راية المسيح الموعود

راية المسيح الموعود

الجمعة، 11 يونيو 2021

صلاة الجمعة 11==6=2021

 
 
 
يوشع بن نون :
 
 
صلاة الجمعة ٢٠٢١/٦/١١
○○○○○○○○○
صلاة الجمعة لخليفة المسيح الموعود السادس سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام بتاريخ ٢٠٢٠١/٦/١١
يقول سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام : السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته . أذان .
قام بلال اليوسفيين برفع الأذان :
الله اكبر الله اكبر
الله اكبر الله اكبر
اشهد ان لا اله الا الله
اشهد ان لا اله الا الله
اشهد ان محمدا رسول الله
اشهد ان محمدا رسول الله
حى على الصلاة
حى على الصلاة
حى على الفلاح
حى على الفلاح
الله اكبر الله اكبر
لا اله الا الله
ثم قام سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام خطيبا فقال : الحمد لله الحمد لله وحده الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده و بعد ; لدينا اليوم خطبة الجمعة المباركة من كتاب مواهب الرحمن للمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام يقول الامام المهدي الحبيب :
تفصيل ما ذكرناه بالإجمال
قد سبق فيما تقدم أن بعض الناس جادلوني في أمر ترك التطعيم، وقالوا أتجعل نفسك من الذين يلقون بأيديهم إلى التهلكة ويميلون عن النهج المستقيم؟ فالصواب الأخذُ بالاحتياط، وتقديمُ الحيل التي تقدِر بها على درء هذا الداء والإشحاط. فقلت: لا تعجَلوا عليّ، ولا بد لكل مجادل أن ينتظر إلى آخر الزمان، ليُظهر الله أي فريق أقرب إلى العافية والأمان. ولا يُقضَى أمر بإطالة اللسان، بل الحق هو الذي يتحقق عند الامتحان، ومن استعجل بالملامة فيصبح كالندمان، ومن أكل غير فصيح فسيكون ما أكله آفةً على المعدة والأسنان.
وأشعت كل ما قلت في كتابي "السفينة"، وما كان لي أن لا أشيع بعد نـزول الوحي والسكينة. وما أعلم رجلا إلا بلغه هذا الخبر، وما أعرف أذنًا إلا قرعها هذا الأثر، حتى إن هذا النبأ وصل إلى الدولة وأركانها، وشاع في كل بلدة وسكانها، وزاد الناس طعنا وملامة، ورأينا مِن ألسُنِهم قيامة. فخاطبتهم وقلت: إنا نحن المنجدون، وإنا نحن بُشِّرْنا وإنا لـمُحْفَظون. فلو لم يصدق هذا القول فلست من الصادقين، وليس كمثلي كاذب في العالمين. وينسِف الطاعونَ لي ربي ولو أنه جبال، وينـزِفه ولو أنه سيل مغتال، وإنا أكثر أمنًا وعافية من الآخرين. فانتظروا حتى حين، ثم قولوا ما تقولون إن رأيتمونا من الأخسرين، وإنا سنـزجّي الأيام إن شاء الله آمنين.
فما سمع كلامَنا أحد من الأعداء، وضحكوا علينا وسخروا منا وأوذينا كل الإيذاء. وما زلنا غَرَضَ سهامٍ، ودَرِيّةَ رماحِ كلامٍ، حتى أتى الوقت الموعود، وبدا القدر المعهود، وهو أن الطاعون لما تمكّنَ من حصاره، وأحدق بجميع أسواره، أوجست الحكومةُ في نفسها خيفة، وطلبتْ للتطعيم زمرةً حاذقة. فقلت في نفسي إنها فعلتْ كل ما فعلتْ بمصلحة، ولكنها حربٌ بمشيةٍ مقدَّرة، فإن القيام في جنب قدر الله قعود، والتيقظ رقود، والسعي سكون، والعقل جنون، والرأي خرافة، والإصلاح مفسدة. وكان القوم يجهّلوننا ويخطّئون، ويكذّبون بنبأنا ولا يصدّقون. فكنا ننتظر ما يفعل الله بنا وبهم، وكان الناس يتحدثون على رغم ما قلنا لهم.
فلما أُكثِرَ الكلامُ، وقيل: أين الإلهام، إذا فراستي ما أخطأتْ، وكياستي كالشمس أشرقت، وآيتي تبينت، ودرايتى تزينت، ووجوه اسودّت، ووجوه ابيضّت. وما أرخى ربي للمنكرين حبل الإنظار، بل أراهم عاجلا ما أنكروه بالإصرار. وما أبطأ الوقت حتى شاعت الأخبار في مضرّة التطعيم، وقيل إنه يجعَل المرءَ عِنّينًا والامرأةَ كالعقيم، وقيل إنه يذهب بسماعة الآذان ونور الأبصار، وكذلك قيل أقوال أخرى ولا حاجة إلى الإظهار. وبلغتْ أخبار الموتى واحدا بعد واحد، وتواتر الأمر ولم يبق حاجة إلى شاهد. وقيل إن مضرته للناس كالأسد المُصحِر والنمر الموغَر، وإنه أقعصَ في بعض آفاق كالمُبادر إلى ضرب أعناق، وكمثلِ مؤثِرِ القتل على استرقاق، وتوافَقَ تلك الأخبارُ كلَّ وفاق. فلم نلتفت إلى أقوال العامة، ولم نُقم لها وزنا، وإن هذا هو نهج السلامة، وقلنا إن أكثر الأخبار تأتي بالأراجيف، فنصبر حتى ننقُد الأمر كالصياريف، مع أننا سمعنا بآذاننا حكايات في هذا الباب، وروايات لا تُرَدّ ولا تُنسَب إلى كذاب بالاستعجاب. ورأينا العامة عند سماع التطعيم في الخوف الـمزعِج والفَرَق الـمحرِج، ومع ذلك وضعناهم موضع الدوابّ، وما عبَأْنا بهم ولا بأقوالهم كأولي الألباب.
وبينا نحن في هذا الدفع والذبّ، والاستدراك على العامة والسعي والخبّ .. إذ أتتنا جرائد من الحكومة فيها نبأ عظيم، وخبر أليم. فارتعدت الفرائص عند سماعه، وظلَع فرسُ السعي بسِطاعه. فقرأنا الخبر كما يقرأ المحزونون، وقلنا إنا لله وإنا إليه راجعون. وهذا هو الخبر الذي أشعته قبل هذا النعي الأليم، وقلت إن العافية معنا لا مع أهل التطعيم. وإنه آية من الآيات، ومعجزة عظيمة من المعجزات، فنُسَرّ بها ومع ذلك نبكي على الثيّبات الباكيات، واليتامى الذين ودّعوا آباءهم قبل وقتهم بتلك المعالجات. فيا أسفا على يوم عُرضوا فيه للتطعيم، وليت شعري لو أتوني مؤمنين لَـحُفظوا من هذا البلاء العظيم.
وما أدراك ما هذه الآفة، ثم ما أدراك ما هذه الآفة؟ فاعلم أن في أرضنا هذه قرية يقال لها "ملكووال"، فاتفق أن عَمَلة التطعيم وافَوا أهلَها مع حزب من الرجال، ودعوهم إلى هذا العمل بالرفق والاحتيال. فقيّض القدر لتتبيرهم وتدميرهم أنهم حضروا تلك العَمَلة، وكانوا تسعة عشر نفرًا عِدّةً، وأما أسماؤهم فاقرؤوا الحاشية ( يقول المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام في الحاشية : أسماء رجال ماتوا من التطعيم، ونسي المخبر اسم أحد منهم :
1- أمير الدين .. قوم علما، 2- عمرا تركهان، 3- جمان كشميري، 4- جيون شاه سيد، 5- مهر داد ميراسي، 6- سلطان موجي، 7- حيات تركهان، 8- فتح دين قوم جت، 9- قاسم شاه سيد، 10- إمام الدين قوم جت، 11- شادي جت، 12- حيات جت، 13- لدها جت، 14- رودا كمهار، 15- نور أحمد قوم علما، 16- ساون كهتري، 17- شب ديال كهتري، 18- كربا رام كهتري، 19- نسي المخبر اسمَه.
يقول المسيح : بلغنا بعد هذا أن بعضهم بقوا كمعلََّق بين الموت والحياة إلى عشرة أيام بعد التطعيم، ثم زهقت نفوسهم بالعذاب الأليم. )
يقول الامام المهدي : فعرضوا أنفسهم للتطعيم جرأة ليكونوا نموذجا لمن يخشاه شبهة. فلما دخل سم التطعيم عروقهم، صهَر أكبادهم، وأذاب فؤادهم، وخُبطوا قلِقين. ثم لما هجروا تغيرت حواسّهم، وأُترِعتْ من الموت كأسهم، فأصبحوا في دارهم جاثمين. وردّوا أماناتِ الأرواح إلى أهلها. ومُلئت البيوت بكاء وجزعا وصارت الأقارب كالمجانين. هناك قامت القيامة في تلك القرية، وارتفعت أصوات النوادب بالكلم المؤلمة، وكلُّ من كان في القرية سعوا إليهم متعجبين ومتأسفين، وانثالوا إلى بيوتهم موجِفين وباكين. وأما ما مرّ على نسوانهم وصبيانهم، فلا تسأل عن شأنهم. إنهم أسالوا الغروب، وعطُّوا الجيوب، ومزّقوا القلوب، وسعّروا الكروب، وتذكَّرَ كلُّ حميم الحميمَ، ولعنوا التطعيم، بما رأوا أحياءهم صرعى، وتفجَّعَ كلُّ من سمع هذه الفاجعة العظمى، وطارت عقول القربى، وصار نهارهم كليل أعسى. وما كان في القرية رجل إلا انتهى إلى فِنائهم، وتصدى لاستنشاء أنبائهم.
ووالله ما نصّفنا الشهرَ بعد نبأ تقدَّمَ ذكره للطلباء، حتى ظهرت هذه الواقعة من القضاء، وصدّقتْ وحيَ الله وكلَّ ما عثَرتُ عليه من حضرة الكبرياء. ولما اطلعتْ عملة التطعيم على هذه الحوادث الواقعة، بادروا إلى نائب السلطنة، وأسرجوا جواد الأوبة، وبُهتوا مما ظهر من الأقدار السماوية.
وبعد ذلك ثنى الله عنان الحكومة عن الإصرار على هذه الأعمال المشتبهة، بل أنِفت الدولة من شدة كانت في الأزمنة السابقة، وذلك بما ضاعت به نفوس تسعة عشر من الرعية في ساعة واحدة. ومُنع التطعيم بالرسائل البرقية، ثم أُخذ طريقُ الرفق والتُّؤَدة، وتُرك طريقٌ يشابه الجبر في أعين العامة. ولا شك أن هذه الدولة ما آلتْ شفقةً، وما تركت في جهدها دقيقة، وما اختار التطعيم إلا بعد ما رأت فيه منفعة. والحق أن الأمر كان كذلك إلى أن خالفْناه من وحي السماء، فأراد الله أن يصدّق قولنا وينجينا من ألسن الجهلاء، فعند ذلك أبطلَ نَفْعَ التطعيم، وأحدثَ مضرة فيه، ليُظهِر صدق ما خرج مِن فيه. ولو لم يكن كذلك فكيف كان من الممكن أن يظهر الآية، ويتحقق لنا الحفظ والحماية؟
ووالله إن لم يهلك أهلُ تلك القرية لهلكتُ وأُلحقتُ بالكاذبين، لأني كنت أشعت أن العافية معنا وهذا هو معيار صدقنا عند الطالبين، ولو ظهر عكسه فهو من أمارات كذبي، فليكذّبني عند ذلك من كان من المكذبين. وكانت هذه المصارعة كدَرِيّةٍ في أعين الناس، وكنت كمعلَّق.. إما أن أحيا وإما أن أُقتَل في هذا البأس. فأراد الله أن يغلّبني كما غلّبني من قبل في مواطن، فليس على الحكومة ذنب بل كان آية عند ربي فأظهر وأعلن.
ولا بد من أن نقبل أن هذه الحادثة كانت داهية عظمى، ومصيبة كبرى، وترتعد الفرائص إلى هذا اليوم بتصور هذه الواقعة، ولا نجد مثلها في الأيام السابقة. وما كان بالُ قوم شقّت هذه الفجعةُ جنوبَهم، وكوى الجزع قلوبهم، وكيف كان لطم الخدود وضرب الصدور عند تلك البلوى، إذاما أُلحِقَ في ساعة أحياؤهم بالموتى.
ومع ذلك لا جُناح على الحكومة البريطانية، فإنها اختارت ذلك بصحة النية، بعد التجربة الكثيرة وبذل الأموال لدفع هذا المرض أكثر مما تبذل الدول الأخرى في مثل هذه المواضع المقلقة لإنجاء الرعية. وكذلك لا يعود اعتراض إلى أركان السلطنة، فإن الدولة وأركانها ما كانوا يعلمون ما ظهر من النتيجة. وقد اتّقدت لهذه الحادثة أكبادهم، ورقّ فؤادهم، وأَلَّمَهم هذه الداهيةُ وأوجعهم هذه المصيبة، بما فجَأ القريةَ بلاء، وما سبق إليه دهاء. ولأجل ذلك فرضت الدولة وظائف لورثائهم، وواسَتْهم مع الأسف الكثير وقامت لإيوائهم، وبذلت العنايات لإرضائهم. وكان التطعيم عندها في أول أمره كمائدة تتحلّب لها الأفواه، وتتلمظ لها الشفاه، ولكن بعد ذلك أخذتْ بالتوجه التام طريقَ الاحتياط والاحتماء، وأوجبتْ مراعاتَه إلى الانتهاء. وكذلك جرت عادة هذه الحكومة، فإنها تفعل كل ما تفعل بكمال الحزم والتؤدة، وإنها تتعهد رعاياها كالأبناء، ولا ترضى بأمر فيه مظنّة الإيذاء. ولذلك وجَب شكرها بما تساعد مساعدةَ الأمّهات، وأين كمثل هذه الحكومة؟ فاطلبوا في الأقطار والجهات. وأرى كلَّ عاقل يثني عليها لمنتّها، ويفديها بـمهجته، وذلك لإحسانها وكثرة حَسنتها. فالحمد لله على هذه النعمة. ولذلك وجب على كل مسلم ومسلمة شكرُ هذه الدولة، فإنها تحفظ نفوسنا وأعراضنا وأموالنا بالسياسة والنصفة. وحرام على كل مؤمن أن يقاومها بنيّة الجهاد، وما هو جهاد بل هو أقبح أقسام الفساد. وهل من شأن فتوّة الإسلام أن تعتاض إحسانَ المحسن بالحسام؟
ثم جلس سيدنا يوسف بن المسيح قليلا ثم تابع الخطبة فقال : الحمد لله - الحمد لله وحده - الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده وبعد لدينا اليوم اكمال لخطبة الجمعة الخطبة الثانية يقول المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام :
ثم اعلم أنا لا نتكلم بشيء في شأن التطعيم، بل نعترف بفوائده وبما فيه من النفع العظيم، ونقرّ بأن فيه شفاء للناس، ولا خوف ولا بأس، ولذلك لما شاهدت الحكومةُ أن صول الطاعون بلغ إلى غايته، وهولَـه انتهى إلى نهايته، آثرتِ التطعيم على كل تدبير، وأعدّت له الوسائل بصرف مال كثير، واجتهدت في بذل وسعها تفجعًا للخَلق المطعون، لتَغمِد به ظُبَى الطاعونِ. وكان هذا العمل جاريا من سنواتٍ، وما سمعنا مضرّته من ثقات، بل كان أهل الآراء يثنون على هذا الدواء، ويحسبونه أسرع تأثيرا وأدخل في أمور الشفاء. وكان الأمر هكذا إلى أن ألّفتُ كتابي"سفينة نوح"، وخالفتُ التطعيم فيه بأمر الله السبّوح. وقلت إن العافية أصفاها وأبقاها وأبعدَها من العذاب الأليم، هي كلها معنا لا مع أهل التطعيم، فإن لم يصدُق كلامي هذا فلست من الله العظيم. فارتفع الأصوات بالطعن والملامة، وقالوا أتخالف هذا العمل وهو مناط السلامة؟ وأما ما تذكُر من وحيك فهو ليس بشيء وسترجع بالندامة، أو تقيم عليك وعلى من معك عذاب القيامة. وإن العافية كلها في التطعيم وقد جربه المجربون، فمن عمل به فلا خوف عليهم ولا هم يُطعَنون.
هنالك رقَّ قلبي، وفاضت دموع عيني، بما رأيت زيَّ الناس غير زيّ المسلمين، ورأيت أنهم يؤمنون بحيل الناس ولا يؤمنون بوعد رب العالمين. يأوُون إلى أولي التجاريب، ولا يأوون إلى الله القريب. يأخذون عن الذين يظنون، ولا يأخذون عن الذي تحت أمره الـمنون. فشكوت إلى الحضرة، ليبرّئني مما قيل وينجّيني من التهمة، وليبكّت المخالفين ويردّ إلينا بركات العافية، ويُبطل عمل التطعيم ويظهر فيه شيئا من الآفة، ويُري الناسَ أنهم خَطِئوا في التخطية وليعلم الناس أن الشفاء في يده لا في أيدي الخليقة. فلم أزل أدعو وأبتهل وأُقبِل على الله ذي الجبروت والقدرة، حتى بانت أمارة الاستجابة وصدَق النبأ المكتوب، واستُنجز الوعد المكذوب. واقتحم التطعيم فِناء الأنام اقتحام الضِّرْغام، ورأى الناسُ مضرّتَه بالعينين، ونابَ العيانُ مَنابَ عَدْلَينِ، وأشرق الحق كاللُّجَين، وقضينا الدَّين بالدَّين.
هذا أصل ما صنع الدهر في "ملكووال"، وإنْ هو إلا تنبيه للنفوس الأبيّة من الله ذي الجلال. وكنا أعرضنا عنهم إعراض العِلْية عن الأرزلين، ولكن الله أراد أن يفتح بيننا وهو خير الفاتحين.
فاسكُتْ.. عافاك الله.. بعد هذه الآية، ولا تذهب.. أرشدك الله.. إلى طرق الغواية. وحسبُك يا شيخ، ما سمعتَ من اعتذاري، ثم ما رأيتَ من آية جبّاري. وثبت من هذه الآية أن الله يودع التأثير ما يشاء ويسلبه مما يشاء، والأصل أمرُه المجرد، والأسباب لـه الأَفْياء. والتطعيم - نافعا كان أو مضرّا - لا نبحث فيه بعد ظهور الآية، فإن الإفحام قد انتهى إلى الغاية. وما كان لأحد أن يعزيها إلى نُوَبِ الزمان، فإنها ردِفت نبأَ الرحمن.
وإنها ليست بآية بل آيات، وكلها مشرقةٌ كالشمس وبيّناتٌ. فالأول: نبأٌ أشعتُه قبل ظهور الطاعون وسَيلِه، وقبل أن يجلب برَجِلِه وخَيلِه. فأغار الطاعون بعد ذلك على الهند كالصعلوك، وأقام الحشر ودكَّ الناس كلَّ الدكوك. والنبأ الثاني: هو وعد تكفُّلِنا ووعدُ العصمة، والأمر بترك التطعيم والرجوع إلى حضرة العزة، ولذلك أطعتُ الأمر ووقفت موقف العبيد، وما كان لي أن آنَف من أمر الرب المجيد. والنبأ الثالث: عيثُ الطاعون في بعض العلماء من الأعداء، وقد ذكرته ولا حاجة إلى إعادة الإنباء. وكل ما قلتُ أمرٌ مشتهر وعلى الألسن دائر، وكل من خالف فهو الآن حائر.
ومن منن الله أنه وقاني في كل موطن من وصمة طيش السهام، وإخداج الوحي والإلهام. وأما الطبيب فلا يأمَن العِثارَ، ولو شرب من العلوم البحارَ، سيّما التطعيم الذي يُخشَى على الناس مِن أثر سمّه، والتشخيص ناقصٌ والعقول بـمعزل عن فهمه. وربما يسمع الطبيب من ورثاء مريضه: ويحك ما صنعتَ، والنفسَ أضعتَ؟ وربما يخطئ الأطباء خطأً عظيما، ويُهدُون إلى المريض عذابا أليما، فيعبر المرضى بحر الدنيا كالسفن الـمواخر، ويموت الواحد منهم بعد الآخر. فعند ذلك يفرّون ويشدّون سروجهم المحطوطة، ويحلّون أفراسهم المربوطة. كذلك في سبيلهم آفات، وفي كل خطوة خطيّاتٌ. وإنا نسمع أمثال ذلك في كل طبيب، جاهل وأريب. ومن ذا الذي ما أخطأ قط، أو له الإصابة فقط؟ وإني قرأت كتبا من هذه الصناعة، واشتقتُ إليها شوق الخبز عند المجاعة، فرأيتها فرسَ البَرازِ، لا طِرْفَ الوِهاد، وعند عُضال زرعها أقلَّ من الحصاد. ثم رُزقتُ رزقا حسنا من وحي الله اللطيف الشريف، فوجدتُ الطبّ بجنبه كالكنيف. وإذا جاءني الوحي بكماله، وكشَف الدجى بجماله، قلت: يا وحي ربي أهلا وسهلا، رحُب واديك، وعزَّ ناديك. أنت الذي يهَب للعُمي العيون، وللصمّ الكلام الموزون، ويحيي الأموات، ويري الآيات. ما لك وللطبابة، وإن هي إلا كالذبابة. أنت الذي يصبي القلوب، ويزيل الكروب، وينـزل السكينة، ويشابه السفينة. طوبى لأوراق هي مرآتك، وواهًا لأقلام هي أدواتك. وصحفُك نشَرتْ لنا أوراقها عند كل ضرورة بألطف صورة، كأنها ثمرات أو عذارى متبرجات.
فالحاصل أني وجدتُ كل ما وجدتُ من وحي الرحمن.. ونسَأْتُ نِضْوِي المجهودَ بسَوطِه إلى أهل العدوان. وإن حيل الإنسان لا تبارز وحي الرحمن، إلا ويغلب الوحي ويهدّها من البنيان. ألم تر كيف فعل ربنا بالمخاصمين؟ ألم يجعل تطعيمَهم مُليمَهم وأكرمَنا بالفتح المبين؟ وسمعتم كيف اعتاض الناس منه بالراحة النصبَ، وبالصحة الوَصَبَ، وبالحياة الحِمامَ، وبالنور الظلام؟ وما زال التطعيم يطرَح بهم كلَّ مطرَح، وينقُلهم إلى مصرَع من مسرَح، حتى زهقت نفوسهم وهُم كالمبهوت، وأُخرجوا من البيوت، وبقي المدبرون في أعين الناس كالممقوت. والتطعيم جعَل كلهم في ساعة أمواتا، فصدروا أشتاتا، والذين لم يموتوا فابتُلوا ببعض عوارضَ، وكانوا كبهائمَ فما تَرَكَ الطاعونُ البِكْرَ فيهم ولا الفارضَ. والذين اجتنبوا فهُم طلعوا من مجالس التطعيم طلوعَ شارد، ونفروا نِفارَ آبِدٍ، ما نعلم ما صنع الله بهم.
فهذه فوائد التطعيم، وهذا نفعه العظيم! فلا تنكروا وعد رب كريم، وإنه رحمة وسلام قولا من رب رحيم. وأما التطعيم فكم من بيوت به خلَتْ، وكم من عيون اغرورقت. ما بالُ قرية يبكون يتاماها بذكر الآباء؟ وما ماتوا إلا بسمّ هذا الدواء، والذين شنَّ الغارةَ عليهم الفَناءُ، كان أكثرهم من السنّ في فَتاء. فويل لقرية حُمَّ فيها ما توقعتُه، وظهر ما أشعتُه، وكان أسرعَ من ارتداد الطَّرْف، حتى تغيرت أعينهم وضرَى عليهم الموت كالطِّرْف، وعَنَّ لعَمَلةِ التطعيم كربٌ، وما كان إلا بالله حرب. ولما أجالوا فيهم الطرف وجدوهم عرضة للتهلكة، ورأوا الموت يسعى على وجوههم وينادي للرحلة، ورأوا القوم يلحظونهم شزرا، ويُوسِعونهم زراية وزجرا، فخرجوا من الأرض وعرصاتها، والطير في وُكناتها، ثم طارت الأرواح، واشتد النياح. فهذا حال تجارب الإنسان، ثم ينكرون وحي الرحمن!
وأقم الصلاة.
ثم قام بلال اليوسفيين بإقامة الصلاة وصلى نبي الله الجمعة ركعتين وقرء في الركعة الأولى سورة الفاتحة والوجه الرابع من سورة الأحقاف .
بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ * ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ * إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ * ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰ⁠طَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ * صِرَ ٰ⁠طَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ .
(۞ وَٱذۡكُرۡ أَخَا عَادٍ إِذۡ أَنذَرَ قَوۡمَهُۥ بِٱلۡأَحۡقَافِ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِنۢ بَیۡنِ یَدَیۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦۤ أَلَّا تَعۡبُدُوۤا۟ إِلَّا ٱللَّهَ إِنِّیۤ أَخَافُ عَلَیۡكُمۡ عَذَابَ یَوۡمٍ عَظِیمࣲ ۝ قَالُوۤا۟ أَجِئۡتَنَا لِتَأۡفِكَنَا عَنۡ ءَالِهَتِنَا فَأۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَاۤ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِینَ ۝ قَالَ إِنَّمَا ٱلۡعِلۡمُ عِندَ ٱللَّهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّاۤ أُرۡسِلۡتُ بِهِۦ وَلَـٰكِنِّیۤ أَرَىٰكُمۡ قَوۡمࣰا تَجۡهَلُونَ ۝ فَلَمَّا رَأَوۡهُ عَارِضࣰا مُّسۡتَقۡبِلَ أَوۡدِیَتِهِمۡ قَالُوا۟ هَـٰذَا عَارِضࣱ مُّمۡطِرُنَاۚ بَلۡ هُوَ مَا ٱسۡتَعۡجَلۡتُم بِهِۦۖ رِیحࣱ فِیهَا عَذَابٌ أَلِیمࣱ ۝ تُدَمِّرُ كُلَّ شَیۡءِۭ بِأَمۡرِ رَبِّهَا فَأَصۡبَحُوا۟ لَا یُرَىٰۤ إِلَّا مَسَـٰكِنُهُمۡۚ كَذَ ٰ⁠لِكَ نَجۡزِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡمُجۡرِمِینَ ۝ وَلَقَدۡ مَكَّنَّـٰهُمۡ فِیمَاۤ إِن مَّكَّنَّـٰكُمۡ فِیهِ وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ سَمۡعࣰا وَأَبۡصَـٰرࣰا وَأَفۡـِٔدَةࣰ فَمَاۤ أَغۡنَىٰ عَنۡهُمۡ سَمۡعُهُمۡ وَلَاۤ أَبۡصَـٰرُهُمۡ وَلَاۤ أَفۡـِٔدَتُهُم مِّن شَیۡءٍ إِذۡ كَانُوا۟ یَجۡحَدُونَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا۟ بِهِۦ یَسۡتَهۡزِءُونَ ۝ وَلَقَدۡ أَهۡلَكۡنَا مَا حَوۡلَكُم مِّنَ ٱلۡقُرَىٰ وَصَرَّفۡنَا ٱلۡـَٔایَـٰتِ لَعَلَّهُمۡ یَرۡجِعُونَ ۝ فَلَوۡلَا نَصَرَهُمُ ٱلَّذِینَ ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ قُرۡبَانًا ءَالِهَةَۢۖ بَلۡ ضَلُّوا۟ عَنۡهُمۡۚ وَذَ ٰ⁠لِكَ إِفۡكُهُمۡ وَمَا كَانُوا۟ یَفۡتَرُونَ)
وقرء في الركعة الثانية سورة الفاتحة والوجه الخامس من سورة الأحقاف .
بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ * ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ * إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ * ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰ⁠طَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ * صِرَ ٰ⁠طَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ .
(وَإِذۡ صَرَفۡنَاۤ إِلَیۡكَ نَفَرࣰا مِّنَ ٱلۡجِنِّ یَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوۤا۟ أَنصِتُوا۟ۖ فَلَمَّا قُضِیَ وَلَّوۡا۟ إِلَىٰ قَوۡمِهِم مُّنذِرِینَ ۝ قَالُوا۟ یَـٰقَوۡمَنَاۤ إِنَّا سَمِعۡنَا كِتَـٰبًا أُنزِلَ مِنۢ بَعۡدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ یَهۡدِیۤ إِلَى ٱلۡحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِیقࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ ۝ یَـٰقَوۡمَنَاۤ أَجِیبُوا۟ دَاعِیَ ٱللَّهِ وَءَامِنُوا۟ بِهِۦ یَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَیُجِرۡكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِیمࣲ ۝ وَمَن لَّا یُجِبۡ دَاعِیَ ٱللَّهِ فَلَیۡسَ بِمُعۡجِزࣲ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَیۡسَ لَهُۥ مِن دُونِهِۦۤ أَوۡلِیَاۤءُۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ فِی ضَلَـٰلࣲ مُّبِینٍ ۝ أَوَلَمۡ یَرَوۡا۟ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضَ وَلَمۡ یَعۡیَ بِخَلۡقِهِنَّ بِقَـٰدِرٍ عَلَىٰۤ أَن یُحۡـِۧیَ ٱلۡمَوۡتَىٰۚ بَلَىٰۤۚ إِنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ ۝ وَیَوۡمَ یُعۡرَضُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ عَلَى ٱلنَّارِ أَلَیۡسَ هَـٰذَا بِٱلۡحَقِّۖ قَالُوا۟ بَلَىٰ وَرَبِّنَاۚ قَالَ فَذُوقُوا۟ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ ۝ فَٱصۡبِرۡ كَمَا صَبَرَ أُو۟لُوا۟ ٱلۡعَزۡمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ وَلَا تَسۡتَعۡجِل لَّهُمۡۚ كَأَنَّهُمۡ یَوۡمَ یَرَوۡنَ مَا یُوعَدُونَ لَمۡ یَلۡبَثُوۤا۟ إِلَّا سَاعَةࣰ مِّن نَّهَارِۭۚ بَلَـٰغࣱۚ فَهَلۡ یُهۡلَكُ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ)
ثم جمعَ صلاة العصر .
والحمد لله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق