درس القرآن و شرح الوجه الحادي عشر من الأعراف
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
أسماء إبراهيم :
شرح لنا سيدي و حبيبي يوسف بن المسيح ﷺ أثناء جلسة التلاوة المباركة من أحكام التلاوة ؛ بعض المدود , ثم قام بقراءة الوجه الحادي عشر من أوجه سورة الأعراف و أجاب عن أسئلتنا بهذا الوجه ثم صحح لنا تلاوتنا و ثم صحح لنا استخراج الأحكام من الوجه , و انهى الجلسة بأحاديث من كتاب (الترغيب و الترهيب للشيخ المنذري -رحمه الله-) .
بدأ سيدنا يوسف بن المسيح ﷺ الجلسة بأحكام التلاوة :
المدود الخاصة و تمد بمقدار حركتين ، و هي :
- مد لين مثل بيت ، خوف .
- مد عوض مثل أبدا ، أحدا
- مد بدل مثل آدم ، آزر .
- مد الفرق مثل آلله ، آلذكرين .
___
و ثم تابع نبي الله يوسف الصادق الآمين ﷺ الجلسة بشرح الوجه لنا فقال :
هذا الوجه يتكلم عن استكمال قصة لوط و بداية قصة شعيب مع قومه ، قصة لوط علمنا بأنهم قوم مجرمين أنجاس شاذين عن الفطرة السليمة التي خلق الله الناس عليها ، فكانت من ضمن حجج قوم لوط المجرمين بأن المؤمنين بالنبي لوط -عليه السلام- هم أناس يتطهرون يعني ناس نظيفة و عندهم أخلاق فأخرجوهم من القرية ! . فما هذا المنطق السقيم !!!
{وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} :
متطهرين أي من الطهارة و النقاء .
__
{فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} :
الفاء هنا للسرعة ، (فأنجيناه و أهله) أهله أي المؤمنين به ، لأن الذي لا يؤمن بك ليس من أهلك ، الغابرين لها عدة معاني : ممكن أن نقول الغابرين أي الهالكين ، و ممكن غابرين أي أنها كانت على سُنة الكفار الغابرين الذين خلو من قبل و هم الذين كفروا بأنبياء الله السابقين ، و معنى غابرين من أصوات الكلمات : غَبَرَ : الغين ضباب و غبش ، بِر ، أي عندهم غبش و ضباب عن البِر و هذا هو الهالك الذي يوجد بينه و بين البِر حجاب و غبش و ضباب ، و كلمة غبر وردت في القرآن في غير موضع : (ترهقهم غبرة ) ، إذاً الغبر في حد ذاته إرهاق للنفس و الروح نتيجة لأن نفس الإنسان تكون سقيمة و فاسدة و يوجد بينها و بين البِر حجاب و ضباب لأن الغين هو الضباب و الحجاب .
__
{وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ} :
المطر في القرآن هو العذاب بشكل عام ، و المطر هنا يمكن يكون عذاب و يمكن يكون وباء ، نحن لا نعلم ، و يمكن يكون حاصب من السماء يعني بركان كبير و انفجر و دمر القرية بنزوله عليها و ممكن يكون عدة شهب مركزة في هذه المنطقة و أهلك هذه القرية ، فنحن لا نعلم ماذا حدث تحديداً و لا نعلم كيف كانت طبيعة العذاب و الله أعلم ، لا أدري .
__
{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} :
مدين إسم قبيلة و النبي الذي أُرسل فيهم هو شُعيب ، في آخر هذا الوجه في آخر قصة شُعيب يقول لهم : اذكروا نعمة الله بأن كَثركم و أصبحتم قبيلة كثيرة و هذا دليل بأنهم كانوا قليلين ، و لذلك ربنا أسماهم مدين أي امتدوا و كَثروا من الكثرة ، و من الامتداد و التشعب و كذلك شُعيب من التشعب ، إذاً كانت من النعم التي أعطها الله لقوم شُعيب بأنهم كانوا قلة و مستضعفين فكثر الله نسلهم فأصبحوا مدين ممتدين و شُعيب هو من الانتشار و هي صفة الانتشار و الامتداد و هذا من أصوات الكلمات .
(قد جاءتكم بينة من ربكم) البينة هي وحي الله مع النبي و ذكر الله مع النبي و مسجد ، و المسجد الذي يأتي وقت نزول النبي لأن كل بعثة هي مسجد أي دعوة للسجود .
(فأوفوا الكيل و الميزان و لا تبخسوا الناس أشياءهم) و هذه هي العلة ، علة فساد مدين هو الغش في التجارة و الغش في الميزان و أنهم يبخسون الناس في البيع و الشراء ، إذاً فكل قوم لهم علة فساد : فكانت علة قوم مدين هي الغش مثلما الآن الغش منتشر في الصناعة و التجارة و الموجود في العالم .
(و لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) يعني إصلاح الأنبياء الذي بعثه ربنا و استقر فلا تفسدوه بذنوبكم و غشكم و أعمالكم الفاسدة .
(ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين) لو آمنتم فسيكون خير لكم في الدنيا و الآخرة .
● و معنى كلمة تبخس/تبخسوا/بخس من أصوات الكلمات :
من الخِسة لأن الذي يتعامل في هذا الأمر و بهذا الأسلوب فإنه يبغي الخِسة في هذه البضاعة ، كيف ؟؟ يعني عندما تذهب لشخص محتاج مسكين فقير و مش قادر و يريد أن يبيع شيئاً حتى يأكل ، و هذا الشيء قيمته ١٠٠ جنيه فتقول له لا ٢٠ جنيه ! إذاً هكذا تعامل معه بخِسة ، إذاَ بغى الخِسة ، بخس تبخس أي تريد الخِسة لأن الباء طلب و احتياج ، بخس أي طلب الخسة في هذا التصرف . و هذا هو وحي الله و إلهام الله في آياته و في لغة القرآن ، لغة الجنة ، اللغة الإلهامية كما أخبرنا الإمام المهدي الحبيب ﷺ .
__
{وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} :
(و لا تَقعُدُوا بكل صراط توعدون و تصدون عن سبيل الله) يعني المؤمنين لا تتوعدونهم و لا تهددونهم فاتركوهم و اتركوا للناس الحرية الدينية و حرية العقيدة و اتركوا الناس تبحث عن إلهها الحقيقي ، توعدون أي تهددون .
(تصدون عن سبيل الله من آمن به و تبغونها عوجاً) فهم يريدونها معوجة و لا يريدونها مستقيمة و العياذ بالله لأن الغش و بخس الناس أشياءهم هو اعوجاج و فساد .
(و اذكروا إذ كنتم قليلاً فكثركم) و اذكروا أي تذكروا ، إذ كنتم قليلاً فكثركم لذلك أسماهم مدين من الامتداد .
(و انظروا كيف كان عاقبة المفسدين) الأمم السابقة خذوا العبرة منها و افهموا كيف أهلكهم الله سبحانه و تعالى بسبب تكذيبهم للنبي و دائماً هكذا (و ما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً) فهي قاعدة و سُنة إلهية .
__
{وَإِن كَانَ طَائِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَّمْ يُؤْمِنُواْ فَاصْبِرُواْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} :
توجد طائفتان : طائفة مؤمنة و طائفة كافرة ، و الحل هو الصبر حتى يحكم الله بيننا يعني الزمان كفيل بإظهار الحق ، (و هو خير الحاكمين) و هو الله سبحانه و تعالى الذي يُسخر الزمان و الزمن في الدنيا ليَحكم بين الناس أو ليُظهر الحق من الباطل و ليميز الخبيث من الطيب .
__
و تابع نبي الله الحبيب ﷺ الجلسة إذ طلب من مروان و رفيدة و أرسلان يإستخراج أمثلة على أحكام طلبها منهم من هذا الوجه :
طلب من مروان مثال على مد بدل ، فقال :
{آمَنُواْ} مثل آدم ، آزر ، و مد الفرق هو آلله ، آلذكرين و غالباً نحن اخطأنا قبل ذلك في استخراج مد الفرق و كنا نقول عن مد البدل هو مد الفرق مثل آلاء ، و هذا سهو .
و طلب من رفيدة مثال على إدغام متماثلين صغير ، فقالت :
{إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} ميم كامنة و بعدها ميم متحركة .
و طلب من أرسلان مثال على إظهار حقيقي ، فقال :
{مِّنْ إِلَهٍ} نون ساكنة و بعدها حرف الألف .
__
و ثم أنهى قمر الأنبياء يوسف بن المسيح ﷺ الجلسة بأحاديث من كتاب (الترغيب و الترهيب) للشيخ المنذري - رحمه الله تعالى - يقول : في فضل ذكر الله عز و جل و الذي هو : الفرق بين الحياة و الموت , من ذكر الله فهو حي و من لم يذكره فهو ميت و العياذ بالله ، فقال ﷺ :
عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال : قال رسول الله ﷺ : "إن مما تذكرون من جلال الله : التسبيح ، و التهليل ، و التحميد ، ينعطفن حول العرش لهن دوي كدوي النحل تُذكر بصاحبها ، أما يُحب أحدكم أن يكون له أو لا يُزال له من يُذَكِّر به " . هذا حديث عظيم جداً ، ألم نقل بأن هذه هي المجنبات الباقيات يعني مُجنبات أن يأخذهن أحد منك يوم القيامة فلو أخطأت في حق أحدهم فهذه لا تؤخذ منك ، و هن باقيات لك ، و يُذَكِروا بك و يطوفوا حول صفات الله ، ينعطفن حول العرش أي يطوفوا حول العرش ، لهن دوي كدوي النحل : النحل ممدوح لأنه رمز الشفاء و رمز العمل .
و عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال : إذا حدثتكم بحديث أتيناكم بتصديق ذلك في كتاب الله : إن العبد إذا قال سبحان الله ، و الحمد لله ، و لا إله إلا الله ، و الله أكبر ، و تبارك الله قبض عليهن مَلَكٌ فضمهن تحت جناحه و صعد بهن لا يمر بهن على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن حتى يُحيا بهن وجه الرحمن((أي حتى يصل هذا العمل إلى الله عز و جل و يتهلل به الله سبحانه و تعالى ، يعني يفرح و يسعد بهذا العمل)) ثم تلا عبد الله : {إليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه}" . و هذا حديث عظيم جداً فقد قال عبد الله بن مسعود : "إذا حدثتكم بحديث أتيناكم بتصديق ذلك في كتاب الله" ، يعني هنا يعرض الحديث على القرآن و هذا المنهج الذي أتى به الإمام المهدي ﷺ الذي تكلم عنه في الخطبة قبل قبل السابقة ، بأن تعرض الحديث على القرآن فإن وافقه فاخذه و إن لم يوافقه فاتركه و لا دخل لك بالسند فهذا أخر أمر ننظر إليه فأهم شيء المتن بأن تعرضه على القرآن .
و عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال : قال رسول الله ﷺ : "ما على الأرض أحد يقول : "لا إله إلا الله ، و الله أكبر ، و لا حول و لا قوة إلا بالله إلا كَفَّرت عنه خطاياه : و لو كانت مثل زبد البحر" . هنا شبه ربنا كثرة المعاصي و الخطايا بزبد البحر ، و زبد البحر هو الرغوة البيضاء التي تظهر نتيجة إصطدام الأمواج بالشاطئ و ليس لها أي قيمة فهي منظر فقط و ثم تختفي و هكذا هم الكافرين و أعمال الكافرين ليس لهم قيمة و لا مقال .
و عن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ أخذ غصناً فنَفَضَه فلم ينتفض ، و ثم نَفَضَه فلم ينتفض ، ثم نَفَضَه انتفض ، فقال رسول الله ﷺ : "أن سبحان الله ، و الحمد لله ، و لا إله إلا الله ، و الله أكبر تنفض الخطايا كما تَنفض الشجرة ورقها" . و هذا الحديث عظيم جداً ، فنحن قلنا سابقاً بأن الخطايا تتساقط مثل أوراق الشجر التي تتساقط في فصل الخريف و تساقطها يكون تدريجياً ، إذاً فالخطايا تزول بالتدريج يعني تستلزم إستغفار مستمر و صبر على الإستغفار .
فالرسول ﷺ كان معه غصن شجرة فيه أوراق فقام بنفضه فلم تسقط الأوراق و ثم نفضه مرة ثانية فلم تسقط و ثم نفضه للمرة الثالثة فسقطت الأوراق فهذا دليل بأن عليك أن تستمر و تُصر على التوبة و الإستغفار حتى تتساقط عنك الخطايا .
و في رواية أخرى : أن النبي ﷺ مر بشجرة يابسة الورق فضربها بعصا فتناثر ورقها فقال : "إن الحمد لله ، و سبحان الله ، و لا إله إلا الله ، و الله أكبر ، لتسَّاقط من ذنوب العبد كما تسَّاقط ورق هذه الشجرة" يعني أنها تتسبب في سقوط الخطايا عن الإنسان .
__
و الحمد لله رب العالمين . و صلِّ يا ربي و سلم على أنبياءك الكرام محمد و أحمد و يوسف بن المسيح صلوات تلو صلوات طيبات مباركات ، و على أنبياء عهد محمد الآتين في مستقبل قرون السنين أجمعين . آمين . 🌿💙
=====================
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق