درس القرآن و تفسير الوجه الأول من غافر .
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
أسماء أمة البر الحسيب :
- افتتح سيدي و حبيبي يوسف بن المسيح ﷺ هذه الجلسة المباركة ، و ثم قرأ أحد أبناءه الكرام من أحكام التلاوة ، و ثم قام نبي الله الحبيب بقراءة الوجه الأول من أوجه سورة غافر ، و استمع لأسئلتنا بهذا الوجه ، و ثم شرح لنا يوسف الثاني ﷺ هذا الوجه المبارك .
بدأ نبي الله جلسة التلاوة المباركة بقوله :
الحمد لله ، الحمد لله وحده ، الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده و بعد ، لدينا اليوم الوجه الأول من أوجه سورة غافر ، و نبدأ بأحكام التلاوة و أرسلان :
- مد فرعي بسبب السكون :
مد عارض للسكون و يكون غالباً في نهايات الآيات و يمد بمقدار ٤ إلى ٥ حركات .
و مد لازم حرفي أو كلمي : الحرفي هو في أوائل السور , و الكلمي مثقل و يُمد بمقدار ٧ حركات مثل (و لا الضآلين) .
و المد الحرفي له ثلاثة أنواع : حرف واحد يمد حركة واحدة و هو الألف في حروف المقطعات في بداية السور ، مجموعة من الحروف تمد بمقدار حركتين و هي مجموعة في جملة (حي طهر) , و حرف تمد بمقدار ٦ حركات و هي مجموعة في جملة (نقص عسلكم) .
______
و ثم تابع نبي الله يوسف الثاني ﷺ الجلسة بشرح الوجه لنا فقال :
في هذا الوجه المبارك الذي يفتتح سورة غافر ، يقول تعالى : {بسم الله الرحمن الرحيم} و هي آية عظيمة .
{حم} :
(حم) هي حروف مقطعات لها دلالات و قلنا قبل ذلك أن الله سبحانه و تعالى أورد الحروف المقطعات بدلالات كثيرة ، منها دلالة أن القرآن مكون من حروف و هذه الحروف متصلة بشكل أراده سبحانه و تعالى فأحدثه سبحانه و تعالى على هذه الكيفية ، على هذا الشكل و جعل رموز الرؤيا تتوطن و تتنزل على كلمات القرآن ، فهي معجزة عظيمة تتكرر كل يوم ، كذلك (حم) : الحاء هو صوت الراحة ، و الميم هو صوت الألم و اللذة ، فيقول سبحانه و تعالى في هذا المعنى كأن الراحة توجد في اللذة و الألم ، الراحة توجد في اللذة و كذلك توجد في الألم بتطهيرك من ذنوبك .
____
{تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} :
يقول : (تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم) تنزيل الكتاب يتكون من هذه الحروف مُجَمعات مُحدثات كما أراد الله سبحانه و تعالى ، كذلك فهذا التنزيل يأتي بالراحة و كذلك يأتي باللذة للمؤمنين ، و هو عذاب و ألم على الكافرين ، (تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم) العزيز أصل العزة يُفيض من عزته على من يشاء ، العليم أصل العلم ، يُفيض بوحيه سبحانه و تعالى على من شاء .
____
{غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} :
(غافر الذنب و قابل التوب شديد العقاب ذي الطول) من صفات الله سبحانه و تعالى أنه غافر ، من أسماءه سبحانه و تعالى أنه غافر ، و هو الغافر أي الذي يتجاوز عن السيئات ، (غافر الذنب و قابل التوب) يقبل التوبة مهما فعلت و مهما تكررت توباتك فهو يقبلها باستمرار ، و إن الله لا يَمَلْ حتى تَمَلوا ، من صفاته سبحانه أنه شديد العقاب ، عقابه شديد و عندما يُبرز هذه الصفة فهي للتحذير و هي لتزكية النفوس ، (ذي الطَّوْل) أي أنه يطول كل شيء و أي شيء ، و كل شيء ، و كل شيء تحت سيطرة الله سبحانه و تعالى ، كذلك (الطَّوْل) أن الله سبحانه و تعالى هو الذي يطوي السماوات كطي السجل للكتب ، كما أن من أسماء الله سبحانه و تعالى في الحضارات القديمة : الطَّاو ، الطَّاو الذي يطوي ، فالطَّوْل : طو أي طوى ، و اللام هي العلة ، أي علة الطي و الإعادة و الإبداء ، و الإعادة و البدء ، و الإعادة و البدء و التوازن ، سبحانه و تعالى يصنع التوازن في الأكوان و يصنع البدايات و يصنع النهايات ، (لا إله إلا هو) أي التوحيد ، الله سبحانه و تعالى واحد أحد لا إله غيره ، (إليه المصير) أي المرجع إلى الله سبحانه و تعالى ، فإذا علمت أن المرجع إلى الله وحده سبحانه و تعالى و أن لا سبيل خِلاف ذلك فلابد للإنسان أن يُحسن و أن يعبد الله وحده دون سواه .
____
{مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ} :
(ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا) الذي يُجادل و ينكر و يستهزئ بآيات الله سبحانه و تعالى هو الكافر ، فنصيحةً ، فنصيحة من الله سبحانه و تعالى للنبي و للمؤمنين فيقول : (فلا يَغْرُرْكَ تقلبهم في البلاد) أي الكفار إذا كانت لهم اليد الطولى في الدنيا ، فلا يَغْرُرْكَ ذلك و لا تبتئس من ذلك و لا تحزن لذلك ، فإنما فعل الله سبحانه و تعالى ذلك و قدّره لغاية يعلمها سبحانه .
____
{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} :
(كذبت قبلهم قوم نوح) يُعطي سبحانه و تعالى المثال من أمم سابقة كذبت بالنبيين كما كذب قوم محمد لمحمد ، (كذبت قبلهم قوم نوح و الأحزاب من بعدهم) الأحزاب أي الأمم الكافرة ، لذلك أوردنا أكثر من مرة أن كلمة (الأحزاب) هي كلمة مذمومة فلا يجب أن نستخدمها في دنيانا و في تعاملاتنا اليومية عندما نقول الأحزاب الفلانية ، فلا نقول ذلك ، بل نقول التجمعات الفلانية أو المجموعات الفلانية ، فهكذا الألفاظ التي يكرهها القرآن لا نستخدمها ، (كذبت قبلهم قوم نوح و الأحزاب من بعدهم و همت كل أمة برسولهم ليأخذوه) أي همت كل أمة كافرة بنبيها كي يسجنوه أو يقتلوه ، هذا معنى (يأخذوه) ، (و جادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم) هكذا الكفار دائماً يأتوا بالمبررات الكاذبة و المبررات الباطلة على كفرهم لكي يُسَوِّغوا كفرهم و ضلالهم و لكي يفتنوا أتباعهم ، فلابد لهم من مبررات ، فهذه المبررات هي عبارة عن مجادلة بالباطل و ليست بالحق و ليست بالصواب ، (و جادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم) أي أهلكتهم ، (فكيف كان عقاب) كيف كان عقابي لأولئك الأقوام الكافرة ، فعندما يسأل الله سبحانه و تعالى هذا السؤال الإستنكاري ، إنما يسأله لكي يحثنا على أخذ العِبرة و ألا نتبع سبيل القوم المشركين من الأقوام السابقة .
____
{وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} :
(و كذلك حقت كلمت ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار) نتيجة الكفر ، نتيجة الإستهزاء بالأنبياء ، نتيجة إنكار الشرائع ، فإن الله سبحانه و تعالى قد كتبهم في الكافرين ، فحقت كلمة العذاب ، كلمة الله بالعذاب عليهم .
____
{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} :
(الذين يحملون العرش و من حوله يسبحون بحمد ربهم) هنا سبحانه و تعالى يصف الملائكة الذين يستفيضون من صفات العرش و ثم يُفيضونها على عباد الله المؤمنين ، (الذين يحملون العرش) أي مسؤولون عن فيضان صفات العرش أي صفات الله عز و جل ، لأن العرش هي مجموع صفات الله ، (الذين يحملون العرش و من حوله) أي الأنبياء و الأولياء و غيرهم من الملائكة يسبحون بحمد ربهم ، يسبحون بحمد الله عز و جل و ينزهونه كل حين ، و ينزهونه كل حين ، (و يؤمنون به) أي يؤمنون بالله سبحانه و تعالى و بصفاته و بفيوضه ، (و يستغفرون للذين آمنوا) أي أنهم يريدون الخير لغيرهم من المؤمنين ، (و يستغفرون للذين آمنوا) أي يطلبون الغفران للمؤمنين من غيرهم ، فيقولون : (ربنا وسعت كل شيء رحمة و علماً) أي أنك واسع الرحمة و واسع العلم ، (فاغفر للذين تابوا) أي تُب على الذين تابوا ، (و اتبعوا سبيلك) أي اتبعوا سبيل التوحيد ، (وقهم عذاب الجحيم) أي و لا تعذبهم في ظلمات الجحيم .
____
{رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} :
أيضاً و يقولون ، الملائكة إيه؟ المستفيضين من العرش ، اللي هم إيه؟ الحآفّين بالعرش أو حاملين العرش ، كذلك من حولهم من أنبياء و أولياء و مؤمنين و ملائكة آخرين ، يقولون : (ربنا و أدخلهم جنات عدن) أدخل المؤمنين جنات عدن أي أُعددن و مُهّدن عبر الأزمان فلا تنتهي تلك الجنات فيستفيضون من نعيم الله ، و مفتحة لهم الأبواب يدخلون جنة و ثم تفرغ فيدخلون إلى جنة تالية و هكذا في تعاقب لانهائي ، (ربنا أدخلهم جنات عدن التي وعدتهم و من صلح من آبائهم و أزواجهم و ذرياتهم) يعني اعمل لهم لَمّ شمل ، لَمّ شمل بمين/بمن بآباءهم المؤمنين و أزواجهم المؤمنين و ذريتهم المؤمنة ، كي تكتمل سعادتهم في الجنة ، (إنك أنت العزيز الحكيم) أنت عزيز أصل العزة ، تفيض من عزتك على من تشاء ، و حكيم أصل الحكمة ، تُعطي من حكمتك من تشاء .
____
{وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} :
و كذلك من دعاء المؤمنين و الملائكة : (وقهم السيئات) أي قي المؤمنين ، قِ المؤمنين السيئات أي آثار الذنوب ، (و من تق السيئات يومئذ فقد رحمته) يا ربنا الذي تَقِيه شر أعمالَه أو شر أعمالِه فلقد رحمته من العذاب ، لأننا نعلم أن الإنسان يُعذب بسيئاته المتمثلة في يوم القيامة و العياذ بالله ، (و ذلك هو الفوز العظيم) هذا هو الفوز العظيم يوم القيامة أن نكون في معية الله و أن نكون في إصطفاء الله عز و جل نعيش في الجنات المتتاليات مفتحة الأبواب ، ننتقل من جنة إلى أخرى في تعاقب لانهائي .
_____
و اختتم نبي الله الجلسة المباركة بقوله المبارك :
هذا و صلِّ اللَّهم و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم ، سبحانك اللهم و بحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك و أتوب إليك .
_______
و الحمد لله رب العالمين . و صلِّ يا ربي و سلم على أنبياءك الكرام محمد و أحمد و يوسف بن المسيح صلوات تلو صلوات طيبات مباركات ، و على أنبياء عهد محمد الآتين في مستقبل قرون السنين أجمعين . آمين .🌿💙
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق