درس القرآن و تفسير الوجه الرابع من سورة يونس
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
أسماء إبراهيم :
شرح لنا سيدي و حبيبي يوسف بن المسيح ﷺ أثناء جلسة التلاوة المباركة من أحكام التلاوة ؛ أحكام الوقف و السكت , ثم قام بقراءة الوجه الرابع من أوجه سورة يونس و أجاب على أسئلتنا بهذا الوجه ثم صحح لنا تلاوتنا , و أنهى الجلسة بأن طلب نبي الله الحبيب منا إستخراج الأحكام من الوجه .
بدأ نبي الله الحبيب جلسة التلاوة المباركة بقوله :
الحمد لله ، الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من اتبعه من أنبياء عهده و بعد ، لدينا اليوم الوجه الرابع من أوجه سورة يونس ، و نبدأ بأحكام التلاوة و أحمد :
الوقف :
ج (وقف جائز) , قلي (الوقف أفضل لكن الوصل جائز) , صلي (الوصل أفضل لكن الوقف جائز) ,
لا (ممنوع الوقف) , مـ (وقف لازم) , وقف التعانق و هو لو وقفتَ عند العلامة الأولى فلا تقف عند العلامة الثانية و لو وقفتَ عند الثانية لا تقف عند الأولى) .
و السكت :
هو حرف السين ، و هو وقف لطيف دون أخذ النفس ، مثل : من راق ، بل ران .
و بعد أحمد قال الأحكام مروان ثم رفيدة ثم أرسلان .
__
○ و ثم طلب سيدي يوسف بن المسيح ﷺ من أحمد قراءة سورة العصر ، و صحح له قراءته .
__
و ثم تابع نبي الله يوسف الثاني ﷺ الجلسة بشرح الوجه لنا فقال :
الوجه الرابع ده وجه عظيم و القرآن كله عظيم ، يتحدث عن صفات نفسية و اجتماعية للمجتمعات و ثم يأتي الله عز و جل في نهاية الوجه ليصف العلاج ، ليصف العلاج و البُغية و الهدف من إختبار الدنيا ، في بداية الوجه ربنا سبحانه و تعالى بيصف النفس البشرية المتمردة اللي هي تحتاج للتزكية و بعث الأنبياء و بعد كده يصف سبحانه و تعالى خط الزمن أو منحنى الزمن للأمم و الحضارات اللي وصفه ابن خلدون في مقدمته ، مقدمة ابن خلدون وصف الحضارات و هنقول دلوقتي وصفها ازاي و ربنا هنا وصفها قبل ابن خلدون ، و بعد كده سبحانه و تعالى في نهاية الوجه يُبين لنا العلاج و الهدف من التجربة دي إيه .
{وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ} :
يعني الإنسان المتمرد ما يستكنش و ما يبقاش رحيم و مهذب إلا لازم تيجي مصيبة و بلوى عياذاً بالله ! طب ليه؟؟؟ خليك محترم من الأول و على الفطرة طيب ، لازم كده يعني يجيلك بطش أو تيجيلك قوة رادعة قاهرة عشان تبقى مستكين و محترم و تكف أذاك عن من حولك!! هو كده الإنسان المتمرد ، ربنا بيصفه أهو ، (مستهم) يعني إيه؟ أحاطت بهم أي لا مفر منها ، (لهم مكر في آياتنا) أي يتمردون على أنبياء الله و على الأولياء و الصالحين و المؤمنين و سائر البشر و الضعفاء أجمعين ، (قل الله أسرع مكراً)يعني ربنا مُحيط بيهم و مش هيقدروا يخدعوا ربنا أبداً ، (إن رسلنا يكتبون ما تمكرون) أي الملائكة المدبرات الكاتبات ، هيكتبوا كل خطوة بتعملوها بعد رفع الضر لأن اللي عملتوه بعد رفع الضر هو عبارة عن كفر النعمة و ليس شكر النعمة ، و لما ربنا يرفع عنهم الضر و يكيدوا الكيد و يمكروا المكر فإن ربنا سبحانه و تعالى يُضاعف سيئاتهم و ذلك على عكس الذي يتوب من الذنوب فإن الله يُبدل سيئاته حسنات .
__
{هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} :
ربنا هنا بيصف العكس بقى ، لما يجيلهم الضرر أو البلاء و الكرب بيبقوا إيه ؟ رحيمين و مؤدبين و محترمين و بيلجأوا إلى الله رب العالمين وحده ، موحدين غير مشركين ، أهو ربنا بيصفهم ، و وصف البلاء بإيه بمثال بأنهم في فُلك يعني سفينة في البحر تايهة و هبت عليها رياح و أمطار و عواصف و أمواج عظيمة و شارفوا على الهلاك و خلاص ليس عندهم حيلة يعني تقطعت بهم السُبل و لم يعد لهم حيلة و لا فكر و لا مكر ، آآه ساعتها بقى يلجأوا إلى الله الواحد الأحد وحده دون سواه ، ربنا هنا بيصف عامة البشر المتمردين .
___
{فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} :
(فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق) تاني أهو ، زي (و إذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا) ربنا بيصف الحالة دي مرة تانية بأسلوب تاني ، (يبغون في الأرض) أي يظلمون في الأرض ، يبغون أي يعتدون ، (في الأرض بغير الحق) أي بالظلم عياذاً بالله .
(يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم) يعني الظلم و الإعتداء بتاعكم ده هيبقى إعتداء عليكم أصلاً في النهاية ، كأنك بتعتدي على نفسك ، اللي بيعتدي على غيره كأنه بيعتدي على نفسه ، هل الواحد بيحب يعتدي على نفسه؟؟ ميحبش ، بس لو فهم كده عمره ما يعتدي على حد ، فربنا هنا بيضرب المثل عشان يعالج النفوس البشرية دي ، يعالجها من الأمراض اللي فيها و التمرد اللي فيها ،(متاع الحياة الدنيا) يعني مرحلة مؤقتة قصيرة ، (ثم إلينا مرجعكم) رجوعكم لينا ، رجوعكم لينا ، كل الخيوط في يد الله سبحانه و تعالى ، كلكم هترجعوله تاني مفيش مفر ، (ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون) من الكتاب ، من الصحف المكتوبة عليكم . متأيد ( مقيد ) عليكم كل حاجة ، كل خطوة ، صح كده؟ لذلك المراقب النشيط أو الذكي إذا كان يُراقب مجموعة من البشر أو الأقران بأمر من الأمير أو الملك فلابد له أن يُقيد كل خطأ بتاريخه و ساعته و يومه لكي يعرضه على الملك بعد ذلك خطوة خطوة و رقماً رقماً و نقطةً نقطة لكي لا ينسى ، و لذلك هذا من فوائد القلم و الكتابة التي أقسم الله بها (ن و القلم و ما يسطرون) إذاً الكتابة و التقييد ( التدوين ) و الإنباء بعد ذلك من الأمور العظيمة التي كلها عزم ، ذات عزيمة ، ذات عزيمة عظيمة ، و الله سبحانه و تعالى هو صاحب العزائم و صاحب المراحم ، خلاص عرفنا بقى نفسية الإنسان ده المكار المتمرد اللي هو ميجيش إلا لازم يتخبط على دماغه ، لازم كده يعني؟؟ طب متيجي من الأول بالكلمة الطيبة ، لازم ربنا يأدبك أو يوقعك في كرب و بلاء عشان ترجعله أو دايماً يحطك تحت الضغط عشان تبقى كده رحيم و مستكين و مؤدب و لطيف مع الناس و مع ربك و مع المؤمنين؟؟ لازم تبقى تحت الضغط على طول؟؟ طب لييه؟؟؟ خليك محترم لوحدك يعني مش لازم تبقى مضطر بأنك تأخذ الضعط ده على دماغك من الوقت لتاني ، خليك مستقيم .
____
{إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} :
اللي بيعملوا الفِكر و التدبر ، ربنا هنا بيصف الأمم و الحضارات ، إيه بقى؟؟ في البداية يبقى عبارة عن منحنى ، بيصعد يصعد يصعد يصعد يصعد حتى القمة و ثم يهوي يهوي يهوي يهوي حتى القاع ، (إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس و الأنعام) بعد كده يصعد إلى القمة (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها) زخرف هو قمة الحضارة ، قمة متاع الدنيا ، (أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس) تنزل تهوي مرة تانية ، طب إيه سبب الهلاك ده ، هلاك الأمم؟؟ كلمة واحدة : الظلم ، الظلم ، الظلم هو ده سبب تحول الحضارات إلى حصيد ، يعني ربنا شبه الحضارات كأنها نبات كده ينبت جميل أوي أوي و بعد كده بسبب الظلم اتقطع أو اتحصد و بقى على الأرض بعد ما كان زاهي كده و جميل و بيشرح القلب و يُسر النظر ، أصبح حصيد ، مرمي على الأرض ، خلاص ييبس و يجف و تتداعى عليه الطيور و الأنعام ، فربنا هنا بيحذر من الظلم لأن الوصف اللي وصفه في الآيات السابقة كان عبارة عن ظلم الإنسان و مكره ، طبيعته كده ظالم دايماً ، يهوي إلى الأرض دائماً و ينجذب إلى الجذبات الأرضية دائماً ، ظلوم دائماً ، مكار دائماً عياذاً بالله ، فالمكر ده و الظلم ده هو سبيل و سبب إيه؟؟ بأن المنحنى بينزل تاني ، كل الأمم كده زي الإنسان يبقى طفل شاب رجل كهل شيخ و بعد كده يبدأ المنحنى ينزل تاني و هكذا ، هي الأمم كده زي الإنسان منحنى صاعد قمة و ثم هابط قاع ، صاعد قمة هابط قاع .
___
{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} :
فربنا سبحانه و تعالى يدعونا إلى دار السلام ، الحل بقى ، دار السلام اللي مفيهاش ظلم و المنحنى فيها يبقى مستقيم و مفيهوش إعوجاج ، (و الله يدعو إلى دار السلام) أي السِّلم النفسي و السلم المجتمعي ، فيبقى الإنسان عنده سلام داخلي و راضي عنده رضا ، مفيش غل في قلبه ، لأن ربنا سبحانه و تعالى بيصف أهل الجنة (و نزعنا ما في قلوبهم من غل إخوانا على سرر متقابلين) سرر أي سرور ، متقابلين أي كل واحد يُقابل التاني بالرضا و النور و السرور و البسمة و البهجة ، ليه؟ لأنه راضي و عنده سلام داخلي ، و دار السلام مفيهوش المنحنيات بقى بتاعت ابن خلدون ، مفيهاش منحنيات بل طريق مستقيم ، (و يهدي من يشاء) أي من البشر ، الذي يشاء من المُكلفين (إلى صراط مستقيم) اللي هو إيه؟؟مفيهوش بقى مكر و مفيهوش إنك تحتاج تاخذ على دماغك عشان تبقى تحت ضعط عشان تبقى محترم و مؤدب ، لا . إنت أصلاً مؤدب بالفطرة و طيب بالفطرة و رحيم بالفطرة و سليم بالفطرة ، فطرتك سليمة و هو ده اللي ندعو الناس إليه . ندعوهم دائماً ليه؟؟ لأنه (و العصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر) و هذا هو طريق الإستقامة و طريق الهداية و طريق دار السلام .
○ معنى كلمة مكر و زخرف من أصوات الكلمات :
- مكر : يعني مفاعلة الكر يعني الهجوم ، الهجوم المستمر ، يمكر بيك يهجم عليك ، مكر : ميم مفاعلة ، كر أي الهجوم ، و الكر هو عكس الفر ، و هي من صفات المنافقين و المجرمين الذين لا يشكرون نعمة ربنا سبحانه و تعالى ، و يمكروا في آيات الله و آيات الأنبياء التي يبعثها الله معهم .
- زخرف : لها أكثر من معنى ، هنقول بالراحة كده :
زخرف : زخ أي كثير و مزدحم و هي دائماً الزينة كده و الحضارة بقت الناس قادرين عليها ، و الدنيا الناس قادرين عليها ، من الزخ اللي هو من الإزدحام ، زخ رف : رف أي رفيف ، عارف لما العَلم/الراية لما ييجي يعمل رفيف كده بيرف ، زخرف يعني رفيف الإزدحام بالنعم و القدرة على الدنيا . قدرة معلومة مرئية ظاهرة .
و حاجة تانية : زخرف : الزاي صوت الذنب ، الخاء إنتشاء و فخر أي يفتخرون بالذنوب ، رف : راء رؤية ، فاء تأفف أي يُرون التأفف يعني ليس عندهم شكر برضو ، يفتخر بالذنب و عنده نعم كثير و يُري التأفف و عدم شكر النعمة و هو المكر و هو التمرد و هو عكس السلام الداخلي و هو عكس دار السلام و هو عكس طريق الإستقامة .
كذلك زخرف : زاء صوت الذنب ، الخاء إنتشاء بالذنب و العياذ بالله ، رف أي يجعله علامة و راية له مثل رايات الجاهلية الموجودة في العصر الحديث يفتخرون بالذنوب عياذاً بالله و بعصيان الله و بالظلم عياذاً بالله و هذا من علامات زوااال الأمم .
__
و تابع قمر الأنبياء يوسف الثاني ﷺ الجلسة إذ طلب من مروان و رفيدة و أرسلان و أحمد بإستخراج أمثلة على أحكام طلبها منهم من هذا الوجه :
طلب من مروان مثال على وقف جائز ، فقال :
{لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا} .
و طلب من رفيدة مثال على وقف و الوصل أفضل ، فقالت :
{فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ} .
و طلب من أرسلان مثال على السكت ، فقال :
لا يوجد سكت ، و قال نبي الله لأرسلان : لا تسكت .
و طلب من أحمد مثال على وقف أفضل و الوصل جائز :
{فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} .
__
و اختتم نبي الله الحبيب الجلسة المباركة بقوله المبارك :
هذا و صلِّ اللَّهم و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليماً كثيراً ، سبحانك اللهم و بحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك و أتوب إليك .
___
و الحمد لله رب العالمين . و صلِّ يا ربي و سلم على أنبياءك الكرام محمد و أحمد و يوسف بن المسيح صلوات تلو صلوات طيبات مباركات ، و على أنبياء عهد محمد الآتين في مستقبل قرون السنين أجمعين . آمين .🌿💙
===========================
عائشة محمد :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق