السبت، 17 أكتوبر 2020

صلاة الجمعة = 16 ==10 == 2020

 
 
 
 
 
 
 
يوشع بن نون :
 
 
صلاة الجمعة ٢٠٢٠/١٠/١٦
==================
صلاة الجمعة لخليفة المسيح الموعود السادس سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام بتاريخ ٢٠٢٠/١٠/١٦
يقول سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام : السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته . أذان .
قام بلال اليوسفيين برفع الأذان :
الله اكبر الله اكبر
الله اكبر الله اكبر
اشهد ان لا اله الا الله  
اشهد ان لا اله الا الله
اشهد ان محمدا رسول الله  
اشهد ان محمدا رسول الله
حى على الصلاة
حى على الصلاة
حى على الفلاح
حى على الفلاح
الله اكبر الله اكبر
لا اله الا الله
ثم قام سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام خطيبا فقال : الحمد لله - الحمد لله وحده - الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده و بعد : لدينا اليوم في هذا اليوم المبارك كلام من كلام المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام من كتاب حمامة البشرى يقول الإمام المهدي الحبيب : " ثم نرجع إلى كلماتنا الأولى ونقول إن الآية التي ذكرناها آنفا.. أعني قوله تعالى: (إِلا مَوْتَتَنَا الأُولَى)، قد استدل بها الخليفةُ الأول أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه إذا تُوفّيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم واختلف الناس في وفاته، وقال عمر ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بموت حقيقي، بل يأتي مرة ثانية في الدنيا ويقطع أنوف المنافقين وأيديهم وآذانهم، فأنكره الصدّيق ومنَعه من ذلك، ثم بادرَ إلى بيت عائشة رضي الله عنها وأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وكان ميتًا على الفراش، فنـزَع عن وجهه الرداء وقبّله وبكى، وقال: إنك طيب حيا وميتا، لن يجمع الله عليك الموتين إلا موتتك الأولى. فرد بذلك القول قولَ عمر، وكان مأخذُ قولِه قولَه تعالى: (إلا مَوْتَتَنَا الأُولَى). وكانت لأبي بكر رضي الله عنه مناسبة عجيبة بدقائق القرآن ورموزه وأسراره ومعارفه، وكان له ملكة كاملة في استنباط المسائل من القرآن الكريم، فلذلك هُدِيَ قلبه إلى الحق وفهِم أن الرجوع إلى الدنيا موتة ثانية، وهي لا يجوز على أهل الجنة بدليل قوله تعالى حكايةً عن أهلها: (إلا مَوْتَتَنَا الأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ). فإن رجوع أهل الجنة إلى الدنيا ثم موتهم وورود آلامِ السكرات والأمراض عليهم نوعٌ من التعذيب، وقد نجّى الله إياهم من كل عذاب، وآواهم عنده بإعطاء كل حبور وسرور من يوم انتقالهم إلى الدار الآخرة، فكيف يمكن أن يرجعوا إلى دار التعذيبات مرة ثانية؟ فهذا معنى قول أهل الجنة: (وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ).
فحاصل الكلام.. أن أبا بكر الصدّيق ردَّ بهذه الآية قولَ عمر رضي الله عنه . ثم ما اكتفى على ذلك بل قصد المسجد وانطلق معه رهط من الصحابة، فجاء وصعد المنبر، وجمَع حوله كلَّ من كان موجودا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أثنى على الله وصلى على رسوله صلى الله عليه وسلم وقال: أيها الناس.. اعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تُوفّيَ، فمن كان يعبد محمدا صلى الله عليه وسلم فليعلم أنه قد مات، ومن كان يعبد الله فإنه حيّ لا يموت، ثم قرأ: (وَمَا مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ). فاستدل بهذه الآية على موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بناءً على أن الأنبياء كلهم قد ماتوا. فلما سمع الصحابة قول الصدّيق رضي الله عنه ما ردَّ أحد على قوله، وما قال أحد له: أيها الرجل.. إنك كذبت أو أخطأت في استدلالك أو ذكرت استدلالا ناقصا وما كنت من المصيبين.
فلو كانوا معتقدين بأن عيسى حيّ إلى ذلك الزمان لردّوا على أبي بكر، وقالوا كيف تفهم من هذه الآية موت الأنبياء كلهم؟ ألا تعلم أن عيسى قد رُفع إلى السماء حيا ويأتي في آخر الزمان؟ فإذا كان عيسى راجعا إلى الدنيا مرة ثانية وأنت تؤمن به، فأي حرج ومضايقة في أن يأتينا رسولنا صلى الله عليه وسلم أيضا كما زعمه عمر.. الذي يجري الحق على لسانه، وله شأن عظيم في الرأي الصائب، ولرأيه موافقة بأحكام القرآن في مواضع، ومع ذلك هو مُلهَم ومن المحدَّثين؟ وإن وفاة نبينا صلى الله عليه وسلم للمسلمين مصيبة ما أصيبوا بمثله.. فليس من العجب أن يرجع نبينا صلى الله عليه وسلم إلى الدنيا، بل رجوعه إلى الدنيا أحق وأولى وأنفع من رجوع المسيح، وحاجة المسلمين إلى وجوده المبارك أشدّ وأزيَد من حاجتهم إلى وجود المسيح. لكنهم ما ردّوا على الصدّيق رضي الله عنه بهذه الكلمات، بل سكتوا كلهم ونبذوا من أيديهم سهام الإنكار، وقبِلوا قوله، وبكوا وقالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون. ونظروا إلى موت الأنبياء كلهم واطمأنوا بها، فإنهم ماتوا كلهم وما كان أحد منهم من الخالدين.
وإذا ثبت أن رجوع أهل الجنة والذين قعدوا عند مليك مقتدر بحبور وسرورٍ ممنوعٌ، وخروجهم من نعيمهم ولذّاتهم يُخالف وعد الله، فكيف يجوِّز العاقل المؤمن أن المسيح عليه السلام محروم من هذا الفوز العظيم، ولكل بشر موت وله موتان؟ أليس هذا مما يخالف نصوص القرآن؟ فتدبرْ وسَلِ اللهَ يهَبْ لك فهم المتدبرين. وقد قال الله تعالى في مقامات أخرى: (وَمَا هُمْ مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ)، وقال: (فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ)، وقال: (وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ). فانظر أيها العزيز! كيف نترك هذا الحق الصريح بناء على خيالات واهية وتحكّمات فاسدة؟ فتفكرْ واتق الله، إن الله يحب المتقين.
وربما يختلج في قلبك أن رجوع الموتى إلى الدنيا بعد دخولهم في الجنة ممنوع، ولكن أي حرج في رجوعٍ كان قبل دخول الجنة؟ فاعلم أن آيات القرآن كلها تدل على أن الميت لا يرجع إلى الدنيا أصلاً، سواء كان في الجنة أو في جهنم أو خارجا منهما، وقد قرأنا عليك آنفا آية: (فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ) و(أَنَّهُمْ لا يَرْجَعُونَ). ولا شك أن هذه الآيات تدل بدلالة صريحة على أن الذاهبين من هذه الدنيا لا يرجعون إليها أبدا بالرجوع الحقيقي. وأعني من الرجوع الحقيقي رجوع َالموتى إلى الدنيا بجميع شهواتها ولوازمها، ومع كسب الأعمال من خير وشر، ومع استحقاق الأجر على ما كسبوا، ومع ذلك أعني من الرجوع الحقيقي لُحوقَ الموتى بالذين فارقوهم من الآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة الذين هم موجودون في الدنيا، وكذلك رجوعهم إلى أموالهم التي كانوا اقترفوها، ومساكنِهم التي كانوا بنَوها، وزروعِهم التي كانوا زرعوها، وخزائنهم التي كانوا جمعوها. ثم من شرائط الرجوع الحقيقي أن يعيشوا في الدنيا كما كانوا يعيشون من قبل، ويتزوجوا إن كانوا إلى النكاح محتاجين، وأن يؤمنوا بالله ورسوله فيُقبَل إيمانهم ولا يُنظَر إلى كفرهم الذي ماتوا عليه، بل ينفعهم إيمانهم بعد رجوعهم إلى الدنيا وكونهم من المؤمنين. ولكنا لا نجد في القرآن شيئا من هذه المواعيد، ولا سورةً ذُكرتْ فيها هذه المسائل، بل نجد ما يخالفه كما قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِين * خَالِدِينَ فِيهَا). فانظر كيف وعد الله للكافرين لعنة أبدية، فلو رجعوا إلى الدنيا وآمنوا بكتبه ورسله لوجب أن لا يُقبَل عنهم إيمانهم، ولا يُنـزَع عنهم اللعنة الموعودة إلى الأبد كما هو منطوق الآية. وأنت تعلم أن هذا الأمر يُخالف هدايات القرآن كما لا يخفى على المتفقهين. "
ثم جلس سيدنا يوسف بن المسيح قليلا ثم تابع الخطبة فقال : الحمد لله - الحمد لله وحده - الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده و بعد : يقول الإمام المهدي الحبيب : " وأما إحياء الموتى من دون هذه اللوازم التي ذكرناها، أو إماتة الأحياء لساعة واحدة ثم إحياؤهم من غير توقف كما نجد بيانه في قصص القرآن الكريم فهو أمر آخر، وسرٌّ من أسرار الله تعالى، ولا توجد فيه آثار الحياة الحقيقي ولا علامات الموت الحقيقي، بل هو من آيات الله تعالى وإعجازات بعض أنبيائه، نؤمن به وإن لم نعلم حقيقته، ولكنا لا نسمّيه إحياءً حقيقيا ولا إماتة حقيقية. فإن رجلا مثلا أُحيِيَ بعد ألف سنة بإعجاز نبي ثم أُميت بلا توقف، وما رجع إلى بيته، وما عاد إلى أهله وإلى شهوات الدنيا ولذّاتها، وما كان له خِيَرةٌ مِن أن تُرَدّ إليه زوجه وأمواله وكل ما ملكت يمينه من ورثاء آخرين، بل ما مَسَّ شيئا منها ومات بلا مكث ولحق بالميتين، فلا نسمي مثل هذا الإحياء إحياءً حقيقيا، بل نسميه آية من آيات الله تعالى ونفوّض حقيقته إلى رب العالمين. "
((( نلاحظ هنا أن المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام استخدم المصطلح هذا دوما الذي أنا أقوله دوما " نفوض كيفه إلى الله رب العالمين " الأمر الذي لا نعرفه نثبته ونوقن به ولكن نقول ونفوض الكيف إلى الله عز وجل ))) .
يقول الإمام المهدي : " ولا شك أن إحياء الموتى وإرسالهم إلى الدنيا يقلِّب كتاب الله بل يُثبت أنه ناقص، ويوجب فتنًا كثيرة في دين الناس ودنياهم، وأكبرها فتن الدين. مثلا كانت امرأة نكحتْ زوجا فتُوفّيَ، فنكحت زوجا آخر فتُوفّيَ، فنكحت ثالثا فتُوفّيَ، فأحياهم الله تعالى في وقت واحد، فاختصموا فيها بعولتُها، وادّعى كل واحد منهم أنها زوجته، فمَن أحقُّ منهم في كتاب الله الذي أكمل أحكامه وحدوده؟ وكيف يحكم فيهم القاضي؟ وكيف يحكم في أموالهم وأملاكهم وبيوتهم من كتاب الله؟ أتؤخذ من الورثاء وترد إلى الموتى الذين صاروا من الأحياء؟ بيِّنُوا تؤجَروا، إن كنتم على قول الله ورسوله مطّلعين.
وكذلك الإماتة التي كانت لساعة أو ساعتين ثم أُحْيِيَ الميت، فليست إماتة حقيقية بل آية من آيات الله تعالى، ولا يعلم حقيقته إلا هو. وأنت تعلم أن الله ما وعد بحشر الموتى في القرآن إلا وعدًا واحدًا وهو الذي يظهر عند يوم القيامة، وأخبر عن عدم رجوع الموتى قبل يوم القيامة، فنحن نؤمن بما أخبر وننـزه القرآن عن الاختلافات والتناقضات، ونؤمن بآية: (فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ)، ونؤمن بآية: (وَمَا هُمْ مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ).
وإنّا لا نقول أن أهل الجنّة بعد انتقالهم إلى دار الآخرة يُحبَسون في مكان بعيد من الجنة إلى يوم القيامة، ولا يدخل الجنة قبل القيامة إلا الشهداء، كلاّ.. بل الأنبياء عندنا أول الداخلين. أيظن المؤمن الذي يُحب الله ورسوله أن النبيين والصدّيقين يُبعَدون عن الجنة إلى يوم البعث ولا يجدون منها رائحة، وأما الشهداء فيدخلونها من غير مكثٍ خالدين؟
فاعلم يا أخي أن هذه العقيدة رديئة فاسدة، ومملوءة من سوء الأدب. أما قرأت ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الجنة تحت قبري؟ وقال إن قبر المؤمن روضة من روضات الجنة، وقال تعالى في كتابه المحكم: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي في عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتي)، وقال في مقام آخر: (قِيلَ ادْخُلِ الجَنَّةَ). وقصَّ علينا قصة رجل مات ودخل الجنة، وكان له صاحب في الدنيا فاسق، فمات صاحبه أيضا ودخل النار، فذكَر الذي دخل الجنة قصةَ صاحبه عند أصحاب الجنة وقال: (هَلْ أَنْتُمْ مُّطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ في سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللهِ إِنْ كِدْتَّ لَتُرْدِينِ * وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ).
وأنت تعلم أن هذه القصة تدل بدلالة صريحة على أن المؤمنين يدخلون الجنة بعد موتهم من غير مكث، ثم لا يُخرَجون منها ويتنعّمون فيها خالدين. وكذلك يثبت من القرآن أن أهل جهنم يدخلونها بعد الموت من غير مكث، كما لا يخفى على الذين يتدبرون في آية: (فَرَآهُ في سَوَاءِ الْجَحِيمِ)، وكما قال الله تعالى: (مِمَّا خَطِيئآتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا). وإن كنت تطلب شاهدا من الحديث فانظر إلى أحاديث المعراج، فإن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جهنم في ليلة المعراج، وكذلك رأى الجنة، فرأى في الجنة أهلها، وفي جهنم أهلها، فريقا في النعيم وفريقا من المعذبين.
وإن قلتَ إن كتاب الله والأخبار الصحيحة شاهدة على أن البعث حق، والميزان حق، وسؤال الله عن عباده حق واقع لا شبهة فيه، ثم بعد كل هذه الواقعات.. يعني بعد حشر الأجساد والحساب ووزن الأعمال يدخلون أهلُ الجنة مقامَ جنتهم، ويدخلون أهلُ النار مقام نارهم، وإن كان هذا هو الحق فكيف يمكن دخول أهل الجنة وأهل جهنم في مقامهم إلا بعد حشر الأجساد ووزن الأعمال وغيرها كما تقرر في عقائد المسلمين؟
قلنا لو حملنا ألفاظ تلك الآيات على ظواهرها لاختلّ نظام كتاب الله وما بقي توافُقُ آيات الله، بل وجب في هذه الصورة أن نُقرّ بأن القرآن مملوء من الاختلافات والتناقضات وبعض آياته يُعارض بعضا. ألا ترى الآيات التي تدل على دخول أهل الجنة وأهل جهنم في رياض الخلد ونيران السعير من غير مكث وتوقف؟ فاعلم أن في هذه الآيات ليست مُخالفَة، وليس المراد من الحساب ووزن الأعمال وحشر الأجساد أن يخرج أهل الجنة من جنتهم ومقام عزتهم، وأنهم يؤخذون ويُحاسَبون لعلهم كانوا من أهل النار، ويُخرَج أهل النار من نارهم، ويُنظَر في أمرهم لعلهم كانوا من أهل الجنة، لأن الله تعالى يعلم الغيب ويعلم إيمان الناس وكفرهم قبل أن يُخلَقوا، ولا يعجز علمه عن درك المغيبات، بل الحساب والميزان لإظهار مكارم المكرمين وإراءة مفاسد المفسدين. ولا شك أن أهل الصلاح وأهل المعصية يرون ثمرات أعمالهم بعد الموت بغير مكثِ طرفةِ عين، وجنّتُهم ونارهم معهم حيثما كانوا، ولا تفارقانهما في آن. ألا تنظر إلى ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن القبر روضة من روضات الجنة أو حفرة من حفر النار؟ والميت قد يُدفن وقد يُحرق وقد يأكله الذئب وقد يغرق في البحر، وفي كل صورة لا يفارقه روضةُ جنته أو حفرةُ ناره. وقد ثبت أن كل مؤمن وكافر يُعطى من جسم بعد موته، ويوضع جنته أو جهنمه في قبره، ثم إذا كان يوم القيامة فيبعث كل ميت ببعث جديد، ويحضرون لوزن أعمالهم، وتمشي معهم جنتهم ونارهم ونورهم وغبارهم، ثم بعد حساب الأعمال والسؤال بطريق إظهار العزة أو إراءة الذلة والوبال، وبعد الوزن وغيرها من الأمور التي نؤمن بها، تقتضي رحمة الله تعالى وغضبه تجليات جديدة، فيُمثّل الله الجنةَ في أعين أهلها بصورة ما رأتها أعينهم قط كما وعد في كتابه للمسلمين، فيكون لهم ذلك اليوم يومَ المسرّة العظمى والسعادة الكبرى، فيدخلونها فرحين آمنين. وكذلك تُمثَّلَ جهنم في أعين أهلها، ويُريها في صورة يفجعهم رؤيتُها، ويسمعون تغيُّظَها وزفيرها وشهيقها، ويحسبون أنهم ما رأوا مثلها من قبل وما دخلوها، فيكون لهم ذلك اليوم يوم الفزع الأكبر. ولله مَجالي كثيرة في أقداره وأسراره وحِكمه، فلا تعجبوا من مَجالي الله، وادعوا الله يلهمكم طرق المهتدين. ((( مجالي أي كشوفات كشف اي يكشف الحجاب عن أمور مخفية )))
وكل ذلك مكتوب في كلام الله، وما كتبنا حرفا من عندنا، وما حرّفنا وما افترينا. ومن كذّب القرآن فهو هالك، ومن اختار سبيلا غيره فيُتَبّ وتأكله السماء بأنيابها. فاستمسكْ بكتاب الله ولا تركنْ إلى غيره فتضلّ، وحسبُنا كتاب الله إن كنا مؤمنين. ويكفي لك في شأن كتاب الله ما أثنى الله عليه وقال: (مَا فَرَّطْنَا في الكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ)، فيه تفصيل كلّ شيء، وما جاء في حديث مسلم عن زيد بن أرقم قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يُدعى خُمًّا بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكّر، ثم قال: أما بعد.. ألا يا أيها الناس! إنما أنا بشرٌ يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وأنا تاركٌ فيكم الثَّقَلينِ، أوّلها كتابُ الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسِكوا به. فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي. وكتاب الله هو حبل الله، من اتّبعه كان على الهدى، ومن تركه كان على الضلالة. فانظر كيف رغّب فيه وخوّف مَن تركه مُعرضا عنه بحيث أخذ غيره الذي يعارضه. فاعلم أن القرآن إمامٌ ونورٌ، ويهدي إلى الحق، وأنه تنـزيل رب العالمين.
وأقم الصلاة.
ثم قام بلال اليوسفيين بإقامة الصلاة وصلى نبي الله الجمعة ركعتين وقرء في الركعة الأولى سورة الفاتحة وخواتيم سورة التوبة .
بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ * ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ * إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ * ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰ⁠طَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ * صِرَ ٰ⁠طَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ .
(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ قَـٰتِلُوا۟ ٱلَّذِینَ یَلُونَكُم مِّنَ ٱلۡكُفَّارِ وَلۡیَجِدُوا۟ فِیكُمۡ غِلۡظَةࣰۚ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِینَ ۝  وَإِذَا مَاۤ أُنزِلَتۡ سُورَةࣱ فَمِنۡهُم مَّن یَقُولُ أَیُّكُمۡ زَادَتۡهُ هَـٰذِهِۦۤ إِیمَـٰنࣰاۚ فَأَمَّا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ فَزَادَتۡهُمۡ إِیمَـٰنࣰا وَهُمۡ یَسۡتَبۡشِرُونَ ۝  وَأَمَّا ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ فَزَادَتۡهُمۡ رِجۡسًا إِلَىٰ رِجۡسِهِمۡ وَمَاتُوا۟ وَهُمۡ كَـٰفِرُونَ ۝  أَوَلَا یَرَوۡنَ أَنَّهُمۡ یُفۡتَنُونَ فِی كُلِّ عَامࣲ مَّرَّةً أَوۡ مَرَّتَیۡنِ ثُمَّ لَا یَتُوبُونَ وَلَا هُمۡ یَذَّكَّرُونَ ۝  وَإِذَا مَاۤ أُنزِلَتۡ سُورَةࣱ نَّظَرَ بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٍ هَلۡ یَرَىٰكُم مِّنۡ أَحَدࣲ ثُمَّ ٱنصَرَفُوا۟ۚ صَرَفَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمۡ قَوۡمࣱ لَّا یَفۡقَهُونَ ۝  لَقَدۡ جَاۤءَكُمۡ رَسُولࣱ مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ عَزِیزٌ عَلَیۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِیصٌ عَلَیۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِینَ رَءُوفࣱ رَّحِیمࣱ ۝  فَإِن تَوَلَّوۡا۟ فَقُلۡ حَسۡبِیَ ٱللَّهُ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَلَیۡهِ تَوَكَّلۡتُۖ وَهُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِیمِ)
وقرء في الركعة الثانية سورة الفاتحة وسورة الإخلاص .
بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ * ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ * إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ * ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰ⁠طَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ * صِرَ ٰ⁠طَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ .
(بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ۝  ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ ۝  لَمۡ یَلِدۡ وَلَمۡ یُولَدۡ ۝  وَلَمۡ یَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ)
ثم جمعَ صلاة العصر .
=================
والحمد لله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق