درس القرآن و تفسير الوجه الخامس من فاطر .
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
أسماء أمة البر الحسيب :
افتتح سيدي و حبيبي يوسف بن المسيح ﷺ هذه الجلسة المباركة ، و ثم قرأ أحد أبناءه الكرام من أحكام التلاوة ، و ثم قام نبي الله الحبيب بقراءة الوجه الخامس من أوجه سورة فاطر ، و استمع لأسئلتنا بهذا الوجه ، و ثم شرح لنا يوسف الثاني ﷺ هذا الوجه المبارك .
بدأ نبي الله جلسة التلاوة المباركة بقوله :
الحمد لله ، الحمد لله وحده ، الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده و بعد ، لدينا اليوم الوجه الخامس من أوجه سورة فاطر ، و نبدأ بأحكام التلاوة و مروان :
- من أحكام النون الساكنة و التنوين :
الإدغام و حروفه مجموعة في كلمة (يرملون) أي أنه إذا أتى بعد النون الساكنة أو التنوين حرف من حروفها , و هو نوعان : إدغام بغنة و حروفه مجموعة في كلمة (ينمو) . و إدغام بغيير غنة و حروفه (ل ، ر) .
و الإخفاء الحقيقي حروفه في أوائل الكلمات من الجملة الآتية (صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما دُمْ طيباً زد في تقى ضع ظالماً) .
__
و ثم تابع نبي الله يوسف الثاني ﷺ الجلسة بشرح الوجه لنا فقال :
{هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتًا وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَارًا} :
يقول تعالى : (هو الذي جعلكم خلائف في الأرض) يعني أُمة تَخلُف أُمة ، أُمة تَخلُف أُمة في عمارة الأرض و في تسخير نِعَم الله في هذه الأرض ، (هو الذي جعلكم خلائف في الأرض) كذلك هو الذي جعلكم أمم تأتيها الرسل في الأرض ، أُمة تلو أُمة ، و قرن تلو قرن ، (هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره) يعني الإنسان مُخَيَّر و بإختياره يكون فيما يليه مُسيَّر ، (فمن كفر) الذي يكفر بالرسل و يكفر بالنعمة ، (فعليه كفره) يعني كفره عليه هو ، يعني عاقبة الكفر تكون على الكافر ، يعني ربنا لا يؤاخذ أحد بذنب أحد ، و لا تزر وازرة وزر أخرى ، (و لا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتاً) الكافر حينما كفر يزداد مقت الله له ، (و لا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتاً) كذلك كلما زاد كفر الكافرين إزدادوا مقتاً للخير و للأنبياء و لله ، (و لا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا) أي أنّ الكفار لا يأخذون و لا يَجنُون و لا يحصدون من كفرهم إلا الخسران في الدنيا و الآخرة .
___
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّنْهُ بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلاَّ غُرُورًا} :
(قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله) الله سبحانه و تعالى يعطيهم موعظة و نصحية و مثال لعلهم يهتدون ، و لعلهم يتذكرون و لعلهم يتفكرون ، فيقول : (قل أرأيتم شركاءكم) هؤلاء الأصنام أو تلك الآلهة المزيفة الذين يعبدونها من دون الله أو مع الله ، (أروني ماذا خلقوا من الأرض) يعني أروني صنائِعْهم أو صنائِعَهم ، أروني مخلوقاتهم التي خلقوها من الأرض التي تعيشون فيها ، (أم لهم شرك في السماوات) يعني هل تعبدونهم لأنهم شركاء في مُلك السماء أي السماوات ، (أم آتيناهم كتاباً فهم على بينة منه) أو هل أننا أعطيناهم عقد شراكة و تنازلنا لهم عن بعض أملاك السماوات و الأرض ، أي جعلناهم شركاء في مُلكية السماوات و الأرض ، أو أعطيناهم كتاب فيه أسرار سُنن الكون و تفسير الكون و تدبير الكون ، هل فعلنا ذلك؟ فهذه كلها أسئلة إستنكارية من الله سبحانه و تعالى ، (فهم على بينة منه) يعني على وضوح بتلك الأسرار الإلهية ، هل هم كذلك؟ (بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضاً إلا غروراً) يعني الظالمين بِيَغُّروا بعض و بيفتنوا بعض ، و هو ده سبيل صديق السوء ، دايماً كده أصدقاء السوء بيجروا بعضهم للمهالك و العياذ بالله ، تمام؟ لأن الصاحب ساحب ، فليختر أحدكم من يُخالل ، تمام؟ كما قال النبي ﷺ ؛ مَثَلُ إيه؟ الجليس الطيب و الجليس السيء ، مثل إيه؟ حامل المسك و نافخ الكير فحامل المسك إما أن يُحذيك يعني يُعطيك من المسك ده أو تبتاع منه ، تشتري منه إيه؟ الريحة/الرائحة دي أو أن تجد منه ريحاً طيبة ، و نافخ الكير إما أن يؤذيك بريحه خبيثة أو يُحرق ثيابك ، صح؟ نافخ الكير اللي هو إيه؟ بينفخ في النار ، فإما أن تجد منه ريحاً خبيثة و إما أن يُحرق ثيابك ، فلينظر أحدكم من يُخالل ، الصديق السوء لا يأتي إلا بالنار و الخسران و البوار ، و العياذ بالله ، و الصديق الطيب الحسن يأتي بالخير ، فلينظر أحدكم من يُخالل ، فهكذا الكفار يجرّون بعضهم بعضاً إلى النار ، (بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضاً إلا غروراً) و الغرور هو إيه؟ رؤية الغبش ، عدم إتضاح الرؤية نتيجة الكفران و الخسران ، عدم التدبر و التذكر و الخشوع .
___
{إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} :
(إن الله يمسك السماوات و الأرض أن تزولا) الله سبحانه و تعالى ممسك بخلق السماوات و الأرض ، لا يزول إلى أجل مسمى عنده سبحانه و تعالى ، (و لئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده) يعني لما ربنا يأذن بزوال السماوات و الأرض و تلك الإيه؟ الهيئة و تلك الخِلقة المُدبَّرة المُنظَّمة في وقت من الأيام ، (إن أمسكهما من أحد من بعده) هل سوف يعترض على ذلك أحد و يستطيع أن يوقف ذلك الزوال من بعد أمر الله سبحانه و تعالى بذلك ، (إنه كان حليماً غفورا) الله سبحانه و تعالى حليم ، أصل الحِلم و يُعطي من حِلمه لعباده المستفيضين ، و غفوراً أصل الغفران و يُعطي السماحة و الغفران لعباده ، فيفيض عليهم منها .
___
{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُورًا} :
(و أقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم) هنا ربنا بيتكلم على الوثنيين من أمة محمد ﷺ ، كانوا إيه؟ ينظرون إلى بني إسرائيل فيقولوا : لو أتانا نبي كما أتى بني إسرائيل ، لكنا أفضل من بني إسرائيل ، فقدر الله سبحانه و تعالى أن سيدنا محمد -عليه الصلاة و السلام- اصطفاه الله سبحانه و تعالى في الطائفة الإبيونية و هي إيه؟ الطائفة المنصورة وقتها ، الطائفة الموحدة ، و تعلم و أعطاه الله سبحانه و تعالى الوحي و النبوة ، و كان أصله هو من بني إسماعيل من قريش ، و أراد سبحانه و تعالى أن يأخذ هؤلاء الوثنيين إلى دين التوحيد بسبب محمد ﷺ ، (و أقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا) أي عارضوا النبي ﷺ و كذبوه و مكروا به المكر السيء و العياذ بالله .
___
{اسْتِكْبَارًا فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلا} :
(استكباراً في الأرض و مكر السيئ) أي بسبب الكِبر و الأفعال السيئة و المكر الخبيث ، (و لا يحيق المكر السييء إلا بأهله) هم مكروا بالنبي ﷺ لكن الله مكر بهم و أهلكهم في النهاية ، (و لا يحيق المكر السييء إلا بأهله) أي أنهم لما أرادوا إرادة السوء للنبي ﷺ و سعوا إلى ذلك ، أحاطهم الله سبحانه و تعالى بدائرة السوء ، أحاقت بهم أي حَلَّقَت بهم و أحاطت بهم و احتوتهم في غَيَاهِبِها ، (فهل ينظرون إلا سنت الأولين) يعني ألا ينظرون إلى سُنة الأمم السابقة كيف هلكت عندما كذبت ، (فلن تجد لسنت الله تبديلا) يعني لن تجد أن سُنة الله عز و جل تتبدل ، (و لن تجد لسنت الله تحويلا) أي لن تجد لسُنة الله إيه؟ إنحراف عن مسارها و هي ثابتة لا تنحرف و لا تتحول ، كذلك لا تتبدل بالكُلية .
___
{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} :
(أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم و كانوا أشد منهم قوة) هنا دعوة للتفكر و التذكر و التدبر و الإتعاظ من سبيل و مصير الأمم السابقة ، كانت أشد قوة من أُمة محمد ، و كذلك عندما كفروا أهلكهم الله ، فهل يُعجز ، هل يُعجزون أؤلئك الكفار الله سبحانه و تعالى ، أبداً لا يُعجزونه ، (و ما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات و لا في الأرض) مفيش حاجة/لا يوجد شيء تعجز ربنا أو تصعب على ربنا ، يعني مفيش/لا يوجد شيء صعب على الله عز و جل ، (إنه كان عليماً قديراً) الله سبحانه و تعالى عليم أصل العلم و الوحي ، الله سبحانه و تعالى خبير أصل الخبرة و يُعطي من وحيه و خبرته لمن استفاض .
___
{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا} :
(و لو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة) يعني لو ربنا يؤاخذ الناس على سيئاتهم لأفنى الخلائق ، (و لكن يؤخرهم إلى أجل مسمى) الله سبحانه و تعالى يؤخرهم إلى فترة ، و هي فترة إمتحان و إختبار و إبتلاء ، ينظر كيف تعملون ، و ينظر كيف يكون تخييركم ، على أساسه يكون تسييركم ، (و لو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دآبة و لكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا) إذا جاء الأجل المسمى و انتهى الزمان الذي حدده الله سبحانه و تعالى سواء أكان ذلك خاصاً أو عاماً ، يعني خاصاً بكل مخلوق و عاماً بالقيامة الكبرى ، (فإن الله كان بعباده بصيرا) الله بصير ، أبصر ما فعلوا ، على أساس ذلك يُجازيهم ، لأنه عَلِمَ ما عملوا ، فكان ينتظر أعمالهم و أقوالهم و نياتهم ، فقد أظهروها في الحياة الدنيا ، و على أساسها يُجازون في اليوم الآخر ، حد عنده سؤال تاني؟؟ .
__
و اختتم نبي الله الجلسة المباركة بقوله المبارك :
هذا و صلِّ اللَّهم و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم ، سبحانك اللهم و بحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك و أتوب إليك .
___
و الحمد لله رب العالمين . و صلِّ يا ربي و سلم على أنبياءك الكرام محمد و أحمد و يوسف بن المسيح صلوات تلو صلوات طيبات مباركات ، و على أنبياء عهد محمد الآتين في مستقبل قرون السنين أجمعين . آمين .🌿💙
"و ختمت سورة فاطر بحمد الله ، و القلوب قد عَلِمت و عُلِّمت بأنها على فطرة التوحيد ، و أن عليها أن تمضي و تسعى و تبحث حتى تصل لتلك الحقيقة الوحيدة ، بأن الله هو الفاطر ، و القلوب بين يدي الله الفاطر تمتليء بثمار الخيرات التي لا نهاية لها ، مباركة هي من الرب و تُبارِك ."💙🍃
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق