درس القرآن و تفسير الوجه الرابع من الزمر .
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
أسماء أمة البر الحسيب :
- افتتح سيدي و حبيبي يوسف بن المسيح ﷺ هذه الجلسة المباركة ، و ثم قرأ أحد أبناءه الكرام من أحكام التلاوة ، و ثم قام نبي الله الحبيب بقراءة الوجه الرابع من أوجه سورة الزُمَر ، و استمع لأسئلتنا بهذا الوجه ، و ثم شرح لنا يوسف الثاني ﷺ هذا الوجه المبارك .
بدأ نبي الله جلسة التلاوة المباركة بقوله :
الحمد لله ، الحمد لله وحده ، الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده و بعد ، لدينا اليوم الوجه الرابع من أوجه سورة الزُمَر ، و نبدأ بأحكام التلاوة و مروان :
- من أحكام النون الساكنة و التنوين :
الإظهار : أي أنه إذا أتى بعد النون الساكنة أو التنوين الحروف من أوائل الكلمات (إن غاب عني حبيبي همّني خبره) , و حروف الإظهار تجعل النون الساكنة أو التنوين تُظهر كما هي .
الإقلاب : إذا أتى بعد النون الساكنة أو التنوين حرف الباء يُقلب التنوين أو النون ميماً . ثم يكون إخفائا شفويا . مثال : من بعد .
______
و ثم تابع نبي الله يوسف الثاني ﷺ الجلسة بشرح الوجه لنا فقال :
يقول تعالى :
{أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} :
(أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه) يعني أرأيت لمن هدى الله صدره للإسلام و للتوحيد و للإستسلام لله سبحانه و تعالى فلم يُشرك به أحداً ، فهو بذلك على نور من الله تعالى ، اضرب يا محمد هذا المثل لقومك كي يتعظوا و قُلْ لهم : من أحسن سبيلاً ممن وجد نور الله سبحانه و تعالى في الإسلام ، (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله) يعني فويلٌ و سعيرٌ و نارٌ و جحيمٌ و عذابٌ لتلك القلوب القاسية أمام ذكر الله عز و جل و التي لم تلن جرّاء ذكر الله عز وجل ، (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أؤلئك في ضلال مبين) الكفار و المشركون في ضلال ظاهر و بَيِّن و واضح .
____
{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} :
(الله نزل أحسن الحديث كتاباً) الله سبحانه و تعالى يُنزل كلماته سبحانه في رسالة لكل نبي ، و في هذا القرآن يقول تعالى عنه : (الله نزل أحسن الحديث كتاباً) رسالة ، (متشابهاً) هذا القرآن متشابه أي أنه تقع عليه رموز الرؤيا فهو كتاب الظاهر و هو كتاب الباطن ، هو كتاب العين الرائية في الواقع ، و هو العين لمن رأى في الرؤى ، فهو بذلك متشابه ، (مثاني) أي له بُعدان ظاهر و باطن ، ظاهر في الواقع و باطن في الرؤى و كلاهما حقيقة ، كذلك (مثاني) أي من الثناء ، كذلك (مثاني) أي معالي و ترقيات روحانية ، كل ذلك يؤدي إلى قشعرة جلود المؤمنين الذين يخشون الله عز و جل ، و ثم بعد تلك القشعرة و ذلك الخشوع يحدث لين لجلودهم و قلوبهم ، (الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم و قلوبهم إلى ذكر الله) فالمؤمن لَيّن هيّن طيّب ، (ذلك هُدى الله يهدي به من يشاء) كلام الله سبحانه و تعالى هو هدى ، من شاء أن يهتدي ، شاء الله أن يهديه ، هذا هو المعنى ، (و من يضلل الله فما له من هاد) من أراد أن يضل فإن الله يُضله و لن يجد من بعد إضلال الله له أحداً يهديه .
____
{أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ} :
(أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة) يعني أشاد سبحانه و تعالى بمن يتقي عذاب الله بكرم الله ، (وجه الله) أي كرم الله ، (أفمن يتقي بوجهه) أي بوجه الله عز و جل ، (سوء العذاب يوم القيامة) يعني هنا إشادة و ثناء من الله عز و جل ، هنا من المثاني و الثناء على من يتقي العذاب بوجه الله و على من شرح الله صدره للإسلام ، فهو على نور من ربه ، فهنا أيضاً إشادة في بداية الوجه ، فهنا إشادتان : بمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ، و بمن إتقى بوجه الله سوء العذاب يوم القيامة ، فتلك إشادتان و هذه من المثاني ، (و قيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون) يوم القيامة قيل للظالمين المشركين المكذبين ببعث الأنبياء : (ذوقوا ما كنتم تكسبون) أي أن أعمالكم تتمثل فتتعذبون بها في جهنم جزاء كفركم في الدنيا .
____
{كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ} :
(كذب الذين من قبلهم فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون) يقول تعالى أن سُنة التكذيب مستمرة و متكررة عبر القرون و العصور و الأزمان مع كل الأنبياء ، فيقول : (كذب الذين من قبلهم) و هنا تسلية و تسرية للنبي ﷺ أن قومه ليسو بِدعاً من أقوام سابقة ، بل هم كالذين من قبلهم كذبوا الأنبياء ، (كذب الذين من قبلهم فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون) نتيجة تكذيبهم و كفرهم فإن الله سبحانه و تعالى يُباغتهم بعذابه في الدنيا قبل الآخرة .
____
{فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} :
(فأذاقهم الله الخزي في الحياة الدنيا) أنظر ، تأكيد من الله عز و جل أن العذاب نازل على المكذبين و الكافرين في الدنيا قبل الآخرة ، فيقول : (فأذاقهم الله الخزي) أي الخسران و التعاسة و العار في الحياة الدنيا ، الخزي أي أن ذنوبهم تَوخَزُ و تدمر فخرهم ، خزي((تحليل معناها من أصوات الكلمات)) : الخاء الفخر ، و الزاي هو صوت الذنب في الرؤيا ، و الياء تموج ، أي تموج صوت الذنب فيؤدي إلى كسر الفخر و هو الخزي ، (فأذاقهم الله الخزي في الحياة الدنيا و لعذاب الآخرة أكبر) و سينالهم خزيٌ أعظم و أكبر في اليوم الآخر مما رأوا في الدنيا ، (لو كانوا يعلمون) ، (لو كانوا يعلمون) أي لو كانوا يتصلون بالله عز و جل و يتلقون وحيه نتيجة إيمانهم بالنبي ، لو كانوا يعلمون و يتصلون بالله عز و جل لَمَا وقعوا في هذا الخزي و في هذا العار في الدنيا و الآخرة و العياذ بالله .
____
{وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} :
(و لقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون) هذا القرآن فيه أمثال ، فيه أمثال للتعليم و للتذكير ، و هذا من معاني (متشابهاً) ، من معاني (الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً) أي أن فيه ، فيه إيه؟ أمثال ، و الأمثال متشابهة ، فيها إيه؟ تشبيهات يعني ، فهذا من معاني (متشابه) أيضاً ، (و لقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل) و هي أسلوبٌ يُحبه الله ، ضرب الأمثال ، كذلك الأنبياء يحبون ضرب الأمثال ، (لعلهم يتذكرون) لعل الذين يستمعون إلى هذا الحديث و إلى هذا الكتاب يتذكرون و يخشون الله ، وصف هذا الحديث أنه إيه؟ .
____
{قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} :
وصف هذا الحديث أنه إيه؟ : (قرآناً عربياً غير ذي عوج) أي أنه لا يتبع الهوى ، القرآن لا يتبع الهوى ، بل هو على صراط مستقيم فلذلك هو غير ذي عوج ، (قرآناً عربياً غير ذي عوج لعلهم يتقون) و عربي أي أفاض الله سبحانه و تعالى ، أفاض الله سبحانه و تعالى من كرامات أصوات حروف القرآن أو حروف اللغة العربية على كلمات القرآن فأعطت له معانٍ حية ، فهي مخلوقات حية ، (قرآناً عربياً غير ذي عوج لعلهم يتقون) أي لعلهم يجعلون بينهم و بين عذاب الله وقاية ، و أحسن من إتقى ، هو الذي إتقى بوجه الله سوء العذاب أي تقرب إلى الله و استعان بالله لكي لا يقع في سوء العذاب .
____
{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَّجُلا فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} :
(ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون و رجلا سلماً لرجل هل يستويان مثلا) هذا مثل من أمثال القرآن يُبين الفرق بين التوحيد و الشرك ، فالشرك كأن هناك عبد فيه شركاء ، له أكثر من سيد ، هل هذا العبد سيكون مرتاح ، هل سيكون مطمئن؟ لا ، بل كلهم متشاكسون فيه ، كُلٌّ يجذبه إليه ، فهو أصبح مشتت ، طيب ، و الذي هو على التوحيد (و رجلا سلماً لرجل هل يستويان مثلا) الذي على التوحيد كأنه يعبد إله واحد ، على التوحيد هو الذي يعبد الله سبحانه و تعالى كالرجل الذي يملكه شخص واحد فقط فيكون مطمئنا ، فهذا مثل من أمثال القرآن تناسب عقلية من نزل فيهم القرآن منذ أكثر من ١٤ قرناً ، (ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون و رجلا سلماً لرجل هل يستويان مثلا) لا يستويان بالتأكيد يعني ، الشرك لا يساوي التوحيد ، (الحمد لله) الحمد لله أي الحمد لله على نعمة التوحيد ، و الحمد لله هو سر الدين ، (بل أكثرهم لا يعلمون) أكثر الناس لا يتصلون بالله عز و جل و لا يعرفون طريق الأنبياء ، لأن العلم هو الوصال و هو الوحي .
____
{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} :
(إنك ميت و إنهم ميتون) الله سبحانه و تعالى يُقرر حقيقة أن كل من على وجه الأرض هو ميت ، فيقول سبحانه : (إنك ميت و إنهم ميتون) و كل من خلى قبل النبي مات و منهم عيسى -عليه السلام- .
____
{ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} :
(ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) أي أن المرجع و الإنابة و الرجوع بعد ذلك هو في يوم الدينونة إلى الله عز و جل حيث هو قاضي القضاة فيحكم بين العباد في تخاصماتهم ، حد عنده سؤال تاني؟؟ .
______
و اختتم نبي الله الجلسة المباركة بقوله المبارك :
هذا و صلِّ اللَّهم و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم ، سبحانك اللهم و بحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك و أتوب إليك .
_______
و الحمد لله رب العالمين . و صلِّ يا ربي و سلم على أنبياءك الكرام محمد و أحمد و يوسف بن المسيح صلوات تلو صلوات طيبات مباركات ، و على أنبياء عهد محمد الآتين في مستقبل قرون السنين أجمعين . آمين .🌿💙
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق