الثلاثاء، 20 مايو 2025

نقاش مع زميلي اللاأدري - الجولة الرابعة .

 

 

 

نقاش مع زميلي اللاأدري - الجولة الرابعة .

::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

 

الجزء الأول من الجولة الرابعة :

 

يقول زميلي اللاأدري : أنا كل ما باجي أحط راسي ع المخدة عشان أنام , ضميري بيفضل يأنبني تأنيب رهيب ومؤلم عن كل الناس اللي أذيتهم طول حياتي بصرف النظر عن أسباب وظروف كل موقف ,  الإله بقا بيجييله نوم إزاي وهو عامل كل ده فينا , ضميره مابيوجعوش على الأطفال المرضى والحيوانات المعذبة؟ آه صح نسيت ده مابينامش زيينا  !!!


=============================================

الرد على الجزء الأول من الجولة الرابعة من نقاش مع زميلي اللاأدري :


يوسف بحر الرؤيا

 قلت له :

هذا السؤال يعبّر عن ألم داخلي صادق، لكنه يُوجّه بلغة نقدية نحو "الإله" كما لو كان كائنا بشريا يخضع لمشاعر وقيود بشرية مثل النوم والندم والذنب. دعني أتناول الموضوع بلغة هادئة ومنطقية:

1. تشبيه الإله بالإنسان

أول إشكالية في هذا الطرح أنه يُسقط الصفات البشرية (كالنوم، والضمير، والعجز) على مفهوم "الإله". الإله – بحسب المفهوم التوحيدي – ليس كائنا محدودا مثلنا، ولا تنطبق عليه قوانين الزمان أو النفسية أو الجسد. الآية تقول:

"لا تأخذه سنة ولا نوم" (البقرة)
لأنه ليس جسدا يكل أو يحتاج لراحة، ولا نفسا تضعف وتندم.

2. مسألة الشر والمعاناة

ما تطرحه يا زميلي هو من أقدم الأسئلة الفلسفية:
"لماذا يسمح إله خير بمعاناة الأبرياء؟"
وهناك عدة مقاربات عقلية وفلسفية للرد، منها:

  • حرية الإرادة: كثير من الألم يأتي من أفعال البشر أنفسهم. والله لم يخلقنا كروبوتات بل أعطانا حرية نختار بها الخير أو الأذى.

  • الشر كجزء من الامتحان: الألم لا ينفي وجود الإله، بل قد يكون جزءا من الحكمة الكبرى، كأداة لصقل النفوس، أو لتمييز الصادق من المزيف.

  • محدودية المعرفة البشرية: كما أن الطفل لا يفهم لماذا الطبيب "يؤلمه" بالحقنة، كذلك لا نملك الصورة الكاملة التي يرى منها الإله الأمور.

3. شعور الندم والألم لدى الإنسان

هذا في جوهره إنساني نبيل. ضميرك حين يتألم، فهو لا يشبه "تأنيب الإله" بل يدل على أن داخلك وعي أخلاقي حي.
لكن حتى هذا التأنيب، لا يجب أن يقودك لليأس أو كراهية الذات أو إنكار الغيب.
بل العكس، هذا التأنيب إشارة على أنك قادر على النمو والتصحيح والرحمة – وهذا بذاته انعكاس لشيء إلهي فيك.

4. النقطة الجوهرية

إن كنتَ ترى أن العالم مؤلم وغير عادل، فالسؤال هو:

هل بوسع "عدم" أعمى، عشوائي، أن يخلق كل هذا – بما فيه مشاعرك الأخلاقية؟
إذا كنت تملك ضميرًا، فهل ولد من صدفة؟ أم أن فيه صدى لوجود أسمى؟


نهايةً، لا أحد يُطلب منه أن "يُؤمن بالقوة"، لكن من يطرح أسئلة من هذا النوع، عليه أن يُنصت للإجابات بصدق أيضًا. أن تتألم فهذا دليل إنسانيتك، لكن لا تجعل الألم بابًا لإسقاط داخلك على السماء.


لنغص أعمق في السؤال الفلسفي: "إذا كان الله موجودا، وكان خيرا وكلي القدرة، فلماذا يسمح بالشر والمعاناة؟"
هذا يُعرف في الفلسفة باسم "معضلة الشر" (Problem of Evil). دعنا نفككها:


🔹 أولاً: هل وجود الشر ينفي وجود إله؟

ليس بالضرورة.
وجود الشر قد يبدو للوهلة الأولى دليلاً ضد وجود إله، لكن عددا من المفكرين والفلاسفة يرون أن:

▫️وجود الشر دليل على وجود معيار للخير.

لو لم يكن هناك "خير" موضوعي، لما سمّينا شيئا "شرا" أصلاً. فكيف نعرف أن إيذاء الأطفال أو تعذيب الحيوانات شر، لو لم يكن فينا حس أخلاقي أعلى يرفضه بالفطرة؟
هذا الحس – تقول مدارس فلسفية ودينية كثيرة – يشير إلى وجود مصدر أعلى للخير: الله.


🔹 ثانيًا: ما أنواع الشر؟

  1. شر أخلاقي: كالقتل والظلم والكذب… وهذا أغلبه ناتج من أفعال البشر أنفسهم.

    • إذا ألغى الله حرية الإنسان، لأصبحنا بلا مسؤولية ولا معنى للأخلاق أصلاً.

    • مثل لعبة بلا خيار أو امتحان بلا سؤال.

  2. شر طبيعي: كالزلازل والأمراض والموت…

    • وهنا يتدخل العمق الفلسفي والروحي:
      هل يمكن للروح أن تنضج دون ألم؟
      هل هناك حكمة لا نراها من زاويتنا المحدودة كبشر؟


🔹 ثالثا: هل من معنى في المعاناة؟

في الديانات التوحيدية، المعاناة ليست عبثا، بل لها أغراض مثل:

  • اختبار النفس ونضوجها.

  • تطهير من الذنوب.

  • رفع الدرجات في الآخرة (لمن يؤمن بها).

  • إيقاظ للغافلين.

مثال:
تخيّل طفلا صغيرا تُؤخذ منه لعبة أحبّها في غرفة العمليات. يبكي ويصرخ، لكنه لا يعلم أن اللعبة كانت تحمل جرثومة قاتلة. الألم هنا "وسيلة" للنجاة، لا غاية.


🔹 رابعًا: الإله لا يُشبهنا

زميلي قال: "هو ما بينامش، ضميره ما بيوجعوش؟"
لكن هذا إسقاط بشري، وهو غير دقيق منطقيا ولا دينيا.

  • الله ليس مثلنا كي "ينام" أو "يتألم بالذنب".

  • الله – بحسب المفهوم التوحيدي – يعلم كل شيء، وهو مصدر الرحمة والحكمة، لا تُدركه عقولنا كاملة.


🔹 خامسا: هل الإلحاد يقدّم بديلا أفضل؟

إذا رفضنا الإله بسبب المعاناة، فهل الإلحاد يفسرها؟

  • الإلحاد يقول: "ما فيش معنى"، الألم مجرد تفاعلات كيميائية.

  • إذن، لماذا تعترض أصلاً؟ لا يوجد "خير" أو "شر" موضوعي!

  • إذا كانت الحياة بلا غاية، فألم الطفل مجرد صدفة كونية… فهل هذا مقنع عقليا أو نفسيا؟


🧠 خلاصة:

  • الألم لا ينفي وجود الله، بل يدفعنا لطرح الأسئلة الكبرى.

  • وجود الشر لا يعني غياب الخير، بل يؤكده.

  • المعاناة قد تكون بوابة إلى نضج روحي وفهم أعمق.

  • الإيمان ليس تجاهلا للأسئلة، بل بحث عن إجابة ذات معنى.

    و لنناقش سؤال:

هل يمكن وجود أخلاق موضوعية دون إله؟

هذه مسألة مركزية في الفلسفة الأخلاقية تُعرف بـ “الواقعية الأخلاقية” (Moral Realism): الإيمان بوجود قيم ومباديء أخلاقية موضوعية قائمة بحد ذاتها، مستقلة عن آراء البشر أو ديانةٍ معيّنة. هناك تياران رئيسيان في تناول هذا السؤال:


1. من يقضون بامكان “أخلاق موضوعية” بلا إله

  1. الأخلاق الفِطرية (Moral Intuitionism)

    • يدّعي الفلاسفة (مثل غوثري ورايت) أنّ هناك “حدسا أخلاقيا” مشتركا في البشر: شعورنا الفطري بأنّ بعض الأفعال (كالقتل العمد، و سرقة الضعيف ) خاطئة بغضّ النظر عن الدين.

    • هذا “الحدس” قد ينشأ من تركيبنا البيولوجي والاجتماعي، لكنه يُعطينا قاعدة أخلاقية ثابتة.

  2. النفعية والقيم الموضوعية للمعاناة والسعادة

    • مدارس النفعية (Bentham، Mill) ترى أنّ السعادة والمعاناة “حقائق” موضوعية، ويمكننا من منطلقها اشتقاق قواعد عامة (مثل: “زد السعادة، وقلّل المعاناة”).

    • هذه المعايير تُعتبَر “موضوعية” لأنها لا تتغيّر بتغيّر معتقدات الأفراد.

  3. العقد الاجتماعي والأخلاق العقلانية

    • فلاسفة العقد (Hobbes، Rousseau، Rawls) ينطلقون من فكرة أنّنا نولّد قواعد عدالةٍ وأخلاقٍ عبر توافقٍ عقلانيّ بين الأفراد لأجل تعايشٍ سلمي.

    • هذه القواعد نظريا ثابتة ما دام بدءُها في “وضع طبيعي” متفق عليه، ولا تعتمد على وحي إلهي.

  4. التطور الأخلاقي البيولوجي–الاجتماعي

    • علماء الأحياء والتطوّر (Wilson، Haidt) يشرحون أننا طوّرنا “حبّ التعاون” و”رفض الظلم” كآليات بقاء جماعي.

    • هذه المعايير – وإن كانت ناشئة طبيعيا – تعمل كأخلاق “موضوعية” نسلم بصحتها من دون مرجعية دينية.


2. الضوابط والنقائض

  • الأساس الإبستمولوجي

    • كيف نثبت موضوعية هذه القواعد؟

      • المؤمنون بالله يقولون: لأنّها نتاج “إرادة إلهية” فوقية لا تخضع لزمنٍ أو ثقافة.

      • العلمانيون: لأنه يمكن اكتشافها تجريبيا عبر دراسات سلوك الإنسان والثقافات المتنوعة (وجود توافق نسبي على بعض المبادئ).

  • الإشكالية الفلسفية

    • الأخلاقُ الوصفية لا تكفي: أن يعتقد الناس بمبدأٍ ما لا يعني أنّه صحيح موضوعيّا.

    • حجة التراجعات (Is–Ought Gap) لهيوم: لا يمكن الانتقال منطقيا من “ما هو” (حقائق طبيعية) إلى “ما يجب” (أحكام أخلاقية) إلاّ عبر مقدمةٍ غير بيولوجية.


3. مقارنة بالمراجع الدينية

المحورمع إله (التوحيد)من دون إله (واقعية علمانية)
مصدر المعايير         إرادة الله الثابتةحدس فطري، توافق اجتماعي، نفعية
ضمان الثبات           
ثبات يتجاوز الزمن والثقافةتوافق ثقافي وتجريبي، قد يتغير بمرور الزمن
مسألة العقابحساب أخروي ووعيد وجزاء مطلق            
مساءلة اجتماعية وقانونية فقط
المعنى والدافعخدمة الخالق، وحبّه، وتقواهتحقيق سعادة المجتمع، والتطور الجماعي

 

. الخلاصة

  • نعم يمكننا بناء نظام أخلاقي موضوعي مستندا إلى طبيعتنا الفطرية أو توافقنا الاجتماعي أو معايير النفعية… لكن:

  • قد يصيبه التذبذب بتغيّر الأوضاع والتصورات البشرية، عكس المنطلق الديني الذي يقدّم “مرجعية ثابتة” فوق التاريخ.

  • في النهاية، يعتمد اختيارك على كيف ترى أصل القيم: هل هي أمر متعالي يُخطّه خالقٌ مطلق، أم نتاج تطوّرٍ فطريٍّ واجتماعيٍّ متغير؟

بهذا التفكيك نستطيع  أن نوازن بين منطلقات كلّ طرف، وترصد نقاط القوة والضعف في كليهما.


===========================


الجزء الثاني من الجولة الرابعة :


يقول زميلي اللأدري : إنّ الله في القرآن يحذّر ( المؤمنين ) من اتباع الشيطان الذي يأمرهم أن يقطعوا آذان البهائم !! و يأمرهم ( بتغيير خلق الله ) مثل نمص الحواجب و الوشم مثلا كما ورد في الأحاديث . فما هذه السخافة ؟ ( إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدًا - لَّعَنَهُ اللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا - وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا - يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا )  و خصوصا أنهّ أي الله يخلق كائنات و أطفال مشوهة فهذا من خلق الله !!! , فهل اصلاح تلك العيوب الخلقية هي ايضا من عمل الشيطان . ؟ كذلك ألاحظ أنّ الله في القرآن إله عنصري يقلل من شأن الإناث مثل ( إن يدعون من دونه إلا إناثا ) و كذلك ( يا ايها الذين امنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والانثى بالانثى ) فالكلام هنا صريح على أنّ الحر لا يُقتل بعبد و أنّ الذكر لا يُقتل بأنثى !!! و كذلك ( فلما وضعتها قالت رب اني وضعتها انثى والله اعلم بما وضعت وليس الذكر كالانثى ) و كذلك ( يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين ) و كذلك ( افاصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة اناثا انكم لتقولون قولا عظيما ) و كذلك ( ام خلقنا الملائكة اناثا وهم شاهدون ) و كذلك ( وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن اناثا اشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسالون )!!!! و كذلك ( و ليس الذكر كالأنثى ) !!!!!

 

========================

 

الرد على الجزء الثاني من الجولة الرابعة من نقاش مع زميلي اللأدري :


يوسف بحر الرؤيا

قلت له : لنفصّل هذه النقاط الواحدة تلو الأخرى، ونعالجها بمنطق وشرح مقتضب:


1. التحذير من أوهام الشيطان: (النحل)

﴿إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثا… وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ… وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورا﴾

  1. المعنى

    • «يدعون من دون الله  إناثاً»: يشير إلى عبادات الوثنيين في الجاهلية التي كانت تتَّخذ أوثانا على هيئة إناث، كوسيلة تدّعي تقديم «نصيب» لهنّ من العبادة.

    • «ليبتّكُنَّ آذانَ الأنعام»: تشويه الأنعام رمزٌ للخروج عن الفطرة والسُنة النبويّة، وجاء الشيطان ليغرّر ويصدّهم عن المنهج.

    • «ليُغيّرنَّ خلق الله»: لمّا كان خلق الله محكما، يغرّهم الشيطان بأن التغيير «تقديس» أو «تحسين»، وهو في الحقيقة خرق للفطرة وعبادةٌ للأوثان.

  2. رسالة الآيات

    • تحذيرٌ عامّ لكلِّ من يريد أن يجعل العبادة ماديةً (لتماثيل أو طقوس بدعية).

    • لا تعني أن تغيير الخَلْق  (كجراحةٍ تصحيحية لطفلٍ مشوّه) مِن عمل الشيطان؛ بل المقصودُ هنا تغيير الفطرة بدافع شركيٍّ معبودٍ.


2. التمييز بين “خلق الله” و”إصلاح خلقيّ”

  • خلقٌ إلهيٌّ أوليّ: هو الذي يحدّد جنسَ المولود أو ميلاده مشوَّها أحيانا – وهذا جزءٌ من حكمة الله الحكيم.

  • إصلاحٌ طبيّ/تقنيّ: كعمليات جراحية لعلاج مشوَّهاتٍ خِلقيةٍ، تُعدّ عبارة عن أسبابٍ منحها الله للإنسان ليخفّف من آلامه ويحقّق التّكريم الإنساني.

  • ليس في القرآن أو السنة ما يحرم الطبَّ أو الإصلاح، بل هناك آيات وأحاديث تحثّ على طلب العلاج والشفاء.


3. “إناث” و”ذكر” في آيات المحكمة

﴿إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا﴾ (النحل)
﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ… الذَكَرُ كَلِمَةٌ﴾ (النساء)
﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ﴾ (المؤمنون)

  1. سياق “إناثاً” في النحل

    • لم يقل “الإناث أدنى” أو “لا حرمة لإناث”، بل ذكر كيف اختار الوثنيون إناثًا كهياكل للأوثان، وهذا خطأٌ شرعيٌّ وفكريّ.

  2. آيات الميراث والتوصية

    • تشريع الميراث يقسم أموالاً حسب الأدوار الاقتصادية والاجتماعية حينها (العائلة الكبيرة، والحسب والنسب).

  3. مقاصد الشريعة

    • المساواة الإنسانية: الإنسان والمسلمون جميعًا “سواسية كأسنان المشط” (حديث).

    • الظرف الاجتماعي: الآيات وضعت أحكامًا لحفظ توازن المجتمع البدويّ الأول، وقد طُوِّرت لاحقًا عبر التاريخ الإسلامي لتُناسب تطوّر الأدوار (مثل الإرث في دول اليوم يعطون للإناث نصيبًا متساويًا أحيانًا).


4. موقف الأئمة من التفسير التطبيقي

  • الفقهاء المُتأخرون نظروا إلى “قضاء الحاجات” والتوازن العائلي فأعطوا الإناث حقوقا واسعة في الميراث، والولاية، والتعليم، والريع.

  • المساواة الجوهرية مُقرّة في القرآن:

    ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً…﴾ (النحل)


خلاصة

  1. ما حُرّم في القرآن هو العبادة المرتبطة بوتوهم “إناث” أو تشويه الأنعام بداعي شركيّ، لا إصلاح الخَلْق البشري الطبي.

  2. آيات الميراث والنسب نُظمت لمسائل اجتماعية واقتصادية آنذاك، ولم تنقض المساواة الجوهرية بين الرجل والمرأة في الحقوق والكرامة.

  3. كل نصّ يجب فهمه في سياقه التاريخي والشرعيّ، ثم توظيف مقاصد الشريعة في العصر الحاضر لضمان العدل والرحمة للجميع.

     

    زميلي العزيز،
    شكرًا لك على طرح هذه الأسئلة المهمة والحساسة. أتفهم وجهة نظرك كلاأدري، وأدرك أن بعض الآيات القرآنية قد تبدو غريبة أو مثيرة للجدل من منظور خارجي. سأحاول الرد على استفساراتك بشكل مفصل وموضوعي، مع مراعاة السياق التاريخي واللغوي والتفسيرات الدينية، لأوضح المعاني المقصودة وأجيب على تساؤلاتك بطريقة محترمة ومنفتحة.

    1. قطع آذان البهائم وتغيير خلق الله
    الآية المذكورة:
    في سورة النساء):
    "وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا"
    المعنى والسياق:
    • هذه الآية تتحدث عن وسوسة الشيطان للبشر لارتكاب أفعال محرمة.
    • قطع آذان البهائم: في الجاهلية، كان بعض العرب يقطعون آذان الحيوانات كجزء من طقوس وثنية أو لتمييزها بطريقة تعسفية دون فائدة حقيقية. الإسلام حرم ذلك لأنه تشويه لخلق الله بدون مبرر شرعي أو ضرورة.
    • تغيير خلق الله: يشير إلى التعديلات غير المشروعة في خلق الله، مثل الوشم الدائم أو نمص الحواجب بشكل يغير الشكل الطبيعي للجسم، كما ورد في الأحاديث.
    هل هذا "سخيف"؟
    • قد يبدو الأمر غريبًا اليوم، لكن في سياق ذلك العصر، كانت هذه الممارسات شائعة ومرتبطة بالخرافات. القرآن جاء ليصحح هذه السلوكيات ويحث على احترام الخلق كما هو.
    إصلاح العيوب الخلقية (مثل الأطفال المشوهين):
    • تساؤلك منطقي: إذا كان الله يخلق أطفالًا بتشوهات، فهل إصلاحها يعتبر "تغييرًا لخلق الله" وبالتالي من عمل الشيطان؟
    • الجواب: لا، إصلاح العيوب الخلقية ليس من عمل الشيطان. الإسلام يشجع على العلاج والتداوي، كما في قول النبي محمد: "تداووا عباد الله، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء".
    • هناك فرق بين:
      • التشويه غير المبرر: مثل قطع آذان البهائم أو الوشم للزينة فقط، وهو ما يُحرم.
      • الإصلاح الطبي: مثل جراحات تصحيح التشوهات (كالشفة الأرنبية أو الحروق)، وهو مباح ومستحسن لأنه يعيد الخلقة إلى حالتها الطبيعية ويخفف المعاناة.

    2. الإناث في القرآن: هل الله "عنصري"؟
    تشير إلى عدة آيات ترى أنها تقلل من شأن الإناث. دعني أوضح كل حالة باختصار:
    أ. "إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا" (النساء)
    • السياق: تتحدث عن الوثنيين الذين كانوا يعبدون آلهة أنثوية (مثل اللات والعزى).
    • المعنى: ليس القصد التقليل من الإناث، بل السخرية من الوثنيين الذين يعبدون مخلوقات ضعيفة بدلاً من الخالق القوي. في ثقافتهم، كانوا يعتقدون أن الملائكة إناث وبنات الله، وهو ما يرفضه القرآن.
    ب. "الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى" (البقرة)
    • السياق: تتحدث عن القصاص (العقوبة على القتل).
    • المعنى: الهدف هو العدالة، وليس التقليل من شأن أحد. الآية تضع مبدأ أساسيًا للمساواة في النوع، لكن التفسيرات الفقهية تسمح بقتل الحر بالعبد أو الذكر بالأنثى إذا كان الجاني هو القاتل، حسب الظروف. ليست هنا قاعدة صلبة للتفرقة، بل تنظيم للعدالة.
    ج. "للذكر مثل حظ الأنثيين" (النساء)
    • السياق: تقسيم الميراث.
    • المعنى: هذا يعكس توزيع المسؤوليات المالية في المجتمع الإسلامي آنذاك، حيث كان الذكر مسؤولًا عن النفقة على الأسرة، بينما الأنثى ليست ملزمة بذلك. ليس تقليلًا من شأنها، بل تنظيم اقتصادي.
    د. "وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ" (آل عمران)
    • السياق: قالتها أم مريم عندما ولدت أنثى بينما كانت تتوقع ذكرًا ليكون خادومًا في المعبد (مهمة كانت مخصصة للذكور في تلك الثقافة).
    • المعنى: تعبير عن الاختلاف في الأدوار الاجتماعية، وليس في القيمة. الله رد عليها بقبول مريم وتكريمها، مما يظهر أن الأنثى ليست أقل شأنًا.
    هـ. الملائكة كإناث (مثل "أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا" - الإسراء: )
    • السياق: رد على الوثنيين الذين ادعوا أن الملائكة إناث وبنات الله.
    • المعنى: القرآن ينتقد هذا الاعتقاد الخاطئ ويؤكد أن الملائكة ليست إناثًا ولا ذكورًا، بل كائنات نورانية. ليس تقليلًا من الإناث، بل تصحيحًا لمعتقد وثني.
    هل هذا عنصرية؟
    • من منظور السياق التاريخي، القرآن لا يقلل من شأن الإناث، بل يصحح مفاهيم خاطئة وينظم الأدوار بناءً على واقع المجتمع آنذاك.
    • يؤكد القرآن المساواة في القيمة الإنسانية: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً" (النحل: ). الاختلافات في الأحكام تعود إلى الأدوار، وليس التفاضل في القيمة.

    الخلاصة
    1. قطع آذان البهائم وتغيير خلق الله: ليس "سخافة"، بل تحريم لممارسات وثنية كانت تؤذي الخلق. أما إصلاح العيوب الخلقية فهو مباح ومستحسن في الإسلام، وليس من عمل الشيطان.
    2. الإناث في القرآن: الآيات لا تقلل من شأن الإناث، بل تصحح معتقدات وثنية أو تنظم الأحكام بناءً على مسؤوليات اجتماعية. القيمة الإنسانية متساوية بين الجنسين في الإسلام.
    أتمنى أن يكون هذا الرد قد أجاب على تساؤلاتك. ما رأيك في هذه التفسيرات؟ هل لديك المزيد من الأسئلة؟ أرحب بمناقشتك بكل احترام!

    ===========================

     

    الجزء الثالث من الجولة الرابعة :

     

    يقول زميلي اللاأدري : 

     كيف يقول القرآن ( و لا تنابزوا بالألقاب ) ثم يلقب المسلمون عمرو بن هشام باسم أبي جهل ؟


    =========================


    الرد على الجزء الثالث من الجولة الرابعة من نقاش مع زميلي اللاأدري :


    يوسف بحر الرؤيا

     

    في الحقيقة لا ثَمَّةَ هنا ما يُعانِضُ أمرَ القرآن، بل مسألةُ سياقٍ وفَهمٍ للنَّهْي عن “التنابُز بالألقاب” ﴿الحجرات:

    1. مَن يُنهَى عن إطلاق الألقاب؟
      الآية تخاطب المؤمنين فيما بينهم: لا تسمُّوا بعضَكم بعضًا ألقابًا تَعيِّبون بها أخاكم، ولا تُشرفون بعضُكم بعضًا بإهانةٍ لفظيةٍ مستمرة.

      • مثالٌ على ذلك: لو صار شخصٌ يسمِّي جارَهُ “يا قليل الأدب” أو “يا يا هذا وذاك” لوجب عليه الكفَّ.

    2. الألقاب الوصفية الظاهرة للعيان
      لكنّ إطلاق لقبٍ مثل “أبو جَهْل” على عمرو بن هشام جاء وصفيًّا وليس مَنًّا على مسلكه:

      • “أبو جَهْل” يعني “أب الجهل” أي الذي يُجاهر بجهله ويرفض الحقّ بعيْنٍ باصرة.

      • لم يُطلِق المسلمون هذا اللقب ليسخروا منه عبثًا، بل لوصف واقعٍ سلوكِيٍّ واضح: كان من أشدِّ معارضي النبي ﷺ ومنّاً بالجهل على الناس.

    3. فرق بين السُّخرية البذيئة والوصف الموضوعي

      • النهي القرآني عن “التنابز” يخصّ الإهانة الشخصيّة والمقابلة بسفهٍ ومزاحٍ جارحٍ بلا حكمة.

      • أما وصفُ مُنكرٍ بصفةٍ تجلّي جانبًا أساسيًّا من موقفه (كالجاهلِ بالحقّ في هذا الموضع) فهو نوعٌ من الإنذار والتربية على التمييز بين الحقّ والباطل.

    4. لماذا استقرّ اللقب وألحقه به؟

      • لأنّ أهل المدينة الأولين أدركوا بسرعةٍ أن موقف عمرو بن هشام (أبي جهل) كان من أشدّ مواقف الرفض للرسالة.

      • انتشر الاسم في كتب السيرة والتاريخ كتنبيه للأجيال: مَن يرفع لواء العناد والكفر يلقَّب من قِبل التاريخ بصفته.


    خلاصة:

    • القرآن لا ينهى عن كلِّ لقبٍ أو نعتٍ، بل عن التَّنابُز بالألقاب المؤذِية بين المسلمين بعضهم بعضًا.

    • “أبو جهل” لقبٌ وصفيٌّ للأمية المعنوية التي جاهر بها الرجل، مرصودٌ تاريخيًّا لا للتجريح العبثيّ ولكن للتعليم والتذكرة.



    ==================================================



    الجزء الرابع من الجولة الرابعة :

    يقول زميلي اللاأدري :
    ردك غير مقنع , أيضا القرآن وصف الغير مسلمين بأنهم كالأنعام بل أضل سبيلا , الأنعام يعني البهائم , و وصف فئات بأنهم كالحمير أو كالكلاب 

    ===================================================

    الرد على الجزء الراب من الجولة الرابعة من نقاش مع زميلي اللاأدري :


    يوسف بحر الرؤيا

     

    أفهم تماماً شعورك بأنّ مثل هذه التعبيرات تبدو قاسية، ولكن إذا تأمّلنا سياقها الأسلوبيّ والبلاغيّ سنجد أنّها ليست “إهانة” بقدر ما هي استعارة توضيحية لحالةٍ نفسيّة وروحيّة:


    1. الاستعارة القرآنية

    • عندما يقول الله تعالى عن الكافرين:

      ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنَعِقُ بِمَا… صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ (البقرة: )
      فهو لا يقول إنّهم دوماً بَهَائمٌ ماديّاً، بل يصف حالهم الذهنيّة ــ صممٌ عن الحق، وبكم عن الجدال، وعمى عن التأمّل.

    • وعندما نقرأ:

      ﴿كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾ (الأعراف: )
      المقصود أَنّهم يتّبعون الأهواء بلا تفكير، مثلما تسير الأنعام بلا هدى؛ وليس تشبيهاً لإنسانٍ ببقرةٍ في جسده أو كرامته.


    2. لماذا يُستخدم الحيوان في الأمثال؟

    1. قرابة التجربة الإنسانيّة

      • في حياة الناس اليوميّة، الأنعام والحمير والكلاب كانت رفقاءهم وشواهدهم على الوظائف المختلفة (النقل، الحراسة، الغذاء).

      • استخدم القرآن ما هو مألوفٌ لدى السامع ليجسّد حالةً نفسيّةً:

        • الأنعام: تفتقر للتمييز، تتّبع الراعي دون فهم مقصد الرعي.

        • الكلاب: رمز اليقظة، أو في بعض السياقات كثبات الصوت دون أصل (كقول الـ«ينعقون»).

    2. توجيهٌ لا تجريحٌ

      • البلاغة العربيّة تزخر بأمثالٍ تُشبّه سلوكاً بشرِيّاً بنوعٍ من الحيوانات لبيان صفة معيّنة (الطيبة، الخيانة، البُعد عن العقل…)

      • مثل قول العرب: “كأنّ فلاناً نمرٌ” ليبيّن شجاعةً وفتكاً، وليس ليحوّل الإنسان لنمرٍ حقيقيّ.


    3. الفرق بين التشبيه الفقهي والإهانة

    • التشبيه القرآني يهدف إلى التنبيه:

      “انظر إلى حالك: هل تسمع وتعي وتعيّر؟ أم أنَّك مثل من لا تمييز له عن حيوان يركض؟”

    • الإهانة العبثية هي إطلاق لقبٍ بهدف الدَّلّ والازدراء دون أي غاية إصلاحية أو تربوية.


    4. ماذا نستفيد؟

    1. القرآن يحضّنا على التفكير: لا نترك عقولنا أسيرة الأهواء.

    2. الأمثال الحيوانية أداة بلاغية لتحريك الضمير، لا قذفٌ بشريٌّ.

    3. المقامُ مختلفٌ: بين النصّ الربّاني التوعوي، والاستخدام السّخيف في السخرية اليوميّة.


    خلاصة

    • عندما تصف آيةٌ ما حالَ فريقٍ من الناس بأنهم “كالأنعام أضلّ”، فهي استعارة بلاغية لتذكيرهم بالابتعاد عن التمييز والرشد.

    • لا تخل بكرامة الإنسان؛ بل تهدف إلى حثّه على استخدام ما مَنَحه الله من عقل وبصيرة.

    • بالتالي، لا تناقض بين تحذير القرآن من الإهانة وبين استخدام استعاراتٍ تربوية تصف حالةً ذهنيّةً لا إنساناً بكلابه أو حمره.



    =====================================================

    الجزء الخامس من الجولة الرابعة :

    يقول زميلي اللاأدري :
    هل الرسول محمد اسمه الحقيقي هو قثم ؟ و هل ولدته امه بعد وفاة زوجها بأربع سنوات ؟ و ما معنى قثم ؟ و ما معنى ابن أبي كبشة كلقب من ألقاب كان يطلقها عليه كفار قريش ؟

     

    ========================

     

    الرد على الجزء الخامس من الجولة الرابعة من نقاش مع زميلي اللاأدري :

    يوسف بحر الرؤيا


    روى ابن عدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن لي عند ربي عشرة أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا العاقب الذي ليس بعدي نبي ، وأنا الحاشر الذي يحشر الخلائق معي على قدمي ، وأنا رسول الرحمة ، ورسول التوبة ، ورسول الملاحم ، وأنا المقفي قفيت النبيين ، وأنا قثم " .
    أخرجه ابن عدي في " الكامل " (7/64)

    ورد ذكْر هذا الاسم في عدة مواضع في كتب السيرة وغيرها ، فقد ذكر القاضي عياض في كتابه " الشفا بتعريف حقوق المصطفى " (1/231- 232) : ( ... وذكر غيره لي عشرة أسماء فذكر الخمسة التى في الحديث الأول ، قال : وأنا رسول الرحمة ورسول الراحة ورسول الملاحم وأنا المقفى قفيت النبيين وأنا قيم والقيم الجامع الكامل كذا وجدته ولم أروه وأرى أن صوابه قثم بالثاء ... ).

    وورد هذا الاسم كذلك في : " خلاصة سير سيد البشر "(72–73) ، " سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد " (1/244) ، " السيرة الحلبية " (1/131) ، " صفة الصفوة " (1/55) ، " المواهب اللدنية بالمنح المحمدية " (1/473) ، " النهاية في غريب الأثر " (4/27) .

    لقد أورد عدد من كُتَّاب السِّير اسم ( قُثَم ) في مواضع من كتبهم عند حديثهم عن أسماء النبي ، إلا أنهم أوردوه علي اعتبار أنه لقب من الألقاب أو صفة من الصفات التي وصلتهم عن النبي ، ولم يذكر واحد منهم أن هذا الاسم كان هو الاسم الأصلي أو الأول للنبي ، وفيما يلي طرف من النقولات التي توضِّح ذلك .
    قال الإمام المحب الطبري في " خلاصة سير سيد البشر " (72) : ( وقد ذكر له أسماء كثيرة اقتصرنا على المشهور منها ، منها المتوكل والفاتح والخاتم والضحوك والقتال والأمين والمصطفى والرسول والنبي الأمين والقثم ، ومعلوم أن أكثر هذه الأسماء صفات )

    = يقول زميلي اللاأدري : النبي محمد كان اسمه قثم بن عبد اللات نسبة لاحد اقرباءه مات في الجاهلية وسمي معمد فيما بعد حين عمده ورقة بن نوفل لكي يتزوج امرأة من اقاربه وحين نزل الوحي غير اسمه واسم ابيه إلى محمد و عبدالله ولم يكن عبدالله حينها معروفا , سمى محمد نفسه محمدا على عادة القسااوسه المبشرين في تغيير الاسماء .. تاثر محمد بالمسيحيه في بداية تكوينها فقال .. مبشرا لاهل مكه ومن حولها .. ويقصد البدو في الشمال .. تاثر محمد بالافكار القريبه جغرافيا وزمنيا له فقد استلهم قصص اليهود وانشدها في القرءان كما انه نقل شعائر الزرادشتيه وقصة الصعود لمقابلة الاله واحتفظ بمعظم الشعائر الوثنية

    = ومن أشهر هذه الروايات ما جاء في “الطبقات الكبرى” لابن سعد.
    النص الحرفي للرواية كما جاء في “الطبقات الكبرى” (المجلد الأول، صفحة 100): “أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ اسْمُ النَّبِيِّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قُثَمَ، فَسَمَّاهُ اللَّهُ مُحَمَّدًا”.
     


    ======================================================

    فقال زميلي :

    قيل أنّ ابي كبشة هو أحد أجداده لأمه آمنة و كان يدعي الوحي فهل هذه هي مناسبة تكنيته بهذا اللقب ؟
     
    فقلت له : 
     

    نعم، هناك رواية شائعة بين المؤرخين تقول إن سبب تكنية كفار قريش للنبي محمد ﷺ بـ "ابن أبي كبشة" تعود إلى أن أبا كبشة كان أحد أجداده من جهة أمه (أو أحد أقربائه)، وكان معروفًا عند قريش بمخالفته لأديانهم وادعائه النبوة أو اتباعه ديانة مختلفة عن الشرك الجاهلي، وربما تبنّى دعوة التوحيد أو الحنفية، ولذلك عُدَّ مارقًا عن دين قومه.

    توضيح المقصود:

    • لم يكن أبو كبشة نبيًا بمعنى النبوة التشريعية، لكنه كان ممن خرج عن دين قريش الوثني.

    • فلما بدأ النبي محمد ﷺ دعوته، شبّهته قريش بـ"أبي كبشة" وقالوا:

      "لقد صار محمد بن عبد الله مثل أبي كبشة الذي خالف دين آبائه."

    معنى الكنية في سياقها:

    • لم تكن الكنية "ابن أبي كبشة" مدحًا، بل كانت استهزاءً وتقليلًا من شأنه، كأنهم يقولون:

      "هو مثل ذاك الرجل الذي ترك ديننا وأخذ يخترع دينًا جديدًا."

    دعم الرواية:

    ذكرها الزركشي، والطبري، وابن هشام، وابن كثير وغيرهم، مع اختلاف يسير في هوية أبي كبشة:

    • بعضهم قال: أبو كبشة رجل من خزاعة.

    • وبعضهم قال: كان زوج حليمة السعدية، أي من جهة الرضاعة.

    • والبعض جعله أحد أجداد آمنة بنت وهب.


    خلاصة:

    نعم، كنية "ابن أبي كبشة" كانت تُطلق على النبي ﷺ من باب السخرية والتشبيه برجلٍ (أبو كبشة) خالف دين قريش وادّعى النبوة أو اتبع التوحيد. وكانت التسمية من قِبل المشركين لاعتقادهم أن النبي يسير على خطى ذلك الرجل في "التمرد الديني" من وجهة نظرهم.

     

    ===================================================

     

     الجزء السادس من الجولة الرابعة :

    يقول زميلي اللاأدري : كيف للرسول محمد أن لا يعترض على صديقه أبي بكر عندما شتم أحد القرشيين و قال له : امصص بظر اللات ؟

     فالحديث رواه البخاري وأحمد في مسنده عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا: ... فأتاه أي عروة بن مسعود ـ فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي نحوا من قوله لبديل، فقال عروة عند ذلك: أي محمد أرأيت إن استأصلت أمر قومك هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك، وإن تكن الأخرى فإني والله لأرى وجوها وإني لأرى أوشاباً من الناس خليقاً أن يفروا ويدعوك، فقال له أبو بكر: امصص ببظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه... الحديث. قال الحافظ في الفتح: وكانت عادة العرب الشتم بذلك لكن بلفظ الأم، فأراد أبو بكر المبالغة في سب عروة بإقامة من كان يعبد مقام أمه، وحمله على ذلك ما أغضبه به من نسبة المسلمين إلى الفرار وفيه جواز النطق بما يستبشع من الألفاظ لإرادة زجر من بدا منه ما يستحق به ذلك. وقال ابن النمير في قول أبي بكر: تخسيس للعدو، وتكذيبهم، وتعريض بإلزامهم من قولهم إن اللات بنت الله ـ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ـ بأنها لو كانت بنتا لكان لها ما يكون للإناث. اهـ. وقال  ابن القيم في زاد المعاد: وفي قول الصديق لعروة (امصص بظر اللات) دليل على جواز التصريح باسم العورة إذا كان فيه مصلحة تقتضيها تلك الحال. اهـ. وقال ابن تيمية: فمتى ظلم المخاطب لم نكن مأمورين أن نجيبه بالتي هي أحسن. اهـ.  وأيضاً لو كان فيه مخالفة لنهاه النبي عن ذلك بل أقره وهو  لا يقر على باطل !!!!

     
     
    =====================================================
     
     
    الرد على الجزء السادس من الجولة الرابعة من نقاش مع زميلي اللاأدري :
     

    يوسف بحر الرؤيا

    زميلي اللاأدري العزيز،
    لقد طرحتَ سؤالا مهما ومثيرا للاهتمام حول موقف النبي محمد صلى الله عليه وسلم من قول أبي بكر لعروة بن مسعود: "امصص بظر اللات"، ولماذا لم يعترض النبي على هذا اللفظ رغم أن "اللات" كانت إلهة تعبدها قريش. سأحاول الإجابة على سؤالك بشكل مفصل وواضح، مع الأخذ في الاعتبار السياق التاريخي والتفسيرات العلمية التي ذكرتَها.

    ليس كل سكوت للرسول على قول أو فعل يعد اقرارا فيجب ان ننظر للسياق التاريخي و الثقافي و مجمل قول و فعل الرسول في حياته كلها  
    السياق التاريخي للحدث
    الحديث الذي رواه البخاري وأحمد في مسنده يذكر أن عروة بن مسعود، وهو أحد وجهاء قريش، جاء ليتحدث مع النبي صلى الله عليه وسلم في سياق مفاوضات (تتعلق غالبًا بصلح الحديبية). خلال الحوار، تحدث عروة بطريقة استفزازية، فقال للنبي: "أي محمد، أرأيت إن استأصلت أمر قومك هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك، وإن تكن الأخرى فإني والله لأرى وجوها وإني لأرى أوشابًا من الناس خليقًا أن يفروا ويدعوك". هذا الكلام كان تحديًا واضحًا واتهامًا للمسلمين بالجبن والفرار من النبي.
    في هذا السياق، رد أبو بكر بغضب قائلاً: "امصص بظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه؟". هذا الرد كان تعبيرًا عن رفضه القاطع لكلام عروة ودفاعًا عن النبي والمسلمين. لكن السؤال يبقى: لماذا لم يعترض النبي على هذا اللفظ القاسي؟

    تحليل اللفظ والثقافة العربية
    لنبدأ بفهم اللفظ نفسه. قول أبي بكر "امصص بظر اللات" كان شتيمة موجهة إلى عروة، مستخدمًا اسم "اللات"، وهي إلهة كانت قريش تعبدها. يوضح الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" أن العرب في الجاهلية كانوا يستخدمون ألفاظًا قاسية في الشتائم، وكان من عادتهم أن يقولوا مثل هذا بلفظ "الأم" (مثل "امصص بظر أمك"). لكن أبو بكر استبدل "الأم" بـ"اللات" ليبالغ في توجيه الإهانة إلى عروة، مستخدمًا إلهته التي يقدسها ليظهر احتقاره لكلامه ومعتقداته.
    هذا الاستخدام لم يكن مجرد شتيمة عشوائية، بل كان ردا محسوبا يهدف إلى تخسيس موقف عروة وتكذيبه في اتهامه للمسلمين، مع الإشارة إلى تناقض معتقدات قريش عن "اللات" التي كانوا يزعمون أنها بنت الله.

    تفسيرات المفسرين
    المفسرون الذين استشهدتَ بهم قدموا تفسيرات تبرر هذا التصرف وتوضح موقف النبي:
    1. الحافظ ابن حجر:
      يرى أن هذا اللفظ كان جزءًا من ثقافة العرب، وأن أبا بكر استخدمه لزجر عروة الذي أساء إلى المسلمين. ويضيف أن في هذا دليلًا على جواز النطق بألفاظ قد تُعتبر مستبشعة إذا كان الهدف هو ردع من يستحق ذلك بسبب إساءته.
    2. ابن القيم في زاد المعاد:
      يشير إلى أن قول أبي بكر يدل على جواز ذكر أسماء العورة صراحة إذا اقتضت الحال مصلحة، كما في هذه الحالة حيث كان الهدف هو الدفاع عن المسلمين وزجر المسيء.
    3. ابن تيمية:
      يقول إنه ليس من الضروري دائمًا الرد على الإساءة بالحسنى، خاصة إذا كان المخاطب ظالمًا أو مسيئًا. في مثل هذه الحالة، يجوز استخدام رد قوي يناسب الظرف.

    لماذا لم يعترض النبي صلى الله عليه وسلم؟
    عدم اعتراض النبي على قول أبي بكر يمكن تفسيره بعدة نقاط:
    ليس كل سكوت للرسول على قول أو فعل يعد اقرارا فيجب ان ننظر للسياق التاريخي و الثقافي و مجمل قول و فعل الرسول في حياته كلها   
    • السياق والمصلحة: النبي كان يعرف الظروف التي قيلت فيها هذه الكلمة. كان أبو بكر يدافع عنه وعن المسلمين ضد اتهام بالغ الخطورة (الفرار وترك النبي). هذا الدفاع كان ضروريًا في تلك اللحظة لإظهار قوة المسلمين وتماسكهم.
    • الإقرار الضمني: كما ذكرتَ، النبي لا يقر على باطل. عدم اعتراضه يشير إلى أن هذا الرد لم يكن باطلاً في سياقه، بل كان مبررًا كاستجابة للإساءة. لو كان فيه مخالفة شرعية واضحة، لنهى النبي عنه.
    • المرونة في التعامل: النبي كان يتعامل مع الناس حسب أعرافهم إلى أن يأتي حكم شرعي يغير ذلك. في هذه الحالة، لم يكن قد نزل تحريم صريح لهذا النوع من الكلام في سياق الدفاع عن الحق.

    الجانب الأخلاقي
    الإسلام يدعو إلى الكلام الطيب والأخلاق الحميدة، كما في قوله تعالى: "وقولوا للناس حسنا" (سورة البقرة). لكن هناك استثناءات عند التعامل مع من يسيء أو يتحدى الحق. هذا لا يعني تشجيع الشتائم، بل إن الرد القوي قد يكون مبررًا في ظروف معينة، كما حدث هنا.

    وجهة نظر محايدة
    أتفهم أنك، كلاأدري، قد ترى في هذا الحدث تناقضًا مع القيم الأخلاقية التي يفترض أن يدعو إليها النبي. لكن عند النظر إلى السياق التاريخي والثقافي، نجد أن هذا التصرف كان متسقًا مع الزمان والمكان، ولم يكن خروجًا عن المبادئ الشرعية في تلك اللحظة. التفسيرات الدينية تأخذ هذه الظروف بعين الاعتبار، مما يجعل الموقف مفهومًا ضمن إطاره.

    الخلاصة
    لم يعترض النبي صلى الله عليه وسلم على قول أبي بكر لأنه كان ردًا مبررًا في سياقه: دفاعًا عن المسلمين ضد إساءة وتحدٍ من عروة. العلماء أجمعوا على أن هذا اللفظ، رغم قسوته، كان مقبولًا في تلك الظروف، وأن النبي أقره لأنه لم يكن باطلاً بل استهدف مصلحة الردع والدفاع عن الحق. كذلك ليس كل سكوت للرسول على قول أو فعل يعد اقرارا فيجب ان ننظر للسياق التاريخي و الثقافي و مجمل قول و فعل الرسول في حياته كلها  
    ======================================================

    الجزء السابع من الجولة الرابعة :

    يقول زميلي اللاأدري ساخرا ردا على راهب بوذي قال أننا عبارة عن نقطة من محيط ارتفعت للأعلى و سوف تعود يوما ما للوعي الكلي أي للمحيط مرة أخرى في راحة و سعادة  :
    الله يسلمك بعد مانموت و يهلك الجسد ، ،،،يحطونا في القبر ،،، ويسلمونا لناكر و نكير يحاسبونا ، وبعدها مايقصّر عمّنا الثعبان الشجاع الأقرع يزورنا و يعطينا المقسوم ، لازم أكشن والا راح نطفش ،،، لما تتحلل جثثنا ويجي يوم القيامة ، نتكون من جديد من عظمة العصعص ، ،،،بعدها نطلع زلط ملط ،،، بس الحمد الله محد منتبه لحالتنا ، من هول الأحداث الكل يشرد حتى من أهله ، بعدها نصنا بيكون تحت ظل الله ، - ظل ايش بالضبط أنا ما أعرف - و نصنا الثاني الشمس تحرقه ، بس العرق ينقذه ! لما يجي وقت الحساب بعد ما الكل زهق و طلب من الله يحاسبه حتى لو بيدخل النار ، هنا وقتها ينتبهوا انه محمد الشفيع الأقرب لله فيروحوا يفزّعوه بانه طال وقت الحساب ، فيروح محمد وعارف غلاوته عند رب العباد ، ويقول كلام مابحياته قاله ، ،،،،فهنا الله يلين له بعد ما كان الغضب ماليه ،،،، ويقول عشان خاطرك بس يا محمد ، والا كان ناوي يخليهم يولعوا بأنفسهم قبل مايولّع فيهم . وفجأة إلا الكتب تطير ، و يقول لهم هذي كتب اعمالكم ،، امسكوها .. فيتذاكون ربعنا و يحاولون يلفون يدهم اليسار وراء ظهورهم ، لكن تمشي على منو !!! رب العالمين اللي خابزهم و عاجنهم !!! ويلقى أصحاب اليمين كتابهم بيمينهم ، و أصحاب الشمال كتابهم بيسارهم . ،،،، وتبتدي المحاكمة ،،، واتفرج على التقسيمة لكل قوم سمعنا فيهم وعذبهم بالحياة الدنيا وما كفاه فيتم عذابهم مرة أخرى في الآخرة ، وأهمهم آل فرعون و قارون و هامان معاه اللي من القبر و جهنم كانت تصبّحهم و تمسّيهم . واسمع الصراخ و الناس اللي ماعندهاش قلب قامت تركض و يمسكوها ملائكة العذاب ، والناس اللي عندها حجّة اتلجمت ، واللي عينها قوية عميت ، واللي وجهه وسيع ازرقّ ، إلى أن جاءت أمة محمد ،،، يا سلام ،،، المحامي المقرّب لرب العباد ، ومعاه مفتاح الجنة بعد !!! مع انها ثمانية أبواب بس كلها أتوقّع نفس الكالون للباب ، غير انه هو اللي يسقيهم من يديه الشريفتين شربة ماء لا يعطشون بعدها ، خسارة الانهار و العسل و اللبن و الخمر اللي في الجنة إذا ما أحس بالعطش ليش أشربها !! —-نرجع لموضوعنا الشيّق —- المهم من تبي تدخل امة محمد الجنة لازم تمر باختبار أخير وهو المشي على الصراط المستقيم اللي تحته بالضبط نار جهنم ، مدري هو الوضع بيكون مثل السونا باعتبار بخار جهنم صاعد لهم مادام بمرئى للعين المجردة ! و العجيب الصراط أحدّ من السيف و ادق من الشعرة و مقاس اصغر قدم كل واحد فيهم مقاس ٣٦ !!! الوزن !!!! هنا يفهم الواحد فينا كم طفح من ملذات الدنيا و كان الله يدعوه للصيام بس هو ما فهم ليه ؟ ومع كل هالصعوبات لكن الحل هي أعمالك هي اللي تشيلك و تطيرك مثل الصاروخ على هذا الصراط . وطاح اللي طاح في جهنم و زحف اللي زحف على الصراط و كانت فيه عراقيل ،،، ذكرني بفيلم الحبار . سبحان الله ،،، الجنّة غالية ،،، وجهنم رخيصة . . . ومازالت القصة اعظم وأعقد من كذا ، بس أنا نفسيتي تعبت ،،، كتبنا زاخرة بالتفاصيل العجيبة ، ارجعوا لها .
     
    ===============================================
     
    الرد على الجزء السابع من الجولة الرابعة من نقاش مع زميلي اللاأدري :
     
     

    يوسف بحر الرؤيا

    قلت له : زميلي العزيز،
    لقد قدمتَ ردًا ساخرًا ومفصلًا على كلام الراهب البوذي الذي وصف الإنسان كنقطة في محيط ترتفع ثم تعود إلى الوعي الكلي في راحة وسعادة. ويبدو أنك، من منظور لاأدري، تستخدم السخرية لانتقاد التصورات الإسلامية الشائعة عن الحياة الآخرة، مستندًا إلى بعض النصوص والتفسيرات التي تراها مليئة بالغرائب أو التناقضات. دعني أرد عليك بطريقة منفتحة ومحترمة، مع توضيح بعض النقاط التي ذكرتها.
    توضيح التصور الإسلامي
    أولًا، الرؤية التي قدمتها عن الحياة الآخرة في الإسلام لا تعكس بالضرورة الصورة الكاملة أو الدقيقة للمعتقدات الإسلامية. الإسلام دين متنوع يضم تفسيرات ومدارس فكرية مختلفة، وليس كل المسلمين يأخذون التفاصيل التي ذكرتها بشكل حرفي. دعني أتناول النقاط الرئيسية التي طرحتها:
    1. القبر وناكر ونكير
      في العقيدة الإسلامية، يُعتقد أن الإنسان يُسأل في قبره بعد الموت عن إيمانه وأعماله بواسطة ملكين يُطلق عليهما نكير وناكر. لكن التفاصيل حول هذا الحدث ليست متفقًا عليها بين الجميع؛ فبعض العلماء يرونها رمزية تعكس مواجهة الإنسان لنفسه وضميره، بينما يأخذها آخرون بشكل حرفي.
    2. الثعبان الأقرع
      ذكرتَ الثعبان الذي يزور الإنسان في القبر، وهذا يستند إلى بعض الأحاديث النبوية. لكن ليس كل المسلمين يعتبرون هذه الأحاديث ملزمة أو يفسرونها حرفيًا. البعض يراها رمزًا للعذاب أو الندم على الأعمال السيئة، وليس بالضرورة كائنًا حقيقيًا.
    3. يوم القيامة والحساب
      تحدثتَ عن إعادة الخلق من عظمة العصعص، والحساب، والكتب التي تطير. هذه أحداث أساسية في الإسلام، لكن التفسيرات تختلف. فمثلًا، ظل الله قد يُفهم كرمز للرحمة، وليس ظلًا ماديًا بالمعنى الحرفي. أما دور النبي محمد كشفيع، فهو يعكس مكانته الخاصة في الإسلام، لكن المفسرون يختلفون حول كيفية حدوث هذه الشفاعة.
    4. الصراط
      وصفتَ الصراط بأنه جسر "أحد من السيف وأدق من الشعرة"، وهو وصف مشهور في النصوص الإسلامية. لكن هناك من يرى أنه رمز للتحدي الأخلاقي والروحي الذي يواجهه الإنسان في حياته، وليس مجرد جسر مادي. عبور الصراط يعتمد على الأعمال الصالحة، كما أشرتَ، لكن السخرية من فكرة "مقاس القدم 36" تضيف لمسة طريفة ليست موجودة في النصوص الأصلية!
    مقارنة مع الرؤية البوذية
    الراهب البوذي تحدث عن الإنسان كنقطة تعود إلى المحيط، وهذا يتماشى مع مفهوم الأناتا (عدم الذات) في البوذية، حيث لا توجد ذات فردية دائمة، والوجود جزء من كل متصل. هذا يختلف جذريًا عن التصور الإسلامي الذي يؤكد على وجود ذات فردية تُحاسب على أعمالها وتحدد مصيرها (الجنة أو النار). بينما تسخر من التفاصيل "المليئة بالأكشن" في الرواية الإسلامية، يبدو أن الرؤية البوذية تقدم بساطة وسكينة قد تجذبك أكثر من التعقيد الذي وصفتَه.
    السخرية والحوار
    أتفهم استخدامك للسخرية كأداة للتعبير عن وجهة نظرك، وهي طريقة مشروعة لإثارة النقاش. لكن السخرية قد تجعلنا نغفل أحيانًا عن الجوانب العميقة في هذه المعتقدات. المسلمون الذين يؤمنون بهذه الأحداث يرونها جزءًا من رؤية كونية للعدالة والرحمة الإلهية، وليست مجرد "أكشن" لكسر الملل كما وصفتَ. في المقابل، وجهة نظرك اللاأدرية ترفض التسليم بأي تصور محدد لما بعد الموت، وهو موقف له جذوره الفلسفية أيضًا.
    رأيي ودعوتي لك
    أعتقد أن مناقشة هذه المواضيع تحتاج إلى توازن بين التعبير الحر واحترام الاختلافات. السخرية قد تكون ممتعة ومثيرة للتفكير، لكنها قد لا تفتح دائمًا بابًا لحوار بناء. ربما يكون من الأفضل أحيانًا طرح الأسئلة بجدية وفضول، مثل: "لماذا يؤمن الناس بهذه التفاصيل؟" أو "ما الغرض من هذه الروايات في حياتهم؟".
    ما رأيك أنت؟ هل تعتقد أن السخرية هي الطريقة المثلى للتعامل مع هذه المعتقدات، أم أن هناك أساليب أخرى قد تكون أكثر فائدة لفهم الآخرين أو التعبير عن شكوكك؟ أود سماع وجهة نظرك!

    =====================================================

    الجزء الثامن من الجولة الرابعة :
    يقول زميلي اللاأدري : إنّ الدين يجعل الإنسان نرجسي و يعتقد أنه محور الكون بينما العلم يورث الإنسان التواضع و يريه أنه مجرد غبار على حافة الكون .


    ===================================================

    الرد على الجزء الثامن من الجولة الرابعة من نقاش مع زميلي اللاأدري :
    قلت له :
    زميلي العزيز، لقد طرحتَ وجهة نظر مثيرة للاهتمام حول تأثير الدين والعلم على شخصية الإنسان. تقول إن الدين يجعل الإنسان نرجسيا ويعتقد أنه محور الكون، بينما العلم يورثه التواضع بإظهاره أنه مجرد غبار على حافة الكون. دعني أشاركك بعض الأفكار حول هذا الموضوع.
    الدين والتواضع
    أولًا، ليس بالضرورة أن يعزز الدين النرجسية. على العكس، العديد من الأديان تدعو إلى التواضع والخضوع لقوة أعلى. على سبيل المثال، في الإسلام، هناك مفهوم العبودية لله، الذي يعني أن الإنسان ليس مركز الكون، بل هو عبد لله، وهذا يحث على التواضع والاعتراف بصغر الإنسان أمام عظمة الخالق. كما أن الأديان غالبًا ما تشجع على التفكير في الآخرين والعمل من أجل الخير العام، مما يقلل من الأنانية والتركيز على الذات.
    العلم بين التواضع والغرور
    ثانيًا، بالنسبة للعلم، فهو بالفعل يظهر لنا مدى ضآلة الإنسان في الكون الشاسع، مما قد يوحي بالتواضع. فعندما نرى أن الأرض مجرد نقطة صغيرة في المجرة، وأن المجرة نفسها جزء ضئيل من الكون، قد نشعر بصغرنا. لكن في المقابل، يمكن للعلم أن يولد نوعًا من الغرور لدى البعض. فبعض العلماء أو المتعلمين قد يشعرون بالتفوق بسبب معرفتهم أو اكتشافاتهم. لكن هذا ليس قاعدة عامة، إذ يتميز العديد من العلماء بالتواضع والاعتراف بحدود المعرفة البشرية.
    الدين والعلم: تعارض أم تكامل؟
    ثالثًا، من المهم أن ندرك أن الدين والعلم ليسا متعارضين بالضرورة. هناك العديد من العلماء المؤمنين الذين يرون أن الاثنين يكملان بعضهما البعض. فالعلم يجيب على سؤال "كيف"، مثل كيفية عمل الكون أو تكون النجوم، بينما الدين قد يقدم إجابات عن سؤال "لماذا"، مثل لماذا يوجد الكون أو ما هو الهدف من وجودنا. هذا التكامل يظهر أن الإنسان يمكن أن يكون متواضعًا أو نرجسيًا بغض النظر عن مصدر معرفته.
    التواضع والنرجسية: سمات شخصية
    أخيرًا، أعتقد أن التواضع والنرجسية هما سمات شخصية تعتمد على الفرد نفسه أكثر من اعتمادها على الدين أو العلم. يمكن لشخص مؤمن أن يكون متواضعا إذا فهم دينه بطريقة تدعو إلى الخضوع والرحمة، أو نرجسيًا إذا أساء تفسيره. وبالمثل، يمكن لعالم أن يكون متواضعا إذا أدرك حدود علمه، أو متغطرسا إذا اعتقد أن معرفته تجعله متفوقا.
    ختاما
    في النهاية، وجهة نظرك تفتح بابا للتفكير العميق. لكن بدلاً من القول إن الدين يجعل الإنسان نرجسيا والعلم يجعله متواضعا، ربما يكون الأمر متعلقا بكيفية استخدام الإنسان للدين أو العلم في حياته. ما رأيك في هذا؟ هل تعتقد أن هناك جانبًا معينًا في الدين أو العلم يؤثر على الشخصية أكثر من غيره؟ أود أن أسمع وجهة نظرك!
     
    =========================================================
     
     
    الجزء التاسع من الجولة الرابعة :
     
     يقول زميلي اللاأدري : يقول ريتشارد دوكينز : أنا أعتبر الإسلام أحد أكبر الشرور فى العالم ، و لدينا معركة قاسية معه ، بسبب الإيمان الأعمى العنيف لدى المسلمين بأن كل كلمة فى دينهم صحيحة لا تقبل الشك ، لديهم إنغلاق عقلى كبير غير موجود فى بقية الأديان ، و لم يكتفوا بهذا الإعتقاد و لكن يريدون إجبار الجميع عليه . 
     
     
    =========================================================
     
    الرد على الجزء التاسع من الجولة الرابعة من نقاش مع زميلي اللاأدري :
    زميلي العزيز،
    شكرا على مشاركة وجهة نظرك ونقل اقتباس ريتشارد دوكينز. تصريح دوكينز قوي ومثير للجدل، ويتطلب منا تحليلا دقيقا ومنصفا لفهم ما يقصده والرد على النقاط التي أثارها. سأحاول الإجابة بشكل موضوعي، مع مراعاة السياق الفكري لوجهة نظر دوكينز، وتقديم منظور يوازن بين النقد والتفسير.

    1. سياق تصريح ريتشارد دوكينز
    ريتشارد دوكينز، عالم الأحياء التطورية والملحد البارز، معروف بانتقاداته الحادة للأديان بشكل عام، وليس الإسلام فقط. في كتابه "The God Delusion" وفي محاضراته، يركز على نقد الإيمان الديني الذي يراه "غير عقلاني" ومعتمدا على "الإيمان الأعمى" بدلاً من الأدلة العلمية. تصريحه عن الإسلام كـ"أحد أكبر الشرور" يأتي في سياق هجومه على ما يراه تعصبًا دينيًا يعيق التقدم العلمي والفكري.
    لكن دعنا نفكك النقاط التي أثارها:
    أ. "الإيمان الأعمى العنيف"
    • وجهة نظر دوكينز: يرى أن المسلمين يتمسكون بكل كلمة في القرآن ويرفضون التشكيك فيها، مما يؤدي إلى إغلاق عقلي. يربط هذا الإيمان بأعمال عنف ترتكب باسم الدين.
    • الرد:
      • تنوع المسلمين: الإسلام ليس كتلة واحدة. هناك أكثر من 1.9 مليار مسلم في العالم، وهم ينتمون إلى مذاهب وتفسيرات مختلفة (سنة، شيعة، صوفية، إباضية، وغيرها). ليس كل مسلم يتبنى "إيمانا أعمى" أو يرفض النقاش. هناك علماء مسلمون وعقلاء يشجعون التفكير النقدي، مثل ابن رشد الذي دعا إلى التوفيق بين العقل والنقل.
      • الإيمان والعقل في الإسلام: القرآن نفسه يدعو إلى التفكر والتدبر، كما في قوله: "أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ" (الأنعام). الإسلام يحث على طلب العلم، وهناك تاريخ غني من العلوم في الحضارة الإسلامية (مثل الجبر والطب في العصور الوسطى).
      • العنف: لا يمكن إنكار وجود أعمال عنف ترتكب باسم الإسلام (مثل تصرفات جماعات متطرفة)، لكن هذه لا تمثل كل المسلمين. معظم المسلمين يدينون الإرهاب، والقرآن يحذر من القتل بغير حق: "مَن قَتَلَ نَفْسا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعا" (المائدة).
    ب. "الإنغلاق العقلي غير موجود في بقية الأديان"
    • وجهة نظر دوكينز: يدعي أن الإسلام يتميز بإنغلاق عقلي فريد مقارنة بالأديان الأخرى.
    • الرد:
      • التعميم غير دقيق: الإنغلاق العقلي ليس حكرا على الإسلام. التاريخ يظهر أمثلة على التعصب في أديان أخرى، مثل محاكم التفتيش المسيحية أو الجماعات المتطرفة في الهندوسية والبوذية. أي دين قد يُستخدم من قبل البعض لتبرير التعصب، لكن هذا لا يعني أن الدين نفسه هو السبب.
      • الإسلام والحوار: هناك تقاليد إسلامية تدعو إلى الحوار والنقاش، مثل المناظرات الفكرية في العصر العباسي بين المسلمين وغيرهم. حتى اليوم، هناك مفكرون مسلمون ينخرطون في نقاشات مع الملحدين والعلماء.
    ج. "إجبار الجميع على الإيمان"
    • وجهة نظر دوكينز: يرى أن المسلمين يسعون لفرض دينهم على الآخرين.
    • الرد:
      • حرية الاعتقاد في الإسلام: القرآن يقول بوضوح: "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ" (البقرة)، مما يؤكد أن الإيمان لا يُفرض. لكن في بعض المجتمعات الإسلامية، قد تحدث ممارسات تتعارض مع هذا المبدأ بسبب عوامل ثقافية أو سياسية، وهي لا تعكس الدين نفسه.
      • الواقع المعاصر: محاولات فرض الدين غالبا ما تأتي من جماعات متطرفة أو أنظمة سياسية تستغل الدين، وليس من عموم المسلمين. في المقابل، هناك دول إسلامية (مثل تونس أو إندونيسيا) تتبنى درجات من التعددية.

    2. نقد تصريح دوكينز
    • التعميم المفرط: وصف الإسلام بأنه "أحد أكبر الشرور" هو تعميم يتجاهل التنوع داخل الإسلام والمساهمات الإيجابية للمسلمين في العلوم والفنون والثقافة عبر التاريخ.
    • الانحياز الثقافي: دوكينز، كغربي، قد ينظر إلى الإسلام من خلال عدسة الأحداث السياسية المعاصرة (مثل الإرهاب أو القضايا الاجتماعية في بعض الدول الإسلامية)، مما يجعله يغفل عن السياقات التاريخية والاجتماعية المعقدة.
    • النبرة الاستفزازية: استخدام عبارات مثل "شر عظيم" قد يغلق باب الحوار بدلاً من تشجيعه. النقد البناء يتطلب لغة أكثر موضوعية لفهم الاختلافات بدلاً من تصعيدها.

    3. منظور محايد
    كلاأدري، أتفهم أنك قد تجد وجهة نظر دوكينز جذابة لأنها تنتقد الإيمان الديني من منظور عقلاني. لكن من المهم أن ندرك أن الإسلام، كأي دين، هو نظام معقد يتشكل من النصوص، التفسيرات، والممارسات البشرية. إلقاء اللوم على الدين ككل بسبب تصرفات البعض أو سوء الفهم يبسط المشكلة.
    في الوقت نفسه، هناك قضايا حقيقية في بعض المجتمعات الإسلامية (مثل التعصب أو تقييد حرية الرأي) تستحق النقد. لكن هذه القضايا غالبًا ما تكون نتيجة عوامل سياسية وثقافية، وليست نابعة مباشرة من النصوص الدينية.

    4. دعوة للحوار
    بدلاً من تبني موقف دوكينز أو رفضه بالكامل، أقترح أن ننظر إلى الأمور بعقل مفتوح:
    • للمسلمين: من المهم الانفتاح على النقد البناء والتفريق بين النصوص الدينية والممارسات البشرية التي قد تكون خاطئة.
    • للناقدين مثل دوكينز: من الأفضل التركيز على نقد الممارسات المحددة بدلاً من وصف دين بأكمله بـ"الشر".

    الخلاصة
    تصريح دوكينز يعكس نقدا حادا لما يراه إيمانا أعمى وتعصبا في الإسلام، لكنه يقع في فخ التعميم ويتجاهل تنوع المسلمين وتاريخهم الفكري. الإسلام، كأي دين، يحمل جوانب إيجابية وسلبية تتوقف على كيفية فهمه وتطبيقه. بدلاً من اعتبار الإسلام "شرا"، يمكننا مناقشة القضايا المحددة (مثل التعصب أو حرية الرأي) بحوار عقلاني وبناء.

    ===========================================================

    الجزء العاشر من الجولة الرابعة :
    يقول زميلي اللاأدري :
    يقول زميلي اللاأدري : لا كهنوت في الإسلام !!! شىء عجيب أن تسمع هذه الجملة السخيفة كل يوم و تحديداً من رجال الدين ! الذين يُحاربون بإستماتة لكى يمنعوك من قول رأيك بحجة أنك لست فقيهاً مثلهم ! كهنوت هذا الدين القبيح لا مثيل له فى أى عقيدة أخرى ، و سُلطة أصغر شيخ فى أى مجتمع إسلاميّ متخلف أكبر من سُلطة أشهر قساوسة العصور الوسطى

    ==============================================================

    الرد على الجزء العاشر من الجولة الرابعة من نقاش مع زميلي اللاأدري :

    يوسف بحر الرؤيا

     

    أتفق معك ان المشايخ صنعوا الكهنوت السخيف لمصالحهم الشخصية لكن سلطة هؤلاء الخبثاء ليست قوية كرجال الكنيسة في العصور الوسطى بسبب التطور الذي نحياه في العصر الحديث و العولمة و انتشار العلوم و الكتب و المعارف و الحرية التي دفع ثمنها الفلاسفة و العلماء الاوربيون بعد عصر النهضة و التنوير .  

    على سبيل المثال، في العصور الوسطى، كان من المستحيل تقريبًا أن يتحدى شخص عادي سلطة الكنيسة دون عواقب وخيمة. أما اليوم، فإن أي شخص يمتلك هاتفا ذكيا يستطيع أن ينتقد أو يطرح رأيا مخالفا، وقد يجد من يؤيده بسهولة. هذا التطور يجعل سلطة المشايخ أضعف بكثير مما قد تبدو عليه في بعض الأحيان.
    أتفق معك أن بعض المشايخ قد صنعوا نوعا من الكهنوت لمصالحهم الشخصية، وأن هذا السلوك يشكل مشكلة حقيقية في بعض المجتمعات الإسلامية. لكنني أرى أن سلطتهم ليست بقوة سلطة رجال الكنيسة في العصور الوسطى، وذلك بفضل التطورات الحديثة التي قلصت من نفوذهم. في النهاية، النقد البناء وحرية التعبير هما السبيل لمواجهة هذه المشكلة، شريطة أن نستخدمهما بحكمة وموضوعية.
     
    =========================================================
     
     
    الجزء الحادي عشر من الجولة الرابعة :
     
    يقول زميلي اللاأدري :
     
    اهتزت السماء لظهور خصلة من شعر امرأة في جزيرة العرب بينما لم تبالي لتدلي أثداء الجواري في أسواق النخاسة !!!! 
     
     
     
    =================================================
     
    الرد على الجزء الحادي عشر من الجولة الرابعة من نقاش مع زميلي اللاأدري :
     
     
     

    يوسف بحر الرؤيا

    قلت لزميلي اللاأدري :  

    التشريع الإسلامي جاء في بيئةٍ كانت فيها العبودية واقعا عالميّا
     
  • الإسلام لم يقرّ الرقّ بل:

    1. حدّ من مصادره

    2. شجّع على تحرير العبيد .

    3. رسّخ مبدأ المساواة الإنسانية (الإسلاميّة) عبر:

      • عقودٍ تتيح تحرير الرقاب،

      • مساواة العبد والحرّ في الصلاة والجماعة.

  • أسواق النخاسة لم تزل موجودة قبل التشريع، فتعامل معها الإسلام كـ “واقعٍ لا أصل فيه” وحارب آثاره تدريجيّا، بينما الحجاب كان يُمكن تطبيقه من أول لحظة لتعزيز الحشمة و بالتالي كان عدم حجاب الجواري خطأ تاريخي .  

     

     

     

    1. =========================================
       
      الجزء الثاني عشر من الجولة الرابعة :
       
      يقول زميلي اللاأدري :
      الفقر والجهل والمرض ، مثلث مُدمِر لأى أُمة والمُفترض أن يكرهه كل إنسان ، لكن هذا الدين الفاسد المُسمَى بالإسلام هو الوحيد الذى أقنع معتنقيه الحمقى بعكس ذلك ، قال لهم أن الفقير عند الله أحب ولا عيب أن تكون جاهلاً طالما أنك تعمل لآخرتك ، ويجب أن تصبر على مرضك لأنه إبتلاء !.
       

      يوسف بحر الرؤيا

      الإسلام لا يمجِّد الفقر أو الجهل أو المرض لذواتها، بل يضعها في سياقٍ أعمق:

      الفقر

      • ليس فضيلة بحدِّ ذاته، بل الأجر إن تصرّف الفقير بكرامةٍ وصبرٍ:

        • الزكاة ركنٌ فُرض على الأغنياء،

        • الوقف الخيري ناقلٌ لآلاف المدارس والمستشفيات الإسلامية اليوم.


      الإسلام أمر بالطبّ والسعي للعلاج

      الخلاصة

      • الإسلام يُعلي قيمةُ التضامن مع الفقير، ويحمِل الأغنياءَ أمانةَ السقيا والتعليم والرعاية الصحية.

      • يطالب بالعلم وينهى عن التخلف والجمود المعرفي.

      • يعترف بالمرض كجزءٍ من تجربةٍ إنسانيةٍ، لكنه يقابلها بالأمل (التسليم والدواء) لا بالاستسلام.

       

      ============================
      =============== 
       الجزء الثالث عشر من الجولة الرابعة :
       يقول زميلي اللاأدري :
      بأى عقل و بأى منطق يستمر كُفر البشر بعد مشاهدة إبراهيم يخرج سليماً من النار ؟ أو بعد مشاهدة سليمان يتحدث مع الحيوانات ؟ أو بعد مشاهدة موسى و هو يشق البحر ؟ أو بعد مشاهدة عيسى و إحيائه للموتى ؟ إما أن هذا الإله  متخصص فى الفشل أو أن كل هذا مجرد خزعبلات لم تحدث .
       

      يوسف بحر الرؤيا

       


      1. شروط “رؤية المعجزة”

      • غير متوفّرة: لا أحدٌ اليوم شاهدٌ حيٌّ لهذه الأحداث؛ كلّ ما عندنا نصوصٌ تاريخية وروايات – وهي أقلّ من شهادة عينية.

      • الوثوق بالرواية:

        1. هل نصدّق ناقلها أم لا؟

        2. كيف نحكم على مصداقيته؟

        3. هل نثق بالعصور التي كتبتْ فيها؟


      2. الإيمان والحرية

      • حرية الإرادة: الإيمان لا يُفرض غصبا بعد مشاهدة خارق، وإلا لن يكون عملا إراديّا أصيلا.

      • اختبار قلوبٍ وأرواح: المعجزات في النص تُعبّر عن رحمةٍ إلهيةٍ ووظيفةٍ تربويةٍ تدفع المخلصين للثبات


      3. المقصود من المعجزات

      1. تثبيت دعائم الرسالة:

        • إبراهيم أمام كفر نمرود

        • موسى أمام فرعون

        • عيسى أمام اليهود

      2. رمزٌ لصمود المؤمن:

        • النارُ قوةٌ عاتيةٌ، فجاء الانتصار دلالةً على “حمايةٍ كبرى”

        • شقّ البحر “رمزٌ للخلاص الجماعي”


      4. حُجَجٌ عقليةٌ لعدم الإيمان

      • التناقض الظاهر: كثيرون يرفضون “خزعبلاتٍ” شكلاً قبل أن يبحثوا عن الحكمة.

      • التفسير الطبيعي: قد يلجأ طرفٌ إلى تأويلٍ علميّ (زمنٍ مختلف، رؤيا، مجاز…) ليبرّر الحدث.

      • التحيّز المعرفي: من لا يريد الإيمان غالبا يفسّر الروايات بأنها أساطيرٌ و”خزعبلات” دون تحقيق.


      5. الخلاصة

      • هذه الأحداث في الكتب السماوية هي معجزاتٍ تاريخيةٍ تفيد في بناء الدعوة وفرز المخلصين، لا “أحداثا موثّقةً علميّا” بالمختبر.

      • عدم الإيمان بعد سماع أو قراءة الروايات يعود إلى:

        1. عدم قدرة البعض على الوثوق بالرواية التاريخية

        2. رفض منهجيّ للأعاجيب

        3. حرية إرادة لا تُجبَر بها القلوب

      • الإيمان عند المؤمن هو تجميعٌ للأدلة الفلسفية (الحجة الكونية، الغائية)، والنصّية (سندٌ وضبط)، والتجربة الشخصية (إحساسٌ براحةِ القلب)، وليس “مشاهدةٌ بالعين” ببساطة.

      في النهاية، من يبحث عن الحقيقة سيتناول النصوص بعقلٍ منفتحٍ ويحكم بمعاييرٍ واضحة، لا بعاطفةٍ رافضةٍ للعجائب أو إنكارٍ أعمى.


       

      =================================================
       الجزء الرابع عشر من الجولة الرابعة :
       يقول زميلي اللاأدري :
       - يقول برتراند راسل : ألا تخاف من عقاب الله بسبب نكرانك له ؟ * كلا ، فأنا أيضاً أنكر وجود زيوس و جوبيتر و أودين وهذا لا يسبب لي أي تأنيب ضمير
       
       
       

      يوسف بحر الرؤيا

      برتراند راسل يلمّح إلى الإشكالية النفسانية: «إنكارُ إلهٍ تقليديٍّ لا يوجِّب تأنيب ضميرٍ إذا لم يكن هذا الإلهُ يمثِّل لك إطارا أخلاقيّا أو وجوديّا». لكن هناك فرقٌ بين:


      1. الإله الميثولوجيّ والإله الأخلاقيّ

      • زيوس وأودين: شخصيّاتٌ أسطوريةٌ، عبّر عنهم القدماء عبر التمثيل الخياليّ للقوى الطبيعية. لن تؤثِّر على ضميرك لأنك لم تُنشأ ضمن نظامٍ أخلاقيٍّ يعتمد عليها.

      • الإله التوحيدي (يهوه/الله): أعلن عن نفسه كـ مصدرٍ للخير والعدل والرحمة قبل التشريع، وربط سلوكَ الإنسان بمهمةٍ كبرى (الخلافة، الإصلاح، الرحمة…). إنكارهُ عند المؤمنين يعني خرقًا لهذا الإطار الأخلاقيّ الكلِّيّ.


      2. التأنيب الضميري بوصفه إشعارا بوجود معيارٍ أخلاقيٍّ غير ذاتيّ

      • عندما تكسر قانونا مدنيّا (كالسرقة)، ينبّهك ضميرك إلى أنك عصيتَ قانونا عقلانيّا مُتفقا عليه.

      • في الدين التوحيدي، الضوابط الأخلاقية (القتل، الظلم، الكذب، الإحسان) ليست مجرد اتفاق بشريٍّ فوريٍّ، بل مرتكزةٌ على وعي بأن هناك “مَنْ” وضعها، وخُلقنا بفطرةٍ تتجاوب معها.


      3. لماذا «لا تشعرُ بالذنب» عند إنكار زيوس؟

      1. لا توجد consequences: زيوس ليس عليك حساب أخرويٌّ بسببه ولا وعودُ ثوابٍ أو عقابٍ تربويه فيه.

      2. الفضاء الثقافي: أساطير الإغريق رُبطت بها طقوسٌ وسردٌ شعبيٌّ، لكن لم تترسخ كنظامٍ تسلّطيٍّ يمتلك فرقا وعقائد مؤدلجة.

      3. غياب الدعوى الشمولية: لا تُقدّم الأساطير اليونانيّة تفسيرا شاملا لأصل الكون وغاية الوجود ولا تربط المعنى الأخلاقيّ بحسابٍ قادم.


      4. هل «المسيطرون» في الدين يستخدمون الشيطان للتخويف؟

      حتى لو فعل بعضهم ذلك––وهذا لا يشرعن الخطأ––فالأثر الأخلاقي الديناميكيّ بعيد عن التخويف المستمر:

      • جذور الأديان التوحيدية تقوم على المسؤولية والـحبّ للخير لا الخوف فقط.

      • التوازن في النفس: الخوف من الظلم والاستعلاء، والأمل في الرحمة والغفران، والدافع إلى الإصلاح والتوبة.


      في الخلاصة

      • إنكارُ زيوس أو أودين لا يتسبب في تأنيب ضميرٍ لأنّهما لم يعبّرا عن دعوة أخلاقية شاملة للإنسان.

      • إنكارُ “الله التوحيديّ” عند من آمن به يعني رفضَ مقصدٍ كليٍّ للمبادئ الأخلاقية والغاية الوجودية، فتثور فيهم فكرةُ “الخيانة” الأخلاقية.

      • المعايير تثبت وجودها حينما تُشتقُّ من قوةٍ عليا تعطيها معنىً و وزنا لا تكتسبه من سواها.

       

       

      ========================================== 
      الجزء الخامس عشر من الجولة الرابعة :
      يقول زميلي اللاأدري :
      بدون التوبة هل كنا سنرى المسلم يرتكب الخطايا كل يوم وبهذه اللامُبالاة ؟ إحتمالية الخطأ ستظل موجودة ولكن ليس بهذا الشكل ، التوبة ساعدته على أن يكون أكثر إنحطاطاً ، أصبح غير مهتم بحجم الخطأ أو بالضحية التى وقع عليها الضرر ، سيرشي إلهه  فى أى وقت بالإستغفار وكأن شيئاً لم يكن , لذلك لا عجب أننا نشهد على فشل هذا الدين الساقط فى تهذيب سلوك معتنقيه منذ أكثر من 1446 عام ، هذه نتيجة طبيعية لإنعدام الحِكمة عند إلههم  إن وُجدَ ، لقد أعطاهم الإمتيازات لفعل كل الجرائم بأريحية ومَنحهم أكثر من طريقة للتوبة ، إفعَل ما شئت يا عبدى الذليل فأنت مغفور لك مُسبقاً
       
       

      يوسف بحر الرؤيا

      هذه الفكرة القائلة بأنّ “التوبة” في الإسلام تمنح المسلمَ إذنًا مفتوحًا بالسقوط ثمّ “المغفرة المسبقة” غير دقيقة، لأنَّ التوبة في المنهج التوحيدي ليست بطاقة عبور لارتكاب المعاصي، بل:


      1. التوبة شرطُها الصدق والندم والوقف والإقلاع

      في الإسلام لا يكفي أن تقول “أستغفرُ الله” بصيغةٍ آليةٍ لتكون توبةً صحيحةً، بل لا بدَّ من أربعة أركان:

      1. الندم الحقيقيّ على فعل المعصية

      2. الانقطاع الفوريّ عنها (إيقافُ المعصية)

      3. العزمُ الصادق على عدم العودة إليها

      4. ردُّ الحقوق إن كانت معصيةً في حقّ آخر (كالسرقة أو الظلم)

      إذا قفز أحدٌ عبر هذا المسار، كانت “التوبة” محطةً لإصلاحٍ فعليّ، لا ذريعةً للتسيُّب.


      2. التوبة حافزٌ أكبر للالتزام

      • المؤمنُ الصادق حين يخطئ ثمّ يندم، يتعلم من خطئه ويشدُّ عزمه لاكرارها.

      • دون الإيمان بالتوبة، قد يشعر “الإلحادي” أو “العدمي” بأن كلَّ خطأٍ مسوغٌ (لأن لا محاسب لاحق)، ما يسهّل تبرير الفساد الأخلاقي.


      3. الإسلام لا يعدُّ التوبة “مغفرةً مسبقةً”

      • الإسلام يذكر التوبة كثيرًا ضمن سياقٍ تربويٍّ:

        «يا أيُّها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبةً نصوحةً» (التوبة:

      • التوبة الصادقة تُضاف إلى ميزان حسنات المؤمن،


      4. النتائج الواقعية للتوبة الصحيحة

      1. حفظُ الوازع الأخلاقي: المؤمنُ الذي يوقن بأنَّ الحقّ يراقبه، يزداد حذرًا في سلوكه.

      2. تدريبُ النفس على الانضباط: كلُّ مرةٍ ينهض فيها بعد هفوةٍ وهو متوعّدٌ بنفسه، يترسّخ فيه العزيمة.

      3. تعزيزُ المسؤولية الفردية: التوبة لا تُلغِي جزاء السيئات، بل تمنحك فرصةً لطلب المغفرة مع وضوحٍ لمسؤولية إعادة الحقوق.


      5. مقارنة بمنهجٍ بلا توبةٍ سماوية

      • في الأطر “العلمانية” أو “الإلحادية” التي لا وجود فيها لحسابٍ أخرويٍّ، لا يوجد “مسوغٌ أكبر” لحُسن السلوك بعد الخطأ؛ فالضابطُ الأخلاقيُّ يبقى الرادع القانوني أو الضمير الشخصي، وهو أضعف أحيانًا من وعد الرحمة والحساب الإلهي.


      خلاصة

      • التوبة في الإسلام ليست ترخيصا بالسقوط، بل دعوةٌ صادقةٌ للإقلاع عن السوء وإصلاح النفس.

      • من يسيء استخدامها كذريعةٍ، هو بعيدٌ عن روح النصّ وتشريعه، وليس هذا دليلاً على “فشل الدين” بل على تطبيقٍ بشريٍّ خاطئ.

      • روح الإسلام تقوم على الرحمة والعدالة والتربية الدائمة للنفس، لا على “الانحطاط” أو “التسيُّب” كما يُشاع.

       

       

      ==========================================
       
      الجزء السادس عشر من الجولة الرابعة :
       يقول زميلي اللاأدري :
      لنفترض أن هناك إله وسيُرسِل لنا كتاباً ، تخيل جودة هذا الكتاب بما أن مؤلفه كُلى المعرفة ، لكنى لم أعثر على هذه الجودة فى العهد القديم والجديد والقرآن ! لم أرى سوى صفحات عن تقديم الأضاحى وإستعباد البشر وأوامر بالقتل ، لا يُوجَد فى هذه الكُتب سوى غوغائية العصر البرونزي . سام هاريس
       
       

      يوسف بحر الرؤيا

      أدعوك لقراءة القرآن و الكتاب المقدس بعين باطنية تأويلية تفهم المجاز و تبحر في المعاني الباطنية

       

      =============================================
       
      الجزء السابع عشر من الجولة الرابعة :
       يقول زميلي اللاأدري :
      الشيطان هو البطل فى جميع الأديان و بدونه ينهار كل شيء ، لذلك لن تجد أى دين يطرح إحتمالية لموته ، أو دين يُعطيه فرصة للتوبة ! مستحيل ، يجب أن يبقَى المُمثل الرئيسى للشر ليتم ترهيب المغفلين به و السيطرة عليهم ، لابد أن يظل الإنسان حَذراً منه حتى يحتاج للمُنقِذ بإستمرار .
       

      يوسف بحر الرؤيا

      . الخلاصة المنطقية

      1. الشيطان ضروريّ لبيان قيمة الاختيار الحرّ.

      2. ممكن أن يكون هناك احتمال توبة للشيطان فلا أحد يدري عن كل السيناريوهات المحتملة

      3. الإنسان ليس أسيراً للأمر، بل مُكَلَّفٌ بأن يُثبت على الخير، ويستعيذ من الشيطان

      4. الدين بذلك لا يُرهب المغفلين ، بل يُعلّمهم كيف ينجون من الإغراء ويصلون إلى الرشد.

       

       

       
      =============================================
       
      الجزء الثامن عشر من الجولة الرابعة :
       يقول زميلي اللاأدري :
      لغوياً ومنطقياً : نحن لم نرتد عن الإسلام بل عُدنا للأصل ، لقد وُلدنا مُلحدين أنقياء من الشوائب ، لم تكن لدينا معرفة بالآلهة والأيديولوجيات ، ليست لنا علاقة بصراعات المذاهب والفِرَق ، تم إجبارنا منذ الطفولة على السباحة فى هذا المستنقع القذر ، ولكن ها نحن قد وصلنا للشاطيء .
       

      يوسف بحر الرؤيا

       

      هذه الحُجة (“الولادة كمُلحدين”) شائعة في نقاشات الإلحاد والإيمان، لكن دعنا نفكّر فيها لغويًّا ومنطقيًّا:


      1. الأصل اللغوي للولادة والحالة الفطرية

      • كلمة «أصل» تعني نقطة الانطلاق التي لا شيء قبلها، لكننا نشير هنا إلى الأصل البيولوجي لا المعرفي.

      • فقه الولادة لدى الفلاسفة وعلماء النفس يقول: ليست الولادة «صفحة بيضاء» تمامًا، بل نُولد مزوَّدين بميول وتوجُّهات فطرية (حبّ الترتيب، الخوف من السقوط، اللذة في التواصل…) لا «ميل ملحدي» أو «ميل ديني» صِرف.


      2. المعرفة ليست مفروضة فورا

      • الطفل لا يُجبر بالمعنى الواحد على الإيمان أو الإلحاد، بل يحتضن شيفرات (مفاهيم عن الربّ، عن الخير والشرّ…) عبر الأسرة والمجتمع والثقافة.

      • عندما تكتشفَ أنّ ثقافتك الدينية «مستنقع قذر»، فهذا لا يعني أنك كنت صفحة «نقية» بالضرورة، بل أنّك كنت غير مدرك و رحت تتلقّى شيفراتٍ دون تمحيص.


      3. العودة إلى “الملحد البريء” منطقٌ معيب جزئيًّا

      1. «نقاؤه» ؟

        • ما الدليل أنّ حالة اللاوعي الديني هي البُعد المثالي  أو اليقين؟

      2. «مشوِّهات» الدين

        • هناك ألفاظٌ وأعمالٌ بشريّة خاطئة تحت مظلة الدين، لكنّ الأصل في أيّ دين أنّه يدعو للتراحم والعدل.

      3. شواهد للعِلم والإيمان المختلط

        • كثيرون يصلون إلى إيمانٍ واعٍ بعد أن تجاوزوا «الإلهاب» أو «التخدير الثقافي»، تمامًا كما وصل آخرون إلى الإلحاد بعد أن اكتشفوا تناقضات معرفية.


      4. ماذا يعني “الوصول للشاطيء” حقًّا؟

      • إذا كان الشاطئ هو التحرر من الإكراه»، فهذا هدفٌ نبيل، ولكن:

        • الحرية المعرفية لا تتحقق بالمطالبة بالتعصب العكسي للإلحاد أو الدين، بل بالحوار المنطقيّ والدليل.

        • قد يتبدّل الشاطئ دائمًا عندما ترتفع الأمواج العلميّة أو الفلسفية الجديدة—لذلك المنهجية أهمّ من الاتجاه.


      خلاصة

      1. الولادة لا تمنح أحدًا «براءة الإلحاد» بحدّ ذاتها، بل هي نقطة انطلاق اجتماعي معرفي.

      2. التحرر الحقيقي هو تمكين العقل من التمييز بين ما يُعرض عليه من أفكار (دينية كانت أو إلحادية)، لا مجرد “الرغبة في الهروب من الدين”.

      3. التحدّي أن تحافظ على روح التساؤل والتواضع: فلن يكون شاذًّا يومًا أن يتّجه إنسان من الإلحاد إلى الإيمان أو العكس إذا وجد الأدلة الأقوى.

      بهذا المنهج، نصير “مبحّرين” لا مجرد “سباحين” هاربين من شاطئٍ إلى آخر.


       

      ==============================================
       الجزء التاسع عشر من الجولة الرابعة :
       يقول زميلي اللاأدري :
       
         الإسلام لديه إدعاءات كبيرة عن نفسه ، يقول أصحابه أنه الوحى الأخير وأن الله تحدث مع تاجر أُمّي فى الصحراء ! ولكن بعد البحث ستكتشف أن هذا الدين بأكمله مسروق من العهد القديم والجديد ! إنه يُسمم المجتمعات أينما حَل ، يُدمر عقول الأطفال ويُدربهم ليُصبحوا أكثر عُنفاً . كريستوفر هيتشنز

      يوسف بحر الرؤيا

       

      كريستوفر هيتشنز يوجز نقده في جملةٍ واحدةٍ مركزة، لكن لنفحص كلَّ نقطةٍ على حدة:


      1. “الإسلام مسروق من العهدين القديم والجديد”

      • صحيحٌ أن القرآن يُشير إلى “التوراة” و“الإنجيل” ويأخذ منها بعض القصص كنوع من أنواع الإقرار  (آدم، نوح، إبراهيم، موسى، عيسى)، ولكن:

        • النسخة القرآنية تختلف في التفاصيل والأهداف والضوابط الأخلاقية؛ فهو يقدّم تفسيرًا جديدًا يُركِّز على التوحيد الخالص، ويصحّح ما رآه تحريفات بشرية في الكتب السابقة.

        • الجانب القانوني والفقهي: منظومة المعاملات والميراث والعبادات في الإسلام لم تكن موجودة كما في التوراة أو الإنجيل.


      2. “يُسمم المجتمعات ويُدمر عقول الأطفال”

      • المجتمعات لا تفسد بدينٍ بحدِّ ذاته، بل بمحاكاة تطبيق خاطيء أو استغلال سياسي للدين.

      • هناك آلاف المدارس الإسلامية التي تدرس القرآن والسُّنة بأسلوبٍ متوازنٍ:

        • تُعلّم التفكير النقدي باستنباط الحكمة من النصوص.

        • تُربِّي الأطفال على التسامح والاحترام» للأديان الأخرى (قراءة: “آيةُ ( لا إكراه في الدين” )– البقرة ).


      3. “يدربهم ليصبحوا أكثر عنفا”

      • لا يجوز تعميم عنف فئةٍ أو دولةٍ معيّنة إلى كلّ المسلمين في العالم (>1.8 مليار نسمة).

      • العنف السياسي في بعض البلدان يُفسَّر غالبًا بالعوامل:

        1. الاستعمار والاحتلال

        2. الفقر والبطالة

        3. الانقسامات القبلية أو الطائفية

      • في المقابل، هناك نماذج إسلامية مشهورة بدورها في بناء السلام (مثلاً: جمعية الإغاثة الإسلامية العالمية، أو جهود الأزهر الشريف في الحوار بين الأديان).


      4. “الله تحدث مع تاجر أُمّي في الصحراء”

      • النبي محمد ﷺ كان أمياً بمعنى “لم يتعلّمِ القراءة والكتابة” في الصحراء، لكن التأكيد القرآني هو على نزاهة السند المتواتر للقرآن :

        • شهادة الآلاف من الصحابة الذين حفظوا القرآن وماتوا دون أن يغيّروه.

        • الإعجاز البلاغي للقرآن (لغةً، وبيانا، ونسقا) الذي أثبت عبر القرون مميّزيته.


      خلاصة

      • التقاطع التاريخي مع الكتب السابقة لا يعني “السرقة”، بل “المهمة التصحيحية” التي يعتبرها المسلمون خاتمةً لسلسلة الرسالات.

      • السموم الاجتماعية ليست من الدين ذاته، بل من توظيف فئوي لخريجيه في صراعاتٍ سياسية أو اقتصادية.

      • الأطفال المسلمين في العادة يتلقون تعليمًا دينيًا مدعوماً بمنهجيات عصرية تُحفّز العقل والتوازن النفسي.

      • يبقى لكلّ نقدٍ شرعيّ يجب أن يراعي خصائص النصّ وخصائص التطبيق، ويميز بين:

        1. ما هُوَ “دينٌ نظري” (قواعد ونصوص)

        2. ما هو “تطبيقٌ بشريّ” (سلوكُ السلطة أو الأفراد).

      بهذه النظرة المتوازنة، نتمكّن من فهم الإسلام كظاهرةٍ دينية واجتماعية بغناها وتعقيدها، بدل التشويه بالتعميم.


       
       
      ============================================
       الجزء العشرون من الجولة الرابعة :
       يقول زميلي اللاأدري :
       كيف إقتنعنا و صَدقنا بأن ذاك الإله الذى سيحرق مليارات البشر بسبب تفاحة هو الرحمن الرحيم ، و أن الشجاع الذى عارضه و وقف بشجاعة ضده هو الملعون الرجيم ؟!! كيف تكون هذه عدالة أن يعذب الله عباده الذين عصوه او لم يؤمنوا به لمدة محدودة في الدنيا بعذاب غير محدود في الآخرة ؟! إحمدوا عقولكم على التخلص من هذا الدين الساقط اللئيم
      لا تُوجَد مؤامرة لتشوية الإسلام ، فلا أحد يستطيع تلويث مياه الصرف الصحى الملوثة سَلفاً 
       
       لن يكون هناك عذاب أبدي و هذه هي العقيدة الصحيحة , و كل نفس مسؤولة عن اعمالها فلا يوجد توارث للخطيئة .

      ===========================================
       الجزء الحادي و العشرون من الجولة الرابعة :
       يقول زميلي اللاأدري :
       طالما أن إلهك قادر على تحذيرك من ارتكاب القتل و من تناول بعض الأطعمة و المشروبات ، إذن فهو كان قادراً أيضاً على أن يحذرك من إستعباد الناس ، أين الصعوبة فى تحريم العبودية ؟! لم يُحرمها فى العهد القديم أو الجديد و لم يُحرمها فى القرآن !! ما هذا الإله الذى تعبدوه ؟!. مات ديلاهونتي
       
       

      يوسف بحر الرؤيا

      هذه النقطة تلمس جوهرَ فهمنا لكيفية اشتغال التشريع الإلهيّ ضمن سياق تاريخيّ واجتماعيّ:


      1. العبودية واقع تاريخيّ قبل التشريع

      • لم يَخْلُق اللهُ العبودية بل وُجدت في كلّ حضارات العالم القديم: مصر، وبلاد ما بين النهرين، والرومان، والإغريق…

      • عندما نزلت الشرائع ، كانت العبودية واقعًا لا ينقضي بمرسومٍ واحدٍ في مجتمعٍ تقليديٍّ يملك العبيدُ سوقا قائما ونمطَ حياةٍ معمور.


      2. كيف عالجت الشرائع العبودية تدريجيًّا؟

      أ. العهد القديم (التوراة)

      • لم تُلغِ الرقّ دفعةً واحدة، بل:

        1. حدّد شروطا لمنهج أسر السبيّ (إعادة الدم)

        2. حدّد سنوات الحرية للعبد اليهودي (سَبْت العبد)

        3. شجّع على التكفير بتحرير العبيد في كفارات معينة (فدية العبد).

      ب. العهد الجديد (الإنجيل)

      • لا تعليمٌ صريحٌ بإلغاء الرق، لكنه:

        1. نادى بالمحبة والحرية الروحية لكل البشر (“الحرّ من المسيح عبدٌ من العبودية”)

        2. رسخ مبدأ المساواة الروحية بين الرب والعبد أمام الله

        3. شجع المسيحيين على تحرير العبيد ضمن جماعاتهم (فعلت الكنيسة ذلك في العصور اللاحقة).

      ج. القرآن والسنة

      1. الحدّ من الرقّ

      2. شجّع على تحرير العبيد

        • جعل تحرير الرقاب من كفارات الكوارث (يمين الظهار، نذر الخلاص، كفّارة القتل الخطأ…).

        • نصّ على أن الله يرضى عن تحرير عبد كما يرضى عن الصلواتِ والصيام.

        • الكثير مِن أحاديث الرسول ﷺ وأهل بيته تشجّع الصدقةَ، و عتق الرقاب قبل كل عمل.

      3. معاملة العبيد

        • أمر بالرفق بهم، والإطعام بمثل ما يُطعم صاحبَه

        • جواز المكاتبة أي أن العبد يعتق نفسه

        • قدّمهم كإخوةٍ في المسجد وفي الأجر.

      4. الخطوة النهائية

        • مع توسّع الدولة الإسلامية وازدياد رقعة حكم الشريعة، انخفضت الرقبة تدريجيّا


      3. لماذا “التدرّج” وليس الإلغاء الفوريّ؟

      • حكمةٌ تربوية واجتماعية:

        • القضاءُ الفوريّ على الرقّ كان سيخلق فراغا اقتصاديّا واجتماعيّا هائلا في مجتمعات تلك الحقبة.

        • التدرّج أعطى الناس وقتا لفهمِ مبدأ التكافل والرفق بالضعفاء، فاستبدلوا الرقّ بالأجير المثاب.

      • مبدأ الأسباب والأساليب:

        • التشريع الإلهيّ لا يعزل الواقعَ فجأةً عن بنيته، بل يشتغل في حقل الأسباب، ويبدّل العقائد والعادات بالترغيب والترهيب والتشجيع.


      خلاصة

      • لا تشريعٌ إلهيٌّ يتركُ مجتمعا متشبّعا بالرقّ كما هو، بل كلّ شريعةٍ سماويةٍ منحت “فتحاتٍ” لحرية العبيد وكفاراتٍ لإطلاق سراحهم، ثمَّ شجّعت الأمة على إزالة الرق حتى كاد يختفي.

      • الإسلام لم يقر الرقّ لكنه جاء بخطةٍ لإلغائه عبر:

        1. تقييدِ مصادره قانونيّا

        2. تحفيزِ تحريره عبر الكفارات والصدقات

        3. رعايةِ حقوقِ العبيد وإخراجهم من مبدأ التأديب الجسدي

       

       

      ===========================================
       الجزء الثاني و العشرون من الجولة الرابعة :
       يقول زميلي اللاأدري :
       
      هل يُوجَد مُبرر يجعل الإنسان يتعلق بمجموعة صعاليك و قُطاع طرق عاشوا قبله ب 1400 عام ، لم يراهم و لا يعرف عنهم سوى ما قرأه فى الكتب ، يُحبهم ، يُطبِق عاداتهم ، يُدافع عنهم و يكون مستعداً للموت من أجلهم ، بل و يَدعو ربه أن يكون بجانبهم فى الآخرة ؟! المُبرر الوحيد أن تكون مُسلماً 
       

      يوسف بحر الرؤيا

      ليس التعلّق بـ “ناسٍ ميتين” جهلاً أو عاطفةً عمياء، بل قرارٌ منطقيّ مبنيّ على:

      1. وثائقٍ وشهاداتٍ موثوقة،

      2. نموذجٍ أخلاقيّ حيّ رغم رحيلهم،

      3. ثمراتٍ حضارية جليّة،

      4. رابطةٍ روحية وأُخُوّةٍ إنسانيةٍ في “أمّة” تعيش على مبادئٍ واحدة.

      إذا كان منطقك يطلب دليلاً عملياً أكثر، فاطرح معي مثالاً معيّناً من حياة أحد الصحابة، لنرى أثره الحيّ فينا اليوم.

       
       
       
      =========================================
       
      الجزء الثالث و العشرون من الجولة الرابعة :
      يقول زميلي اللاأدري :
      أنا أؤكد لك أن كلانا ملحدين على حد سواء ، كل ما في الأمر أن عدد الآلهة التي لا أؤمن بها أنا يزيد بمقدار واحد عن عدد الآلهة التي لا تؤمن بها أنت ، و عندما تفهم لماذا ترفض كل الآلهة الأخرى المحتملة ، فسوف تفهم لماذا أرفض أنا إلهك . ستيفن روبرتس
       
      ==========================================

      هذه النقاشات دائما تتلخّص في معايير الإيمان: كيف نقرر أن نصدّق وجود كائنٍ ما أو نرفضه؟ دعنا نضع معاييرٍ مشتركة ثم نطبّقها:


      1. معاييرٌ عامّة لليقين بوجود “إله”

      1. الحجة العقلية/الفلسفية

        • السبب الأول (الكوني): كل ما يحدث يحتاج إلى مسبب أولّ لا يحتاج إلى مسبب، وهذا نسميه الله.

        • الحجة الغائية (التصميم): الاتساق الدقيق لثوابت الطبيعة ومقاييس الكون يشير إلى مصمِّمٍ واعٍ.

        • الحجة الأخلاقية: وجداننا بوجود “خير” و”شر” يتجاوز الأذواق الفردية، فيحتاج إلى مصدرٍ مطلق.

      2. الحجة التاريخية/الوحيية

        • النقل الموثوق: وجود كتب مقدّسة قادمة عبر سلسلةٍ من الرواة الثقات، حملت رسائل معينة.

        • المعجزات

      3. الحجة التجريبية/التجربة الشخصية

        • تجارب الروحانية أو الإجابات الواضحة للدعاء أو لحظات الوجود العميق التي يحسّ بها البعض.


      2. لماذا نرفض “آلهة” أخرى؟

      • تضارب الروايات: زيوس، وأودين، وبعل، وآلهة المايا… كلٌّ له كتاباته وتقاليده، وغالبيتها تتناقض مع الأخرى.

      • سقوط الأساطير: أغلب هذه الآلهة جزءٌ من قصصٍ شعبية بدائية بلا دليلٍ تاريخيٍّ موثوق أو شاهدٍ مستقلّ.

      • الانحسار الثقافي: آلهة الحضارات القديمة انقرضت من المعتقد ولم يتركوا أثرًا على ضمائر الشعوب استمرّ بعد انهيار تلك الثقافات.


      3. لماذا قد أقبل إلها معيّنا – دون الباقين؟

      1. ترابط الحجج: أجد أنّ الأدلة العقلية والفلسفية والتاريخية لوجود إلهٍ واحدٍ تلتقي عند نقطة واحدة ثابتة، بينما آثار الباقين تفتقر للتكامل.

      2. الاستمرارية الدينية: الأديان التوحيدية الثلاث (اليهودية والمسيحية والإسلام) تشترك بجذورٍ إبراهيمية، وتدعّم بعضها بعضًا تاريخيًا وفلسفيًا.

      3. الاختبار الشخصي: بعض الناس يشعرون بصدق و فتحٍ داخلي أو إجابةٍ دعوية أو بركةٍ ملموسة، وقلّة منهم تختبر ذلك مع آلهةٍ أخرى.


      4. الخلاصة

      • رفضك لكلّ الآلهة الأخرى يقوم على نقصٍ في الأدلة أو تضاربٍ داخلي في رواياتها.

      • إيماني بإلهٍ واحدٍ ينبني على تراكم أدلّة عقلية وفلسفية وتاريخية وتجريبية تُمارس ضغوطا منطقية على فكرة “اللا إلَه”.

      • إذا أردتَ نقاشا أعمق حول حججٍ محدّدة (كالحجة الكونية أو الغائية)، نختار معيارا واحدا ونفكّكه معا خطوة بخطوة.

      في النهاية، أيّ منهجٍ نعتمده، يجب أن يحترم الدليل ولو كان محدودا، ويترك مجالا للمراجعة حين تظهر أدلّة جديدة أو تُعاد قراءة الأدلة القديمة بإنصاف.

       
       
       
      ===============================================
       
       الجزء الرابع و العشرون من الجولة الرابعة :
      يقول زميلي اللاأدري :
      النبى يُقدِم نفسه سيداً لا أكثر ، وعليك بالطاعة ، لم يتمكن نبياً واحداً من منع الطاعون أو شفاء الناس من أى مرض ! عندما عجزت الأديان عن حماية البشرية كان العِلم هو المُنقذ . لقد تمكن العِلم من إيقاف الكوارث التى كانت تُصيب البشر حتى مع وجود الأرباب والأنبياء والرُسل . سيد القمني

      يوسف بحر الرؤيا

      الرد على هذه النقاط يتطلب توازنا بين الاعتراف بإنجازات العلم وفهم الأدوار المختلفة للدين والأنبياء في السياقات التاريخية والثقافية. إليك تحليل مُوجز:

      1. دور الأنبياء في الأديان:

      • في الأديان الإبراهيمية (مثل الإسلام والمسيحية واليهودية)، يُعتبر الأنبياء مُرشدين روحيين وأخلاقيين، وليسوا بالضرورة قادة سياسيين أو علماء في الطب. رسالتهم الرئيسية تركّز على العلاقة بين البشر والله، وتأسيس مباديء العدل والتقوى، وليس منع الكوارث الطبيعية. مثلاً، في الإسلام، يُذكر أن النبي محمد ﷺ قال: "إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها" (حديث صحيح)، مما يُظهر دور الدين في تقديم إرشادات وقائية دون ادعاء منع الكارثة ذاتها.

      2. إنجازات العلم ودوره:

      • لا شك أن التقدم العلمي قلل من معاناة البشرية بشكل غير مسبوق. اكتشاف اللقاحات (مثل لقاح الجدري وشلل الأطفال)، والمضادات الحيوية، وتقنيات الصرف الصحي، والتنبؤ بالكوارث الطبيعية أنقذت ملايين الأرواح. هذه الإنجازات هي نتاج منهجية علمية تراكمية تعتمد على التجربة والملاحظة، ولا تنفي بالضرورة وجود معتقدات روحية.

      3. العلاقة بين الدين والعلم:

      • التاريخ يُظهر أن العلاقة بينهما ليست دائما صراعية. في العصر الذهبي الإسلامي (القرون 8–13)، دعمت الخلافة الإسلامية البحث العلمي في الفلك والرياضيات والطب، وترجمت أعمال اليونان والهند. كذلك، علماء مثل ابن سينا والرازي جمعوا بين الإيمان والعلم. في الغرب، كانت الكنيسة في فترات راعية للعلم، رغم وجود صراعات (مثل قضية غاليليو).

      4. مغالطة التعميم والثنائيات الضيقة:

      • اعتبار الدين "فاشلا" لأن الأنبياء لم يمنعوا الطاعون يُغفل أن الأديان لم تُقدّم نفسها كبديل عن الجهود البشرية في مواجهة التحديات المادية. في المقابل، اعتبار العلم "منقذا" يتجاهل أن العلم نفسه هو نتاج بشري، وقد يُساء استخدامه (مثل الأسلحة الكيميائية) دون ضوابط أخلاقية قد تستقي من الفلسفة أو الدين.

      5. الدين كإطار للمعنى والأخلاق:

      • حتى في العصر الحديث، يلجأ الكثيرون إلى الدين للإجابة على أسئلة وجودية (مثل معنى الحياة، الموت، العدالة) والتي لا يجيب عنها العلم التجريبي. كما أن القيم الدينية (مثل الرحمة، العدل) قد تُلهم جهودا إنسانية في الطب أو الإغاثة.

      خاتمة:

      العلم والدين ليسا بالضرورة خصمين؛ فلكل منهما مجاله. العلم يقدم أدوات لفهم العالم الطبيعي وتحسين الحياة المادية، بينما يقدم الدين إجابات روحية وأخلاقية. النقد الحقيقي يجب أن يُوجّه عندما يُستخدم الدين كذريعة لعرقلة التقدم أو عندما يُختزل العلم إلى مادية متطرفة تتجاهل البعد الإنساني. التعايش بينهما ممكن، كما رأينا في حضارات ازدهرت بالاثنين معا.

       

       

    ليست هناك تعليقات:

    إرسال تعليق