راية المسيح الموعود

راية المسيح الموعود

الجمعة، 22 يناير 2016

من حافة الموتِ إلى قعر الحياة .



من حافة الموت ِ إلى قعر الحياة .
:
ملاحظةٌ لاحظتها في الأنماط السوسيولوجية للشعوب البشرية في  تعاملاتها مع الحيوانات , يعلم كثيرٌ من المؤمنين الأحمديين و غير الأحمديين أنّ الشعوب الأوروبية تحب الكلب لدرجة التقديس . و التقديسُ هذا لا ينبري للظهور من وجدان تلك الشعوب إلا لشيءٍ لازال قديما في الأزمان البعيدة يحافظ على حياتهم و استمراريتها .  و هذه العلاقة الحية سجلتها أصابع البيولوجيا على الشريط النووي في الخلية البشرية , نعلمُ أنّ الكلاب كانت هي حارسة الأمّة المسيحية في قرون الكهف الثلاثة في سراديب الموتى و التي أبرزها لنا الخليفة الثاني الحبيب , و صارت أوروبا بعدها كلها مسيحية لكنها لم تنس تلك العاطفة المتقدة المليئة بالشكر و حمل الجميل و العرفان لجنس الكلب الذي كانوا يربطونه بحبل على فوهة كل سرداب من السراديب , و فور نباح الكلب يقومون بإبعاد السلم الخشبي عن فوهة السرداب نظرا لاقتراب الخطر القادم من الجند الروماني المباغت و المهاجم لهم . ظلت تلك العلاقة متوهجة توهج النور دافئة دفء النار في أعماق الوجدان عبر الزمان . تلك العلاقة التي جلبت لأصول الحضارة الأوروبية و أجدادها المسيحيين الحياة و النجاة , فانطبع ذلك تلقائيا في سلوك الأوروبيين الذي نشهده تجاه الكلب و هو حب و تعلق غريب قد تقشعر منه أجساد المسلمين اشمئزازا . و عندما تتخيل لحظات يشعر فيها الإنسان بأنه ميت لا محالة و بسبب تحذير الكلب نجى من موت محقق تستطيع حينها أن تفهم تلك الذبذبة المتصلة بين الكائنين هذين , الأوروبي المسيحي و الكلب . و على نسق ذلك كانت الكلاب تجر زلاجات الجليد لتعين شعوب شمالي روسيا و سيبيريا على إكمال حياتهم و هم من المسيحيين أيضا , فكانت العلاقة لا تزال كمجلبة من حافة الموت إلى قعر الحياة .
كذلك حدث مع بدو الجزيرة العربية ذات الصحاري القاتلة , فلولا سفينة الصحراء الإبل لاستحالت حياتهم . فمنها يشربون الماء المخزن فيها وقت الجفاف و يشربون اللبن و يأكلون اللحم و يستدفئون بجلودها و يستظلون بوبرها في الخيام . و يسميها العربان بالبعير و هم يحبونه حبا جما غفيرا , تجد ذلك في سلوك أهل الجزيرة العربية , تجد تلك العلاقة ذات الحنين بين العربي البدوي و الحضري من جهة و البعير من جهة أخرى . إنها عاطفتهم تجاه ما يسمونها بالبعران , حتى أنهم أحدثوا في العصر الحديث مهرجانا تراثيا ثقافيا لتكريمه و الاحتفاء به و الفخر بعلاقتهم به و هو احتفال الجنادرية السنوي , العلاقة بين الإنسان و الحيوان يكتبها الزمن البيولوجي على الشريط النووي لتظهر صفات تلك العلاقة و آثارها في سلوك الأجيال جيلا بعد جيل . و لا تُكتبُ صفة على الشريط النووي شريط الحياة إلا إذا كانت تلك الصفة قد استنقذت الجسد البشري من حافة الموت إلى قعر الحياة كما أسلفت . كذلك قدست الشعوب الهندية و المصرية القديمة حيوان البقر حتى تطور الأمر بالهندوس إلى عبادتها و إلى الفراعنة إلى تمجيد الثور آبيس في المعابد . لأنّ العلاقة بينهم كانت علاقة استنقاذ حياة من حافة الموت إلى قعر الحياة , فالبقرة و الثور يحرثان الأرض الزراعية في الهند و مصر و تعطي البقرة اللبن و يعطي كلاهما اللحم , و بلغ حد التقديس الهندي للبقر حد تحريم ذبحها من فرط الحب و العرفان و حمل الجميل . إنّ تلك العلاقة بين الإنسان و الحيوان لها من الأسرار ما الله به عليم . ذلك الموجّهُ القويم . د محمد ربيع , مصر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق