راية المسيح الموعود

راية المسيح الموعود

الثلاثاء، 26 مايو 2020

جلسة التلاوة و شرح الوجه الثالث من الأنعام .

جلسة التلاوة و شرح الوجه الثالث من الأنعام .

:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


أسماء إبراهيم :


شرح لنا سيدي و حبيبي يوسف بن المسيح ﷺ أثناء جلسة التلاوة المباركة من أحكام التلاوة : النوع الثاني من أحكام المد ، ثم قام بقراءة الوجه الثالث من أوجه سورة الأنعام و أجاب عن أسئلتنا بهذا الوجه ثم صحح لنا تلاوتنا ، و كانت إجابات مجمل الأسئلة كالآتي :

بدأ سيدنا يوسف بن المسيح ﷺ الجلسة بأحكام التلاوة , فقال : النوع الثاني هو المد بسبب السكون و هو مد عارض للسكون (مد بمقداره ٤ إلى ٥ حركات , و يأتي غالباً في آخر الآيات , مثل : و لا يؤمنون) , و مد لازم و ينقسم إلى : مد لازم كلمي مثقل (أي في كلمة) و يمد بمقدار ٧ حركات مثل : (و لا الضآلين) المد الأول في الكلمة هو مد لازم كلمي مثقل و المد في آخر الكلمة هو مد عارض للسكون . و مد حرفي (أي في الحروف المقطعات) و حروفه مجموعة في (نقص عسلكم) و يمد بمقدار ٦ حركات و في (حي طهر) و يمد بمقدار حركتين , و الألف تمد بمقدار حركة واحدة في الحروف المقطعة . و أمثلة على ذلك : حم : الحاء تمد بمقدار حركتين و الميم تمد ٦ حركات . طسم : الطاء تمد بمقدار حركتين و السين تمد بمقدار ٦ حركات و الميم تمد بمقدار ٦ حركات و ما بين السين و الميم غنة . كهيعص : الكاف تمد بمقدار ٦ حركات و الهاء تمد بمقدار حركتين و الياء تمد بمقدار حركتين و العين تمد بمقدار ٦ حركات و الصاد تمد بمقدار ٦ حركات .

و ثم تابع سيدنا يوسف ﷺ الجلسة بشرح الوجه لنا فقال :
و يقول الله عز و جل في هذا الوجه الحل و قد مهدنا لهذا الوجه في الوجه الثاني من السورة , الحل للمشكلة بين الأنبياء و الكافرين , و توجد أزمة ثقة و كبر من المشركين أو الكفار و توجد أمراض كثيرة تصدهم عن الإيمان فالله عز و جل أتى بالحل في هذا الوجه و كذلك العلة الأساسية التي تجعلهم يكفرون بالنبي عبر العصور .

{قُلۡ أَیُّ شَیۡءٍ أَكۡبَرُ شَهَـٰدَةࣰۖ قُلِ ٱللَّهُۖ شَهِیدُۢ بَیۡنِی وَبَیۡنَكُمۡۚ وَأُوحِیَ إِلَیَّ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ لِأُنذِرَكُم بِهِۦ وَمَنۢ بَلَغَۚ أَىِٕنَّكُمۡ لَتَشۡهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ ءَالِهَةً أُخۡرَىٰۚ قُل لَّاۤ أَشۡهَدُۚ قُلۡ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهࣱ وَ ٰ⁠حِدࣱ وَإِنَّنِی بَرِیۤءࣱ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ} :

و الحل هنا أن نسأل الشاهد الذي هو الله , و يعرض الله نفسه و يقول لهم أنا الشاهد يعني إسألوني و إستخيروني بالدعاء و في السجود عن كنه و حقيقة هذا النبي , و تأكدوا بأن الله عز و جل سيجيب لأنه من المستحيل أن لا يُجيب الله من يسأله عن مبعوث له , فالله هو أعظم شاهد و هذا الكلام عظيم جداً و أنا (يوسف بن المسيح) قد جربته عندما يُجيب و يبعث الرسائل و الوحي فهذا الأمر عظيم جداً يأتي باليقين , و ثم يقول الله عز و جل للنبي بأن يقول : (و أوحي إليَّ هذا القرآن لأنذركم به و من بلغ) أي قل لقومك هذا الوحي , كذلك على نفس القياس أي نبي يوحي الله له بكلمات و حِكم و أمثال فيقول النبي لهم بأن ربي أوحى إليَّ هذا الكلام فاسمعوه , (و من بلغ) أي من بلغه كلامي و هو ليس معي أي سمع عنه فأي شخص سمع كلامي فيُعتبر بأنني قد بَلغته . (أئنكم لتشهدون أن مع الله ألهة أخرى) يعني عندما يسألهم النبي بأن يسألوا الشاهد أي الله عز و جل و هو أعظم شاهد و شهيد (هي صيغة مبالغة) على الحقيقة , و هنا سؤال استنكاري لهم : أتعبدون أحداً غير الله ؟ أأنتم مشركين ؟؟ يعني و كما نقول : بيحسس على البطحة اللي في رأسهم لأنهم مشركين سواء شرك أكبر أو شرك خفي , فهنا يسأل النبي قومه : هل أنتم مشركين أم لا ؟؟؟ و ثم يقول الله عز و جل للنبي بأن يقول لهم : (قل لا أشهد) أي أنني لن أعبد غير الله أبداً في حياتي , (قل إنما هو إله واحد و إنني بريء مما تشركون) فأول شيء البراء من الشرك أي الخلوص من الشرك الأكبر و ثم التوحيد 'لا إله إلا الله' لا إله أي نفي كل الآلهة غير الله , 'إلا الله' هي إثبات وجود الله عز و جل و هذا جزء من العلاج و هو تبكيتهم و يسألهم النبي هل أنتم مشركين أم ماذا ؟؟! ألا تعرفون بأنه إله واحد ؟؟! و ثم يقول النبي لهم أنا أعبد إله واحد و إنني بريء مما تشركون .

{ٱلَّذِینَ ءَاتَیۡنَـٰهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ یَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا یَعۡرِفُونَ أَبۡنَاۤءَهُمُۘ ٱلَّذِینَ خَسِرُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ فَهُمۡ لَا یُؤۡمِنُونَ} :

أهل الكتاب الذين منهم النبي محمد ﷺ يعرفون صفات نبيهم أي النبي محمد ﷺ و كذلك يعرفون بأنه النبي الذي بُشِرَ عنه في التوراة مثيل موسى و ذلك عندما قال الله لموسى : " أُخرج لهم من بين اخوتهم مثيلاً لك و اجعل كلامي في فمه ." فأهل الكتاب الذين نحن منهم أساساً يعرفون صفات النبي محمد ﷺ , (يعرفونه كما يعرفون أبناءهم) فهل يوجد أحد يتيه و يضيع عن أبناءه ؟؟! أو لا يعرف أبناءه ؟؟ إذاً فأهل الكتاب يعرفون نبيهم كما يعرفون ابناءهم و هو ليس بغريب عنهم لأنه منهم أي من أهل الكتاب و هذه قرينة أخرى تؤكد بأن النبي محمد ﷺ كان من الطائفة الإبيونية الموحدة , ثم قال ربي (الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون) فمن ضمن أسباب الكفر بأنهم خسروا أنفسهم , فهم أساساً خسروا أنفسهم بالذنوب و الشرك (شركهم الذي تحدثنا عنه في الآية السابقة) و الجذبات الأرضية و عدم الإستقامة و عدم الامتثال لأوامر النبي فيؤدي هذا إلى نسيانهم للإيمان و ثم يصبحوا منافقين مجرمين في الدرك الأسفل من النار و يتحول المنافق إلى ثعبان و العياذ بالله , فالإنسان المنافق تتحول حقيقته في عالم الروح إلى ثعبان صغير أو كبير على حسب عمله و شركه , فإذا أشرك شركا صغيرا يتحول لثعبان صغير و إذا أشرك شركا كبيرا مستمرا مع جحود و نكران فيتحول و يصبح ثعبان كبير , و من ضمن أسباب عدم الهداية بأنهم خسروا أنفسهم في البداية .

{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ كَذَّبَ بِـَٔایَـٰتِهِۦۤۚ إِنَّهُۥ لَا یُفۡلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} :

و هذا مدخل ثانٍ دخله النبي للكفار بعد مدخل علة الشرك , فيقول النبي لهم : من أكثر ظلماً ؟ الذي يفتري على الله و يقول بأنه من عند الله و بعث له الوحي و هذا لم يحدث أو من قام بتكذيب آيات نبي صادق ؟ فهنا ساوى الله عز و جل بين من يدعي النبوة و بين مكذب النبي الصادق , فالأصل هنا أن نصدق و نحسن الظن و نسأل الله عز و جل و لا نبادر بالإنكار و التكذيب فالذي يُكذب دون بحث و سؤال فإن الله سيعذبه في الدنيا و الآخرة , و لو انخدع أحدهم و كان عنده حسن نية و اعتقد و ظن بأن كلام هذا المدعي صحيح فإن الله سيعذره , لكن لن يعذر من يُكذب النبي الصادق , و الطريق الأسلم هو التصديق , (إنه لا يفلح الظالمون) هنا تهديد من الله عز و جل لهم لعلهم يرتدعون , و هذا من ضمن خطة العلاج الإلهي التي يقولها الله من خلال النبي و الخطة هي : أولاً ؛ إسأل الشاهد و هو أكبر شهيد و هو الله , ثانياً ؛ يسألهم النبي هل أنتم مشركين تبكيتا لهم ؟؟ و ثم يقول لهم أنا موحد , ثالثاً ؛ الله عز و جل يقول لهم هل يوجد من هو أكثر ظلماً من مدعي النبوة أو مكذب نبي صادق ! إذاً فهم هنا بمثابة مدعين نبوة كاذبين إذا كذبوا نبي صادق .

{وَیَوۡمَ نَحۡشُرُهُمۡ جَمِیعࣰا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِینَ أَشۡرَكُوۤا۟ أَیۡنَ شُرَكَاۤؤُكُمُ ٱلَّذِینَ كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ} : هنا تهديد بالمستقبل في يوم الحشر بصفة المالكية (مالك يوم الدين) و هذا من ضمن خطة العلاج أيضاً .

{ثُمَّ لَمۡ تَكُن فِتۡنَتُهُمۡ إِلَّاۤ أَن قَالُوا۟ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشۡرِكِینَ} {ٱنظُرۡ كَیۡفَ كَذَبُوا۟ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡۚ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُوا۟ یَفۡتَرُونَ}:

هنا العلة و أساس المرض على مر السنين في هذا الصراع الأبدي , فلم يكن مرضهم الذي صدهم عن النبي إلا أن قالوا و الله ربنا ما كنا مشركين , فهم ينكرون شركهم فيقول الله عز و جل (انظر كيف كذبوا على أنفسهم) يعني أنهم دسوا على أنفسهم و لم يزكوا و وضعوا رؤوسهم في التراب كما تفعل النعامة التي تكذب على نفسها و لا تصارح نفسها بالحقيقة و تستغفل نفسها متعمدة حتى لا تفكر . و هكذا هو المشرك الذي لا يريد أن يفكر و لا يريد أن يُدخل نفسه في تجربة و إبتلاء و اختبار الإيمان و أن ينكسر لله و أن يسأل الله و يُجيبه , فهو لا يريد أن يفعل هذه الخطوة لأنه يظن نفسه إله , الكافر المكذب يظن نفسه في حقيقة الأمر بأنه إله حتى و لو لم يُصرح بالأمر بل يتضح ذلك من تصرفه و فعله فيقول من هذا النبي حتى أسأل عنه الله ؟!! فعلة العلل هنا (ثم لم تكن فتنتهم) فتنتهم أي مرضهم أو سبب عثرتهم أو عقبتهم هي (إلا أن قالوا و الله ربنا ما كنا مشركين) ينكرون شركهم و يقولون هل يوجد من هو أفضل و أحسن منا نحن ؟! و هذا هو العُجب و الرياء و الافتخار بالنفس و الاعتزاز بالنفس . يعني رأسه تكبر على النبي فالذي تكبر رأسه على النبي فإن الله يكسر هذه الرأس . (انظر كيف كذبوا على أنفسهم) هنا يستدرج الله , انظر كيف يضحكون على أنفسهم , (و ضل عنهم ما كانوا يفترون) أي أنهم يفترون و يقولون بأنهم موحدين بل التوحيد ضل عنهم و ابتعد عنهم و تبرأ منهم فهنا مَثَّلَ الله التوحيد بكائن يتبرأ من المشرك , فالتوحيد عمل يتمثل و كما قلنا الأعمال تتمثل .

{وَمِنۡهُم مَّن یَسۡتَمِعُ إِلَیۡكَۖ وَجَعَلۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ أَكِنَّةً أَن یَفۡقَهُوهُ وَفِیۤ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرࣰاۚ وَإِن یَرَوۡا۟ كُلَّ ءَایَةࣲ لَّا یُؤۡمِنُوا۟ بِهَاۖ حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءُوكَ یُجَـٰدِلُونَكَ یَقُولُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِنۡ هَـٰذَاۤ إِلَّاۤ أَسَـٰطِیرُ ٱلۡأَوَّلِینَ} :

و هنا يعود الله عز و جل و يشرح بعض خصائصهم و نفسياتهم و يُحلل الشخصيات حتى نعرف كيف نتعامل معهم , و على فكرة كل هذا يحدث معي (أي يوسف بن المسيح) كل ما أقرأه هنا يحدث معي بالحرف (و منهم من يستمع إليك) يسمعونك من دون أن تنتبه فيقرأون من ورائك المدونة و يراقبونك و يقرأون تعليقاتك فهم يتابعونك و يقرأون كل كلمة تقولها و يعتقدون بأنني لا أعرف لأنهم من دواخلهم يخافون بأن أكون على حق ! فلم كل هذا !! اذهب و استخر من البداية و اسجد و اكسر نفسك , (و منهم من يستمع إليك) أي يستمعون إليك من ورائك , (و جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه و في أذانهم وقرا) فكل هذا عذاب لهم و جزاء كبرهم و شركهم و جزاء علتهم العظيمة و هي بأنهم يظنون أنفسهم على حق و هم خطأ فجزاء الرياء و الفتنة العظيمة و أن يدسوا على أنفسهم و شركهم هو أن جعل الله و وضع على قلوبهم (و قلوبهم يعني أفهامهم أي وسيلة استنباطهم أو فهمهم أو تبصرهم أو استبصارهم) شيء و هو أمر مجازي كما العمل يتمثل , فجعل أكنة(و جمع الكلمة أكنان أيضاً) على قلوبهم و هي جمع كُن أو كنة , (أن يفقهوه) أي لكي لا يفقهوه , فانتبه : صرف المكذبين عن النبي و عن فهم الحقيقة و الوحي و الوصال هو في حد ذاته عذاب من الله , فوضع الله على أفهامهم و وسائل إستنباطهم و استبصارهم أكنة و كذلك وضع (في أذانهم وقرا) و أذانهم هنا أي مستقبلات الوحي عندهم يعني بأنهم لا يستقبلون الوحي لأنهم مشركين فالله عز و جل لا يحتاجهم لأنه غني و في الحديث القدسي يقول الله عز و جل : " أنا أغنى الشركاء عن الشرك " فهم من يحتاجونه , و معنى أكنة و وقر في أصوات الكلمات : أكنة : كنة : كاف انفكاك , النون نعمة أي انفكاك للنعمة و النعيم على أفهامهم يعني كل نعمة تأتي لقلوبهم و يحاولون فهمها تنفك النعمة عنهم و تبتعد , فجعل أكنة على قلوبهم و أكنة شيء من عالم الغيب ليست من عالمنا المادي فعبر الله عن هذا الشيء بلفظ أكنة , و هي قطع النعمة و قطع لذة الوصال و الفهم الصحيح . (و في ٱذانهم وقرا) الٱذان جمعها أذن و هنا جمع الله كلمة أكنة على القلوب و لما أتى عند أذانهم ذكر كلمة وقر مفردة , و انتبهوا بأن الحرف و الحركة في اللغة العربية تؤدي إلى فرق في المعنى , و وقر تعني حالة وقاية من الرؤيا , وق : وقى , ر : رأى , و هي حالة تمثلت فقامت بوقايتهم من الرؤية , فهل أخبركم أحد من قبل بهذا الكلام و هذا المعنى ؟؟ فأجبنا نبي الله يوسف ﷺ لا , فقال : لا يقول هذا الكلام إلا وحي نبي من الله عز و جل . إذاً وقر أي وقاية من الرؤية على مستقبلات الوحي فتوجد وقاية على الرؤية فلا يرى المشرك و كذلك المشرك لن يفهم فتنفك عنه نعمة الفهم . (و إن يروا كل آية لا يؤمنوا بها) فلو أتيتهم بمليون آية فلن يؤمنوا أيضاً , و هذا تحدي عظيم من الله لهم , (حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين) فيقولون للنبي : بأنك أتيت بكلام قد قيل من قبل فلم تأتي بجديد فما فائدة مجيئك و بعثك ؟! فهذا الكلام نحن نعرفه ! فيقول النبي : بأنني أتيت لأُزكي و أقول لكم اليقين و أنني تجربة عملية على وجود الله و جئتُ نعمة و حجة و عذاب و إنذار . و جئت نعيما للمؤمنين .

{وَهُمۡ یَنۡهَوۡنَ عَنۡهُ وَیَنۡـَٔوۡنَ عَنۡهُۖ وَإِن یُهۡلِكُونَ إِلَّاۤ أَنفُسَهُمۡ وَمَا یَشۡعُرُونَ} :

هنا يصف الله حالهم بأنهم ينهون عن اتباع سبيل النبي و ينئون عنه أي يبعدون أنفسهم عن النبي , و بعملهم هذا يهلكون أنفسهم و يجعلوها خاسرة و هم في حالة غفلة .

{وَلَوۡ تَرَىٰۤ إِذۡ وُقِفُوا۟ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُوا۟ یَـٰلَیۡتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِـَٔایَـٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ} :

هنا يصف الله مشهد مستقبلي من باب التهديد , (و لو ترى) أي سأجعلك ترى يا محمد ﷺ أو يا كل نبي إذ وقفوا على النار اي هؤلاء المجرمين , و فعل وُقِفُوا هو مبني للمجهول , فالملائكة مُوقِفَة المجرمين مذلولين لأنهم لم يذلوا أنفسهم في الدنيا للنبي فأذلهم الله في الدنيا و الآخرة , و ثم قالوا و حال لسانهم سواء كان بالفعل أو المقال (يا ليتنا نرد و لا نكذب بآيات ربنا و نكون من المؤمنين) يا ليتنا نرجع مرة أخرى و آمنا و لم نكذب النبي و لم نعاديه .

{بَلۡ بَدَا لَهُم مَّا كَانُوا۟ یُخۡفُونَ مِن قَبۡلُۖ وَلَوۡ رُدُّوا۟ لَعَادُوا۟ لِمَا نُهُوا۟ عَنۡهُ وَإِنَّهُمۡ لَكَـٰذِبُونَ} :

(بل بدا لهم) بأن أعمالهم النجسة و شركهم تمثل لهم و كشفوه في جهنم , (ما كانوا يخفون من قبل) اي الشرك الخفي الذي سنتكلم عنه في أحاديث النووي في هذه الجلسة , و ثم يقول الله عز و جل (و لو ردوا) أي أرجعناهم مرة أخرى إلى الدنيا و هذا إفتراض جدلي , (لعادوا لما نهوا عنه) أي لعادوا كافرين مرة أخرى لأن نفوسهم خاسرة و جربها الله عز و جل في الدنيا .

و قال لنا نبي الله يوسف ﷺ أثناء تلاوتنا بأن نحقق كل حكم و كل حرف و كل تشكيل , و أن ننسجم مع الحروف و الأحكام و الآيات و أن نكون جزء منها فندور حيثما دارت و أن نكون جزء من غناء الآيات و جزء من أعظم أغنية في الوجود و هي القرآن الذي يخرج من الوعر في جبال السروات و هذه نبوءة عن القرآن , فيجب أن نكون داخل الأغنية بأحكامها و بتجويدها و بحروفها و بتشكيلها و بمعانيها فأحياناً الوقف يعطي معنى و كذلك النبرة , و يريدنا نبي الله يوسف ﷺ أن نكون مع القرآن نسبح حيثما سبح و ندور حيثما دار و نكون جزءا من الأغنية , و يكمل سيدي يوسف ﷺ و يقول لنا : أنتم ترون كيف أقرأ القرآن و أكون جزء من القرآن و أستمتع و أنا أقرأ القرآن و لا أستعجل في القراءة و أعطي كل شيء حقه و عندما ينقطع نفسي أتوقف و ثم آخذ نفس آخر و أعيد , فأنا أشعر بالإنبساط عندما أقرأ القرآن , و كذلك قراءة القرآن تفيد الرئة بالتجويد و الأحكام بتحسين وظائف التنفس و أقول لكم هذه المعلومة الطبية بحكم أنني دكتور .

و تابع قمر الأنبياء سيدنا يوسف الثاني ﷺ الجلسة إذ طلب من رفيدة و مروان و أرسلان إعراب مقاطع قرآنية من هذا الوجه و قاموا بإعرابها على أحسن وجه :

إذ أعربت رفيدة المقطع القرآني {وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُوا۟ یَفۡتَرُونَ} : و : حرف عطف , ضل : فعل ماضي مبني على الفتح , عنهم : عن حرف جر , هم : ضمير متصل مبني على السكون في محل جر إسم مجرور , ما : إسم موصول بمعنى الذي , كانوا : كان : فعل ماضي ناسخ , و اسم كان : ضمير مستتر تقديره هم , يفترون : فعل مضارع مرفوع و علامة رفعه ثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة و الفاعل : ضمير مستتر تقديره هم , و الجملة الفعلية (يفترون) في محل نصب خبر كان , و جملة (ما كانوا يفترون) في محل رفع فاعل .
و أعرب مروان {وَلَا نُكَذِّبَ بِـَٔایَـٰتِ رَبِّنَا} : و : حرف عطف , لا : أداة نصب , نكذب : فعل مضارع منصوب و علامة نصبه الفتح , و الفاعل : ضمير مستتر تقديره نحن , بآيات : ب : حرف جر , آيات : اسم مجرور و علامة جره الكسرة لأنه جمع مؤنث سالم و هو مضاف , ربنا : لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور و علامة جره الكسرة و هو مضاف , نا : ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه , و شبه الجملة (بآيات ربنا) في محل نصب مفعول به للفعل نكذب .
وأعرب أرسلان {وَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ} : و : حرف عطف , نكون : فعل ناسخ ناقص مضارع , و إسم نكون : ضمير مستتر تقديره نحن , من : حرف جر , المؤمنين : إسم مجرور و علامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم , و شبه الجملة (من المؤمنين) في محل نصب خبر نكون .
و ثم أنهى سيدي يوسف ﷺ الجلسة بأحاديث من (كتاب رياض الصالحين) للشيخ النووي - رحمه الله - باب (تحريم الرياء) , فقال : الرياء هو نوع من أنواع الشرك الخفي . قال الله تعالى (و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) , و قال تعالى (لا تبطلوا صدقاتكم بالمن و الأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس) رئاء الناس أي من أجل أن يراه الناس , رياء من الرؤية , و رئاء هنا جمع تكسير و كذلك رياء كلمة في حد ذاتها جمع , و قال تعالى (يراؤون الناس و لا يذكرون الله إلا قليلا) . و من الأحاديث : عن أبي هريرة قال : سمعت الرسول ﷺ يقول : " قال الله تعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك , و من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته و شركه . " و عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : " إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا ، قَالَ : فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا ؟ قَالَ : قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ ، قَالَ : كَذَبْتَ ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ : جَرِيءٌ ، فَقَدْ قِيلَ ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ ، وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا ، قَالَ : فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا ؟ قَالَ : تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ ، وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ ، قَالَ : كَذَبْتَ ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ : عَالِمٌ ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ : هُوَ قَارِئٌ ، فَقَدْ قِيلَ ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا ، قَالَ : فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا ؟ قَالَ : مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ (أي بذلت المال لك يا رب , للفقراء و المساكين و ابن السبيل و الصدقات و الزكاة) ، قَالَ : كَذَبْتَ ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ : هُوَ جَوَادٌ (أي الكريم الذي يجود على الناس) ، فَقَدْ قِيلَ ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ ." رواه مسلم .

__ و الحمد لله رب العالمين . 💙🌿



أسماء إبراهيم :

 مُبارك هو عيدنا و عيدنا هو قربنا منك و لأنفاسك المباركة و بسماتك المبهجة للقلوب و لكلماتك الشافية للنفوس , مُبارك كل يوم أنت فيه و سعيد هو من يرتشف من ماء فيض روحك فلا يعطش بعدها أبداً , مُبارك علينا طلوع شمسك و منك تشتد أعوادنا و إليك نميل أينما أشرقتَ و أنرتَ في رقصة أبدية على ألحان أغنية الأكوان المقدسة و كلماتها الممتلئة بعبق الحياة تلو الحياة دون نهاية , كل عام و أنت بخير و صحة و سعادة يا سيدي و حبيبي و يا أصل سرور قلبي و بقائه , الحمد لله أن أنعم الله على طفلته هذه بأول عيد فطر مع نبي الله و كذلك أن رزقني برزق جميل عظيم أن جعله بوجود صغيرتي و حبيبتي رؤى الجميلة , الحمد لله على نعمه مهما طال بنا العمر و طرق النسيان أبوابنا فنراك تأخذ بأيدينا بقوة و رحمة , الحمد لله عليك أبد الدهر , و حفظ الله عائلة يوسف بن المسيح المباركة من كل مكروه و زاد في قوة حُبها و إيمانها و ترابطها و خيرها , و عيد مُبارك على اليوسفيين جميعهم و ثبتهم الله و حفظهم من كل ضر و شر , آمين يا ربي البر الحسيب , و كل رجائي بأن يرضى نبي الله و حبيبي عني فقربك و رضاك ما يُزيل كل ما لا يُحتمل من شعور و يُبعد كل ضياع و بُعد و ذنب . أحبك و إن قصرت في وصفها و دعائك لي لأكتمل في ذاك الدوران الكوني في خدمتك المباركة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق