يوشع بن نون :
صلاة الجمعة ٢٠٢١/٣/٥
================
صلاة الجمعة لخليفة المسيح الموعود السادس سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام بتاريخ ٢٠٢٠١/٣/٥
يقول سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام : السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته . أذان .
قام بلال اليوسفيين برفع الأذان :
الله اكبر الله اكبر
الله اكبر الله اكبر
اشهد ان لا اله الا الله
اشهد ان لا اله الا الله
اشهد ان محمدا رسول الله
اشهد ان محمدا رسول الله
حى على الصلاة
حى على الصلاة
حى على الفلاح
حى على الفلاح
الله اكبر الله اكبر
لا اله الا الله
ثم قام سيدنا يوسف بن المسيح عليه الصلاة والسلام خطيبا فقال : الحمد لله - الحمد لله وحده - الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده و بعد : لدينا اليوم إكمال لحديث المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام من كتاب نور الحق : "
اُنظُرْ إلى المتنـصرين وذانِـهمْ
وانظُرْ إلى ما بـدأ مِن أدرانهمْ
مِن كل حدب ينسِلون تشذّرًا
وينجّسون الأرض من أوثانهم
نشكو إلى الرحمن شرَّ زمانهم
ونعوذ بالقدّوس من شيطانهم
هل مِن صَدوق يُوجدَنْ في قومهم
أم هل عرفتَ الصدق في بلدانهم
هم يعبدون الآدمي كمثلهم
هم ينشرون الفسق في أوطانهم
الماكرون الكائدون من الهوى
والزور كالأثمار في أغصانهم
العين باكية على حالاتهم
للعقل حسرات على هذيانهم
مكرٌ على مكر خيالُ قلوبهم
كذبٌ على كذب بيانُ لسانهم
إني أراهم كالبنـين لِغُـوْلِهم
إن التطهر لا تحل› بخانهم
كيف الرجاء وقد تأبّطَ قلبُهم
شرًّا أراه دخيلَ جَذْرِ جنانهم
بل كذّبوا بالحق لما جاءهم
وتمايلوا حقدًا على بهتانهم
كم مِن سموم هبَّ عند ظهورهم
كم مِن جَهول صِيدَ مِن أرسانهم
هم أنكروا بحر العلوم بخبثهم
واستغزروا ما كان في كِيزانهم
لا يعلم النوكى دخيلةَ أمرهم
مِن غيرِ رقّتهم ولينِ لسانهم
واللهِ لولا ضنكُ عيشٍ مُقلِقٍ
ما مالَ مرتدّ إلى أديانهم
قد جاءهم قوم بحرصِ لبانهم
ولينفُضَنْ ما كان في أردانهم
كانوا كذئب البَرِّ مكلومِ الحشا
مِن جوعهم فسعوا إلى عمرانهم
قوم سُقوا كأس الحتوف بوعظهم
قوم خَروفٌ في يدَي سِرحانهم
عمّتْ بلاياهم وزاد فسادهم
واشتدّ سيل الفتن من طغيانهم
يا رَبِّ خُذْهم مثلَ أخذِك مفسدًا
قد أفسدَ الآفاقَ طولُ زمانهم
أدرِكْ رجالاً يا قديرُ ونسوةً
رحمًا ونَجِّ الخَلْق من طوفانهم
حلّتْ بأرض المسلمين جنودهم
فسرَتْ غوائلهم إلى نسوانهم
يا ربَّ أحمدَ يا إلهَ محمدٍ
اِعصِمْ عبادك من سموم دخانهم
يا عونَنا انصُرْ مَن سواك ملاذنا؟
ضاقت علينا الأرض من أعوانهم
كَسِّرْ زُجاجتهم إلهي بالصفا
واعصِمْ عبادك من سموم بيانهم
سبُّوا نبيَّك بالعناد وكذّبوا
خيرَ الورى فانظرْ إلى عدوانهم
يا ربّ سحِّقْهم كسحقك طاغيًا
وَانْزِلْ بساحتهم لهدم مكانهم
يا ربِّ مَزِّقْهم وفَرِّقْ شَمْلَهم
يا ربِّ قَوِّدْهم إلى ذوبانهم
قد أزمعوا إضلالنا ووبالَنا
فاضرِبْ مكايدهم على أبدانهم
وإذا رميتَ فإن سهمك قاتلٌ
حَدٌّ كأسياف على شجعانهم
صِرْنا حَمولةَ جورِهم وجفائهم
زُمّتْ ركاب الهجر مِن وثبانهم
لولا تَعافَيْنا تعاقُبَ سَبِّهم
لرميتُ سهم النار عند عُثانهم
ما يظلم الأشرار إلا نفسهم
سترى بندم القلب عَضَّ بنانِهم
ظنّوا بأن الله مخلِفُ وعده
فبغوا بأرض الله من طغيانهم
وقبولُ أمر الحق عارٌ عندهم
صعبٌ على السفهاء عطفُ عِنانهم
سُودٌ كخافية الغراب قلوبهم
والخلَقُ مخدوعون من لمعانهم
فارقُبْ إذا صاحبتَهم بمحبّةٍ
فتنًا بدينك عند اِسْتحسانهم
ولقد دعوتُ الرب عند تناضُلي
واللهُ تُرْسي عند ضرب سِنانهم
يا مستعاني ليس دونك مَلجأي
فانصُرْ وأيِّدْنا لهدم قِنانهم
يا من يعيّرني بموت إلههم
أفلا ترى ما جَذَّ أصلَ إهانهم
واللهِ إن حياة عيسى حيّةٌ
تسعى لتُهلِك كلَّ مَن في خانهم
جعَل المهيمن حكمةً من عنده
في موت عيسى قَطْعَ عرقِ جِرانهم
كيف الحياة وقد تُوُفّيَ مثله
حزبٌ وخيرُ الخَلق بعد زمانهم
هل غادرَ الحتفُ المفاجئ مرسلاً
أم هل سمعتَ الحيّ من أقرانهم
أتغيظُ ربَّك لابن مريم حِشنةً
وتحيد عن مولى إلى إنسانهم
فاطلُبْ هُداه وما أخالُك تطلبُ
فَاخْسَأْ وكُنْ منهم ومن إخوانهم
يا مَن تظنّى البولَ ماءً باردًا
أخطأتَ مِن جهلٍ بِاِسْتِسْمانهم
يا ربِّ أَرِني يومَ كسرِ صليبهم
يا ربّ سلِّطْني على جدرانهم
فإذا تكلَّمْنا فسيفٌ قولُنا
رمحٌ مبيد لا كمِثل بيانهم
ولقد أُمرتُ من المهيمن بعدما
هاجت دخان الفتن من نيرانهم
ما قلت بل قال المهيمن هكذا
ما جئتُهم بل جاء وقت هوانهم
طورًا أحارب بالسهام وتارةً
أَهوي بأسياف إلى إثخانهم
بمهنّدٍ صافِ الحديد جذمتُهم
وعصايَ قد أفنَتْ قُوَى ثعبانهم
روحي بروح الأنبياء مضمَّخٌ
جادتْ عليّ الجَودُ من فيضانهم
إنّا نرجّع صوتنا بغنائهم
إنّا سُقينا من كؤوس دِنانهم
قوم فنوا في سبلِ مَربَعِ ربّهم
والعُمي لا يدرون مطلع شأنهم
كم من شرير أُهلكوا بعنادهم
ورأوا مُدَى نحرٍ وراء كُبانهم
وسيُرغِم اللهُ القدير أنوفهم
ويُري المهيمن ذُلَّ داءِ خُنانهم
اليوم قد فرحوا برجسِ تنصُّرٍ
والحق لا يخطو إلى آذانهم
قوم تميل مع الهوى أفكارهم
وعفَتْ نقوشُ الصدق من حيطانهم
ظهرت كأثر السم ثورةُ وعظهم
رحلتْ تُقاة الخَلق من إدجانهم
هل شاهدتْ عيناك قومًا مثلهم
أم هل سمعتَ نظيرهم في ذانهم
بطريقةٍ سنّتْ لهم آباؤهم
يدعو إلى الجَهْلات صوت كِرانهم
فكأنّ أبواب المكائد كلها
فُتحتْ لفتنتنا على رهبانهم
قد آثروا طرق الضلال تعمّدًا
ما زاد خسران على خُسرانهم
إن الصليب سيُكْسَرَنْ ويُدَقَّقَنْ
جاء الجِيادُ وزهَق وقتُ أتانهم
الكـذب مجبنةٌ لكل مُبـاحث
لكنهم تركوا حياء جنانهم
سمٌّ مبيـد مهلكٌ في لبنهم
مَكْرٌ مُضِلُّ الخَلقِ في هَدَجانهم
فارْبَأْ بدينك عند رؤية وجههم
واقنَعْ بشَوكٍ مِن جَنى بستانهم
الموت خير للفتى من خبزهم
فاصبرْ ولا تجنَحْ إلى تَهْتانهم
ونضارة الدنيا تزول بطرفةٍ
فاقنَعْ ولا تنظُرْ إلى أفنانهم
النار تسقط كالصواعق عندهم
فتجافَ يا مغرورُ عن أحضانهم
أين المفرّ من القضاء إذا دنا
إلا إلى رَبٍّ مُزيلِ قِنانهم
يَسْبون جهّالاً برقّة لفظهم
يُصْبون قلب الخَلق من إحسانهم
فلذا يُحِبُّ مزوِّرٌ أديارَهم
مِن شحّه ميلاً إلى مرجانهم
ولو انتقدتَ جموعهم في دَيرهم
لوجدتَ سقطًا شيخهم كعَوَانهم
ما الفرق بين المشركين وبينهم
بل هم بنوا قصرًا على بنيانهم
يهوي إليهم كلُّ نِكْسٍ فاسقٍ
ليبيت شَبْعانًا بلحم جِفانهم
في قلبنا وجعٌ وشوكُ دعابة
من نَخْزِهم خبثًا وطولِ لسانهم
ما إنْ أرى أثر الدلائل عندهم
أصبَوا قلوبَ الخلق من عِقيانهم
قد عاث في الأقوام ذئب شيوخهم
حدثتْ فنون الفسق مِن حدثانهم
تعريسهم آثارُ عزمِ رحيلهم
يُخفُون في الأرْدان حبلَ ظِعانهم
عارٌ على الفَطِن الزكيّ طعامُهم
ضارٌ لخلق الله ماءُ شِنانهم
للمرء قربُ المؤذيات جميعها
خيرٌ لحفظ الدين من قربانهم
لك كلَّ يومٍ ربِّ شأنٌ معجِبٌ
فانصُرْ عبادك ربّ في ميدانهم
نَقنِي التضرّعَ والبكاء تصبرًا
نأوي إلى الرحمن من رُكبانهم
للهِ سهمٌ لا يطيش إذا رمى
للحقِّ سلطان على سلطانهم
أَنزِلْ جنودك يا قديرُ لنصرنا
إنا لقِينا الموت من لُقْيانهم
يا ربّ قد بلَغ القلوب حناجرا
يا ربّ نَجِّ الخَلق من ثعبانهم
إن القلوب من الكروب تقطعتْ
فارحَمْ وخَلِّصْ روحنا من جانهم
ودَعِ العِدا جَزَرَ السِّباع يَنُشْنَهم
واشفِ القلوب بخزيهم وهوانهم
وأعجبَني طريق المعترض الفتّان أنه لا يمتنع من الهذيان، ويهذي كمثل النشوان، ويقول إن عيسى هو الروح الذي يوجد ذكره في جميع مقامات القرآن، وفي كتب أخرى التي هي من الله الرحمن، وما هو إلا من الكاذبين.
فاعلموا يا معشر الطلاب أنه يسعى إلى السراب ولا يخطو إلى الصواب، وإن في كلامه دجل عجيب وتمويه غريب وكذب مبين. ألا يعلم أن الروح نـزل على عيسى كما نـزل على موسى ونبيّين آخرين؟ لِم يلبس الحق بالباطل كالدجّال الغالث؟ ألا يقرأ في الإنجيل (متّى الإصحاح الثالث): "وإذا السماوات قد انفتحت له، فرأى روحَ الله نازلةً مثل حمامة وآتيًا عليه" .... "ثم أُصعِدَ يسوع إلى البرية من الروح ليجرَّب من الشيطان اللعين". فثبت أن روح القدس نـزل على المسيح كما نـزل على إبراهيم وإسماعيل الذبيح وغيره من المرسلين. فاتق ربَّ العباد وفكِّرْ لطلب السَّداد، مجتهدًا لتحصيل الرشاد، وتاركًا سبل الرقاد وجاهدًا، هل يكون النازل والمنـزَل عليه شيئا واحدا؟ كلا.. بل لا بد من أن يكونا شيئين متغايرين، كما لا يخفى على ذي العينين، وعلى سائر العاقلين. فأيّ دليل أكبر من هذا لقوم منصفين، الذين ينثالون إلى الحق موجفين، ولا يتركون الصراط كعمين؟ وأيّ فرق في الروح النازل على عيسى والروح الذي أُعطِيَ لموسى كليم رب العالمين؟ ألا تتفكرون يا معشر الظالمين وتسقطون على أراجيف الكاذبين؟ ألا تقرأون في التوراة الإصحاح الحادي عشر ما قيل إنه قول أصدق القائلين، وهو أن الرب قال لموسى: فأنـزلُ وأنا أتكلم معك، وآخذ من الروح الذي عليك وأضع عليهم، أَيْ على أكابر أمته، وهم كانوا سبعين. وكذلك نـزل هذا الروح على جد عيسى ومرشده داود ويحيى وغيرهما من النبيين. ولا حاجة إلى أن نطوّل الكلام ونضيع الأوقات ونـزيد الخصام، فإن الخواص من النصارى والعوام يعرفونه وما كانوا منكرين. فلم لا تَسْتشفّ أيها الجهول والغبي المعذول في كتب الأولين؟ ولم لا تقبل النصيحة، وتعادي العقيدة الصحيحة، ولا تكون من المسترشدين؟ نعطيك شهدًا يَنْقَع، وتعدو إلى سمّ مُنقَع، أتريد أن تكون من الهالكين؟
وأما ما ظننتَ أن الله يسمّي المسيح في القرآن روحًا من الله الرحمن، ولا يسميه بشرًا ومن نوع الإنسان، فأعجبني أنكم لم لا تأنفون من البهتان، ولم لا تستحيون من خرافات وتنضنضون نضنضة الثعبان، وما كنتم منتهين. وتميسون كالسكارى وجدانًا ووجدًا، ولا ترون غَورًا ولا نَجْدًا، ولا تخافون هوّة السافلين. أجعلتم قرّة عيونكم ومسرّة قلوبكم في الأكاذيب، وطبتم نفسًا بإلغاء طلب الحق وإلقاء حبل الله القريب، وكنتم قوما عادين؟ ويل لكم.. إنكم سقطتم على دِمْنَة، وأعرضتم عن روضة، بل تركتم شجراءَ وآثرتم مَرْداءَ، ونـزلتم عن متن الركوبة، واخترتم طريق الصعوبة، وقفوتم أثر المبطلين.
ثم جلس سيدنا يوسف بن المسيح قليلا ثم تابع الخطبة فقال : الحمد لله - الحمد لله وحده - الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده و بعد يقول الإمام المهدي الحبيب : " وإن كنتم تظنون أن القرآن صدّق قولكم وأعان، وقال في شأن عيسى: (ورُوحٌ منه)وقبِل أنه خرَج مِن لدنه، فما هذا إلا جهل صريح ووهم قبيح وخطأ مبين. ثم إن فُرِضَ أن قوله تعالى: (ورُوحٌ منه) يزيد شأنَ ابن مريم، ويجعله ابن الله وأعلى وأكرم، فيجب أن يكون مقام آدم أرفع منه وأعظم، ويكون آدم أول أبناء ربّ العالمين؛ فإن في شأن آدم بيان أكبر من شأن عيسى، فتفكَّرْ في آية: (فقعوا له ساجدين)، وتدبَّرْ كأولي النهى، وفكِّرْ في لفظ: (خلقتُ بيدي) ولفظ: (سوّيتُه ونفختُ فيه من روحي) وألفاظ أخرى، ليظهَر عليك جلالةُ آدم وشأنه الأعلى. فإن منطوق الآية يدل على أن روح الله نـزل في آدم بنـزول أجلى، حتى جعله مسجودَ الملائكة ومظهرَ تجلياتٍ وأقربَ إلى الله الأغنى، وأعلمَ وأفضلَ من الملائكة أجمعين، وخليفةَ الله على الأرضين. وأما الآية التي نـزلت في شأن عيسى فما تجعله أرفع وأعلى ولا أصفى وأزكى، بل يثبت منه أن عيسى روحٌ من الله وعبدُه العاجز كأشياء أخرى ومن المخلوقين. ما سجَد إبليس، بل أمره أن يسجد له، ومع ذلك جرّبه ذلك الخبيث، وسجد لآدم الملائكة كلهم أجمعين. وإن آدم أنبأ الملائكةَ بأسماء سائر الأشياء، فثبت أنه أعلم وسِرُّه محيط على الأرض والسماء، ولكن عيسى أقرّ بأنه لا يعلم الساعة، وأشار إلى أن الملائكة قد فاقوه علمًا وأكملوا الخوف والطاعة، فتفكروا في هذا ولا تمشوا كقوم عمين.
ثم إذا دقّقتَ النظر وأمعنت فيما حضر، فيظهر عليك أن قوله تعالى: (رُوحٌ منه) يشابه قوله تعالى: (جميعًا منه)، فمن الغباوة أن تُثبِت من لفظ (رُوحٌ مِنْهُ) ألوهيةَ عيسى، ولا تُقِرّ من لفظ (جميعًا منه) بألوهية أرواح الكلاب والقردة والخنازير وأشياء أخرى، فإن منطوق الآية يشهد على أنها جميعا منه، فمُتْ من الندامة إن كنت من المستحيين. وتفكروا يا معشر النصارى.. أليس فيكم رجل من المتفكرين؟ وليس لك أن ترفع في جوابنا الصوتَ وأن تلاقي من فكرك الموتَ، فإن مثل الكاذب كخُذْروفٍ مُدَحْرَجٍ ولا قرار له عند الصادقين.
ومن اعتراضات هذا الخائن الضنين أنه ذكر في "توزينه" الذي هو عُشُّ الشياطين، أن وحي القرآن كان من الشيطان، وما كان من الروح الأمين، وأَوَّلَ لفظَ (شَديدُ الْقُوَى) ولفظ (ذُو مِرَّةٍ) بالخُبث واتّباع الهوى وبتأويلات بعيدة ومكائد عُظمى، وآذى قلوب المؤمنين، وكذلك ترَك الحياء، ووَدَّعَ الارْعِواء، وحسِب أفضلَ الرسل كالمجنون، وتباعدَ عن الحق تباعُدَ الضبّ من النون، وعادَى المصلحين اللامّين. واعترض على فصاحة صحف الله القرآن وبلاغة حبل الله الفرقان، ظلمًا وزورًا، ليرضي قومًا بورًا، مع أنه كان من الجاهلين العمين. ووالله إنه جهول لا يعلم لسان العرب وطرق بيانه، وليس فيه جوهر سوى حصائد لسانه، ولأجل ذلك لا يوجد في كتبه شيء من غير سبه وهذيانه، وما وسِعه كتمانُ الحق وتخطئةُ الأَولى الأحقِّ، فعدا كالعِدا إلى التوهين. وما قرأنا كتابًا أغيَظَ من كتبه، وما رأينا عُبابًا أكثرَ مِن عَبَبِ كذبه، وما سمعنا سبًّا أكبر من سبّه، ولا خَبًّا كخبِّه، فنأوي إلى الله مِن جُبِّه وهو خير الناصرين. ونعوذ به من غوائله، ونشكو إليه من رذائله، وما نرى أن ينـزع عن الغي بغير الكيّ، وكذلك كانت سِير المفسدين.
وقد صدق فيه أخوه الحَفِيُّ والودود الوليُّ، القسيس رجب علي، قال: قد صنّف أخونا "عماد الدين" كتبًا في ردّ الإسلام، وأشاع دلائل التثليث في الخواص والعوام، فبما كانت دلائله مجموعة الأباطيل بعيدة من تنقيد الدليل، ندِمنا غاية الندامة، وصِرْنا هدف الملامة، وما وسِعنا بعدها استحياءً أن نُرِيَ وجوهَنا المسلمين.
وأما استدلاله من لفظ: (شديد القوى) على الشيطان، ووهمُه أن القوة كله لهذا السرحان، لا للهِ ولا لِمَلَكِ الرحمن، فلأجل ذلك خُصّ بهذا الاسم في القرآن، فلا نفهم سرّ هذه الأقاويل، ولا نجد فيها رائحة من الدليل؛ فلعله كذلك قرأ في الإنجيل، أو استنبط من قصّة إبليس إذا أتى المسيح كالفيل، وقاده بقوتها العظمى إلى بعض جبال الجليل، وجرّبه بالأباطيل، وما استطاع المسيح أن لا يميل إليه مِن قَوْدِه، ولا يخطو إلى طَوده، ويأخذ بفَوده، ويزيل لظاه بجَوده، بل مشى تِلْوَه كالضعفاء المستضعفين. فإن كان مبدأ الوهم هذا الخيال، كما أني أخال، فلا نُنكر واقعة المسيح، ونؤمن به كالأمر الصحيح، ونقرّ بأن شيطان ذلك المسيح كان شديد القوى، فلذلك قاده إلى جبال عُلى، وقال اسجدني، أعطيك دولة عظمى، ومُلكًا لا يبلى، وطمِع في إيمان ضعيفٍ غريب، ووثب عليه كذئب رغيب، وما تركه إلا إلى حين. ولفظ الحين موجود في إنجيل لوقا باليقين، فلينظر من كان من المرتابين. ولا شك أن الشيطان إذا أتى بعد زمان، فعلّم التثليثَ عند لقاءٍ ثان، وأهلك الهالكين، لأن اللقاء كان من مواعيد الشيطان اللعين.
وأما قياسه على أفضل الرسل وخير الأنبياء، فقياس مع الفارق وبعيد عن الحياء. وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ: ما لقِيك الشيطان في فَجٍّ إلا سلَك فجًّا غير فجّك، ويثبت من هذا الدليل أن الشيطان يفرّ من عمر كالجبان الذليل، وأما المسيح فيسمّي أفضل صحابته "شيطانا" في الإنجيل، فانظر الفرقَ بينهما خائفا من الرب الجليل، ولا تبادر إلى سبل الشياطين.
ثم إذا كانت القوة كله للشيطان فما بال إلهكم الضعيف الذي ما له قِبَلٌ بهذا السرحان، بل تبِعه كالمغلوب أو كمحتاج ذي الكروب، وقاده الشيطان بمكر عجيب، ودعاه إلى إغرار غريب. والعجب أنه مع دعاوي الألوهية وإدلال الإبنيّة، تبِعه بحسن الظن وما فهِم أنه حُوَّلٌ قُلَّبٌ، ووعده بَرْقٌ خُلَّبٌ، وهو رئيس الكاذبين. وأنتم تعلمون اليهود كانوا يقولون للمسيح إنك ما تُري الخوارق من الرحمن بل من الشيطان، ومعك شيطان من الشياطين. ثم إن كان هذا هو الحق.. أعني إذا فرضنا أن القوة كله للشيطان الذليل، فما جاء في الإنجيل بكمال التفصيل أن يسوع رجع بقوة الروح إلى الجليل لا يكون صحيحا، بل كذبًا صريحا وتحريف المحرفين، ويكون المراد من الروح شيطانا من الشياطين.
وأقم الصلاة.
ثم قام بلال اليوسفيين بإقامة الصلاة وصلى نبي الله الجمعة ركعتين وقرء في الركعة الأولى سورة الفاتحة وآيات من سورة إبراهيم .
بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ * ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ * إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ * ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ * صِرَ ٰطَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ .
(وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ یَوۡمَ یَأۡتِیهِمُ ٱلۡعَذَابُ فَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ رَبَّنَاۤ أَخِّرۡنَاۤ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ قَرِیبࣲ نُّجِبۡ دَعۡوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَۗ أَوَلَمۡ تَكُونُوۤا۟ أَقۡسَمۡتُم مِّن قَبۡلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالࣲ وَسَكَنتُمۡ فِی مَسَـٰكِنِ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ وَتَبَیَّنَ لَكُمۡ كَیۡفَ فَعَلۡنَا بِهِمۡ وَضَرَبۡنَا لَكُمُ ٱلۡأَمۡثَالَ وَقَدۡ مَكَرُوا۟ مَكۡرَهُمۡ وَعِندَ ٱللَّهِ مَكۡرُهُمۡ وَإِن كَانَ مَكۡرُهُمۡ لِتَزُولَ مِنۡهُ ٱلۡجِبَالُ فَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخۡلِفَ وَعۡدِهِۦ رُسُلَهُۥۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِیزࣱ ذُو ٱنتِقَامࣲ یَوۡمَ تُبَدَّلُ ٱلۡأَرۡضُ غَیۡرَ ٱلۡأَرۡضِ وَٱلسَّمَـٰوَ ٰتُۖ وَبَرَزُوا۟ لِلَّهِ ٱلۡوَ ٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ وَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِینَ یَوۡمَىِٕذࣲ مُّقَرَّنِینَ فِی ٱلۡأَصۡفَادِ سَرَابِیلُهُم مِّن قَطِرَانࣲ وَتَغۡشَىٰ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ لِیَجۡزِیَ ٱللَّهُ كُلَّ نَفۡسࣲ مَّا كَسَبَتۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِیعُ ٱلۡحِسَابِ هَـٰذَا بَلَـٰغࣱ لِّلنَّاسِ وَلِیُنذَرُوا۟ بِهِۦ وَلِیَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهࣱ وَ ٰحِدࣱ وَلِیَذَّكَّرَ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ)
وقرء في الركعة الثانية سورة الفاتحة والوجه الأول من الحجر .
بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ * ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ * مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ * إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ * ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ * صِرَ ٰطَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ .
(بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ الۤرۚ تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱلۡكِتَـٰبِ وَقُرۡءَانࣲ مُّبِینࣲ رُّبَمَا یَوَدُّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لَوۡ كَانُوا۟ مُسۡلِمِینَ ذَرۡهُمۡ یَأۡكُلُوا۟ وَیَتَمَتَّعُوا۟ وَیُلۡهِهِمُ ٱلۡأَمَلُۖ فَسَوۡفَ یَعۡلَمُونَ وَمَاۤ أَهۡلَكۡنَا مِن قَرۡیَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابࣱ مَّعۡلُومࣱ مَّا تَسۡبِقُ مِنۡ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا یَسۡتَـٔۡخِرُونَ وَقَالُوا۟ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِی نُزِّلَ عَلَیۡهِ ٱلذِّكۡرُ إِنَّكَ لَمَجۡنُونࣱ لَّوۡ مَا تَأۡتِینَا بِٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِینَ مَا نُنَزِّلُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةَ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَمَا كَانُوۤا۟ إِذࣰا مُّنظَرِینَ إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَـٰفِظُونَ وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ فِی شِیَعِ ٱلۡأَوَّلِینَ وَمَا یَأۡتِیهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا۟ بِهِۦ یَسۡتَهۡزِءُونَ كَذَ ٰلِكَ نَسۡلُكُهُۥ فِی قُلُوبِ ٱلۡمُجۡرِمِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِهِۦ وَقَدۡ خَلَتۡ سُنَّةُ ٱلۡأَوَّلِینَ وَلَوۡ فَتَحۡنَا عَلَیۡهِم بَابࣰا مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ فَظَلُّوا۟ فِیهِ یَعۡرُجُونَ لَقَالُوۤا۟ إِنَّمَا سُكِّرَتۡ أَبۡصَـٰرُنَا بَلۡ نَحۡنُ قَوۡمࣱ مَّسۡحُورُونَ)
ثم جمعَ صلاة العصر .
===============
والحمد لله رب العالمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق