درس القرآن و تفسير الوجه الأول من النور .
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
أسماء إبراهيم :
شرح سيدي و حبيبي نبي الله يوسف بن المسيح ﷺ الوجه الأول من سورة النور المباركة ، و بدأ نبي الله الحبيب جلسة التلاوة المباركة بقوله :
الحمد لله ، الحمد لله وحده ، الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على محمد و من تبعه من أنبياء عهده و بعد ، لدينا اليوم الوجه الأول من أوجه سورة النور .
___
و ثم قام نبي الله يوسف الثاني ﷺ بشرح الوجه فيقول :
{سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} :
في هذه السورة المباركة ، يخبرنا سبحانه و تعالى في وجهها الأول أنها سورة أنزلها و فرضها سبحانه و أنزل فيها آيات للذكرى ، و كذا القرآن الكريم كله هو منزل من الله سبحانه و تعالى و مفروض و فيه أحكام مفروضة أنزلها سبحانه مبينة محكمة نافذة واجبة ، (سورة أنزلناها و فرضناها و أنزلنا فيها إيات بينات لعلكم تذكرون) أي لكي يرى الله سبحانه و تعالى من الذي سوف يتذكر ، و من الذي سوف يتبع ، و من الذي سوف ينسى ، و من الذي سوف يُعرض ، فكلمة (لعلكم) تفيد أن الله سبحانه و تعالى ينظر إلى أعمالنا ليرى كيف نصنع و ليرى كيف نختار ، و هي تفيد أن سبحانه و تعالى أعطانا الإختيار التام في العبادات و إعتقاد العقائد .
___
{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} :
(الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) يُبين سبحانه و تعالى في هذه الآية حد من حدود الشريعة الإسلامية و هي الجلد مائة جلدة على الزاني أو الزانية ، و الزاني هو الذي ينكح إمرأة لا تحل له ، و الزانية هي التي ينكحها رجل لا يحل لها ، و كان حكمهما في الشريعة مائة جلدة للثّيّب أو للمحصن أو لغير المحصن ، هكذا هو الحكم عام ، و يثبت الزنا إما بالإعتراف أو بشهادة أربع شهادات متكاملة متوافقة متشابهة ، ليس بينها خلل ، (الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة و لا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر و ليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) يشهد العذاب طائفة من المؤمنين لكي يأخذوا العِبرة و لكي يعطوا زجراً لمن يريد أن يفكر في هذه المعصية و العياذ بالله ، (الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة و لا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) لأننا إذا أخذنا بهما رأفة و عاملناهما برأفة فسوف تشيع الفاحشة في المجتمع ، و يهون الفحش و المنكر في المجتمع مما يؤدي إلى فساد الأخلاق و فساد المجتمعات و طغيان الظلم ؛ لأن المعصية تورث الظلم ، الإنسان لما يعصي الله عز و جل فإنه يظلم نفسه و يظلم غيره ، و ثم تتفاقم المعاصي و الظلمات حتى تسود المجتمع فيصير المجتمع مجتمع وحشي و العياذ بالله ، و ها نحن نرى الآن في هذا العصر ، كيف إستحال الناس إلى وحوش لا رحمة في قلوبهم ، يسرقون و يزنون و يقتلون و يظلمون و لا يبالون ، لأنهم لا يؤمنون باليوم الآخر و لا بالحساب ، إنما عبدوا الدنيا الفانية و اتخذوا الدرهم و الدينار إلهاً لهم من دون الله عز و جل ، (الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة و لا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) لأنكم عندما لا تأخذكم بهما رأفة فأنتم بذلك ترأفون بالمجتمع و بأعضاء المجتمع و بالأجيال القادمة ، (و لا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إِن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر) فأصل التقوى هو الإيمان بالله و بالبعث ، الإيمان بالله و بيوم الدينونة ، الإيمان بالله و اليوم الآخر ، (و ليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) لكي تتم العِبرة و يتم الزجر عن تلك المعاصي ، و يؤكد سبحانه و تعالى في الآية التالية أن الزنا هو الوجه الآخر للشرك بالله عز و جل ، لكي يؤكد سبحانه و تعالى أن الشرك هو زنا قلبي ، و لا يتفرق و لا يختلف عن الزنا المادي ، فكلتاهما نجاسة .
___
{الزَّانِي لا يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} :
(الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة) فمقام الزاني أنه لا يتزوج أو لا ينكح إلا زانية مثله أو مشركة ، (و الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك و حرم ذلك على المؤمنين) من كان في قلبه إيمان و تقوى و صلاح فلا يسير في ذلك السير ، و لا يعمل في ذلك الطريق ، و قد فَرَّقَ سبحانه و تعالى و جعل مفاصلة في هذا الأمر بين المؤمنين و المشركين ، بين المؤمنين و الزُّنَاة ، (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة و الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك و حرم ذلك على المؤمنين) .
___
{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} :
(و الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة و لا تقبلوا لهم شهادةً أبداً) هنا سبحانه و تعالى يحدد حداً آخر من حدود الشريعة الإسلامية و هو حد قذف المحصنات المؤمنات الغافلات ، فإذا تجرأ أحد ، فإذا تجرأ رجل أو أمرأة على قذف إمرأة مؤمنة أو غير مؤمنة و لكنها عفيفة و اتهامها بما لم تفعل ، فإن الواجب أن يُحدّ هذا الرجل أو تلك المرأة القاذفة بالباطل ثمانين جلدة ، لأن الشهادة في هذا الأمر تتطلب وجود أربعة شهداء يصفون المشهد بوضوح و صراحة ، و أن تكون شهادتهم متكاملة متوافقة ، ليس فيها أي إختلاف أو تناقض ، (و الذين يرمون المحصنات) أي العفيفات ، (ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة) ما معنى أن يأتي بأربعة شهداء ذلك القاذف؟ أي أن واقعة الزنا و العياذ بالله تكون على قارعة الطريق أو في مكان عام أمام الناس ، فهذا يكون تمام الفحش و الفُجر من قبل الزاني و الزانية ، و بالتالي يستحقون عقوبة الزنا و يصدق قول الإيه؟ الشاهد في تلك الحالة ، و الله سبحانه و تعالى عندما أنزل هذه الأحكام ، إنما أنزلها ليُحافظ على المجتمعات ، و يُرقي المجتمعات و يطهرها و يُنقيها و يَسِمَها بالأخلاق ، (و الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة و لا تقبلوا لهم شهادةً أبداً) يعني أنهم يجلدون القاذفون بالباطل و كذلك تمنع أو يمنع قبول الشهادة منهم في مستقبل الأيام لكي يكونوا عِبرة لمن يعتبر ، (و أولئك هم الفاسقون) أي يُسَمّون و يوسمون بتهمة الفسق .
___
{إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} :
(إلا الذين تابوا من بعد ذلك و أصلحوا) إلا من ظهرت عليهم أمارات التوبة و الصلاح ، (فإن الله غفور رحيم) الله سبحانه و تعالى غفور رحيم و بالتالي يجب على المجتمع أن يتسم بصفة الغفران و الرحمة مستفيضاً من الله سبحانه و تعالى و من صفاته .
___
{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ¤ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ¤ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ¤ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} :
(و الذين يرمون أزواجهم و لم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ¤ و الخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين) هنا الله سبحانه و تعالى يُبين حدّاً آخر أو مسألة أخرى من مسائل الشريعة و الفصل بين إيه؟ الناس في المجتمع ، إذا اتهم رجل زوجته بصدق أو بباطل فإنه لا يغني إتهامه شيئاً أمام الله سبحانه و تعالى و أمام الشريعة ، فيجب عليه أن يأتي بأربعة شهداء ، فإن لم يجد الشهود الأربع و لم يكن متوفر شهود أربع ، و لم يكن هناك شاهد من البشر إلا هو ، فأنزل الله سبحانه و تعالى هذا الحكم و أسماه حكم الملاعنة أو اللِّعان : أي أنه يحلف بالله عز و جل أمام القاضي أربع شهادات بالله ، أربع مرات ، أي كأنه يقوم مقام الأربعة شهود أنه صادق ، و أن زوجه خائنة و وقعت في جريمة الزنا ، و يقول أنه صادق و يحلف بالله أربع شهادات مقام أربع شهود ، ثم يحلف حلفاً خامس أنّ لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ، و لا يتوقف الأمر عند ذلك ، بل يتوجه إلى المرأة إن اعترفت فكان بها ، فيُقام عليها حد الزنا ، و إن لم تعترف و يدرأ عنها العذاب أي أنها إيه؟ ربما تكون صادقة أيضاً ، أن تشهد أربع شهادات بالله ، تحلف بالله أربع مرات مقام أربعة شهود أنه من الكاذبين ، أن هذا المفتري هو كاذب ، و تحلف حلفاً خامس : (و الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين) فأورث سبحانه و تعالى اللعنة على المُتَّهِم ، و أورث الله سبحانه و تعالى الغضب على التي كذبت في نفيها لتلك التهمة ، فاللعن و اللعنة تنزل على الزوج ، و الغضب ينزل على الزوجة ، إن كان أحد منهما كاذبا فيما يدعيه أو فيما ينفيه .
__
{وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} :
(و لولا فضل الله عليكم و رحمته و أن الله تواب حكيم) طبعاً جريمة الزنا إن نتج عنها مولود فإنه يُلحق بالأم بعد اللعان و التفريق بين الزوجين المتلاعنين ، (و لولا فضل الله عليكم و رحمته و أن الله تواب حكيم) أي أن هذه الأحكام هي من فضل الله عز و جل و رحمته لكي تكون المجتمعات نقية طاهرة عفيفة ، لا ينتشر فيها الفحش ، و بالتالي لا ينتشر فيها الظلم و الجور ، لأن الظلم و الجور ينشيء العداوة و البغضاء و السلوك العدواني في المجتمعات و عدم الإستقرار ، (و لولا فضل الله عليكم و رحمته و أن الله تواب حكيم) أي أن الله في نهاية الأمر هو تواب فيجب أن تتصفوا بصفة التوبة ، و أنه حكيم فيجب عليكم أن تتصفوا بصفة الحكمة التي هي ضالة المؤمن .
__
و اختتم نبي الله الجلسة المباركة بقوله المبارك :
هذا و صلِّ اللَّهم و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم ، سبحانك اللهم و بحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك و أتوب إليك .
___
و الحمد لله رب العالمين . و صلِّ يا ربي و سلم على أنبياءك الكرام محمد و أحمد و يوسف بن المسيح صلوات تلو صلوات طيبات مباركات ، و على أنبياء عهد محمد الآتين في مستقبل قرون السنين أجمعين . آمين .🌿💙
============================
اليوم، الساعة 6:54 ص
You sent
اليوم، الساعة 10:04 ص
10:04 ص
عبد الرزاق
صلوات ربي وسلامه عليكم
ثبتنا الله معكم وبكم
عبد الرزاق
عبد الرزاق الأحمدي اليوسفي
آمين
اليوم، الساعة 9:18 م
9:18 م
You sent
آمين
اليوم، الساعة 9:14 م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق