راية المسيح الموعود

راية المسيح الموعود

الأحد، 20 أبريل 2025

نقاش مع زميلي اللاأدري الجولة الثالثة

 

نقاش مع زميلي اللاأدري الجولة الثالثة 
::::::::::::::::::::::::::::::::::
يوسف بحر الرؤيا
نقاش مع زميلي اللاأدري الجولة الثالثة
::::::::::::::::::::::::::::::::::
الجزء الأول من الجولة الثالثة
يقول زميلي اللاأدري :
كيف يكون هناك إله و هو الآن على الأقل في عصرنا كما أشاهد هو غير مكتمل الحجة !! علمنا أنّ هناك آلاف الأديان , من منها هو الصحيح ؟ و هل هناك إله أصلاً ؟ الناس حيارى و في تيه فأين هي حجته البالغة ؟ لو كان هناك إله و هناك حساب و يوم آخر فسأقول له إنّ حجتك لم تكتمل في عصرنا على أقل تقدير كما أشاهد و أرى لأننا اطلعنا على كافة الأديان و تناقضاتها و مذاهبها التي تكفر بعضها و تحارب بعضها , سأقول له أين تريدني أن أكون في هذا الخضم ؟ إنها كثير من الأمور المعوجّة و الشبهات و الحجب كما تقول و يقول مدّعوك , فأين هو كمال عدلك في دنيانا الدال على كمال عدلك في أخرانا إن كانت لنا أخرى ؟ !
ستقولون لي استمع لوحي الله !!
فأقول إنّ الوحي هو صرخة الإنسان في وجه الصمت… لا صوتًا من السماء ,
إن كان هناك إله كامل، فإن أول ما يقتضيه كماله هو أن يكون تواصله مع خلقه على قدر الكمال المطلق: وضوحًا، عدلًا، وإقناعًا. فالكامل لا يُنتج رسالة تُورث الحيرة، ولا وحيًا يُنتج المذاهب، ولا خطابًا يُفضي إلى الحرب والاختلاف والقتل باسم التأويل.
فكيف يُعقل أن يدّعي أحدهم أن رسالة الله قد وصلت إلى الناس ثم تفرّقوا فيها شيعًا ومللًا وطوائف متناحرة؟
كيف يُعقل أن خطابًا إلهيًا يُفترض أن يكون أوضح من الشمس، يحتاج إلى تفاسير، شروح، تأويلات، رجال دين، مدارس كلامية، ومجالس مناظرة تُقتل فيها الحقيقة باسم الله؟
إن الرسالة التي لا تُفهم إلا بشرح، وتحتاج إلى وسيط يشرح الوسيط، ويحتاج إلى متكلم يُشرح كلام المفسر… فهي ليست رسالة إلهية، بل مشروع ارتجالي فاشل لا يليق بمطلق.
وإذا كان الناس قد تساءلوا لماذا لم يُرسل الله ملائكة فليس ذلك اعتراضًا سخيفًا كما يُوهم الفقهاء، بل سؤال عقلاني جوهري يُفجّر هشاشة الفرضية نفسها لو كان من الممكن تخيّل وسيلة أكثر وضوحًا وعدلًا واتساقًا لتوصيل الحقيقة، فإن نسبة الرسالة إلى إله كامل تصبح سقطة عقلية لا تُغتفر.
لأن كل ما يحتاج إلى تبريرٍ طويل، وتأويلٍ مُعقّد، وتفسيرٍ بشري، إنما هو خطاب ناقص. وكل خطاب ناقص لا يصدر عن كمال. وكل ما يصدر عن النقص، يفضح صاحبه لا يُمجّده.
فما هذا الإله الذي يُفترض أن يكون مطلق القدرة والبيان، ثم يُفشل أهم مشروع له: إبلاغ الإنسان بالحقيقة؟
أي عجزٍ هذا الذي يستدعي الطبقات البشرية لتُرمم خلل الرسالة؟
أي كمال هذا الذي يُنتج نصوصًا متناقضة، مفتوحة التأويل، وقابلة للتوظيف في كل شيء، من التسبيح إلى الذبح؟
إن الوحي لا يثبت وجود الله، بل يفضح غيابه.
بل إن فكرة الوحي نفسها ليست دليلاً على وجود الله، بل على حاجة الإنسان إلى وهم السلطة المتعالية، خوفًا من الفراغ الوجودي.
فلو كان الله حقيقيًا، لما احتاج إلى إرسال بشر، بلغات محدودة، في أزمنة ضيقة، برسائل مليئة بالاحتمالات… بل كان يكفيه أن يجعل الحقيقة واضحة في الوجود ذاته، دون وسيط، دون نصوص، ودون أن نقتل بعضنا باسم ما قصده الإله.
الوحي لا يدل على الحقيقة، بل على قلق الإنسان في البحث عنها.
الوحي ليس خطابًا نازلًا من السماء… بل صرخة الإنسان في وجه الصمت الوجودي، حين لم يجد من يجيبه.
فحين تسكت الحقيقة، يتكلم الخيال
.
==========================
الرد على الجزء الأول من الجولة الثالثة من نقاش مع زميلي اللاأدري :
يا زميلي اللاأدري , ألم أخبرك مرارا و تكرارا عن الأدلة الأربعة المشيرة و الدالة على وجود الله تعالى , حتمية بدء الخلق من العدم بواسطة المسبب الأول و هو الله , تحقق النبوءات و بعث الأنبياء , استجابة الدعاء و الرد على الاستخارات , و الكارما اي ان الجزاء من جنس العمل في الدنيا . كل تلك قرائن تنفي شكك و تؤكد على وجود الله . هذه القرائن تشكك في شكك و تزيله من جذوره و ما ظننته عدم اكتمال عدل ربما كان اختبارا من الله لنترقى في الدرجات و ليذكي به قانون التدافع المقدّس . فإن كنت في شك فما أقوله لك هو تشكيك في الشك . و لو كان هناك أشخاص لم تصلهم الحجة الكاملة فالله يضع ذلك في الاعتبار و لن يحاسبهم بل سيعطيهم العذر على ذلك .

 =================================================

 


الجزء الثاني من الجولة الثالثة :

يقول زميلي اللاأدري :

غريب أمر المسيحي الذي يُطالبك اليوم بالمساواة والتسامح، بينما تاريخه مكتوب بالنار والبارود باسم الصليب و أي مساواة هذه التي يُبشِّر بها من أحرق الشعوب ونهب الحضارات وأباد ملايين الأرواح تحت راية المخلّص؟ و لماذا أُحرقت قرى الهنود الحمر بالنار المقدسة؟ و لماذا كانت الكنائس تصلي شكراً للرب بعد كل مذبحة جماعية؟ و لماذا كان الصليب يُرفع فوق جماجم السكان الأصليين في أمريكا، وكأن الدم البشري قربان لترسيخ الملكوت؟

من الذي علّق أناجيل المحبة على أفواه البنادق؟
من الذي بشّر بالسلام، ثم أرسل السفن المسلحة لتعليق التبشير على شفرة السيف؟
من الذي نشر المسيحية بالرصاص والنار، ثم يصرخ اليوم بأنه دين محبة وسلام؟ لا، أنتم لستم دعاة سلام… أنتم ورثة إمبراطوريات دموية غطّت جرائمها بوشاح الموعظة على الجبل.
من أحرق حضارة كاملة كحضارة المايا والأزتيك، وأباد عشرات الملايين باسم الخلاص لا يحق له أن يُحدثنا عن القيم و إذا كانت المذابح رد فعل، فلماذا لم يكن الإنجيل ردّاً على الظلم بل شريكاً له؟
إذا كانت الحملات الصليبية مجرد دفاع، فهل إبادة القارات دفاع أيضاً ؟
أنتم لا ترفعون الصليب… أنتم ترفعون خنجراً مغطّى بجلد قديس ومن يحمل ذاكرة القتل لا يحق له أن يُنظِّر للرحمة.
ومن يقف على تلال من العظام لا يمكنه أن يزعم الإنسانية
.
===========================

الرد على الجزء الثاني من الجولة الثالثة من نقاش مع زميلي اللاأدري :

يوسف بحر الرؤيا
أتفق مع هذا الطرح جملة و تفصيلا , كذلك أوجّه الموعظة لأمثالهم من المسلمين على مر التاريخ . 


======================================================

 

 ========================

الجزء الثالث من الجولة الثالثة :
يقول زميلي اللاأدري :
إن كان الإله ـ كما يُزعم ـ يعاقب بالتعذيب الجسدي: بالنار، بالسلاسل، بالحرق، بالسلخ، وبصوت الزبانية… فكيف تُطالبوننا بإزالة العنف من المدارس والبيوت والمجتمعات؟

كيف يُمنع الأب من ضرب ابنه، والمعلم من صفع تلميذه، والمجتمع من تأديب أفراده، بينما الإله نفسه يُقدَّم كرمز مقدّس للبطش والترويع؟

كيف تنادون بالرحمة والتربية اللاعنيفة، وأنتم تُربّون الأطفال على إله يحرق من خالفه، ويخلّد جسده في العذاب الأبدي؟
أي انفصام أخلاقي هذا؟

لا يمكن أن تُبنى ثقافة تُدين العنف، بينما تُمجّد كائنًا يُعرّف نفسه بـ أشد المعاقِبين

فما دام النموذج الأعلى في الوعي الجمعي يُعاقب بالنار، فلا تتوقعوا من الأب أن يُربّي بالحوار

=========================

الرد على الجزء الثالث من الجولة الثالثة من نقاش مع زميلي اللاأدري :
يوسف بحر الرؤيا
قلت له : سؤالك مهم جدًا، ويعكس بالفعل تعقيدًا فلسفيًا وأخلاقيًا عميقًا يتكرر في النقاشات بين المؤمنين واللاأدريين أو الملاحدة . والسؤال الذي تطرحه مشروع من حيث الطرح الأخلاقي ، لكنه يحتاج إلى تفكيك وإعادة بناء المفاهيم أولاً ، ثم النظر في السياقين : الإنساني والإلهي، قبل الحكم عليهما بالمساواة.

و ردي عليك سوف يكون عقليا تربويا متزناً و مركّباً :
 أولًا: هناك فرق الجوهري بين الله والإنسان

فالله في العقيدة الإسلامية ليس كائنًا بشريًّا يتصرّف كما يتصرّف الناس. بل هو:

    الخالق المطلق، الذي خلق الإنسان من العدم وأعطاه حرية الإرادة.

    العالم بالسر والعلانية، يعلم ما في الصدور، وما يصلح كل إنسان.

    الحاكم العادل المطلق، الذي يُقيم العدل المطلق، ويزن الأعمال بميزان دقيق لا يخضع لأهواء أو مصالح.

    إذًا، مقارنة فعل الإله بفعل الأب أو المعلم مغالطة في المنطق الفلسفي تُعرف بمغالطة المساواة بين غير المتساويين (Category Mistake).

 ثانيًا: الوعيد الإلهي ليس تربويًا، بل قضائي وعدلي

فالعقاب في الآخرة ليس وسيلة تربوية لتقويم الناس كما هو الحال في البيت أو المدرسة، بل هو جزاء بعد الفرصة الكاملة و لو كانت فرصته غير كاملة فلن يحاسبه الله تعالى بل سيرحمه لأنّ الرحمة هي الأصل:

    الإنسان في الإسلام يُمهَل طوال حياته.

    يُنبّه بالرسل والكتب والعقل والضمير.

    العقوبة لا تأتي إلا بعد الاختيار الحر الكامل والمكابرة على الحق.

    وهذا يختلف جذريًا عن العقاب التربوي الذي يقع على طفل لا يملك النضج أو الحرية الكاملة.

 ثالثًا: هل العذاب الإلهي مَرض نفسي أم ضرورة عدالة؟

فأقول لك أنه إذا كنتَ تؤمن بأن العدالة تقتضي محاسبة الظالم، فماذا عن من:

    قتل الملايين ظلما مثل هتلر و غيره , ماذا عن

    استعباد الشعوب، حرق الأطفال، اغتصاب النساء، نشر الشر بدم بارد؟

هل ترى أن عدم وجود حساب لهم هو منتهى الرحمة؟
أم أن وجود عدالة إلهية تُنصف المظلوم وتُحاسب الظالم هو قمة الأخلاق؟

    إذًا، الله لا يُعاقب "من خالفه"، بل يعاقب من أفسد وتمرّد وكذب وتجبّر وأعرض بعد العلم والفرصة.

 رابعًا: من قال إن الإسلام يُربي على الإله المرعب فقط؟

التربية الإيمانية القرآنية تبدأ بـ "بسم الله الرحمن الرحيم"، وتكرر:

    ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾

    ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ﴾

الله في القرآن:

    غفورٌ رحيم أكثر من 300 مرة.

    شديد العقاب: عشرات قليلة.

    الرحمة مقدّمة، والعقوبة مآل للمعاند المصر.

    وهذا التوازن ضروري في تربية الوجدان: لا يُربّى الطفل على "الإله المرعب"، بل على الإله الرحيم العادل.

 خامسًا: هل الدين الإسلامي يُبرر العنف الأسري أو التربوي؟

    الإسلام حرّم الضرب المبرح، وأوصى بالرحمة.

    و التربية بالحوار والموعظة والقدوة هي الأصل.

فالخلط بين العدالة الأخروية والتأديب التربوي هو مغالطة، وكل نظام أخلاقي عادل لا بد أن يحتوي فكرة المحاسبة بعد الاختيار الواعي.
أقول لك أنّ في النهاية:
  العقاب الإلهي ليس نموذجًا يُستنسخ في التربية، بل هو مظهر من مظاهر العدالة الكونية التي تقع بعد استنفاد الفرص , أما نحن كبشر، فمأمورون بالتربية بالحكمة والموعظة . والخلط بين الإله العادل والأب المربّي مغالطة منطقية تهدم جوهر المفارقة بين الله والإنسان."


=========================

الجزء الرابع من الجولة الثالثة :

يقول زميلي اللاأدري :

بما أن الله قد خلق آدم بيديه
هل هذا يعني أن آدم قد لمس الله؟
فأقول لنفسي أنّ سؤالك عن اللمس وجيه، لكنه لا يُقارن بإشكالية أعمق بكثير إذا كان الإله قد نفخ في آدم من روحه فالسؤال ليس فقط هل آدم لمس الله؟ بل هل آدم حمل جزءًا من ذات الله؟

==========================
الرد على الجزء الرابع من الجولة الثالثة من نقاش مع زميلي اللاأدري :
يوسف بحر الرؤيا
قلت له :  
قول الله: "خلقتك بيدي"
    هذا من ألفاظ التشريف لا من ألفاظ التجسيم.
    اليد في النصوص تُفهم على وجه يليق بالله بلا تشبيه ولا تمثيل و نؤولها على أنها القدرة .
كما لا يلزم من قوله "إنك بأعيننا" أن الله له عين بالمعنى البشري.
بل معناها الرعاية و العناية .
قول الله: "ونفخت فيه من روحي"
    "من روحي" لا تعني أن الروح جزء من ذات الله  , بل تعني أعطيتك الوحي و الحكمة بعد ان استويت فاستحققت وحيي و وصالي ,
فالله ليس جسماً حتى يُلمس،
    وليس ذاتا مركّبة حتى تتجزأ،
    وليس كمثله شيء.
فتساؤلك باطل لأنّ سؤالك قائم على إسقاط التصور البشري المادي على الإله المتعال عن الزمان والمكان والحدود.
==========================

الجزء الخامس من الجولة الثالثة :

يقول زميلي اللاأدري : هل يستطيع الله أن يخلق إلهًا آخر مثله؟ – هل يستطيع أن يفني نفسه؟ – هل يستطيع أن يخلق حجرًا لا يستطيع حمله؟ – هل يستطيع خلق إنسان أقوى منه؟ – هل يستطيع خلق كائن يعلم الغيب مثله؟

============================================

الرد على الجزء الخامس من الجولة الثالثة من نقاش مع زميلي اللاأدري :
قلت له :

هذه الأسئلة التي تطرحها  ليست جديدة، بل تُطرح منذ قرون في الفلسفة والدين، وغالبًا ما تُصاغ بهذه الطريقة لمحاولة الطعن في منطق "القدرة المطلقة"، لكن الرد عليها ممكن ومنطقي ومتماسك إذا فُهِم معنى "القدرة الإلهية" في السياق الديني الإسلامي

أولًا: مقدمة مهمة

في العقيدة الإسلامية، قدرة الله مطلقة، لكنها:

 مرتبطة بالحكمة،
ومتعلّقة بالممكن عقلاً،
وليست متعلّقة بالمستحيل ذاتًا أو الممتنع منطقيًا.

 أي: الله لا يفعل العبث ولا اللغو ولا التناقضات المنطقية، لأنّها نقص، والله منزه عن النقص.

 الرد على الأسئلة واحدًا واحدًا:

1. هل يستطيع الله أن يخلق إلهًا آخر مثله؟

  • هذا السؤال باطل منطقيًا. الإله الحق لا يكون مخلوقًا.

  • "إله مخلوق" = تناقض لفظي، كأن تقول "مربع دائري" أو "أعزب متزوج".

  • فالسؤال نفسه مثل: "هل يستطيع الله أن يصير غير إله؟"، وهذا تناقض، لا سؤال مشروع.

2. هل يستطيع أن يفني نفسه؟

  • هذا أيضًا تناقض منطقي.

  • الله واجب الوجود بذاته، أزلي أبدي لا بداية له ولا نهاية، والعدم يناقض الذات الإلهية.

  • ففناء الله يعني زوال الوجود كله، لأن كل ما سواه قائم به.

3. هل يستطيع أن يخلق حجرًا لا يستطيع حمله؟

  • هذا السؤال أيضًا وهمي/عبثي:

    • "كلّي القدرة" لا يمكن أن يُهزم بخلقه.

    • فإن خلق حجرًا لا يستطيع حمله، فقد نقصت قدرته.

    • وإن لم يستطع خلقه، فقد نقصت قدرته.

لكن في الحقيقة، القدرة لا تتعلّق بالمستحيلات المنطقية، بل بالفعل المعقول.

 فالسؤال يشبه من يسأل: "هل يمكن لله أن يكون عاجزًا؟"… هذا ليس سؤالًا، بل مغالطة.

4. هل يستطيع خلق إنسان أقوى منه؟

  • نفس الجواب: كل ما عدا الله مخلوق ضعيف.

  • القوة الإلهية لا يُضاهِيها شيء.

  • فكرة أن المخلوق يصبح أقوى من خالقه = تناقض ذاتي.

5. هل يستطيع خلق كائن يعلم الغيب مثله؟

  • العلم الإلهي ذاتي لا يُكتسب ولا يُعلّم.

  • خلق كائن يعلم كل شيء في كل زمان ومكان = يعني وجود إله ثانٍ = تناقض وتعدّد آلهة = ما ينفيه التوحيد والعقل معًا.

الخلاصة الفلسفية:

قدرة الله متعلّقة بالممكن، لا بالمستحيل.

الله لا يفعل التناقضات ولا العبث، لأنه كامل، والكمال لا يجتمع مع السفه أو النقص.

 فالأسئلة التي تصاغ على شكل: "هل يستطيع الله أن يفعل كذا الذي يخرق صفاته؟"
هي في الحقيقة أسئلة باطلة منطقيًا، وليست اعتراضات عقلية حقيقية.

===================================================

فقال لي : فهل الإله خاضع للعقل الذي خلقه؟ أم أن العقل فوقه؟ وإذا كانت قدرته لا تشمل المستحيلات العقلية، فأين هي إطلاقية هذه القدرة؟
قلت له : 

سؤالك  ذكي وذو نَفَس فلسفي، لكنه يحمل خلطًا في المفاهيم بين:
"خضوع الإله" و**"اتساق الذات الإلهية"**.

دعنا نفكك السؤال بهدوء:

 أولًا: هل الإله خاضع للعقل الذي خلقه؟

الجواب ببساطة:

لا. الله ليس خاضعًا للعقل، بل هو خالق العقل.
لكن القاعدة هي:

الله لا يفعل ما يناقض ذاته.

 حين نقول إن الله لا يفعل "المستحيلات العقلية"، فهذا ليس خضوعًا لشيء خارجي عنه، بل لأن:

  • المستحيل العقلي (كاجتماع الضدين، أو وجود الشيء ونفيه في آن واحد)

  • هو لا شيء أصلاً، لا وجود له، ولا يمكن أن يكون موضوعًا للفعل أو القدرة.

 فـ"القدرة" تتعلّق بـ"ممكن موجود"، لا بـ"وهم معدوم".

مثال:

لا يُقال عن الله "هل يستطيع أن يوجد دائرة مربعة؟"
لأن هذا مثل أن تسأل: "هل يستطيع أن يوجد رقمًا أكبر من كل الأرقام وأصغر منها جميعًا؟"
فالسؤال بلا معنى.

 ثانيًا: هل العقل فوق الله إذا كان هو الحاكم لما هو ممكن؟

السؤال هنا يخلط بين شيئين:

  • "العقل" كأداة معرفية عند الإنسان،

  • و"المنطق" أو "قوانين التناقض" كجزء من بنية التفكير.

 في الحقيقة، قوانين المنطق ليست كيانًا مستقلًا فوق الله، بل هي تعبير عن انسجام الحقيقة، والله أعلى منها لأنه خالق النظام والمعنى والحقائق نفسها.

فكما لا يُنسب إلى الله فعل القبح، ولا النقص، ولا الظلم،
كذلك لا يُنسب إليه العبث أو التناقض الذاتي، لأن التناقض ليس شيئًا يُفعل، بل خللٌ منطقي.

 ثالثًا: هل هذا يُنقِص من إطلاقية قدرة الله؟

أبدًا. بل العكس.

لو أن الله يفعل العبث أو التناقض، لكان ذلك نقصًا، لا كمالاً.
الإطلاق لا يعني أن يفعل الله كل ما يُتَخَيَّل،
بل أن لا يعجزه شيء من الممكنات،
وأن يفعل ما يشاء بحكمة وكمال واتساق.

فالله قادر على كل شيء...
  لا تعني: على التناقض.
  بل: على كل شيء ممكن ومخلوق ومتّسق.

الخلاصة:

  • الله ليس خاضعًا للعقل البشري ولا للمنطق كسلطة فوقية.

  • بل هو خالق النظام والعقل والمنطق.

  • وكونه لا يفعل التناقضات، هذا من كماله لا من نقصه.

  • فالأسئلة التي تطلب منه فعلًا يناقض ذاته ليست أسئلة عن القدرة، بل تشويش لغوي ومنطقي.

======================================================

الجزء السادس من الجولة الثالثة :

يقول زميلي اللاأدري :

اعلم أن مسألة الشر بابٌ من أبواب الهدم الكلي لأي دعوى تُنسب إلى الألوهية، لا سيما ما ادّعته النصارى في ألوهية المسيح، وما أضافوه إلى الرب من صفات التناقض في معرض التقديس.

فنقول :
إنّ الشر من حيث العقل  لا يخرج عن أحد طريقين لا ثالث لهما
إما أن يكون مخلوقًا لله، أو يكون مخلوقًا لغيره.

فإن قيل ليس من خلق الله، بل الشيطان هو الذي أوجده، قلنا قد أثبتم بذلك خالقا آخر مستقلَّاً عن الله، وجعلتم له فعلاً خارج سلطان الرب، فتعددت الخالقية، وفسد التوحيد، وثبت الشرك في بنية المعتقد نفسه ، وصار النظام الكوني محكوماً بإرادتين متنازعتين لا تتحدان ، وهذا عين مذهب المجوس.

وإن قيل بل الله خلقه، لكن لحكمة، قلنا الحكمة لا تُبرر نفي صفات الكمال عن الذات الإلهية ، و لا ترفع التناقض الناشيء عن خلق الشر من الخير المحض، فإنَّ من يخلق الشرَّ لا يُوصف بالخير المحض إلا إن قُبل التناقض الصريح.

وإن قيل الله لم يُرد الشر لكنه وقع ، فقد جُرِّدَت الإرادة من إطلاقها ، وسقطت صفة القدرة ، وصار الإله محكوماً بما لا يريد ، لا حاكماً لما يشاء ، ففُقِدَت السيادة ، وسقطت الألوهية فثبت من هذا أنّ النصارى في زعمهم يدّعون رباً لا يخلق الشر ، ولا يريده ، ولا يقدر على منعه ، ومع ذلك يعاقب خلقه على ما لا يخلقه ولا يريده!
فأي ظلم أعظم ؟ وأي تهافت أشنع ؟

ثم إنهم يقولون أنّ يسوع هو الخالق ، والكل به قد خُلق ثم يقولون الشر ليس من خَلقه ! فكيف يُجمع بين عموم الخلق وخصوص الإستثناء ؟ أين ذهب قولكم فإنه فيه خُلق الكل ما في السموات وما في الأرض…؟ أأُخرج الشر من الكل ؟ أم هو جزء من الكل ؟ فإن كان جزءاً فهو من خَلقه ، وإن لم يكن ، فقد نُقِضَت الكلية وسقط النص.

فانظر كيف تهافت قولهم إن أثبتوا الخلق للرب دون الشر، انتُقصت ربوبيته ،
وإن أثبتوا الخلق للشر ، نُقضت قداسته ،
 وإن أثبتوا فاعلاً آخر ، سقط توحيدهم.
فلا وجه يخرجهم من التناقض إلا بقبول أن عقيدتهم باطلة من أصلها.

وهكذا ثبت بدلالة العقل والبرهان أن الشر خنجرٌ في قلب ألوهية المسيح و غيره من الآلهة المعبودة ، لا يُنتزع إلا بنقض أُسس هذا المعتقد من الجذر

=========================================================

الرد على الجزء السادس من الجولة الثالثة من نقاش مع زميلي اللاأدري :
 

كلام زميلي اللاأدري ذكي ، متماسك من حيث الترتيب الجدلي ، ويستعرض إشكالًا فلسفيًا كلاسيكيًا يُعرف باسم مشكلة  أو معضلة الشر (The Problem of Evil)، وخصوصًا في سياق نقد المعتقد المسيحي . لكنه أيضًا يتضمن تعميمات خاطئة ، وقصورًا في فهم طبيعة الإله في الإسلام ، وهو ما سأوضّحه هنا بأسلوب منهجي:

 أولاً: الشر و مفهومه في العقيدة الإسلامية

الإسلام يعترف بوجود الشر ، لكنه لا يجعله شرًا مطلقًا من كل وجه ،  بل :

 "الشر" شيء نسبي في كثير من حالاته.
  والله سبحانه يخلق الشر لحكمة ، وليس لكونه يحب الشر أو يُرضيه.

قال تعالى:
﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ – [الفرقان]
﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ﴾ – [الفلق]
↩ أي أن "الشر" مخلوق لله، لكن يُستعاذ منه لأنه اختبار لا محبوبية ذاتية له .

 ثانيًا: هل الشر ينقض كمال الله؟

لا ، والسبب أن :

  1. كمال الله لا يقتضي أن لا يخلق شيئًا مؤلمًا أو مكروهًا ، بل أن يكون فعله في غاية الحكمة ، والعدل ، والرحمة في المحصلة النهائية .

  2. الله يُقدّر الشر ليُستخرج من خلاله الخير الأعظم ، مثل :

    • التوبة بعد الذنب

    • الشجاعة بعد الابتلاء

    • العدل بعد الظلم

    • الإيمان بعد الكفر

  3. وجود الشر في عالم الابتلاء لا يُنافي الرحمة الإلهية ، لأن الحياة الدنيا ليست دار جزاء ، بل دار اختبار .


 ثالثًا: زميلي خلط بين ثلاث رؤى :

1. الخَلق

كل شيء – الخير والشر – من خَلْقِ الله .

2. الرضا والمشيئة

الله لا يرضى بالشر من حيث كونه شرًا ، لكنه يأذن بوجوده لحكمة .

3. الجزاء

لا يُحاسب الله إلا من اختار الشر بإرادته ، فلا ظلم .

فالذي يسرق لا يُقال إن الله "أجبره على السرقة"،
بل يُقال: الله أعطاه القدرة على الاختيار، واختار الشر، فكان مستحقًا للعقوبة.

 رابعًا: الرد على تشبيهه بالمجوس

زميلي يقول: "لو قلنا إن الشيطان يخلق الشر ، لثبت تعدد الخالقين!"
وهذا صحيح، ولا نقوله نحن .
الشيطان لا يخلق شيئًا، بل يوسوس، ويزين، ويُجَرّب.
والإنسان هو الفاعل  ,

تمامًا كما يخلق الله السم في الأفعى ، ويأذن بوجوده ،
لكن من يشربه مختارًا ،  فلا يلومنَّ إلا نفسه .

 

خامسًا: تناقض النصارى مقارنة بموقف الإسلام

زميلي أحسن حين بيّن التناقض في العقيدة النصرانية ، وهذا معروف :

  • يقولون: الإله محبة خالصة ، ثم يُعذّب الخلق إلى الأبد.

  • ويقولون: يسوع هو الخالق ، ثم الشر ليس من خلقه.

  • ويؤمنون بتجسّد الإله ، ثم يُقتل ويُصلب… إلخ.

لكن هذا لا ينطبق على العقيدة الإسلامية، بل :

 التوحيد محفوظ.
  الحكمة في الخلق واضحة .
و الشر مُفسَّر ضمن منظومة الاختبار والعدل الإلهي.

 الخلاصة:

  • نعم، الشر يُشكّل تحديًا فلسفيًا ، لكنه لا يهدم فكرة الإله العادل الكامل ، بل يثبتها إذا فُهِم في سياق الابتلاء والاختيار والجزاء.

  • الإسلام لا يزعم وجود إله عاجز عن الشر ، ولا إله لا يخلق الشر، بل :

"الله يخلق الخير والشر لحكمة، ويأمر بالخير، وينهى عن الشر، ويجزي كليهما بالعدل." فهناك فرق بين ارادة الله الشرعية و هي ما يحب و بين ارادته الكونية التي هي ضرورة لاكتمال الاختبار .

مشكلتك ليست مع "الله" بقدر ما هي مع تصوّرات مشوّهة عن الإله.
فالله في الإسلام لا يُحاكَم كمخلوق، ولا يُفترض فيه أن يفعل ما نحب دائمًا، بل أن يفعل ما يليق بكماله وعدله وحكمته.

"الشر فتنة، لكنه ليس دليلاً على غياب الإله، بل دليلاً على أننا نعيش في مسرح اختبار، لا في جنة النعيم."

 

 

=======================================================

 

الجزء السابع من الجولة الثالثة :

يقول زميلي اللاأدري حيث نقل لي كلام لشخص اسمه عبد الله القصيمي من كتاب له اسمه الكون يحاكم الإله حيث قال لله عن القرآن : إن كل عظمة كتابك لا تساوي إلا أمية قارئيه ومفسريه .. إنك الكتاب العجيب الذى ليس فيه أي معنى من معانى أي كتاب .. إنك الكتاب الذي لا يقرؤه الا الذين لم يقرأوا أي كتاب .. إنك الكتاب الذي لا يرى حروفه إلا العيون الفاقدة لكل الرؤية .. إنك الكتاب الذى ألف وكتب قبل عصر الكتابة والقراءة والذي لا يقرؤه إلا من يعيشون فى ذلك العصر ويعيش فيهم ذلك العصر. - عبدالله القصيمي - الكون يحاكم الإله 

 

======================================================

 

الرد على الجزء السابع من الجولة الثالثة من نقاش مع زميلي اللاأدري :

 يوسف بحر الرؤيا

قلت لزميلي اللاأدري : 

طرحك هذا الاقتباس من عبد الله القصيمي هو طرح قائم على نقد انفعالي ساخر، أكثر من كونه حجة عقلية دقيقة، ومثله يُجاب عليه بهدوء ووضوح، لا بالعصبية أو النفي المجرد.

دعني أقدّم لك الرد على شكل نقاط موزونة وواقعية، وأسلوب حواري راقٍ:

 أولًا: من هو عبد الله القصيمي؟

عبد الله القصيمي مرّ بتقلبات فكرية شديدة:

  • في بداياته كان من كبار المدافعين عن الإسلام، وردّ على خصومه في مؤلفات مشهورة.

  • ثم انقلب لاحقًا إلى الإلحاد والعداء الشديد للدين.

  • أسلوبه تحول من الجدل المنطقي إلى السخرية السوداء والمبالغات، خاصة في كتابه "الكون يحاكم الإله".

فبالتالي، حين نستشهد به، يجب أن نعرف أننا لا نتعامل مع فيلسوف محايد، بل مع صوت غاضب يحمل تجربة شخصية مع الدين، انعكست في لغته.

 

 ثانيًا: هل ما قاله عن القرآن حجة؟

أبدًا. لأن كلامه من نوع:

"القرآن لا يفهمه إلا الجهلاء، ولا يقرأه إلا الأميون"

وهذا:

  • ادّعاء عاطفي، وليس تحليلًا موضوعيًا.

  • لا يقوم عليه أي برهان، لأن القارئ النبيه يعلم أن القرآن:

    • خضع لأضخم حركة تفسير وتأويل وتأمّل في تاريخ البشرية،

    • وكان وراء تأسيس حضارة علمية وثقافية استمرت قرونًا،

    • وما زال يُقرأ ويتدبره علماء في شتى التخصصات: في اللغة، القانون، الفلسفة، المنطق، البلاغة، الطب، الفلك... إلخ.

فمن الظلم أن يُحاكم النص القرآني على أنه "كلام أميين"، وهو الذي أقام حضارة أخرجت الناس من الأمية!

 

 ثالثًا: لو كان كلامه صحيحًا، فكيف نفهم هذا التناقض؟

إذا كان القرآن كما يقول: لا يفهمه إلا الأميون،
فكيف:

  • يُترجم إلى مئات اللغات،

  • ويُدرّس في جامعات كبرى (حتى غير مسلمة)،

  • ويُستخدم كمرجع في الفلسفة الأخلاقية، علم الجمال، التاريخ، المنطق...؟

  • ويقود الملايين من المفكرين والعلماء والمؤمنين حتى اليوم؟

كلام القصيمي هنا يُشبه من يقول:
"نظرية النسبية سخيفة، ولا يفهمها إلا الجهلة!"
لا تكفي السخرية لتكون حُجة، بل تحتاج برهانًا علميًا محايدًا.

 

 رابعًا: هل هناك عظمة حقيقية في القرآن؟

أكيد. وعظمة القرآن لا تُقاس فقط بالبلاغة، بل أيضًا:

  • بمنظومة القيم الأخلاقية التي قدّمها،

  • بقدرته على مخاطبة النفس والوجدان والعقل في آنٍ واحد،

  • بعمقه القانوني والتشريعي المتوازن بين الثبات والمرونة،

  • باستمراريته في التأثير على أفراد وجماعات على مرّ العصور.

ولذلك، فإن من ينكر كل هذا ويقول: "لا معنى له أبدًا!"
فهو إما جاهل به، أو متألم منه، أو يعبّر عن أزمة خاصة أكثر من كونه يقيم نقدًا علميًا حياديًا.

فإذا كان عبد الله القصيمي يرى القرآن بلا قيمة، فهذا رأيه الخاص، نابع من تحوّلاته النفسية والفكرية،
أما الواقع فيشهد بأن هذا الكتاب له أثر لا يمكن تجاهله في وجدان وضمير البشر.
فما عليك سوى أن تقرأه بعين مختلفة، وستكتشف شيئًا لا تراه من خلال السخرية."


===================================================================

الجزء الثامن من الجولة الثالثة :

يقول زميلي اللاأدري :

الجذور الوثنية للمقدسات الإبراهيمية: جبل سيناء نموذجًا :

عبر التاريخ، لم تولد المقدسات الإبراهيمية من فراغ، بل جاءت غالبا نتيجة إعادة تدوير رموز وأساطير ومواقع سابقة، أعيد تأويلها ضمن منظومة دينية جديدة.

وأحد أبرز النماذج على ذلك هو جبل سيناء و الذي يُقدَّس في التراث اليهودي والمسيحي والإسلامي باعتباره المكان الذي كلّم فيه الله موسى وأُنزلت فيه الشريعة.

لكن ماذا لو كان هذا الجبل يحمل في اسمه أثرًا واضحًا من حقبة وثنية أسبق من التوحيد نفسه؟

سيناء – كما يرجّح عدد من الباحثين في الأديان واللغات القديمة – مشتقة من اسم الإله القمري البابلي-السومري سين إله القمر الذي كان يُعبد في مدينة أور (مسقط رأس إبراهيم بحسب الرواية التوراتية)، وكذلك في مدينة حرّان.

إله سين لم يكن هامشيا في اللاهوت المشرقي القديم، بل كان مركزًا رئيسا لعبادات مرتبطة بالدورات الزمنية والقمرية. وقد جرت العادة أن تُسمّى الأماكن والمناطق باسم الآلهة التي تُعبد فيها أو تُنسب إليها القداسة.

وعليه، من غير المستبعد أن يكون جبل سيناء في الأصل جبل سين أي المكان المقدس لإله القمر سين، قبل أن تُعيد السردية الإبراهيمية توظيفه وتحويله إلى مسرح للوحي التوحيدي.

من قدسية سين إلى قدسية يهوه… إعادة تدوير الرموز

ما فعله اللاهوت التوحيدي الإبراهيمي هو أنه أعاد إنتاج المقدسات الوثنية القديمة تحت لافتة جديدة، فحوّل مكانا كان مرتبطا بإله القمر إلى مكان تجلّي إله السماء الواحد، دون أن يمحو تماما بصمات الأصل الرمزي الأول.

هذا النمط يتكرر كثيرا:

الكعبة نفسها كانت بيتًا لآلهة وثنية قبل الإسلام، ثم أصبحت بيت الله.

يوم الجمعة، الذي يرتبط بالزهرة في الجاهلية، صار يوم الصلاة. أسماء الملائكة في التقاليد التوحيدية تحمل غالبًا جذورًا من أسماء آلهة أو رموز أسبق.

فهل الإبراهيمية ديانة جديدة… أم مجرد إعادة هيكلة للأساطير القديمة؟

ما يُسميه البعض وحيا توحيديا قد لا يكون سوى أسطرة جديدة فوق ركام الأساطير القديمة، بترميز جديد وشخصيات جديدة، لكنها تستبطن نفس البنية الرمزية السابقة و اسم سيناء ليس مجرد تمرين لغوي، بل كشف فلسفي عن كيف تُصاغ القداسة على بُنى ميثولوجية أقدم، ويُعاد إنتاجها عبر الزمن لتُقدم كـ”حقيقة مطلقة”.

فالتوحيد لم يمحُ الوثنية، بل ارتدى قناعها بصيغة جديدة.

و بالتالي نستنتج أنّ الأديان ما هي إلا ظاهرة إجتماعية تتطور عبر الزمن , و الدهر اعلى و اعلم

 

=====================================================

الرد على الجزء الثامن الجولة الثالثة من نقاش مع زميلي اللاأدري :

 يوسف بحر الرؤيا

قلت له : سؤالك عميق وجدلي، ويستحق ردًا مركّزًا ومتوازنًا. لنبدأ بتفكيك الطرح المقدم منك ، ثم نبني الرد بناءً على المراجع التاريخية والفكرية من جهة، والتصورات الدينية من جهة أخرى:

 أولاً: حول اشتقاق اسم سيناء من الإله سين

هذه فرضية لغوية – ليست حقيقة تاريخية مثبتة – وتعتمد على تشابه صوتي فقط بين اسم “سين” (إله القمر السومري) و"سيناء"، وهي فرضية طُرحت فعلاً من بعض الباحثين الغربيين، لكنها:

  1. ليست محل إجماع أكاديمي، بل مجرد احتمال لغوي.

  2. لا يوجد دليل أثري مباشر بأن جبل سيناء (كما في الرواية التوراتية أو الإسلامية) كان يومًا ما موضع عبادة لإله القمر “سين”.

  3. حتى لو كانت الكلمة قد مرّت بتحولات لغوية من جذور أقدم، فهذا لا يعني أن المعنى الديني المرتبط بها حاليًا مجرد “إعادة تدوير”.

رد لغوي مختصر: وجود تشابه لفظي لا يعني وجود علاقة سببية أو دلالية، كما أن الكثير من الكلمات تتشابه في لغات مختلفة دون علاقة اشتقاقية أو دينية.

 ثانيًا: ما مدى مشروعية "إعادة توظيف" الرموز القديمة؟

حتى لو سلمنا بأن الأديان التوحيدية ورثت مواقع أو أسماء من حضارات سابقة، هذا لا يُعد تهمة بحد ذاته. لأن:

  • التوحيد لم يدّعِ أنه جاء في فراغ، بل أكّد أنه جاء مهيمنًا على ما سبقه.

  • كثير من الأماكن – مثل الكعبة – كانت قائمة قبل بعثة محمد ﷺ، والإسلام جاء ليُطهرها من الوثنية ويوجهها نحو التوحيد.

 مثلًا: كون الكعبة كانت تحوي أصنامًا لا ينفي أنها كانت في أصلها موضع توحيد منذ زمن إبراهيم. بل هذا هو جوهر بعثة النبي محمد: "لإرجاعها إلى أصلها".


 ثالثًا: هل الأديان مجرد أسطرة رمزية؟

هذا تحليل سوسيولوجي وفلسفي للأديان من زاوية بشرية فقط، لكنه لا ينفي الاحتمال المقابل وهو أن:

  • الوحي التوحيدي هو من أعاد تصحيح الانحرافات.

  • أن التشابهات الرمزية بين الأديان ليست دليلاً على الأسطرة، بل قد تشير إلى أصل واحد قديم للوحي ثم حُرّف على مر الزمن.

القرآن نفسه يصرّح:
"كان الناس أمةً واحدةً فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين" [البقرة]

فالفرضية الإسلامية ليست أن الدين التوحيدي نشأ فجأة، بل أنه أصلٌ واحدٌ نزل أول مرة على آدم، ثم توالى الوحي، ثم تحرفت الرسالات، فجاء الإسلام ليعيد البناء على الأُسس الأولى.

 أخيرًا: من هو "الدهر" في قولك "الدهر أعلى وأعلم"؟

الدهر في التصور الإسلامي ليس كائنًا عاقلاً أو واعيًا يُنسب له العلم. بل هو مجرد مقياس للزمن. أما نسب العلم إليه فهي من ملامح الفكر الدهري القديم الذي أنكره الإسلام (انظر قوله تعالى:
"وما يُهلكنا إلا الدهر" [الجاثية]).

 الخلاصة:

  1. وجود تشابهات رمزية أو لغوية لا ينفي صحة الدين، بل يثبت تراكب التاريخ الديني.

  2. ما يسمى بـ"إعادة تدوير" هو – في تصور التوحيد – إعادة تصحيح وإحياء للأصل الإلهي.

  3. فكرة أن الدين ظاهرة اجتماعية متطورة فقط، تُبنى على افتراض مادي خالص، وهو ما ترفضه الأديان وتقدح فيه الفطرة والعقل أيضًا.

 

 ========================================================


الجزء التاسع من الجولة الثالثة :


يقول زميلي اللاأدري : كيف تريد ان تقنعني أنّ هذه الآية في وصف الصحابة صحيحة ( أشداء على الكفار رحماء بينهم ) أنها من عند الله و قد حدث عكسها تماما بتناحر الصحابة بعد موت محمد، فتفجرت حروب الردة، وحُملت رؤوس المرتدين على الرماح، وفرض الإسلام بالسيف على القبائل الهاربة بعدما كانت دخلته طمعًا أو رهبة لا إيمانًا وفي عهد عمر توسعت الفتوحات لا تبشيرًا بل نهبًا وغنيمة وسُبيت الشعوب وعُبّد الرجال والنساء تحت شعار الفتح حتى امتلأت المدينة بالسبايا والجواري من الفرس والروم ثم قتل عمر نفسه غدرا فجاء عثمان فسلط بني أمية وجعل الخلافة عشيرةً تتوارثها، حتى ثار عليه كبار الصحابة وقتلوه في بيته وهو شيخ أعزل ومع مقتل عثمان انفجرت أول حرب أهلية كبرى و هي حرب الجمل حيث قاتلت عائشة زوجة محمد علي بن أبي طالب وقتل في المعركة أكثر من 20,000 مسلم تحت شعارين متناقضين طلب دم عثمان و البيعة الشرعية ثم جاءت حرب صِفّين بين علي ومعاوية حيث قاتل جيشان كلاهما يزعم تمثيل الإسلام فخدع عمرو بن العاص عليّاً بالمصاحف المرفوعة ليدفعه للتحكيم فأدى ذلك إلى شق الصف وخروج الخوارج عليه وقتله لاحقا بسيفهم وهو يصلي الفجر ثم استتب الأمر لمعاوية وأسس أول ملك عضوض وهكذا انتهت فكرة الشورى التي كانوا يتغنون بها وتحول الحكم إلى وراثة صريحة فورَّثَ معاوية الخلافة لابنه الفاسق يزيد قاطعا رقاب المعارضين وفي عهد يزيد وقعت مذبحة كربلاء (61 هـ) حين ذُبِح الحسين حفيد محمد مع سبعين من أهل بيته، على أيدي من كانوا يتظاهرون بأنهم يقيمون الدين ثم اجتاح جيش يزيد المدينة في واقعة الحرة (63 هـ) وقتل عشرات الآلاف من الأنصار والمهاجرين، حتى اغتُصِبَتِ النساءُ في المسجد النبوي نفسه كما يروي ابن كثير في البداية والنهاية ونتج عن ذلك آلاف المواليد غير الشرعيين ثم ضرب الكعبة بالمنجنيق وأحرقها بالنار أثناء حصار عبد الله بن الزبير لتنهار بذلك قبلة الإسلام السياسية والدينية على السواء وبعد سقوط بني أمية، جاء بنو العباس بدموية أشد إذ أقاموا شعارات الرضا لآل محمد ثم غدروا بكل العلويين الذين ناصروهم. قتلوا آل الحسن بن علي قتلا جماعياً حتى أن السفاح كان يقول والله لا تركت لهم نَسلاً أما أبو جعفر المنصور، فقد طارد الإمام جعفر الصادق، وأمر بحبسه مرات عديدة، ومات الإمام موسى الكاظم مسموما في سجونه. وواصل العباسيون التنكيل ببني أمية حيث نبشوا قبورهم، وأخرجوا رفاتهم وجلدوا عظامهم ثم أحرقوها وفي وسط هذا الخراب، ظهر القرامطة في القرن الثالث الهجري الذين زعموا الثورة على الظلم فقاموا بمذبحة الحجاج في الحرم المكي سنة 317 هـ وقتلوا الآلاف حول الكعبة وخلعوا الحجر الأسود من مكانه وحملوه إلى الإحساء وظل عندهم أكثر من 20 سنة. ولم تقتصر الحروب الدينية على الداخل فقط فقام الأمويون بفتح الأندلس بالسيف وأسقطوا حضارات القوط العريقة ولم يكن الهدف نشر الإسلام بل إقامة إمارة أموية موازية بعد سقوط دولتهم في دمشق ثم انفجرت الأندلس نفسها إلى طوائف متناحرة استنجد بعضهم بالصليبيين ضد إخوانهم المسلمين أما في المشرق فالصراعات لم تهدأ بين الشيعة والسنّة , بين المعتزلة والحنابلة , بين العبيديين الفاطميين (الشيعة الإسماعيلية) في مصر وبين العباسيين (السنّة) في بغداد , ثم انقسم الفاطميون أنفسهم بعد موت المستنصر بالله إلى نزاريين ومستعليين وكل فرقة تتبرأ من الأخرى وتكفرها ثم جاء المغول ، ودمروا الخلافة العباسية نهائيًا (656 هـ) وقتلوا الخليفة المستعصم بالله بيد هولاكو، بعدما وعده بأمان كاذب ولم يحرك المسلمون ساكناً لنجدته ، لأنهم كانوا غارقين في نزاعاتهم العقائدية وبعدها بزمن، تشكلت الإمبراطورية العثمانية، التي أحيَت مشروع الخلافة، لكنها لم تكن سوى نسخة إمبريالية جديدة

 

========================================================

 

الرد على الجزء التاسع من الجولة الثالثة من نقاش مع زميلي اللاأدري :

 يوسف بحر الرؤيا

للرد على مثل هذا الطرح التاريخيّ النقديّ، بمزج الوقائع مع النصوص، يمكنك أن تتبع هذا البناء المنطقي الهاديء :

1. ما قاله القرآن في الصحابة؟

الآية المشار إليها (سورة الفتح ) تصف الصحابة حينئذٍ في أوج قوتهم وعزّتهم:

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُم

  • هذا وصف عامّ لمرحلة التأسيس، حين اجتمعت كلمة المسلمين وأظهروا تآزراً وجهاداً دفاعياً.

  • لا يعني إطلاقاً أنهم معصومون من الخطأ أو النزاعات اللاحقة.

2. الصحابة بنظر الإسلام والوقائع التاريخية

  1. الصحابة في عصر النبوة وبعدها

    • هم الذين جاهدوا تحت راية النبي ﷺ، وتلقوا الوحي، ورأوا مجاهداته.

    • بعد وفاة النبي ﷺ، تعرضوا لاختبار جديد: كيف يحفظون التوحيد ويؤسسون دولة؟

  2. حروب الردة (11 هـ)

    • كانت ردّ فعل على خروج بعض القبائل عن البيعة، ورفضهم لجزية الدولة الجديدة، لا دعوة صريحة للتكفير أو الإكراه على الدين.

  3. فتوحات عمرية

    • بدأت دفاعًا عن حدود الدولة، ثم توسعت لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية، ولم تكن “نهباً صرفاً” بقدر ما كانت مزيجاً من دعوة  وأساليب الإدارة القديمة (الجزية والخراج).

3. القرينة بين النصّ والواقع

  • النصّ الإلهي يقدم نموذجًا أخلاقيًا:

    • التطابق مع الأخلاق النبوية، الرحمة بالضعفاء، العدل…

    • «أشداء على الكفار رحماء بينهم» نموذجٌ في الإيمان الجماعي عند القلّة التي آمنت وصبرت.

  • التطبيق البشري لا يخلو من انحرافات:

    • صراعات سياسية بعد وفاة النبي ﷺ (الردة، الجمل، صفين، كربلاء…).

    • أخطاء أو تجاوزات ارتكبها مسلمون على مدى التاريخ.

الفارق:

  • الإسلام كنظام ونصّ يدعو إلى العدل والرحمة.

  • المسلمون بشر قد يخطئون وينحرفون.

4. تفنيد التعميم

“فرض الإسلام بالسيف”
لا توجد آية أو حديث يفرض الإسلام بالقوة؛ بل الآيات تذكر المقصود بـ«الفتوحات» ولا تخلط بين الجهاد والدعوة بالقهر.

 

“نهب وغنيمة”
الغنيمة تنظيم اجتماعي قديم في الحروب، والجهاد الإسلامي وضع ضوابط (معاملة المدنيين، الأسير، الحرم…).

 

“العبيد والسبايا”
وُجد هذا في كل حروب العصور القديمة، وليس حكراً على المسلمين؛ الإسلام ضيّق حلقاته بحدود واضحة للرحمة.

 

“قتل عثمان وعلي”
معارك سياسية دار حول موضوع الخلافة، وجميعُها خطأ تاريخيٌّ وأليم، ولا يمكن نسبته لقيم الدين الأصيلة.

 

“الدولة الأموية/العباسية”
تحوّلت إلى ملكيات ذات طابع عقائدي وسياسي، لكنها – تاريخياً – خرجت عن النموذج النبوي في الحكم والعدل.

 

 

5. قراءة منهجية متوازنة

  1. الإقرار بالخطأ البشري:

    • نعم حصلت تجاوزات، ومظالم، وصراعات.

    • تسويغها أو إنكارها ظلم للتاريخ و للمسلمين.

  2. التمييز بين المنهج والنصّ :

    • الإسلام كنظام أخلاقي وتشريعي مختلف عن تطبيقاته التاريخية.

  3. التقييم الأخلاقي:

    • نقرّ بالخير والشرّ معًا:

      • الصحابة أصحاب مواقف بطولية وجهاد مشرف.

      • أيضًا ارتكبوا صراعات دامية، وسقطوا في فخ السلطة والمال.

  4. الاستفادة للعصر الحاضر:

    • نستمد من النصوص قيم الرحمة والعدل ونطبّقها على الواقع،

    • نتعلم من أخطاء الماضي حتى لا نكررها.

الخلاصة :

“إن الآية تصف مرحلة تأسيسية حملت فيها جموع الصحابة همّ حفظ التوحيد في وجه أعدائه، وعاشت تضامناً قلّ نظيره. بعد وفاة النبي ﷺ دخلت الأمة في امتحان السلطة والمال والتاريخ، فظهرت الأخطاء والصراعات. فنحن بحاجة إلى قراءة متوازنة: نقبل النصّ الإلهي كنموذج أخلاقي، ونعترف بالأخطاء البشريّة ولا ننكرها، ونسعى لجمع الدروس وبناء واقع أفضل يتّسق مع جوهر رسالة الإسلام.”

بهذه الصيغة نجمع بين الصدق التاريخي والتمسك بقيمة النصّ، ونقدّم رداً عقلانياً يستطيع أن يلمس نُقطَتَيك
الواقع التاريخي الصعب
النموذج القرآني الرفيع


 ===========================

 

الجزء العاشر من الجولة الثالثة :

 

يقول زميلي اللاأدري :

أغلب المسيحيين الذين يتظاهرون بالدفاع عن إسرائيل لا يفعلون ذلك بدافع إنساني ولا لأن إسرائيل على حق، بل لأنهم غارقون في خرافة لاهوتية تُدعى اللاهوت التدبيري وهي عقيدة مسمومة تؤمن بأن قيام دولة إسرائيل وبناء الهيكل الثالث فوق أنقاض الأقصى، هو الخطوة الحاسمة لعودة المسيح المنتظر و إنهم لا يرون في اليهود شعبًا مظلومًا، بل وقودًا مؤقتًا لنبوءة دموية، سينتهي دورهم بمجزرة هرمجدون، حيث سيُفني المسيح كل من لم يؤمن به بمن فيهم اليهود أنفسهم هؤلاء لا يدعمون إسرائيل حبًا، بل لأنهم يتوهمون أن الدماء والخراب سيفتحان بوابة السماء لمجيء ربهم المسلح بالنار والسيف. إنه دعم ملوّث بالأوهام، لا علاقة له بالحق أو العدالة، بل هو تحالف مصلحي بين خرافة توراتية وأطماع لاهوتية فلا يُخدَعَنّ أحد بهذا التضامن الكاذب، فهو ليس سوى صكّ دموي يترقب لحظة النهاية، حيث تتحوّل الأرض إلى مسرح لذبح مقدّس تباركه الكتب وتصفق له الكنائس
 

 

===========================

 

الرد على الجزء العاشر من الجولة الثالثة من نقاش مع زميلي اللاأدري :

 

  يوسف بحر الرؤيا

 تحتاج إلى الفصل بين المؤيِّدين من المسيحيين المناصرين لإسرائيل لأسباب سياسية أو إنسانية، وبين فئة من الإنجيليين (خصوصًا في الولايات المتحدة) الذين يتبنّون “اللاهوت التدبيري” (Dispensationalism) ويرون في قيام دولة إسرائيل واستعادة الهيكل تمهيدًا لأحداث نهاية العالم. 

 نعم، هناك إنجيليون يؤمنون باللاهوت التدبيري ويدعمون إسرائيل لهذا السبب.

لكن الأرثوذكس والكاثوليك والغالبية البروتستانتية التقليدية لها دوافع أخرى.
 
هناك مؤسسات كاثوليكية و أرثوذكسية تدعم المساعدات الإغاثية للفلسطينيين.

هناك قساوسة أمريكيون جالوا مخيمات اللاجئين انتقادًا للسياسات.

“أوافقك أن التيار التدبيري يشكّل فئة منهم، لكنه بعيد عن ‘أغلب المسيحيين’. ما يجمع غالبية الكنائس العالمية ليس انتظار المجزرة بل السعي للسلام والعدالة، ويدعمون إسرائيل أو ينتقدونها لأسباب إنسانية وسياسية متعددة، لا كوقود لنبوءة دموية.”

 

===========================

 

الجزء الحادي عشر من الجولة الثالثة :

 

يقول زميلي اللاأدري :

هناك عنصريون من مشايخ المسلمين حرفوا تعاليم الإسلام و وضعوا أحاديث مكذوبة تسيء للرسول محمد : إليك بعض النصوص كالتالي : هل الإسلام ضد العنصرية في لون البشرة؟

وماذا يقول أهم فقهاء الإسلام الأكثر فهماً للدين بزعمهم ؟

يُستحسن اختيار الجارية البيضاء الجميلة، لا السوداء "المشوّهة".

📚 النووي – روضة الطالبين

العبد الأسود لا يُزوّج الحرة البيضاء إلا نادرًا، ولا يفضلها بالنسب.

📚 ابن عبد البر – التمهيد

"لا يُختار للسُرّية سوداء قبيحة"، ويُكره أن تُهدى لجمالها، بل تُهدى لمُلكها.

📚 ابن قدامة – المغني، كتاب النكاح

"تُباع الجارية السوداء بثمن أقل، لأنها لا تُشتهى غالبًا."

📚 الكاساني – بدائع الصنائع

"حُسن المرأة السوداء في لونها كالماء الآسن، لا يُؤكل منه."

📚 المقريزي – المواعظ والاعتبار

"قُدّمت الجارية البيضاء على السوداء في البيع، لأن البياض فضلٌ وضياء."

📚 فتاوى ابن حجر الهيتمي

"البشرة السوداء عار في الولد، ويُكره خَلط العرب بها."

📚 الزبيدي – تاج العروس، مادة "سود"

"وقد روى عن النبي ﷺ أنه رأى في المنام امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة، ففسّرها بالطاعون."

📚 ابن تيمية – مجموع الفتاوى

قال ابن الجوزي: "لو لم يكن سواد البشرة نقصًا، لما كانت الجنة بيضاء نورًا والنار سوداء ظلمة."

📚 المنتظم في تاريخ الملوك والأمم

"لا يُختار العبد الأسود لمقام الأذان إذا وُجد غيره، لأنه فتنة."

📚 بعض فتاوى المالكية، نُقلت في شروح المدونة الكبرى

"من رأى في منامه أنه يتزوج سوداء شديدة السواد، فقد يدخل بلاءٌ عظيم."

📚 تفسير ابن سيرين – باب الرؤى

"السودان عبيد الجان، خُلقوا للنار" — هكذا نقلها بعض مفسري الحديث.

📚 شرح النووي على مسلم، كتاب الفتن

العبد الأسود ناقص عقل ودين، لا يُقبل في الشهادة إلا عند الضرورة.

📚 الماوردي – الأحكام السلطانية

روى الطبراني عن مجاهد: "السودان من نسل حام، وذريته وُصمت بالعبودية بسبب خطيئة نوح."

📚 المعجم الكبير للطبراني

 

===========================

 

الرد على الجزء الحادي عشر من الجولة الثالثة من نقاش مع زميلي اللاأدري :

يوسف بحر الرؤيا

نعم و هذا مثال بسيط على تحريف المشايخ لدين الإسلام , و هم يخالفون بذلك نصوص و قواعد القرآن الكريم  . فالإسلام حرّم العنصرية و التنابز بالألقاب . قال الله ( إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) , و لا فضل لعربي على أعجمي و لا لأعجمي على عربي إلا بالتقوى . 


============================


الجزء الثاني عشر من الجولة الثالثة :


يقول زميلي اللاأدري :

منذ ظهور الحياة على الأرض وهي تصارع من أجل البقاء بل أنها تعرضت لخمسة كوارث رئيسية وهي الانقراض الاوردوفيشي-السيلوري و انقراض العصر الديفوني المتأخر وكذلك انقراض العصر البرمي و انقراض العصرالترياسي-الجوراسي و انقراض العصر الطباشيري الثلاثي. جميعها سببت انقراضات جماعية مأساوية كادت لتبيد الحياة عن الكوكب تماماً ، بالإضافة إلى العديد من الكوارث الأخرى الأصغر حجماً لكن لا تقل مأساوية. تشير التقديرات إلى أن أكثر من 99٪ من جميع الأنواع الموجودة قد انقرضت خلال تلك الحوادث المؤسفة أو غيرها. إن الفارق الزمني بين كوارث الانقراض الخمسة الكبيرة تلك هو في المتوسط 100 مليون سنة ولم يتبقى لنا إلا القليل من عشرات ملايين السنين إلى أن تكون احتمالية حدوث كارثة تسبب انقراض جماعي (للمرة السادسة) للكائنات الحية في جميع أنحاء الأرض شبه أكيدة وربما ستكون القاضية، هذا إذا لم يقم البشر بالمهمة بأنفسهم بنجاح بسبب استمرارهم في تدمير البيئة والتفنن في صنع الأسلحة الفتاكة، لكن ما ذنب بقية أشكال الحياة الأخرى لتحمل نتيجة خلل في أدمغة البشر. خلافا لما قد يعتقده البعض فالحيوانات ليست آلات بل لها مشاعر مثل الخوف والقلق والتوتر والجوع بل وتعاني من اضطراب ما بعد الصدمة كونها لا تتكلم مثلنا لتعبر عن مشاعرها لا يعني أنها أقل أهمية فلو كان الأمر كذلك لكان الصم والبكم أو الأقل ذكاء أو حتى الأطفال في موقف لا يحسدون عليه . إن معظم الحيوانات تعيش في رعب يومي من أن يتم تمزيقها حية لتصبح وجبة طعام لحيوانات أخرى، لهذا تلجأ للاختباء لكنها في نفس الوقت مجبرة على تعريض نفسها للخطر في سبيل البحث عن الطعام لها ولاطفالها أو الموت من الجوع. الحيوانات المفترسة لا تفهم أن الحيوان الذي توشك على افتراسه هو أم أو حامل أو حتى طفل بل انها إن لم تفعل ذلك سوف تعرض نفسها وأطفالها للموت من الجوع فهي لا يمكنها النجاة على الأعشاب. إن موت الأم لكثير من أطفال الحيوانات يعني حكم بالإعدام للوقوع فريسة سهلة أو حتى الموت البطيء من الجوع. كون البشر (حاليا) في قمة الهرم الغذائي جعلهم في رفاهية نسبية ولكن لم ينجوا من الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والبراكين والأعاصير والفيضانات والأوبئة التي تودي بحياة المئات والآلاف من الناس شيوخ وأطفال وحوامل بلا تفرقة أو مبالاة تذكر. يبدو أن هذا المصمم الذي يدعي وجوده المؤمنون غير مبالي أو غائب ومهمل أو في أسوء الأحوال سادي وعنيف. لقد عجز ذلك الإله المزعوم أن يزود الناس بالرحمة الكافية للاهتمام ببعضهم البعض بل أعطاهم كراهية وغباء وقدرة تدميرية كافية لإهلاك أنفسهم.

 

============================

 

الرد على الجزء الثاني عشر من الجولة الثالثة من نقاش مع زميلي اللاأدري :

  يوسف بحر الرؤيا 

 

يمكن تلخيص إشكالك يا زميلي اللاأدري في نقطتين رئيسيتين:

  1. المأساة الطبيعية: عاشت الحياة على هذه الأرض خمسة انقراضات جماعية كادت أن تقضي عليها جميعًا، وحاليًّا نحن على أعتاب كارثة سادسة، فكيف لإنسانيةٍ مؤمنةٍ أن تفسّر حكومةً إلٰهيةً لهذا الخلق؟

  2. المأساة الأخلاقية: البشر اليوم قادرون على إهلاك بعضهم بعضًا، ويعذِّبون الحيوانات ويُدمّرون البيئة، فهل هذا دليل على غياب الله أو على أنه “سادي”؟

1. الكوارث الطبيعية والانقراضات الكبرى

أ. ضرورات النظام الكوني

  • الأنظمة الفيزيائية والجيولوجية التي جعلت كوكبنا صالحًا للحياة (الماء، والغلاف الجوي، والمغناطيسية، ودوران الأرض) لا يمكن أن تقوم إلا بقوانين صارمة تسمح بحدوث كوارث طبيعية أحيانًا (زلازل، براكين، اصطدام أجرام صغيرة).

  • لو غابت هذه القوانين لصارت الأرض غير صالحة للحياة إطلاقًا. إذًا، بعض “الشرّ” الذي نراه في الطبيعة هو ثمن لا مفر منه للاستمرار في “الخير” الأكبر المتمثّل بوجود كوكبٍ حرارته وضغطه  ملائمٌ للحياة لأجيالٍ متعاقبة.

ب. الابتلاء والتقدير

  • الإسلام يعلّمنا أن الدنيا دار ابتلاء:

    ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ (الأنبياء)

  • هذا الابتلاء لا يقتصر على البشر، بل يشمل “جميع المخلوقات” التي تُختبر في صمودها واستمرارها، مما يولّد مظاهر رائعة من التكيّف، والتنوّع البيولوجي، والإبداع البيئي.

2. المسؤوليّة البشريّة عن المأساة الأخلاقيّة

أ. خيارنا الحر وسقوطنا الأخلاقي

  • نحن لا نُحاسَب على وقوع الكوارث الطبيعية، لكننا محمولون على الأفعال:

    • تدمير البيئة

    • إذهاب حياة الحيوانات في غير فائدة

    • استخدام الأسلحة المدمرة

  • في هذه القضايا يكمن “شرّنا” الأخلاقي الحقيقي، الذي نستطيع تغييره بإرادتنا قبل أن نلوم “غيبًا” أو “تنازلًا” من الله.

ب. الإسلام ورأفة المخلوقات

  • وردت أحاديث كثيرة تُرغِّب في الرحمة بالحيوان والبرّ به:

    • “في كل كبد رطبةٍ أجر”

    • عن امرأةٍ دخلت النار في هرة حبستها

  • فهذا معيارنا: لا ندّعي الكمال، لكن نتعلّم من روح الإسلام الرحمة

3. الألوهيّة المبنية على الحكمة والغاية

أ. الله خالق بقدر

  • قدرة الله مطلقة لكن لا تعبث، فهو لا يفعل “المستحيلات المنطقيّة” أو الإنتاجية التي تنقض حكمة خلقه.

  • الكوارث الطبيعية ليست تناقضًا في قدرته، بل إظهار لقوانينٍ تفضي إلى غايةٍ أكبر هي:

    • ابتلاء الإنسان والحيوان

    • اختبار الإرادة والمسؤولية

    • خلق “عالم قابل للتعلّم” وتجويد الأخلاق.

ب. الغاية النهائية

  • لم تكتب الخاتمة على هذا العالم أن ينتهي تحت وطأة الكوارث أو أفعال البشر، بل هناك وعدٌ إلهيٌّ بالخلاص والجزاء الأوفى:

    ﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ (الشرح)

  • الموقف الإيماني هو أن نعمّر الأرض بالخير والإصلاح، لا أن نستسلم لليأس.

4. خاتمة الردّ

ليس “غياب الله” عن الانقراضات الكبرى هي “ساديّة” في الكوارث الطبيعية…
بل هناك نظامٌ كونيٌّ دقيقٌ يخلق بيئةً قابلةً للحياة رغم مخاطره.
والمسؤولية الأخلاقية الواقعية تقع على عاتقنا نحن البشر أولاً:
كيف نتصرف تجاه الحيوان والبيئة، وكيف نبتكر أسلحة أكثر رحمةً وإنسانيةً، وكيف ندعم جهود الحماية والإصلاح قبل أن نلوم “العلم” أو “الإله”.

بهذا المنهج يستقيم النقاش: نعترف بالمآسي الطبيعيّة والمخاطر البشرية، ونضعها في إطار حكمةٍ إلهيّةٍ أوسع، وفي نفس الوقت نحمّل أنفسنا المسؤولية قبل أن نضفي التبريرات على “غياب الله”.

 

=====================

 

قال لي زميلي اللاأدري : الأرض لم تُخْلَق خصّيصاً لنا , نحن تطورنا لنتناسب معها و ذلك أعطى وهم أنّ كل شيء حولنا صُمِّمَ ليتناسب مع احتياجاتنا


===========================


فقلت له : 

إليك كيف يمكنني الردّ على هذا الطرح بصيغة متزنة تجمع بين العقل والعلم والنصّ الديني:

1. فهم الفكرة: التطوّر وانطباع "التصميم"

  • صحيح أننا كائنات تطوّرنا عبر مئات الملايين من السنين لكي نتكيّف مع بيئتنا الأرضية؛

  • لكن الإحساس بأن كل شيء حولنا صُمِّم لاحتياجاتنا ليس مجرّد وهم نفسي، بل انعكاسٌ لدرجة الدقّة والاتّساق في بنية الكون والأرض.


2. أدلّة علمية على “الصلاحية المسبقة” للأرض

  1. المسافة إلى الشمس (المنطقة الصالحة):

    • لو زادت أو نقصت بمعدّل 1% تقريبًا لتجمّد الماء أو تبخّرَ معظمُه.

  2. خلوّص الغلاف الجوي:

    • نسبة الأكسجين (20.9%) والحماية من الأشعة فوق البنفسجية عبر طبقة الأوزون، لا يمكن تفسيرها بمحض الصدفة.

  3. المغناطيسية الأرضية:

    • حماية الأرض من الإشعاعات الكونية، واستقرار القطبين.

  4. نسبة الماء إلى اليابس، حجم القارات:

    • توازن بين المسطحات المائية واليابسة يتيح دورة حيوية مستقرة.

هذه الدلائل تُظهر أن الأرض ليست كوكبًا فوضويًّا تكيّفنا معه، بل هي “منظومة” متكاملة تقدّم ظروفًا نادرة جدًّا لإقامة الحياة.

3. “المُصادفة” مقابل “القصَديّة”

  • في الإحصاء الكوني، الاحتمال أن تتجمّع هذه الظروف كلها صدفةً ضئيل جدًّا (احتمالات تتراوح بين 1 من 10^50 و1 من 10^120 حسب بعض التقديرات).

  • لذلك يلجأ الفلاسفة والعلماء إلى حجة التصميم المتماثل (Fine-Tuning Argument):

    إذ كيف تعقل أن يولد الكون بهذه الدقة الفائقة إلا بقصدٍ وراءها؟

4. موقف الإسلام من التوحيد والخلق الموجَّه

  1. القرآن يؤكّد حكمة الخلق:

    • ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَياتٍ لِّلْمُوقِنِينَ﴾ (البقرة)

    • ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا…﴾ (الروم)

  2. الإنسان في أحسن تقويم:

    • ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ (التين)

    • هذا “الحُسن” يشمل بنية الجسم وعلاقة الإنسان ببيئته وقدراته الذهنية والروحية.

5. الجمع بين التطوّر والتصميم

  • التطوّر آلية توضّح كيف تطوّرت الأنواع على الأرض المتوازنة سابقًا؛

  • والتصميم الإلهي يفسّر لماذا كانت البيئة أصلاً صالحةً لإطلاق هذه العملية الحيوية.

  • لا تناقض بين رؤية “طريقة الخلق” (التطوّر) وغاية “الخلق” (حكمة مدبّرة).

6. الخلاصة

– الأرض ليست مجرد مصادفة تطوّرت إليها الحياة؛ بل هي بيئة مُرشّدة مسبقًا نحو نزولٍ حكيم.
– التطوّر يفسّر “كيف” نجونا، والأدلة الكونية تبيّن “لِمَ” وفّرت لنا ظروف البقاء.
– هذا الانسجام بين قوانين الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا هو من أوضح آيات الخلق الموجَّه في الفكر الإسلامي.

بهذا الأسلوب، تقرّ بمذهب التطوّر وتوافقه مع العلم، وفي الوقت نفسه تُثبت أن تماشينا مع هذه البيئة ليس وهمًا عشوائياً، بل دليلٌ على حكمة خالقة قادت إلى “وسط صالح” لحياة إنسانية مدهشة.


 ===========================


الجزء الثالث عشر من الجولة الثالثة :


يقول زميلي اللاأدري :

أنا لم أكفر… أنا فقط توقفت عن تصديق القصص التي تُرعب الأطفال وتُعمي الكبار أنا لم ألحد… أنا فقط قررت أن لا أعيش على أوامر كتبها مجهول وقالوا لي إنها من الله

========================

الدين خرافات واوهام واساطير واكاذيب الاولين

يستمد

حضوره القوي المؤثر

من الضرب على وتر العواطف

الخوف والرغبات والامل

=========================

الانسان في هذه الحياة

عاجز ضعيف تثقله هموم الحياة ويثقله الفقر والحاجة والمرض

وهنا يأتي دور رجال الدين

لخداع الناس بانهم اذا حافظوا على الطقوس الخرافية فان جميع مشاكلهم ستنحل

فيحافظ عليها البسطاء لتنقذهم من الفقر والحاجة والمرض

========================

نسمع كثيراً مصطلح تحرير العقل

فهل العقل سجين ليتم تحريره؟

نعم العقل سجين ورهين العقائد والافكار المسبقة التي سبقت له

لا يستطيع التفكير خارج هذا الاطار الذي تبرمج عليه

فهذا الاطار الفكري الذي تأدلج وتبرمج عليه يحدد مجال نظره ويقيد ويلون تفكيره فلا يستطيع الخروج عنه كذلك لماذا يحارب رجال الدين العلمانية مع انها تسمح للانسان بالقيام بطقوسه الدينية بحرية؟

ببساطة

لان العلمانية تصنع واقعاً لا يمكن لرجال الدين التحكم به

لانها تعطي للانسان حق الاختيار

وهذا يلغي امتياز رجال الدين بالوصاية على الناس والسيطرة عليهم والتحكم بهم باسم الله والدين

 

====================================================

 

الرد على الجزء الثالث عشر من الجولة الثالثة من نقاش مع زميلي اللاأدري : 

 يوسف بحر الرؤيا

 

قلت له : كلامك يعكس موقفًا نقدياً واضحاً تجاه الدين، خاصة من زاوية اجتماعية ونفسية، وهو لا يختلف كثيرا عن الخطاب الذي تبنّته حركات التنوير واللادينية الحديثة. دعني أقدّم ردّاً عقلانياً متزناً على ما طُرح، من دون تسفيه ولا مجاملة، بل بتفكيك النقاط المطروحة:

1. "أنا لم أكفر… أنا فقط توقفت عن تصديق القصص التي تُرعب الأطفال وتُعمي الكبار"

رد: الشك مشروع، بل إن أول خطوة نحو الإيمان الناضج تبدأ أحيانًا من الشك. لكن التوقف عند الشك دون السعي لفهم التأويلات العقلية والعميقة للدين هو قصور في المنهج. القصص الدينية ليست لتخويف الأطفال ولا لتعمية الكبار، بل كثير منها رمزي وأخلاقي ويحتاج إلى قراءة غير سطحية. حتى علماء كبار في الدين والفلسفة تعاملوا مع هذه القصص بتأويل عقلاني، لا حرفي.

2. "أنا فقط قررت ألا أعيش على أوامر كتبها مجهول وقالوا لي إنها من الله"

رد: القول إن الكتب الدينية كتبها "مجهول" هو قفز على تاريخ مدوَّن مليء بالنقد الداخلي والخارجي لنصوص الوحي، خاصة في الإسلام. هل درستَ  الجدل الفلسفي حول النبوة؟ من حقك أن ترفض، لكن من غير المنصف رفض منظومة  دون الخوض في نقدها من الداخل.

3. "الدين خرافات وأوهام..."

رد: هذه عبارة شعاراتية أكثر منها تحليلية. من الناحية التاريخية، الدين لم يكن فقط وسيلة للخوف، بل أيضاً مصدراً للتنظيم الاجتماعي، القيم، الضمير الأخلاقي، وحتى للعلم. علماء كجابر بن حيان، ابن الهيثم، والفارابي، كانوا متدينين. القول إن الدين مجرد وهم، فيه تجاهل لدوره المعقّد في الحضارات.

4. "رجال الدين يخدعون الناس بوعود زائفة"

رد: نعم، هناك من يستغل الدين، كما أن هناك من يستغل العلم أو السياسة. لكن التلاعب لا يعني أن الفكرة نفسها باطلة. هناك فرق بين النصوص والتمثيل البشري لها. التعميم هنا مغالطة. فكم من رجل دين صادق رفع الجهل والظلم عن الناس، لا استغلهم!

و قلتَ أنّ الدين كله خرافات وأساطير وأوهام، وهو يستمد تأثيره من استغلال العواطف… الخوف والرغبة والرجاء.


فأقول لك : أنّ الدين استخدم العاطفة، نعم، لكنه أيضاً حرّك العقل. خذ مثلاً ابن رشد، أو الفارابي ، أو حتى الكندي – كلهم جمعوا بين الإيمان والفلسفة. هل نقول إن كل من آمن كان مغفّلاً؟ بل حتى في الغرب، الإيمان كان حافزاً للاكتشاف العلمي، لا عائقاً له. فما تسميه "خرافة" قد يكون عند غيرك تجربة روحية أو فهماً رمزياً للعالم. هل نقدت الدين من الداخل، أم فقط وصمته من الخارج؟

 

5. "العقل سجين لعقائده ولا يستطيع التحرر منها"

رد: العقل قد يتأثر بالأطر المسبقة، هذا صحيح، لكنه ليس عاجزاً عن مراجعة نفسه. الفلسفة الإسلامية والغربية مليئة بمراجعات جذرية لأفكار موروثة. وجود التيارات الفلسفية المتباينة عبر التاريخ دليل أن العقل البشري قادر على التحرر دون أن يتخلى بالضرورة عن الدين.

6. "رجال الدين يحاربون العلمانية لأنها تهدد امتيازاتهم"

رد: البعض قد يفعل ذلك فعلاً، لكن هذا لا يجعل كل رفض للعلمانية سببه الخوف من فقدان السلطة. هناك مبررات فلسفية وأخلاقية لرفض بعض جوانب العلمانية، خاصة إذا أصبحت عدوانية ضد الدين كما حصل في بعض النماذج (مثل فرنسا أو الاتحاد السوفيتي). والفرق واضح بين العلمانية السياسية واللائكية المعادية.

ما تقوله يا زميلي يستحق النقاش، لكن طرحه يُقدّم الدين كـ"أسطورة استهلاكية" بلا تاريخ ولا فكر ولا تنوع داخلي، وهذا غير دقيق. الدين ليس سجناً للعقل، بل في أحيان كثيرة، كان محرّكاً له. نقد الدين مشروع، لكن رفضه بالجملة استناداً فقط إلى إساءة بعض المتدينين، يشبه رفض الطب بسبب أخطاء بعض الأطباء.

 

 ==========================

 

الجزء الرابع عشر من الجولة الثالثة :

 

كان حوارا كالتالي : 

زميلي اللاأدري:
العقل الدوغمائي المتحجر لا يفكر، ولا يسمح لغيره أن يفكر. هو فقط يبحث عن وسائل لتأكيد أفكاره الدينية الموروثة… لا غير.

فقلت له :
أتفق معك أن العقل المتحجر خطر… أياً كان مصدر تحجّره: ديني أو إلحادي أو أيديولوجي. لكن دعني أسألك: هل كل من يؤمن بالله متحجر؟ وهل كل تفكير ديني هو محاولة لتأكيد أفكار مسبقة؟
أعرف مؤمنين شكّوا، وراجعوا، وقرأوا، وخرجوا بإيمان أعمق لا وراثي ولا دوغمائي.
كما أن هناك ملحدين أو لاأدريين لا يراجعون أنفسهم، بل يبررون شكّهم وكأنه يقين مقدّس


زميلي اللاأدري:
لكني أرى أن المتدين لا يبحث عن الحقيقة، بل عن تبرير لما يؤمن به مسبقاً.

فقلت له :
وهذا قد يصح على بعضهم، كما يصح على بعض اللاأدريين أو العلمانيين. الخلل ليس في التدين، بل في طبيعة النفس البشرية حين تُحب الفكرة أكثر من الحقيقة.
لهذا تجد في تراثنا الإسلامي شخصيات مثل ابن رشد ، الذي شكّ ، ثم رجع إلى الإيمان بشكل مختلف تماماً.
وهذا ليس تفكيراً دوغمائياً، بل تجربة عقلية-روحية عميقة.
فهل نحاكم الدين كله بأفعال دوغمائيين… وننسى المتدينين المتحررين فكرياً؟

زميلي اللاأدري:
لكن الغالبية لا تفكر بهذا العمق، بل تسير مع القطيع.

فقلت له :
صحيح… لكن هذا ينطبق على كل الاتجاهات.
كم من الناس اليوم يرددون "العلم قال" و"الدين خرافة" دون أن يفتحوا كتاباً فلسفياً أو دينياً أو حتى علمياً؟
القطيع لا دين له.
والمسؤولية على المفكرين – مؤمنين أو غير مؤمنين – أن يرتقوا بالحوار إلى ما فوق الشعارات.


 ===========================

 

الجزء الخامس عشر من الجولة الثالثة :

 

كان حوارا كالتالي : 

 

زميلي اللاأدري:
جميل أنك نقلت لي  كل هذه الآيات التي تتحدث عن وجوب اعمال العقل ، لكنك لم تُجب على سؤالي بل زدتَه وضوحا: القرآن مليء بكلمة “يعقلون” لكنه لم يذكر “الدماغ” ولو مرة واحدة. كيف لكتاب يُفترض أنه أنزل لهداية العقول أن يتجاهل العضو البيولوجي المسؤول عن التفكير؟! كلمة دماغ عربية أصيلة، وهي مسجّلة في معاجم اللغة القديمة مثل رد لسان العرب لابن منظور الدماغ ما في الرأس من مخّ وغيره و في القاموس المحيط للفيروزآبادي الدماغ المخّ وجاءت الكلمة أيضا في الصحاح في اللغة للجوهري إذا دماغ كلمة عربية فصحى كانت معروفة قبل الإسلام واستُخدمت في الشعر واللغة

فقلت له :
فكرة أنّ “العقل” حصريا في الدماغ هي نتيجة العلم العصبي الحديث، وهذا لا ينقص من قيمة النص إنْ لم يستخدم المصطلحات المُحكَمة لأدوات التشريح. القرآن نزل بلسان عربي مبين، مخاطبًا لغة ووعي مجتمع صحراوي عاش قبل 1400 سنة.

  • في الثقافة العربية واللغات السامية، “القلب” (قَلْبٌ) ليس فقط مضخةً دموية بل رمزٌ لمقعد التفكير، والضمير، والعاطفة، والنية.

  • كلمة “دماغ” موجودة في العربية الفصحى القديمة ولكنها لم تكن مُستخدمة عند عامة الناس لوصف مراكز الإدراك؛ فكانت أقرب للمعاني التقنية. القرآن يخاطب “الناس” بلغتهم اليومية.

زميلي اللاأدري:
لكن العلم الحديث أثبت أن التفكير يتم في الدماغ لا في القلب. إذًا القرآن أخطأ في أبسط مسألة تشريحية!

فقلت له :
لا بالضرورة. ما يهمُّ القرآن هو موضوع الهداية، وليس كتابا طبّيا تشريحيّا.

  1. وظيفة النصّ: الهدف أن يوقظ الضمير والعقل الداخلي، فيُحفّز الإنسان على التأمل (“أفلا تعقلون؟”) ويُنبِّهه إلى مرض القلب الروحي (“إنها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور). فالعمى هنا لفظ مجازي كما ان القلب لفظ مجازي دال على النيات و الخواطر و المشاعر و الوجدان

  2. المجاز البلاغي: القرآن كثيرا ما يستخدم الصور المجازية:  اليد ترمز للقدرة، والوجه للكرامة , و العين للرعاية…

  3. التوجه التاريخي: في زمن الوحي، لم يكن تشريح الدماغ متاحا بهذا التفصيل. فلو أن النص نزل اليوم، قد يخاطبنا بمصطلحات عصبية. لكن ذلك لا يضعف القيمة الروحية والأخلاقية للآيات.

زميلي اللاأدري:
إذا أنت تقول إن القرآن ليس معنيا بالدقة العلمية؟

فقلت له :
لا أقول ذلك مطلقا، لكن من المنصف أن نفرّق بين:

  • دقة النص في عرض قواعد العقيدة والفضائل الأخلاقية، وهذه لا تخضع لتطور علم التشريح.

  • تفصيل العلوم الطبيعية والتشريح، الذي اكتُشف تدريجيّا ولا يُطلب من كتاب هداية أن يكون مرجعا تشريحيّا.

إذا كان المطلوب كتاب طبِّي، نخضعه لمنهج البحث العلمي والتجارب. أما القرآن فهو كتاب هداية روحية وأخلاقية، يستخدم “القلب” مجازا ومفهوما لغويّا ليعبّر عن مركز القرار والإدراك عند الإنسان.


  • فالقرآن مخاطب للضمير والوجدان بلغتهم اليومية: لذلك “القلب” رمزٌ للأفكار والمشاعر معا.

  • غياب كلمة “دماغ” التشريحية لا يقلل من عمق وإنسانية الخطاب القرآني، بل يُظهر حكمة في استخدام المجاز واللغة البليغة.

  • لو نزل الكتاب اليوم، قد يصاحبه شروح علمية، لكن الهدف الرئيس يبقى هداية القلوب والعقول، لا تبيان تشريح الأعضاء.


 

============================

 

الجزء السادس عشر من الجولة الثالثة .

 

========================
يقول زميلي اللاأدري :
كاتبُ الوحي... أول المرتدين!

عبد الله بن سعد بن أبي سَرح، أولُ مرتد في الإسلام، وهو أحد الصحابة الذين سيدخلون الجنة كما يدّعي المسلم، وإنهم جميعاً عدول وصادقون!

كان كاتباً للوحي وكان محمد يُملي عليه الآيات فأمرهُ ذات يوم، أن يكتب (السميع العليم) فكتبها (العليم الحكيم)! وأمره أن يكتب (عزيزٌ حكيم) فكتبها (غفورٌ رحيم) ولم يعترض عليه محمد، ومازالت مكتوبة في القرآن!

وفي موقف آخر، كان محمد يُملي عليه سورة (المؤمنون)، وكان فيها تفصيل خلق الإنسان، فأنبهر عبد الله بن سعد بهذا الوصف وقال "فتبارك الله احسن الخالقين" فأمره محمد أن يكتبها، وادَّعى إنها اُنزلت هكذا..!

 شك عبد الله في الأمر، وقال: لئن كان محمدٌ صادقاً لقد أُوحي إليّ، ولئن كان كاذباً لقد قُلت كما قال، فارتد عن الإسلام وهرب الى مكة!

 هذا أحد صحابة محمد، وأحد كتبة القرآن والوحي، ويعرف كل صغيرة وكبيرة عن حقيقة هذا الدين ونبيه، أفضل مني ومنك أيها المسلم!

أولاً، كيف تلومني إنْ صدّقت هذا الرجل (عبد الله بن سعد) وكيف لي أنْ أكذبه، واُصدّقك أنت أو رجال الدين، وأنتم لم تروا محمداً، ولم تسمعوا منه، ولم تجلسوا معه، ولم تكتبوا له القرآن!

أما ثانياً، يدّعي المسلم بأنه لا يمكن للإنس ولا للجن أن يأتوا بمثل آيات القرآن، وهذا الصحابي جاء بأية، وكُتبت في القرآن، ومازال المسلم يتعبد بها، ولا يمكن له أن يفرّق بينها وبين الآيات الأخرى!
 

 

===========================

 

الرد على الجزء السادس عشر من الجولة الثالثة من نقاش مع زميلي اللاأدري :

 

 يوسف بحر الرؤيا

قلت له يا زميلي اللاأدري : 

أولاً، دعنا نفكّر بالمنهج التاريخي والنقدي قبل القفز إلى الاستنتاجات:

  1. مصدر القصة وأمانته:

    • هذه الحكاية معروفة في بعض كتب “الإسرائيليات” والروايات غير الموثوقة، لكنّها ليست مذكورة في كتب التفسير أو السيرة المعتبرة عند أهل السنة (كابن كثير، والطبري، والقرطبي).

    • عبد الله بن سعد بعد ارتداده فقد أهلّيته ليكون شاهدا موثوقا على ما يدعيه، لأن الإسلام يشترط عدالة الراوي وضبطه.

  2. آلية تثبيت النص القرآني الشاملة:

    • القرآن لم يُرسَل إلى قلب صحابي واحد ليكتبه وحده، بل أُنزِل وتُلِيَ على جموع الصحابة في كل صلاة وصُدِّق به الجميع دون استثناء.

    • كان هناك حفظ شفاهي جماعي (آلاف الحُفّاظ) ومراجعة كتابية أمام النبي وأمّهات المؤمنين وزيد بن ثابت وغيره من أدباء قريش. أي خطأ كتابي صغير كان يُصحَّح فورًا.

  3. التصحيح الفوري لأي اختلاف:

    • إذا تغيّرت كلمةٌ في صحف معينة عن حسن نية أو غيرها، فإن المصاحف كانت تُجمع وتُصحَّح في عهد أبي بكر ثم عثمان رضوان الله عليهما، بمراجعة صحابة كبار من حفظة الصدور والسطور.

    • ولهذا نجد أن مصحف عثمان واحدٌ متواتر، لا اختلاف في هذه الآيات التي يتحدث عنها زميلك.

  4. لماذا لا تُوجد هذه الآيات عند أحدٍ اليوم؟

    • لا توجد نسخة واحدة تدعم ذلك – والمعنى الثابت في كلّ المصاحف والمراجع هو “فتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ”.

     

فقال لي زميلي اللاأدري :

كيف تلومني إن صدقت هذا الرجل، وكيف لي أن أكذّبه وأنا لم أرَ محمداً ولم أسمع منه شيئاً بنفسي؟

فقلتُ له :

  • ثقة المصدر تبنى على عدة عوامل:

    1. تواتر الرواية: انظر إلى الأحاديث والآثار المتواترة—أنّ القرآن يُتلى كل صلاة ولا يختلف عليه أحد

    2. عدالة الشهود: لا يعتمد التاريخ الإسلامي على راوٍ وحيدٍ مدانٍ بالارتداد، بل على آلاف الصحابة العدول.

    3. التصحيح الجماعي: النصوص لم تمر عبر يدٍ واحدة، بل راجعها أكثر من جيلٍ .

  • المسلمون رأوا الرسول وجهاً لوجه وعاشره أزواجُه، وتعلّموا القرآن عن شفتيه مباشرةً أثناء الوحي، ثم حفظه الصحابة وكتبه زيد بن ثابت وغيره بوجود النبي وأصحابه أمامه.

  • القصة عن عبد الله بن سعد قائمة على روايات ضعيفة أو ملفقة، ولا تجد سندا تاريخيّا أو مخطوطا واحدا في كتب التفسير والمصاحف.

  • القرآن مصحف متواتر شفهيّا وكتابيّا، جرت عليه مراجعات فورية في حياة النبي ثم في خلافة أبي بكر وعثمان لمنع أي ضياع أو تحريف.

  • ثقة النص لا تُبنى على روايةٍ واحدةٍ ضعيفةٍ لشخص ارتدَّ و الذي أسلم مرة أخرى بعد ذلك !!!، بل على آلاف الشهود وحفظة الوحي من الصحابة والتابعين.

     

    ==========================

     

    الجزء السابع عشر من الجولة الثالثة :

    يقول زميلي اللاأدري :

     

هل الإسلام ديانة وثنية؟
الإسلام ـ في بنيته الشعائرية ـ يُمارس وثنية شعائرية، حتى وإن أنكَرها، وذلك استنادًا إلى تعريف الوثنية في الفلسفة الدينية، وتحليل النصوص الإسلامية ذاتها، وعلى رأسها القرآن.



🟥 أولًا: التعريف العلمي للوثنية
في الدراسات الدينية المقارنة، والأنثروبولوجيا الدينية، تُعرَّف "الوثنية" (Paganism / Idolatry) بأنها:

"ممارسة شعائر تعبّدية تجاه كيان مادي محسوس، يُعتقد أنه إما يمثّل الإله أو يُقرب إليه، ويُعامل ضمن الطقس بوصفه مركزًا أو وعاءً للقداسة."

📚 المصدر:
Mircea Eliade, "The Sacred and The Profane", 1957
Walter Burkert, "Homo Necans", 1972
Karen Armstrong, "A History of God", 1993

هذا التعريف لا يشترط تعدد الآلهة، بل يركّز على طبيعة العلاقة بين الإنسان والمادة المقدّسة.

🟥 ثانيا: الممارسات الشعائرية في الإسلام التي تنطبق عليها خصائص الوثنية

في الإسلام توجد ممارسات شعائرية تعبّدية تتوجه نحو كيانات مادية محددة، أهمها:

* السجود تجاه الكعبة – فرض تعبّدي يومي مشروط باتجاه مادي.
* الطواف حول الكعبة – شعيرة دائرية جسدية حول بناء حجري.
* تقبيل الحجر الأسود – يُسنّ تقبيله والتزاحم عليه، رغم كونه جمادًا.
* شرب ماء زمزم طلبا للشفاء أو البركة.
* ذبح الأضاحي باتجاه الكعبة.

هذه الممارسات لا تملك تبريرا أخلاقيا أو عقلانيا مستقلا، بل تقوم على "الامتثال الطقسي"، وهو سلوك مطابق دينيا لما كانت تمارسه المجتمعات الوثنية القديمة تجاه الأصنام، أو الحجارة المقدّسة، أو الرموز الكونية.

🟥 ثالثًا: الرد القرآني على نفس التبريرات (هل يدين الاسلام نفسه؟)

في سورة الزمر، يذكر القرآن حجة الوثنيين بوضوح:
{ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} – الزمر

وهذه الحجة مطابقة تماما لما يقوله المسلم حين يُسأل: "لماذا تسجد للكعبة؟" أو "لماذا تطوف وتقبّل الحجر؟" فيُجيب:

"لا نعبدها، بل نطيع أمر الله ونتقرّب إليه من خلالها"

لكن القرآن ردّ على هذا التبرير بقوله في نفس الآية:

{إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار}

أي أن نية التقرب عبر وسيط مادي لا تبرّر الفعل، بل تُجرّمه دينيا.

🟥 رابعا: المفارقة الفقهية – كيف تجاهل الفقه هذا المنطق؟

الفقهاء شرعنوا هذه الممارسات ورفَضوا تسميتها "شركا" لأنها تمت بأمر إلهي.
لكن هذا يعيد إنتاج التبرير الوثني نفسه الذي أنكره القرآن على غيرهم.
أي أن التوحيد المعلن لفظيا، لا يلغي وثنية الفعل شعائريا.

📚 للمراجعة:
ابن حجر العسقلاني، فتح الباري – شرح حديث تقبيل الحجر.
النووي، شرح صحيح مسلم – باب فضل الصلاة إلى الكعبة.


🟥 خامسًا: مقارنة فلسفية مع الوثنيات القديمة

في الهندوسية:
* الطواف حول اللينغام.
* تقديم القرابين للنار.
* تقبيل تمثال كريشنا.

في البوذية:
* السجود لمجسّدات بوذا.
* اللمس المكرّر لحجر "بوذا الأول".

هذه الأفعال لا تختلف شعائريا عن الإسلام، وإنما تختلف في الخطاب المبرّر فقط.

🟥 الخلاصة العلمية:

الإسلام، من حيث بنية الطقوس، يُمارس وثنية شعائرية كاملة:
يتجه في العبادة نحو كيان مادي (الكعبة).

يُخصّص الفعل الطقسي لهذا الكيان المادي (سجود، طواف، تقبيل).
يعلّق نتائج روحية على أفعال مادية بحتة.
ويبرّرها بتقرب إلى الله، وهو نفس ما أنكره القرآن على غيره.

وبذلك، يُصبح الإسلام وثنيا لا فقط بالتعريف الفلسفي الحديث، بل حتى بتعريفه هو نفسه للوثنية، كما ورد في سورة الزمر .


=============================

الرد على الجزء السابع عشر من الجولة الثالثة من نقاش مع زميلي اللاأدري : 

 
فقلت له : 

أفهم التشابه السطحي في “التوجّه إلى جسمٍ مادي”، لكن دعنا نميّز بين:

1. النية والوجهة: عبادة الله لا الحجر

  • الوثنية (idolatry): تعبد الكائن المادّي لذاته، تصدّقه شريكا أو وسيلة متحكمة في التدبير الإلهي.

  • الإسلام:

    • لا يصح عند المسلمين أن يظنّوا أن في الحجر الأسود أو الكعبة أي قدرةٍ ذاتية على إنزال الغيث أو الغفران.

    • هم يتوجّهن إلى الله فقط، “ليطيعوا أمره” ويُجزموا:

      ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة]

2. الأمر الإلهي كضمان لعدم الشرك

  • جميع شعائر الحج والصلاة مذكورة صراحةً في القرآن والسنة بأمرٍ لله تعالى، وهي عبادةٌ مفوَّضة لا مخلوقة:

    ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَىٰ الْمُؤْمِنِينَ كِتَابا مَوْقُوتا﴾ [النساء]

  • فلم تكن هذه الطقوس ابتكارا بشريّا عبثيّا، بل مُنزَلَة (وحي) لنبينا  في الإسلام.

3. الرمز ليس هو المقصود

  • في كثيرٍ من الأديان تُستخدم رموزٌ مادية (ختم، صليب، منجل ونشاب…)

  • لا يعبد المسيحيون الصليب ، بل يُذكرونه بإشارةٍ إلى تضحية المسيح.

  • الكعبة عند المسلمين هي قبلةٌ وحدت قلوب المسلمين في اتجاهٍ واحد، رمزٌ لوحدة الأُمّة ووحدانية الله.

4. القرآن نفسه يميّز بين العبادة الصحيحة والعبادة الوثنيّة

  • الله يقول عن حجّة الوثنيين:

    ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُم فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ [الزمر]

  • الرد الإسلامي:

    • المسلمون لا يدّعون أن الكعبة “تقربهم” بذاتها، بل يطوفون بها و يسجدون تجاهها تنفيذا لأمر الله، وذلك طاعةٌ لله وليست شركا أو تمثيلا له.

5. شهادة الصحابة و التابعين

  • لا يثنِي كُتّاب السيرة أو الفقهاء (ابن عباس، عطاء، الزهري…) عن الطواف والسجود والتقبيل؛ بل يوضّحون أنها سنّة حنيفيّة( توحيديّة ) تحدّ من الفوضى الوثنية (طواف عشوائي) وتتركز على الإتقان والطاعة.


6. الاختلاف الجوهري في الفهم


الوثني                                                    
المسلم
المقصود              
الحجر أو الصنم نفسه                    
الله وحده
القداسةتُنسب للصنم أو التمثالمُنَزَّلة بأمر الله (وحي)
الطاعةتلقائية لإرضاء الكيان الماديتنفيذ لوصية الله ضمن نظامٍ شرعي
الشركصريح (إشراك المخلوق مع الخالق)منفي (1 : الإخلاص لله، 2 : لا شرك)
 
  • التشابه في “التوجّه إلى مبنى” أو “التقبيل” رمزيّ بحت، وليس “عبادة للمبنى” بذاته.

  • الشرط القرآني: ألا تُشرك في العبادة شيئا من المخلوقات، وهذا ما يلتزم به المسلمون قولا وعملا.

  • الوثنية تُعرِّف بالطاعة لمخلوقٍ يخصَّ نفسه بالقداسة، أما الإسلام فيعرِّف الطقس بإرضاء الخالق ذاته، باستخدام إشارةٍ مادية أقرّها.

بهذا يتضح أن الإسلام بعيد كل البُعد عن الوثنية، وأن النظر إلى شعائره على أنها “عبادة للمادة” هو تجاوز في الظنّ وسوء فهم للنية والمرجعيّة الإلهية.

 
============================
 

الجزء الثامن عشر من الجولة الثالثة :

يقول زميلي اللاأدري :

في قصة أصحاب الفيل التي وردت في القرآن يطرح النص الديني فكرة مثيرة للجدل , كيف يُعلَّل تدخل الله الواقي للكعبة , المكان الذي كان يضم ثلاثمئة وستون صنما وثنيا آنذاك ضد جيش أبرهة المسيحي الذي يصور في الرواية كعدو غازٍ ,  
كيف لإله إبراهيم الواحد أن يدافع عن الكعبة التي حولها و فيها ما يقارب 360 صنم ؟ ,
 تثير هذه القصة تساؤلات عن سياقها الزماني خاصة وأنها حدثت قبل ميلاد النبي محمد وقبل ظهور الإسلام كدين يوحد العبادة في مكة لكن السؤال الأعمق يكمن في مدى اتساق القصة مع الواقع الطبيعي , فالفيلة بحسب دراسات علم الأحياء لا تتحمل العيش في مناخ جاف كاليمن ولا سيما في مناطق مرتفعة مثل صنعاء أكثر من الفين متر فوق سطح البحر حيث تندر الرطوبة والغابات الاستوائية التي تعتمد عليها هذه الكائنات في البقاء كما أن رحلة قطع آلاف الكيلومترات دون إمدادات تكفي لجيش تعتبر ضربا من الخيال العلمي مما يدفع إلى التشكيك في القصة كرواية تاريخية محضة .  سؤال : أين كانت القوى الإلهية حين انتهكت حرمة الكعبة بعد ذلك ؟ كيف نفسر غياب أي تدخل إلهي في لحظات تاريخية أخرى حين تعرضت الكعبة لانتهاكات مادية ودموية صادمة عندما حاصر مسلم بن عقبة مكة عام 64 هجرية ودكها بالمنجنيق حتى أزهقت أرواح الأبرياء ؟ حين هدم عبد الملك بن مروان أجزاء من الكعبة لتحويل مزار الحج إلى قبة الصخرة في القدس عام 73 و 74 هجري أو عندما اجتاح أبو طاهر القرمطي مكة عام 317 هجري فاقتلع باب الكعبة ودنس حرمتها وسلب الحجر الأسود وقتل آلاف الحجاج ورما جثثهم في بئر زمزم معلنا بغطرسة أنا بالله وبالله أنا يخلق الخلق وأُفنيهم أنا , ثم حول مراسم الحج إلى منطقة نفوذه في البحرين لعقدين . في كل هذه المحطات لم تظهر الطيور الأبابيل ولا حجارة سجيل , بل ساد الصمت المطبق وكأنّ العناية الإلهية تختار تدخلاتها بمعيار غامض , بل ساد الصمت . 

=============================

الرد على الجزء الثامن عشر من الجولة الثالثة من نقاش مع زميلي اللاأدري :

 
قلت له يا زميلي اللاأدري : إليك الردود التالية :

1. السياق التاريخي لقصة أصحاب الفيل:

  • الهدف من القصة في القرآن:
    لم يرد ذكر القصة في القرآن كسرد تاريخي محض، بل كـآية توحيدية تثبت أن الكعبة - رغم تحوُّلها لمركز وثني - كانت رمزا لعبادة إبراهيم الأصلية، وأن الله يحميها ليس لأجل الأصنام، بل لكونها "بيتا وضع للناس" (آل عمران)، ولإعدادها لتصبح لاحقا مركز التوحيد في الإسلام.

  • الرسالة:
    إبطال زعم أبرهة (الذي أراد تحويل الحج إلى كنيسته في اليمن)، وتأكيد أن السلطة المطلقة لله، حتى لو استُخدم المكان لشرك آنذاك.

  • التحدي البيولوجي (الفيلة واليمن):

    • الجيوش القديمة (مثل جيش أبرهة الحبشي) كانت تستخدم الفيلة كرمز قوة نفسي لا كأداة حرب رئيسية، وقد سجَّلت نقوش أثرية (مثل نقش النمارة) وجود فيلة في الحملات العسكرية بالمنطقة.

    • القرآن لم يذكر تفاصيل الرحلة، بل ركَّز على "الآية"، لذا لا تعارض مع العلم؛ لأن المعجزة ليست في الرحلة بل في العقاب الإلهي الذي كان بوباء الجدري .


2. الفرق بين "الحماية الرمزية" و"القانون التاريخي":

  • العناية الإلهية في المنظور الإسلامي:
    ليست آلية ميكانيكية تتدخل في كل انتهاك، بل تُقدَّر بحكمة:

    • قصة الفيل كانت إرهاصا لولادة النبي محمد (الموافق عام ميلاده)، كإشارة لبدء مرحلة جديدة.

    • بعد بعثة النبي، أصبحت حماية الكعبة مسؤولية البشر (كما في صلح الحديبية)، لا معجزات مباشرة،

  • الانتهاكات اللاحقة (مثل أحداث القرمطي):

    • الإسلام يُقرُّ بمبدأ الابتلاء: فالتاريخ البشري ساحة صراع بين الخير والشر، والغياب الظاهري للتدخل المادي ليس دليلًا على غياب العدل الإلهي، بل قد يكون العقاب مؤجلًا (كعذاب الآخرة) أو يتحقق عبر سنن التاريخ (مثلاً: القرمطي قُتل بعد سنوات بشكل مذل، ودُمرت دولته).

    • الكعبة في الإسلام ليست "تميمة سحرية" تُحصِّن نفسها بنفسها، بل مكان يُكرَّم باحترام الناس له، فإذا فسد الناس، فسدت حرمته.

  • حصار مسلم بن عقبة (64 هـ): كان صراعًا سياسيًا بين فصائل مسلمة (الأمويين وعبد الله بن الزبير). الإسلام يؤكد أن الدنيا دار ابتلاء، والتدخل الإلهي ليس مضمونًا في كل أزمة.
  • عبد الملك بن مروان (73-74 هـ): لم يهدم الكعبة، بل أعاد بناءها بعد تضررها في الحروب. قبة الصخرة لم تكن بديلاً عن الكعبة، بل مزارا إسلاميا آخر.
  • القرامطة (317 هـ): فعلهم كان جريمة بشعة، لكن غياب التدخل الإلهي لا يعني غياب العناية الإلهية. القرآن يؤكد أن الله يمهل ولا يهمل، والحساب قد يكون في الآخرة.

  • الحكمة الإلهية لا تخضع لمعايير البشر، فالله يتدخل أو يمتنع وفق علمه المطلق:
    ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ (الأنبياء).

  • الإسلام يرفض فكرة أن الله "مدين للبشر" بالتدخل في كل ظلم، بل جعل الحياة دار اختبار:
    ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾ (العنكبوت).

الإسلام نفسه حرر الكعبة من الأصنام، فلو كان دفاع الله عنها سابقا تناقضا، لَما أذن النبي بهدم الأصنام داخلها!

تدخل الله لا يعني تأييد الوثنية، بل قد يكون حفظا لمكانة البيت كموقع مقدس سيُستعاد للتوحيد. القرآن يصف الكعبة بـ"البيت الحرام" و"المشرف"، مما يؤكد قدسيتها بغض النظر عن الممارسات المؤقتة.

. الرد الفلسفي على "الصمت الإلهي"
  • زميلي يطرح إشكالية "الصمت الإلهي"، وهي قضية فلسفية تُعرف بـ"مشكلة الشر". 
     في الإسلام، الحياة الدنيا دار اختبار والتدخل الإلهي ليس مقياسا للعناية الإلهية. الله قد يتدخل في سياقات معينة لحكمة يعلمها، وقد يترك الأحداث تجري لاختبار إيمان البشر أو لتحقيق مصالح أعلى.
  • الصمت الإلهي لا يعني الغياب، بل قد يكون دعوة للبشر لتحمل مسؤولياتهم. الإسلام يحث على العمل والدفاع عن الحق، لا الاعتماد الكلي على التدخل الإعجازي.
قصة أصحاب الفيل تُظهر تدخلاً إلهيا استثنائيا في سياق تاريخي محدد، ولا تعني أن الله يتدخل دائما بنفس الطريقة. التساؤلات عن "الصمت الإلهي" مشروعة، لكنها تُجاب من منظور ديني يرى الحياة كاختبار
 
===========================
 
الجزء التاسع عشر من الجولة الثالثة :
بعث لي زميلي اللاأدري هذه الرسالة كالتالي :
 
حتى بعد إزالة كل الجسيمات، لن تحصل على "عدم" — بل على فراغ كمومي نشط، يُمكن رصد طاقته فعليًا.

❶ الفراغ الكمومي ليس "لاشيء" بل "بحر من الاحتمالات"
في ميكانيكا الكم، الفراغ: ليس ساكنًا، بل يمتلئ بـ تقلبات كمومية (quantum fluctuations).
وهي لحظات قصيرة يظهر فيها زوج من الجسيمات/الجسيمات المضادة، ثم تختفي فورًا. يُسمونها:
Virtual Particles — جسيمات "افتراضية"، لكنها تؤثر واقعيًا.

❷ هل هذه التقلبات تؤثر على شيء مادي؟ نعم.
تأثير Casimir Effect: إذا وضعت لوحين معدنيين على مسافة نانومترية في فراغ، سيُسحبان نحو بعضهما بقوة ناتجة من طاقة الفراغ ذاته!
الإشعاع الهارب من الثقوب السوداء (Hawking Radiation): ينتج من تقلبات الفراغ على حدود أفق الحدث.
الطاقة المظلمة: الكمية الهائلة من طاقة الفراغ مسؤولة جزئيًا عن تسارع تمدد الكون.

❸ إذًا، لا وجود لفراغ "مثالي صامت خامل"
❌ لا في المعمل،
❌ لا في الفضاء،
❌ لا حتى في نظرية كل شيء.

خلاصة قاطعة:
الفراغ، حين تفرغه تمامًا من الجسيمات، لا يصبح عدماً، بل يتحول إلى مفاعل احتمالات مليء بالطاقة والتقلبات.نحن نرصد أثر هذه الطاقة اليوم، في الفيزياء التجريبية، والمراصد الفضائية، وحتى في ديناميكيات تمدد الكون.

لذلك، فإن السؤال بمجمله (من خلقك؟) ملغوم منطقيًا:

هو افتراض لوجود كائن، معزّز بمفهوم غير معرفي، موجه لإحراج من لا يقبله.

ولذلك فإن الجواب الفلسفي والعلمي الصارم يجب أن يكون:
❌ "من خلقك؟" ليس سؤالًا.
✅ بل هو تحايل لغوي لإجبارك على القبول بمقدّمة لم تُثبت أصلًا.

إذا أردت أن تسأل هذا السؤال بشكل نزيه، فأعد صياغته كالتالي:
"هل يمكن إثبات وجود كائن واعٍ أوجدك من لا شيء؟ وما تعريف العدم؟ وما الدليل على إمكانيته؟"
فقط حينها يصبح السؤال قابلاً للفحص
 
==========================
 
الرد على الجزء التاسع عشر من الجولة الثالثة من نقاش مع زميلي اللاأدري :
 
 
كتبت له هذا الرد كالتالي :
 

هذه الحُجج الفيزيائية ضدّ افتراض الفراغ المطلق صائبةٌ في سياق ميكانيكا الكم، ولكنها لا تنسحب تلقائيّا على السؤال الفلسفي–اللاهوتي “من خلقك؟”؛ لأنهما يتحدّثان عن مفهومين مختلفين للـ«عدم»:


1. التمييز بين “العدم الفلسفي” و“الفراغ الفيزيائي”

المفهومالعدم الفلسفي/الميتافيزيقيالفراغ الكمومي (Vacuum)
التعريفغياب كلِّ وجود وخصائص؛ لا مكان، لا زمان، لا طاقة.أقل حالة طاقة ممكنة في حيزٍ زمني–مكانيّ، مليء بتقلبات.
الخصائصاستحالة أي شيء، حتى احتمالٌ أو حدثٌ.احتمال إنتاج جُسيمات افتراضية، طاقة مظلمة، تأثير كازيمير…
السؤال المطروح“كيف يمكنكَ الخروج من العدم المطلق إلى الوجود؟”“كيف يستقر فراغٌ فيه تقلبات طاقة ويؤثّر في الكون؟”
النطاقفلسفة العلة الأولى (السبب المطلق) وديناميكيّة الخلق.فيزيائيّات الجسيمات والطاقة في إطار فضاء–زمن قائم.












2. لماذا لا يُلغي الفراغ الكمومي حُجَّة “من خَلَقَك؟”

  1. سياق السؤال الفلسفي–الديني

    • السؤال “من خلقَ الكون من لا شيء؟” لا يَسأل عن الفراغ الكمومي ضمن الكون، بل عن السبب الأول الذي لا يكون نفسه حادثا.

    • الفيزياء تدرس كيف يمضي الكون من حالة إلى أخرى داخل “الإطار” (الزمان–المكان) القائم، وليس كيف بدأ الإطار ذاته.

  2. محدوديّة العلوم التجريبية

    • تجربة كازيمير وهَوكنغ والإشعاع الهارب تؤكد وجود طاقة في الفراغ، لكنها لا تشرح الحدود الأولى للفراغ أو ظهور الفضاء–الزمان ذاته.

    • لا تزال فرضيات فيزيائية (نظرية الأوتار، الجاذبية الكمومية) تتناول “ما قبل” الكون، أمّا السؤال عن “العدَم الفلسفي” فهو خارج حيّز القوانين التجريبية.

  3. السؤال الصادق يُعيد بناء مقدمته

    • كما وضّحت، يجب أن نفرّق بين “العدم الكمومي” و”العدم المطلق”.

    • بصياغةٍ أكثر دقة:

      “هل توجد آلية فيزيائية تكفي لولادة الزمكان والجسيمات من لا شيءٍ بكل ما فيه من قوانين وإنشاءات رياضيّة، أم لا بدّ من علّة أولى تتجاوز إطار الطبيعة نفسها؟”

3. الخلاصة

  • الفراغ الكمومي مملوءٌ بالطاقة والتقلبات ضمن إطارٍ سبَبيٍّ فيزيائي، لكنّه ليس “العدَم” الفلسفي أو الميتافيزيقي الذي يشغل السؤال الوجوديّ عن السبب الأول.

  • السؤال عن “من خَلَقك من لا شيءٍ” هو سؤال فلسفيٌّ–ميتافيزيقيٌّ عن استنطاق علّةٍ غير حادثةٍ، لا سؤال عن آليات الكون داخل الزمان والمكان.

  • إذا أردنا نقاشا موضوعيّا، علينا إعادة صياغة المقدمات وتحديد الإطار:

    • أيُّ “عدم” نعني؟

    • أيُّ “خلق” نسأل عنه: خلقُ الفضاء–الزمان، أم خلقُ محتوياته بعد نشوئه؟

    • ما هي حدود الميتافيزيقا ومجال الفيزياء في القضية؟

بهذا التمييز يتبيّن أنّ التداخل بين الفيزياء والميتافيزيقا يجب أن يحترم حدود كلٍّ منهما، لكي نسأل الأسئلة الصائبة عن علّة الوجود أو سبب الكون من منبعٍ صريحٍ ومنطقي.

 

==========================

 

الجزء العشرون من الجولة الثالثة :

 

يقول زميلي اللاأدري :

 يا صديقي العزيز إنّ  الشجاعة تجدها فقط عند الملحد أمّا المتدين فهو جبان لايتخيل نفسه انه كائن تافه وسيتحلل ويذهب للعدم , يريد ان يشعر انه كائن عظيم ولاجله وجدت هذه المنظومة , يخاف ان يتأكد انه سيفنى وليس هناك حياة اخرى وليس هناك حوريات و لابطيخ لذا سيبقى هذا الغبي يبحث في رد الشبهات لكي يرتاح من وجع الحقيقة و الصدمة


============================


الرد على الجزء العشرين من الجولة الثالثة من نقاش مع زميلي اللاأدري :


يوسف بحر الرؤيا


قلت لزميلي اللاأدري :

الشجاعة ليست حكراً على الإلحاد

  • شجاعة المعتقد: يحتاج المؤمن إلى شجاعة أكبر لأنّه يلتزم بقيم وأحكام قد لا يراها العالم مقبولة، بل تتحمّل أحياناً سخرية أو اضطهادا.

  • شهادة التاريخ: رأينا مسيحيين ويهودا يواجهون الاضطهاد والسجون والموت دفاعا عن إيمانهم؛ وكذلك في الإسلام (سمية ، وعمار بن ياسر، وبلال بن رباح…) لما ثبتوا على الحق رغم التعذيب.

مواجهة “العدم” ليست سهلة للملحد أيضا

  • المعضلة الوجودية: الاعتقاد بأنّ الحياة بلا معنى نهائيّا وأنّنا “سنتحلّل ونذهب للعدم” يمكن أن يولّد قلقا وجوديّا شديدا (الاكتئاب أو النرجسية) ربما أشدّ من خوف المؤمن من الموت، لأنّ الخوف عند الملحد يغدو بلا أي وعد أو أمل آخر.

  • شجاعة الإيمان: المؤمن يواجه الموت وفي قلبه يقين بالجزاء الإلهي والخلود الروحي، وهو أملٌ يمنحه قوة للاستمرار في المحن.

  • البحث عن الحقيقة: التزام المؤمن بالردّ على الشبهات ليس “هروبا من الحقيقة” بل دليل على ثقةٍ في عقله وفي نصوصه المقدّسة، واستعداد للتعامل مع تساؤلات العصر بمنهج علميّ ونقاش موضوعي.

  • عطاء الأفراد: كثير من المتدينين يضحّون بأرواحهم لحماية الآخرين

  • الأبطال العلمانيون: تميزوا بشجاعة فردية أيضا، لكنّها ليست بالضرورة “أفضل” من شجاعة المؤمن بقضيته ومعنوياته.

 الخلاصة

  1. الشجاعة قيمة إنسانية تتجاوز الانتماء العقائدي.

  2. المؤمن يواجه تحديات إضافية (ملاحظة تهميشه أحيانا أو سخرية المجتمع)، ويصمد بدافع اليقين والأمل.

  3. الملحد قد يشعر بشجاعة زائفة أمام “عدم” لا يملك جوابا له، بينما المؤمن يجد في إيمانه سلوى و عزاء و اطمئنان ,

الشجاعة الحقيقية أن تواجه أسئلتك الوجودية بعقلٍ منفتح .







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق