الثلاثاء، 27 يوليو 2021

صلاة الجمعة 23=7=2021

 
 
 
يوشع بن نون :
 
 
صلاة الجمعة ٢٠٢١/٧/٢٣
○○○○○○○○○
صلاة الجمعة لخليفة المسيح الموعود السادس سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام بتاريخ ٢٠٢٠١/٧/٢٣
يقول سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام : السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته . أذان .
قام بلال اليوسفيين برفع الأذان :
الله اكبر الله اكبر
الله اكبر الله اكبر
اشهد ان لا اله الا الله
اشهد ان لا اله الا الله
اشهد ان محمدا رسول الله
اشهد ان محمدا رسول الله
حى على الصلاة
حى على الصلاة
حى على الفلاح
حى على الفلاح
الله اكبر الله اكبر
لا اله الا الله
ثم قام سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام خطيبا فقال : الحمد لله - الحمد لله وحده - الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده وبعد ; لدينا اليوم بداية كتاب نجم الهدى للإمام المهدي الحبيب يقول المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام :
نـجـمُ الهدى
الحمد لله الذي خلق الأشياء كلها فأودع مِن جمالٍ خَلْقَها، وبرأ نفوس الناس لنفسه فسوّاها وعالَج بوجهه قلقها، وأتقن كلَّ ما صنع وحسَّن وأبدع وأحكمَ، وأضاء الشمس وأنار القمر وأنعم على الإنسان وأعزّه وأكرمَ. والصلاة والسلام على رسوله النبيّ الأميّ.. محمد أحمد الذي كان اسماه هذان أوّل أسماءٍ عُرضتْ على آدم بما كانا علّةً غائيّةً للنشأة الأولى وكانا في علم الله أشرف وأقدم. فهو أوّلُ النبيين درجةً لهذين الاسمين وآخرهم بما ختم الله عليه كلّ ما علّم النبيين وفهّم، وأكمل كلّ ما أوحى إليه وألهم، وبما أعطاه الله آخر المعارف وجمع فيه ما أخّر وقدّم، وأرسله إلى كل أسود وأبيض، واختاره لإصلاح كل أعمى وأصمّ وأبكم، وضمّخه بعطرِ نعمه أزْيدَ مما ضمّخ أحدا من الأنبياء، وعلمه من لدنه، وفهّمه من لدنه، وعرّفه من لدنه، وطهّره من لدنه، وأدّبه من لدنه، وغسله من لدنه بماء الاصطفاء. فوجب عليه حمدُ هذا الربِّ الذي كفَل كلَّ أمره بالاستيفاء، وأدخله تحت رداء الإيواء، وأصلح كل شأنه بنسفه من غيرِ منّةِ الأساتذ والآباء والأمراء، وأتمّ عليه من لدنه جميع أنواع الآلاء والنعماء. فحمده روحُ النبي بحمد لا يبلغ فكرٌ إلى أسراره، ولا تدرك ناظرةٌ حدود أنواره، وبالغَ في الحمد حتى غاب وفنى في أذكاره.
وأمّا سبب هذا الحمد الكثير. . وسرُّ إحماده، فهو بحار فضل الله وموالاة إمداده، وعناية الله التي ما وكَلتْه طرفة عين إلى سعيه واجتهاده، حتى شغفه وجهُ الله حُبًّا وأوحده في وداده، ففار قلبُه لتحميد هذا المحسن حتى صار الحمد عين مراده. وهذه مرتبة ما أعطاها الله لغيره من الرسل والأنبياء والأبدال والأولياء، فإنهم وجدوا بعض معارفهم وعلومهم ونعمهم بوساطة العلماء والآباء والمحسنين وذوي الآلاء، وأما نبينا صلىالله عليه وسلم فوجد كل ما وجد من حضرة الكبرياء، ونال ما نال من منع الفضل والإعطاء، فما فارت قلوب الآخرين للحمد كما فار قلب نبيّنا لحمدِ مُنعِم تولى أمره وحده من جميع الأنحاء، فلأجل ذلك ما سُمّي أحدٌ منهم باسم أحمد، فإنه ما أثنى على الله أحدٌ منهم كمحمّد وما وَحَّدَ، وكان في نعمهم مَزْجُ أيدي الإنسان، وما علّمهم الله كعلمه وما تولّى كل أمورهم وما أَيَّدَ. فلا مهديَّ إلا محمد ولا أحمد إلا محمد على وجه الكمال، وهذا سرّ لا يفهمه إلا قلوب الأبدال.
ثم إذا كان حمدُه بإيثارِ وجه الله والإقبال عليه بنفي أهواء النفس والحَفْدِ إليه بإخلاص وصدق وتوحيد، فرجّع اللهُ إليه صلةً منه ما أرسلَ الى ربّه من تحميد، وكذلك جرتْ سنته بكل صديق وحيد، فحُمِّدَ محمّدنا في الأرض والسماء بأمر ربّ مجيد وفي هذا تذكرة للعابدين,وبشرى لقوم حامدين. فإن الله يرد الحمد إلى الحامد ويجعله من المحمودين,فيُحمَد في العالمين,ويوضع له القبولية في الأرض,فيثني عليه كل من كان من الصالحين.وهذا هو كمال حقيقة العبودية، ومآلُ أمر النفوس المطهرة، ولا يعرفها إلا الذي أعطيَ حظا من المعرفة. وهذا هو غاية نوع الإنسان، وكماله المطلوب في تعبُّد الرحمن. وهذا هو الذي تنتهي إليه آمال الأولياء، ويختتم عليه سلوك الطلباء، وتستكمل بها العنايةُ نفوس الأصفياء. وهذا هو لبّ أعباء الشريعة، ونتيجة المجاهدات في الملة، وسرّ ما نزل به الناموس من الحضرة على قلب خير البريّة، عليه أنواع السلام والصلاة والبركات والتحيات. يرغب فيه المجاهدون، وإلى الله متبتّلون، الذين في خيام حبّه يسكنون، وبه يحيون، وله يموتون، وعليه يتوكلون، ولحُكْمه بصدق القلب يطيعون، ولأمره بِهَمْلِ العين يتّبعون، وفي مرضاته يفنون، وفي أحزانه يذوبون، وبأُنسه يبقون، وله تتجافى جنوبهم من المضاجع ويتحنّثون، ويبيتون سُجّدًا وقيامًا ولا يغفلون، ويأخذهم القلق فيذكرون حِبّهم ويبكون، وتفيض أعينهم من الدمع وفي آناء الليل يصرخون ويتأوّهون، ولا يعلم أحد إلى أي جهة يُجذَبون ويقلَّبون. يُصَبُّ عليهم مصائب فبصدقهم يتحمّلون، ويُدخَلون في نيران فيقال: "سلام "، فيُحفظون ويُعصَمون. أولئك هم الحامدون حقًا وأولئك هم المقدّسون والنجيّون، فطوبى لهم ولمن صَحِبهم فإنهم المنفردون، والشافعون المشفَّعون .
وهذه مرتبة لا تُعطى إلا لمحبوبي الحضرة، وإنما جاء الإسلام لتبيين تلك المنزلة.. ليُخرج الناس من وِهاد المنقصة، ويوصلهم إلى حظيرة القدس ويهدي إلى مقام السعادة، وينذر الغافلين ويصدِم قلوبهم بوعيدِ مُدى القطعية.
وما تعلم ما الحمد والتحميد، ولِم أعلى مقامه الربُّ الوحيد. وكفى لك مِن عظمته أن الله ابتدأ به كتابه الكريم، ليبيّن للناس عظمة الحمد ومقامه العظيم. وإنه لا يفور من قلبٍ إلا بعد المحويّة والذوبان، ولا يتحقق إلا بعد الانسلاخ ودوسِ أهواء النفس الثعبان، ولا يجري على لسان إلا بعد اضطرام نار المحبة في الجنان، بل لا يتحقق إلا بعد زوال أثر الغير من الموهوم والموجود، ولا تتولّد إلا بعد الاحتراق في نار محبّة المعبود. فمن ألقى نفسه في هذه النار، فهر يحمد الله بقلبٍ مُوجَع وسِرِّ محوٍ في الحبيب المختار، وهو الذي يُدعى في السماء باسم أحمد ويقرَّب ويُدخَل في بيت العزّة وقُصارة الدار، وهي دار العظمة والجلال.. يُقال استعارةٌ إن الله بناها لذاته القهار، ثم يعطيه لحمّادِ وجهه فيكون له كالبيت المستعار، فيُحَمد هذا الرجل في السماء والأرض بأمر الله الغفّار، ويُدعى باسم محمّد في الأفلاك والبلاد والديار، ومعناه أنه حُمّد حمدًا كثيرا واتفق عليه الأخيار من غير الإنكار.
وإن هذين الاسمين قد وُضعا لنبيّنا مِن يوم بناء هذه الدار، ثم يُعطَيان للذي صار له كالأظلال والآثار. ومن أُعطي من هذين الاسمين بقبس فقد أنير قلبه بأنواع الانوار. وقد جرى على شفتَي الرسول المختار، أن الله يرزق منهما عبدًا له في آخر الزمان كما جاء في الأخبار، فاقرؤوا ثم فكِّروا يا أولي الأبصار.
فالغرض أن الأحمدية والمحمدية أمرٌ جامع دُعِيَ الموحّدون إليه، ولا يتمّ توحيد نفس إلا بعد أن يرى في وجوده تحقُّقَ جَنْبَيه، ولا تصير نفس مطمئنةً، ولا تتزل على قلبٍ سكينة، إلا أن يكون سابحا في هذه اللُجّة، ولا ينجو أحدٌ من مكائد الأمّارة إلا أن يحصل له حظٌّ من هذه المرتبة. والذين بعدوا منهاوما أخذوا منها حصّةً ترهَقهم ذلّةٌ في هذه ويوم القيامة.هم الذين يمشون على الأرض كغُثاءٍعلى السيل،كأنما أغشيتْ وجوههم قطعاًمن الليل.
يتولدون محجوبين، ويعيشون محجوبين، ويموتون محجوبين. أولئك الذين أعرضتْ قلوبهم عن حمد ربهم وضيّعوا أعمارهم في حمد أشياء أخرى أو رجال آخرين.
فبُشرى لنا معشر الإسلام.. قد بُعث لنا نبي بهذه الصفة وهذا الكمال التام، وسُمّي أحمد ومحمد من الله العلاّم، ليكون هذان الاسمان بلاغا للأُمّة وتذكيرا لهذا المقام.. الذي هو مقام الفناء والانقطاع والانعدام، لترغب الأمّة في هذه الصفات وتتّبع اسمَي خيرِ الأنام. وقد نُدب عليهما إذ قيل حكايةً عن الرسول (.فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) فاهتزّت أرواحنا عند وعد هذا الجزاء والإنعام، وقلوبنا مُلئت شوقا وصارت أشكالها ككؤوس المُدام. وما أعظمَ شأنَ رسول ما خلا اسمُه من وصيّة للأُمّة، بل مُلئ مِن تعليم الطريقة، ويهدي إلى طرق المعرفة، وأُشيرَ في اسمَيه إلى مُنتهى مراحلِ سبلِ حضرة العزّة، وأُومِئ إلى نقطةٍ خُتم عليها سلوك أهل المعرفة. اللهم فصَلِّ عليه وسلِّمْ وآلِه المطهرين الطيبين، وأصحابه الذين هم أسودُ مواطن النهار ورهبانُ الليالي ونجوم الدين، رضي الله عنهم أجمعين.
أمّا بعد.. فهذه رسالة فيها بيان ما استبضعتُ متاعًا من ربّي، ومانبع في زمانِ ملامحِ السراب مِن عينٍ في سِرْبي، بإذن مولى مُربّي.
وشرعتُها يوم الخميس وختمتُها بُكرةَ عَروبةٍ، من غير أن أكابدالصعوبة. وإني ألّفتُ هذه الرسالة إتماما للحجّة، وبادرتُ إليها شفقة على الغافلين من هذه الأُمّة، ومثَلتُ تحنّنًا على الضعفاء من هذه العصبة. وإني أرى في دعوتي صلاح الرجال منهم والنسوة، ولو كانت "رابعة "بنُسكها والعفة. وعوّضتُها عماأشاع المخالفون في هذه الأيام، وأودعتها مِن نكات المعارف ودقائق ملة الإسلام. وهذه لهم كغَوّاثٍ في لسانين مني ومِن فورِ محبّتي، وزاد الإنجليزية والفارسية عليها بعضُ أحبّتي، وما وهنوا وما استقالوا بل حفَدوا إلى إسعاف مُنيتي، وكلُّ هذا من ربّيِ كافِلِ خطّتي. لا رادَّ لإرادته، ولا صادَّ لمشيئته، ولا مانِعَ لفضله، ولا كافِئَ لنصله. ولقد كادت أنوار الإسلام تغرُب، وأنواؤه تعزُب، لولا أن الله تداركَ الأُمّةَ على رأس هذه المائة، وتلافى المَحْلَ بمُزنِةِ الرحمة والعاطفة، فاشكروا هذا المولى المحسن إن كنتم مؤمنين.
ثم جلس سيدنا يوسف بن المسيح قليلا ثم تابع الخطبة فقال : الحمد لله - الحمد لله وحده - الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده وبعد ; يقول الامام المهدي الحبيب : وإن رسالتي هذه قد خُصّت بقومي الذين أبوا دعوتي، وقالوا أفيكة أفاكٍ وحسبوها فِرْيتي، وظنوا أنها عَضِيهة وهتكوا بسوء الظن عِرضي وحرمتي، فألجأني وجدي المتهالك إلى النصيحة والمواساة. والله يعلم ما في صدور عباده وهو عليم بالنيّات، ومطّلعٌ على المخفيّات، وخبيربما في العالمين. وإني لا أرى حاجة في هذه الرسالة إلى أن أكتب دلائل الملّة الإسلامية، أو أنمّق نُبَذًا من فضائل خيرِ البريّة، عليه معظّمات السلام والتحية، فإن الإسلام دين عظيم وقويم أُودع عحائب الآيات، ونبيّنا نبي كريم ضُمِّخَ بطِيبٍ عميم من البركات، وصِيغَ من نور رب الكائنات، وجاءنا عند شيوع الضلالات، وسفَر عن مَرْأى وسيمٍ، وأَرَجِ نسيم للإفاضات، وشنَّ على سِرْب الباطل من الغارات، وتراءى في صدقه كأجلى البديهيات. وإنه هدى قومًا كانوا لا يرجون لقاء الرحمن، وكانوا كأموات ما بقِي فيهم روح الإيمان والعمل والعرفان، وكانوا يعيشون يائسين- فهداهم وهذّبهم ورفعهم وأوصلهم إلى أعلى مدارج المعرفة، وكانوا من قبل يشركون ويعبدون تماثيل من الحجارة، ولا يؤمنون بالله الأحد الصمد ولا بيوم الآخرة. وكانوا يعكفون على الأصنام، ويعزُون إليها كلّ ما هو قدر الله الحكيم العلام، حتى عزَوا إليها إنزال المطر من الغمام، وإخراجَ الثمار من الأكمام، وخَلْقَ الأجنّة في الأرحام، وكلّ أمر الحياة والحِمام. وكان يعتقد كلَّ منهم وَثْنَه مِعْوانًا، وعند النوائب مستعانا، وعند الأعمال ديّانًا وكان كل منهم يُهرَع إلى تلك الحجارة حريصا، ويحفِد إليها مستغيثا. وكذلك تركوا ضوء النهار واتخذوا الليل مقاما، وأدلَج كلّ فيه وأحبّوا ظلاما. وكانوا يهتزّون بها هزّةَ من فاز بالمرام، أو كمَنْ أكثبَه قنَصٌ فأخذه مِن غير رمي السهام. وكانوا قد عَلِقَ بقلبهم أنهم يُعطَون كلّ مرادهم من الأصنام، وحسبوا أن الله منزه عن تلك الاهتمام، وزعموا أنه أعطى لآلهتهم قوة وقدرة في عالم الأرواح والأجسام، وكساهم رداء ألوهّيته بالإعزاز والإكرام، وهو مستريح على عرشه وفارغ من هذه المهام، وهم يشفعون عبدتهم وينجّون من الآلام، ويقرَبون إلى الله زُلفى ويعطون مقصد المستهام. وكانوا مع تلك العقائد يعملون السيئات وبها يتفاخرون، ويزْنون ويسرقون، ويأكلون أموال اليتامى من غير الحق ويظلمون، ويسفكون الدماء وينهبون، ويقتلون نفوسا زكيّة ولا يخافون. وما كان جريمة إلا فعلوها، وما من آلهة باطلة إلا عبدوها.أضاعوا آداب الإنسانية، وزايَلوا طُرُقَ أخلاق الإنسيّة، وصاروا كالوحوش البرّيّة، حتى أكلوا لحم الأبناء والإخوان، وخضموا كل جيفة وشربوا الدماء كالألبان. وجاوزوا الحد في المنكرات وأنواع الشقا، وفعلوا ما شاءواكأوابد الفلا، ولم يزلْ شعراؤهم يلُوكون أعراض النساء، وأمراؤهم يداومون على الخمر والقِمار والجفاء. وكانوا إذا بخلوا يُتلِفون حقوق الإخوان واليتامى والضعفاء، وإذا أنفقوا فينفقون أموالهم في البَطر والإسراف والرياء واستيفاء الأهواء. وكانوا يقتلون أولادهم خوفا من الإملاق والخصاصة، ويقتلون بناتِهم عارًا من أن يكون لهم خَتَنٌ من شركاء القبيلة. وكذلك كانوا يجمعون في أنفسهم أخلاقا رديّة، وخصالا رذيلة مُـهلكة، حتى كثُر فيهم حزب المُقْرِفين الزنيمين، وعاهرات متخذات أخدانًا والزانين. والذين كانوا يخالفون آثار مَهْيَعِهم فكانوا يخافون عند نصحهم على عرضهم ونفسهم وأهل مَربَعِهم.
فالحاصل أن العرب كان قوم لم يواجهوا في مدة عمرهم تلقاءَ الواعظين، وكانوا لا يدرون ما التُّقى وما خصال المتّقين. وما كان فيهم من كان صادقا في الكلام غير جافٍ عند فصل الخصام. فبينما هم في تلك الأحوال وأنواع الضلال والفساد في الأقوال والأعمال والأفعال.. إذ بُعث فيهم رسول من أنفسهم في بطن مكة، وكانوا لا يعلمون الرسالة والنبوة وما بلغهم رَسّ من أخبارها وما دروا هذه الحقيقة، فأبوا وعصوا وكانوا على كفرهم وفسقهم مصرّين. وحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم كلّ جفائهم وصبر على إيذائهم، ودفع السيئات بالحسنة، والبغضَ بالمحبة، ووافاهم كالمحبّين المواسين. وطالما سلك في سككِ مكة كوحيد طريد، وتصدّى بقوة النبوة لكل عذاب شديد. وكان يُقبِل على الله كل ليلة، ويسأل الله انفتاح عيونهم ونزول فضل ورحمة، حتى استُجيب الدعوات، وضاعَ مِسْكُها وتوالى النفحات، ونزل أمرُ مقلِّب القلوب، وأُوتوا قوة من مُعطِي الحُبّ وزارعِ الحبوب. فبُدّلت الأرض غير الأرض بحكم حضرة الكبرياء، وجُذبت النفوس إلى الداعي المبارك وسمع نداءَه قلوبُ السعداء، وأفضى إلى مقتله كلُّ رشيد من الصدق والوفاء. وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم لابتغاء مرضاة الله الرحمن، وقضوا نحبهم لله الرحمن، وذبحوا له ككبش القربان، وشهدوا بإهراق دمائهم أنهم قوم صادقون، وأثبتوا بأعمالهم أنهم لله مخلصون. وكانوا في زمن كفرهم أسارى في سجن الطلام، فنُوّروا بعد إجابة دعوة الإسلام، وبدّل الله سيئاتِهم بالحسنات، وشرورهم بالخيرات، فبدّل غَبوقهم بصلاة آناء الليل والتضرّعات، وصَبوحهم بصلاة الصبح والتسبيحابت والاستغفارات. وبذلوا أموالهم وأنفسهم بسبل الرحمن بطِيب الجنان، عندما ثبت لهم صدق الرسول بكمال الإيقان. فإذا رأوا الحق فأتموا جهدهم في استبراء زنْدِ الإيمان، وبلَوا أنفسهم لاستشفاف فرِنْدِ الاستيقان. فهذا هو الأمر الذي شجّعهم وحَدَّ مُداهم، ثم أشاد لهم ذكراهم وأحسن عقباهم. وهذا هر السَمْحُ الذي حبّب إلى الخلائق خلائقهم، وأرى كنشْرِ المِسك المفتوت حقائقهم. وهذا هو سببُ اجتراء جنانهم، وانصلاتِ لسانهم، وقوة إيمانهم، وعلوّ عرفانهم، ولأجل ذلك أهرقوا نفوسهم محبّةً وودادا، حتى عاد جمرُها رمادا، واتّقدوا بحب الله اتّقادا، وأعدّوا النفوس بسبله إعدادا. وصارت المصائب عليهم كالبرد والسلام، ونسوا تكاليف الحرّ والضِّرام. ومن نظر في أنهم كيف تركوا مَراتعَهم الأولى، وكيف جابوا بيداءَ الأهواء ووصلوا المولى، وكيف بُدّلوا وغُيّروا، وطُهّروا ومُحّصوا، علِم باليقين أنه ما كان إلا أثر القوةِ القدسيّة المحمدية، وبه اصطفاهم الله وأقبلَ عليهم بالتفضلات الأزلية.
وإن الصحابة أُخذوا بهذا الأثر من تحت الثرى وُرفعوا إلى سمك السماء، ونُقلوا درجة بعد درجة إلى مقام الاجتباء والاصطفاء. وقد وجدهم النبي كعجماوات لا يعلمون شيئا من تهذيب وتقاة، ولا يفرّقون بين صلاح وهَناة، فعلّمهم أوّلاً آداب الإنسانية بالاستيفاء، وفصّل لهم طرق التمدّن والثواء، والطهارة والاستنان والسِّواك والخِلالة بعد الضَّحاء والعَشاء، والاستنثار عند البول والاستبراء عند الاستنجاء، وقوانين المعاشرة والمدَنّية والأكل والشرب والكسوة والمداواة والاحتماء، وأصول رعاية الصحة والاتقاء من أسباب الوباء، وهداهم إلى الاعتدال في جميع الأحوال والأنحاء. ثم إذا مرِنوا عليها فنقلهم من التطهيرات الجسمانية إلى التحلي بالأخلاق الفاضلة الروحانية، والخصال المرضّية المحمودة الإيمانية. ثم إذا رأى أنهم رسخوا في محاسن الخصال، وكانت لهم ملكة في إصدار الأخلاق المرضّية على وجه الكمال، فدعاهم إلى سرادق القرب والوصال،وعلّمهم المعارف الإلهية، ووَقَمَ أعنّتَهم إلى حضرة العزّة والجلال، ليترعوا منِ حدائق القرب لعاعَ الحبّ ويكون لهم عند الله زلفى وصدق الحال.
وأقم الصلاة.
ثم قام بلال اليوسفيين بإقامة الصلاة وصلى نبي الله الجمعة ركعتين وقرء في الركعة الأولى سورة الفاتحة والوجه الاخير من سورة المؤمنون.
بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ * ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ * إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ * ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰ⁠طَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ * صِرَ ٰ⁠طَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ .
(أَلَمۡ تَكُنۡ ءَایَـٰتِی تُتۡلَىٰ عَلَیۡكُمۡ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ۝ قَالُوا۟ رَبَّنَا غَلَبَتۡ عَلَیۡنَا شِقۡوَتُنَا وَكُنَّا قَوۡمࣰا ضَاۤلِّینَ ۝ رَبَّنَاۤ أَخۡرِجۡنَا مِنۡهَا فَإِنۡ عُدۡنَا فَإِنَّا ظَـٰلِمُونَ ۝ قَالَ ٱخۡسَـُٔوا۟ فِیهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ۝ إِنَّهُۥ كَانَ فَرِیقࣱ مِّنۡ عِبَادِی یَقُولُونَ رَبَّنَاۤ ءَامَنَّا فَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَا وَأَنتَ خَیۡرُ ٱلرَّ ٰ⁠حِمِینَ ۝ فَٱتَّخَذۡتُمُوهُمۡ سِخۡرِیًّا حَتَّىٰۤ أَنسَوۡكُمۡ ذِكۡرِی وَكُنتُم مِّنۡهُمۡ تَضۡحَكُونَ ۝ إِنِّی جَزَیۡتُهُمُ ٱلۡیَوۡمَ بِمَا صَبَرُوۤا۟ أَنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡفَاۤىِٕزُونَ ۝ قَـٰلَ كَمۡ لَبِثۡتُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ عَدَدَ سِنِینَ ۝ قَالُوا۟ لَبِثۡنَا یَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ یَوۡمࣲ فَسۡـَٔلِ ٱلۡعَاۤدِّینَ ۝ قَـٰلَ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا قَلِیلࣰاۖ لَّوۡ أَنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ۝ أَفَحَسِبۡتُمۡ أَنَّمَا خَلَقۡنَـٰكُمۡ عَبَثࣰا وَأَنَّكُمۡ إِلَیۡنَا لَا تُرۡجَعُونَ ۝ فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡحَقُّۖ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡكَرِیمِ ۝ وَمَن یَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرۡهَـٰنَ لَهُۥ بِهِۦ فَإِنَّمَا حِسَابُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦۤۚ إِنَّهُۥ لَا یُفۡلِحُ ٱلۡكَـٰفِرُونَ ۝ وَقُل رَّبِّ ٱغۡفِرۡ وَٱرۡحَمۡ وَأَنتَ خَیۡرُ ٱلرَّ ٰ⁠حِمِینَ)
وقرء في الركعة الثانية سورة الفاتحة وسورة الفلق.
بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ * ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ * إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ * ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰ⁠طَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ * صِرَ ٰ⁠طَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ .
(بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ ۝ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ۝ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ۝ وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّـٰثَـٰتِ فِی ٱلۡعُقَدِ ۝ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)
ثم جمعَ صلاة العصر .
والحمد لله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق