افتتح
سيدي و حبيبي يوسف بن المسيح ﷺ هذه الجلسة المباركة ، و ثم قرأ أحد أبناءه
الكرام من أحكام التلاوة ، و ثم قام نبي الله الحبيب بقراءة الوجه الرابع و
العشرين من أوجه سورة البقرة ، و استمع لأسئلتنا بهذا الوجه ، و ثم شرح
لنا يوسف الثاني ﷺ هذا الوجه المبارك .
بدأ نبي الله جلسة التلاوة المباركة بقوله :
الحمد
لله ، الحمد لله وحده ، الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من
تبعه من أنبياء عهده و بعد ، لدينا اليوم درس القرآن و تفسير الوجه الرابع و
العشرين من أوجه سورة البقرة ، و نبدأ بأحكام التلاوة و أرسلان :
* أحكام الوقف و السكت :
- الوقف :
(ج)
وقف جائز ، (قلي) الوقف أفضل و الوصل جائز ، (صلي) الوصل أفضل و الوقف
جائز ، (لا) ممنوع الوقف ، (م) وقف لازم ، وقف التعانق إذا وقفت على الأولى
لا تقف على الثانية و إذا وقفت على الثانية لا تقف على الأولى .
- السكت :
و علامته حرف السين و هو وقف لطيف دون أخذ النفس مثل : من راق ، بل ران .
ــــــــ
و ثم تابع نبي الله يوسف الثاني ﷺ الجلسة بشرح الوجه لنا فقال :
في
هذا الوجه المبارك يختم سبحانه و تعالى بالتحذير من خطر الشيطان ، و أخطر
أخطار الشيطان ما ختم الله فيه هذا الوجه و هو : (وَأَن تَقُولُواْ عَلَى
اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) أي أن تُبطلوا تعاليم الأنبياء و تكذبوا على
الأنبياء و عن الأنبياء و هذا ما حدث مع كل الأنبياء ، و أكثر ما حدث مع
نبي كُذِبَ عليه هو نبي الإسلام محمد -عليه الصلاة و السلام- و كَثُرَ
الكذب عليه ، هو قال ذلك في نبوءة له ، قال : ثم يفشوا الكذب ، و قال : "من
كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" ، و كم من أمةٍ فعلت ذلك؟؟!!! و
أكثر الأمم كذبت على نبيها هي أمة الإسلام و العياذ بالله ، و حدث ذلك
بسبب الأهواء و تسلط إيه؟ الأمور الدنيوية و السلطان و السياسة ، فكانوا
يستغلون إسم النبي في تلفيق الأحاديث لكي يجدوا لهم مصالح دنيوية و سياسية ،
بإختصار ، فهذه أشد مصائب الشيطان (وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا
لاَ تَعْلَمُونَ) .
{إِنَّ
فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ
وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا
أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ
مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ
وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ
يَعْقِلُونَ} :
(إِنَّ
فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) بدء الحياة بعد الإنفجار العظيم ،
(خلق السماوات و الأرض كانتا رتقاً ففتقناهما) جعلنا الإنفجار العظيم ،
تحدثنا عنه بالتفصيل في سابق الأمر ، (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ) بعد كده ربنا خلق الضوء بعد الإنفجار العظيم بــ ٣٠٠ مليون سنة
، (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) فبقى/فأصبح هناك ليل و نهار نتيجة
تعاقب دوران الكواكب أمام النجوم اللي/التي هي أفران موقدة ، (وَاخْتِلافِ
اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) ، بعد كده ربنا ذكر سُنة من سنن الجاذبية و الطفو
في كوكب الأرض : (وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا
يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء) خلي
بالك ، الماء هنا المقصود به المطر ، كذلك مقصود به السائل البركاني
الهيولي الذي خُلقت فيه الخلية الأولى على الأرض ، فبدء الحياة كان من
الخلية الأولى من سائل بركاني هيولي و ما بعد ذلك تطورت الحياة و تطورت
الكائنات الحية و أصبحت تَدُب على الأرض لذلك وضع الله سبحانه و تعالى مد
لازم كلمي مثقل على كلمة دابة ، (وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن
مَّاء) المطر كذلك السائل الهيولي ، (فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ
مَوْتِهَا) بعد أن كان ميتاً ، (وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ) إذاً
نظرية التطور تتحدث عن إيه؟؟ إن المخلوقات خُلِقَت في أماكن شتى في الأرض ،
يعني الإنسان ماكنش/لم يكن واحد كده بس/فقط و اتفرع منه الملايين أو
المليارات دول/هؤلاء. لأ/لا ، و آدم ليس أبو البشر من الناحية الجسدية ، هو
أبوهم من الناحية الروحية فقط ، لكن البشر موجودين قبل آدم بملايين السنين
، إذاً (وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ) يعني البشر تطوروا و تكاثروا
في جميع أقطار الأرض مرةً واحدة ، مش/ليس في جزء واحد فقط من الأرض ، خلي
بالك ، (وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ) هذا معنى البث أي الإنتشار ،
(وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ) قوانين الضغط الجوي و الرياح ، (وَالسَّحَابِ
الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ) يعني بين الغلاف الجوي و سطح
الأرض ، كل دي/هذه قوانين ربنا أوجدها على هذا الكوكب لكي تحيا فيها الحياة
، كل ده/هذا : (لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) من يتدبر الأمر يعقل و
يستدل على وجود مُصرف و مُسبب لذلك و هو السبب الأول و هو حتمية بدء الخلق
من العدم و هو الله .
ـــــــ
{وَمِنَ
النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ
كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ وَلَوْ
يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ
لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} :
(وَمِنَ
النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا) هنا ربنا بيحذر من
الشرك بعد أن استدلوا على وحدانيته من حتمية بدء الخلق من العدم ، (وَمِنَ
النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا) أي نظراء ، الند هو
النظير ، (يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ) أي يُساوونهم مع الله في المحبة
، (وَالَّذِينَ آمَنُواْ) أي اتبعوا الأنبياء موحدين ، (أَشَدُّ حُبًّا
لِّلَّهِ) حُبهم لله لا يُقارن ، (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ
يَرَوْنَ الْعَذَابَ) هنا إيه؟ تهديد للمشركين لعذاب يوم الآخر ، فيقول :
(وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ) أي يوم
القيامة ، (أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) هنا تتجلى القوة صريحة
واضحة لله تعالى في يوم القيامة يوم أن تُكشف الحُجب ، (إِذْ يَرَوْنَ
الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ
الْعَذَابِ) يعني لو يروا ذلك الآن لآمنوا لكن قضى الله سبحانه و تعالى أن
تكون هذه الدنيا دار إختبار و إختيار .
ـــــــ
{إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} :
(إِذْ
تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ) ربنا بيصف حال المساجلات بين الأتباع و
المتبوعين يوم القيامة ، فيكون هناك بينهم تبرؤ و براء عندما يروا الحق ،
(إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ) يعني الرؤساء و أصحاب السلطان و
الطغيان تبرأوا من مين/مَن؟؟ (مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ) من أتباعهم
المغفلين أو المُكرهين ، (وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ
الأَسْبَابُ) (وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ) أي عذاب الله ، (وَتَقَطَّعَتْ
بِهِمُ الأَسْبَابُ) أي السُبل و أسباب الدنيا و السلطان و أصبحوا عاجزين
لا حيلة لهم ، هذا هو حالهم يوم القيامة ، طبعاً لما قلنا لما نقول مكروهين
ده/هذا مش/ليس معناه إن ربنا هنا إيه؟ هيجازي المكره ، لأن ربنا قال على
لسان نبيه : "رُفِعَ عن أُمتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه"
إحنا/نحن بنتكلم بشكل عام لكن الحساب الفردي بينه و بين الله هذا أمر يرجع
إلى الله سبحانه و تعالى ، لا دخل لنا فيه ، لا دخل لنا فيه ، الله أعلم به
مِنَّا .
ـــــــ
{وَقَالَ
الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ
كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ
حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} :
بعد
كده ربنا يُكمل وصف هذا الحال من التبرؤ بينهم ، فيقول : (وَقَالَ
الَّذِينَ اتَّبَعُواْ) أي الضعفاء الذين اتبعوا السلاطين الطاغين و اتبعوا
الطواغيت ، (لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً) مرة أخرى نرجع إلى الدنيا ، هذا
معنى الكَرّة ، (فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا)
يجوا/يأتوا في الدنيا فيتبرؤوا من الطواغيت كما تبرأ الطواغيت منهم يوم
القيامة ، ده/هذا وصف حال ، فربنا بيُعَقب على هذا الوصف فيقول : (كَذَلِكَ
يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ) يتحسروا نتيجة
أعمالهم التي عملوها في الدنيا ظلماً و عدواناً فتكون الأعمال من أسباب
عذابهم ، هكذا تتمثل الأعمال للمجرمين و الكافرين يوم القيامة فيُعذبوا
بتلك الأعمال لأن الجزاء من جنس العمل ، (كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ
أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ) يعني الأعمال تتمثل و تُعذب الطاغين ،
(وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ) يعني مهما طلبوا من الله الخروج
فلن يخرجوا حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً و يُفني النار لأن (الرحمن على
العرش استوى) يعني صفة الرحمن استولت على العرش يعني أصبحت لها الولاية
على العرش ، و استولت مش/ليس معناه سرقت ، لأ/لا ، استولت يعني أصبحت لها
الولاية العظمى على العرش ، فجميع فيوض الله و صفاته ترجع مرة أخرى في
النهاية إلى صفة الرحمن ، فهمتوا معنى الإستواء؟؟ هذا هو المعنى الصحيح .
ـــــــ
{يَا
أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّبًا وَلاَ
تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} :
بعد
كده ربنا بيقول : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) يدعوهم إلى شُكر النعمة و
التفكر ، و شُكر النعمة و التَفكر في نِعَم الله عز و جل ، (يَا أَيُّهَا
النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّبًا) الأصل في الأشياء
الإباحة ما لم يأتِ نص بتحريم ، صح؟ ، بعد كده بيوصيهم سبحانه و تعالى بعد
الشكر عندما يتقلبون في نِعَم الله ، فيقول : (وَلاَ تَتَّبِعُواْ
خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ) لا تتبعوا ذلك العدو اللدود الذي يكره الإنسان
المُكَلف الذي حَمَلَ الأمانة ، أمانة وحي الله عز و جل ، (وَلاَ
تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ) هكذا الشيطان يأتي بتدرج و بتدريج
فربنا بيصف سلوك الشيطان لكي نحذر منه ، (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ)
عدو واضح و صريح و لكنكم إذا غفلتم و أصبحتم في غمرة لا تستطيعون أن
تتنبهوا له ، فتنبهوا بوصية الله أول الموصين و أول الواعظين .
ـــــــ
{إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} :
(إِنَّمَا
يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء) بالشيء السيء و الذنوب ، (وَأَن
تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) و هو أعظم خطوات الشيطان أن
تُبطلوا تعاليم الأنبياء و العياذ بالله ، حد عنده سؤال تاني؟؟ .
ـــــــ
و اختتم نبي الله الجلسة المباركة بقوله المبارك :
هذا
و صلِّ اللَّهم و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم ، سبحانك
اللهم و بحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك و أتوب إليك ، (بسم الله
الرحمن الرحيم ¤ وَالْعَصْرِ ¤ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ¤ إِلاَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ
وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) .
_______
و
الحمد لله رب العالمين . و صلِّ يا ربي و سلم و بارك على أنبياءك الكرام
محمد و غلام أحمد و يوسف بن المسيح صلوات تلو صلوات طيبات مباركات ، و على
آلهم و صحبهم و ذرياتهم الأخيار أجمعين و على أنبياء عهد محمد الآتين في
مستقبل قرون السنين أجمعين . آمين .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق