بحمده غُرست له نخلة في الجنة".


و عن جابر -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ قال : "من قال : سبحان الله العظيم و بحمده غُرست له نخلة في الجنة".


و عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله ﷺ : "من هَالهُ الليل أن يُكابده أو بخل بالمال أن ينفقه أو جَبُنَ عن العدو أن يقاتله فليكثر من : سبحان الله و بحمده ، فإنها أحب إلى الله من جبل ذهب ينفقه في سبيل الله عز و جل".

___


و الحمد لله رب العالمين . و صلِّ يا ربي و سلم على أنبياءك الكرام محمد و أحمد و يوسف بن المسيح صلوات مباركات أبد الدهر و على أنبياء عهد محمد الآتين في مستقبل قرون السنين أجمعين . آمين . 🌿💙









د محمد ربيع , مصر حقيقة الوحي :

الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من انبياء عهده و بعد : لقد سألتني رفيدة الحبيبة اليوم سؤالا جليلا أوحى الله لي فيه معنى باطني جديد , سألتني عن مشهد حديث النملة في سورة النمل عن سليمان وخوف النملة منه أن يحطمها هي و قومها , فقلت هذا المشهد جلاه الله تعالى لسليمان ليظهر له تمثل المرض في الدنيا المرض القلبي الذي يؤذي الروح , فعلم كم هو ذلك المرض ضعيف و أنّ الأنبياء يأتون للقضاء على الأمراض القلبية التي تؤذي الروح , هذا المشهد تمثل لكل الأنبياء و الأولياء . الله ربي و رب آبائي الأولين . يوسف بن المسيح , مصر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق