الجمعة، 16 أبريل 2021

صلاة الجمعة 16 = 4 = 2021

 
 
يوشع بن نون :
 
صلاة الجمعة ٢٠٢١/٤/١٦
================
صلاة الجمعة لخليفة المسيح الموعود السادس سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام بتاريخ ٢٠٢٠١/٤/١٦
يقول سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام : السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته . أذان .
قام شهاب اليوسفيين برفع الأذان :
الله اكبر الله اكبر
الله اكبر الله اكبر
اشهد ان لا اله الا الله
اشهد ان لا اله الا الله
اشهد ان محمدا رسول الله
اشهد ان محمدا رسول الله
حى على الصلاة
حى على الصلاة
حى على الفلاح
حى على الفلاح
الله اكبر الله اكبر
لا اله الا الله
ثم قام سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام خطيبا فقال : الحمد لله الحمد لله وحده الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده و بعد : لدينا اليوم إكمال لحديث المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام من كتاب نور الحق يقول المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام :
القصيدة
بُشرى لكم يا معشرَ الإخوانِ
طُـوبى لكم يا مَجمَعَ الخُلاّنِ
ظهـرت بُروقُ عناية الحـنّانِ
وبدا الصراط لمن له العيـنانِ
النَّـيِّرانِ بهـذه البُلـدانِ
خُسِـفَا بإذن الله في رمضـانِ
وبشارةٌ مِن سيّدٍ خيرِ الورى
ظهرتْ مُطـهّرةً من الأدرانِ
ولها كصاعقة السماء مَهابةٌ
وتشـذُّرٌ كتشـذُّر الفرسانِ
اليومَ يومٌ فيه حصحصَ صدقُنا
قد مات كلُّ مكـذِّبٍ فـتّانِ
اليومَ يبكي كلُّ أهل بصـيرةٍ
متذكِّـرًا لمراحـم الرحـمنِ
ومصـدِّقًا أنـوارَ نبأ نبـيِّنا
ومعظِّـمًا لمـواهب المنّانِ
اليوم كلُّ مـبايع ذي فطـنة
ازداد إيمـانا عـلى إيـمـانِ
اليوم من عادى رأى خُسـرانَه
والتاحَ مقـعدُه من النّـيرانِ
اليوم كلُّ موافق ذي قربةٍ
قد شدَّ رَبْطَ جـنانه بجـناني
ظهرتْ كمثل الشمس حجّةُ صدقنا
أو كالخيول الصـافناتِ بشانِ
مات العِـدا بتفـكُّنٍ وتنـدُّمٍ
والحـق بانَ كصـارمٍ عريانِ
اللهُ أكـبر كيف أبـدى آيـةً
كشَف الغطا بإنارة الـبرهانِ
هل كان هذا فعلَ ربٍّ قادرٍ
أم هل تراه مـكائدَ الإنسانِ
هذا نجومٌ أو من الجَفْر الذي
فـكّرتَ فيه كمـفترٍ فَـتّانِ
فارجِعْ إلى الحق الذي أخزى العدا
وأهـانَ كلَّ مكـفِّر لَـعَّانِ
اليوم بعدَ مرور شهـر صيامنا
عِـيدٌ لأقـوامٍ لـنا عِيـدانِ
الـيوم يـومٌ طيّب ومبـاركٌ
يُخزي بآيتـه ذوي الطغـيانِ
مَن حارب المقبولَ حاربَ ربَّـهُ
فهوى شَـقًا في هُوّة الخسرانِ
مَن كان في حفظ الإله وعَوْنِهِ
مَن يُهلكَنْه وإنْ سعى الثَّقَلانِ
كِيدُوا جميـعًا كلُّكم لإهانتـي
ثم انظُروا إكـرامَ من صافاني
قُوموا لتحقـيري بعزمٍ واحدٍ
ثم انظُروا إعظـامَ من والاني
كونوا كذئبٍ ثم صُولوا بالمُدى
ثم انظُروا إقـدام َ من ناجاني
هل يستوي أهل السعادة والشقا
أفأنت أعمى أو أخُ الشيطانِ
الوقت يدعو مصلـحًا ومجدّدًا
فارْنوا بنـظرٍ طـاهرٍ وجنانِ
أتظـنّ أنّ الله يخـلف وعـده
أفأنت تُنـكر موعدَ الفرقانِ
يا أيها الناس اترُكوا طرق الإبا
كُونوا لوجه الله من أعـواني
يا أيها العـادون في جهـلاتهم
توبـوا من الإفساد والطـغيانِ
لا تُغْضبوا المولى وتُوبوا واتّقوا
وكخـائف خِرّوا على الأذقانِ
القمر يهديكم إلى نور الهـدى
والشمس تدعوكم إلى الإيمـانِ
ظهرتْ لكم آياتُ خلاّق الورى
في مُلْكِـكم لمـؤيَّدٍ سبحاني
هل هذه مِن قسمِ عملِ مُنجِّمٍ
أو آيةٌ عُظـمى عظيم الشـانِ
هذا حديثٌ مِن نبيٍّ مصطفى
كهفِ الأنام وسيّد الشـجعانِ
جَلَتِ الفتوحُ وبان صدق كلامنا
وتبـيّنتْ طرق الهدى ومكاني
أفبعدَما كُشِف الغطا بقِي الإبا
ويـلٌ لمجـترئٍ مُـصِرٍّ جـانِ
ما كان قـطُّ ولا يكون كمثلهِ
شهرٌ بهذا الوصف في الأزمانِ
شهدتْ يد المولى فهل منكم فتىً
يُبْدِي المحـبة بعـدما عـاداني
وأراد ربّي أن يُرِي آياتِهِ
ويمـزّق الدجّال ذا الهـذيانِ
إني أرى كالمـيْتِ مَـن آذاني
لا تسمعَنْ أصـواتَـه آذاني
هذا زمان قد سمعـتم ذكـره
مِن خيرِ خلقِ الله والـقرآنِ
مَن فاته هذا الزمان فقد هوى
واختار جهلا وادِيَ الخذلانِ
كم من عدو يشتُمون تعصّبًا
ويرون آيـاتي ونـورَ بيـاني
وخيالهم يطفو كحُوتٍ ميّتٍ
لا ينـظرون مواقـعَ الإمعـانِ
شهدتْ لهم شمس السماء ومثلها
قمـرٌ فيرتابـون بعد عِيانِ
خرجوا من التقوى وتركوا طرقهُ
بوساوسٍ دخلتْ من الشيطانِ
يا مُكْفِرِي أهلِ السعادة والهدى
اليـوم أُنزِلتـم بـدارِ هـوانِ
توبوا من الهفوات يغفر ذنبكم
واللهُ بَـرٌّ واسعُ الغـفـرانِ
قد جاء مَهْدِيْكم وظهرتْ آيةٌ
فاسعوا بصدق القلب يا فتياني
عندي شهادات فهل من مؤمن؟
نورٌ يرى الداني فهل من دانِ؟
ظهرتْ شهادات فبعد ظهورها
ما عذركم في حضرة السلطانِ
هذا أوان النصر من رب السما
ذي مُصْمِـياتٍ مُوبِقِ الفتّانِ
نزلتْ ملائكة السماء لنصرنا
رَعَبَ العدا من عسكرٍ روحاني
دخلتْ بروق الدين في أرض العدا
وبدا الهُدى كالدّرر في اللمعانِ
أفـترقُـبون كظالمـين جهالةً
رجلا حريصَ السفك والإثخانِ
لستم بأهلٍ للمعارف والهدى
فتـلاعبوا بالدّين كالصّـبيانِ
لا تعرفون نكات صحفِ إلهنا
تتـلون ألفـاظًا بغير معـانِ
قد جئتكم مثلَ ابن مريم غربةً
حـقٌ وربّي يسمـعَنْ ويراني
السيفُ أنفاسي ورُمحي كلمتي
ما جئتكم كمـحاربٍ بسِنانِ
حقٌّ فلا يسع الورى إنكارُهُ
فاترُكْ مِراءَ الجهل والكفرانِ
يا طالبَ الرحمن ذي الإحسان
قُـمْ والهًا واطلُبْه كالظـمآنِ
بادِرْ إليّ سأُخبرنّك مشفِـقًا
عن ذلك الوجه الذي أصـباني
أَحرِقْ قراطيس البغاوة والإبا
واركَنْ إلى الإيقـان والإذعانِ
أُعطيتُ نورًا مِن ذُكاء مهيمني
لأُنـيرَ وجـهَ البرِّ والعـمرانِ
بارزتُ للهِ المهـيـمنِ غـيرةً
أدعو عـدوَّ الدّين في المـيدانِ
والله إنّـي أوّلُ الشـجـعانِ
وستعرفَنَّ إذا التـقى الجمعانِ
من كان خصمي كان ربّي خَصْمَهُ
قـد بارزَ المـولى لمـن باراني
إنّي رأيتُ يد المهيمن حافِظي
ومؤيِّـدي في سائر الأحـيانِ
مِن فضله إني كتبتُ معـارفا
أدخلتُ بحر العـلم في الكيزانِ
يا قوم في رمضان ظهرتْ آيتي
من ربّنا الـرّحمن والـديّانِ
فاقـرأْ إذا ما شئتَ آيـةَ ربنا
(خَسَفَ الْقَمَر) وتَجافَ عن عدوانِ
ثم الحـديث حديث آل محمد
شرحًا لما يتلى مـن الـفرقانِ
هـذا كلامُ نبـيّنا وحبـيبنا
فافـرَغْ إليه وخَـلِّ ذِكْرَ أداني
هذا أشدُّ على العدا وجموعهم
مِن وقـعِ سيفٍ قاطع وسنانِ
والحُـرُّ بعد ثبوت أمرٍ قاطـعٍ
يُهْدَى ولا يصـغى إلى بهتانِ
لا تُعرِضوا عنّي وكيف صدودكم
عن مُرسَلٍ يهـدي إلى الفرقانِ
ما جاءني قومي شقًا وتَباعدوا
فتركـتُهم مع لوعة الهـجرانِ
إني رأيت بهـجرِ قوم فارقـوا
حـالاً كحالةِ مُرسَلٍ كَنْعاني
وسألتُ ربّي فاستجاب لِيَ الدُّعا
فرجعتُ مَجْـلُوًّا من الأحزانِ
إنّ العـدا لا يفهمون معارفي
ويكـذّبون الحـق كالنشوانِ
لا ينـظرون تـدبّرًا وتفـكّرًا
وتأبّطـوا الأوهـامَ كالأوثانِ
إن العقول على النقول شواهدٌ
تحـتاج أثقـالٌ إلـى مـيزانِ
إن النُّـهى مَلَكَتْ يداه قلوبَنا
ونرى بَريقَ الحق بالـبرهانِ
إن العدا يئسوا إذا كُشِفَ الهدى
فالـيوم ليس لهم بذاك يَـدانِ
يا لاعِـني خَفْ قَهْرَ ربٍّ قادرٍ
واللهِ إني مسـلم ذو شـانِ
واللهِ إنـي صـادق لا كاذبٌ
شهـدتْ سماء الله والمَـلَوانِ
وَدَّعْتُ أهوائي لحُبِّ مهيمني
وتركتُ دنياكم بعطفِ عِناني
وتعلّقَتْ نفسي بحضرةِ ملجأي
وتـبرّأتْ مِن كل نَشْبٍ فـانِ
لا تعجَلوا وتَفكَّروا وتَدبَّروا
والعقل كل العـقل في الإمعانِ
إن كنتَ لا تبغي الهدى وتُكذّبُ
فأَضِـرَّني بجـوارحٍ ولسـانِ
والْعَنْ ولعنُ الصادقين وسبُّهم
متـوارثٌ مِن قـادِمِ الأزمـانِ
لن تُعـجِزوا بمكائد ربَّ السما
للهِ سلطانٌ عـلى السلطانِ
اُنظُرْ ذُكاءً ثم قمرًا مُنصِـفًا
هـذانِ للكـذّاب ينخسفانِ؟
يا لاعني خَـفْ قَهْرَ ربٍّ شاهدٍ
ويُريك آياتٍ من الإحسـانِ
قمر القـدير وشمسه بقـضائه
خُسِفَا وأنت تصول كالسِّرحانِ
للهِ آيـات يُريهـا بعـدهـا
هـذانِ قد جاءاك كالعنوانِ
هذا من الله الكـريم المحـسنِ
فاستيقِـظوا مِن رقدة العصيانِ
من كان في بئر الشقا متهافتًا
لا يُنصَرَنْ بل يُهلَكَنْ كالعاني
لا تحسـبوا بَرَّ الفساد حديقةً
عَذْبَ الموارد مثمِرَ الأغصانِ
لا تظلموا لا تعتدوا لا تجرُؤوا
وتَباعـدوا عن ذلك اللَّهـبانِ
لا تُكفِروا يا قومِ ناصِرَ دينكم
واخشَوا المليكَ وساعةَ اللقيانِ
قد جئتكم يا قومِ من ربّ الورى
بُشـرى لتـوّابٍ إذا لاقـاني
أُرسلتُ من ربّ الأنام فجئتُكم
فاسعوا إلى بسـتانه الـريّانِ
هذا مقام الشـكر إنّ مُغيثكم
قد خصَّكم بعـنايةٍ وحنانِ
يا قـوم قُوموا طاعةً لإمامكم
وتَباعـدوا مِن معـتدٍ لَعّـانِ
قد جاء يومُ الله فارْنُوا واتقوا
وتَسـتَّروا بمـلاحف الإيمـانِ
لا يُلْهِكم غولٌ دنيٌّ مفسـدٌ
عن ربكم يا معـشرَ الحَـدَثانِ
قد قلتُ مرتجِـلاً فجاءت هذه
كالدّر أو كسـبيكة العقـيانِ
ما قلتُـها من قـوتي لكـنها
دُرَرٌ مـن المولى ونظمُ بنـاني
يا ربِّ بارِكْها بوجهِ محـمدٍ
رَيْق الكرام ونُخـبة الأعـيانِ
ثم اعلم أن الله نفث في روعي أن هذا الخسوف والكسوف في رمضان آيتان مخوِّفتان، لقوم اتبعوا الشيطان، وآثروا الظلم والطغيان، وهيّجوا الفتن وأحبّوا الافتنان، وما كانوا منتهين. فخوّفهم الله بهما وكلَّ مَن تبع هواه وخانَ، وترَك الصدق ومانَ، وعصى الله الرحمن؛ فيتأذّنُ الله لئن استغفَروا ليغفِرَنّ لهم ويُرِي المنَّ والإحسانَ، ولئن أبَوا فإن العذاب قد حان. وفيهما إنذار للذين اختصموا من غير الحق وما اتقوا الرب الديّان، وتهديدٌ للذي أبى واستكبر وما ترك الحِران، فاتقوا الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين.
وما لكم لا تخافونه وقد ظهرت آية التخويف من رب العالمين. وقد ثبت في الصحيحين عن نبيِّ الثَّقَلينِ وإمامِ الكَونَينِ صلى الله عليه وسلم في الدارينِ، أنه قال لتفهيم أهل الإيمان إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آياته يخوّف الله بهما عباده، فإذا رأيتموها فافزعوا إلى الصلاة، فانظُرْ كيف أوصى سيدُ السادات وخاتم النبيّين. وفي الحديث إشارة إلى أن تلك الآيتين من الرحمن مخصوصتان لتخويف عُصاة الزمان، ولا يظهران إلا عند كثرة المعاصي وغلوّ الخَلق في العصيان، وكثرة الخبيثات والخبيثين، ولأجل ذلك أمر صلى الله عليه وسلم عند رؤيتهما لفعل الخيرات والمبادرة إلى الصالحات من الصلوات والصدقات بإمحاض النيات والدعاء والبكاء كالقانتين والقانتات، والرجوعِ إلى الله والذكر والتضرعات، والقيام والركوع والسجدات، والتوبة والإنابة والاستغفار، وطلبِ المغفرة من الغفار، والخشوع والابتهال والانكسار، ومثلِ ذلك على حسب الطاقة من الإحسان وفَكِّ الرقبة والعتاقة ومواساة اليتامى والغرباء، والتذلل كل التذلل في حضرة الكبرياء، ربّ السماوات والأرضين. فكان السرّ في هذه الأعمال والخشوع والابتهال أن الشمس والقمر لا تنكسفان إلا عند آفة نازلة وداهية منـزلة، وعند قرب أيام البأس وانعقاد أسباب الشر الذي هي مخفية عن أعين الناس، ويعلمها رب العالمين. فتقتضي رحمة الله تعالى وحكمته التي تري اللطف والجمال، أن يعلّم الناسَ عند كسوفٍ طرقًا هي تدفع موجباتِه وتزيل سيّئاته، فعلّمهم هذه الطرقَ على لسان خير المرسلين. ولا شك أن الحسنات يُذهبن السيّئات، وتطفي نيرانًا دموعُ المستغفرين. وإذا عمل عبدٌ عملا صالحا بإمحاض النية وكمال الطاعة، وأرضى به ربه بتحمُّل الأَذِيّة، فيعارض هذا العملُ الذي كَسَبَه الشرَّ الذي انعقد سببُه، فيجعله الله من المحفوظين. وهذا من سنة الله أن الدعاء يردّ البلاء، ولا يلتقي دعاء وبلاء إلا وإن الدعاء يغلب بإذن الله إذا ما خرج من شفتَي الأوّابين، فطوبى للدّاعين.
وإذا كان كسوف أحد من الشمس والقمر دالاًّ على آفات الزمان، ومُوجِبَ أنواعِ البلايا والخُسران، فما بالُ زمان اجتمع فيه كسوفانِ، فاتقوا الله يا معشر الإخوان، ولا تكونوا من الغافلين.
لا يقال إن النـيّرَين ينكسفان من أسباب أُثبِتَتْ بالبرهان، وفُصِّلتْ في الكتب بتفصيل البيان، فما لها ولآفات تتوجه إلى نوع الإنسان، عند كثرة العصيان؟ لأن الأمر الذي مُثْبَتٌ عند أولي العرفان هو أن الله خلَق الإنسان ليُدخِله في المحبوبين المقبولين أو المردودين المطرودين، وجعَل تغيُّراتِ العالم دالّةً على خيره وشره، ونفعِه وضرّه، وجعَل العالم له كمثل المبشِّرين والمنذِرين؛ وكلما أراد الله مِن عذاب وتعذيب أهل الزمان، فلا ينـزل إلا بعدما أذنبتْ أيدي الإنسان، وأصرّ عليه كإصرار أهل الطغيان، واعتدى كالمجترئين.
وقد جعل لكل شيء سببًا في العالمين، وجعَل كلَّ آية مخوّفة في الزمان تنبيهًا لأهل الشقاوة والخسران، وإنذارًا للمسرفين، ومبشرةً للذين نزلوا بحضرة الوفاء، وحلّوا محلّ الصفاء والاصطفاء منقطعين. وهذه سنة مستمرة، وعادة قديمة، تجد آثارها في قرون خالية، من حضرة متعالية، وكذلك جاء في كتب الأولين. وإن كنتَ في شك فانظر الإصحاح الثاني من صحف يوئيل والثاني والثلاثين من حزقيل، واتق الله ولا تتبع سبل المجرمين.
وحاصل الكلام.. أن الخسوف والكسوف آيتان مخوّفتان، وإذا اجتمعا فهو تهديد شديد من الرحمن، وإشارةٌ إلى أن العذاب قد تقرّر وأُكِّدَ من الله لأهل العدوان. ومع ذلك مِن خواصّهما أنهما إذا ظهرا في زمان وتجلَّيَا لبلدانٍ، فينصر الله أهلَها المظلومين، ويقوّي المستضعَفين المغلوبين، ويرحم قومًا أُوذوا وكُفّروا ولُعنوا من غير حق، فينـزل لهم آيات من السماء، وحمايات من حضرة الكبرياء، ويخزي المنكرين المعادين، ويحكم بالحق وهو أحكم الحاكمين. ويقضي بين المتشاجرين، ويقطع دابر المعتدين، فتصيبهم خجالةٌ وإحجام، وتندُّم وانهزام، وكذلك يجزي الكاذبين. يحبّ الضعفاءَ الأتقياء، ويُجيح أصلَ المفسدين الذين يتركون وصايا الحق ومواقعها، ويَقْفُون ما ليس لهم به علم، ويقولون آمنّا بالقرآن وما هم بمؤمنين. يصرّون على أمور لا يعلمون حقيقتها، وأُمروا بالتزام طرق التقوى فتركوها، وكفّروا إخوانهم المؤمنين. أولئك يئسوا من أيام الله وبشاراتها ونبذوها وراء أبعَدِ المُبعَدين، وسيعلمون كيف يكون مآل المفتّنين الخائنين.
ثم جلس سيدنا يوسف بن المسيح قليلا ثم تابع الخطبة فقال : الحمد لله - الحمد لله وحده - الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده و بعد يقول الإمام المهدي الحبيب : " ومن خواص هذين الكسوفين أنهما إذا اجتمعا في رمضان، الذي أنزل الله فيه القرآن، فيُشيع الله بعدها العلومَ الصادقة الصحيحة، ويُبطِلُ البدعاتِ الباطلة القبيحة، ويهوي الناس إلى إمامهم باستعدادات شتى، وتجري من العلوم الحقة أنهارٌ عظمى، ويتوجه الخَلق من القشر إلى اللُّبّ، ومن البُغض إلى الحُبّ، ومن المجاز إلى الحقيقة، ومن التَّيْهِ إلى الطريقة، ويتنبه الذين أخطأوا مشربَهم من الحق والصواب، ويرجع الذين سرّحوا أفكارهم في مرعى التباب، ويتندم الذين ضاع من أيديهم تعظيمُ الإمام، ويتطهّر الذين تلطّخوا من أنواع الآثام، ويهيج تلك التأثيراتُ في قوى الأفلاك بحكمِ مالك الإحياء والإهلاك، فيمتلئ العالَمُ من الوحدانية وأنوار العرفان، ويُخزي الله حُماةَ الشرك والكذب والعدوان، وتأتي أيامُ جذبات الله بعد أيّام الضلال، وتجد كل نفسٍ ما تليق بها من الكمال، فمن كان حَرِيًّا بمعارف التوحيد يعطى له غَضٌّ طَرِيٌّ من حقائق الكتاب المجيد، ومن كان مستعدًّا للعبادات، يُعْطى له توفيق الحسنات والطاعات، ويجعل الله مقامَ المجدِّد مركزَ البلاد ومرجع العباد، ويبلغ أثره إلى أقصى الأرضين.
فالحاصل أن من خواصّ هذا الاجتماع رجوعَ الخَلق إلى الله المطاع، وعُسْرَ المتكبرين ويُسْرَ المنكسرين. وللهِ فيها تجلّيات جمالية وجلالية، فلا تعجب فإن الحضرة متعالية. فتقديم القمر على الشمس إشارةٌ إلى تقديم التجلّي الجمالي، وانكسافُ الشمس بعده إشارةٌ إلى التجلّي الجلالي، فاتقوه إن كنتم متقين. وفي هذا التجلي الجلالي والجمالي إشارةٌ إلى أن مهدي آخر الزمان ومسيح تلك الأوان يوصف بكل نوعِ فقر وسيادة، ويعطى نصيبًا معتدًّا به مِن كل سعادة، ويصبَّغ بصبغ القمريِّين والشمسيِّين، والجماليِّين والجلاليِّين، بإذن أحسن الخالقين. فلا تتيهوا في بَوادي الوسواس، واعلموا أنّ مَقْتَ الله أكبر من مقت الناس، فلا تتبعوا خطوات الخنّاس، وأْتوني مؤمنين. وأدعو اللهَ أن يهب لكم فهمًا وبصرًا ولسانًا وقلبًا وأُذنًا ووجدانًا، ويهديكم ويجعلكم من المهتدين.
اعلموا يا معشر الغافلين أن الله لا يضيع الدّين، وقد جرت سُنّته واستمرّت عادته، أنه إذا جاء زمان الظلام وجُعِل دينُ الإسلام غَرَضَ السهام، وطال عليه ألسنةُ الخواصّ والعوامّ، واختار الناسُ طرقَ الارتداد، وأفسدوا في الأرض غاية الإفساد، فتتوجه القيّوميّة الإلهيّة إلى حفظه وصيانته، ويبعث عبدًا لإعانته، فيجدّد دينَ الله بعلمه وصدقه وأمانته، ويجعل الله ذلك المبعوث زكيًّا وبالفيوض حريًّا، ويكشف عينَه ويهَب له علمًا غضًّا طريًّا، ويجعله لعلوم الأنبياء من الوارثين. فيأتي في حُللٍ تُقابلُ حُللَ فساد الزمان، وما يقول إلا ما علّمه لسان الرحمن، وتُعطَى له فنون من مبدأ الفيضان، على مناسبات فساد أهل البلدان. ثم لا تعجب مِن أن روحانية القمر تقبَل بعضَ أنوار الله في حالة الانخساف، وروحانية الشمس في وقت الانكساف، فإن هذا من أسرار إلهية، وعجائبات ربانية، فلا تكن من المرتابين.
وربما يختلج في قلبك أنّ القرآن لا يشير إلى رمضان، فاعلَمْ أنّ الفرقان ذكره على الطريق المجمَل المَطْوِيّ، وهو كاف للبصير الزكيّ، ولا حاجة إلى تفصيل وتبيين.
وأما إذا سألت شيئًا عن تفصيله، فأعلّمك أقلَّ من قليله، فاعلم أن الله تبارك وتعالى أسّس نظام الدين من رمضان، فإنه أنزل فيه القرآن، فلما ثبتتْ خصوصية هذا الشهر المبارك بنظام الدين، وفيه ليلة القدر وهو مبدأ لأنوار الدين المتين، وثبت أن العناية الإلهية قد توجهت إلى نظام الخير في رمضان وأجرت الفيضانَ، فبانَ أن الله لا يتوجه إلى إعانة النظام في آخر أيام الظلام إلا في ذلك الشهر المبارك للإسلام. وقد عرفتَ أن الانخساف والانكساف توجُّهٌ جماليّ وتجلٍّ جلاليّ، وفيه أنوارٌ لنشأة ثانية، وتبدلات روحانية، وهو لبنة أولى لتأسيس نظام الخير وتعمير المساجد وتخريب الدير، وتغلُب فيه القوى السماوية على القوى الأرضية، والأنوار المسيحية على الحِيل الدجّالية، ويُري اللهُ خَلْقَه سراجًا وهّاجًا، فيدخلون في دين الله أفواجًا، وكان قدرًا مقضيًّا من ربّ العالمين.
وأقم الصلاة.
ثم قام بلال اليوسفيين بإقامة الصلاة وصلى نبي الله الجمعة ركعتين وقرء في الركعة الأولى سورة الفاتحة ومن الوجه الثالث من سورة الحديد .
بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ * ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ * إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ * ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰ⁠طَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ * صِرَ ٰ⁠طَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ .
(یَوۡمَ تَرَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ یَسۡعَىٰ نُورُهُم بَیۡنَ أَیۡدِیهِمۡ وَبِأَیۡمَـٰنِهِمۖ بُشۡرَىٰكُمُ ٱلۡیَوۡمَ جَنَّـٰتࣱ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَاۚ ذَ ٰ⁠لِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ ۝ یَوۡمَ یَقُولُ ٱلۡمُنَـٰفِقُونَ وَٱلۡمُنَـٰفِقَـٰتُ لِلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱنظُرُونَا نَقۡتَبِسۡ مِن نُّورِكُمۡ قِیلَ ٱرۡجِعُوا۟ وَرَاۤءَكُمۡ فَٱلۡتَمِسُوا۟ نُورࣰاۖ فَضُرِبَ بَیۡنَهُم بِسُورࣲ لَّهُۥ بَابُۢ بَاطِنُهُۥ فِیهِ ٱلرَّحۡمَةُ وَظَـٰهِرُهُۥ مِن قِبَلِهِ ٱلۡعَذَابُ ۝ یُنَادُونَهُمۡ أَلَمۡ نَكُن مَّعَكُمۡۖ قَالُوا۟ بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمۡ فَتَنتُمۡ أَنفُسَكُمۡ وَتَرَبَّصۡتُمۡ وَٱرۡتَبۡتُمۡ وَغَرَّتۡكُمُ ٱلۡأَمَانِیُّ حَتَّىٰ جَاۤءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ ۝ فَٱلۡیَوۡمَ لَا یُؤۡخَذُ مِنكُمۡ فِدۡیَةࣱ وَلَا مِنَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ۚ مَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُۖ هِیَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِیرُ ۝ ۞ أَلَمۡ یَأۡنِ لِلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَن تَخۡشَعَ قُلُوبُهُمۡ لِذِكۡرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلۡحَقِّ وَلَا یَكُونُوا۟ كَٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ مِن قَبۡلُ فَطَالَ عَلَیۡهِمُ ٱلۡأَمَدُ فَقَسَتۡ قُلُوبُهُمۡۖ وَكَثِیرࣱ مِّنۡهُمۡ فَـٰسِقُونَ ۝ ٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ یُحۡیِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۚ قَدۡ بَیَّنَّا لَكُمُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ ۝ )
وقرء في الركعة الثانية سورة الفاتحة وسورة الكوثر وسورة النصر .
بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ * ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ * إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ * ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰ⁠طَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ * صِرَ ٰ⁠طَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ .
(بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ إِنَّاۤ أَعۡطَیۡنَـٰكَ ٱلۡكَوۡثَرَ ۝ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ ۝ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلۡأَبۡتَرُ)
(بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ إِذَا جَاۤءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ ۝ وَرَأَیۡتَ ٱلنَّاسَ یَدۡخُلُونَ فِی دِینِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجࣰا ۝ فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا)
ثم جمعَ صلاة العصر .
===============
والحمد لله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق