راية المسيح الموعود

راية المسيح الموعود

الأحد، 14 فبراير 2016

في بحر وِتْرِ الكثرة و الملكوت .



في  بحر وِتْرِ الكثرة و الملكوت .
:
أعجب ممّن أسميهم أصحاب الأسلوب الفيزيائي في عرضهم للتحليلات و الأفكار و التفسيرات . أولئك لا يعلمون أنهم يخاطبون الإنسان ذلك الكائن الحي المكلف , لكنّ الله علم و بما أنه يعلم فقد راعى طبيعة الكيان الحي فأرسل وحيه لرسله و لهم بأسلوبٍ ناعم منسجم مع طبيعتهم البيولوجية هذه الطبيعة الحية لا يناسبها إلا أسلوب الأحياء للإحياء . لاحظ معي دقة تنفس الصبح و تدرجه و انسيابية ظهوره و نعومة ذلك . كذلك هي الصفة البيولوجية في الكائن الحي . هكذا يكون الوحي و أسلوب الأحياء للإحياء . أنت لا تحدث آلات و لا ماكينات و لا سيورا و فلاتر . بل أنت تحدث نفسيات و كيمياء حيوية , فدعكم من أسلوب الفيزياء الصادم المجرد عن رعشة و خفقات الروح في القلب و العقل .
إنّ كلمات الحياة تعبّر عن نفسها , تأخذك بعيدا و أنت في مكانك و زمانك لأزمان ماورائية و أماكن ليست كالأماكن تسافر معك في بحر و تر الكثرة و الملكوت . هي ليست كلمات فيزيائية الأسلوب , بل هي ذات نفسٍ حي مكتظ بالبيولوجيا و أسلوب الحياة حياة تنفّسٍ الصبح و دقة طلوعه الناعم , كلماتٍ ليست كالكلمات , بل تكون مفعمة ببصمة نبض الروح القدس , قد تصلون إلى حائط فهم المعنى المراد , لكن لن يفهمني بقوة و غزارة إلا من من غرس نفسه في طينة الروح و تلقّى مع المتلقّين , أعلمُ أنه ليس بإرادتك و لا بقدرتك و لكنها برجائك و تحننك و تلطفك لتحقيق رغبات الروح .
تلك الروح المطلقة الطاهرة بأصلها , نحن لا نتحدث عن الأنفس فمنها الطاهر و منها الخبيث , أما الروح فلا تنجس و لا تخبث ابدا , و لو حدث أنّ نبي عبّر عن النفس بلفظ الروح فقال روح طيبة و أخرى خبيثة فهو من باب المجاز لا الحقيقة . فمقصده دوما هو النفس . و ذلك مراعاةً لمنهج تدرج الخطاب في الأمم عبر القرون .
نعم , إنّ الروح لا تنجس و لا تخبث أبدا , فقط قد ترتاح و قد تتأذى من آثار تفاعل الجسد و العقل و الوجدان معها , إما تفاعلٌ إيجابيّ و إما تفاعلٌ سلبيّ , و بالناتج تكون طبيعة النفس و درجاتها و نقطتها في السماء , فيا أصحاب الأسلوب الفيزيائيّ في مخاطبة الناس , فلتكونوا بيولوجيين أصحاب أسلوب بيولوجي منسجم مع الخلية الحية إنسجام الوحي مع الحياة الكامنة فينا , و ليست الروح هي العقل الباطن كما يدعي الفيزيائيين بل العقل الباطن هو درجة من درجات العقل المخلوق في الكتاب منذ الأزل . أما الروح فهي أمر آخر بديع .
و اعلموا أنّ أعماركم قصيرة يا أصحاب الأسلوب الفيزيائيّ , أعماركم قصيرة قصر أثر مقالاتكم . لأنّ ما كان من بحر وتر الكثرة و الملكوت يبقى , و ما كان من دونه يفنى و تذروه الرياح . فيا من تحاولون تفسير الماورائيات بالفيزياء و ما تسمونهبالحقل الكوني , تفسيراتكم ستظل قاصرة , لأنكم لم تطلقوا لطاقاتكم الحية طاقات الخلية الحية لم تطلقوا لها العنان لتسبح في السماء , لم تحاولوا أن تتعرفوا على مشكاة زيت الزيتون , لم تحاولوا أن تقوموا بجسّ الروح و الإحساس بها في عالم الخيال و الأحلام .
لمْ تنظروا خلف الحجب عبر الأفق , نظرتكم قصيرة فيما بين الأقدام ,  ألا فلترفعوا رؤوسكم للأمام ثم ارفعوها مرة أخرى إلى الأعلى حيث فيض الحياة . لا تفسروا بالفيزياء فتقصر أعماركم , فسروها بالحياة لتطول أعمار كلماتكم أعمار كلمات النبيين , هي تقول لكم أنها ما ورائيات أي ماوراء الطبيعة أي الميتا فيزكس أي خلاف الفيزياء المشهودة فكيف تفسرونها بالفيزياء المعلومة . فلتكن كلماتكم كلمات النبيين لتكون التزكية لمستمعيكم تلك التزكية التي تجعل العيون تدمع و القلب يخفق و الجلود تقشعرّ .
الحق و الحق أقول : إنّ أقلامكم تئنّ من رتابة نفوسكم و عقولكم و تكلّس وجدانكم , إنّ أجسادكم سقيمة و أرواحكم متألمةٌ تألمٌ كامن لن يظهر للعيان إلا حين ترى عيون أجسادكم رماد ما كتبتموه تذروه الرياح ذروا . حينها تدخل تلك الرمادة خياشيمكم فتشعرون كم هي سطحية و كئيبة و ساذجة . و كم أنتم مبتعدون عن أصل الحياة في بحر وتر الكثرة و الملكوت . د محمد ربيع , مصر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق