درس القرآن و شرح الوجه الأول من سورة الأنعام .
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
أسماء إبراهيم :
شرح لنا سيدي و حبيبي يوسف بن المسيح ﷺ أثناء جلسة التلاوة المباركة من أحكام التلاوة : أصوات الحروف ، ثم قام بقراءة الوجه الأول من أوجه سورة الأنعام و أجاب عن أسئلتنا بهذا الوجه ثم صحح لنا تلاوتنا ، و كانت إجابات مجمل الأسئلة كالآتي :
بدأ سيدنا يوسف بن المسيح ﷺ الجلسة بأحكام التلاوة , فقال :
القلقلة : حروفه مجموعة في (قطب جد) . التفخيم : حروفه مجموعة في (خص ضغط قظ) الهمس : حروفه مجموعة في (حثه شخص فسكت) الصفير : حروفه (الصاد , الزين , السين) اللام : تفخم و ترقق : إذا كان ما قبلها مفتوح و مضموم تفخم , و إذا كان ما قبلها مكسور ترقق , و كذلك الراء تفخم و ترقرق و ممنوع التكرار . الغنة : صوت يخرج من الأنف . التفشي : حرفه الشين . أنواع الهمزة : همزة وصل , همزة قطع , همزة المد .
و ثم تابع سيدنا يوسف ﷺ الجلسة بشرح الوجه لنا فقال :
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَـٰتِ وَٱلنُّورَۖ ثُمَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِرَبِّهِمۡ یَعۡدِلُونَ} :
الحمد هو سر الدين , و الشكر أقل درجة من الحمد , و الحمد هو الأفضل , و الحمد بداية سورة من السور و بداية الفاتحة التي تسمى بسورة الحمد , و بدأت سورة الأنعام بالحمد , و إسم السورة من الإنعام و كذلك الأنعام اسم نطلقه على الكائنات التي نستخدمها في الدنيا و غالباً تطلق على الإبل و الأغنام و البقر و الماعز و غيرها و كذلك تطلق على وسائل المواصلات . (الحمد لله الذي خلق السماوات و الأرض) : خلقها بالإنفجار العظيم و تكلم الله عنه في الآية التالية (أن السماوات و الأرض كانتا رتقا ففتقناهما) يعني أن السماوات و الأرض كانتا كتلة واحدة إنفجرت إنفجاراً عظيماً و تمتدت و من هنا بدأت الحياة و أصل العالم كان ظلمة و ظلام و ثم أنشأ الله النور (و جعل الظلمات و النور) الظلمات هي الأساس و أصل الأكوان هو الظلام و الإستثناء هو النور أي الهداية يعني بعث النبي و هداية من حوله و ثم يقومون بهداية من حولهم , فدائما نجد أن الأصل في العالم و الأكثر هو الظلام أي الفساد و الكفر و الشر و النفاق و الفسق , و الظلمة لها تمثل مادي فأغلب الناس مظلمين روحيين و عندهم أمراض نفسية لا يزكون أنفسهم أي يتركون أنفسهم للجذبات الأرضية من حسد و غيرة و حقد . و هذا الكلام لنا أولاً و ثم لغيرنا . (ثم الذين كفروا بربهم يعدلون) : بعد هذا كله تجد الكفار يأتون بأحد يجعلونه عَدْل ربنا أي شبه الله , يعدلون أي يشركون و يساوون سواء أكان شرك أكبر مثل النصارى الذين يعبدون عيسى أو كفار قريش الذين يعبدون الأصنام و غيرهم من الذين يعبدون مع الله آخر أو يعبدونه من غير الله , أو شرك خفي (شرك قلبي) مثل عصيان النبي , و تقديم قول أحد أو قول الشخصي على قول نبي أو الله , و هناك أمور كثيرة تندرج تحت الشرك الخفي كالرياء و العُجب و الخيلاء , فكل هذه الأمور ظلمة لا يبددها إلا النور أي الله و صفة البعث . و قال الله عز و جل (و جعل الظلمات و النور) فقال النور و ليس الأنوار لأن النور الواحد كفيل بأن يبدد ظلمة الظلمات فلو كنت في ملعب كرة القدم و هو مظلم و وضعت في وسطه شمعة مضيئة فإنك ستراها في أي مكان من الملعب و هذا دليل بأن التوحيد يُبدد الشرك بأصنافه الكثيرة , و كما أن طريق الشيطان له سُبل كثيرة لكن الله له سبيل واحد و هو التوحيد .
{هُوَ ٱلَّذِی خَلَقَكُم مِّن طِینࣲ ثُمَّ قَضَىٰۤ أَجَلࣰاۖ وَأَجَلࣱ مُّسَمًّى عِندَهُۥۖ ثُمَّ أَنتُمۡ تَمۡتَرُونَ} :
أي أن الله بدأ خلق الإنسان من الخلية الحية الوحيدة و هي كانت في القذف الحممي و السائل الهيولي و بعد ذلك شكل الله منه الخلية الحية الأولى و هذه المرحلة كانت ملايين السنين , (ثم قضى أجلاً و أجل مسمى) قضى أي أظهر و هي غير القدر (القدر أي كَتَبَ أمرا ما و لم يُنفذ بعد , و ربما هذا الأمر يتغير أي القضاء يتغير لأن القضاء هو التنفيذ العملي للأقدار فممكن أن تُنفذ كما كُتبت و ممكن أن تتغير الأقدار : الله يُغيرها أو يدعو الإنسان الله فتتغير أو سلوك إنسان يراه الله فُيُلهَم الله من هذا السلوك فيُغير القدر) فالقضاء هو القدر المنفذ عملياً كما في (ثم قضى أجلاً) أي نفذ هذا الخلق من الطين و الذي يندرج فيه الخلية الحية الوحيدة و منها تطور الإنسان و أصبح نباتاً لملايين السنين و كل هذا من طين , و بعد ذلك جعل الله الطين الذي يخرج منه الخلية الحية أو النبات جعله في رحم الأنثى فأصبح الرحم هو التربة و المشيمة هي الطين , (و أجل مسمى عنده) أي أن الله كان يُخطط بأن هذا الأمر لفترة معينة و بعد ذلك قام بتغييرها إما بزيادتها أو تقليلها على حسب ما يراه و هذا دليل على أن الله يُغير في القضاء و مثال على ذلك للتوضيح و التبسيط : أن الفترة الأولى كانت عشرة ملايين سنة و في الحقيقة نفذها الله في عشرة مليون سنة , (و أجل مسمى عنده) أي أنه كان قد كتب في القدر أن تكون الفترة خمسة عشر مليون سنة لكنه رأى بأن تكون عشرة فقط , و قد كتب الله بأنهم سيخلقون من الطين في البداية و سينفذه بعد ذلك لأجل معين يراه و هو مختلف عن أجل مسمى عنده . و موضوع القضاء و القدر هو معضلة عند كثير من الناس و منهم من لا يفهمونه أساساً , و ترى الوهابيين الأغبياء يقولون بأن الله عند خلقه للإنسان و هو في بطن أمه كتب بأنه شقي أو سعيد و أن الله يعلم بما سيفعله هذا الإنسان في الدنيا و متى موته و كيف , و على كلامهم فإن الإنسان ليس مسؤول عن ما يفعل , إذاً من يعصي الله فليكمل عصيانه و من يفسق يفسق , إذ إن الله كتب بأنه سيكون شقي فمهما عمل من خير فسيكون شقياً في النهاية , و بهذا لن يكون عنده أي أمل في الحياة , لكن السؤال هنا : لماذا خلقه الله و هو يعلم ماذا سيفعل ؟؟ فإن الله بذلك يعبث إن كانت هي الحقيقة و حاش لله أن يفعل ذلك , لأن إختيارات الإنسان هي ما تجعله شقي أو سعيد , و هذا التفسير لا يستقيم مع عدل الله و هو شرك في الله , و مفهوم القضاء و القدر الصحيح هو ما أقوله في مقالاتي بالمدونة الذي يبعث في القلب النور و الإيمان و الإرتباط بالله عز و جل أما التعريف الميت و كلام الوهابيين (اليهود الجدد) فإنه سيجعلك تفقد الثقة بالله و تكرهه و تشك فيه , لكن الصحيح بأن الله خلقنا و أعطانا الإختيار و يضعنا في تجربة و اختبار , فعندما نختار الطيب فإن الله ييسر لنا و يُسيرنا في الطيب لأن الإنسان مخير و باختياره يكون فيما يليه مُسير . و كما قلنا بأن سلسلة التكاثر هي ستة أنواع و سلسلة التطور للإنسان أيضاً هي ستة أنواع , و رقم ستة هو رقم الاكتمال , و تفاصيل هذا الكلام موجود في (مقالة كشف السر) و (مقالة تعزيزاً لمقالة كشف السر) في المدونة لمن أراد أن يستزيد . (ثم أنتم تمترون) : أي تشكون أو تجادلون لأن تمترون من المراء أي الجدال الغير نافع , و الله يعلم بأنه يُكلم من القرآن أناس سيأتون في يوم من الأيام كأيامنا هذه يُكتشف فيها أمور لم تكن في حسبان السابقين من خلال العلم و التجارب البحثية و العلمية فتُكتشف أمور عظيمة جداً جعلها الله في هذا الكون إذ يعلم بأنه سيأتي أناس يفكرون بهذا الشكل فيُخاطبهم الله بهذا الأسلوب .
{وَهُوَ ٱللَّهُ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَفِی ٱلۡأَرۡضِ یَعۡلَمُ سِرَّكُمۡ وَجَهۡرَكُمۡ وَیَعۡلَمُ مَا تَكۡسِبُونَ} : يقول الله : أنا إلهكم في كل زمان و في كل مكان , أنا إلهكم في السماوات و في الأرض إلهكم في عالم الشهود و إلهكم في عالم الغيب , (يعلم سركم و جهركم و يعلم ما تكسبون) هنا يصف الله نفسه و يقول بعض صفاته بأنه يعلم ما يبطلون و ما يظهرون و يعلم ما يكسبون من أعمال سواء أكانت حسنات أم سيئات و أيضاً ما يكسبون من أموال سواء أكانت حلالاً أم حراماً , و هذا من بعض معانيها و ليست كلها .
{وَمَا تَأۡتِیهِم مِّنۡ ءَایَةࣲ مِّنۡ ءَایَـٰتِ رَبِّهِمۡ إِلَّا كَانُوا۟ عَنۡهَا مُعۡرِضِینَ} : هنا يتكلم الله عن القوم الفاسقين أو الكافرين , فأي نبي يأتي و معه آية أو يقول نبوءة يعرضون عنه أو أنهم يرون آيات في السماوات و الأرض و الكون فيعرضون عنها و يغضون الطرف في غفلة , و هم هكذا يعيشون في غفلة و لعب و لهو و فسق و شهوات و جذبات أرضية و حظوظ دنيا و حظوظ نفس و غيرة و حسد و حقد فهم يدورون في حلقة مفرغة لاهين و نهايتهم عذاب و يحذرهم الله , فهم يفرحون قليلاً و ثم يرجعوا و ينسوا عهدهم مع الله , و لو تكرر الأمر فإن الله سيجعل حياتهم في الدنيا و الآخرة خراباً , فيجب على كل شخص أن لا ينسى نفسه لأن المنافق في الدرك الأسفل من النار لأن المنافق ليس كافراً بل كان مؤمنا و نسي الإيمان و ثم آمن مرة أخرى و نسي الإيمان و هكذا ينسى الإيمان , و المنافق هو أكثر من سيعذب في جهنم لأنه علم حلاوة الإيمان و مع ذلك فسق .
{فَقَدۡ كَذَّبُوا۟ بِٱلۡحَقِّ لَمَّا جَاۤءَهُمۡ فَسَوۡفَ یَأۡتِیهِمۡ أَنۢبَـٰۤؤُا۟ مَا كَانُوا۟ بِهِۦ یَسۡتَهۡزِءُونَ} : أي يوم القيامة (يوم الدينونة الكبرى) ستظهر لهم حقيقة ما استهزؤا به سواء استهزؤا به ابتداءً أو استهزؤا بنسيانهم لذلك الإيمان لأن الإنسان عندما ينسى الإيمان فكأنه يستهزئ به , و لما كان الإنسان يكفر إبتداءً و لا يؤمن بالنبي فهو أيضاً يستهزئ بالإيمان , فمن الأخطر الذي استهزأ إبتداءً أو الذي استهزأ إنتهاءً ؟؟ بالطبع الذي استهزأ انتهاءً و هو المنافق , و المنافق من النفوق أي الموت و التفسخ و التحلل فنقول عن الجثة نفقت أي تفسخت و تحللت و ظهرت رائحتها النتنة , كذلك المنافق لأنه مد نفقاً تحت الأرض أي جذبته الجذبات الأرضية و لم يعلوا إلى سماوات و سُميات الوحي و الفرق بينهما : سماوات الوحي و سُميات الوحي : سُمية هي تصغير لكلمة سماء و هي مرحلة النمو , و السماء هي درجة أعلى و السماء هي عدة سُميات , و سماء تتلو سماء , سميات حتى تكون سماءً و ثم سميات أخرى حتى تكون سماء أخرى و هكذا , إذاً فكل سماء كاملة لا تتأتى إلا بسميات تسبقها , و السميات هي المجاهدات و التجليات في الرؤى و الكشوف و الوحي و الوصال حتى تصل إلى درجة سماء الأولى و ثم تترقى في سميات أخرى حتى تصل إلى سماء الثانية و ثم الثالثة و هكذا إلى ما لا نهاية .
{أَلَمۡ یَرَوۡا۟ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّن قَرۡنࣲ مَّكَّنَّـٰهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ مَا لَمۡ نُمَكِّن لَّكُمۡ وَأَرۡسَلۡنَا ٱلسَّمَاۤءَ عَلَیۡهِم مِّدۡرَارࣰا وَجَعَلۡنَا ٱلۡأَنۡهَـٰرَ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهِمۡ فَأَهۡلَكۡنَـٰهُم بِذُنُوبِهِمۡ وَأَنشَأۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِمۡ قَرۡنًا ءَاخَرِینَ} :
(ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم) هنا تهديد من الله للكفار بأنهم لم يروا الأمم السابقة التي كفرت بالله و الأنبياء و كيف أشغلهم الله في أنفسهم و في دنياهم حتى هَلكوا , (و جعلنا الأنهار تجري من تحتهم) فدائما الحضارات الانسانية تُقام حول الأنهار و البحيرات لأنها مصدر الحياة (و جعلنا من الماء كل شيء حي) و من خلالها الإنسان يزرع و الزرع هو الطعام للإنسان و المواشي من حبوب و غيرها و ثم تبدأ عجلة الحياة تدور و من الزراعة تأتي الصناعة و ثم التجارة , إذاً الأساس هو الزراعة و أساس الزراعة هو الماء و عبر الله عن الماء هنا بالأنهار , (و أرسلنا السماء عليهم مدراراً) أرسلنا السماء أي انزلنا عليهم من الثمرات و الخير و الأمطار , مدرار اي كثيرة غير منقطعة , فنسمع القول : " أدر اللبن أو اللبن أدر " أي انبثق بشكل غير منقطع , فاللبن من صدر الأم عندما يشربه الرضيع فإنه يرجع مرة أخرى و يمتلئ الصدر و ذلك بأن دم الأم يصفي لبن جديد كلما فرغ و هكذا , فالله عز و جل شبه السماء بثدي الأم لأن السماء تُلقم الحضارات ثديها فتعطيها اللبن المدرار , فهنا معنى مجازي كأن السماء لها أثداء ترضع الأبناء بلبن غير منتهي . (فأهلكناهم بذنوبهم) ذنوبهم هي التي أهلكتهم سواء كانت ذنوبهم عامة من فسق و فجور و عصيان و تكبر و عدم العطف على الفقير أو غيرة و حسد و تشاحن فيما بينهم أو جاءهم نبي و أعرضوا عنه و هذا ذنب , (و أنشأنا من بعدهم قرناً آخرين) أي أن الله استبدلهم فيقول الله عز و جل (و إن تتولوا يستبدل قوماً غيركم و ثم لا يكونوا أمثالكم) و هذا تهديد للكفار لأن الأنبياء يأتونهم و لا يسمعون كلامهم , فيهدد الله هنا الكفار و الفساق بأنه عندما يأتيكم من يقول بأنه مبعوث أو عنده حكمة أو عنده وحي أو رؤيا من الله عز و جل فيجب على كل شخص أن يُرخي سمعه و يفتح بصره و يبدأ يهتم بما يقوله فهو مرسال من الله و سفير الله فيجب الإنتباه و هذا هو كنه بيعة يوسف بن المسيح ﷺ و أصل البيعة إحسان الظن في كل من ادعى بالرؤيا أو الوحي و سؤال الله عز و جل عنه متخلصاً من كل شرك : قلبي أو عملي , خفي أو ظاهر , صغير أو كبير . و على أقل تقدير عدم عداء هذا المبعوث او المرسل لأن الله عز و جل يقول لكل نبي : "أنت حربي" فالنبي هو حرب الله على الكافرين .
و هنا سؤال لماذا شبه الله أي حضارة بالقرن ؟ و الإجابة من أصوات الكلمات : قرن : قر : القرار و الاطمئنان و السعادة و الفرح , ن : النعمة فيقرب النعمة , و يأتي السرور و الفرح و النعيم مع الحضارات و الأنهار و الزراعة و العمارة و بالتالي فهذه المنطقة يحدث فيها ظهور كالقرن (كقرن الغزال أو الجدي) فتظهر في الأرض و تعرفه الناس و تحج إليه (الحج أي السفر) لأن الحضارة تنشأ حول الأنهار فيحدث القرار و النعمة , فالتحليل الجزئي لكلمة قرن : قر اي قرار و ن أي نعمة . و ممكن أن نحللها قوة ق الرنين رن .
مراجعة سريعة لأصوات الكلمات : التاء : قطع خفيف , الطاء : قطع غليظ , العين : لوعة و لعاعة , الراء : رؤية , الياء : تموج , الواو : دوي مدور منتظم متتالي , النون : نعمة , الهمزة : قطع , الباء : احتياج , الثاء : اندهاش و صوت الأفعى , الزين : صوت الذنب , الهاء : تنبيه , الحاء : راحة , الميم : لذة و ألم , اللام : علة , الخاء : فخر و انتشاء , الصاد : صلة , السين : تسرب خفي , الضاد : تشتت فظ غليظ , الظاء : تأتي في معاني النعمة عكس الضاد , الفاء : تأفف , الكاف : انفكاك , القاف : القوة و المجد , توجد سورة بإسم ن (ن و القلم ما يسطرون) دائما الحضارات هي التي تكتب بالقلم لأن القلم هو أبو الفنون و النبوة أعظم الفنون , ن أي نعمة و بعض الناس يقولون بأن ن هنا الحوت . و توجد سورة بإسم ق (ق و القرآن المجيد بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم) ق : القوة و المجد , و يوجد جبل بإسم جبل قاف دلالة على القوة و المجد و الأصالة . و نستطيع تحليل كلمة قرن تحليلاً كلياً كالآتي : ق : مجد و أصالة , ر : ترى , ن : نعمة , إذاً فالحضارة هي عبارة عن مجد و أصالة و ترى من خلالها النعمة .
{وَلَوۡ نَزَّلۡنَا عَلَیۡكَ كِتَـٰبࣰا فِی قِرۡطَاسࣲ فَلَمَسُوهُ بِأَیۡدِیهِمۡ لَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِنۡ هَـٰذَاۤ إِلَّا سِحۡرࣱ مُّبِینࣱ} :
هنا يعطي الله مثل افتراضي و هو لو انزل الله على النبي كتاب فيه خط يد الله و قال للناس بأن يلمسوا ورق هذا الكتاب و أن يروا خطه و ما كتبه من وصايا فإنهم سيكفرون به و يقولون عنه بأنه سحر مبين أي خداع عظيم , و هذا من الدلائل و القرائن بأن ألواح موسى التي جاء بها عندما كان معتكفا في الجبل أربعين يوماً لم تكن بخط ربنا و لم يكتبها الله له بل موسى سمعها منه و ثم كتبها أو تلميذ موسى يوشع بن نون هو الذي كتبها .
{وَقَالُوا۟ لَوۡلَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡهِ مَلَكࣱۖ وَلَوۡ أَنزَلۡنَا مَلَكࣰا لَّقُضِیَ ٱلۡأَمۡرُ ثُمَّ لَا یُنظَرُونَ} : هنا يتكلم الله على لسان الكفار و يقول لنا و يفهمنا نحن المتفرجين على هذه القصص التاريخية المتكررة في كل زمن , (و قالوا لولا أنزل عليه ملك) يعني الذي يقول بأنه نبي فليُرينا الملاك الذي يوحي له رسالة الله إليه أي الشكل الحقيقي للملاك فهم يريدون تعجيز النبي , فيقول الله عز و جل (و لو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر ثم لا ينظرون) لو أنزل الله ملكاً بشكله الحقيقي لقضي الأمر أي لأنهى الله الدنيا مباشرةً و أقام يوم الدينونة الكبرى لأن الله لو أنزل ملكاً بشكله الحقيقي فسينكشف الحجاب و الغيب و لن يبقى شيء يسمى إيمان و سيوجد عالم الغيب كعالم الشهود فسيرى الجميع كل شيء و لن تكون هنالك فائدة لا للبعث و لا للإيمان , و لو أنزل الله الملاك لقضي الأمر أي انتهت الدنيا و ثم لا ينظرون أي لن يجعلهم الله ينتظرون لأنه بذلك سيريهم كل شيء , و الفائدة هنا أن يجعلهم الله يؤمنون من غير أن يروا بعيونهم المادية بل يروا بعيونهم القلبية لذلك كل علامات الساعة الكبرى كانت مجازية فهي رؤى رأها النبي ﷺ و لها تأويل , فعلامات الساعة هي آيات مجازية و هي اختبار و امتحان لمعرفة المؤمن من الكافر و المتقي من الفاسق فهذه هي فائدة أن النبوءات مجازية . لا يُنظرون أي لا نمهلهم و كذلك لا ينظرون أي لا ننظر إليهم برحمة .
{وَلَوۡ جَعَلۡنَـٰهُ مَلَكࣰا لَّجَعَلۡنَـٰهُ رَجُلࣰا وَلَلَبَسۡنَا عَلَیۡهِم مَّا یَلۡبِسُونَ} :
و لو أنزل الله ملاكاً لجعله يتمثل في شكل رجل , (و للبسنا عليهم ما يلبسون) أي خدعهم الله لأنهم كانوا يريدون الخداع و أفسد الله خطتهم أو تآمرهم بأن يعجزوا النبي , و أيضاً إفساد خططهم الشيطانية الإبطالية لشرائع الأنبياء و تعاليمهم عبر الزمن حتى تندثر و ينتشر الفساد فيبعث الله نبي و هكذا , فدائما خطط الإبطال من المشركين و الفاسقين و أعداء الأنبياء بقيادة إبليس اللعين . و للمعلومة : فإن النبي محمد ﷺ رأى جبريل - عليه السلام - على هيئته الحقيقية مرة أو مرتين بين السماء و الأرض لكن كان بمفرده و لو كان كفار قريش قد رأوا جبريل لكان يوم القيامة و لن يجعلهم الله ينتظرون , و لو انزل الله ملاكاً لجعله على هيئة رجل كما في حديث :
عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : " بينما نحن جلوس عند رسول الله ﷺ ذات يومٍ إذ طلع علينا رجلٌ شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يُرى عليه أثر السفر ، و لا يعرفه منا أحد ، حتى جلس إلى النبي ﷺ ، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، و وضع كفيه على فخذيه ، و قال : يا محمد ، أخبرني عن الإسلام ، فقال رسولُ الله ﷺ : الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله ، و أن محمدًا رسول الله ، و تُقيم الصلاة ، و تُؤتي الزكاة ، و تصوم رمضان ، و تحج البيت إن استطعتَ إليه سبيلا ، قال : صدقتَ ، فعجبنا له : يسأله و يُصدقه . قال : فأخبرني عن الإيمان ، قال : أن تُؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر ، و تؤمن بالقدر خيره و شره ، قال : صدقتَ ، قال : فأخبرني عن الإحسان ، قال : أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، قال : فأخبرني عن الساعة ، قال : ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ، قال : فأخبرني عن أماراتها ، قال : أن تلد الأمةُ ربَّتها ، و أن ترى الحُفاة العُراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان ، ثم انطلق ، فلبثتُ مليًّا ، ثم قال : يا عمر ، أتدري من السائل ؟ قلت : الله و رسوله أعلم ، قال : فإنه جبريل أتاكم يُعلمكم دينَكم ." رواه مسلم . فالله عز و جل يُنزل الكثير من الملائكة في أي وقت و نحن نرى الملائكة في الرؤى و في الكشف المقامي لكن في شكل تمثل لأنه واجب الوجود الآن بأن الله يرسل الأنبياء و يرسل الملائكة المتمثلة و يكون لها تنزل خاص و شروط خاصة و كيفية خاصة فالملاك يمكنه أن يتمثل في أكثر من مكان في العالم و هو لم يبارح مكانه في السماء و الذي يريد أن يفهم هذا الأمر فليقرأ كتاب "حمامة البشرى" للإمام المهدي ﷺ و هذا الكتاب سنبدأ به في خطبة عيد الفطر و ثم خطب الجمعة فيما بعد إن يسر الله الظروف حسب الوباء الذي نحن فيه و العياذ بالله .
و تابع قمر الأنبياء سيدنا يوسف الثاني ﷺ الجلسة إذ طلب من رفيدة و مروان و أرسلان إعراب مقاطع قرآنية من هذا الوجه و قاموا بإعرابها على أحسن وجه :
إذ أعربت رفيدة المقطع القرآني {ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ} : الحمد : مبتدأ مرفوع و علامة رفعه الضمة , لله : لام حرف جر , الله : لفظ الجلالة اسم مجرور لحرف الجر اللام و علامة جره الكسرة , و شبه الجملة (لله) في محل رفع خبر , الذي : اسم موصول مبني على السكون , خلق : فعل ماضي مبني على الفتح و الفاعل : ضمير مستتر تقديره هو , السماوات : مفعول به منصوب و علامة نصبه الكسرة لأنه جمع مؤنث سالم , و : حرف عطف , الأرض : اسم معطوف منصوب و علامة نصبه الفتحة , و شبه الجملة (الذي خلق السماوات و الأرض) في محل رفع نعت .
و أعرب مروان {وَهُوَ ٱللَّهُ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَفِی ٱلۡأَرۡضِ} : واو : حرف عطف , هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ , الله : لفظ الجلالة مرفوع و علامة رفعه الضمة و هو خبر المبتدأ , في : حرف جر , السماوات : إسم مجرور لحرف الجر في و علامة جره الكسر , في : حرف جر , الأرض : إسم مجرور و علامة جره الكسرة , (في السماوات و في الأرض) شبه جملة في محل نصب حال .
و أعرب أرسلان {وَجَعَلۡنَا ٱلۡأَنۡهَـٰرَ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهِمۡ} : و : حرف عطف , جعلنا : جعل : فعل ماضي مبني على الفتح المقدر الذي تحول للسكون لدخول الضمير نا , و الفاعل : ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل , الانهار : مفعول به منصوب و علامة نصبه الفتحة , تجري : فعل مضارع مرفوع و علامة رفعه الضمة لاعتلال آخره , و الفاعل : ضمير مستتر تقديره هي , من : حرف جر , تحتهم : ظرف مكان مجرور و علامة جره الكسرة و هو مضاف , هم : ضمير متصل مبني على الكسرة في محل جر مضاف إليه , و الجملة الفعلية (تجري من تحتهم) في محل نصب مفعول به ثان لجعل لأن جعل فعل متعدي . (تجري من تحتهم) إذا أعربت بمفردها : تجري : فعل مضارع مرفوع , و الفاعل : ضمير مستتر تقديرن هي , (من تحتهم) شبه جملة في محل نصب حال .
و ثم أنهى سيدي يوسف ﷺ الجلسة بأحاديث من (كتاب رياض الصالحين) للشيخ النووي - رحمه الله - باب (وجوب الشكر) , فقال :
أن الشيخ النووي أخطأ في العنوان و المفروض أن يقول (باب وجوب الحمد) لكنه لا يعرف و الذي يعرف هم الأنبياء و المحدثون . قال تعالى (اذكروني اذكركم و اشكروا لي و لا تكفرون) , و قال تعالى (لئن شكرتم لأزيدنكم) , و قال تعالى (و قل الحمد لله) و قلنا بأن الحمد هو الأعم لأنه سر الدين , و قال تعالى (و آخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) أي الختام بالحمد لأنه سر الدين و دائما نقول الأعمال بخواتمها . و من الأحاديث : عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال : " أوتي ليلة أسري به بقدحين من خمر و لبن فنظر إليهما فأخذ اللبن , فقال جبريل : الحمد لله الذي هداك للفطرة , لو أخذت الخمر غوت أمتك " . و هذه من الرؤى التي يتم تأويلها . و عن النبي ﷺ قال : " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع ." فدائما إبدأ ببسم الله و الحمد لله حتى يبارك الله في هذا الأمر . و عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال الرسول ﷺ : " إن الله لا يرضى عن العبد يأكل الأكل فيحمده عليها و يشرب الشربة فيحمده عليها . " رواه مسلم .
و الحمد لله رب العالمين . _
أسألكم رضاكم يا نبي الله و نور قلوبنا 💙🌿
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق