راية المسيح الموعود

راية المسيح الموعود

الأربعاء، 17 أغسطس 2016

الأداةُ و المُؤدّى إليه .




الأداةُ و المُؤدّى إليه .

:::::::

الحاسة السادسة = هي شيءٌ غير محسوس و غير مرئي يرى شيئا غير محسوس و غير مرئي .
إذن : كيف أتعرف على الأداة و على المؤدى إليه ؟

الأداة هي الحاسة السادسة أو اداة الوحي او القوى القدسية , أو نظارة ما وراء الطبيعة أو دليل الميتافيزيقيا .
و المؤدى إليه هو ما وراء الطبيعة أو الميتافيزيقيا أو الوحي ذاته أو مرسله أو مصدره .

و السؤال هو كيف أتعرف على الاداة و على المؤدى إليه , ؟
بدايةً : يجب علينا كي نجيب على هذا السؤال أن نطرح سؤالا , و هو ما هي أسباب الإلحاد ؟
فأقول : إنّ من ضمن أسباب الإلحاد هو الميثولوجيا القديمة المسطرة قبل آدم و التي شابهت حضاراتٍ بعد آدم الرسول .
كذلك , إنّ من ضمن اسباب الإلحاد هو تناقض بعض تعاليم الكتب المقدسة و عقيدة الانتظار فيها . كذلك , إنّ من ضمن اسباب الإلحاد هو تناقض كثيرٍ من تعاليم الأديان أو شروح النصوص المقدسة و هو ما يسمى بالتراث و تناقضه مع مسلمات العلم .
كذلك , إنّ من ضمن اسباب الإلحاد هو ما أدت إليه المشاحنات العقائدية عبر العصور من قتل و حروب و دمار و دماء سائلة و آلام و مهالك .
فهل يكون هذا الدمار تسلية الإله ؟؟؟؟!!!!
إنّ تلك السادية الدينية هي ما جعلت الشعوب تكفر بالأديان على الاقل مع الاحتفاظ بالربوبية , و هناك أقوام خرجوا كذلك من دائرة الربوبية مطلقا .
و هناك أقوام لا كفروا بالأديان و لا خرجوا من دائرة الربوبية بل دخلوا إلى دائرة اللاأدرية .
ملحد لا ديني , ملحد ربوبي , ملحد لا أدري , ملحد صريح . و كل منهم له اتزانه النفسي الذي يعيش له و به .
هذه هي درجات الإلحاد المعاصر .

و نعود مرة أخرى لنتسائل عن مسببات الإلحاد قبل أن نجاوب على سؤال الأداة و المؤدى إليه .
إنّ من ضمن أسباب الإلحاد كذلك هو شعور الملحدين بعدم شفافية و صدق أصحاب الاديان من كهنة و رؤساء مذاهب , كذلك لم يجد الملحدون السلام النفسي في اي دين مطروح على الساحة , لم يشعروا بخفقان القلب الجاذب لفكرة دينية ما في العصر الحديث .
لم يجدوا النبوة و النبوءات و إجابات الدعاء , و هي أدلة صدق الداعي إلى الإيمان بشيءٍ في ما وراء الطبيعة و ليس هناك دليل أبعد من هذا .
إنّ من ضمن أسباب إلحاد الملحدين في العصر الحديث هو شدة كره المتدين لمخالفه في الرأي و رغبته في البطش بمخالفيه كوحشٍ كاسر عربيد بالصوت العالي أو القتل الاثيم و في الوقت الذي لا يظهر فيه رغبة في الاقناع العقلي و المجادلة الفكرية الراقية , معبرا بذلك عن إفلاسه و حقارته الفكرية و تطفله بذلك على موائد العالم و الحياة و المجتمعات لا لشيء إلا لأنه يحمل عفن آسن بين دفتي كتب التراث المتقيح يريد به أن يقنع عالما متنورا متطورا مترقيا في درجات التطور الإنساني هو بكل صريح عبارة يسمى عصر العلم .
و لاحظتُ أن كل متطرف أو صاحب دين محرف و كلها اليوم محرفة , لاحظتُ أنه فور أن يشك في صدقية بعض كلمات تراثه و كلمات كهنته أنه بذلك تزداد لديه جرعة الرحمة و أناة المحاورة .!!!!!

نستطيع بكل بساطة أن نقول إذن : أنّ الأداة هي النبوة و النبوءات و الدعاء و أنّ المُؤدى إليه يُظهرُ إشاراتٍ من بعيدٍ هي النبوة و تحقق النبوءات و إجابة الدعاء .
فالأداة هي المؤدى إليه , و بالتالي فإنّ ما نسميه بالحاسة السادسة هي عين إشارات المؤدى إليه فيما وراء الطبيعة , فهل نستطيع أن نقول أنّ الأداة هي من جنس طبيعة المؤدى إليه في الميتافيزيقيا ؟
أو بعبارة أخرى : هل نستطيع أن نتجاسر و نقول أنّ صفة الإله قد حلت في صفة المألوه ؟
أي أنّ صفة العبد هي جزء من صفة المعبود ؟
نعم و ألف نعم , فإن لم نفهم ذلك فلا دين قام و لا نبي بُعث و لا دعاء قد أُجيب , و هنا يتبادر مرة اخرى سؤال الأداة و المُؤدى إليه , ما هي الأداة و ما هو المؤدى إليه ؟
لأنّ إجابة هكذا سؤال يكشف لب الحقيقة و كنه السر القائم خلف تلك الغريزة المفطورة في صفات الجنس البشري لتتبع ذلك المُؤدى إليه بتلك الاداة , غريزة البحث عن الحاكم الاصلي و المدبر الأصلي و المجيب الأصلي , و القاضي الاصلي , و الخالق الاصلي , و الاصل الاصلي . لكن فور صدمة البشر بإله محرف عن طبيعته الاصلية و انجراح انسانيتهم من قبل مناديب إله الحرف و التحريف اله الكهنة ,  تبدأ غريزة البحث عن العزاء و تخفيف الآلام النفسية تتقد في قلوب الملاحدة حتى يهدأوا و يسكنوا ثم تبدأ دورة جديدة من البحث الغريزي و الأله من المألوه للإله .

يا سادة : إنّ سؤال الأداة و المؤدى إليه هو مفتاح لغز العصر الذي سيحل حيرة الملاحدة بانواعهم الأربعة و سيحل توهان المتدينين بأنواعهم الشتى .
إنه التباين بين الرب و المربوب , بين الخالق و المخلوق , بين العالم و المعلوم , بين الصاحب و المصحوب , بين القادر و المقدور , بين الغافر و المغفور , بين المكفور به و الكافر , بين المشروك به و المشرك , بين المسموع و السامع , و بين السامع و المسموع , بين الداعي و المدعو بالدعاء , بين المدعو و الداعي بالدعاء , بين المبصور و البصير , بين الاداة و المؤدى إليه و المؤدى إليه و الأداة تحل صفات كل منهما على الآخر و لا اقصد بذلك حلولا و لا اتحادا فلا تفهموني خطئا . رغم اجتهاد القائل به و اعتبار اجتهاده .

النبوة و النبوءات و الدعاء , تحقق النبوة و تحقق النبوءات و إجابة الدعاء , هما الأداة و المُؤدى إليه . فما الإنسان إلا نبي أو تابع نبي أو نبوءة تتحقق أو صوت و قلب يدعو و يتمنى برغبة عميقة . و ما الإله إلا تحقق النبوة و تحقق النبوءات و إجابة الدعاء , فالإله لا يحده زمان و لا مكان , يعبر عن ذاته بصفاته المتجلية في تحقق النبوة و تحقق النبوءات و إجابات الدعاء .

الإلحاد و الشك , و النبوة و الإيمان هو سلم الإنسان لما وراء الطبيعة , و لا يتحقق إيمان إلا بتحقق الإلحاد ثم الشك ثم النبوة و العكس , فهي دورة حية تذهب و تقبل , تعود و ترجع كأمواج البحر لا تركد و لا تسكن حية حياة الكون , و لولا حركتها لأسن الكون و تعطلت المادة تعطل الروح . و هي أحد أركان قانون التدافع السائر في الأكوان منذ الأزل و إلى الأبد . الله ربي ورب آبائي من قبل إبراهيم و إسحق و يعقوب .

و يتبادر إلى اذهاننا الآن إجابة سؤالٍ إلحاديٍّ سابق , و هو الميثولوجيا القديمة المسجلة قبل آدم و بعد آدم هي أحد أدلة و اسباب الإلحاد , أقول : أنّ تلك الميثولوجيا ما هي إلا صرخات لتلك الغريزة المركبة في نفس الإنسان قبل التكليف , فهي غريزة قابلة للنمو و لما أن نضجت فتحت لها أبواب التكليف السماوي , فما تلك الميثولوجيا إلا صرخات بشرية باحثة عن الإله .
ليس عندي تفسير أبعد من ذلك . أما وحشية اصحاب الاديان مؤخرا و قديما فاظنه لعدم قبول جيل سابق بمعطيات الإله لجيل لاحق , و اساسه هو الحسد و الكبر و الاعتداد بالنفس و هي مجبولات معنوية لكنها ماديةُ عبادتِها للمادة و السيطرة و الامتلاك و السيادة , و لو أنّ الإنسان اتّضع و وعى بغية الرسالات لكان كل بعث لاحق قد انسجم مع اتباع كل بعث سابق بكل أريحية , لأنه لا فاصل و لا قاضي بين سابق و لاحق إلا الأداة و المُؤدى إليه .
و هو أمرٌ غيرُ مرئيٍّ  و غيرُ محسوس إلا لمن أحس و راى النبوة و النبوءات و إجابة الدعاء و هذا لا يحدث إلا للقليل المخلص من بين كل تلك الأجيال , و هو عكس عصر العلم . حيث انّ الفيصل اليوم بين صحيح و خطأ في عالم المادة هو التجربة و المشاهدة و هو العلم , أما التجربة و المشاهدة في عالم الروح فهي تلك الأداة و ذلك المُؤدى إليه و هو شيءٌ لا يُرى بالعين و لا يُحس براحة اليد , بل يحتاج إلى تلك الحاسة السادسة و تلك القوى القدسية التي تَضْمُرُ و تنام في احد و تُضْمِرُ و تنشطُ في أحد آخر .
و لا ممسك لها إلا من جرب و شاهد تجربة و شهادة القلب في الرؤا و الكشوف و الأحلام و المكالمات و الاشارات و النبوات و النبوءات و إجاباتِ الدعاء .   

سيظل السؤالُ المتدحرج مع الزمان تدحرج كرة الثلج فيكبر كبر العصر , ما هي الأداة و ما هو المؤدى إليه ؟ كي نحقن الدماء و تسكن النفس إلى السلام و تعود السفينة إلى شاطئها .

الحقيقة أنّ المُؤدى إليه قد يستحيل مع العصور أداةً في يد الكهنة جراثيم الإنسانية ليضحكوا بها على عقول الأغبياء و المغفلين الجاهلين , يصنعون آلهة أخرى فيستحيل المؤدى إليه أداةً بيد أؤلئك المناكيد و تستحيلُ الأداة من نبوة ونبوءات و دعاء إلى مُؤدّى إليه بالكذب و السحر و الخداع , و هذا يكرس سببا ضمن اسباب مكرسة سلفا للصد عن الأداة و المؤدى إليه ليمسي الإنسان إلى بحر الإلحاد ( إنكار الإله ) و اللاادرية , إنها قصة الأداة و المؤدى إليه , منذ الأزل و حتى الأبد في سرمد الزمان و المكان و اللازمان و اللامكان , إنها صراعات العقل و الجسد و الوجدان و النفس و الروح .

و لذلك فالحل النظري و العملي لهذه المعضلة و المسألة و المشكلة و لهذا اللغز هو ان تمتلك أنت و غيرك كلّاً من الأداة و المؤدى إليه , تمتلكه بنفسك و لنفسك , تمتلكه بعقلك و لعقلك و تمتلكه بجسدك و لجسدك , تمتلكه بوجدانك و لوجدانك , تمتلكه بروحك و لروحك , ابحث عن إلهك بكينونتك و بأدواتك بإخلاصٍ و تجرد . ابحث عن الرحمة المُطَّردة مع السنين و ابحث عن الوصلة و الوصال و المهاتفة و حياة الحاسة السادسة و نشاط قواك القدسية بكل تجرد , ابحث عن الاداة و المُؤدّى إليه في داخلك و من ثم في خارجك , داخلك قبل خارجك .  فهي دورة من العزاء الإلحادي تعزي نفسك بسبب وحشية الأديان المحرفة و تعود الدورة لمنحنى البحث الغريزي اللاهف بالأداة عن المؤدى إليه . دورة متجددة من العزاء و من البحث . سقوط حر يتبعه صعود حر و هكذا .

و لقد ساعدتِ العولمة في العصر الحديث على اجتماع آلهة العصور كلها و أديانها المختلفة امام الباحث بآلاف آلاف الآلهة و الشرائع , الغريب انّ العامل المشترك بين كل تلك الاديان و الآلهة هو سوء سمعة الكهنة على الاغلب إلا في ما ندر من اقاصيص قديسين فيها !!!

فينظر المتأمل نظرة دهشة و يتسبب ذلك في إذكاء نار الإلحاد يوما بعد يوم ,  قال لي احد أصدقائي الملحدين الامريكيين ذات مرة ما تعريبه : أمامي الآن خمسة آلاف إله مثلاً و كل أتباع إله يعتقدون أنهم أصحاب الحقيقة المطلقة , فبأيّ إله تراني من الممكن ان اتصل ؟ انتهى كلامه .

إنّ ذلك بالفعل من مبررات الإلحاد المعاصر و أعود و اقول انّ الإله الحق هو الإله الحي , قد تتكرر اسماء الإله الحق باشكالٍ مختلفة في عصور و ثقافات متعددة فيظنها الظآنُّ آلهة أخرى , أقول : أنّ صفة الإله الحي هي النبوة و النبوءات و إجابة الدعاء , فإن حدث ذلك الوصل بين الطبيعة و ما وراء الطبيعة , و إذا كانت ثمار دين ذلك الإله الرحمة المطّردة المتزايدة يوما بعد يوم مع سنين العمر توجد آثارها على المكلفين بذلك الدين , فاعلم أنك قد اقتربت من الصواب , و اعلم أنّ حالة العزاء الإلحادي حالة مفيدة للإيمان فإذا اكتملت دورتها أدت بالسائر إلى إكمال تلك الدائرة : سقوطٌ حُرْ يتبعه صعودٌ حر , و لا يكون كاي صعود بل يكون الصعود إلى جوار الإله فتتم بينهما المصافحة و العتبى و الرجاء .

و لكن يظل العامل الأكبر هو أن تبحث أنت بنفسك لا يبحثُ لك احد , كما فعل ابراهيم النبي في أكناف برية العراق باديء ذي بدء ,  أن تؤمن أنت بنفسك لا يؤمن لك احد , أن تسبر اغوار الحقيقة باحثا عن الحياة , حياة الروح , و ذلك لا يكون إلا بالأداة و بالمؤدى إليه . د محمد ربيع , مصر .

عبدالله السعود

احسنت.وهل هناك حاسه سابعه قد تنمو مع تطور الحياه والبشر
أعجبني · ‏1‏ · رد · حذف · إبلاغ · منذ ساعة

د.محمدربيع طنطاوي-

جزاكم الله خيرا إخوتي الكرام . أخي الحبيب إنّ مسمى الحاسة السادسة كما أردفت هو مصطلح لمحاولة وصف حالة غير مرئية , ربما مع التطور الإنساني و الترق العقلي و الوجداني نتجاوز السادسة لتظهر لنا أحوال نضطر لوصفها بالسابعة . أحسنتم
تم تعديله · أعجبني · ‏2‏ · رد · تعديل · منذ ‏50‏ دقيقة

نصر محمود

هل اليوجا وما شابهها من علوم التأمل والتركيز تزيد من الحاسة الروحانية ام انها أدوات للعالم المادي فقط ؟
أعجبني · رد · حذف · إبلاغ · منذ ‏47‏ دقيقة

د.محمدربيع طنطاوي-

اخي الحبيب الدكتور نصر محمود جزاكم الله خيرا لمروركم الكريم . إنّ كلمة يوجا بالسريانية تعني الحقبة الزمنية العظيمة و هكذا قسم الهندوس العالم إلى ازمنة متعاقبة . و القصد من الرياضة المسماة باليوجا هو التركيز لسماع همس الكون الزمني للانسجام مع الطواف الكوني طوافا تلو طواف و هي من الفلسفات الهندية القديمة و القت بظلالها على البوذية بفروعها و العالم اليوم يستفيد منها  كرياضة نفسية و جسدية




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق