درس القرآن و تفسير الوجه الثاني من الأحقاف .
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
أسماء أمة البر الحسيب :
- افتتح سيدي و حبيبي يوسف بن المسيح ﷺ هذه الجلسة المباركة ، و ثم قرأ أحد أبناءه الكرام من أحكام التلاوة ، و ثم قام نبي الله الحبيب بقراءة الوجه الثاني من أوجه سورة الأحقاف ، و استمع لأسئلتنا بهذا الوجه ، و ثم شرح لنا يوسف الثاني ﷺ هذا الوجه المبارك .
بدأ نبي الله جلسة التلاوة المباركة بقوله :
الحمد لله ، الحمد لله وحده ، الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده و بعد ، لدينا اليوم الوجه الثاني من أوجه سورة الأحقاف ، و نبدأ بأحكام التلاوة و رفيدة :
- من أحكام النون الساكنة و التنوين :
الإدغام و حروفه مجموعة في كلمة (يرملون) أي أنه إذا أتى بعد النون الساكنة أو التنوين حرف من حروفها , و هو نوعان : إدغام بغنة و حروفه مجموعة في كلمة (ينمو) . و إدغام بغيير غنة و حروفه (ل ، ر) .
و الإخفاء الحقيقي حروفه في أوائل الكلمات من الجملة الآتية (صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما دُمْ طيباً زد في تقى ضع ظالماً) .
______
و ثم تابع نبي الله يوسف الثاني ﷺ الجلسة بشرح الوجه لنا فقال :
طيب ، يقول تعالى في هذا الوجه العظيم من سورة الأحقاف :
{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ} :
(و إذا تُتْلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين) هكذا سبحانه و تعالى يُبَين حال الأمم التي لابد و يُرسَل فيها النبيون ، فأكثرهم معرضون يقولون : هذا سحر مبين ، يقولون لمن؟ للحق الذي جاءهم ، و الحق هو النبي و رسالته التي أُرسلت من الله الحق ، (و إذا تُتْلى عليهم آياتنا بينات) أي مُفَصَّلَات مُفَصِّلات ، تدعو للتدبر و الخشوع و التذكر و التذكرة ، (قال الذين كفروا) هكذا هم في كل أُمة يُبعث فيها نبي ، (قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين) أي كذب عظيم و خداع عظيم ، لماذا يقولون ذلك؟ لأن الحق المطلق الذي يأتي مع النبي من لدن الله تعالى في رسالته لابد و أن يقضي على مصالحهم الدنيوية ، لابد و أن يقضي على مصالحهم الدنيوية ، لماذا؟ لأنه هكذا كُبراء القوم يظلمون لكي يتسلطوا و يحكموا الفقراء و المساكين ، هكذا يأتي الحق ليُحارب جشع المتكبرين ، فَهُم لا يريدون أن يُحارَبوا في دنياهم ، هكذا هو الحق من الله ، يُحارِب الظلم و ينصر العدل ، و هكذا أهواء الكفار دائماً و هم الأكثرية لا يريدون للعدل أن يسود ، لأنهم يريدون أن يستمروا في السيطرة على باقي الشعب من الفقراء و المساكين و المُعدَمين و المضطهدين ، فهكذا كل نبي هو ثورة للحق في زمنه .
_____
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} :
(أم يقولون افتراه) يعني يتعجب الله سبحانه و تعالى ، و يقولون ، أم يقول هؤلاء الكفار أن هذا النبي إفترى تلك الرسالة و تلك الدعوة من لدن الله ، فيقول تعالى مُردِفاً عليهم : (قُلْ) أي يا أيها النبي ، (إن افتريته) أي إن كذبته من عندي و ليس من عند ربي ، (فلا تملكون لي من الله شيئاً) أي أن عقابي بيد الله و لن تستطيعوا أن تدفعوا عقاب الله عني ، (هو أعلم بما تُفيضون فيه) الله سبحانه و تعالى أعلم بما تفيضون فيه من لغو و لعب و عبث و إبطال لشريعته سبحانه و تعالى و هو كفيل بعذابكم في الدنيا و الآخرة ، (هو أعلم بما تُفيضون فيه كفى به شهيداً بيني و بينكم) هكذا الله هو الشاهد ، فالحل هو أن نسأل الشاهد ، من هو الشاهد و من هو الوكيل و المُراقب؟ الله ، إسأل الشاهد يُجِبك ، هذا هو الحل ، (كفى به شهيداً) أي أنه شهيد ، أي شاهدٌ و كفى به شاهد على صدق الإرسال ، (كفى به شهيداً بيني و بينكم) أي بيني أي أنا النبي و بينكم أي القوم المبعوث فيهم ذلك الرسول العارف بالله ، (و هو الغفور الرحيم) الله سبحانه و تعالى غفور يغفر لمن يشاء ، رحيم يغفر و يرحم المؤمنين .
_____
{قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} :
(قُلْ ما كنت بِدْعاً من الرسل) هكذا دليل على أن الإرسال هو سُنة من لدن الله عز و جل و أن النبي محمد ﷺ ليس بِدعاً أي ليس أمراً شاذاً عن سُنة الإرسال التي سنها الله سبحانه و تعالى في كل الأكوان السابقة و الآتية ، و هذا الكلام عليه قرينة و دليل في هذا الوجه المبارك(أقصد الوجه التالي ) ، سنأتي إليه الآن ، (قُلْ ما كنت بِدْعاً من الرسل و ما أدري ما يُفعل بي و لا بكم) أي أنني إنسان عادي ، بشر عادي ، لا أدري المستقبل إلا ما يُعطيني الله سبحانه و تعالى من علم الغيب ، (و ما أدري ما يُفعل بي و لا بكم) أي أنني مُسَلم أمري لله ، لا أعلم الغيب إلا ما أخبرني الله سبحانه و تعالى من أمور ، (إن أتبع إلا ما يوحى إليَّ) نعم ، لا أدري إلا ما يُوحى إليَّ من ربي و هو الذي أقوله لكم أولاً بأول ، (إن أتبع إلا ما يوحى إليَّ و ما أنا إلا نذير مبين) أنا أُخوفكم من لدن الله و أُحذركم من عذاب الله كي لا تتظالموا فيما بينكم و كي تُرسوا العدل في مجتمعاتكم ، (و ما أنا إلا نذير مبين) أي مُفَصِّل ، هكذا كل نبي هو نذيرٌ مُحذّرٌ لقومه من عاقبة الظلم .
_____
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} :
(قُلْ أرأيتم إن كان من عند الله و كفرتم به) هنا يُحذرهم النبي و يُخاطب نفسياتهم علّهم يرجعون ، فيقول لهم : ضعوا إحتمال و لو بسيط أنني من عند الله سبحانه و تعالى و مع ذلك تكفرون ، فما هو حالكم و ما هو مآلكم في الدنيا و الآخرة ، هكذا يُخوفهم و هكذا يعظهم ، عَلَّهم يخشعون و عَلّهم تلين قلوبهم لله سبحانه و تعالى فينتهوا عن الظلم فيما بينهم ، (قُلْ أرأيتم إن كان من عند الله و كفرتم به و شهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن و استكبرتم) ، (و شهد شاهد من بني إسرائيل) لها معنيان : المعنى الأول أنه موسى -عليه السلام- ، (و شهد شاهد من بني إسرائيل على مثله) أي على محمد ، أي أنه سيأتيه نبي مثيله في مستقبل الزمان ، سيأتي نبي مثيل لموسى في مستقبل الزمان كموسى بني إسرائيل ، وفق نبوءة التوراة : [أُخرج لهم من بين إخوتك مثيلاً لك ، و أجعل كلامي في فمه ، /أُخرج لهم من بين إخوتهم مثيلاً لك ، و أجعل كلامي في فمه] ، و هو محمد ﷺ ، (قُلْ أرأيتم إن كان من عند الله و كفرتم به و شهد شاهد من بني إسرائيل على مثله) المعنى الثاني هو مؤمن آل فرعون الذي حذر قومه من أن يكفروا بموسى -عليه السلام- ، (و شهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن و استكبرتم) أي آمن النبي أو آمن المؤمن ، أي شاهد بني إسرائيل أو مؤمن بني فرعون ( و نُسِب لبني اسرائيل هنا لعلة الإيمان في وقته )، (و استكبرتم) أي كفرتم و تكبرتم عل نبي الزمان ، (و شهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن و استكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) الله سبحانه و تعالى لا يُعطي الهداية ، أي هداية القلب لكل من ظلم ، بل يُعطي الهداية لمن استغفر و أناب و خشع إلى الله تعالى .
_____
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} :
(و قال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ما سبقونا إليه) هكذا هي حُجة و مبرر الكفار لكفرهم ، أي أن هذا الإيمان ما كان ليكون صحيحاً لأن ضعفاء القوم و أراذل القوم هم الذين إلتحقوا بذلك الإيمان و بذلك النبي ، و لولا أنه ليس بشيء و هو أمر غير ذي بال ، لما كان أؤلئك الضعفاء آمنوا بتلك الرسالة ، فهكذا هي حُجة كفار كل قوم ، (و قال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ما سبقونا إليه) يعني يَدَّعون أنهم يعرفون الحكمة و يستطعيون أن يصلوا إليها أو أن يصلوا إليها قبل أراذل القوم حسب ما يَدَّعون ، (و إذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم) يعني حتى لو الضعفاء لم يؤمنوا فسيكون هناك حُجة أخرى للمتكبرين و الكفار فيقولون : هذا إفك قديم ، أي إفك أتى قبل ذلك أي أن هكذا دائماً يأتي إرسال في كل زمان مضى سمعنا به ، فتكفر به الأقوام و تَرُده الأقوام فلا تؤمن به ، (هذا إفك قديم) يعني تعودنا/إعتدنا أنّ هذا يحدث كل زمن ، يأتي رجل يَدَّعي أنه يتصل بإله واحد و يَدَّعي النبوة و يُعطينا تعليمات عن الصح و الخطأ ، فيُعطينا وصايا عن الحق أن نتبعه و عن الباطل كي نجتنبه ، فهذا إفك قديم ، و قولهم هذا هو من باب الإستهزاء المبطن ، (و قال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ما سبقونا إليه و إذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم) هكذا البشر يتظالمون فيما بينهم و ما الحروب التي تحدث عبر التاريخ إلا بسبب الظلم و الإستكبار ، و كل قوم و كل عنصر و كل فئة تريد ان تسيطر على الأخرى و تريد أن تسيطر على ثروات الفئة الأخرى ظلماً و علواً ، فهذا هو أساس الظلم بين البشر ؛ الطمع و الأنانية .
_____
{وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ} :
(و من قبله كتاب موسى إماماً و رحمة) أي (و من قبله كتاب موسى إماماً و رحمة) أي التوراة و رسالة الله سبحانه و تعالى لموسى الذي هو مثيل محمد ﷺ ، (إماماً) أي قدوة يُقتدى به ، (و رحمة) هكذا رسالة الأنبياء من الله سبحانه و تعالى هي رحمة للمجتمعات لكي يكفوا عن الظلم و يتراحموا فيما بينهم ، (و قال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ما سبقونا إليه و إذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم ¤ و من قبله كتاب موسى إماماً و رحمة) أي من قبل القرآن ، كتاب موسى إماماً و رحمة ، (و هذا كتاب مصدق) يعني على نظير كتاب موسى لكنه أفضل من كتاب موسى و هو مهيمن على كل الكتب ، (و هذا كتاب) أي رسالة ، (مصدق لساناً عربياً) أي باللسان العربي ، (لينذر الذين ظلموا) من أُمة محمد ، (و بُشرى للمحسنين) بُشرى لمن قَدَّمَ الذِبح العظيم و هو الإحسان و هو أعلى مراتب الدين ، و هو أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، أي تعتقد أنه يراك في كل خطوة تخطوها .
_____
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} :
(إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) هكذا في كل الأمم و في كل العصور و في كل الأزمان ، (إن الذين قالوا ربنا الله) أي وحدوا الله ، (ثم استقاموا) أي ساروا على الطريق المستقيم ، (فلا خوف عليهم) في الدنيا و الآخرة ، (و لا هم يحزنون) لا يأتيهم الحَزن و خصوصاً يوم القيامة حينما يكون الخوف العظيم و الحزن الكبير ، فالضامن للسعادة و الأمن من الخوف و الحزن : التوحيد ثم الإستقامة أي الإيمان يتبعه العمل الصالح ، (إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر) .
_____
{أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} :
(أؤلئك أصحاب الجنة خالدين فيها) أصحاب الجنة أي الذين يرثونها ، (خالدين فيها) أي يستمرون في الجنات المتتاليات مفتحة لهم الأبواب ، (جزاء بما كانوا يعملون) أي جزاء أعمالهم لأن تلك الجنات ما هي إلا تمثل لأعمالهم الصالحة في دار التكليف ، حد عنده سؤال تاني؟؟ .
______
و اختتم نبي الله الجلسة المباركة بقوله المبارك :
هذا و صلِّ اللَّهم و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم ، سبحانك اللهم و بحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك و أتوب إليك .
_______
و الحمد لله رب العالمين . و صلِّ يا ربي و سلم على أنبياءك الكرام محمد و أحمد و يوسف بن المسيح صلوات تلو صلوات طيبات مباركات ، و على أنبياء عهد محمد الآتين في مستقبل قرون السنين أجمعين . آمين .🌿💙
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق