درس القرآن و تفسير الوجه الخامس و العشرين من الأعراف .
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
أسماء إبراهيم :
شرح لنا سيدي و حبيبي يوسف بن المسيح ﷺ أثناء جلسة التلاوة المباركة من أحكام التلاوة ؛ من أحكام المد , ثم قام بقراءة الوجه الخامس و العشرين من أوجه سورة الأعراف و أجاب عن أسئلتنا بهذا الوجه ثم صحح لنا تلاوتنا و ثم صحح لنا استخراج الأحكام من الوجه , و انهى الجلسة بأحاديث من كتاب (الترغيب و الترهيب للشيخ المنذري -رحمه الله-) .
بدأ سيدنا يوسف بن المسيح ﷺ الجلسة بأحكام التلاوة :
مد فرعي بسبب السكون :
مد عارض للسكون و يكون غالباً في نهايات الآيات و يمد بمقدار ٤ إلى ٥ حركات .
و مد لازم حرفي أو كلمي : الحرفي هو في أوائل السور , و الكلمي مثقل و يُمد بمقدار ٧ حركات مثل (و لا الضآلين) .
و المد الحرفي له ثلاثة أنواع : حرف واحد يمد حركة واحدة و هو الألف في حروف المقطعات في بداية السور ، مجموعة من الحروف تمد بمقدار حركتين و هي مجموعة في جملة (حي طهر) , و حروف تمد بمقدار ٦ حركات و هي مجموعة في جملة (نقص عسلكم) .
__
و ثم تابع نبي الله يوسف الثاني الحبيب ﷺ الجلسة بشرح الوجه لنا فقال :
{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ} معنى كلمة ذرأنا كتبها أرسلان نقلاً عن نبي الله يوسف الحبيب ﷺ و هي في المدونة ، و قال نبي الله : بنحب نكررها تاني ، إحنا قلنا ذرأنا : ذر أي نشر ، و الذاريات ذروة ، ربنا مَثَّلَ الانتشار الكثير العميم بشكل حبوب اللقاح التي تنتشر وقت الهيجاء أي وقت الرياح ، فالرياح تأتي على حبوب اللقاح التي تكون بيضاء خفيفة صغيرة كالبودرة تنتشر فهذا مثال للانتشار الكثيف العميم في كل اتجاه ، ربنا قال هنا (و ذرأنا) أضاف الهمزة لكلمة ذر و نحن نعلم بأن صوت الهمزة هو الأعماق ، هو العمق ، يقول ربنا (و ذرأنا لجهنم) يعني نشرنا نشراً كثيراً عميماً إلى أعماق جهنم ، من؟؟ (كثيراً من الجن و الإنس) و هذا المثال ربنا ذكره بعد قصة بلعام بن باعوراء .
___
ربنا في هذا الوجه(أي الخامس و العشرين) ذكر أسرار عظيمة جداً ، ربنا يقول لسيدنا محمد ﷺ :
{قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} :
(قل لا أملك لنفسي نفعاً و لا ضراً) يعني أنا عبد مسلم لله ، مسلم أمري لله عز و جل ، ليس عندي قدرات إلهية لأنني لستُ إله فبتالي لا أملك لنفسي نفعاً و لا ضراً ، و ده مين؟؟ خير الرسل ﷺ المنبأ عنه على لسان موسى في التوراة : "أُخرج لهم من بين إخوتهم مثيلاً لك و أجعل كلامي في فمه" و هو محمد ﷺ خير الرسل ، (قل لا أملك لنفسي نفعاً و لا ضراً إلا ما شاء الله) ربنا هو الذي يشاء ، (و لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير و ما مسني السوء) ليس كل نبي يعلم الغيب ، النبي يعلم الأجزاء البسيطة أو المحدودة التي يُخبره الله بها ، النبي و الولي و المُحدث و عموم الصالحين بدرجات مختلفة طبعاً ، إذاً فأصل الغيب و أصل علم الغيب و النبوءة هو الله ، فربنا سبحانه و تعالى عنده المنبع و الينبوع و بئر الأسرار فيكشف ما يريد على من يريد و وقتما يريد ، كيفما شاء ، بالصورة التي هو يشاءها سبحانه و تعالى ، توجد عظة جميلة جداً في بداية هذه الآية ، ربنا يقول (قل لا أملك لنفسي نفعاً و لا ضراً إلا ما شاء الله و لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير و ما مسني السوء) حتى الأنبياء يمسهم أذى من أقوامهم أو من أي شيء ، يعني حتى النبي ليس معصوماً من أن يمسه أذى أو تعب أو رهق ، يعني حياة النبي ليست مترفة أو كاملة ، بل يعترضها ما يعترض الناس الآخرين في الحياة ، (إن أنا إلا نذيراً وبشير لقوم يؤمنون) وظيفة النبي بأنه نذير يُنذر بالعذاب الأليم لكل من لا يستمع لله عز و جل ، و أيضاً بشير يُبشر بكل نعيم مقيم للمؤمنين .
___
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} :
هذه الآية تتحدث عن كيف بدء الله الخلق ، خلق الإنسان ، لأن ربنا سبحانه و تعالى دائماً في القرآن يأمرنا بأن نتفكر بكيف بدء الله الخلق بشكل عام ، و لما نفهم كيف بدء الله الخلق سنزداد يقيناً بالله عز و جل لأننا سنصل إلى مُسَلَمَة علمية حقيقية بأن كل شيء خُلق من العدم ، فالخلية الحية هذه ليس قبلها خلية بل هي خُلِقت من العدم أي العناصر الأساسية التي فيها مخلوقة من العدم فلم تكن موجودة من قبل ، فلما تصل لهذا اليقين أي أن المواد الأساسية للمخلوقات هي أساساً مخلوقة من العدم و لا شيء قبلها فهذا دليل على وجود مُسبب أخرجها من العدم من اللاشيء ، فمن هذا المُسبب؟؟؟ هو الله .
و هذه الآية تتكلم عن جزء بسيط من خلق الإنسان بكيف بدأ ، و يتكلم هنا أيضاً عن جزء من الجزء يعني جزء من خلق الإنسان و ليس كل المراحل بل يتكلم عن جزء بسيط ، و تريد أن تعرف كيف بدأ الله خلق الإنسان فاقرأ مقالة "كشف السر" و مقالة "تعزيزاً لمقالة كشف السر" في المدونة .
(هو الذي خلقكم من نفس واحدة) يعني في البداية كنتم تتكاثرون من الإناث يعني الأنثى تكون خنثى مثل الزهرة التي فيها العناصر الذكرية و الأنثوية فتُلقح نفسها بنفسها فهذا هو التكاثر الخنثوي ، فكل البشر في البداية مثلاً من مليون سنة فالبشر لهم ملايين السنين و ليس من آلاف فقط ، فالبشر ممتدين لكنهم تطوروا مع الزمن ، كان الخلق عبارة عن خلق ذاتي يعني الأنثى تحمل و تلد ، و تلد فقط إناث يعني بالتصنيف الذي نقوله نحن (إناث) لكن كانوا في وقتها مخلوقات بشر ، (خلقكم من نفس واحدة) هذه النفس الواحدة ربنا كان يخلق منها فلا تحتاج إلى زوج ، و بعد مرحلة من المراحل (و جعل منها زوجها) يعني في مرة خلق ربنا طفل من الأنثى فيه صفات ذكرية و ممكن عاش و ثم مات من غير أن يتكاثر او ليست عنده الرغبة في التكاثر ، و بالتدريج بدأت الإناث تلد أطفال ذكور فيهم نصف الصفات الذكرية و بعد ذلك مع الوقت بدأت الصفات الذكرية هذه تزداد ، فبدأ مع تطور الأجيال وجود إلتقاء أو إنجذاب ما بين الذكر الجديد(الذي نشأ من الإناث) و الإناث ، فأصبح التزاوج ما بين الذكر و الأنثى فينتج منهما أطفال لكن قبل ذلك كانت الانثى بمفردها تأتي بالأطفال أوتوماتيك مثل الماكنة كده و مثل بعض المخلوقات الكثيرة الموجودة الآن هي خنثى يعني تُلقح نفسها بنفسها و تلد الطفل ، و هذا الأمر من ملايين السنين و ليس من ألفين سنة أو من ١٠ آلاف سنة أو من ٢٠ ألف سنة ، و هذا جزء من تطور خلق الإنسان لأن الإنسان قبل أن يكون إناث فقط كان كائنات رباعية تمشي على أربعة و قبل ذلك كانوا نباتات و قبل النباتات كانوا خلايا أولية و قبل الخلايا الأولية لم يكونوا شيئاً ، فمن الذي خلق هذه الخلية الأولى؟؟ الله ، و من الذي جمع عناصرها التي لم تكن موجودة قبل ذلك؟؟ الله ، إذاً فبدء الخلق دليل على وجود الله عز و جل ، و هو دليل من الأدلة الثلاثة : استجابة الدعاء دليل على وجود الله ، البعث و تحقق النبوءات دليل على وجود الله ، و بدء الخلق دليل على وجود الله ، و هذه الأدلة الثلاث نرد بها على الملحدين الذين ينكرون وجود الله عز و جل .
(ليسكن إليها) ليكون سكن بينهم يعني يوجد هدوء و سكينة و مودة فيما بينهم ، (فلما تغشاها) ربنا لا يتكلم عن شخص واحد محدد ، لا بل يتكلم عن فترة تاريخية ، (فلما تغشاها) يعني حصل إلتقاء بين الذكر و الأنثى نتيجة الإنجذاب الذي وضعه الله فيهم (حملت حملاً خفيفاً فمرت به) يعني المخلوقات التي بدأت تأتي من إلتقاء الذكر و الأنثى في البداية كانت تنزل مشوهة و ممكن تنزل ميتة ، تنزل تموت مثلما نرى عندنا في طب جراحات الأطفال فيوجد من الأطفال من يولد مشوه أو ناقص و ليس كامل أو أعضائه التناسلية ليست كاملة و تكون ما بين الذكر و الأنثى أي الخنثى ، يعني التطور من الأنثى للذكر لكنه لم يكتمل ، فكل هذا نحن نراه و ربنا يُرينا إياه حتى نعرف كيف بدأ الخلق و لنتفكر و نتدبر و نعرف بدء الخلق كيف حدث ، (حملت حملاً خفيفاً فمرت به) يعني مرت به عصور ، فكان من الذي ينزل يكتمل و منه لا يكتمل ، (فلما اثقلت) يعني التاريخ وصل لمرحلة أن الطفل ينزل كامل ليس مشوه (دعوا الله ربهما لئن اتيتنا صالحاً لنكونن من الشاكرين) فهذه طبعاً كانت أزمة ما بين البشر بأن الأطفال في أوقات يأتون غير كاملين و في أوقات كاملين ، فكان هذا إحتياج عند البشر بأنهم محتاجين بأن يأتي الطفل كامل فدائماً الاحتياج و الحاجة ممكن أن تكون سبيلا للشِرك مثل الهوى و الرغبة المُحرمة تكون سبيلا للشرك فهي في حد ذاتها لو أنت اتبعتها فأنت بذلك أشركت شرك خفي و كذلك رغبتهم الشديدة بأن يأتيهم طفل كامل جعلتهم يدخلون باب الشرك و هو أن الشياطين ضحكت عليه فمثلاً يأتيهم الشيطان و يقول لهم : قدموا تقدمة للصنم الفلاني أو للشيطان الفلاني او اسجدوا للشيطان الفلاني حتى ينزل المخلوق الذي في بطن الأنثى كاملاً ، فمنهم من يستمع لهذا الكلام و يكون بذلك أشرك و منهم من تمسك و لم يتبع سُبل الشياطين ، و كل هذا كان قبل بعث الأنبياء فكان الشرك منتشر جداً قبل آدم -عليه السلام- و كانت عبادة الشياطين منتشرة و السحر كان منتشر و بعد ذلك قضى عليه ربنا ببعث الأنبياء ، (فلما اثقلت) يعني الحمل أصبح ثقيل و كامل ، (دعوا الله ربهما لئن اتيتنا صالحاً) يعني طفل صالح ، طفل كامل ليس مشوه فيعيش ، (لنكونن من الشاكرين) في البداية بالفطرة الإنسانية كان الناس يعتقدون فعلاً بوجود إله حقيقي ، و كانوا قد دعوا الله عز و جل بأنك لو أعطيتنا طفل صالح سنشكرك و هذا نوع من أنواع النذر .
___
{فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} :
فلما أتى الطفل الصالح أشركوا بالله عز و جل ، الشرك أخذهم و ذلك نتيجة رغبتهم الشديدة بأن الأطفال تكتمل ، فهذه الرغبة جعلت أبواب الشياطين تتفتح عليهم و الشياطين يأتونهم من هذا الباب فيقولون لهم : لاحسن الطفل يأتي مشوه فاعمل هذا الامر فيُشرك بالله عز و جل ، (فتعالى الله عما يُشركون) ربنا أعلى من الشرك الذي يقوموا به و النجاسات التي يقعوا فيها .
___
{أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} :
ربنا هنا يسأل سؤال استنكاري ، يعني هم يُشركون معي((أي مع الله)) كائنات لا تَخلُق و أنا الذي أَخلقهم (و هم يُخلقون) ، و هم أيضاً ((أي الذين أشركوهم مع الله)) هم مخلوقات من مخلوقاتي ((أي مخلوقات الله)) ، فكيف يعبدونهم أو يُقربوا لهم و هم يعرفون بأنهم مخلوقين مثلهم فأنا الذي خلقتهم !
___
{وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ} :
يعني الذين يعبدونهم من دون الله أو يقدموا لهم من دون الله عز و جل لا يستطيعوا أن ينصروا أنفسهم و لا أن ينصروا الذين يشركون بهم مع الله عز و جل .
و من مظاهر الشرك الموجودة في العصر الحديث : لما تذهب الناس لمقابر أو مقامات للأولياء ، و هؤلاء الناس تدعوا الأولياء من دون الله فهذا شرك كبير و ليس شرك خفي ، فمثلاً مقام لأحد الصالحين فيتمسحوا بالضريح و يدعوا صاحب القبر فهذا شرك كبير ، و من مظاهر الشرك الكبير بأن يُذبح للمقام نفسه فهذا شرك بالله عز و جل ، و هو من ما فعلته الشياطين ببني آدم بأن الشياطين اجتالت بني آدم كما قال النبي ﷺ : "الشياطين اجتالت بني آدم فجعلتهم يحرمون ما أحل الله و يحلون ما حرم الله" و هذا يكون نتيجة اجتيال الشياطين و شركم و عياذاً بالله .
___
{وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاء عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ} :
(و إن تدعوهم إلى الهدى) يعني إلى التوحيد و إلى الطريق المستقيم و إلى سبيل المؤمنين ، (لا يتبعوكم) دائماً كده المشرك نجس لا يريد اتباع الله عز و جل و لا المؤمنين و لا الموحدين ، عاوزها تبقى عوجة دايماً ، عاوزها عوجة على طول ، عاوزها شرك على طول ، ليه؟ لأنه يصادف هوى في نفسه و احتياج ، فدائماً الاحتياج يكون سبيل من سُبل الوقوع في الشرك عياذاً بالله ، (سواء عليكم ادعوتموهم أم أنتم صامتون) يعني سواء دعوتموهم للتوحيد أو أنتم ساكتين ، أنتم موحدين و دعوتموهم دعوة عملية و هم يرونكم فلن يتبعوكم أيضاً لأن الذي فيه داء لن يُغيره إلا إذا بذل هو الجهد لتغيير هذا الداء ، لازم يبدأ بنفسه و يجاهد حتى يُصلح من نفسه .
___
{إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} :
(إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم) يعني الذين تُشركوهم مع الله عز و جل هم عباد أمثالكم مخلوقين من مخلوقات الله ، (فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين) هنا تحدي من الله عز و جل فيقول لهم : مش انتم اشركتموهم معايا ، خلاص ادعوهم و توجهوا لهم بالدعاء و اجعلوهم يستجيبوا لكم و مش هيستجيبوا ! ، يعني فليستجيبوا إن كنتم صادقين ، لو كنتم صادقين فاجعلوهم يستجيبوا لكم و يُحققوا لكم أمانيكم و دعاءكم ، فاهمين قصدي؟؟ يعني هنا تحدي و استنكار من الله عز و جل .
____
و بعد ذلك ربنا يُكمل التحدي و السؤال الاستنكاري و يقول لهم :
{أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ} :
(ألهم أرجل يمشون بها) يعني مش ليهم أرجل يمشوا بيها ؟! ، (أم لهم أيدٍ يبطشون بها) مش ليهم أيادي زي أياديكم؟؟ ، (أم لهم أعين يبصرون بها) مش ليهم عيون يبصروا بيها زي ما انتم تبصروا؟؟ ، (أم لهم آذان يسمعون بها) مش ليهم ودان يسمعوا بيها زي ما انتم تسمعوا؟؟ يعني فيهم الصفات اللي هي فيكم ، يعني انتم شبه بعض ، يقول لهم انتم شبه بعض ، (قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون) ربنا يقول لمحمد ﷺ بأن يقول لهم : اشركوا ((طبعاً من باب التحدي و ليس من باب الأمر)) يعني خليكم زي ما انتم مشركين (و ثم كيدون) يعني حاولوا تكيدوني يعني تكيدوا النبي و تتحدوه ، (فلا تنظرون) متتأخروش و استعجلوا بسرعة و يلا كيدوا النبي و شوفوا هتنتصروا و لا لأ ، يعني هذا تحدي من الله عز و جل ، فهي صيغة تحدي و في نفس الوقت صيغة إستهزاء ، يقول لهم : المشركين الذين قمتم بعبادتهم من دوني أو معي مش ليهم أرجل زي أرجلكم؟ مش ليهم يد زيكو؟ مش ليهم عين زيكو؟ مش ليهم ودان زيكو؟؟ صح يا أغبيا!!! ربنا يقول لهم كده ، (قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون) يلا اتحدوني ، يلا متتأخروش ، يلا ورونا هتعملوا إيه ، طلع اللي في جعبتك ، أنا إيه؟ مستنيك هدمرك ، ربنا بيقول كده ، معنى الكلام كده يعني .
__
و تابع قمر الأنبياء يوسف الثاني ﷺ الجلسة إذ طلب من مروان و رفيدة و أرسلان باستخراج أمثلة على أحكام طلبها منهم من هذا الوجه :
طلب من مروان مثال على إدغام متماثلين ، فقال :
{خَلَقَكُم مِّن} .
و طلب من رفيدة مثال على مد عارض للسكون ، فقالت :
{الشَّاكِرِينَ} .
و طلب من أرسلان مثال على مد عوض ، فقال :
{وَلاَ ضَرًّا} .
__
و ثم أنهى سيدنا و مزكينا يوسف بن المسيح ﷺ الجلسة بأحاديث من كتاب (الترغيب و الترهيب) للشيخ المنذري - رحمه الله تعالى - يقول : الترغيب فيما يقوله من حصلت له وسوسة في الصلاة و غيرها ، فقال ﷺ :
عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله ﷺ قال : "إن أحدكم يأتيه الشيطان فيقول : من خلقك؟ فيقول : الله ، فيقول : من خلق الله؟ ، فإذا وجد ذلك أحدكم فليقل : آمنت بالله و رسوله ، فإن ذلك يذهب عنه" .
و عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال : "تمنيتُ أن أكون سألتُ رسول الله ﷺ ماذا يُنجينا مما يُلقي الشيطان من أنفسنا ، فقال أبو بكر -رضي الله عنه- قد سألته عن ذلك فقال : يُنجيكم منه ما أمرتُ به عمي أن يقوله فلم يقله" .
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله ﷺ : "يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا ، من خلق كذا ، حتى يقول : من خلق ربك؟ فإذا بَلَغَهُ فليستعذ بالله و لْيِنْتَهِ" .
عن عثمان بن العاص -رضي الله عنه- أنه أتى النبي ﷺ فقال : "يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني و بين صلاتي و قراءتي يُلبسها عليَّ ، فقال رسول الله ﷺ : ذلك شيطان يقال له : خِنْزَبٌ ، فإذا أحسسته فَتَعَوَّذ بالله و اتفل عن يسارك . قال : ففعلتُ ذلك فأذهبه الله عني" .
و عن أبي زُميل سِماك بن الوليد -رضي الله عنه- قال : "سألتُ ابن عباس فقلتُ : ما شيء أجده في صدري؟ قال : ما هو؟ قلتُ : و الله لا أتكلم به ، قال فقال لي : أشيءٌ من شك؟ قال : و ضحك((يعني أثبت أو إيه قال أيوا)) ، قال : ما نجا من ذلك أحد ، قال حتى انزل الله عز و جل {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فآسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين} قال فقال لي : إذا وجدت في نفسك شيئاً ، فقل : {هو الأول و الآخر و الظاهر و الباطن و هو بكل شيء عليم}" .
○ الترغيب في الإستغفار :
عن أبي ذر -رضي الله عنه- عن رسول الله ﷺ أنه قال : "يقول الله عز و جل: يا بن آدم كلكم مذنب إلا من عافيت فاستغفروني أغفر لكم ، و كلكم فقير إلا من أغنيتُ فاسألوني أعظكم و كلكم ضال إلا من هديت ، فاسألوني الهدى أهدكم ، و من استغفرني و هو يعلم أني ذو قدرة على أن أغفر له غفرتُ له و لا أبالي ، و لو أن أولكم و آخركم و حيكم و ميتكم و رطبكم و يابسكم اجتمعوا على قلب أشقى رجل واحد منكم ما نقص ذلك من سلطاني مثل جناح بعوضة ، و لو أن أولكم و آخركم و حيكم و ميتكم و رطبكم و يابسكم اجتمعوا على اتقى قلب رجل واحد منكم ما زادوا في سلطاني مثل جناح بعوضة ، و لو أن أولكم و آخركم و حيكم و ميتكم و رطبكم و يابسكم سألوني حتى تنتهي مسألة كل واحد منهم فأعطيتهم ما سألوني ما نقص ذلك مما عندي كمغرز إبرة لو غمسها أحدكم في البحر ، و ذلك أني جواد ماجد واحد ، عطائي كلام ، و عذابي كلام إنما أمري لشيء إذا أردته أن أقول له كن فيكون" رواه مسلم.
عن أنس -رضي الله عنه- قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : "قال الله يا بن آدم إنك ما دعوتني و رجوتني غفرتُ لك على ما كان منك و لا أبالي ، يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرتُ لك و لا أبالي ، يا بن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة" .
و عن سعيد الخدري-رضي الله عنه- عن النبي ﷺ قال: "قال إبليس : و عزتك لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم ، فقال : و عزتي و جلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني" رواه أحمد .
هنا ربنا يكيد الشيطان .
و روي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله ﷺ : "ألا أدلكم على دائكم و دوائكم((الداء و الدواء يعني)) ، ألا إن داءكم الذنوب ، و دواءكم الإستغفار" .
و عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله ﷺ : "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ، و من كل ضيق مخرجاً ، و رزقه من حيث لا يحتسب" .
و عن عبد الله بن بسر -رضي الله عنه- قال : سمعت النبي ﷺ يقول : "طوبى لمن وجد في صحيفته استغفار كثير" . صحيفته أي الكتاب الذي سيأخذه يوم القيامة و مكتوب فيه أعماله .
و عن أم عصمة العوصية -رضي الله عنه- قالت : قال رسول الله ﷺ : "ما من مسلم يعمل ذنباً إلا وقف الملك ثلاث ساعات((و في رواية أخرى ستة ساعات يعني فترة)) ، فإن استغفر من ذنبه لم يكتبه عليه و لم يعذبه الله يوم القيامة((يعطيه فرصة يعني))" .
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله ﷺ قال : "إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نُكتة ، فإن هو نزع و اسغشفر صقلت ، فإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه ، فذلك الران الذي ذكره الله تعالى {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}" .
و روي عن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ قال : "إن للقلوب صدأ كصدأ النحاس و جلاؤها الإستغفار".
الذنب يعمل صدأ ، و لماذا قال النحاس؟؟ لأن النحاس رمز العذاب في القرآن و رمز الشؤم ، و جلاؤها الإستغفار أي تنظيفها هو الإستغفار .
و عن علي -رضي الله عنه- قال : "كنتُ رجلاً إذا سمعت من رسول الله ﷺ حديثاً نفعني الله به بما شاء أن ينفعني ، و إذا حدثني أحد من أصحابه استحلفته ، فإذا حلف لي صدقته ، و قال : حدثني أبو بكر -رضي الله عنه- ، و صَدَقَ أبو بكر ، أنه قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : ما من عبد يذنب ذنباً فيحسن الطهور((الوضوء)) ثم يقوم فيُصلي ركعتين ، ثم يستغفر الله إلا غُفر له ، و ثم قرأ هذه الآية {و الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم} إلى آخر الآية" .
و عن بلال بن يسار بن زيد -رضي الله عنه- قال : "حدثني أبي عن جدي أنه سمع النبي ﷺ يقول : من قال استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم و أتوب إليه ، غُفر له و إن كان فر من الزحف((أي الفرار من الجهاد فهو كبيرة من الكبائر ، فكأنه ارتكب كبيرة من الكبائر فلما قال ذلك ربنا غفر له))" .
و عن أنس -رضي الله عنه- أيضاً في قوله عز و جل {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم} قال : قال : سبحانك اللَّهم و بحمدك عملتُ سوءاً و ظلمتُ نفسي فاغفر لي إنك خير الغافرين ، لا إله إلا أنت سبحانك و بحمدك عملتُ سوءاً و ظلمتُ نفسي فارحمني فإنك أرحم الراحمين ، لا إله إلا أنت سبحانك و بحمدك عملتُ سوءاً و ظلمتُ نفسي فتب عليَّ إنك أنت التواب الرحيم ، و ذكر أنه عن النبي ﷺ و لكن شك فيه((يعني هذه الرواية قالها عن النبي و لكن شك إن كان النبي قالها أم لا ، و نُبين هنا بأن ليست كل الأحاديث التي نقرأها ممكن أن تكون صحيحة أو قالها النبي بالنص ، فنحن نأخذها و نتعظ بها و الذي يُخالف القرآن نتركه ، و الذي يُوافق القرآن نستأنس به ، فهمتم الكلام؟))" .
__
هذا و صلِّ اللَّهم و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم .
__
و الحمد لله رب العالمين . و صلِّ يا ربي و سلم على أنبياءك الكرام محمد و أحمد و يوسف بن المسيح صلوات تلو صلوات طيبات مباركات ، و على أنبياء عهد محمد الآتين في مستقبل قرون السنين أجمعين . آمين .🌿💙
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق