يوشع بن نون :
صلاة الجمعة ٢٠٢١/٢/٢٦
================
صلاة الجمعة لخليفة المسيح الموعود السادس سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام بتاريخ ٢٠٢٠١/٢/٢٦
يقول سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام : السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته . أذان .
قام بلال اليوسفيين برفع الأذان :
الله اكبر الله اكبر
الله اكبر الله اكبر
اشهد ان لا اله الا الله
اشهد ان لا اله الا الله
اشهد ان محمدا رسول الله
اشهد ان محمدا رسول الله
حى على الصلاة
حى على الصلاة
حى على الفلاح
حى على الفلاح
الله اكبر الله اكبر
لا اله الا الله
ثم قام سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام خطيبا فقال : الحمد لله - الحمد لله وحده - الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده و بعد : لدينا اليوم إكمال لحديث المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام من كتاب نور الحق : " ثم العجب أن إله النصارى ولَد الابنَ ولم يلد البناتِ، كأنه عاف الأَخْتانَ أو كرِه أن يصاهر إلا الصِّفْتات، أوْ لم يجد كمثله الشرفاء السراة. فهل من أعجوبة في السكارى مثل أطروفة النصارى، أم هل رأيت مثلهم من المغلّسين؟ والأصل الموجب الجالب إلى هذه العقيدة الفاسدة والأمتعة الكاسدة، انهماكُهم في الدنيا مع هجوم أنواع العصيان وشوق نعماء الجِنان مع رِجس الجَنان. وأنت تعلم أن الشحّ يُعمِي عينَ رؤية الصواب، فلا يفتّش الشحيحُ العَجولُ مِن الوِهاد والحِداب، بل يسعى مستعجلا إلى ملامح السراب، بمجرد استماع قول الكذّاب، وإذا بلغها فلا يجد إلا وادي التباب، فتضطرم نار العطش وتثِب عليه كالذياب، ويحترق القلب كاحتراق الجلباب، فيسقط على الأرض من غلبة الاضطراب، ويطير روحه كالطير ويلحق بالميّتين.
فمثلُ قوم اتّكأُوا على الكَفّارة من كمال الجهل والغرارة، كمثل حمقى الذين كانوا من قوم متنصرين. طحطَحَ بهم قلّةُ المال وكثرة العيال، حتى كان الفقر حَصادَهم والتُرْب مِهادَهم، وطعامهم بعض الأفاني وسَحْناؤهم كالشيخ الفاني، وكانوا من شدة بؤسهم مضطرين. فقيّض القدر لنَصَبِهم ووَصَبِهم أن جاءهم شيخ شَخْتُ الخِلْقة، دقيق الشَرَكة، حقير السَّحْنة، وكان توجد فيه آثار الخصاصة والافتقار، ويبيّن حالَه الحِذاءُ المرقَّعُ وبِلَى الأطمارِ. فدخل وعليه بُرْدانِ رثّانِ، وفي يده سُبحة كسبحة الرُهبان، وكان سائلا معترًّا، وشَعِثًا مغبرًّا، قد لقِي متربةً وضرًّا، حتى انثنى محقوقِفًا مصفرًّا. وكان لبسُه كثيرَ الانخراق باديَ الإخريراق، وكانت هيئته تشهد على أنه ما أصاب هِلّةً ولا بِلّةً، وإن هو إلا معروق العظم ومن الطالحين. فوَلَجَ حَلْقتَهم بسوء حاله وأفانينِ مقاله، ليخدَعهم بزخرفةِ محاله، فسلّم ثم كلّم، وقال هل أدلّكم إلى مكسب مال تنجيكم من إقلال، فتكونون ذوي أملاك ورياض، وترفَلون في ذيلٍ فضفاض، وتُفعِمون صناديقكم كما يفعم الماء في حياض، فتصبحون متنعمين؟ فرغبوا مِن حمقهم وشدة شحّهم في الأموال، وقالوا مرحبًا لك تعال تعال، ودُلَّنا إلى هذا المنوال، وإنا نفعل كل ما تأمر، ونحضر أينما تحضر، وستجدنا من المتمثلين الشاكرين. ففرِح الخُدَعةُ في قلبه على قيد الصيد وإصابة الكيد، وعرَف أنهم سقطوا في شبكته واغترّوا بخديعته، وجاءوا تحت فخّه بصفيره وزفرته، فكلّمهم بأحاديث ملفّقة، وأكاذيب مزخرَفة، وقال ما لي يأخذني رقّةٌ عليكم، ويهوي قلبي إليكم؟ لعل الله قدّر لكم حظًّا في منهلي، ونُـزُلاً في منـزلي، وأراد أن يجعلكم من المتمولين. وقد كنت أعلم أنكم مِن أكرمِ جرثومةٍ وأطهرِ أرومةٍ، ومِن أبناء بُناة المجد وأرباب الجد، والآن أراكم بصفر اليد، فأُلقِيَ في قلبي أن أرحمكم وأشفق عليكم، وأقوم لمواساتكم ودفع آفاتكم، وكذلك وقعتْ شِيمتي، واستمرّت عادتي. وخيرُ الناس من ينفع الناس، ويعين ذوي الفاقات والمساكين. وستَعجُمون عُودَ دعواي وحلاوةَ جَناي، وإني لمن الصادقين. فكلوا هنيئًا مريئًا هذه المائدة الواردة، واستقبِلوا هذه الدولة الحاردة، وخذوا تلك الغنيمة الباردة شاكرين. فاذهبوا سارعين مبادرين إلى بيوتكم، لتُعطَوا أجرَ قنوتكم، وأْتوني بما كان عندكم من أثارةِ مال بقي من زوال، مِن نوع حِليةٍ من ذهب كان أو فضّة، أو حُلي جيرانكم وخلانكم، ولا تتركوا شيئا منها، وارجعوا مستعجلين. وإني أقرأ عليها كلماتٍ كرُقْيةٍ، وأعكف على هذا العمل إلى بضع ساعة، فتهيج في الحلي ثورةُ مَزِيَّة، وكلُّ حِلية تربو وتنمو، والزيادات فيها تبدو، حتى تكون الحلي مئةَ أمثالها، وتنـزل عليها بركات بكمالها وتُعجِب الناظرين. ولا تعجبوا لهذا الحديث، فإن فيه سر كسرِّ التثليث، فلا تسألوني عن دلائل كفلسفيين. العمل عجيب، والوقت قريب، وتكونون من بعد قوما متنعّمين.
فاغترّوا بقول الكاذب المكّار، وحسبوا هذا العمل كالتثليث من الأسرار، بما لكَزهم حمارُ الجهل الجذّارُ، وبتَرهم سيفُ الشحِّ البتّارُ. فألقتْ في الضلالة الثانية الضلالاتُ الأولى، وتكونتْ مِن ظلمة ظلمة أخرى، فمالوا إليه كما كانوا مالوا إلى عقائد المسيحيين. قالوا ما نشقّ عصا أمرك، وما نلغي تلاوة شكرك، وقد أتيتَنا من الغيب كملائكة منجِّين. فبادَروا إلى بيوتهم في فكر قُوْتهم وتنضير سَبْروتهم، وما شكّوا وما تقاعسوا، بل كلٌّ منهم ذهب ليأتي به الذهب، وزاب ليزداب، وكانوا في سكرة حرصهم كالمجانين. فلما دخلوا ربوعهم مَراحًا، قالوا لأهلها أنعِموا صباحًا، ثم قصّوا عليهم القصّة، وهنّأوهم متبسمين. فصدّقوا قولهم الذين كانوا كمثلهم في الجهالة ونظيرهم في الضلالة، وكانوا يتغنون فرحين. فنـزعوا الحلي من أعضاء نسائهم وآذان إمائهم وآناف بناتهم وأيدي أخواتهم وأرجل أمهاتهم، وأشركوا في تلك التجارة نساءَ أصدقائهم وأزواج أحبّائهم، بل نسوانَ جيرانهم وعذارى أقرانهم، وغادروهن كأشجار خالية من ثمار. وغادر كل أحد بيته أنقَى من الراحة، طمعًا في كثرة المال وزيادة الراحة. ثم رجعوا مستبشرين، ونبذوا الحلي أمام يديه فرحين. فلما رأى المكّار امتلاءَ كيسه وانجلاء بؤسه، ورأى حمقهم وجهلهم، فرِح فرحا شديدا، ووجد نفسه غنيًّا صنديدًا، قال أعلم أنكم ذوو حظ عظيم ومن الفائزين، وستجتنون جَنَى عملكم وتعلُون مطا جملِكم، وتذكرونني إلى أبد الآبدين.
ثم قال يا معشر الأخيار وأكباد هذه الديار، اعلموا أن هذا العمل من الأسرار، وقد وجب إخفاؤها من الأغيار، ومن أشراط هذه الرُّقْية قراءتُها في الزاوية على شاطئ الوادي عند نهر جار في البادية، وكذلك عُلِّمت من المعلِّمين، فهل تأذنونّي أن أفعل كذا، وأرجع إليكم بذهب كأمثال الرُّبَى، لترجعوا إلى شركائكم بمال ما رأته عين الناظرين؟ وسترون قناطيرًا مقنطرة من الذهب الخالص والمال المليح، ولا ترون نظيره في التنجية إلا كفّارة المسيح، ويكفي لدينكم الكفّارةُ ولدنياكم هذه الإمارة، فنجوتم في الدارينِ من تحريك اليدين ومِن جهد الجاهدين. قالوا الأمر إليك والقلب لديك، وإنك اليوم لدينا مكين أمين. قال طوبى لكم ستُفتَح عليكم أبواب المسرّة وتعطى لكم مفاتيح الدولة، بل أعلّمكم رُقْيتي، لكيلا تضطربون¨ عند غيبتي، ولكي تكون لكم دولة عظمى ومُلكٌ لا يبلى. قالوا لا نستطيع إحصاء شكرك وإنك أكبر المحسنين. قال جَيْرَ، ما علّمتُ أحدًا هذا العمل من قبلكم، ولا أعلِّم بعدكم قومًا آخرين. فسألوا عنه سرَّ هذا التخصيص وحكمةَ تحديد هذا التبصيص، فأقسمَ بالأقنوم الذي يجير الجاني أنه ضاهَى في هذه العادة بالأقنوم الثاني، وجعلهم كالمسيح من المتفردين. ثم شمّر ذيله ليطير كالعقاب، فغدا بإزعام الذهاب ولا اغتداءَ الغراب، وقال لهم عند الفرار: يا سادات الأمصار وصناديد الديار، سآتيكم إلى نصف النهار، فانتظِروني قليلا من الانتظار، ولا تأخذكم² شيء من الاضطرار، فإن الرُقْية طويلة والبُغْية جليلة، والطبيعة عليلة، والمسافة بعيدة، والبرودة شديدة، وما كنت أن أشقّ على نفسي في هذا الضعف والنحافة، وما أجد في بدني قوّةَ قطع المسافة، وإني نبذت عُلَق الدنيا كلها، وتركت كُثْرَها وقُلَّها، وما يسرّني إلا ذكر المسيح رب العالمين - لعنة الله على الكاذبين - لكني كلّفت نفسي لكم بما رأيتكم من قبائل الشرفاء ووجدتكم كأطلال الأمراء وفي الضراء بعد النعماء، وبما تحققت المصافاة وانعقدت المودات، فهاجت رحمتي وماجت شفقتي، وجذبني بَخْتُكم المحمود ونجمكم المسعود، فأردت أن أجعلكم كالسلاطين. وسأرجع إليكم مع الجَنى الملتقط، فانتظِروا بالقلب المغتبط، سترون بيضاء وصفراء كحليلة جميلة زهراء، وأُوافيكم كالمبشّرين المستبشرين. فذهب وتركهم مغبونين. فما فهموا أنه غَرَّ وطلب المفرّ، وفرحوا بتصور حصول المراد، ولبثوا يرقبونه رِقبةَ أهلّة الأعياد، وينتظرونه انتظارَ أهل الوداد متنافسين، إلى أن تلبست الشمس كالمتندمين نقابَها، وسوّدت كالمحزونين ثيابها، وألغتْ كالمخدوعين حسابها، واختفتْ بوجه مصفرّ كالمنهوبين.
فلما طال أمد الانتظار، وتجاوز الوقت من موعد المكّار، وأضاعوا في رِقبةٍ الزمانَ، وبانَ أن الرجل قد مانَ، نهضوا كالمجانين، وسعوا إلى كل طرف مفتّشين، وعدَوا إلى اليمين واليسار مرتعدين، بتصوُّر الحلي الكبار وفِكْرِ هتك الأستار. فلما استيأَسوا منه كالثكلى سقطوا كالموتى، وأكبّوا على وجوههم باكين، وعرفوا أنهم قد خُدعوا بل جُدعوا ومن القوم قُدعوا، فضربوا على خدودهم قائلين: يا ويلنا إنا كنا منهوبين مخدوعين. ثم ألقوا على رؤوسهم غبار الصحراء، وصعدت صرخهم إلى السماء، وجمعوا الناس حولهم من شدة الجزع والفزع والبكاء. فجاءهم القوم مُهرَعين، فسألوا عن بلاءٍ نـزل وجرحٍ ابتزل، وعن مصيبة مذيبة للقلوب وداهيةٍ مهيّجة للكروب، واستفسروا من تفاصيل المصيبة وكيفية القصة. فعافُوا أن يبيّنوا خوفًا من طعن الناس والخزي بين العوام والخواص، ومع ذلك كانوا صارخين. فقال القوم ما لكم لا ترقأ دمعتكم ولا تسكن زفرتكم، أظُلِمْتم من قوم عادين؟ لِم تسترون الحقيقة وتزيدون الكربة، ألا ترون إلى لوعةِ كرب المحبين؟ فصاحوا صيحة المغبون، واستحيوا مِن إظهار الكمد المكنون، ثم بيّنوا القصة وأبدوا الغصة، وما كادوا أن يبينوا، ولكن عجزوا عن إصرار المصرين. فلامَهم كلُّ أحد من العقلاء، ومطرت مِن كل جهة سهامُ العُذلاء، فنكّسوا رؤوسهم متندمين. وقال المعيّرون يا معشر الحمقاء وأئمة الجهلاء، ألستم علِمتم أنه جاءكم فقير بادي الخذلان، وعليه بُردانِ رثّانِ كالعُثان؟ فمن كان في أطمار كيف يهبكم رِياشَ أفخارٍ، وينجيكم من أسرِ أوطار؟ أما رأيتم عليه أثر الإفلاس، فكيف شُغفتم به.. أكنتم أنعاما أو من الناس؟ ثم كانت هذه الخرافات بعيدة من قانون القدرة وخارجة من السنن المستمرة، فكيف قبِلتموها وقائلَها إن كنتم عاقلين؟ وكيف نسيتم تجارب الحكماء، أكنتم أنعاما أو كنشوانِ الصهباء مخمورين؟ وكيف ظننتم أنه صدوق أمين مع أنه خالفَ الصادقين أجمعين؟ أما رأيتم أطماره؟ أما شاهدتم إزاره؟ أما سمعتم من قبل قصصَ المكّارين؟ فلا تلوموا أحدًا ولوموا أنفسكم. إنكم قد أهلكتم نسوانكم وإخوانكم وخلانكم وجيرانكم، فليبكِ على فهمكم من كان من الباكين.
يقول المهدي الحبيب : هذا مثل المسيحيين وكفّارتهم وجهلهم وغرارتهم، وما قلنا ذلك إلا نصاحةً لله لقوم جاهلين. ولكن المسيح والصالحين من أصحابه مبرَّؤون من ذلك المثل وخطابه، وما نتوجه إلا إلى الخائنين الذين سيرتهم سيرة السرحان ولبوسهم لبوس الرهبان، وقد تبينَ انكفاؤهم وبَرْحُ ليلائهم، وتبين أنهم من الضالين المضلين. ومن وقاحتهم أنهم مع جهلهم يصولون على الإسلام، ويضلّون طوائف الأنام، ويشيعون أنواع الآثام، وكانوا قوما دجالين. فليندموا على بادرة الاعتقاد، وليخافوا خسرانهم يوم المعاد، وما أنا إلا نذير من رب العالمين.
ثم جلس سيدنا يوسف بن المسيح قليلا ثم تابع الخطبة فقال : الحمد لله - الحمد لله وحده - الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده و بعد يقول الإمام المهدي الحبيب : "
إني من الله العـزيز الأكبرِ
حقٌّ فهل من خائفٍ مُتدبّرِ
جاءت مرابيع الهدى ورِهامُها
نزلتْ وجَوْدٌ بعدها كالعسكرِ
جُعلت ديار الهند أرضَ نـزولها
نصرًا بما صارت محلَّ تنصُّرِ
فيها جموع يشتمون نبيَّنا
فيها زروع من ضلالٍ مُوثَرِ
قوم يعادون التُّقى مِن خبثهم
ويؤيدون أمورَ ضِدِّ تطهُّرِ
وتكنّستْ ذاتَ المِرار ظبيُّهمْ
إذ صُلتُ عند تناضُلٍ كغضنفرِ
منهم خبيث مفسد متفاحش
أُخبِرتُ عنه وليتني لم أُخبَرِ
غُولٌ يسبّ نبـيَّنا خيرَ الورى
لُكَعٌ وليس بعالم متبحّرِ
يا غُولَ باديةِ الضلالة والهوى
تهذي هوًى مِن غير عينِ تبصُّرِ
قطّعتَ قلب المسلمين جميعهم
كم صارم لك يا عَبِيطُ وخنجرِ
إنـا تصبَّـرْنا على إيـذائكم
والنفس صارخة ولم تتصبرِ
إنا نرى فتـنًا تذيب قلـوبنا
إنا نرى صـورًا تهولُ بمـنظرِ
جاءوا كمفترس بنابٍ داعسٍ
دحـسًا ككلب نابح متشذّرِ
كانوا ذيابًا ثم وجدوا سَخْلةً
في البرّ منفـردًا أسيرَ تحـسُّرِ
وترى بطون المفسدين كأنها
قِربٌ بما نالـوا كمالِ تعَجُّرِ
حاذت مطاياهم على أعناقنا
حتى تكـسّرنَ كعظـمٍ أنخَرِ
فاض العيون من العيون كأنها
ماء جرى من عَنْدَمٍ متعـصّرِ
فنهضتُ أنصَحهم وكيف نصاحتي
قومًا أوابدَ معجَـبين كضيطَرِ
قد غُودِرَ الإسلام مِن جهلاتهم
وخلَتْ أماعزُ عن سحابٍ ممطرِ
شاقت قلوبَ الناس ظُعْنُ جِيائهم
فتأبّطوا بُرَحاءَهـم بتخـيُّرِ
زُجَلٌ عمون منجّسو عرصاتِنا
فَجَأَتْ طوائحُهم كذِيْبٍ مُبكِرِ
والعين باكية وليس بكاؤنا
شيئًا سِوى الفضل المنير المسفِرِ
إن البـلايا لا يـرُدُّ رِكابَـها
إلا يدا مـلِكٍ قـدير أكـبرِ
إن المهيـمن لا يُضِـيع عباده
فَافْرَحْ ولا تحزنْ بوقتِ مُضجِرِ
أيها المتنصرون والعادون العمون! لقد جئتم شيئًا إدًّا، وجُزتم عن القصد جدًّا. تعبدون من مات وفاتَ، وعظّمتم العظام الرُّفاتَ، وغمصتم الصادقين. وفيكم مَن إذا كُلِّمَ كَلَّمَ، وإذا سُلِّمَ ثَلَّمَ. تقولون إنا لُقِّنّا الحلمَ، وعُلِّمْنا السلمَ، ولكنا لا نجد فيكم قارع هذاv الصَّفاة وقريع هذه الصفات، بل نجدكم حريصين على الضرّ، وراغبين في إيصال الشرّ. تسبّون الأخيار، وتلعنون الأبرار، وتختالون من الزهو، وتنصبّون إلى اللهو، وما تنصرتم إلا لتكونوا ذوي جُرْدٍ مربوطة وجِدَةٍ مغبوطة، ولتميسوا في رِياش، وتتخلصوا من فكر معاش، وتجدوا ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين، ولتتجنّوا قطوف اللذات فارغين.
ووالله إن فسق النصارى قد عظم في الديار، وأخنوا على الناس بأنواع التبار. اتّسخت أبدانهم من أوساخ الذُنوب، فما مالوا إلى الذَنوب، وبلغ أمرهم من كثرة الأدران إلى الحِمام، فما عجُّوا إلى الحَمّام، وصاروا باديَ الجردة كالأنعام، فما آلوا إلى حلل الإنعام، وأحبوا الذهبَ، والإيمانُ فرَّ وذهَب، فأكبّوا على الدنيا خائنين. وكذلك زادت منهم سموم الطغيان، وركدت ريح الإيمان، حتى صار الزمان كليلة حالكة الجلباب هامية الرَّباب، تركوا طريق الخير المأثور، ودعَوا إلى الويل والثبور، ثم صار الكذب عادتهم، وإشاعة الفسق سيرتهم، وتوهين المقدسين خصلتهم، ومالُ الإعانات جَرّتهم. لا يبالون صغيرة ولا كبيرة، ولا يتقون جرأة ولا جريرة، ويفتِنون قلوب الناس بأنواع الوَسواس، أو ينطقون بالبهتان على رسل الرحمن. وشِنْشِنتُهم الانتقالُ مِن صيد إلى صيد، والرجوعُ من كيد إلى كيد، فتارة يُرُون النساءَ، وطورا بيضاءَ وصفراء، ومرةً مِياهَهم الغِزار، وأخرى الأشجارَ والثمار. فنشَب الجهّالُ في شبكتهم، والفسّاق في هوّتهم، ونسَلوا مِن كل حدب مصطادين.
وأقم الصلاة.
ثم قام بلال اليوسفيين بإقامة الصلاة وصلى نبي الله الجمعة ركعتين وقرء في الركعة الأولى سورة الفاتحة وبداية سورة إبراهيم .
بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ * ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ * إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ * ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ * صِرَ ٰطَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ .
(بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ الۤرۚ كِتَـٰبٌ أَنزَلۡنَـٰهُ إِلَیۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ إِلَىٰ صِرَ ٰطِ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡحَمِیدِ ٱللَّهِ ٱلَّذِی لَهُۥ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۗ وَوَیۡلࣱ لِّلۡكَـٰفِرِینَ مِنۡ عَذَابࣲ شَدِیدٍ ٱلَّذِینَ یَسۡتَحِبُّونَ ٱلۡحَیَوٰةَ ٱلدُّنۡیَا عَلَى ٱلۡـَٔاخِرَةِ وَیَصُدُّونَ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ وَیَبۡغُونَهَا عِوَجًاۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ فِی ضَلَـٰلِۭ بَعِیدࣲ وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوۡمِهِۦ لِیُبَیِّنَ لَهُمۡۖ فَیُضِلُّ ٱللَّهُ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِی مَن یَشَاۤءُۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِـَٔایَـٰتِنَاۤ أَنۡ أَخۡرِجۡ قَوۡمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرۡهُم بِأَیَّىٰمِ ٱللَّهِۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّكُلِّ صَبَّارࣲ شَكُورࣲ وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِ ٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ إِذۡ أَنجَىٰكُم مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ یَسُومُونَكُمۡ سُوۤءَ ٱلۡعَذَابِ وَیُذَبِّحُونَ أَبۡنَاۤءَكُمۡ وَیَسۡتَحۡیُونَ نِسَاۤءَكُمۡۚ وَفِی ذَ ٰلِكُم بَلَاۤءࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ عَظِیمࣱ وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكُمۡ لَىِٕن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِیدَنَّكُمۡۖ وَلَىِٕن كَفَرۡتُمۡ إِنَّ عَذَابِی لَشَدِیدࣱ)
وقرء في الركعة الثانية سورة الفاتحة وتابع من سورة إبراهيم .
بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ * ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ * إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ * ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ * صِرَ ٰطَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ .
(وَقَالَ مُوسَىٰۤ إِن تَكۡفُرُوۤا۟ أَنتُمۡ وَمَن فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِیٌّ حَمِیدٌ أَلَمۡ یَأۡتِكُمۡ نَبَؤُا۟ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكُمۡ قَوۡمِ نُوحࣲ وَعَادࣲ وَثَمُودَ وَٱلَّذِینَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لَا یَعۡلَمُهُمۡ إِلَّا ٱللَّهُۚ جَاۤءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ فَرَدُّوۤا۟ أَیۡدِیَهُمۡ فِیۤ أَفۡوَ ٰهِهِمۡ وَقَالُوۤا۟ إِنَّا كَفَرۡنَا بِمَاۤ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ وَإِنَّا لَفِی شَكࣲّ مِّمَّا تَدۡعُونَنَاۤ إِلَیۡهِ مُرِیبࣲ ۞ قَالَتۡ رُسُلُهُمۡ أَفِی ٱللَّهِ شَكࣱّ فَاطِرِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ یَدۡعُوكُمۡ لِیَغۡفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَیُؤَخِّرَكُمۡ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمࣰّىۚ قَالُوۤا۟ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا بَشَرࣱ مِّثۡلُنَا تُرِیدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ یَعۡبُدُ ءَابَاۤؤُنَا فَأۡتُونَا بِسُلۡطَـٰنࣲ مُّبِینࣲ (قَالَتۡ لَهُمۡ رُسُلُهُمۡ إِن نَّحۡنُ إِلَّا بَشَرࣱ مِّثۡلُكُمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ یَمُنُّ عَلَىٰ مَن یَشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۖ وَمَا كَانَ لَنَاۤ أَن نَّأۡتِیَكُم بِسُلۡطَـٰنٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡیَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ)
ثم جمعَ صلاة العصر .
===============
والحمد لله رب العالمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق