الأحد، 29 نوفمبر 2020

صلاة الجمعة27=11=2020

 
 
 
 يوشع بن نون :

صلاة الجمعة ٢٠٢٠/١١/٢٧
==================
صلاة الجمعة لخليفة المسيح الموعود السادس سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام بتاريخ ٢٠٢٠/١١/٢٧
يقول سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام : السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته . أذان .
قام بلال اليوسفيين برفع الأذان :
الله اكبر الله اكبر
الله اكبر الله اكبر
اشهد ان لا اله الا الله
اشهد ان لا اله الا الله
اشهد ان محمدا رسول الله
اشهد ان محمدا رسول الله
حى على الصلاة
حى على الصلاة
حى على الفلاح
حى على الفلاح
الله اكبر الله اكبر
لا اله الا الله
ثم قام سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام خطيبا فقال : الحمد لله - الحمد لله وحده - الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده و بعد : نكمل حديث المسيح الموعود عليه الصلاة و السلام من كتاب حمامة البشرى يقول المهدي الحبيب : " فاعلموا يا أولي الأبصار الرامقة والبصائر الرائقة، أنّا ما كتبنا في كتاب شيئا يُخالف النصوص القرآنية أو الحديثية، وما تفوَّهْنا به يوما من الدهر، وقد أعاذنا الله من مثل ذلك، ولكنهم يعترضون قبل أن يفهموا، ويحسبوننا ضالين قبل أن يكونوا مهتدين. واللهُ يعلم.. ونُشهد الثَّقَلينِ.. أنّا لا نعتقد أن أحدا من الشمس والقمر والنجوم فاعل مستقل في فعله ومؤثر بذاته، أو له اختيار في إفاضة التأثيرات أو له دخلٌ إراديّ في إيصال الأنوار وإنزال الأمطار وتربية الأبدان والأجسام والثمرات. ولا نعتقد أن أحدا من تلك الأجرام النورانية يستحق الحمدَ والشكر والعبادة على إفاضته، أو له مِنّة وإحسان على أهل الأرض مثقال ذرّة، أو هو يسمع دعاء الناس ويرضى عن الحامدين. ومن عزا إلينا أمرًا من هذه الأمور فقد ظلمَنا، والله يعلم أنه مفترٍ كذّاب، ومُجاهِرٌ بالقِحَة والفِرْية، ويتّبع سبل الخادعين.
بل نؤمن ونعتقد أن الله أحد صمد، لا شريك له في ذاته ولا في جميع صفاته، لا في السماوات ولا في الأرضين. ومن أشرك بالله شيئًا من أشياء السماء أو الأرض فهو كافر مرتد عندنا، ومُفارِقٌ لدين الإسلام، وداخل في المشركين.
ومع ذلك إنّا نعتقد أن خواص الأشياء حق، وفيها تأثيرات بإذن العليم الحكيم الذي ما خلق شيئا باطلا، ونرى أن في كل شيء خاصية وأثرًا أودعَه الله، حتى البعوضة والذباب والقمّل والدود وما دونها، فكيف نظن أن خلق الشمس والقمر والنجوم هي أدنى من هذه الأشياء وما في طبائعها من خاصة ونفع للناس، وإنما هي باطلة الحقيقة، وخلَقها الله كأشياء عبثٍ ورديٍّ ما أودعَها الله منفعةً عظيمة لعباده إلا القليل الذي يقوم مقامه كثير من الأشياء، كما أنت تزعم في خلق النجوم وتقول إنها علامات هادية للمسافرين. وأنت تعلم أن الناس قد صنعوا وعملوا لأنفسهم لأسفار برّهم وبحرهم طرقا أخرى أغنتْهم عن النجوم، بل ما بقي لهم حاجة إلى هذه العلامات أصلا. ثم إذا أنصفتَ فوجب عليك أن تقول إن الناس لا يحتاجون إلى النجوم كلها ليتخذوها علامات عند أسفارهم إلا إلى كواكب معدودة، وأمّا النجوم التي كثرت عدّتها في السماء حتى إنكم لا تستطيعون أن تعدّوها.. فأيّ حاجة للمسافرين إليها؟ بيِّنوا تُؤجَروا إن كنتم لدعواكم مبيّنين، وإن لم تبيّنوا.. ولن تبيّنوا.. فاتقوا الله الذي لا يُحب المبطلين.
وكيف تظن أن الله خلق النجوم باطلة الحقيقة وما خلق فيها تأثيرات عجيبة؟ وإنّا نرى خواصا وتأثيرات في أدنى مخلوقاته.. وكيف نعتقد أن الله الذي وشّح تلك الأجرام بالأنوار الظاهرة، وزيّنها بالصور المنيرة المشرقة المعجبة، لم يلتفت إلى أن يُودع بواطنها أنوارا أخرى.. أعني تأثيرات مما ينفع الناس؟ وقد سخّر الشمس والقمر والنجوم للناس، وأشار إلى أن كل منها خُلق لمصالح العباد، وإلى أن وجود تلك الأجرام من أعظم إحساناته وتفضلاته. وإنه لم يذكر تأثيرات بعض الأشياء في كتابه المحكم وأنها قد ثبتت عند أولي التجارب، فما لنا أن لا نقر بتأثيرات أشياء قد ذكرها الله تعالى في القرآن العظيم، بل فضّلها على أكثر النعماء وحث عباده على أن يُفكّروا في خلق السماوات والأرض وآياتها وقال: ( إِنَّ في خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْض وَاخْتلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ ) . والحق أن تأثيرات الشمس والقمر والنجوم شيء يراه الخَلق في كل وقت وحين، ولا سبيل إلى إنكارها. مثلا اختلاف الفصول وطبائعها، وخصوصية كل فصل بأمراض مخصوصة ونباتات معروفة وحشرات مشهورة.. شيء تعرفه فلا حاجة إلى تفصيلها. وأنت تعلم أنه إذا طلعت الشمس وفاضت الأنوار فلا شك لهذا الوقت تأثير في النباتات والجمادات والحيوانات، ثم إذا هرم النهار وكاد جُرُفُ اليوم ينهار، ففي ذلك الوقت تاثيرات أخرى. والحاصل أن لبعد الشمس وقربها أثرا جليا وتأثيرات قوية في الأشجار والأثمار والأحجار وأمزجة بني آدم، ولا بد من أن نقرّ بها وإلا فأين نفرّ من علوم حسّيّة بديهة ثابتة عند كل قوم. وكم من خواص القمر يعلمها الدهاقين وأرباب الفلاحة، فيا حسرة على الذين يقولون إنَّا نحن العلماء ثم يتكلمون كأرذل الجاهلين.
وقد اتفق الحكماء على أن أعدل أصناف الناس سكّان خط الاستواء، وما هذا إلا لتأثير خاص يكون سببا لكمال صحتهم وزيادة فهمهم وحزمهم. ولا شك أن هذا من العلوم الحسّية البديهة المرئية، ولا يُعرِض عنه إلا الذي لا يحظى بسراج الحجة ويزيغ عن المحجّة، فتعسًا للمعرضين. وقد تقرر في ديننا أن بعض الأوقات مباركة تُجاب فيها الدعوات، وتُسمع فيها التضرّعات.. كليلة القدر وثُلث الأخير من الليل. وقال المحققون إن في الأوقات التي عُيّنتْ للصلاة بركات مخفية فلذلك خصّها الله للعبادات، فمن حافظ عليها وقضى كل صلاة بحضور القلب في وقتها فلا شك أنه يُعطى بركاتها ويُصيبه حظ منها، وينال سعادة مطلوبة ويُنجَّى مِن بئس القرين. فتأمَّلْ هذا الموضع حق التأمل فإنه موضع عظيم. ومَن جدّ في الطلب وجاهد فتقارنه العناية والتوفيق والاجتباء، ويعصمه الله من الخذلان، ويجعله من الموفَّقين.
وإذا عرفتَ هذا.. فإن كنت ذا قلب سليم فقد عرفتَ الحقيقة، وزالت عنك شكوك كثيرة وشبهات في هذا الباب، وانجابت غشاوة الاسترابة، وبانت أمارة الحق، وكُشف عنك الغُمّى، وهُديت إلى نور اليقين. وإن كنت لا يكفيك هذا، وتجد في نفسك طلب الزيادة في الإيضاح والإفصاح، فاعلم أن القرآن قد صرّح بهذا في غير موضع، كقوله تعالى : ( فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ في يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى في كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا )، وكقوله: ( يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ ) ، وكقوله: ( يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ )، فهذه الآيات كلها تدل على أن الله الحكيم العليم الرحيم الكريم المتفضل خلَق السماوات والأرض كذَكَرٍ وأنثى، واقتضت حكمته أن يجمعهما من حيث الفعل والانفعال، ويجعل بعضهما مؤثرا في بعض، وهذا معنى قوله: ( فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا ). ففكِّرْ في هذه الآية حق الفكر، ولا تفرّطْ في جنب الله، وقُمْ لكسب الحسنات وتلافي الهفوات قبل الوفاة، ولا تكن من الغافلين.
ثم انظر أنه تعالى قال في مقام آخر: ( قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا )، وقال: ( وأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَْ ) ( وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ )، ومعلوم أن هذه الأشياء لا تنـزل من السماء، فما عزاها الله إليها إلا إشارةً إلى أن العلّة الأولى من العلل التي قدّر الله تعالى لخلق تلك الأشياء وتولُّدها وتكوُّنها تأثيراتٌ فلكية وشمسية وقمرية ونجومية، وأشار في هذه الآيات إلى أن الأرض كامرأة والسماء كبعلها، ولا تتمُّ فعل إحداهما إلا بالأخرى، فزوّجَهما حكمةً من عنده وكان الله عليما حكيما.
فتدبَّرْ في هذه الآيات بنظر عميق وكرِّرِ النظر فيها، واعلم أن هذا الموضع من أجلّ المواضع لمن حقّقه وفهمه ونظره بدقة النظر. ويؤيد هذه الآياتِ قولُه تعالى: (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ). وأنت تفهم أن في هذا القول إشارةً إلى أن للنجوم ومواقعها دخل لِتحسُّسِ زمان النبوة ونزول الوحي، ولأجل ذلك قيل إن بعض النجوم لا يطلع إلا في وقت ظهور نبي من الأنبياء. فطوبى للذي يفهم إشارات الله ثم يقبلها كالتقاة، ولا يصول كالذي هو خليع الرسن ومديد الوسن ومن العصاة ومن المتكبرين.
وإن كنت ما سمعت من قبل بيانا واضحا كمثل بياننا هذا.. فلا تعجب من ذلك، فإن لكل موطن رجال، ولكل وقت مقال، وإن الله لا يُنـزل دقائق المعارف ولا يبسطها كل البسط إلا في وقت ضرورتها. وكم من لطائف ونِكات تخفى من أهل زمان ثم يأتي وقت إظهارها في زمان آخر، فيبعث الله مجددا في ذلك الوقت، وينطق محدَّثُ الوقت بتلك النكات، فيفصّل مجملاتٍ اقتضتْ حالةُ الزمان تفصيلَها، وتُلقَى على لسانه معارفُ كتابِ الله التي قد جاء وقتُ تبيُّنها، فيُبيّنُها للناس على وجه البصيرة بجأشٍ متين. فيقبَله الذي رَكَنَ من الدنيا إلى الله، ويُعرِض عنه الجاهل لغباوته وغلبة شقاوته، فاتق الله وكُنْ من الصالحين.
واعلم أن كثيرا من العلماء الراسخين ذهبوا إلى ما ذهبنا في تفسير هذه الآيات المتقدمة، وكانوا يعتقدون أن في الشمس والقمر والنجوم تأثيرات خلقها الله لمصالح عباده، كما قال الرازي في تفسيره الكبير وهو هذا:
"فإن الشمس سلطان النهار، والقمر سلطان الليل، ولولا الشمس لما حصلت الفصول الأربعة، ولولاها لاختلّت مصالح العالم بالكلية. وقد ذكرنا منافع الشمس والقمر بالاستقصاء في أول هذا الكتاب".
تمَّ كلامه، فتفكَّرْ فيه ولا تمرّ بها كالنائمين.
ثم جلس سيدنا يوسف بن المسيح قليلا ثم تابع الخطبة فقال : الحمد لله - الحمد لله وحده - الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده و بعد : يقول المهدي الحبيب : " وقال صاحب "حُجّة الله البالغة":
"أما الأنواء والنجوم فلا يبعد أن يكون لهما حقيقة، فإن الشرع إنما أتى بالنهي عن الاشتغال به لا نفي الحقيقة البتّة. وإنما توارث من السلف الصالح ترك الاشتغال به وذمّ المشتغلين وعدمُ القبول بتلك التأثيرات لا القولُ بالعدم أصلا. ((( هذا يشبه أننا لا ننفي وجود الجن والسحر والتأثيرات الشيطانية _ عياذا بالله _ ولكن لاننشغل بتلك الأمور لاننشغل بطبيعة السحر وبطبيعة الجن والأكوان الأخرى فقط نثبتها ثم نفوض كيفها لله عز وجل وكذلك الإمام المهدي أثبت أن أي شيء نعرضه على القرآن أو نعرضه على المسلّمات العلمية ))) .
وقال صاحب "حُجّة الله البالغة":
"أما الأنواء والنجوم فلا يبعد أن يكون لهما حقيقة، فإن الشرع إنما أتى بالنهي عن الاشتغال به لا نفي الحقيقة البتّة. وإنما توارث من السلف الصالح ترك الاشتغال به وذمّ المشتغلين وعدمُ القبول بتلك التأثيرات لا القولُ بالعدم أصلا. وإن منها ما يلحق البديهاتِ الأوّليّة كاختلاف الفصول باختلاف أحوال الشمس والقمر ونحو ذلك، ومنها ما يدل عليه الحدس والتجربة والرصد.. كمثل ما تدل هذه على حرارة الزنجبيل وبرودة الكافور. ولا يبعد أن يكون تأثيرها على وجهين.. وجهٌ يُشبه الطبائع، فكما أن لكل نوعٍ طبائع مختصة به من الحر والبرد واليبوسة والرطوبة، بها يتمسك في دفع الأمراض.. فكذلك للأفلاك والكواكب طبائع وخواص كحر الشمس ورطوبة القمر، فإذا جاء ذلك الكوكب في محله ظهرت قوّته في الأرض. ألا تعلم أن المرارة إنما اختصّت بعادات النساء وأخلاقهن بشيء يرجع إلى طبيعتها.. وإن خَفِيَ إدراكها، والرجل إنما اختص بالجرأة والجهورية ونحوهما لمعنى في مزاجه، فلا تنكر أن يكون لحلول قوى الزهرة والمريخ بالأرض أثر كأثر هذه الطبائع الخفيّة. وثانيهما.. وجهٌ يُشبه قوةً روحانية مشتركة مع الطبيعة، وذلك مثل قوة نفسانية في الجنين من قِبَلِ أُمّه وأبيه. والمواليد بالنسبة إلى السماوات والأرضين كالجنين بالنسبة إلى أبيه وأمه، فتلك القوة تُهيّئ العالم لفيضانِ صورةٍ حيوانية ثم إنسانية. ولحلول تلك القوى بحسب الاتصالات الفلكية أنواع، ولكل نوع خواص، فأمعنَ قوم في هذا العلم فحصل لهم علم النجوم.. يتعرّفون به الوقائع الآتية. غير أن القضاء إذا انعقد على خلافه جعَل قوة الكواكب متصورةً بصورة أخرى قريبة من تلك الصورة، وأتم الله قضاءه من غير أن ينخرم نظام الكواكب في خواصها".
تمّ كلامه، رحمه الله.
فانظر أيها العزيز.. كان الله معك.. إن هذا القائل بتأثير النجوم عالم ربّاني من علماء الهند، وكان هو مجدد زمانه، وفضائله متبينة في هذه الديار، وهو إمام في أعين الكبار والصغار، ولا يختلف في علو شأنه أحد من المؤمنين. فويل للذين يطيلون لُسْنَهم لتكفير المسلمين كالوَقاح المتسلطة، ولا يتفكرون في كلماتِ أئمّتهم، ويريدون أن يزيدوا الكفار ويُقلّلوا أهل الإسلام، ويريدون أن يُلْقُوا الأُمّةَ في فتنة صمّاء يكفر بعضهم بعضا، ويبيعون الإيمان لفضالة المأكل وثمالة المنهل، ويسقطون كالذباب على قَيح ومُخاط وبُراز الناس، ويتركون وَردًا وريحانا ومسكا وعنبرا وأنهارَ ماءٍ مَعين.
ثم اعلم أن الفاضل الذي كتبنا قليلا من كلامه قال في "فيوض الحرمين" أزيد من هذا، فلنذكُرْ قليلا من عباراته التي فيها بيان تأثير النجوم والأفلاك، وهي هذه:
"ربما لم يكن الرجل شريفا في الأصل، ولكنه وُلِد في زمان تقضي الاتصالاتُ الفلكية يومئذ نباهةَ نسبه. وأرى أن ذلك بنوع امتزاج زُحل مع الشمس والمشتري، بحيث يكون الزحل مرآةً ونورُ الشمس والمشتري منعكسًا فيه، فحينئذ يكون.. والله أعلم.. براعة النسب والنباهة من أجله. ويكون ذلك الاتصال بحيث ينحفظ في صورته المُفاضة حُكْمُ هذا الاتصال كما ينحفظ في الأولاد أشكال الوالدين وتخاطيطهما، وهذا الرجل ليس له شرفٌ موروث."
ثم قال في مقام آخر من كتابه "الفيوض":
"هاكَ ما فهَّمني ربي.. أنه يجيء مِن مدد السماء الأولى نُقولٌ وتوسّطاتٌ وزيٌّ، ومن السماء الثانية قواعدُ منضبطة، فتُكتَب وتُسطَر وتُعلَّم وتُؤْثَر كابرا عن كابر، وتُوقَر بها الصدور وتُملَأ به الصحف، ومن السماء الثالثة لون طبعي، فتصير طبيعته وتميل إليه الطبائع وتهيج لها حميّةٌ منهم فيحمونها وينصرونها ويناضلون دونها، ويحبونها كحب الأموال والأولاد والأنفس. ومن السماء الرابعة غلبة وقوة وتسخير، فيكون مسخَّرًا لها أكابرُ الناس وأصاغرهم، علماؤهم وأمراؤهم، ومن السماء الخامسة نِكايةٌ وشدة، فلن ترى منكرا لها إلا وقد امتُحن بالمحن، وابتُلي بالبلايا ولُعن وعوقب كأن من الغيب ناصرا لها. ومن السماء السادسة هداية معظّمة، فيكون سببا لاهتدائهم ومثابةً للناس إلى كمالهم. ومن السابعة الشرفُ الدائم الذي كالندب في الحجر لا يزال حتى تُمزَّع أوصاله وتُقطَع أجزاؤه. فهذه أركانٌ سبعة نلتم في الملأ الأعلى، فيكون جسدًا مسوًّى فيهم، فيُنفَخ مِن التدلّي الأعظم جذبٌ فيها بمنـزلة الروح في الجسد، فمن تلبّسَ بتلك الأذكار والأفكار، وتزيّنَ بذلك الزيّ شملتْه الرحمة الإلهية، وأتاه الجذب من فوقه ومن تحته ويمينه وشماله ومن حيث لا يحتسب. ثم يربي هذا الطفل ساداتُ الملأ الأعلى، ويخدمه الملأ السافل، فلا يزال يتقرر أمره ويزداد شأنه، حتى يأتي أمر الله على ذلك. فهذه هي الطريقة، وقِسْ عليه المذهب في الفروع والأصول. فكل من ادّعى أن الله تعالى أعطى طريقة أو مذهبا ولم يكن الذي أُعطي كما وصفْنا فقد عجز عن معرفة الأمر على ما هو عليه. ثم ليس كل أحد يُقضى له بالطريقة، وليس عند الله جزاف ولا تخمين في شيء من الأشياء، بل إنما يعطي من جِبِلّ مباركا زكيا فيه إمداد الأفلاك السبعة والملأ الأعلى والسافل، وله رحمة خاصة من التدلي الأعظم. وكم من عارف عظيم المعرفة أو فانٍ باقٍ شديد الفناء سابغ البقاء ليس بمبارك وزكيّ فلا يُعطاها. وكذلك لا يتعاطى حفظها كل أحد، بل لكل أمر رجلٌ خُلق له ويُسِّرتْ جبلّةٌ لذلك. وأما صورةُ ظهورها فنشأة أخرى وراء النشأة المتعارفة حقيقتها بركة فائضة في الأعراض والأفعال."
تمّ كلامه رحمه الله. فإن كفّرتَ أحدًا بهذه العقائد فكفّرْه أوّلاً، فإن الفضل للمتقدمين.
وأقم الصلاة .
ثم قام بلال اليوسفيين بإقامة الصلاة وصلى نبي الله الجمعة ركعتين وقرء في الركعة الأولى سورة الفاتحة وسورة البينة .
بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ * ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ * إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ * ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰ⁠طَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ * صِرَ ٰ⁠طَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ .
(بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ لَمۡ یَكُنِ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِینَ مُنفَكِّینَ حَتَّىٰ تَأۡتِیَهُمُ ٱلۡبَیِّنَةُ ۝ رَسُولࣱ مِّنَ ٱللَّهِ یَتۡلُوا۟ صُحُفࣰا مُّطَهَّرَةࣰ ۝ فِیهَا كُتُبࣱ قَیِّمَةࣱ ۝ وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَتۡهُمُ ٱلۡبَیِّنَةُ ۝ وَمَاۤ أُمِرُوۤا۟ إِلَّا لِیَعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ مُخۡلِصِینَ لَهُ ٱلدِّینَ حُنَفَاۤءَ وَیُقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَیُؤۡتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَذَ ٰ⁠لِكَ دِینُ ٱلۡقَیِّمَةِ ۝ إِنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِینَ فِی نَارِ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِینَ فِیهَاۤۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمۡ شَرُّ ٱلۡبَرِیَّةِ ۝ إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمۡ خَیۡرُ ٱلۡبَرِیَّةِ ۝ جَزَاۤؤُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتُ عَدۡنࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَاۤ أَبَدࣰاۖ رَّضِیَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُوا۟ عَنۡهُۚ ذَ ٰ⁠لِكَ لِمَنۡ خَشِیَ رَبَّهُۥ)
وقرء في الركعة الثانية سورة الفاتحة وسورة العاديات .
بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ * ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ * إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ * ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰ⁠طَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ * صِرَ ٰ⁠طَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ .
(بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ وَٱلۡعَـٰدِیَـٰتِ ضَبۡحࣰا ۝ فَٱلۡمُورِیَـٰتِ قَدۡحࣰا ۝ فَٱلۡمُغِیرَ ٰ⁠تِ صُبۡحࣰا ۝ فَأَثَرۡنَ بِهِۦ نَقۡعࣰا ۝ فَوَسَطۡنَ بِهِۦ جَمۡعًا ۝ إِنَّ ٱلۡإِنسَـٰنَ لِرَبِّهِۦ لَكَنُودࣱ ۝ وَإِنَّهُۥ عَلَىٰ ذَ ٰ⁠لِكَ لَشَهِیدࣱ ۝ وَإِنَّهُۥ لِحُبِّ ٱلۡخَیۡرِ لَشَدِیدٌ ۝ ۞ أَفَلَا یَعۡلَمُ إِذَا بُعۡثِرَ مَا فِی ٱلۡقُبُورِ ۝ وَحُصِّلَ مَا فِی ٱلصُّدُورِ ۝ إِنَّ رَبَّهُم بِهِمۡ یَوۡمَىِٕذࣲ لَّخَبِیرُۢ)
ثم جمعَ صلاة العصر .
==============
والحمد لله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق