السبت، 26 يونيو 2021

صلاة الجمعة 25=6=2021

 
 
 
يوشع بن نون :
 
 
صلاة الجمعة ٢٠٢١/٦/٢٥
○○○○○○○○○
صلاة الجمعة لخليفة المسيح الموعود السادس سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام بتاريخ ٢٠٢٠١/٦/٢٥
يقول سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام : السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته . أذان .
قام بلال اليوسفيين برفع الأذان :
الله اكبر الله اكبر
الله اكبر الله اكبر
اشهد ان لا اله الا الله
اشهد ان لا اله الا الله
اشهد ان محمدا رسول الله
اشهد ان محمدا رسول الله
حى على الصلاة
حى على الصلاة
حى على الفلاح
حى على الفلاح
الله اكبر الله اكبر
لا اله الا الله
ثم قام سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام خطيبا فقال : الحمد لله الحمد لله وحده الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده و بعد ; لدينا اليوم اكمال لحديث المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام من كتاب مواهب الرحمن يقول الامام المهدي الحبيب :
ذكرُ نُبَذٍ من عقائدنا
إنا مسلمون.. نؤمن بكتاب الله الفرقان. ونؤمن بأن سيدنا محمدًا نبيُّه ورسوله، وأنه جاء بخير الأديان. ونؤمن بأنه خاتم الأنبياء لا نبي بعده، إلا الذي رُبِّيَ مِن فيضه وأظهرَه وعدُه. ولله مكالمات ومخاطبات مع أوليائه في هذه الأمة، وإنهم يُعطَون صبغةَ الأنبياء وليسوا نبيّين في الحقيقة، فإن القرآن أكملَ وَطَرَ الشريعة، ولا يُعطَون إلا فَهْمَ القرآن، ولا يزيدون عليه ولا ينقصون منه، ومن زاد أو نقص فأولئك من الشياطين الفَجَرة.
ونعني بختم النبوة ختم كمالاتها على نبينا الذي هو أفضل رسل الله وأنبيائه، ونعتقد بأنه لا نبي بعده إلا الذي هو من أمّته ومن أكمَلِ أتباعه، الذي وجد الفيضَ كله من روحانيته وأضاء بضيائه. فهناك لا غير ولا مقام الغيرة، وليست بنبوة أخرى ولا محلَّ للحيرة، بل هو أحمَدُ تجلّى في سَجَنْجَلٍ آخرَ، ولا يغار رجل على صورته التي أراه الله في مِرْآة وأظهَرَ. فإن الغيرة لا تهيج على التلامذة والأبناء، فمن كان من النبي.. وفي النبي.. فإنما هو هو، لأنه في أتمّ مقام الفناء، ومصبَّغ بصبغته ومرتدى بتلك الرداء، وقد وجَد الوجودَ منه وبلَغ منه كمالَ النشوّ والنماء. وهذا هو الحق الذي يشهد على بركات نبينا، ويري الناسَ حُسْنَه في حُلل التابعين الفانين فيه بكمال المحبة والصفاء، ومن الجهل أن يقوم أحد للمِراء، بل هذا هو ثبوت من الله لنَفْيِ كونِه أبتَرَ، ولا حاجة إلى تفصيل لمن تدبَّرَ. وإنه ما كان أبا أحد من الرجال من حيث الجسمانية، ولكنه أب من حيث فيض الرسالة لمن كمّل في الروحانية. وإنه خاتم النبيين وعَلَمُ المقبولين. ولا يدخُل الحضرةَ أبدا إلا الذي معه نقشُ خاتمه، وآثار سنته، ولن يُقبَل عمل ولا عبادة إلا بعد الإقرار برسالته، والثباتِ على دينه وملته. وقد هلك من تركه وما تبِعه في جميع سننه، على قدر وُسْعِه وطاقته. ولا شريعةَ بعده، ولا ناسخَ لكتابه ووصيته، ولا مبدِّلَ لكلمته، ولا قَطْرَ كمُزْنتِه. ومن خرج مثقالَ ذرّة من القرآن، فقد خرج من الإيمان. ولن يفلح أحد حتى يتّبع كلَّ ما ثبت من نبينا المصطفى، ومن ترَك مقدار ذرة من وصاياه فقد هوى. ومن ادّعى النبوة من هذه الأمة، وما اعتقد بأنه رُبّيَ من سيدنا محمدٍ خيرِ البريّة، وبأنه ليس هو شيئا من دون هذه الأسوة، وأن القرآن خاتم الشريعة، فقد هلك وألحَقَ نفسه بالكفَرة الفجَرة. ومن ادعى النبوة ولم يعتقد بأنه من أمته، وبأنه إنما وجَد كلَّ ما وجَد من فيضانه، وأنه ثمرة من بستانه، وقطرة من تَهْتَانِه، وشَعْشَعٌ من لمعانه، فهو ملعون ولعنة الله عليه وعلى أنصاره وأتباعه وأعوانه.
لا نبيَّ لنا تحت السماء من دون نبيّنا المجتبى، ولا كتابَ لنا من دون القرآن، وكلُّ من خالفه فقد جرّ نفسه إلى اللظى. ومن أنكر أحاديثَ نبينا التي قد نُقِدتْ ولا تُعارض القرآن، فهو أخو إبليس وإنه ابتاع لنفسه اللعنة وأضاع الإيمان. وإن القرآن مقدَّم على كل شيء، ووحيُ الحَكَمِ مقدَّم على أحاديث ظنية، بشرط أن تطابق القرآنَ وحيُه مطابقة تامة، وبشرط أن تكون الأحاديث غيرَ مطابقة للقرآن، وتوجد في قصصها مخالفةٌ لقصصِ صحفٍ مطهّرة. ذلك بأن وحي الحَكَمِ ثمرةٌ غَضٌّ وقد جُنِيَ مِن شجرة يقينية، فمن لم يقبَل وحيَ الإمام الموعود، ونبَذه لروايات ليست كالمحسوس المشهود، فقد ضل ضلالا مبينا، ومات ميتة جاهلية، وآثر الشك على اليقين ورُدَّ من الحضرة الإلهية.
ثم إن كان من الواجب الأخذُ بالروايات في كل حال.. ففي أي شيءٍ رجلٌ يقال له حَكَمٌ من الله ذي الجلال؟ فكيف أعطيه هذا اللقب مع أنه لا يحكُم في مسألة من المسائل، بل يقبَل كل ما عند العلماء كالمستفتي السائل؟ فعند ذلك لا يستقيم لقبُ الحَكَمِ لشأنه، بل هو تابع للعلماء ومقلّد لهم في كل بيانه.
ونعتقد بأن الصلاة والصوم والزكاة والحج من فرائض الله الجليل، فمن ترَكها متعمدا غيرَ معتذر عند الله فقد ضل سواء السبيل.
ومن عقائدنا أن عيسى ويحيى قد وُلدا على طريق خَرْقِ العادة، ولا استبعادَ في هذه الولادة. وقد جمع الله تلك القصتين في سورة واحدة، ليكون القصةُ الأولى على القصة الأخرى كالشاهدة. وابتدأ مِن يحيى وختَم على ابن مريم، لينقُل أَمْرَ خرق العادة من أصغر إلى أعظم.
وأما سرّ هذا الخَلق في يحيى وعيسى فهو أن الله أراد من خلقهما آية عظمى. فإن اليهود كانوا قد تركوا طريق الاقتصاد والسداد، ودخل الخبث أعمالَهم وأقوالهم وأخلاقهم وفسدت قلوبهم كل الفساد، وآذَوا النبيين وقتلوا الأبرياء بغير حق بالعناد، وزادوا فسقا وظلما وما بالَوا بَطْشَ ربّ العباد. فرأى الله أن قلوبهم اسودّت، وأن طبايعهم قسَتْ، وأن الغاسق قد وقَب، ووَجْهَ الـمهجّة قد انتقَب. وفسدت التصوّرات كأنها ليل دامس، أو طريق طامس. وجاوزوا الحدود، ونسوا المعبود، وتسوّروا الجدران، ونسوا الديّان. وكانوا ما بقي فيهم نور يُؤمنهم العِثار، ويُري الحق ويُصلِح الأطوار، وصاروا كمجذوم انجذمت أعضاؤه، وكُرِهَ رُواؤُه. فإذا آلتْ حالتهم إلى هذه الآثار، لعنهم الله وغضب على تلك الأشرار، وأراد أن يسلب من جرثومتهم نعمةَ النبوة، ويضرب عليهم الذلة، وينـزع منهم علامة العزة. فإن النبوة لو كانت باقية في جرثومتهم، لكانت كافية لعزّتهم، ولَمَا أمكنَ معه أن يشار إلى ذلّتهم. ولو ختم الله سلسلة النبوة العامة على عيسى، لما نقص من فخر اليهود شيء كما لا يخفى، ولو قدّر الله رجوع عيسى الذي هو من اليهود، لرجع العزّة إلى تلك القوم ولنسخ أمر الذلة، ولبطل حكم الله المعبود. فأراد الله أن يقطع دابرهم، ويجيح بنيانهم، ويُحكِم ذلّتهم وخذلانهم. فأولُ ما فعل لهذه الإرادة هو خلق عيسى من غير أب بالقدرة المجردة. فكان عيسى إرهاصًا لنبينا وعَلَمًا لنقل النبوة، بما لم يكن من جهة الأب من السلسلة الإسرائيلية. وأما يحيى فكان دليلا مخفيا على الانتقال، فإن يحيى ما تولّد من القوى الإسرائيلية البشرية، بل من قدرة الله الفعّال. فما بقي لليهود بعدهما للفخر مَطرَحٌ، ولا للتكبر مَسرَحٌ. وكان كذلك ليقطع الله الحِجاجَ، وينقّص التصلفَ ويسكّن العَجاجَ.
ثم بعد ذلك نقل النبوة من ولد إسرائيل إلى إسماعيل، وأنعم الله على نبينا محمد وصرَف عن اليهود الوحيَ وجبرائيلَ. فهو خاتم الأنبياء لا يبعث بعده نبي من اليهود، ولا يردّ العزّة المسلوبة إليهم، وهذا وعد من الله الودود. وكذلك كُتب في التوراة والإنجيل والقرآن، فكيف يرجع عيسى، فقد حبَسه جميعُ كتب الله الديّان؟ وإن كان راجعا قبل يوم القيامة.. فلا بد من أن نقبل أنه يكذِب إذ يُسأل عن الأمّة في الحضرة، ففكِّرْ في قوله تعالى: (وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلتَ للناس...) ثم فَكِّرْ في جوابه، أصَدَقَ أم كذَب بناء على زعم قوم يرجعونه مِن وسواسِ الخنّاس؟ فإنه إن كان حقا أن يرجع عيسى قبل يوم الحشر والقيام، ويكسِر الصليب ويُدخل النصارى في الإسلام، فكيف يقول إني ما أعلم ما صنعتْ أمّتي بعد رفعي إلى السماء؟ وكيف يصح منه هذا القول مع أنه اطّلـع على شِرك النصارى بعد رجوعه إلى الغبراء، واطلع على اتخاذهم إياه وأمَّه إلـهَينِ من الأهواء؟ فما هذا الإنكار عند سؤال حضرة الكبرياء إلا كذبا فاحشا وترك الحياء. والعجب أنه كيف لا يستحي من الكذب العظيم، ويكذِب بين يدي الخبير العليم! مع أنه قد رجع إلى الدنيا وقتَل النصارى وكسر الصليب وقتل الخنـزير بالحُسام الحسيم. وما كان مكَث ساعة كغريب يمرّ من أرضٍ بأرضٍ غيرَ مقيم، ولا يفتش بالعزم الصميم، بل لبث فيهم إلى أربعين سنة، وقتَلهم وأسَرهم وأدخلهم جبرا في الصراط المستقيم. ثم يقول: لا أعلم ما صنعوا بعدي. ((( طبعا هنا الامام المهدي بيتكلم من وجهة نظر المشايخ المحرفين لدين الله عزوجل ))) يقول الامام المهدي الحبيب : فالعجب كل العجب من هذا المسيح وكذبِه الصريح! أنؤمن بأنه لا يخاف يوم الحساب ولا سوط العقاب، ويكذب كذبا فاحشا يعافه زَمَعُ الناس، ويرضى بزور يأنَف منه الأراذلُ الملوّثون بالأدناس؟ أيجوّز العقل في شأن نبي أنه رجع إلى الدنيا بعد الصعود إلى السماء، ورأى قومه النصارى وشِركهم وتثليثهم بعينيه من غير الخفاء، ثم أنكر أمام ربه هذه القصة، وقال: ما رجعت إلى الدنيا الدنيّة، ولا أعلم ما بالُ قومي مُذْ رُفعتُ إلى السماء الثانية؟ فانظروا أي كذب أكبر من هذا الكذب الذي يرتكبه المسيح أمام عين الله في يوم الحساب والمسألة، ولا يخاف حضرةَ ربِّ العزة؟
فالحاصل أنه لما منَع القرآن نـزولَ المسيح من السماء في الآية التي هي قطعية الدلالة، تَعيَّنَ إذًا من غير شك أن المسيح الموعود ليس من اليهود بل من هذه الأمة. وكيف وإن اليهود ضربت عليهم الذلة؟ فهم لا يستحقون العزة بعد العقوبة الأبدية. فاعلموا أن خيال رجوع عيسى يشابه زبدًا، وأن محبوس القرآن لا يرجع أبدا.
ثم إذا فُرض رجوعه فيستلزم هذا كَذِبَ سيّدِنا خيرِ البريّة، فإنه قال إن المسيح الآتي يأتي من الأمّة. وليس من الأمّة إلا الذي وجد كماله من فيوض المصطفى، ولا يوجد هذا الشرط في عيسى، فإنه وجد مرتبة النبوة قبل ظهور سيدنا خاتم الأنبياء، فكماله ليس بمستفاد من نبينا r، وهذا أمر ليس فيه شيء من الخفاء. فجعلُه فردا من الأمة جهلٌ بحقيقة لفظ "الأُمّة"، وخلاف لكتاب حضرة الكبرياء. فلا شك أن إدخاله في الأمة كذب صريح وترك الحياء. ففكِّرْ في ذلك إن كنت من أهل الاتقاء.
والحاصل أن الله سلب من اليهود بعد عيسى نعمة النبوة، فلا ترجع إليهم أبدا في زمان خير البرية. وكون عيسى من غير أبٍ وبلا ولدٍ دليلٌ على ما مر بالدلالة القاطعة، وإشارةٌ إلى قطع تلك السلسلة الإسرائيلية. فلا يجيء نبي من اليهود لا قديم ولا حديث في دَور النبوة المحمدية، وعدٌ من الله ذي العزة. وكما نـزَع النبوةَ منهم كذلك نزع منهم ملكهم وغادرهم الله كالجيفة. وكان تولُّدُ يحيى من دون مسّ القوى البشرية، وكذلك تولُّدُ عيسى من دون الأب وموتُهما بدون ترك الورثة علامةً لهذه الواقعة. وأما المسيح المحمدي فله أب ووُلْد من العنايات الإلهية، كما كُتب أنه "يتزوج ويولد له" من الرحمة، فكانت هذه إشارة إلى دوام السلسلة المحمدية وعدم انقطاعها إلى يوم القيامة.
ثم جلس سيدنا يوسف بن المسيح قليلا ثم تابع الخطبة فقال : الحمد لله - الحمد لله وحده - الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده وبعد ; يقول المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام :
وعجبتُ كل العجب من الذين لا يفكرون في هذه الآيات، التي هي لنبوة نبينا كالعلامات، ويقولون إن عيسى تولَّد من نطفة يوسف أبيه، ولا يفهمون الحقيقة من الجهلات. ومن المعلوم أن مريم وُجدتْ حاملا قبل النكاح، وما كان لها أن تتزوج لعهدٍ سبق من أمها بعد الإجحاح. فالأمر محصور في الاحتمالين عند ذوي العينين: إما أن يقال إن عيسى خُلق من كلمة الله العلام، أو يقال - ونعوذ بالله منه - إنه من الحرام. ولا نجد سبيلا إلى حمل مريم من النكاح، فإن أُمّها كانت عاهدتِ الله أنها يتركها محرَّرةً سادنة، وكانت عهدها هذا في أيام اللِّقاح. وهذا أمر نكتبه من شهادة القرآن والإنجيل، فلا تتركوا سبيل الحق والفلاح. هذا لمن استوضحتْه فطرتُه، ولا تقبَل خارقَ العادة عادتُه. وأما نحن فنؤمن بكمال قدرة الله الأعلى، ونؤمن بأنه إن يشأ يخلق من ورق الأشجار كمثل عيسى. وكم من دود في الأرض ليس لها أبوانِ، فأي عجب يأخذكم من خلق عيسى يا فتيان؟ وإن لله عجائبَ نفَضتْ عندها أكياس الكياسة، وغرائبَ ظلَع بها فرسُ الفراسة، بل في كل خَلْقه يظهَر إجبالُ القرائح ويظهَر إكداءُ الماتح والمائح. والذين ينكرونها فما قدروا الله حق القدر، وقعدوا في الظلمات مع وجود نور البدر، وبعُدوا من الضياء، فهفا بهم إلى الظلام البَينُ المطرِّحُ والبُعدُ المبرِّحُ. والعجب منهم أنهم مع كونهم ضالّين تمشَّوا أمام الناس كالخِرّيت، وما فرَقوا واقتحموا المَوامي المهلِكة كالـمَصاليت، فهلكوا في الفلوات كالحائر الوحيد، واستسلموا للحَين وما انتهوا من القول المبيد. فلم يأمنوا عثارا، بل زلّوا في كل قدم ورأوا تبارا. وشجّعوا قلوبهم طمعًا في صيد العوام، وزعَرهم ظلمةُ الجهل فما ارتعوا وما امتنعوا من الاقتحام.
ثم عندنا دلائل على موت عيسى لا نرى بدًّا من نشرها لعل الناس يفقهون. فمنها نصوص قرآنية وهي أكبر الدلائل لقوم يفقهون، ومنها نصوص حديثية لأناس يفكرون. فإن الله صرح في آية: (فلما توفيتني) وفاةَ ابن مريم، وصرح معه عدمَ رجوعه إلى الدنيا كما تقدَّم. ورآه نبينا r ليلة المعراج قاعدا عند يحيى، ولا يُجوّز العقل أن يُنقَل الحي إلى عالم الموتى، ومَن أُلحِقَ بالموتى فهو منهم كما لا يخفى.
وقال الذين لا يتدبرون كتاب الله وليس في قلوبهم طلب الحق والعرفان، إن حياة عيسى ثابت بما قال الحسن البصري، إنه لم يمت ويأتي في آخر الزمان. فالجواب إنا لا نؤمن ببصري ولا مصري، وإنما نؤمن بالفرقان، ونؤمن بقول نبينا الذي أُعطي علمًا صحيحا من الرحمن. وقد سمعتَ ما جاء في الحديث وفي القرآن المجيد، فلا ينبغي بعد ذلك أن تقول هل من مزيد. وإن الموت من سنة الأنبياء من آدم إلى نبينا خير البرية، فكيف خرج عيسى من هذه السنة المتوارثة؟ وقد ورث هذه السنةَ كلُّ من جاء بعده من الأبرار، وهلمّ جرّا إلى أن ورثنا من جميع الأخيار.
ثم من الدلائل الوقائعُ التاريخية والشواهد التي جمعتها الكتب الطبية. ومن تصفّح تلك الكتب التي زادت عِدتُّها على الألف، وهي مشهورة مسلَّمة من السلف إلى الخلف، فلا بد له أن يشهد أن مرهم عيسى قد صُنع لجراحة إلهِ أهل الصلبان، وهذه واقعة لا يختلف فيها اثنان. وهي من المراهم المشهورة المقبولة، ويوجد ذكرها في كتب زهاء ألف من هذه الصناعة.
وكذلك اطّلعنا على قبره الذي قد وقع قريبا من هذه الخِطّة، وثبت أن ذلك القبر هو قبر عيسى من غير الشك والشبهة. ولا يُضْعِف الحقائقَ الثابتة إنكارُ العلماء الحاسدين، فإنهم لا يتكلمون إلا مستكبرين، ولا يدخلون علينا إلا منكرين. ونجدهم متكبرين كبير الاحتقار، قليل الفهم كثير الإنكار. ثم يقال لهم قدوة الأُمّة ونجوم الملة! ماتت الروحانية، وغلبت الدنيا الفانية. ما لهم لا يفهمون أن رفع عيسى كان لرفع تهمة اللعنة؟ فمن رُفع جسمه إلى السماء فقط فإنه لا يبرأ من هذه التهمة.
ثم لما كان عيسى قد أُرسل إلى قبائل اليهود كلهم وكلِّ من كان من بني إسرائيل، وكانت القبائل منتشرة في الأرض كما روي وقيل، كان من فرائضه أن يسير ويختار السياحة، ويستقري قبائل أخرى. فكيف صعد إلى السماء قبل تأدية فرضه وتكميل دعوته؟ هذا باطل عند النُّهى.
ثم إنّ ظنَّ رفعِه إلى السماء لم يثمر إلا ثمرة رديّة، ولم ينبت إلا شجرة خبيثة. فلو كان هذا الأمر حقا وكان هذا الفعل من عند الله حقيقة، لـترتّب عليه نتيجة حسنة. فلا شك أن هذا الاعتقاد وسوسة شيطانية، وشبكة إبليسية، ولذلك صُبّتْ منه مصائب على التوحيد، ووُضع التثليث في موضع اسم الله الوحيد الفريد، وفتح أبواب جهنم على كثير من الناس، وأُلقي منه ألوف من الورى في ورطة الشرك وبراثن الخنّاس. ولو كان المسلمون لم يعتقدوا بهذه العقيدة الفاسدة، لأمِنوا من الارتداد ولنَجَوا من السهام النصرانية. ولكن الآن قد نراهم كالأسارى في يد قسوس النصارى. يقولون بألسنهم: إن سيد الرسل نبيُّنا المصطفى، ولكن لم يقـترن هذا القول بالعمل كما لا يخفى. يا سماء! لم لا تنشق­ لجسارتهم؟ ويا أرض! لم لا تتزلزل­ لجريمتهم؟ إنهم إنما رفعوا أَلْوِية المجد والفخار والعز لعيسى، وما أبقوا شيئا لسيدنا المصطفى.
ونظر الله إلى الأرض فوجدها مملوّةً من إطراء ابن مريم، ومن التفريط في خير وُلْدِ آدم، ورأى البلادَ في أشد حاجة إلى وجود يُظهِر على أهل الصلبان فضلَ ختم المرسلين، ويدافع عن المسلمين، فبعثني لهذا المقصود، وكان أمرا مقضيا من الله الودود. وإني قد أُقمت لهذه الخدمة من مدة نحو ثلاثين عاما، وقد أدّب الله بي كثيرا من الشُّرُدِ وألجمَهم إلجامًا.
وأقم الصلاة.
ثم قام بلال اليوسفيين بإقامة الصلاة وصلى نبي الله الجمعة ركعتين وقرء في الركعة الأولى سورة الفاتحة والوجه الرابع من سورة فاطر .
بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ * ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ * إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ * ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰ⁠طَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ * صِرَ ٰ⁠طَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ .
(وَمَا یَسۡتَوِی ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِیرُ ۝ وَلَا ٱلظُّلُمَـٰتُ وَلَا ٱلنُّورُ ۝ وَلَا ٱلظِّلُّ وَلَا ٱلۡحَرُورُ ۝ وَمَا یَسۡتَوِی ٱلۡأَحۡیَاۤءُ وَلَا ٱلۡأَمۡوَ ٰ⁠تُۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُسۡمِعُ مَن یَشَاۤءُۖ وَمَاۤ أَنتَ بِمُسۡمِعࣲ مَّن فِی ٱلۡقُبُورِ ۝ إِنۡ أَنتَ إِلَّا نَذِیرٌ ۝ إِنَّاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ بِٱلۡحَقِّ بَشِیرࣰا وَنَذِیرࣰاۚ وَإِن مِّنۡ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِیهَا نَذِیرࣱ ۝ وَإِن یُكَذِّبُوكَ فَقَدۡ كَذَّبَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ جَاۤءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ وَبِٱلزُّبُرِ وَبِٱلۡكِتَـٰبِ ٱلۡمُنِیرِ ۝ ثُمَّ أَخَذۡتُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ۖ فَكَیۡفَ كَانَ نَكِیرِ ۝ أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦ ثَمَرَ ٰ⁠تࣲ مُّخۡتَلِفًا أَلۡوَ ٰ⁠نُهَاۚ وَمِنَ ٱلۡجِبَالِ جُدَدُۢ بِیضࣱ وَحُمۡرࣱ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَ ٰ⁠نُهَا وَغَرَابِیبُ سُودࣱ ۝ وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَاۤبِّ وَٱلۡأَنۡعَـٰمِ مُخۡتَلِفٌ أَلۡوَ ٰ⁠نُهُۥ كَذَ ٰ⁠لِكَۗ إِنَّمَا یَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَـٰۤؤُا۟ۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِیزٌ غَفُورٌ ۝ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَتۡلُونَ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُوا۟ مِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ سِرࣰّا وَعَلَانِیَةࣰ یَرۡجُونَ تِجَـٰرَةࣰ لَّن تَبُورَ ۝ لِیُوَفِّیَهُمۡ أُجُورَهُمۡ وَیَزِیدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦۤۚ إِنَّهُۥ غَفُورࣱ شَكُورࣱ)
وقرء في الركعة الثانية سورة الفاتحة والوجه الخامس من سورة فاطر .
بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ * ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ * إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ * ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰ⁠طَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ * صِرَ ٰ⁠طَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ .
(وَٱلَّذِیۤ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ هُوَ ٱلۡحَقُّ مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِعِبَادِهِۦ لَخَبِیرُۢ بَصِیرࣱ ۝ ثُمَّ أَوۡرَثۡنَا ٱلۡكِتَـٰبَ ٱلَّذِینَ ٱصۡطَفَیۡنَا مِنۡ عِبَادِنَاۖ فَمِنۡهُمۡ ظَالِمࣱ لِّنَفۡسِهِۦ وَمِنۡهُم مُّقۡتَصِدࣱ وَمِنۡهُمۡ سَابِقُۢ بِٱلۡخَیۡرَ ٰ⁠تِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ ذَ ٰ⁠لِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِیرُ ۝ جَنَّـٰتُ عَدۡنࣲ یَدۡخُلُونَهَا یُحَلَّوۡنَ فِیهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبࣲ وَلُؤۡلُؤࣰاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِیهَا حَرِیرࣱ ۝ وَقَالُوا۟ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِیۤ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورࣱ شَكُورٌ ۝ ٱلَّذِیۤ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلۡمُقَامَةِ مِن فَضۡلِهِۦ لَا یَمَسُّنَا فِیهَا نَصَبࣱ وَلَا یَمَسُّنَا فِیهَا لُغُوبࣱ ۝ وَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لَهُمۡ نَارُ جَهَنَّمَ لَا یُقۡضَىٰ عَلَیۡهِمۡ فَیَمُوتُوا۟ وَلَا یُخَفَّفُ عَنۡهُم مِّنۡ عَذَابِهَاۚ كَذَ ٰ⁠لِكَ نَجۡزِی كُلَّ كَفُورࣲ ۝ وَهُمۡ یَصۡطَرِخُونَ فِیهَا رَبَّنَاۤ أَخۡرِجۡنَا نَعۡمَلۡ صَـٰلِحًا غَیۡرَ ٱلَّذِی كُنَّا نَعۡمَلُۚ أَوَلَمۡ نُعَمِّرۡكُم مَّا یَتَذَكَّرُ فِیهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاۤءَكُمُ ٱلنَّذِیرُۖ فَذُوقُوا۟ فَمَا لِلظَّـٰلِمِینَ مِن نَّصِیرٍ ۝ إِنَّ ٱللَّهَ عَـٰلِمُ غَیۡبِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ عَلِیمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ)
ثم جمعَ صلاة العصر .
والحمد لله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق