مُهطِعِين و عِزِين .
:
هنا الله يصف نفسية الكافرين بالنبيين و
بالتالي يعالجها , لقد وصف نفسيتهم بلفظين فريدين , مهطعين و عزين , و اللفظتان
ذاتا دلالات صوتية في اللغة العربية الحميدة , يقول تعالى في سورة المعارج { فمال
الذين قِبَلَكَ مُهْطِعِيْن * عن اليمين و
الشمال عِزِين } و يقول تعالى { مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم و
أفئدتهم هواء }
مُهْطِعْ : هَطَعَ == تنبيه و قطع و لعاعة
. الهاء تنبيه , و الطاء قطع , و العين لوعة و لعاعة . و المعنى ما بال هؤلاء
الكافرين يحذّرون منك بكل قطعيّة و لوعة حيث يدورون شمالا و يمينا في كل اتجاه
يبررون تحذيرهم هذا منك و من دعوتك .
عِزِين : أي يعزون أي يبررون و يذكرون
أسباب تحذيرهم الناس منك بتنبيه و قطع و لعاعة .
و في الآية الأخرى ( مهطعين مقنعي رؤوسهم
لا يرتد إليهم طرفهم و أفئدتهم هواء ) تأتي بنفس المعنى في مشهد تمثيلي أنهم
بتحذيرهم منك كانوا يقنعون أنفسهم أولا ( عقولهم التي في رؤوسهم ) قبل أن يقنعوا
غيرهم بكذبك , مصرين على ذلك بهمة حيث لا يطرف لهم جفن من جديتهم و مع ذلك قلوبهم
خاوية ليست على أساس متين بل هو هواء و هوى و ميل مع المائلين و خوض مع الخائضين و
عبث مع العابثين المشمئزين .
أجداث : أجد فعل مستمر لكل أحد يدخل القبر
حيث يجد الدهشة و اللتي يمثلها صوت حرف الثاء , الدهشة و الثبور .
و الثبور هو ( دهشة البوار و الخسران ) .
غور : صوت الغين يفيد الاختفاء , راء هي
الرؤية و الرؤيا ,
و منها اشتقت كلمة الغيرة : غار أي أخفى رؤيته الشريرة
لِنِعمة أحد غيره حسدا و ألما .
و الغين صوت يفيد الاختفاء و الأدق يفيد
الإخفاء القسري كما يخفي الغرق صوت المغرغر فيموت جسدا و صوتا .
غِرَّة : غفلة أي اختفاء الرؤية للأمر
المفاجيء لدى المتفاجيء .
غرور : اختفاء البصيرة لدى المتكبر من
المكلفين .
غَرُور : اسم من أسماء إبليس يدل على صفة
من صفاته .
غرغرة : اختفاء الصوت فلا يُرى سماعه .
على غرار : أي على مثل صفاته الخفية لشدة
المماثلة بينهما .
=============
رَمْسْ : رؤية مسيس اللذة أو الألم و هو
مشهد المفاجئة عند الموت و هو الرمس .
جَدَثَ : وجد \ الدهشة , ( جد , ث )
مثبورا : أي غطت الدهشة على عقله و تفكيره
لقوة المفاجئة و هكذا وصف الله فرعون في القرآن لتفاجئه بالآيات الموسوية فانقاد
إلى البوار و الخسران .
صَرْصَرْ : رؤية الاتصال المتكرر و هو وصف
الله للريح المعذبة لقوم عاد ( ريح صرصر عاتية )
ص == اتصال , ر == رؤية و رؤيا .
تمور : الأرض تهتز نتيجة الشد و الجذب من
آثار الخسف , و هي من المماراة أي التجادل و الشد و الجذب بين المتجادلين , و
أصلها مارا : أي لم يرَ . ( ما \ را ) من شدة الغفلة و العمى الذي يحدثه الجدال و
التعصب .
ذرأكم : من ذرو البذور و هو وصف تمثيلي
لبداية نشأة الإنسان كخلية أولية ثم نبات .
قِدَدَا : أي مقطعة منفصلة .
لِبَدا : من التلبيد و التغبيش و الطمس و
التشويش و هي من طرق الكافرين مع النبيين .
( و قد خلقكم أطوارا ) من أدلة نشأة و
تطور البشر عبر الأحقاب في ست مراحل .
غسلين : عصارة اهل النار و كأنهم غُسِلوا
بالنار فخرج خبثهم فصار طعاما لهم من جنس أعمالهم .
حميم : يعطي معنى الضد : فتارة يأتي بمعنى
الحبيب المشفق و تارة يأتي لوصف عذاب جهنم كأنه عذاب محب للكافرين لا يفارقهم .
النِّعمة و النَّعمة :
النِّعمة بكسر و تشديد النون هي نعمة
الوحي و الوصال بالله و هي اللتي يتمتع بها المؤمنون المخلصون .
و النَّعمة بفتح و تشديد النون هي وصف
للمال المادّي و ليس المال الروحي و اشتق من النَّعَم و الأنعام و البهائم و
العجماوات لأنه مال أصم أبكم لا يفهم و لا يتصل بالوجدان المغذي للروح بل كثيرا ما
يطمس على الأفئدة فلا ترى النور و هو المال المادي , نَعماء بعد ضرّاء .
أما النِّعمة بكسر و تشديد النون فهو مشتق
من النِّعِم , و هو لفظ مدح و استحسان من الشخص للشخص و هو الاستحسان الإلهي و
البشري لتلك النعمة الخفية خفاء ربها اللطيف .
قال تعالى { ذرني و المكذبين أولي
النَّعمة و مهلهم قليلا }
و قال تعالى { ما أنت بنِعمة ربك بمجنون }
و قال { و ما بكم من نِعْمَة فمن الله } و هي الوحي و مباديء القوى القدسية في
النفس البشرية .
============
أبابيل : أصل البلاء == لأبرهة .
وبيل : وباء و بلاء == لفرعون .
سَقَرْ : السين ملامسة و تسرب خفي , و
القاف قوة و رهبة و الراء رؤية و رؤيا و المعنى تسرب رؤية الخوف و القوة و
ملامستهما و المعنى الآخر هو تسرب و ملامسة الإيقان بأن جهنم هي مكان المكث و
القرار لهم و محاولتهم البطيئة لاستيعاب هذا المصاب الجلل لشدة الفزع و الدهشة و
الخوف ( سَ – قَرْ )
=============
تبارا : التاء قطع , بارا == هلك و خسر و
فسد نتاجه و هي من المباراة حيث يصر كل فريق على إبيار الطرف المنافس و هكذا نفهم
اللغة العربية الحميدة .
سأرهقه صَعُودَا : نوع من العذاب الإلهي
في الدنيا للكافرين حيث تتملك الدنيا تلابيب أفئدتهم فيسعون للصَعود بفتح الصاد في
النَّعمة بفتح و تشديد النون حتى تهلكهم و هو عكس العروج و هو الصُعود بضم الصاد و
هو الصُعود بكسرة و انكسار في نِعمة الوصال و الوحي و هو من عَرَج و عرّج لذلك
سُمِّيَ الذي يمشي بكسرة في الخطوة بالأعرج . و العروج هو من متطلبات الترق
الروحاني .
==============
سَعِير : السين ملامسة و تسرب , عير :
العار و الانكفاء المخزي و المعنى تسرب و ملامسة العار و الفضيحة و هو وصف من
أوصاف جهنم .
جهنم : أي جاءت هنّات و آلام و آهات الألم
و اللذة الحرام ( جاء = ج ) ( تنبيه = ه ) ( الرقة المشددة = نّ ) ( اللذة و الألم
= م )
خرطوم : خر == الخاء صوت الفخر و الراء
صوت الرؤية , طوم == من طامّة طمّ طِيْمَ طُوْمَ == أمر جلل مهلك و المعنى ( رؤية
التفاخر بالنفس هو أمر جلل مهلك لصاحبه == طُوْمَ == أُهْلِكَ برؤيته لفخره و كبره
و من هنا توعد الله بقذف تلك الصفة
الذميمة في كل الكافرين بوسم ناريّ كما توسم البهائم .
==================
ناضرة : النون ترقق و رقة , ضرة : ضرر و
المعنى وجوه سعيدة لدرجة أنها تترقق مع الضرر ذاته لشدة سعادتها .
باسرة : الباء احتياج , سرة : السرور و
التسرية و المعنى وجوه حزينة لدرجة أنها تحتاج إلى السرور و التسرية .
فاقرة : الفاء تأفف و ضجر , قرة : القرار
و الاطمئنان و المعنى هو وصف الإضجار و بعث التأفف و النكد على القرار و الاطمئنان
.
يتمطّى : أي يمطّ نفسه و يتمطّع فخرا و
كبرا و هو وصف تمثيلي للمشهد .
{ فجعل منه الزوجين الذكر و الأنثى } هنا
دليل على أن الجنس و تصنيف الإنسان لذكر و أنثى هو أمر مجعول طاريء فقط في المرحلة
السادسة الأخيرة لأطوار خلق الإنسان .
كفاتا : ألم نجعل الأرض كِفاتا : و كِفاتا
هو وصف للأرض حيث هي مليئة بالإنطوائات و الجيوب و الإنثناءات و الإنكفاءات و
الطبقات و الأبطن و الأسرار .
كذلك كِفاتا من الكفاية حيث هي بغلافها
الجوي مكتفية بذاتها كفيلة ببيئة مناسبة لحياة الكائن الحيّ .
حرد : الزمام و الشيء المُحَدَّدْ و
المُحدِّدْ . ألم تر أنّ ما تربطه النساء على رؤوسهنّ ليزمّها يُسمّى بالحردة .
اجتبى : أخرج من أعماق الجب إلى آفاق نور
الحياة . د محمد ربيع , مصر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق