راية المسيح الموعود

راية المسيح الموعود

الجمعة، 19 يونيو 2020

درس القرآن و تفسير الوجه العاشر من الأنعام .




درس القرآن و تفسير الوجه العاشر من الأنعام .

:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::





أسماء إبراهيم :
 شرح لنا سيدي و حبيبي يوسف بن المسيح ﷺ أثناء جلسة التلاوة المباركة من أحكام التلاوة ؛ صفات الحروف , ثم قام بقراءة الوجه العاشر من أوجه سورة الأنعام و أجاب عن أسئلتنا بهذا الوجه ثم صحح لنا تلاوتنا , و انهى الجلسة بأحاديث من كتاب (الترغيب و الترهيب للشيخ المنذري -رحمه الله-) , 

بدأ سيدنا يوسف بن المسيح ﷺ الجلسة بأحكام التلاوة , فقال :
- صفات الحروف :
القلقلة : حروفها مجموعة في (قطب جد) .
الهمس : حروفه مجموعة في (حثه شخص فسكت) .
التفخيم : حروفه مجموعة في (خص ضغط قظ) . اللام : تفخم و ترقق : إذا كان ما قبلها مفتوح و مضموم تفخم و مثال : (منَ الله) , و إذا كان ما قبلها مكسور ترقق (بالله) , و كذلك الراء تفخم و ترقرق و ممنوع التكرار .
التفشي : حرفه الشين .
الصفير : حروفه (الصاد , الزين , السين) .
النون و الميم المشدتين تمد بمقدار حركتين .
أنواع الهمزة : همزة وصل , همزة قطع , همزة المد .
الغنة : صوت يخرج من الأنف .
_

و ثم تابع سيدنا يوسف ﷺ الجلسة بشرح الوجه لنا فقال :

هذا الوجه نسميه وجه الحُجة أو وجه حُجة إبراهيم و هي حُجة التجربة العملية التي خاضها إبراهيم ، حُجة اليقين الذي وصل إليه ، حُجة الخوف و الأمن ، لأنه لما خَلُصَ إبراهيم خَلَصَ المؤمنين من قومه لذلك نسميه وجه الحُجة .

{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} :

أبيه آزر أي الذي امتلئ بالوزر و امتلئ شركاً و هو وصف أكثر من كونه إسماً لوالد إبراهيم , إذاً أزر أي الذي مارس الوزر و جانس الوزر و خالط الوزر لأننا نعلم بأن صوت الذنب في الرؤيا هو صوت حرف الزاي , و قال إبراهيم لأبيه : أنت تعبد أصنام من صخور و تجعلها آلهة لك فهل أنت غبي ؟! (إني أراك و قومك في ضلال مبين) هنا تبرأ إبراهيم من قومه و قال قومك لأنهم ليسوا بقومي لأن المشرك أنا بريء منه و القوم المشركون نحن بريئون منهم لأنهم في ضلال واضح و مبين أي ظاهر .

__

{وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} :

هنا تبدأ الحُجة , إذاً فكانت نتيجة هذه الحُجة و التجربة التي قرأناها في هذا الوجه و النتيجة العملية التي إبتدأ الله عز و جل بها و هي أن إبراهيم قال لأبيه {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} هذه النتيجة النهائية لهذا الوجه الذي أسميناه وجه الحُجة أو وجه حُجة إبراهيم على قومه التي سنفصلها في الآيات التالية , و ثم أتى الله عز و جل بالتفاصيل فالله هو دائماً مباشر في أمور التوحيد و في أمور الشرك .
و ثم يبدأ الله عز و جل بتفسير الحُجة التي أعطها لإبراهيم على قومه فقد قال الله عز و جل في نهاية هذه الآيات {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} يعني سنعلم من نحن نريد أن نعلمه الذي هو صادق و يُريد الله عز و جل و يُريد وجهه و هو مُخلص , و تبدأ التجربة العملية بهذه الآية (و كذلك نُري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض) يعني سنجعله يخوض التجربة العملية في الملكوت ، ملكوت السماوات و ملكوت الأرض يعني سنجعله يمارس تجربة عملية في علوم الروح و علوم الدنيا و نجعله خبير في الروح و أيضاً خبير في أمور الدنيا و تصاريف الحياة فيحدث عنده إكتمال داخلي و إستواء فيصبح قادر على أن يتكلم مع قومه بكل قوة أولاً لأنه خبير بهم فهو يعرفهم و يعرف خباياهم و صفاتهم و تصاريف الدنيا و أحوال الدنيا أي ملكوت الأرض و كذلك أخبرناه عن ملكوت السماء الذي هو أهم من ملكوت الأرض لذلك قدمه الله هنا و قال (ملكوت السماوات و الأرض) فأصبح خبير يعني نبي أي جرب النبوة و جرب بأن يُريه الله شيئا في الرؤيا أو في المكالمة أو الكشف و يتحقق و جرب تصاريف و تجارب روحية كثيرة قام الله عز و جل بتسويتها فيه لأن النبي لا يكون نبي في يوم و ليلة فلا يُضغط على زر فيصبح نبياً بل النبي يخوض تجربة التسوية و لما يكتمل أو تكتمل في باطنه التسوية الإلهية يبرز نبي و ذلك رغماً عن أنف أي أحد و كذلك رغما عن النبي نفسه يبرز نبي لأنه يفيض من داخله تلك البروزات بقوة و يتكلم عن ما بداخله و عن التجربة العملية بكل تلقائية كانه يتنفس  فهكذا يصبح نبي و ليس في يوم و ليلة و ذلك وفقاً لتسوية إلهية و خطة إلهية محكمة حتى يكون هذا النبي حُجة على قومه و لذلك قال الله تعالى {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ} و ما هذه الحُجة ؟؟ أولاً النبوة أي التجربة العملية للنبي و التي يقوم بشرحها لهم دائماً , و ثانياً تجربة النبي مع قومه لأنه رجل خبير بأمور الدنيا و بأمور الآخرة و أمور الروح أيضاً فسيفسر لنا هذه التجربة الروحية و سنجد هنا التفاصيل و كذلك من أعاظم عناصر تلك الحُجة حُجة الأمن و الخوف التي كان دائما ما يتكلم عنها إبراهيم مع قومه .
(و ليكون من الموقنين) يعني نحن نجعله يَخلُص في هذه التجربة ، التجربة الدنيوية و الروحية و يكون رجل خبير و شخصية و مثقف و مُتكلم و يُبين و يقول الحجج و البراهين على تجربته الروحية العظيمة التي جعلته نبيا و ذلك حتى يكون من الموقنين فهو أصلاً أول الموقنين منكم فعنده أعظم يقين و هو أعظم واحد عنده يقين و سيفيض عليكم بهذا اليقين لأنه أعظم شيء عنده لأن معظم الناس في حالة حيرة (و أخذنا شرح كلمة حيران في الوجه السابق) و هم متذبذبون و ليس عندهم يقين لكن دائماً النبي عنده يقين و اليقين هو ما ينقص الناس فالله عز و جل يُجَلي هذه الصفة العظيمة أي اليقين في نفس النبي حتى يتكلم فيها فدائماً نرى النبي واثقا من كلامه و إذا كان في أمر لا يعلمه فإنه يقول : لا أعرفه ، لا أدري فهو صادق مع نفسه و لا يكذب .
__

{فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ} :

هنا سيبدأ الله عز و جل قصة سيدنا إبراهيم مع عالم الروح , (فلما جن عليه الليل) يعني عندما رأى الظلام في كل شيء و لا يجد ربنا و يوجد ضيق في نفسه و هو متعب , جن عليه الليل أي أن الليل طغى عليه و أخفاه في الظلمات و أثناء ذلك بدأ إبراهيم يرى بصيص أمل فرأى كوكباً مثل كوكب الزهرة الذي نراه بالليل نوره ضعيف , و ثم تعلق قلبه بهذا الكوكب و قال : هذا ربي و هنا تصوير فني يصور لنا الله عز و جل مسيرة النبي فدائماً يبحث عن الحقيقة بعد أن يجن الليل و يُظلم ظلام دامس في حياته و في حياة قومه , فقال : عن الكوكب هذا ربي , فلما أفل يعني اختفى عن ناظريه قال : لا أحب الأفلين أي لا أريد شيئا يكون ضعيفا , و أصل الكلمة (من أصوات الكلمات) أفل : الهمزة أعماق ، فل أي ترك المكان فتعني كلمة أفل : ترك المكان من الأعماق و لم يترك أثراً له .
__

{فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ} :

هنا جاءته حجج و براهين أعظم و بدأ يزداد في التسوية , فالقمر نوره أعظم من الكوكب فقال عنه : هذا ربي ، أخيرا أنا وجدت ربي , فلما أفل القمر أي اختفى أيضاً كما الكوكب و لم يترك أثراً اي ترك مكانه من أعماقه أعماق المكان أي ذهب و لم يترك أثراً ، فقال : (لئن لم يهدني ربي لاكونن من القوم الضآلين) يعني لو ربنا لم يأخذ بيدي و عرفنَّي بنفسه (أي الله) من يكون و عرفني على صفاته و أورث في قلبي اليقين فسأكون من الضآلين , فهو يعرف طريقه و يعرف أن طريق الله هو طريق اليقين .
إذاً في البداية ظن بأن الكوكب هو ربه (و هذا تشبيه) و ثم اختفى الكوكب و لم يترك أثراً فقال : لا أحب الأفلين , و لما رأى القمر بازغاً قال : هذا ربي و لما أفل و اختفى و ذهب و لم يترك أثراً .

● و معنى كلمة بَزَغَ من أصوات الكلمات :
تحليل جزئي ؛ بز : ظهر و برز ، غ : ضباب و تشوش في الرؤيا ، بزغ أي ظهر بعد أن كان هناك تشوش في الرؤيا أو أنه كان ظاهراً و ثم غاب .

__

{فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ} :

و ثم رأى الشمس بازغة فقال : هذا ربي هذا أكبر , و لما أفلت و اختفت قال : (يا قوم إني بريء مما تشركون) أي تبرئ من الشرك , فأول شيء قاله بأنه لا يُحب الأفلين و الأمر الثاني الذي قام به بأنه استعان بالله عز و جل و قال : (لئن لم يهدني ربي لاكونن من القوم الضآلين) و الأمر الثالث بأنه لما رأى الشمس أفلت و اختفت تبرأ من الشرك و قال : (يا قوم إني بريء مما تشركون) هنا بداية الهداية بأنك تكفر بالطاغوت أي تقول  لا إله و ثم توحد و تقول : إلا الله , فهذه تجربة عملية و هي حجج إبراهيم .
إذاً فأول شيء  : بدأ  إبراهيم يرى براهين قليلة و يبحث و بعد ذلك الكوكب اختفى فقال : لا أحب الأفلين أي لا أحب ضعف البراهين و الحجج و بعد ذلك رأى القمر و ثم أفل و اختفى فلجأ إلى الله بقوة و قال : (لئن لم يهدني ربي لاكونن من القوم الضآلين) و بعد ذلك رأى براهين أعظم و هي الشمس لكنها أيضاً اختفت و هنا تبرأ من أي شرك أو من أي إله غير حقيقي و هذا هو البراء أي تبرأ و كفر بالطاغوت .
__

و ثم أكمل و قال :
{إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} :

هنا أثبت الإله الحقيقي و قال : أنا كافر بكل الآلهة الغير حقيقية و مؤمن بالإله الحقيقي الذي يعلوهم ، و هنا قام بالتوحيد أي كفر بالطاغوت (إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ) و ثم أثبت التوحيد للإله الحقيقي (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ) و أخذنا معنى كلمة فطر سابقاً .
__

{وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاء رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ} :

يعني قال قومه له بأن بعض الحجج أنت مخطئ بها و أنها واهية و سنعلم هذه الحجج , و إبراهيم حاجهم من جنس حججهم ، و حتى تجعل التوحيد ينتصر على الشرك فإن حُجة التوحيد تكون من جنس أعمالهم , و ماذا يعني (و لا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئاً) فهل ممكن أن يخاف النبي من الأشياء التي يعبدونها ؟ لا فالمعنى هنا بأن إبراهيم لما ذهب و قام بتكسير أصنامهم قاموا بإحضار إبراهيم ليُعاقبوه فخاف إبراهيم قليلاً و هذا هو الخوف البشري كما خاف موسى و هو خارج من مصر و كما خاف يوسف لما نزل في البئر أو دخل السجن أو لما تأمروا عليه و كما النبي محمد ﷺ  في الهجرة كان خائفاً و اختبأ في غار ثور ، فهذا خوف بشري و هو أمر عادي لكنه لا يخاف من الآلهة التي يعبدونها لأنه وصل إلى اليقين , إذاً معنى (و لا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئاً) هو الخوف البشري أثناء العقاب أي عقاب الكافرين له نتيجة أنه موحد و أنه جهر بالتوحيد و سَفَّهَ المشركين .
(وسع ربي كل شيء علما) الله عز و جل مُحيط بعلمه .
__

{وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّركُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} :

هنا أُس الحُجة بأنهم حاولوا أن يقوموا بها مع إبراهيم فجعل الله عز و جل إبراهيم يقلب الطاولة عليهم يعني هم قالوا لإبراهيم : ألست خائف بأن تؤذيك هذه الآلهة أو الأصنام ؟ فقام إبراهيم بقلب الطاولة و قال لهم : ألستم خائفين بأن تكونوا تعبدون هذه الأصنام من دون الإله الحقيقي , إذاً فهم هنا يلعبون معه لعبة الخوف و الأمن فيقولون له ألست خائف من أن تؤذيك هذه الأصنام أو أن تكون آلهة حقيقية ألست خائف من أن يذهب عنك الأمن ؟! فحاجهم إبراهيم من جنس حجتهم و قال لهم : و أنتم ألستم خائفين بأن هذه الآلهة التي تعبدونها من دون الله تكون آلهة غير حقيقية و أنكم تغضبون الإله الحقيقي ؟!! 
○ و كلما كانت الحُجة بسيطة كلما كانت قوية ○
(فأي الفريقين أحق بالأمن) الموحد هو الأحق بالأمن و المشرك هو الأحق بالخوف لأنه بدد قلبه بين آلهة مزيفة عديدة أما المؤمن فقد حفظ قلبه للإله الواحد , فالذي حفظ قلبه للإله الواحد الحقيقي الذي يعلو جميع الآلهة المزيفة هو أحق بالأمن و الطمأنينة و السكينة و اليقين ، و المشرك دائماً قلبه مشتت بين آلهة كثيرة , فدائماً إبراهيم يُحاج فهل تتذكرون قصته مع النمرود لما قال له : أن الله سبحانه و تعالى يُحيي و يُميت ، فقال النمرود له : و أنا أُحيي و أُميت يعني أقتل الذي أريد و أترك من أريد ليعيش ، فالنمرود غبي لأنه يعتقد بأنه بذلك يُحيي و يُميت , و ثم قال له إبراهيم حُجة لم يقدر الرد عليها : بأن الله سبحانه و تعالى يأتي بالشمس من المشرق فاجعلها يا نمرود تأتي من المغرب فَبُهيت الذي كفر , فهي حُجة بسيطة لكنها قوية , لذلك دائماً أقول لكم بأن الحُجة كلما كانت البسيطة كانت أقوى و أوقع في النفس .
__

هنا يقول الله عز و جل النتيجة :
{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْدتَدُونَ} :

الذي وحد و لم يُشرك لأن الظلم هو الشرك , (الذين أمنوا و لم يلبسوا إيمانهم) أي لم يخلطوا إيمانهم بأي نوع من أنواع الشرك .
__

{وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} :

(تلك حُجتنا أتيناها إبراهيم على قومه) أي الآيات السابقة هي الحُجة و التجربة العملية و التي أدت إلى اليقين و بعد ذلك حُجة الأمن و الخوف , (نرفع درجات من نشاء) يعني نُقَرب من نُريده أي الذي شاء أن يهتدي و طلب اللجوء إلى الله عز و جل , فأول شيء كَرِه عدم وجود أدلة (لا أحب الأفلين) و ثم لجأ إلى الله (لئن لم يهدني ربي لاكونن من القوم الضآلين) و بعد ذلك تبرأ من الشرك و ثم توجه إلى الله و كفر بالطاغوت و أثبت القوة و العلو للإله الحقيقي و هو الله سبحانه و تعالى , (إن ربك حكيم عليم) أيضاً صفة العليم تُفيض صفة الحكيم كما قلنا سابقاً بأن صفة الخبير تُفيض صفة الحكيم .
__

و تابع قمر الأنبياء سيدنا يوسف الثاني ﷺ الجلسة إذ طلب من رفيدة و أرسلان و مروان إعراب مقاطع قرآنية من هذا الوجه و قاموا بإعرابها على أحسن وجه :

إذ أعربت رفيدة المقطع القرآني {إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} :
إن : حرف ناسخ ، رب : إسم إن منصوب و علامة نصبه الفتحة و هو مضاف ، الكاف : ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ، حكيم : خبر إن مرفوع و علامة رفعه الضمة ، عليم : نعت مرفوع و علامة رفعه الضمة .

و أعرب أرسلان {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ} :
و : حرف عطف ، حاجه : فعل ماضي مبني على الفتح ، الهاء : ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به مقدم ، قومه : فاعل مرفوع و علامة رفعه الضمة و هو مضاف ، الهاء : ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه. 
  - دائما يكون المضاف و المضاف إليه من الأسماء , لكن دائما الفعل الذي يأتي بعده إسم فإما يكون الاسم فاعل أو مفعول به , و إذا أتى بعد الإسم إسم آخر فإما يكون مضاف و مضاف إليه أو حال أو نعت على حسب موقعه من الإعراب .

و أعرب مروان ما طُلِبَ منه إعرابه في الوجه السابق , {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} :
عالم : خبر مرفوع و علامة رفعه الضمة لمبتدأ محذوف تقديره هو ، فأصل الجملة (هو عالم الغيب و الشهادة) , الغيب : مضاف إليه مجرور و علامة جره الكسرة , و : حرف عطف ، الشهادة : إسم معطوف على الغيب مجرور و علامة جره الكسرة .
__

و ثم أنهى سيدي يوسف ﷺ الجلسة بأحاديث من كتاب (الترغيب و الترهيب) للشيخ المنذري - رحمه الله - يقول : كتاب قراءة القرآن ، الترغيب في قراءة القرآن في الصلاة و غيرها ، و فضل تعلمه و تعليمه و الترغيب في سجود التلاوة , سنأخذ بعض الأحاديث و ثم نكمل في الجلسات القادمة , فقال :

  - عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ قال : " خيركم من تعلم القرآن و علمه ". رواه بخاري و مسلم و أبو داوود و الترمذي و النسائي و ابن ماجة .
  
  - عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله ﷺ : "من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة و الحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف و لكن ألف حرف ولام حرف و ميم حرف".
  
  - و عن أبي هريرة عنه عن رسول الله ﷺ قال : "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة و غشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله في من عنده". رواه مسلم و أبو داوود.
  
  - عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال : "خرج علينا رسول الله ﷺ و نحن في الصُفَة(و هم مجموعة من الفقراء المسلمين كانوا يسمون أهل الصفة و هم دائماً جالسين في المسجد و ليس لهم قبائل و لا لهم أُسر تقويهم أو تعينهم و كان منهم أبو هريرة الذي اغتنى بعد ذلك في عهد معاوية و داهن معاوية ، غفر الله له) و قال : أيكم يُحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم و لا قطيعة رحم , فقلنا : يا رسول الله كلنا نحب ذلك ، قال : أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم أو فيقرأ آيتين من كتاب الله عز و جل خير له من ناقتين و ثلاث و أربع و خير له من أربع و من أعدادهن من الإبل". (و هذا مثال يقوله النبي ﷺ بأن قراءة القرآن خير من أن يكون عندك أموال عظيمة كالإبل مثلاً).

  - و عن أبي هريرة عنه أن رسول الله ﷺ قال : "من استمع إلى آية من كتاب الله كُتبت له حسنة مضاعفة و من تلاها كانت له نوراً يوم القيامة".
  
  - عن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله ﷺ : "يقول الرب تبارك و تعالى من شغله القرآن عن مسألتي أعطيته أفضل ما أُعطي السائلين و فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه".
  
  - و عن أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله ﷺ : "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة(أي البرتقال , لذلك نحن نقول بأن سائل الإيمان في الرؤى يكون برتقالي اللون) ريحها طيب و طعمها طيب , و مثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها و طعمها حلو , و مثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب و طعمها مر , و مثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح و طعمها مر".
  
_

و الحمد لله رب العالمين . و صلَّ الله و سلم على أحبابه محمد و أحمد و يوسف بن المسيح صلوات مباركات و على آلهم و صحبهم و ذريتهم و على أنبياء عهد محمد أجمعين .🌿

أسماء إبراهيم :
 كنا جلوسا مع الحبيب نبي الله يوسف بن المسيح ﷺ في الصالة الصغيرة و كان حبيب الله يكتب رؤيا رأها ضحى يوم الخميس ٢٠٢٠/٦/١٨ و عندما انتهى من كتابتها جعل أم المؤمنين الدكتورة مروة و أنا نقرأها , عندما انتهيت منها لم استطع التعليق و التعبير عما فيها لنبي الله من شدة الاضطراب الذي اصابني من الرؤيا إذ أشعر بثقل كبير وقع على قلبي و تكور فيه من شدته و شعرتُ بالرجفة في جسدي , و هذا الحال أشعر به كلما قرأت رؤيا لنبي الله , أشعر بالرهبة و الهيبة و الجلال و كل الجمال و الخشوع العميق و السلام الرقيق على القلب , و لما رجعت و قرأتها للمرة الثانية ازداد الشعور و كنت أريد أن أقرأها للمرة الثالثة كالعادة لكن لم أستطع فبكيت و دعوت لنبي الله ﷺ , و كنتُ كلما قرأت رؤى أتباع النبي يوسف ﷺ أشعر بأحاسيس مختلفة و كلها تصب في شعور الروحانية بأن نعم هذا من ربي الحبيب , فكيف برؤى النبي ذاته !! و الله إن من صدق النبي الرؤى الرؤى الرؤى فإنها تقع في القلب و تجعله هائج كموج البحر لا يهدئ إلا في أحضان المُخَلص و باللجوء إليه فالبحر بين يديه كما الأكوان تطوف من حوله متعبدة عاشقة متراقصة على ألحان الأغنية المقدسة الأبدية , الحمد لله أن جعل لنا نصيباً في حُب النبي و قُرب النبي و أنفاس النبي و بسمات النبي و تربية النبي و تزكيته , الحمد لك يا حبيب المحبين ربي البر الحسيب , و صلَّ الله و سلم على أحبابه و أسيادنا محمد و أحمد و يوسف بن المسيح صلوات متتاليات مباركات طيبات و على آلهم و صحبهم و ذريتهم و على أنبياء عهد محمد أجمعين و أسأل الله أن يُنزل الصبر و الرضا على قلبي كما يُحب هو و يُحب نبيه . آمين🌿

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق