الأحد، 8 أكتوبر 2023

درس القرآن و تفسير الوجه الأول من الجاثية .

 

 


 

درس القرآن و تفسير الوجه الأول من الجاثية .

:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

 

أسماء أمة البر الحسيب :



  • افتتح سيدي و حبيبي يوسف بن المسيح ﷺ هذه الجلسة المباركة ، و ثم قرأ أحد أبناءه الكرام من أحكام التلاوة ، و ثم قام نبي الله الحبيب بقراءة الوجه الأول من أوجه سورة الجاثية ، و استمع لأسئلتنا بهذا الوجه ، و ثم شرح لنا يوسف الثاني ﷺ هذا الوجه المبارك .

    بدأ نبي الله جلسة التلاوة المباركة بقوله :

    الحمد لله ، الحمد لله وحده ، الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده و بعد ، لدينا اليوم الوجه الأول من أوجه سورة الجاثية ، و نبدأ بأحكام التلاوة و مروان :

    مد فرعي بسبب السكون :

    مد عارض للسكون و يكون غالباً في نهايات الآيات و يمد بمقدار ٤ إلى ٥ حركات .
    و مد لازم حرفي أو كلمي : الحرفي هو في أوائل السور , و الكلمي مثقل و يُمد بمقدار ٧ حركات مثل (و لا الضآلين) .
    و المد الحرفي له ثلاثة أنواع : حرف واحد يمد حركة واحدة و هو الألف في حروف المقطعات في بداية السور ، مجموعة من الحروف تمد بمقدار حركتين و هي مجموعة في جملة (حي طهر) , و حرف تمد بمقدار ٦ حركات و هي مجموعة في جملة (نقص عسلكم) .
    ______

    و ثم تابع نبي الله يوسف الثاني ﷺ الجلسة بشرح الوجه لنا فقال :

    يقول تعالى في هذا الوجه العظيم مبتدأً كلمات الجاثية ، و الجاثية هو إسم خضوعٍ و خشوعٍ و إنصاتٍ لكلِّ الأمم أمام هول الواقع الذي شاهدوه يوم القيامة ، فهو خضوع و إسم خضوع منها لله تعالى في ذلك اليوم ، (و ترى كل أُمةٍ جاثية) تأكيد على أن ذلك سيحدث ، (و ترى كل أُمةٍ جاثية) تأكيد على أن ذلك سيتكرر و لا ينقطع أبداً في أكوان تلو أكوان .

    {بسم الله الرحمن الرحيم} : و هي آية عظمى .
    ____

    {حم} :

    (حم) أي أن الوحي يسير بشكل نشيط مستمر ، حامٍ أي متتابع غير منقطع ، و كذلك (حم) أي راحةٌ ( ح )في وحي الله ، يتبعها لذة ( م  ) و ألم ( م ) ، لذةٌ لمن إستجاب و ألمٌ لمن رفض و إستكبر ، (حم) هكذا تتنزل آيات الله ، هكذا تتنزل آيات الله .
    ____

    {تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} :

    (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم) تنزيل الرسالة في كل وقت و حين ، في كل مكان و زمان ، على كل مصطفاً من مصطفيات الله ، و على كل مصطفاً من مُصطفي الله سبحانه و تعالى ، (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم) صاحب العِزة فيفيض من عِزَته ، فيُفيض من عِزَتهِ على من يشاء ، و حكيم يُفيض من حكمته على من شاء .
    ____

    {إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ} :

    (إن في السماوات و الأرض لآيات للمؤمنين) من تدبر و تأمل و درس آيات الله في السماوات و الأرض فإنه سيؤمن حتماً ، لا شك في ذلك ، (إن في السماوات و الأرض لآيات للمؤمنين) .
    ____

    {وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} :

    (و في خلقكم و ما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون) هنا سبحانه و تعالى جعل كلمة (دابة) عليها مد كلمي لازم مثقل لكي نتدبر في أصل الخِلقة ، في أصل النشأة ، (و في خلقكم و ما يبث من دابة) تأكيد من الله عز و جل على أن أصل الأنواع ينتشر و يكون بتطور في آنٍ معاً و ليس من خلية أولى فقط بل من خلايا أولية متعددة ، (
    قل سيروا في الارض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشيء النشأة الآخرة إنّ الله على كل شيء قدير) هكذا دعوة من الله عز و جل أن نسير في هذه الأرض التي خلقها لنا و نتدبر في أكنافها ، كيف بدأ الله الخِلقة الأولى ، و كيف بدأ الله تطور المخلوقات ، من فعل ذلك في العصر الحديث؟ رجلٌ ليس من المسلمين بل كان أقرب إلى الإلحاد ، و هو دارون ، دارون هو الذي طَبَّقَ هذه الآية : (قل سيروا في الارض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشيء النشأة الآخرة إنّ الله على كل شيء قدير ) طبق أمر الله سبحانه و تعالى ، و كانت على يديه إكتشافات نظريات التطور و كيف خلق الله الأنواع و ما هي أصول الأنواع ، فأَلَّفَ كتابه : أصل الأنواع ، هي كانت بداية ، و لكن كانت بداية ليست بكاملة ، إنما أكملها العلماء من بعده ، طوراً بعد طور ، و جيلاً بعد جيل ، لكن الله سبحانه و تعالى ألهمه بتلك الحقيقة التي هي في صميم تعاليم القرآن الكريم ، كان من الممكن أن يكون أحداً من المسلمين و لكنّ المسلمين إتخذوا  القرآن مهجورا ، (و في خلقكم و ما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون) و تَجَلَّت الآيات في هذا العصر عندما علمنا كيف بدأ الله الخلق .
    ____

    {وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} :

    (و اختلاف الليل و النهار) إختلاف الأزمان و الحُسبان... ، (و ما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض) من رزق مادي و رزق روحي ، فأحيا به الأرض روحاً و مادة أي من بعد موتها ، (و تصريف الرياح) حركات الرياح فيها آيات ، يعني مثلاً عندما يأتي أو تأتي رياح باردة من أوروبا و تلتقي برياح حارة من غرب إفريقيا فتجتمع في مكانٍ ما أو فتجتمعا في مكانٍ ما ، يحدث عند إلتقاء النوعين منخفض يؤدي إلى الأعاصير ، فهذه آية من آيات الله سبحانه و تعالى يُخوف بها عباده ، (و اختلاف الليل و النهار و ما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها و تصريف الرياح آيات لقوم يعقلون) من عَقِلَ فَهِمَ هذه الآيات .
    ____

    {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ} :

    (تلك آيات الله) أي تلك من آيات الله ، (نتلوها عليك بالحق) أي بالصدق و تمام الفَصل ، (فبأي حديث بعد الله و آياته يؤمنون) أي آيات أخرى بعدها يؤمنون بها و هم يرون أصل الآيات و أصل الحقيقة .
    ____

    {وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} :

    (ويل لكل أفاك أثيم) أي جهنم و وديانها هي مصير كل كذاب معاقر للذنب .
    ____

    {يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} :

    (يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها) أي أنه يتكبر مع أنه يعلم أن آيات الله سبحانه و تعالى هي الصدق و هي الحق المطلق ، (فبشره بعذاب أليم) هنا من باب الإستهزاء ، كيف تُبشر إنسان بعذاب ، إنما أنت تُنذره ، لكن الله يقول لرسله بَشِّروا هؤلاء الكفار و الكاذبين و الماكرين و المتكبرين بعذاب أليم ، كأن الله يُقابل إستهزاءهم بإستهزاء .
    ____

    {وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} :

    (و إذا عَلِمَ من آياتنا شيئاً اتخذها هزواً) هكذا هو يستهزيء الآن ذلك الكافر ، فإذا عَلِمَ من آيات الله شيئاً على لسان الرسل إستهزأ ، (أولئك لهم عذاب مهين) هؤلاء المتكبرون لهم عذاب يُهينهم و يكسر كبريائهم الذي ناطحوا به أنبياء الله .
    ____

    {مِن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُوا شَيْئًا وَلا مَا اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} :

    (من ورائهم جهنم) أي مُحيطة بهم ، (و لا يغني عنهم ما كسبوا شيئاً) أي لا ينصرهم و لا يُنجيهم من ذلك العذاب و ذلك المُطَهِّر ما كسبوا في دنياهم من أموال و أولاد و سلطات و عِز و شرف ، (و لا ما اتخذوا من دون الله أولياء) و لا من شركاء غير الله عز و جل إتخذوها آلهة ، (و لهم عذاب عظيم) لهم عذاب لا قِبَلَ لهم به و لا مثيل له .
    ____

    {هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مَّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ} :

    (هذا هدى) أي هذه الآيات و هذه الرسالات و تلك الحكمة هي هُدى أي هداية ، (و الذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز أليم) أصل عذاب الأقوام المتكبرين من رجز أليم أي من رَجّاتِ الزَّلل ، من رجات و تذبذبات الإثم و الزلل ، رجز : رِج أي رَج ، و الزين(ز) هو صوت الذنب في الرؤيا ، و هذا الرجز أي أصل العذاب ، أصل عذابهم الذي يجعل أعمالهم تتمثل عليهم فيُعذبون بها ، هذا الرجز هو أليم ، ألم شديد ، لابد أن يُعاقروه كي يتطهروا في ذلك المُطَهِّر .
    ____

    {اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} :

    (الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره و لتبتغوا من فضله و لعلكم تشكرون) من نِعَم الله عز و جل أن سَخَّرَ لنا الطفو ، قانون أرشميدس في الطفو ، كان ضمن آيات الله في هذا الكون ، ربما تكون هناك آيات أخرى و قوانين أخرى مغايرة في أكوان أخرى ، (لتجري الفُلك فيه بأمره) أي بوحيه و بقانونه ، (و لتبتغوا من فضله) أي ترزقوا من نِعَم الله عز و جل ، (و لعلكم تشكرون) يمكن/ربما تشكروا و عسى أن تشكروا و لعلكم أن تشكروا ، و هذا دليل على مبدأ (فينظر كيف تعملون) أي أن الله سبحانه و تعالى ينتظر منكم أعمالكم ، أي لا يعلمها قبل أن تحدث و هذا من كمال الله ، و هذا من تمام كمال الله ، أنه لا يعلم ما سوف تعلمون أو ما سوف تعملون ، لكنه ينظر ، من تأكيدات ذلك و من قرائن تدل على ذلك ، كلمات (عسى ، و لعلَ) .
    ____

    {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} :

    (و سَخَّر لكم ما في السماوات و ما في الأرض جميعاً منه) جعل الإنسان مُنَعم بتسخيرات ، بتسخيرات الآلات و النعماء و الحيوانات و المعادن و القوانين ، (و سَخَّر لكم ما في السماوات و ما في الأرض جميعاً منه) أي مِنَ الله سبحانه و تعالى كلّ تلك النعماء ، (إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) هنا سبحانه و تعالى ربط النعمة و شكرها بالتفكر و التدبر و هو أمر الله الدائم في القرآن الكريم و في رسالات الرسل أجمعين ، (إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) .
    ____

    {قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} :

    و من ثم تأتي وصية عظمى من الله سبحانه وتعالى ، هذه الوصية تُصلح المجتمعات و تأتي بالسِلم الإجتماعي ، فيقول تعالى : (قُل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله) أي كونوا مسالمين مع الملحدين الذين لا يؤذونكم ، (قُل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله) أي لا يعتقدون بالبعث و النشور و لا يعتقدون بوجود إله ، لماذا؟؟ (ليجزي قوماً بما كانوا يكسبون) أي لكُلٍّ جزاء بما كسب ، و لكي يعطوهم فرصة للتدبر ليس فقط في آيات الله و في أكوان الله و في براهين الله ، بل في أخلاق المؤمنين و أفعال المؤمنين ، هكذا هي وصية الله سبحانه و تعالى دائماً مليئة بالحكمة ، (قُل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوماً بما كانوا يكسبون) (يغفروا) أي يتسامحوا و يُحسنوا .
    ____

    {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} :

    (من عمل صالحاً فلنفسه) من عمل صالحاً فلنفسه في الدنيا و الآخرة ، (و من أساء فعليها) من عمل سيئاً فسوف يُجزى جزاء إساءته في الدنيا قبل الآخرة ، (ثم إلى ربكم ترجعون) أي في يوم البعث ، في ذلك اليوم عندما تكون الحقيقة متجلية في أعظم صورة لها ، حد عنده سؤال تاني؟؟ .
    ______

    و اختتم نبي الله الجلسة المباركة بقوله المبارك :

    هذا و صلِّ اللَّهم و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم ، سبحانك اللهم و بحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك و أتوب إليك .

    _______

    و الحمد لله رب العالمين . و صلِّ يا ربي و سلم على أنبياءك الكرام محمد و أحمد و يوسف بن المسيح صلوات تلو صلوات طيبات مباركات ، و على أنبياء عهد محمد الآتين في مستقبل قرون السنين أجمعين . آمين .🌿💙 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق